منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 5 أغسطس - 15:06



واختلف العلماء في الرعد ، ففي الترمذي عن ابن عباس قال : سألت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن الرعد ما هو ؟ قال : "ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله ". فقالوا : فما هذا الصوت الذي نسمع ؟ قال : "زجره بالسحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر الله" قالوا : صدقت. الحديث بطوله. وعلى هذا التفسير أكثر العلماء. فالرعد : اسم الصوت المسموع ، وقاله علي رضي الله عنه ، وهو المعلوم في لغة العرب ، وقد قال لبيد في جاهليته :
فَجَّعني الرعد والصواعق بالـ ... فارس يوم الكريهة النجد
وروي عن ابن عباس أنه قال : الرعد ريح تختنق بين السحاب فتصوت ذلك الصوت. واختلفوا في البرق ، فروي عن علي وابن مسعود وابن عباس رضوان الله عليهم : البرق مخراق حديد بيد الملك يسوق به السحاب.
قلت : وهو الظاهر من حديث الترمذي. وعن ابن عباس أيضا هو سوط من نور بيد الملك يزجر به السحاب. وعنه أيضا البرق ملك يتراءى.
وقالت الفلاسفة : الرعد صوت اصطكاك أجرام السحاب. والبرق ما ينقدح من اصطكاكها. وهذا مردود لا يصح به نقل ، والله أعلم. ويقال : أصل الرعد من الحركة ، ومنه الرعديد للجبان. وارتعد : اضطرب ، ومنه الحديث : "فجيء بهما ترعد فرائصهما" الحديث. أخرجه أبو داود. والبرق أصله من البريق والضوء ، ومنه البراق : دابة ركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به وركبها الأنبياء عليهم السلام قبله. ورعدت السماء من الرعد ، وبرقت من البرق. ورعدت المرأة وبرقت : تحسنت وتزينت. ورعد الرجل وبرق : تهدد وأوعد ، قال ابن أحمر :
يا جُلَّ ما بعدت عليك بلادنا ...
وطِلابُنا فابرُق بأرضك وارعُدِ
(1/217)





وأرعد القوم وأبرقوا : أصابهم رعد وبرق. وحكى أبو عبيدة وأبو عمرو : أرعدت السماء وأبرقت ، وأرعد الرجل وأبرق إذا تهدد وأوعد ، وأنكره الأصمعي. واحتج عليه بقول الكميت :
أبرق وأرعد يا يزيـ ... ـد فما وعيدك لي بضائر
فقال : ليس الكميت بحجة.
فائدة : روى ابن عباس قال : كنا مع عمر بن الخطاب في سفرة بين المدينة والشام ومعنا كعب الأحبار ، قال : فأصابتنا ريح وأصابنا رعد ومطر شديد وبرد ، وفرق الناس. قال فقال لي كعب : إنه من قال حين يسمع الرعد : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ، عوفي مما يكون في ذلك السحاب والبرد والصواعق. قال : فقلتها أنا وكعب ، فلما أصبحنا واجتمع الناس قلت لعمر : يا أمير المؤمنين ، كأنا كنا في غير ما كان فيه الناس قال : وما ذاك ؟ قال : فحدثته حديث كعب. قال : سبحان الله أفلا قلتم لنا فنقول كما قلتم! في رواية فإذا بردة قد أصابت أنف عمر فأثرت به. وستأتي هذه الرواية في سورة "الرعد" إن شاء الله. ذكر الروايتين أبو بكر بن علي بن ثابت الخطيب في روايات الصحابة عن التابعين رحمة الله عليهم أجمعين. وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع الرعد والصواعق قال : "اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك" .
قوله تعالى : {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} جعلهم أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا القرآن فيؤمنوا به وبمحمد عليه السلام ، وذلك عندهم كفر والكفر موت. وفي واحد الأصابع خمس لغات : إصبع بكسر الهمزة وفتح الباء ، وأصبع بفتح الهمزة وكسر الباء ، ويقال بفتحهما جميعا ، وضمهما جميعا ، وبكسرهما جميعا ، ومؤنثة. وكذلك الأذن وتخفف وتثقل وتصغر ، فيقال : أذينة. ولو سميت بها رجلا ثم صغرته قلت : أذين ، فلم تؤنث لزوال التأنيث عنه بالنقل إلى المذكر فأما قولهم : أذينة في الاسم العلم فإنما سمي به مصغرا ، والجمع آذان. وتقول : أذنته إذا ضربت أذنه. ورجل أذُن : إذا كان يسمع كلام كل أحد ، يستوي فيه الواحد
(1/218)





والجمع. وأذاني : عظيم الأذنين. ونعجة أذناء ، وكبش آذن. وأذّنت النعل وغيرها تأذينا : إذا جعلت لها أذنا. وأذنت الصبي : عركت أذنه.
قوله تعالى : {مِنَ الصَّوَاعِقِ} أي من أجل الصواعق. والصواعق جمع صاعقة. قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : إذا اشتد غضب الرعد الذي هو الملك طار النار من فيه وهي الصواعق. وكذا قال الخليل ، قال : هي الواقعة الشديدة من صوت الرعد ، يكون معها أحيانا قطعة نار تحرق ما أتت عليه. وقال أبو زيد : الصاعقة نار تسقط من السماء في رعد شديد. وحكى الخليل عن قوم : الساعقة "بالسين". وقال أبو بكر النقاش : يقال صاعقة وصعقة وصاقعة بمعنى واحد. وقرأ الحسن : من "الصواقع" "بتقديم القاف" ، ومنه قول أبي النجم :
يحكون بالمصقولة القواطع ... تَشَقُّق البرق عن الصواقع
قال النحاس : وهي لغة تميم وبعض بني ربيعة. ويقال : صعقتهم السماء إذا ألقت عليهم. الصاعقة. والصاعقة أيضا صيحة العذاب ، قال الله عز وجل : {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ} [فصلت : 17] ويقال : صعق الرجل صعقة وتصعاقا ، أي غشي عليه ، وفي قوله تعالى : {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً} [الأعراف : 143] فأصعقه غيره. قال ابن مقبل :
ترى النُعَرات الزرقَ تحت لَبانه ... أُحادَ ومثنى أصعقتها صواهله
وقوله تعالى : {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الزمر : 68] أي مات. وشبه الله تعالى في هذه الآية أحوال المنافقين بما في الصيب من الظلمات والرعد والبرق والصواعق. فالظلمات مثل لما يعتقدونه من الكفر ، والرعد والبرق مثل لما يخوفون به. وقيل : مثل الله تعالى القرآن بالصيب لما فيه من الإشكال عليهم ، والعمى هو الظلمات ، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد ، وما فيه من النور والحجج الباهرة التي تكاد أحيانا أن تبهرهم هو البرق. والصواعق
(1/219)





مثل لما في القرآن من الدعاء إلى القتال في العاجل والوعيد في الآجل. وقيل : الصواعق تكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة وغيرهما.
قوله : {حَذَرَ الْمَوْتِ} حذر وحذار بمعنى ، وقرئ بهما. قال سيبويه : هو منصوب ، لأنه موقوع له أي مفعول من أجله ، وحقيقته أنه مصدر ، وأنشد سيبويه :
وأغفر عوراء الكريم ادخاره ... وأعرض عن شتم اللئيم تكرما
وقال الفراء : هو منصوب على التمييز والموت : ضد الحياة. وقد مات يموت ، ويمات أيضا ، قال الراجز :
بنيتي سيدة البنات ... عيشي ولا يؤمن أن تماتي
فهو ميت وميت ، وقوم موتى وأموات وميتون وميتون. والموات "بالضم" : الموت. والموات "بالفتح" : ما لا روح فيه. والموات أيضا : الأرض التي لا مالك لها من الآدميين ولا ينتفع بها أحد. والمَوَتان "بالتحريك" : خلاف الحيوان ، يقال : اشتر الموتان ، ولا تشتر الحيوان ، أي اشتر الأرضين والدور ، ولا تشتر الرقيق والدواب. والمُوتان "بالضم" : موت يقع في الماشية ، يقال : وقع في المال موتان. وأماته الله وموته ، شدد للمبالغة. وقال :
فعروة مات موتا مستريحا ... فهأنذا أُمَوَّتُ كل يوم
وأماتت الناقة إذا مات ولدها ، فهي مميت ومميتة. قال أبو عبيد : وكذلك المرأة ، وجمعها مماويت. قال ابن السكيت : أمات فلان إذا مات له ابن أو بنون. والمتماوت من صفة الناسك المرائي. وموت مائت ، كقولك : ليل لائل ، يؤخذ من لفظه ما يؤكد به. والمستميت للأمر : المسترسل له ، قال رؤبة :
(1/220)





وزبد البحر له كتيت ... والليل فوق الماء مستميت
المستميت أيضا : المستقتل الذي لا يبالي في الحرب من الموت ، وفي الحديث : "أرى القوم مستميتين" وهم الذين يقاتلون على الموت. والمُوتة "بالضم" : جنس من الجنون والصرع يعتري الإنسان ، فإذا أفاق عاد إليه كمال عقله كالنائم والسكران. ومُؤتة "بضم الميم وهمز الواو" : اسم أرض قتل بها جعفر بن أبي طالب عليه السلام.
قوله تعالى : {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} ابتداء وخبر ، أي لا يفوتونه. يقال : أحاط السلطان بفلان إذا أخذه أخذا حاصرا من كل جهة ، قال الشاعر :
أحطنا بهم حتى إذا ما تيقنوا
... بما قد رأوا مالوا جميعا إلى السلم
ومنه قوله تعالى : {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف : 42]. وأصله محيط ، نقلت حركة الياء إلى الحاء فسكنت. فالله سبحانه محيط بجميع المخلوقات ، أي هي في قبضته وتحت قهره ، كما قال : {وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ} [الزمر : 67]. وقيل : {مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ} أي عالم بهم. دليله : {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} [الطلاق : 12]. وقيل : مهلكهم وجامعهم. دليله قوله تعالى : {إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف : 66] أي إلا أن تهلكوا جميعا. وخص الكافرين بالذكر لتقدم ذكرهم في الآية. والله أعلم.
الآية : 20 {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
(1/221)





قوله تعالى : {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} "يكاد" معناه يقارب ، يقال : كاد يفعل كذا إذا قارب ولم يفعل. ويجوز في غير القرآن : يكاد أن يفعل ، كما قال رؤبة :
قد كاد من طول البلى أن يمصحا
مشتق من المصح وهو الدرس. والأجود أن تكون بغير "أن" ، لأنها لمقاربة الحال ، و"أن" تصرف الكلام إلى الاستقبال ، وهذا متناف ، قال الله عز وجل : {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} [النور : 43]. ومن كلام العرب : كاد النعام يطير ، وكاد العروس يكون أميرا ، لقربهما من تلك الحال. وكاد فعل متصرف على فعل يفعل. وقد جاء خبره بالاسم وهو قليل ، قال : "وما كدت آئبا". ويجري مجرى كاد كرب وجعل وقارب وطفق ، في كون خبرها بغير "أن" ، قال الله عز وجل : {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف : 22] لأنها كلها بمعنى الحال والمقاربة ، والحال لا يكون معها "أن" ، فاعلم.
قوله تعالى : {يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} الخطف : الأخذ بسرعة ، ومنه سمي الطير خطافا لسرعته. فمن جعل القرآن مثلا للتخويف فالمعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم. ومن جعله مثلا للبيان الذي في القرآن فالمعنى أنهم جاءهم من البيان ما بهرهم. ويخْطَف ويخْطِف لغتان قرئ بهما. وقد خطفه "بالكسر" يخطفه خطفا ، وهي اللغة الجيدة ، واللغة الأخرى حكاها الأخفش : خطف يخطف. الجوهري : وهي قليلة رديئة لا تكاد تعرف. وقد قرأ بها يونس في قوله تعالى {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} وقال النحاس : في "يخطف" سبعة أوجه ، القراءة الفصيحة : يخطَف. وقرأ علي بن الحسين ويحيى بن وثاب : يخطف بكسر الطاء ، قال سعيد الأخفش : هي لغة. وقرأ الحسن وقتادة وعاصم الجحدري وأبو رجاء العطاردي بفتح الياء وكسر الخاء والطاء. وروي عن الحسن أيضا أنه قرأ بفتح الخاء. قال الفراء : وقرأ بعض أهل المدينة بإسكان الخاء وتشديد الطاء. قال الكسائي والأخفش والفراء : يجوز "يخطف" بكسر الياء والخاء والطاء. فهذه ستة أوجه موافقة للخط.
(1/222)





والسابعة حكاها عبدالوارث قال : رأيت في مصحف أبي بن كعب "يتخطف" ، وزعم سيبويه والكسائي أن من قرأ "يخطف" بكسر الخاء والطاء فالأصل عنده يختطف ، ثم أدغم التاء في الطاء فالتقى ساكنان فكسرت الخاء لالتقاء الساكنين. قال سيبويه : ومن فتح الخاء ألقى حركة التاء عليها. وقال الكسائي : ومن كسر الياء فلأن الألف في اختطف مكسورة. فأما ما حكاه الفراء عن أهل المدينة من إسكان الخاء والإدغام فلا يعرف ولا يجوز ، لأنه جمع بين ساكنين. قال النحاس وغيره.
قلت : وروي عن الحسن أيضا وأبي رجاء "يخِطَّف". قال ابن مجاهد : وأظنه غلطا ، واستدل على ذلك بأن {خَطِفَ الْخَطْفَةَ} لم يقرأه أحد بالفتح.
{أَبْصَارِهِمْ} جمع بصر ، وهي حاسة الرؤية. والمعنى : تكاد حجج القرآن وبراهينه الساطعة تبهرهم. ومن جعل "البرق" مثلا للتخويف فالمعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم.
قوله تعالى : {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} "كلما" منصوب لأنه ظرف. وإذا كان "كلما" بمعنى "إذا" فهي موصولة والعامل فيه "مشوا" وهو جوابه ، ولا يعمل فيه "أضاء" ، لأنه في صلة ما. والمفعول في قول المبرد محذوف ، التقدير عنده : كلما أضاء لهم البرق الطريق. وقيل : يجوز أن يكون فعل وأفعل بمعنى ، كسكت وأسكت ، فيكون أضاء وضاء سراء فلا يحتاج إلى تقدير حذف مفعول. قال الفراء : يقال ضاء وأضاء ، وقد تقدم. والمعنى أنهم كلما سمعوا القرآن وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا معه ، فإذا نزل من القرآن ما يعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه "قاموا" أي ثبتوا على نفاقهم ، عن ابن عباس. وقيل : المعنى كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت النعم قالوا : دين محمد دين مبارك ، وإذا نزلت بهم مصيبة وأصابتهم شدة سخطوا وثبتوا في نفاقهم ، عن ابن مسعود وقتادة. قال النحاس : وهذا قول حسن ، ويدل على صحته : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج : 11] وقال علماء الصوفية : هذا مثل ضربه الله تعالى لمن لم تصح له أحوال الإرادة بدءا ، فارتقى من
(1/223)





تلك الأحوال بالدعاوى إلى أحوال الأكابر ، كأن تضيء عليه أحوال الإرادة لو صححها بملازمة آدابها ، فلما مزجها بالدعاوى أذهب الله عنه تلك الأنوار وبقي في ظلمات دعاويه لا يبصر طريق الخروج منها. وروي عن ابن عباس أن المراد اليهود ، لما نصر النبي صلى الله عليه وسلم ببدر طمعوا وقالوا : هذا والله النبي الذي بشرنا به موسى لا ترد له راية ، فلما نكب بأحد ارتدوا وشكوا ، وهذا ضعيف. والآية في المنافقين ، وهذا أصح عن ابن عباس ، والمعنى يتناول الجميع.
قوله تعالى : {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ } "لو" حرف تمن وفيه معنى الجزاء ، وجوابه اللام. والمعنى : ولو شاء الله لأطلع المؤمنين عليهم فذهب منهم عز الإسلام بالاستيلاء عليهم وقتلهم وإخراجهم من بينهم. وخص السمع والبصر لتقدم ذكرهما في الآية أولا ، أو لأنهما أشرف ما في الإنسان. وقرئ "بأسماعهم" على الجمع ، وقد تقدم الكلام في هذا.
قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} عموم ، ومعناه عند المتكلمين فيما يجوز وصفه تعالى بالقدرة عليه. وأجمعت الأمة على تسمية الله تعالى بالقدير ، فهو سبحانه قدير قادر مقتدر. والقدير أبلغ في الوصف من القادر ، قاله الزجاجي. وقال الهروي : والقدير والقادر بمعنى واحد ، يقال : قدرت على الشيء أقدر قدْرا وقدَرا ومقْدِرة ومقْدُرة وقدرانا ، أي قدرة. والاقتدار على الشيء : القدرة عليه. فالله جل وعز قادر مقتدر قدير على كل ممكن يقبل الوجود والعدم. فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الله تعالى قادر ، له قدرة بها فعل ويفعل ما يشاء على وفق علمه واختياره. ويجب عليه أيضا أن يعلم أن للعبد قدرة يكتسب بها ما أقدره الله تعالى عليه على مجرى العادة ، وأنه غير مستبد بقدرته. وإنما خص هنا تعالى صفته التي هي القدرة بالذكر دون غيرها ، لأنه تقدم ذكر فعل مضمنه الوعيد والإخافة ، فكان ذكر القدرة مناسبا لذلك. والله أعلم.
فهذه عشرون آية على عدد الكوفيين ، أربع آيات في وصف المؤمنين ، ثم تليها آيتان في ذكر الكافرين ، وبقيتها في المنافقين. وقد تقدمت الرواية فيها عن ابن جريج ، وقاله مجاهد أيضا.
(1/224)





الآية : 21 {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
قوله سبحانه وتعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} قال علقمة ومجاهد : كل آية أولها {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} فإنما نزلت بمكة ، وكل آية أولها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فإنما نزلت بالمدينة. قلت : وهذا يرده أن هذه السورة والنساء مدنيتان وفيهما يا أيها الناس. وأما قولهما في {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [النساء : 19] الآية فصحيح. وقال عروة بن الزبير : ما كان من حد أو فريضة فإنه نزل بالمدينة ، وما كان من ذكر الأمم والعذاب فإنه نزل بمكة. وهذا واضح.
و"يا" في قوله : "يا أيها" حرف نداء "أي" منادى مفرد مبني على الضم ، لأنه منادى في اللفظ ، و"ها" للتنبيه. "الناس" مرفوع صفة لأي عند جماعة النحويين ، ما عدا المازني فإنه أجاز النصب قياسا على جوازه في : يا هذا الرجل. وقيل : ضمت "أي" كما ضم المقصود المفرد ، وجاؤوا بـ "ها" عوضا عن ياء أخرى ، وإنما لم يأتوا بياء لئلا ينقطع الكلام فجاؤوا بـ "ها" حتى يبقى الكلام متصلا. قال سيبويه : كأنك كررت "يا" مرتين وصار الاسم بينهما ، كما قالوا : ها هو ذا. وقيل لما تعذر عليهم الجمع بين حرفي تعريف أتوا في الصورة بمنادي مجرد عن حرف تعريف ، وأجروا عليه المعرف باللام المقصود بالنداء ، والتزموا رفعه ، لأنه المقصود بالنداء ، فجعلوا إعرابه بالحركة التي كان يستحقها لو باشرها النداء تنبيها على أنه المنادي ، فاعلمه.
واختلف من المراد بالناس هنا على قولين : أحدهما : الكفار الذي لم يعبدوه ، يدل عليه قوله : {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ} [البقرة : 23] الثاني : أنه عام في جميع الناس ، فيكون خطابه للمؤمنين باستدامة العبادة ، وللكافرين بابتدائها. وهذا حسن.
قوله تعالى : {اعْبُدُوا} أمر بالعبادة له. والعبادة هنا عبارة عن توحيده والتزام شرائع دينه. وأصل العبادة الخضوع والتذلل ، يقال : طريق معبدة إذا كانت موطوءة بالأقدام.
(1/225)





قال طرفة :
وظيفا وظيفا فوق مَوْرٍ معبَّد
والعبادة : الطاعة. والتعبد : التنسك. وعبدت فلانا : اتخذته عبدا.
قوله تعالى : {الَّذِي خَلَقَكُمْ} خص تعالى خلقه لهم من بين سائر صفاته إذ كانت العرب مقرة بأن الله خلقها ، فذكر ذلك حجة عليهم وتقريعا لهم. وقيل : ليذكرهم بذلك نعمته عليهم. وفي أصل الخلق وجهان : أحدهما : التقدير ، يقال : خلقت الأديم للسقاء إذا قدرته قبل القطع ، قال الشاعر :
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ
... ـض القوم يخلق ثم لا يفري
وقال الحجاج : ما خلقت إلا فريت ، ولا وعدت إلا وفيت. الثاني : الإنشاء والاختراع والإبداع ، قال الله تعالى : {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} [العنكبوت : 17].
قوله تعالى : {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} فيقال إذا ثبت عندهم خلقهم ثبت عندهم خلق غيرهم ، فالجواب : أنه إنما يجري الكلام على التنبيه والتذكير ليكون أبلغ في العظة ، فذكرهم من قبلهم ليعلموا أن الذي أمات من قبلهم وهو خلقهم يميتهم ، وليفكروا فيمن مضى قبلهم كيف كانوا ، وعلى أي الأمور مضوا من إهلاك من أهلك ، وليعلموا أنهم يبتلون كما ابتلوا. والله أعلم.
قوله تعالى : {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} "لعل" متصلة باعبدوا لا بخلقكم ، لأن من ذرأه الله لجهنم لم يخلقه ليتقي. وهذا وما كان مثله فيما ورد في كلام الله تعالى من قوله : {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ، {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ، {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ، {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فيه ثلاث تأويلات.
(1/226)





الأول : أن "لعل" على بابها من الترجي والتوقع ، والترجي والتوقع إنما هو في حيز البشر ، فكأنه قيل لهم : افعلوا ذلك على الرجاء منكم والطمع أن تعقلوا وأن تذكروا وأن تتقوا. هذا قول سيبويه ورؤساء اللسان قال سيبويه في قوله عز وجل : {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه : 43 - 44] قال معناه : اذهبا على طمعكما ورجائكما أن يتذكر أو يخشى. واختار هذا القول أبو المعالي.
الثاني : أن العرب استعملت "لعل" مجردة من الشك بمعنى لام كي. فالمعنى لتعقلوا ولتذكروا ولتتقوا ، وعلى ذلك يدل قول الشاعر :
وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا ... نكف ووثقتم لنا كل موثق
فلما كففنا الحرب كانت عهودكم ... كلمع سراب في الملا متألق
المعنى : كفوا الحروب لنكف ، ولو كانت "لعل" هنا شكا لم يوثقوا لهم كل موثق ، وهذا القول عن قطرب والطبري.
الثالث : أن تكون "لعل" بمعنى التعرض للشيء ، كأنه قيل : افعلوا متعرضين لأن تعقلوا ، أو لأن تذكروا أو لأن تتقوا. والمعنى في قوله "لعلكم تتقون" أي لعلكم أن تجعلوا بقبول ما أمركم الله به وقاية بينكم وبين النار. وهذا من قول العرب : اتقاه بحقه إذا استقبله به ، فكأنه جعل دفعه حقه إليه وقاية له من المطالبة ، ومنه قول علي رضي الله عنه : كنا إذا احمر البأس اتقينا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، أي جعلناه وقاية لنا من العدو. وقال عنترة :
ولقد كررت المهر يدمى نحره ... حتى اتقتني الخيل بابني حِذيم
الآية : 22 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
(1/227)





قوله تعالى : {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً} فيه ست مسائل :
الأولى- قوله تعالى : {الَّذِي جَعَلَ} معناه هنا صير لتعديه إلى مفعولين : ويأتي بمعنى خلق ، ومنه قوله تعالى : {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} [المائدة : 103] وقوله : {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام : 1] ويأتي بمعنى سمى ، ومنه قوله تعالى : {حم. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ. إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} [الزخرف : 1 - 3]. وقوله : {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً} [الزخرف : 15]. {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً} [الزخرف : 19] أي سموهم. ويأتي بمعنى أخذ ، كما قال الشاعر :
وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة ... لضغمهما ها يقرع العظم نابها
وقد تأتي زائدة ، كما قال الآخر :
وقد جعلت أرى الاثنين أربعة ... والواحد اثنين لما هدني الكبر
وقد قيل في قوله تعالى {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} : إنها زائدة. وجعل واجتعل بمعنى واحد ، قال الشاعر :
ناط أمر الضعاف واجتعل الليـ ... ـل كحبل العاديّة الممدود
{فِرَاشاً} أي وطاء يفترشونها ويستقرون عليها. وما ليس بفراش كالجبال والأوعار والبحار فهي من مصالح ما يفترش منها ، لأن الجبال كالأوتاد كما قال : {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً. وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً} [النبأ : 6 - 7]. والبحار تركب إلى سائر منافعها كما قال : {والفُلْكِ التي تَجْرِي فِي البَحرِ بما يَنْفَعُ النَّاسَ} [البقرة : 164].
الثانية- قال أصحاب الشافعي : لو حلف رجل ألا يبيت على فراش أو لا يستسرج بسراج فبات على الأرض وجلس في الشمس لم يحنث ، لأن اللفظ لا يرجع إليهما عرفا.
(1/228)





وأما المالكية فبنوه على أصلهم في الأيمان أنها محمولة على النية أو السبب أو البساط الذي جرت عليه اليمين ، فإن عدم ذلك فالعرف.
الثالثة- قوله تعالى : {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} السماء للأرض كالسقف للبيت ، ولهذا قال وقوله الحق {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً} [الأنبياء : 32] وكل ما علا فأظل قيل له سماء ، وقد تقدم القول فيه والوقف على "بناء" أحسن منه على "تتقون" ، لأن قوله : {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً} نعت للرب. ويقال : بنى فلان بيتا ، وبنى على أهله - بناء فيهما - أي زفها. والعامة تقول : بنى بأهله ، وهو خطأ ، وكأن الأصل فيه أن الداخل بأهله كان يضرب عليها قبة ليلة دخوله بها ، فقيل لكل داخل بأهله : بان. وبنّى "مقصورا" شدد للكثرة ، وابتنى دارا وبنى بمعنى ، ومنه بنيان الحائط ، وأصله وضع لبنة على أخرى حتى تثبت.
وأصل الماء موه ، قلبت الواو ألفا لتحركها وتحرك ما قبلها فقلت ماه ، فالتقى حرفان خفيان فأبدلت من الهاء همزة ، لأنها أجلد ، وهي بالألف أشبه ، فقلت : ماء ، الألف الأولى عين الفعل ، وبعدها الهمزة التي هي بدل من الهاء ، وبعد الهمزة بدل من التنوين. قال أبو الحسن : لا يجوز أن يكتب إلا بألفين عند البصريين ، وإن شئت بثلاث ، فإذا جمعوا أو صغروا ردوا إلى الأصل فقالوا : مويه وأمواه ومياه ، مثل جمال وأجمال.
الرابعة- قوله تعالى : {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ} الثمرات جمع ثمرة. ويقال : ثمر مثل شجر. ويقال ثمر مثل خشب. ويقال : ثمر مثل بدن. وثمار مثل إكام جمع ثمر. وسيأتي لهذا مزيد بيان في "الأنعام" إن شاء الله. وثمار السياط : عقد أطرافها.
والمعنى في الآية أخرجنا لكم ألوانا من الثمرات ، وأنواعا من النبات. {رِزْقاً} طعاما لكم ، وعلفا لدوابكم ، وقد بين هذا قوله تعالى : {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً. ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً. فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً. وَحَدَائِقَ غُلْباً. وَفَاكِهَةً وَأَبّاً. مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} [عبس : 25 - 32] وقد مضى الكلام في الرزق مستوفى والحمد لله.
(1/229)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: