منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل - 19:56

تفسير سورة النمل
...
سورة النمل




الآية : [15] {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ}
الآية : [16] {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}
قوله تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً} أي فهما ؛ قاله قتادة. وقيل : علما بالدين والحكم وغيرهما كما قال : {وَ عَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} [الأنبياء : 80]. وقيل : صنعة الكيمياء. وهو شاذ. وإنما الذي آتاهما الله النبوة والخلافة في الأرض والزبور. {وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِالَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} وفي الآية دليل على شرف العلم وإنافة محله وتقدم حملته وأهله ، وأن نعمة العلم من أجل النعم وأجزل القسم ، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا على كثير من عباد الله المؤمنين. {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة : 11]. وقد تقدم هذا في غير موضع.
قوله تعالى : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} قال الكلبي : كان لداود صلى الله عليه وسلم تسعة عشر ولدا فورث سليمان من بينهم نبوته وملكه ، ولو كان وراثة مال لكان جميع أولاده فيه سواء ؛ وقال ابن العربي ؛ قال : فلو كانت وراثة مال لانقسمت على العدد ؛ فخص الله سليمان بما كان لداود من الحكمة والنبوة ، وزاده من فضله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده. قال ابن عطية : داود من بني إسرائيل وكان ملكا وورث سليمان ملكه ومنزلته من النبوة ، بمعنى صار إليه ذلك بعد موت أبيه فسمي ميراثا تجوزا ؛ وهذا نحو قوله : "العلماء ورثة الأنبياء" ويحتمل قوله عليه السلام : "إنا معشر الأنبياء لا نورث" أن يريد أن ذلك من فعل الأنبياء وسيرتهم ، وإن كان فيهم من ورث ماله كـ "زكريا" على أشهر الأقوال فيه ؛ وهذا كما تقول : إنا معشر المسلمين إنما شغلتنا العبادة ، والمراد أن ذلك فعل الأكثر. ومنه ما حكى سيبويه : إنا معشر العرب أقرى الناس للضيف.
قلت : قد تقدم هذا المعنى في {مَرْيَمَ} وأن الصحيح القول الأول لقوله عليه السلام : "إنا معشر الأنبياء لا نورث" فهو عام ولا يخرج منه شيء إلا بدليل. قال مقاتل : كان سليمان أعظم ملكا من داود وأقضى منه ، وكان داود أشد تعبدا من سليمان. قال غيره : ولم يبلغ أحد من الأنبياء ما بلغ ملكه ؛ فإن الله سبحانه وتعالى سخر له الإنس والجن والطير والوحش ، وآتاه ما لم يؤت أحدا من العالمين ، وورث أباه في الملك والنبوة ، وقام بعده بشريعته ، وكل نبي جاء بعه موسى ممن بعث أو لم يبعث فإنما كان بشريعة موسى ، إلى أن بعث المسيح عليه السلام فنسخها. وبينه وبين الهجرة نحو من ألف وثمانمائة سنة. واليهود تقول ألف
(13/164)





وثلاثمائة واثنتان وستون سنة. وقيل : إن بين موته وبين مولد النبي صلى الله عليه سلم نحوا من ألف وسبعمائة. واليهود تنقص منها ثلاثمائة سنة ، وعاش نيفا وخمسين سنة.
قوله تعالى : {وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ} أي قال سليمان لبني إسرائيل على جهة الشكر لنعم الله {علمنا منطق الطير} أي تفضل الله علينا على ما ورثنا من داود من العلم والنبوة والخلافة في الأرض في أن فهمنا من أصوات الطير المعاني التي في نفوسها. قال مقاتل في الآية : كان سليمان جالسا ذات يوم إذ مر به طائر يطوف ، فقال لجلسائه : أتدرون ما يقول هذا الطائر ؟ إنها قالت لي : السلام عليك أيها الملك المسلط والنبي لبني إسرائيل! أعطاك الله الكرامة ، وأظهرك على عدوك ، إني منطلق إلى أفراخي ثم أمر بك الثانية ؛ وإنه سيرجع إلينا الثانية ثم رجع ؛ فقال إنه يقول : السلام عليك أيها الملك المسلط ، إن شئت أن تأذن لي كيما أكتسب على أفراخي حتى يشبوا ثم آتيك فافعل بي ما شئت. فأخبرهم سليمان بما قال ؛ وأذن له فانطلق. وقال فرقد السبخي : مر سليمان على بلبل فوق شجرة يحرك رأسه ويميل ذنبه ، فقال لأصحابه : أتدرون ما يقول هذا البلبل ؟ قالوا لا يا نبي الله. قال إنه يقول : أكلت نصف ثمرة فعلى الدنيا العفاء. ومر بهدهد فوق شجرة وقد نصب له صبي فخا فقال له سليمان : احذر يا هدهد! فقال : يا نبي الله! هذا صبي لا عقل له فأنا أسخر به. ثم رجع سليمان فوجده قد وقع في حبالة الصبي وهو في يده ، فقال : هدهد ما هذا ؟ قال : ما رأيتها حتى وقعت فيها يا نبي الله. قال : ويحك! فأنت ترى الماء تحت الأرض أما ترى الفخ! قال : يا نبي الله إذا نزل القضاء عمي البصر. وقال كعب. صاح ورشان عند سليمان بن داود فقال : أتدرون ما يقول ؟
(13/165)





قالوا : لا. قال : إنه يقول : لدوا للموت وابنوا للخراب. وصاحت فاختة ، فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا. قال : إنها تقول : ليت هذا الخلق لم يخلقوا وليتهم إذ خلقوا علموا لماذا خلقوا. وصاح عنده طاوس ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا. قال : إنه يقول : كما تدين تدان. وصاح عنده هدهد فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا. قال : فإنه يقول : من لا يرحم لا يرحم. وصاح صرد عنده ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا. قال : إنه يقول : استغفروا الله يا مذنبين ؛ فمن ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله. وقيل : إن الصرد هو الذي دل آدم على مكان البيت. وهو أول من صام ؛ ولذلك يقال للصرد الصوام ؛ روي عن أبي هريرة. وصاحت عنده طيطوى فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا. قال : إنها تقول : كل حي ميت وكل جديد بال. وصاحت خطافة عنده ، فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا. قال : إنها تقول : قدموا خيرا تجدوه ؛ فمن ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها. وقيل : إن آدم خرج من الجنة فاشتكى إلى الله الوحشة ، فآنسه الله تعالى بالخطاف وألزمها البيوت ، فهي لا تفارق بني آدم أنسا لهم. قال : ومعها أربع آيات من كتاب الله عز وجل : {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ} [الحشر : 21] إلى آخرها وتمد صوتها بقوله {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة : 129]. وهدرت حمامة عند سليمان فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا. قال : إنها تقول : سبحان ربي الأعلى عدد ما في سماواته وأرضه. وصاح قمري عند سليمان ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا. قال إنه يقول : سبحان ربي العظيم المهيمن. وقال كعب : وحدثهم سليمان ، فقال : الغراب يقول : اللهم العن العشار ؛ والحدأة تقول : {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص : 88]. والقطاة تقول : من سكت سلم. والببغاء تقول : ويل لمن الدنيا همه. والضفدع يقول : سبحان ربي القدوس. والبازي يقول : سبحان ربي وبحمده. والسرطان يقول : سبحان المذكور بكل لسان في كل مكان.
وقال مكحول : صاح دراج عند سليمان ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا. قال : إنه يقول : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5]. وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الديك إذا صاح قال اذكروا الله يا غافلين" . وقال الحسن بن علي بن أبي طالب قال النبي صلى الله عليه وسلم : "النسر إذا صاح قال يا ابن آدم عش ما شئت فآخرك الموت وإذا صاح العقاب قال في البعد من الناس الراحة وإذا صاح القنبر قال إلهي العن مبغضي آل محمد وإذا صاح الخطاف قرأ : {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة : 2] إلى آخرها فيقول : {الضَّالِّينَ} [الفاتحة : 7] ويمد بها صوته كما يمد القارئ. قال قتادة والشعبي : إنما هذا الأمر في الطير خاصة ، لقوله : {عُلِّمْنَا
(13/166)





مَنْطِقَ الطَّيْرِ } والنملة طائر إذ قد يوجد له أجنحة. قال الشعبي : وكذلك كانت هذه النملة ذات جناحين. وقالت فرقة : بل كان في جميع الحيوان ، وإنما ذكر الطير لأنه كان جندا من جند سليمان يحتاجه في التظليل عن الشمس وفي البعث في الأمور فخص بالذكر لكثرة مداخلته ؛ ولأن أمر سائر الحيوان نادر وغير متردد ترداد أمر الطير. وقال أبو جعفر النحاس : والمنطق قد يقع لما يفهم بغير كلام ، والله جل وعز أعلم بما أراد. قال ابن العربي : من قال إنه لا يعلم إلا منطق الطير فنقصان عظيم ، وقد آتفق الناس على أنه كان يفهم كلام من لا يتكلم ويخلق له فيه القول من النبات ، فكان كل نبت يقول له : أنا شجر كذا ، أنفع من كذا وأضر من كذا ؛ فما ظنك بالحيوان.
الآية : [17] {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}
فيه مسألتان :
الأولى- قوله تعالى : {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ} {وَحُشِرَ} جمع والحشر الجمع ومنه قوله عز وجل : {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} [الكهف : 47] واختلف الناس في مقدار جند سليمان عليه السلام ؛ فيقال : كان معسكره مائة فرسخ في مائة : خمسة وعشرون للجن ، وخمسة وعشرون للإنس ، وخمسة وعشرون للطير ، وخمسة وعشرون للوحش ، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة منكوحة وسبعمائة سرية. ابن عطية : واختلف في معسكره ومقدار جنده اختلافا شديدا غير أن الصحيح أن ملكه كان عظيما ملأ الأرض ، وانقادت له المعمورة كلها. {فَهُمْ يُوزَعُونَ} معناه يرد أولهم إلى آخرهم ويكفون. قال قتادة : كان لكل صنف وزعة في رتبتهم ومواضعهم من الكرسي ومن الأرض إذا مشوا فيها. يقال : وزعته أوزعه وزعا أي كففته. والوازع في الحرب الموكل بالصفوف يزع من تقدم منهم. روى محمد بن إسحاق عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لما وقف وسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى - تعني
(13/167)





يوم الفتح - قال أبو قحافة وقد كف بصره يومئذ لابنته : اظهري بي على أبي قبيس. قالت : فأشرفت به عليه فقال : ما ترين ؟ قالت : أرى سوادا مجتمعا. قال : تلك الخيل. قالت : وأرى رجلا من السواد مقبلا ومدبرا. قال : ذلك الوازع يمنعها أن تنتشر. وذكر تمام الخبر. ومن هذا قوله عليه السلام : "ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما رأى من تنزيل الرحمة وتجاوز الله عنه الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر" قيل : وما رأى يا رسول الله ؟ قال : "أما أنه رأى جبريل يزع الملائكة" خرجه الموطأ. ومن هذا المعنى قول النابغة :
على حين عاتبت المشيب على الصبا ... وقلت ألما أصح والشيب وازع
آخر :
ولما تلاقينا جرت من جفوننا ... دموع وزعنا غربها بالأصابع
آخر :
ولا يزع النفس اللجوج عن الهوى ... من الناس إلا وافر العقل كامله
وقيل : هو من التوزيع بمعنى التفريق. والقوم أوزاع أي طوائف. وفي القصة : إن الشياطين نسجت له بساطا فرسخا في فرسخ ذهبا في إبريسم ، وكان يوضع له كرسي من ذهب وحوله ثلاثة آلاف كرسي من ذهب وفضة فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب ، والعلماء على كراسي الفضة.
الثانية- في الآية دليل على اتخاذ الإمام والحكام وزعة يكفون الناس ويمنعونهم من تطاول بعضهم على بعض ؛ إذ لا يمكن الحكام ذلك بأنفسهم. وقال ابن عون : سمعت الحسن يقول وهو في مجلس قضائه لما رأى ما يصنع الناس قال : والله ما يصلح هؤلاء الناس إلا وزعة. وقال الحسن أيضا : لابد للناس من وازع ؛ أي من سلطان يكفهم. وذكر ابن القاسم قال حدثنا مالك أن عثمان بن عفان كان يقول : ما يزع الإمام أكثر مما يزع القرآن ؛ أي من الناس. قال ابن القاسم : قلت لمالك ما يزع ؟ قال : يكف. قال القاضي أبو بكر بن العربي : وقد جهل قوم المراد بهذا الكلام ، فظنوا أن المعنى فيه أن قدرة السلطان تردع
(13/168)





الناس أكثر مما تردعهم حدود القرآن وهذا جهل بالله وحكمته. قال : فإن الله ما وضع الحدود إلا مصلحة عامة كافة قائمة لقوام الخلق ، لا زيادة عليها ، ولا نقصان معها ، ولا يصلح سواها ، ولكن الظلمة خاسوا بها ، وقصروا عنها ، وأتوا ما أتوا بغير نية ، ولم يقصدوا وجه الله في القضاء بها ، فلم يرتدع الخلق بها ، ولو حكموا بالعدل ، وأخلصوا النية ، لاستقامت الأمور ، وصلح الجمهور.
الآية : [18] {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}
الآية : [19] {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}
فيه ست مسائل :
الأولى- قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ} قال قتادة : ذكر لنا أنه واد بأرض الشام. وقال كعب : هو بالطائف {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} قال الشعبي : كان للنملة جناحان فصارت من الطير ، فلذلك علم منطقها ولولا ذلك لما علمه. وقد مضى هذا ويأتي. وقرأ سليمان التيمي بمكة : {نَمْلَةٌ} و{النَّمْلِ} بفتح النون وضم الميم. وعنه أيضا ضمهما جميعا. وسميت النملة نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قرارها. قال كعب : مر سليمان عليه السلام بوادي السدير من أودية الطائف ، فأتى على وادي النمل ، فقامت نملة تمشي وهي عرجاء تتكاوس مثل الذئب في العظم ؛ فنادت : {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} الآية. الزمخشري : سمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال ، وكانت تمشي وهي عرجاء تتكاوس ؛ وقيل : كان اسمها طاخية. وقال السهيلي : ذكروا اسم النملة المكلمة لسليمان عليه السلام ، وقالوا اسمها حرميا ، ولا أدري كيف يتصور للنملة اسم علم والنمل لا يسمي بعضهم بعضا ، ولا الآدميون يمكنهم تسمية
(13/169)





واحدة منهم باسم علم ، لأنه لا يتميز للآدميين بعضهم من بعض ، ولا هم أيضا واقعون تحت ملكة بني آدم كالخيل والكلاب ونحوها ، فإن العلمية فيما كان كذلك موجودة عند العرب. فإن قلت : إن العلمية موجودة في الأجناس كثعالة وأسامة وجعار وقثام في الضبع ونحو هذا كثير ؛ فليس اسم النملة من هذا ؛ لأنهم زعموا أنه اسم علم لنملة واحدة معينة من بين سائر النمل ، وثعالة ونحوه لا يختص بواحد من الجنس ، بل كل واحد رأيته من ذلك الجنس فهو ثعالة ، وكذلك أسامة وابن آوى وابن عرس وما أشبه ذلك. فإن صح ما قالوه فله وجه ، وهو أن تكون هذه النملة الناطقة قد سميت بهذا الاسم في التوراة أو في الزبور أو في بعض الصحف سماها الله تعالى بهذا الاسم ، وعرفها به الأنبياء قبل سليمان أو بعضهم. وخصت بالتسمية لنطقها وإيمانها فهذا وجه. ومعنى قولنا بإيمانها أنها قالت للنمل : {لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} فقولها : {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} التفاتة مؤمن. أي من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده لا يحطمون نملة فما فوقها إلا بألا يشعروا. وقد قيل : إن تبسم سليمان سرور بهذه الكلمة منها ؛ ولذلك أكد التبسم بقوله : {ضَاحِكاً} إذ قد يكون التبسم من غير ضحك ولا رضا ، ألا تراهم يقولون تبسم تبسم الغضبان وتبسم تبسم المستهزئين. وتبسم الضحك إنما هو عن سرور ، ولا يسر نبي بأمر دنيا ؛ وإنما سر بما كان من أمر الآخرة والدين. وقولها : {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} إشارة إلى الدين والعدل والرأفة. ونظير قول النملة في جند سليمان : {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} قول الله تعالى في جند محمد صلى الله عليه وسلم : {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الفتح : 25]. التفاتا إلى أنهم لا يقصدون هدر مؤمن. إلا أن المثني على جند سليمان هي النملة بإذن الله تعالى ، والمثني على جند محمد صلى الله عليه وسلم هو الله عز وجل بنفسه ؛ لما لجنود محمد صلى الله عليه وسلم من الفضل على جند غيره من الأنبياء ؛ كما لمحمد صلى الله عليه وسلم فضل على جميع النبيين صلى الله عليهم وسلم أجمعين. وقرأ شهر بن حوشب : {مَسَكِنَكُمْ} بسكون السين على الإفراد. وفي مصحف أبي {مَسَكِنَكُنَّ لا يَحْطِمَنَّكُمْ} . وقرأ سليمان التيمي : {مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُنَّ} ذكره النحاس ؛ أي لا يكسرنكم بوطئهم عليكم وهم لا يعلمون بكم
(13/170)





قال المهدوي : وأفهم الله تعالى النملة هذا لتكون معجزة لسليمان. وقال وهب : أمر الله تعالى الريح ألا يتكلم أحد بشيء إلا طرحته في سمع سليمان ؛ بسبب أن الشياطين أرادت كيده. وقد قيل : إن هذا الوادي كان ببلاد اليمن وأنها كانت نملة صغيرة مثل النمل المعتاد قاله الكلبي. وقال نوف الشامي وشقيق بن سلمة : كان نمل ذلك الوادي كهيئة الذئاب في العظم. وقال بريدة الأسلمي : كهيئة النعاج. قال محمد بن على الترمذي : فإن كان على هذه الخلقة فلها صوت ، وإنما افتقد صوت النمل لصغر خلقها ، وإلا فالأصوات في الطيور والبهائم كائنة ، وذلك منطقهم ، وفي تلك المناطق معاني التسبيح وغير ذلك ، وهو قوله تعالى : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء : 44].
قلت : وقوله : {لا يَحْطِمَنَّكُمْ} يدل على صحة قول الكلبي ؛ إذ لو كانت كهيئة الذئاب والنعاج لما حطمت بالوطء ؛ والله أعلم. وقال : {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} فجاء على خطاب الآدميين لأن النمل ههنا أجري مجرى الآدميين حين نطق كما ينطق الآدميون. قال أبو إسحاق الثعلبي : ورأيت في بعض الكتب أن سليمان قال لها لم حذرت النمل ؟ أخفت ظلمي ؟ أما علمت أني نبي عدل ؟ فلم قلت : {حْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} فقالت النملة : أما سمعت قولي : {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} مع أني لم أرد حطم النفوس ، وإنما أردت حطم القلوب خشية أن يتمنين مثل ما أعطيت ، أو يفتتن بالدنيا ، ويشغلن بالنظر إلى ملكك عن التسبيح والذكر. فقال لها سليمان : عظيني. فقالت النملة : أما علمت لم سمي أبوك داود ؟ قال : لا. قالت : لأنه داوى جراحة فؤاده ؛ هل علمت لم سميت سليمان ؟ قال : لا. قالت : لأنك سليم الناحية على ما أوتيته بسلامة صدرك ، وإن لك أن تلحق بأبيك. ثم قالت : أتدري لم سخر الله لك الريح ؟ قال : لا. قالت : أخبرك أن الدنيا كلها ريح. {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا} متعجبا ثم مضت مسرعة إلى قومها ، فقالت : هل عندكم من شيء نهديه إلى
(13/171)





نبي الله ؟ قالوا : وما قدر ما نهدي له! والله ما عندنا إلا نبقة واحدة. قالت : حسنة ؛ ايتوني بها. فأتوها بها فحملتها بفيها فانطلقت تجرها ، فأمر الله الريح فحملتها ، وأقبلت تشق الإنس والجن والعلماء والأنبياء على البساط ، حتى وقعت بين يديه ، ثم وضعت تلك النبقة من فيها في كفه ، وأنشأت تقول :
ألم ترنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غني فهو قابله
ولو كان يهدي للجليل بقدره ... لقصر عنه البحر يوما وساحله
ولكننا نهدي إلى من نحبه ... فيرضى به عنا ويشكر فاعله
وما ذاك إلا من كريم فعاله ... وإلا فما في ملكنا ما يشاكله
فقال لها : بارك الله فيكم ؛ فهم بتلك الدعوة أشكر خلق الله وأكثر خلق الله. وقال ابن عباس : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب : الهدهد والصرد والنملة والنحلة ؛ خرجه أبو داود وصححه أبو محمد عبدالحق وروي من حديث أبي هريرة. وقد مضى في {الأعراف}. فالنملة أثنت على سليمان وأخبرت بأحسن ما تقدر عليه بأنهم لا يشعرون إن حطموكم ، ولا يفعلون ذلك عن عمد منهم ، فنفت عنهم الجور ؛ ولذلك نهى عن قتلها ، وعن قتل الهدهد ؛ لأنه كان دليل سليمان على الماء ورسوله إلى بلقيس. وقال عكرمة : إنما صرف الله شر سليمان عن الهدهد لأنه كان بارا بوالديه. والصرد يقال له الصوام. وروي عن أبي هريرة قال : أول من صام الصرد ولما خرج إبراهيم عليه السلام من الشام إلى الحرم في بناء البيت كانت السكينة معه والصرد ، فكان الصرد دليله على الموضع والسكينة مقداره ، فلما صار إلى البقعة وقعت السكينة على موضع البيت ونادت وقالت : ابن يا إبراهيم على مقدار ظلي. وقد تقدم في {الأعراف} سبب النهي عن قتل الضفدع وفي {النحل} النهي عن قتل النحل. والحمد لله.
(13/172)





الثانية- قرأ الحسن : {لا يَحْطِمَنَّكُمْ} وعنه أيضا {لا يَحِطِّمَنَّكم} وعنه أيضا وعن أبي رجاء : {لا يُحَطِّمَنَّكم} والحطْم الكسر. حطمته حطما أي كسرته وتحطَّم ؛ والتحطيم التكسير ، {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} يجوز أن يكون حالا من سليمان ، وجنوده ، والعامل في الحال {يَحْطِمَنَّكُمْ}. أو حالا من النملة والعامل {قَالَتْ} : أي قالت ذلك في حال غفلة الجنود ؛ كقولك : قمت والناس غافلون. أو حالا من النمل أيضا والعامل {قَالَتْ} على أن المعنى : والنمل لا يشعرون أن سليمان يفهم مقالتها. وفيه بعد وسيأتي.
الثالثة- روى مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله تعالى إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح" وفي طريق آخر : "فهلا نملة واحدة" . قال علماؤنا : يقال إن هذا النبي هو موسى عليه السلام ، وإنه قال : يا رب تعذب أهل قرية بمعاصيهم وفيهم الطائع. فكأنه أحب أن يريه ذلك من عنده ، فسلط عليه الحر حتى التجأ إلى شجرة مستروحا إلى ظلها ، وعندها قرية النمل ، فغلبه النوم ، فلما وجد لذة النوم لدغته النملة فأضجرته ، فدلكهن بقدمه فأهلكهن ، وأحرق تلك الشجرة التي عندها مساكنهم ، فأراه الله العبرة في ذلك آية : لما لدغتك نملة فكيف أصبت الباقين بعقوبتها! يريد أن ينبهه أن العقوبة من الله تعالى تعم فتصير رحمة على المطيع وطهارة وبركة ، وشرا ونقمة على العاصي. وعلى هذا فليس في الحديث ما يدل على كراهة ولا حظر في قتل النمل ؛ فإن من آذاك حل لك دفعه عن نفسك ، ولا أحد من خلقه أعظم حرمة من المؤمن ، وقد أبيح لك دفعه عنك بقتل وضرب على المقدار ، فكيف بالهوام والدواب التي قد سخرت لك وسلطت عليها ، فإذا آذاك أبيح لك قتله. وروي عن إبراهيم : ما آذاك من النمل فاقتله. وقوله : "إلا نملة واحدة" دليل على أن الذي يؤذي يؤذى ويقتل ، وكلما كان القتل لنفع أو دفع ضرر فلا بأس به عند العلماء. وأطلق له نملة ولم يخص تلك النملة التي لدغت من غيرها ؛ لأنه ليس المراد القصاص ؛ لأنه لو أراده لقال ألا نملتك التي لدغتك ، ولكن قال : ألا نملة مكان نملة ؛ فعم البريء
(13/173)





والجاني بذلك ، ليعلم أنه أراد أن ينبهه لمسألته ربه في عذاب أهل قرية وفيهم المطيع والعاصي. وقد قيل : إن هذا النبي كانت العقوبة للحيوان بالتحريق جائزة في شرعه ؛ فلذلك إنما عاتبه الله تعالى في إحراق الكثير من النمل لا في أصل الإحراق. ألا ترى قوله : "فهلا نملة واحدة" أي هلا حرقت نملة واحدة. وهذا بخلاف شرعنا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن التعذيب بالنار. وقال : "لا يعذب بالنار إلا الله" . وكذلك أيضا كان قتل النمل مباحا في شريعة ذلك النبي ؛ فإن الله لم يعتبه على أصل قتل النمل. وأما شرعنا فقد جاء من حديث ابن عباس وأبي هريرة النهي عن ذلك. وقد كره مالك قتل النمل إلا أن يضر ولا يقدر على دفعه إلا بالقتل. وقد قيل : إن هذا النبي إنما عاتبه الله حيث انتقم لنفسه بإهلاك جمع آذاه واحد ، وكان الأولى الصبر والصفح ؛ لكن وقع للنبي أن هذا النوع مؤذ لبني آدم ، وحرمة بني آدم أعظم من حرمة غيره من الحيوان غير الناطق ، فلو انفرد له هذا النظر ولم ينضم إليه التشفي الطبعي لم يعاتب. والله أعلم. لكن لما انضاف إليه التشفي الذي دل عليه سياق الحديث عوتب عليه.
الرابعة- قوله : "أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح" مقتضى هذا أنه تسبيح بمقال ونطق ، كما أخبر الله عن النمل أن لها منطقا وفهمه سليمان عليه السلام - وهذا معجزة له - وتبسم من قولها. وهذا يدل دلالة واضحة أن للنمل نطقا وقولا ، لكن لا يسمعه كل أحد ، بل من شاء الله تعالى ممن خرق له العادة من نبي أو ولي. ولا ننكر هذا من حيث أنا لا نسمع ذلك ؛ فإنه لا يلزم من عدم الإدراك عدم المدرك في نفسه. ثم إن الإنسان يجد في نفسه قولا وكلاما ولا يسمع منه إلا إذا نطق بلسانه. وقد خرق الله العادة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فأسمعه كلام النفس من قوم تحدثوا مع أنفسهم وأخبرهم بما في نفوسهم ، كما قد نقل منه الكثير من أئمتنا في كتب معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وكذلك وقع لكثير ممن أكرمه الله تعالى من الأولياء مثل ذلك في غير ما قضية. وإياه عنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : "إن في أمتي محدثين وإن عمر منهم" . وقد مضى هذا المعنى
(13/174)





في تسبيح الجماد في {الإسراء} وإنه تسبيح لسان ومقال لا تسبيح دلالة حال. والحمد لله.
الخامسة- قوله تعالى : {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا} وقرأ ابن السميقع : {ضَاحِكاً} بغير ألف ، وهو منصوب على المصدر بفعل محذوف يدل عليه تبسم ، كأنه قال ضحك ضحكا ، هذا مذهب سيبويه. وهو عند غير سيبويه منصوب بنفس {تَبَسَّمَ} لأنه في معنى ضحك ؛ ومن قرأ : {ضَاحِكاً} فهو منصوب على الحال من الضمير في {تَبَسَّمَ} . والمعنى تبسم مقدار الضحك ؛ لأن الضحك يستغرق التبسم ، والتبسم دون الضحك وهو أوله. يقال : بسم : "بالفتح" يبسم بسما فهو باسم وابتسم وتبسم ، والمبسم الثغر مثل المجلس من جلس يجلس ورجل مبسام وبسام كثير التبسم ، فالتبسم ابتداء الضحك. والضحك عبارة عن الابتداء والانتهاء ، إلا أن الضحك يقتضي مزيدا على التبسم ، فإذا زاد ولم يضبط الإنسان نفسه قيل قهقه. والتبسم ضحك الأنبياء عليهم السلام في غالب أمرهم. وفي الصحيح عن جابر بن سمرة وقيل له : أكنت تجالس النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال : نعم كثيرا ؛ كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح - أو الغداة - حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام ، وكانوا يتحدثون ويأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. وفيه عن سعد قال : كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "ارم فداك أبي وأمي" قال فنزعت له بسهم ليس فيه نصل فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نظرت إلى نواجذه. فكان عليه السلام في أكثر أحواله يتبسم. وكان أيضا يضحك في أحوال أخر ضحكا أعلى من التبسم وأقل من الاستغراق الذي تبدو فيه اللهوات. وكان في النادر عند إفراط تعجبه ربما ضحك حتى بدت نواجذه. ود كره العلماء منه الكثرة ؛ كما قال لقمان لابنه : يا بني إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب. وقد روي مرفوعا من
(13/175)





حديث أبي ذر وغيره. وضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه حين رمى سعد الرجل فأصابه ، إنما كان سرورا بإصابته لا بانكشاف عورته ؛ فإنه المنزه عن ذلك صلى الله عليه وسلم.
السادسة- لا اختلاف عند العلماء أن الحيوانات كلها لها أفهام وعقول. وقد قال الشافعي : الحمام أعقل الطير. قال ابن عطية : والنمل حيوان فطن قوي شمام جدا يدخر ويتخذ القرى ويشق الحب بقطعتين لئلا ينبت ، ويشق الكزبرة بأربع قطع ؛ لأنها تنبت إذا قسمت شقتين ، ويأكل في عامه نصف ما جمع ويستبقي سائره عدة. قال ابن العربي : وهذه خواص العلوم عندنا ، وقد أدركتها النمل بخلق الله ذلك لها ؛ قال الأستاذ أبو المظفر شاهنود الإسفرايني : ولا يبعد أن تدرك البهائم حدوث العالم وحدوث المخلوقات ؛ ووحدانية الإله ، ولكننا لا نفهم عنها ولا تفهم عنا ، أما أنا نطلبها وهي تفر منا فبحكم الجنسية.
قوله تعالى : {وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} فـ {أن} مصدرية. و {أَوْزِعْنِي} أي ألهمني ذلك. وأصله من وزع فكأنه قال : كفني عما يسخط. وقال محمد بن إسحاق : يزعم أهل الكتاب أن أم سليمان هي امرأة أوريا التي امتحن الله بها داود ، أو أنه بعد موت زوجها تزوجها داود فولدت له سليمان عليه السلام. وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة {ص} إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} أي مع عبادك ، عن ابن زيد. وقيل : المعنى في جملة عبادك الصالحين.
(13/176)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: