فوزي عبد القادر موسى عبد دويمابي برتبة لواء
عدد الرسائل : 2478
| موضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن الأربعاء 6 أكتوبر - 16:24 | |
| ________________________________________ الثامنة : اللام في قوله "لمن" بمعنى على ، أي وجوب الدم على من لم يكن من أهل مكة ، كقوله عليه السلام : "اشترطي لهم الولاء" . وقوله تعالى : {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء : 7] أي فعليها. وذلك إشارة إلى التمتع والقران للغريب عند أبي حنيفة وأصحابه ، لا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام عندهم. ومن فعل ذلك كان عليه دم جناية لا يأكل منه ، لأنه ليس بدم تمتع. وقال الشافعي : لهم دم تمتع وقران. والإشارة ترجع إلى الهدي والصيام ، فلا هدي ولا صيام عليهم. وفرق عبدالملك بن الماجشون بين التمتع والقران ، فأوجب الدم في القران وأسقطه في التمتع ، على ما تقدم عنه. التاسعة : واختلف الناس في حاضري المسجد الحرام - بعد الإجماع على أن أهل مكة وما اتصل بها من حاضريه. وقال الطبري : بعد الإجماع على أهل الحرم. قال ابن عطية : وليس كما قال - فقال بعض العلماء : من كان يجب عليه الجمعة فهو حضري ، ومن كان أبعد من ذلك فهو بدوي ، فجعل اللفظة من الحضارة والبداوة. وقال مالك وأصحابه هم أهل مكة وما اتصل بها خاصة. وعند أبي حنيفة وأصحابه : هم أهل المواقيت ومن وراءها من كل ناحية ، فمن كان من أهل المواقيت أو من أهل ما وراءها فهم من حاضري المسجد الحرام. وقال الشافعي وأصحابه : هم من لا يلزمه تقصير الصلاة من موضعه إلى مكة ، وذلك أقرب المواقيت. وعلى هذه الأقوال مذاهب السلف في تأويل الآية. العاشرة : قوله تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي فيما فرضه عليكم. وقيل : هو أمر بالتقوى على العموم ، وتحذير من شدة عقابه. الآية : 197 {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} (2/404) ________________________________________ فيه أربع مسائل : الأولى : قوله تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} لما ذكر الحج والعمرة سبحانه وتعالى في قوله : {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة : 196] بين اختلافهما في الوقت ، فجميع السنة وقت للإحرام بالعمرة ، ووقت العمرة. وأما الحج فيقع في السنة مرة ، فلا يكون في غير هذه الأشهر. و"الحج أشهر معلومات" ابتداء وخبر ، وفي الكلام حذف تقديره : أشهر الحج أشهر ، أو وقت الحج أشهر ، أو وقت عمل الحج أشهر. وقيل التقدير : الحج في أشهر. ويلزمه مع سقوط حرف الجر نصب الأشهر ، ولم يقرأ أحد بنصبها ، إلا أنه يجوز في الكلام النصب على أنه ظرف. قال الفراء : الأشهر رفع ، لأن معناه وقت الحج أشهر معلومات. قال الفراء : وسمعت الكسائي يقول : إنما الصيف شهران ، وإنما الطيلسان ثلاثة أشهر. أراد وقت الصيف ، ووقت لباس الطيلسان ، فحذف الثانية : واختلف في الأشهر المعلومات ، فقال ابن مسعود وابن عمر وعطاء والربيع ومجاهد والزهري : أشهر الحج شوال وذو العقدة وذو الحجة كله. وقال ابن عباس والسدي والشعبي والنخعي : هي شوال وذو القعدة وعشرة من ذي الحجة ، وروي عن ابن مسعود ، وقاله ابن الزبير ، والقولان مرويان عن مالك ، حكى الأخير ابن حبيب ، والأول ابن المنذر. وفائدة الفرق تعلق الدم ، فمن قال : إن ذا الحجة كله من أشهر الحج لم ير دما فيما يقع من الأعمال بعد يوم النحر ، لأنها في أشهر الحج. وعلى القول الأخير ينقضي الحج بيوم النحر ، ويلزم الدم فيما عمل بعد ذلك لتأخيره عن وقته. الثالثة : لم يسم الله تعالى أشهر الحج في كتابه ، لأنها كانت معلومة عندهم. ولفظ الأشهر قد يقع على شهرين وبعض الثالث ، لأن بعض الشهر يتنزل منزلة كله ، كما يقال : رأيتك سنة كذا ، أو على عهد فلان. ولعله إنما رآه في ساعة منها ، فالوقت يذكر بعضه بكله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أيام منى ثلاثة" . وإنما هي يومان وبعض الثالث. ويقولون : رأيتك اليوم ، وجئتك العام. وقيل : لما كان الاثنان وما فوقهما جمع قال أشهر ، والله أعلم. (2/405) ________________________________________ الرابعة : اختلف في الإهلال بالحج في غير أشهر الحج ، فروي عن ابن عباس : من سنة الحج أن يحرم به في أشهر الحج. وقال عطاء ومجاهد وطاوس والأوزاعي : من أحرم بالحج قبل أشهر الحج لم يجزه ذلك عن حجة ويكون عمرة ، كمن دخل في صلاة قبل وقتها فإنه لا تجزيه وتكون نافلة ، وبه قال الشافعي وأبو ثور. وقال الأوزاعي : يحل بعمرة. وقال أحمد بن حنبل : هذا مكروه ، وروي عن مالك ، والمشهور عنه جواز الإحرام بالحج في جميع السنة كلها ، وهو قول أبي حنيفة. وقال النخعي : لا يحل حتى يقضي حجه ، لقوله تعالى : {يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة : 189] وقد تقدم القول فيها. وما ذهب إليه الشافعي أصح ، لأن تلك عامة ، وهذه الآية خاصة. ويحتمل أن يكون من باب النص على بعض أشخاص العموم ، لفضل هذه الأشهر على غيرها ، وعليه فيكون قول مالك صحيح ، والله أعلم. الخامسة : قوله تعالى : {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} أي الزمه نفسه بالشروع فيه بالنية قصدا باطنا ، وبالإحرام فعلا ظاهرا ، وبالتلبية نطقا مسموعا ، قاله ابن حبيب وأبو حنيفة في التلبية. وليست التلبية عند الشافعي من أركان الحج ، وهو قول الحسن بن حي. قال الشافعي : تكفي النية في الإحرام بالحج. وأوجب التلبية أهل الظاهر وغيرهم. وأصل الفرض في اللغة : الحز والقطع ، ومنه فرضة القوس والنهر والجبل. ففرضية الحج لازمة للعبد الحر كلزوم الحز للقدح. وقيل : "فرض" أي أبان ، وهذا يرجع إلى القطع ، لأن من قطع شيئا فقد أبانه عن غيره. و"من" رفع بالابتداء ومعناها الشرط ، والخبر قوله : "فرض" ، لأن "من" ليست بموصولة ، فكأنه قال : رجل فرض. وقال : "فيهن" ولم يقل فيها ، فقال قوم : هما سواء في الاستعمال. وقال المازني أبو عثمان : الجمع الكثير لما لا يعقل يأتي كالواحدة المؤنثة ، والقليل ليس كذلك ، تقول : الأجذاع انكسرن ، والجذوع انكسرت ، ويؤيد ذلك قول الله تعالى : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} [التوبة : 36] ثم قال : "منها". (2/406) ________________________________________ السادسة : قوله تعالى : {فَلا رَفَثَ} قال ابن عباس وابن جبير والسدي وقتادة والحسن وعكرمة والزهري ومجاهد ومالك : الرفث الجماع ، أي فلا جماع لأنه يفسده. وأجمع العلماء على أن الجماع قبل الوقوف بعرفة مفسد للحج ، وعليه حج قابل والهدي. وقال عبدالله بن عمر وطاوس وعطاء وغيرهم : الرفث الإفحاش للمرأة بالكلام ، لقوله : إذا أحللنا فعلنا بك كذا ، من غير كناية ، وقاله ابن عباس أيضا ، وأنشد وهو محرم : وهن يمشين بنا هميسا ... إن تصدق الطير ننك لميسا فقال له صاحبه حصين بن قيس : أترفث وأنت محرم فقال : إن الرفث ما قيل عند النساء. وقال قوم : الرفث الإفحاش بذكر النساء ، كان ذلك بحضرتهن أم لا. وقيل : الرفث كلمة جامعة لما يريده الرجل من أهله. وقال أبو عبيدة : الرفث اللغا من الكلام ، وأنشد : ورب أسراب حجيج كظم ... عن اللغا ورفث التكلم يقال : رفث يرفث ، بضم الفاء وكسرها. وقرأ ابن مسعود "فلا رفوث" على الجمع. قال ابن العربي : المراد بقوله "فلا رفث" نفيه مشروعا لا موجدا ، فإنا نجد الرفث فيه ونشاهده ، وخبر الله سبحانه لا يجوز أن يقع بخلاف مخبره ، وإنما يرجع النفي إلى وجوده مشروعا لا إلى وجوده محسوسا ، كقوله تعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة : 228] معناه : شرعا لا حسا ، فإنا نجد المطلقات لا يتربصن ، فعاد النفي إلى الحكم الشرعي لا إلى الوجود الحسي. وهذا كقوله تعالى : {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة : 79] إذا قلنا : إنه وارد في الآدميين - وهو الصحيح - أن معناه لا يمسه أحد منهم شرعا ، فإن وجد المس فعلى خلاف حكم الشرع ، وهذه الدقيقة هي التي فاتت العلماء فقالوا : إن الخبر يكون بمعنى النهي ، وما وجد ذلك قط ، ولا يصح أن يوجد ، فإنهما مختلفان حقيقة ومتضادان وصفا. السابعة : قوله تعالى : {وَلا فُسُوقَ} يعني جميع المعاصي كلها ، قاله ابن عباس وعطاء والحسن. وكذلك قال ابن عمر وجماعة : الفسوق إتيان معاصي الله عز وجل (2/407) ________________________________________ في حال إحرامه بالحج ، كقتل الصيد وقص الظفر وأخذ الشعر ، وشبه ذلك. وقال ابن زيد ومالك : الفسوق الذبح للأصنام ، ومنه قوله تعالى : {أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام : 145]. وقال الضحاك : الفسوق التنابز بالألقاب ، ومنه قوله : {بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ} [الحجرات : 11]. وقال ابن عمر أيضا : الفسوق السباب ، ومنه قوله عليه السلام : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" . والقول الأول أصح ، لأنه يتناول جميع الأقوال. قال صلى الله عليه وسلم : "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" ، "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" خرجه مسلم وغيره. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "والذي نفسي بيده ما بين السماء والأرض من عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله أو حجة مبرورة لا رفث فيها ولا فسوق ولا جدال" . وقال الفقهاء : الحج المبرور هو الذي لم يعص الله تعالى فيه أثناء أدائه. وقال الفراء : هو الذي لم يعص الله سبحانه بعده ، ذكر القولين ابن العربي رحمه الله. قلت : الحج المبرور هو الذي لم يعص الله سبحانه فيه لا بعده. قال الحسن : الحج المبرور هو أن يرجع صاحبه زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة. وقيل غير هذا ، وسيأتي. الثامنة : قوله تعالى : {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} قرئ "فلا رفثٌ ولا فسوقٌ" بالرفع والتنوين فيهما. وقرئا بالنصب بغير تنوين. وأجمعوا على الفتح في "ولا جدال" ، وهو يقوي قراءة النصب فيما قبله ، ولأن المقصود النفي العام من الرفث والفسوق والجدال ، وليكون الكلام على نظام واحد في عموم المنفي كله ، وعلى النصب أكثر القراء. والأسماء الثلاثة في موضع رفع ، كل واحد مع "لا". وقوله "في الحج" خبر عن جميعها. ووجه قراءة الرفع أن "لا" بمعنى "ليس" فارتفع الاسم بعدها ، لأنه اسمها ، والخبر محذوف تقديره : فليس رفث ولا فسوق في الحج ، دل عليه "في الحج" الثاني الظاهر وهو خبر "لا جدال". وقال أبو عمرو بن العلاء : الرفع بمعنى فلا يكونن رفث ولا فسوق ، أي شيء يخرج من الحج ، ثم ابتدأ النفي فقال : ولا جدال. (2/408) ________________________________________ قلت : فيحتمل أن تكون كان تامة ، مثل قوله : {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} فلا تحتاج إلى خبر. ويحتمل أن تكون ناقصة والخبر محذوف ، كما تقدم آنفا. ويجوز أن يرفع "رفث وفسوق" بالابتداء ، "ولا" للنفي ، والخبر محذوف أيضا. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع بالرفع في الثلاثة. ورويت عن عاصم في بعض الطرق وعليه يكون "في الحج" خبر الثلاثة ، كما قلنا في قراءة النصب ، وإنما لم يحسن أن يكون "في الحج" خبر عن الجميع مع اختلاف القراءة ، لأن خبر ليس منصوب وخبر "ولا جدال" مرفوع ، لأن "ولا جدال" مقطوع من الأول وهو في موضع رفع بالابتداء ، ولا يعمل عاملان في اسم واحد. ويجوز "فلا رفث ولا فسوق" تعطفه على الموضع. وأنشد النحويون : لا نسب اليوم ولا خلة ... اتسع الخرق على الراقع ويجوز في الكلام "فلا رفث ولا فسوقا ولا جدالا في الحج" عطفا على اللفظ على ما كان يجب في "لا" قال الفراء : ومثله : فلا أب وابنا مثل مروان وابنه ... إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا وقال أبو رجاء العطاردي : "فلا رفث ولا فسوق" بالنصب فيهما ، "ولا جدال" بالرفع والتنوين. وأنشد الأخفش : هذا وجدكم الصغار بعينه ... لا أم لي إن كان ذاك ولا أب وقيل : إن معنى "فلا رفث ولا فسوق" النهي ، أي لا ترفثوا ولا تفسقوا. ومعنى "ولا جدال" النفي ، فلما اختلفا في المعنى خولف بينهما في اللفظ. قال القشيري : وفيه نظر ، إذ قيل : "ولا جدال" نهي أيضا ، أي لا تجادلوا ، فلم فرق بينهما. التاسعة : قوله تعالى : {وَلا جِدَالَ} الجدال وزنه فعال من المجادلة ، وهي مشتقة من الجدل وهو الفتل ، ومنه زمام مجدول. وقيل : هي مشتقة من الجدالة التي هي الأرض (2/409) ________________________________________ فكأن كل واحد من الخصمين يقاوم صاحبه حتى يغلبه ، فيكون كمن ضرب به الجدالة. قال الشاعر : قد أركب الآلة بعد الآله ... وأترك العاجز بالجداله منعفرا ليست له محالة العاشرة : واختلفت العلماء في المعنى المراد به هنا على أقوال ستة ، فقال ابن مسعود وابن عباس وعطاء : الجدال هنا أن تماري مسلما حتى تغضبه فينتهي إلى السباب ، فأما مذاكرة العلم فلا نهي عنها. وقال قتادة : الجدال السباب. وقال ابن زيد ومالك بن أنس : الجدال هنا أن يختلف الناس : أيهم صادف موقف إبراهيم عليه السلام ، كما كانوا يفعلون في الجاهلية حين كانت قريش تقف في غير موقف سائر العرب ، ثم يتجادلون بعد ذلك ، فالمعنى على هذا التأويل : لا جدال في مواضعه. وقالت طائفة : الجدال هنا أن تقول طائفة : الحج اليوم ، وتقول طائفة : الحج غدا. وقال مجاهد وطائفة معه : الجدال المماراة في الشهور حسب ما كانت عليه العرب من النسيء ، كانوا ربما جعلوا الحج في غير ذي الحجة ، ويقف بعضهم بجمع وبعضهم بعرفة ، ويتمارون في الصواب من ذلك. قلت : فعلى هذين التأويلين لا جدال في وقته ولا في موضعه ، وهذان القولان أصح ما قيل في تأويل قوله "ولا جدال" ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض..." الحديث ، وسيأتي في "براءة". يعني رجع أمر الحج كما كان ، أي عاد إلى يومه ووقته. وقال صلى الله عليه وسلم لما حج : "خذوا عني مناسككم" فبين بهذا مواقف الحج ومواضعه. وقال محمد بن كعب القرظي : الجدال أن تقول طائفة : حجنا أبر من حجكم. ويقول الآخر مثل ذلك. وقيل : الجدال كان في الفخر بالآباء ، والله أعلم. الحادية عشرة : قوله تعالى : {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} شرط وجوابه ، والمعنى : أن الله يجازيكم على أعمالكم ، لأن المجازاة إنما تقع من العالم بالشيء. وقيل : (2/410) ________________________________________ هو تحريض وحث على حسن الكلام مكان الفحش ، وعلى البر والتقوى في الأخلاق مكان الفسوق والجدال. وقيل : جعل فعل الخير عبارة عن ضبط أنفسهم حتى لا يوجد ما نهوا عنه. الثانية عشرة : قوله تعالى : {وَتَزَوَّدُوا} أمر باتخاذ الزاد. قال ابن عمر وعكرمة ومجاهد وقتادة وابن زيد : نزلت الآية في طائفة من العرب كانت تجيء إلى الحج بلا زاد ، ويقول بعضهم : كيف نحج بيت الله ولا يطعمنا ، فكانوا يبقون عالة على الناس ، فنهوا عن ذلك ، وأمر بالزاد. وقال عبدالله بن الزبير : كان الناس يتكل بعضهم على بعض بالزاد ، فأمروا بالزاد. وكان للنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره راحلة عليها زاد ، وقدم عليه ثلثمائة رجل من مزينة ، فلما أرادوا أن ينصرفوا قال : "يا عمر زود القوم" . وقال بعض الناس : {وَتَزَوَّدُوا} الرفيق الصالح. وقال ابن عطية : وهذا تخصيص ضعيف ، والأولى في معنى الآية : وتزودوا لمعادكم من الأعمال الصالحة. قلت : القول الأول أصح ، فإن المراد الزاد المتخذ في سفر الحج المأكول حقيقة كما ذكرنا ، كما روى البخاري عن ابن عباس قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون : نحن المتوكلون ، فإذا قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل الله تعالى : {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} وهذا نص فيما ذكرنا ، وعليه أكثر المفسرين : قال الشعبي : الزاد التمر والسويق. ابن جبير : الكعك والسويق. قال ابن العربي : "أمر الله تعالى بالتزود لمن كان له مال ، ومن لم يكن له مال فإن كان ذا حرفة تنفق في الطريق أو سائلا فلا خطاب عليه ، وإنما خاطب الله أهل الأموال الذين كانوا يتركون أموالهم ويخرجون بغير زاد ويقولون : نحن المتوكلون. والتوكل له شروط ، من قام بها خرج بغير زاد ولا يدخل في الخطاب ، فإنه خرج على الأغلب من الخلق وهم المقصرون عن درجة التوكل الغافلون عن حقائقه ، والله عز وجل أعلم". قال أبو الفرج الجوزي : وقد لبس إبليس على قوم يدعون التوكل ، فخرجوا بلا زاد وظنوا أن هذا هو التوكل وهم على غاية الخطأ. قال رجل لأحمد بن حنبل : أريد أن أخرج (2/411) ________________________________________ إلى مكة على التوكل بغير زاد ، فقال له أحمد : اخرج في غير القافلة. فقال لا ، إلا معهم. قال : فعلى جرب الناس توكلت ؟ ! الثالثة عشرة : قوله تعالى : {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} أخبر تعالى أن خير الزاد اتقاء المنهيات فأمرهم أن يضموا إلى التزود التقوى. وجاء قول {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} محمولا على المعنى ، لأن معنى {وَتَزَوَّدُوا} اتقوا الله في اتباع ما أمركم به من الخروج بالزاد : وقيل : يحتمل أن يكون المعنى : فإن خير الزاد ما اتقى به المسافر من الهلكة أو الحاجة إلى السؤال والتكفف. وقيل : فيه تنبيه على أن هذه الدار ليست بدار قرار. قال أهل الإشارات : ذكرهم الله تعالى سفر الآخرة وحثهم على تزود التقوى ، فإن التقوى زاد الآخرة. قال الأعشى : إذ أنت لم ترحل بزاد من التقى ... ولاقيت بعد الموت من قد تزودا ندمت على ألا تكون كمثله ... وأنك لم ترصد كما كان أرصدا وقال آخر : الموت بحر طامح موجه ... تذهب فيه حيلة السابح يا نفس إني قائل فاسمعي ... مقالة من مشفق ناصح لا يصحب الإنسان في قبره ... غير التقى والعمل الصالح الرابعة عشرة : قوله تعالى : {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} خص أولي الألباب بالخطاب - وإن كان الأمر يعم الكل - لأنهم الذين قامت عليهم حجة الله ، وهم قابلو أوامره والناهضون بها. والألباب جمع لب ، ولب كل شيء : خالصه ، ولذلك قيل للعقل : لب. قال النحاس : سمعت أبا إسحاق يقول قال لي أحمد بن يحيى ثعلب : أتعرف في كلام العرب شيئا من المضاعف جاء على فعل ؟ قلت نعم ، حكى سيبويه عن يونس : لببت تلب ، فاستحسنه وقال : ما أعرف له نظيرا. (2/412) ________________________________________ الآية : 198 {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} قوله تعالى : {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} فيه مسألتان : الأولى - قوله تعالى : {جُنَاحٌ} أي إثم ، وهو اسم ليس. {أَنْ تَبْتَغُوا} في موضع نصب خبر ليس ، أي في أن تبتغوا. وعلى قول الخليل والكسائي أنها في موضع خفض. ولما أمر تعالى بتنزيه الحج عن الرفث والفسوق والجدال ورخص في التجارة ، المعنى : لا جناح عليكم في أن تبتغوا فضل الله. وابتغاء الفضل ورد في القرآن بمعنى التجارة ، قال الله تعالى : {فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة : 10]. والدليل على صحة هذا ما رواه البخاري عن ابن عباس قال : "كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت : {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج". الثانية : إذا ثبت هذا ففي الآية دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادة ، وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركا ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه ، (2/413) ________________________________________ خلافا للفقراء. أما إن الحج دون تجارة أفضل ، لعروها عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيرها. روى الدارقطني في سننه عن أبي أمامة التيمي قال قلت لابن عمر : إني رجل أكرى في هذا الوجه ، وإن ناسا يقولون : إنه لا حج لك. فقال ابن عمر : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله مثل هذا الذي سألتني ، فسكت حتى نزلت هذه الآية : {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن لك حجا" . قوله تعالى : {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} فيه ست عشرة مسألة : الأولى : قوله تعالى : {فَإِذَا أَفَضْتُمْ} أي اندفعتم. ويقال : فاض الإناء إذا امتلأ حتى ينصب عن نواحيه. ورجل فياض ، أي مندفق بالعطاء. قال زهير : وأبيض فياض يداه غمامة ... على معتفيه ما تغب فواضله وحديث مستفيض ، أي شائع. الثانية قوله تعالى : {عَرَفَاتٍ} قراءة الجماعة "عرفات" بالتنوين ، وكذلك لو سميت امرأة بمسلمات ، لأن التنوين هنا ليس فرقا بين ما ينصرف وما لا ينصرف فتحذفه ، وإنما هو بمنزلة النون في مسلمين. قال النحاس : هذا الجيد. وحكى سيبويه عن العرب حذف التنوين من عرفات ، يقوله : هذه عرفات يا هذا ، ورأيت عرفات يا هذا ، بكسر التاء وبغير تنوين ، قال : لما جعلوها معرفة حذفوا التنوين. وحكى الأخفش والكوفيون فتح التاء ، تشبيها بتاء فاطمة وطلحة. وأنشدوا : تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال والقول الأول أحسن ، وأن التنوين فيه على حده في مسلمات ، الكسرة مقابلة الياء في مسلمين والتنوين مقابل النون. وعرفات : اسم علم ، سمي بجمع كأذرعات. وقيل : سمي (2/414) ________________________________________ بما حوله ، كأرض سباسب. وقيل : سميت تلك البقعة عرفات لأن الناس يتعارفون بها. وقيل : لأن آدم لما هبط وقع بالهند ، وحواء بجدة ، فاجتمعا بعد طول الطلب بعرفات يوم عرفة وتعارفا ، فسمي اليوم عرفة ، والموضع عرفات ، قاله الضحاك. وقيل غير هذا لما تقدم ذكره عند قوله تعالى : {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [البقرة : 128]. قال ابن عطية : والظاهر أن اسمه مرتجل كسائر أسماء البقاع. وعرفة هي نعمان الأراك ، وفيها يقول الشاعر : تزودت من نعمان عوذ أراكة ... لهند ولكن لم يبلغه هندا وقيل : هي مأخوذة من العرف وهو الطيب ، قال الله تعالى : {عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد : 6] أي طيبها ، فهي طيبة بخلاف منى التي فيها الفروث والدماء ، فلذلك سميت عرفات. ويوم الوقوف ، يوم عرفة. وقال بعضهم : أصل هذين الاسمين من الصبر ، يقال : رجل عارف. إذا كان صابرا خاشعا ويقال في المثل : النفس عروف وما حملتها تتحمل. قال : فصبرت عارفة لذلك حرة أي نفس صابرة. وقال ذو الرمة : عروف لما خطت عليه المقادر أي صبور على قضاء الله ، فسمي بهذا الاسم لخضوع الحاج وتذللهم ، وصبرهم على الدعاء وأنواع البلاء واحتمال الشدائد ، لإقامة هذه العبادة. الثالثة : أجمع أهل العلم على أن من وقف بعرفة يوم عرفة قبل الزوال ثم أفاض منها قبل الزوال أنه لا يعتد بوقوفه ذلك قبل الزوال. وأجمعوا على تمام حج من وقف بعرفة (2/415) ________________________________________ بعد الزوال وأفاض نهارا قبل الليل ، إلا مالك بن أنس فإنه قال : لا بد أن يأخذ من الليل شيئا. وأما من وقف بعرفة بالليل فإنه لا خلاف بين الأمة في تمام حجه. والحجة للجمهور مطلق قوله تعالى : {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} ولم يخص ليلا من نهار ، وحديث عروة بن مضرس قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الموقف من جمع ، فقلت يا رسول الله ، جئتك من جبلي طيء أكللت مطيتي ، وأتعبت نفسي ، والله إن تركت من جبل إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صلى معنا صلاة الغداة بجمع وقد أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد قضى تفثه وتم حجه" . أخرجه غير واحد من الأئمة ، منهم أبو داود والنسائي والدارقطني واللفظ له وقال الترمذي : حديث حسن صحيح. وقال أبو عمر : حديث عروة بن مضرس الطائي حديث ثابت صحيح ، رواه جماعة من أصحاب الشعبي الثقات عن الشعبي عن عروة بن مضرس ، منهم إسماعيل بن أبي خالد وداود بن أبي هند وزكريا بن أبي زائدة وعبدالله بن أبي السفر ومطرف ، كلهم عن الشعبي عن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام. وحجة مالك من السنة الثابتة : حديث جابر الطويل ، خرجه مسلم ، وفيه : فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص. وأفعاله على الوجوب ، لا سيما في الحج وقد قال : "خذوا عني مناسككم" . الرابعة : واختلف الجمهور فيمن أفاض قبل غروب الشمس ولم يرجع ماذا عليه مع صحة الحج ، فقال عطاء وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي وغيرهم : (2/416) ________________________________________ عليه دم. وقال الحسن البصري : عليه هدي. وقال ابن جريج : عليه بدنة. وقال مالك : عليه حج قابل ، والهدي ينحره في حج قابل ، وهو كمن فاته الحج. فإن عاد إلى عرفة حتى يدفع بعد مغيب الشمس فقال الشافعي : لا شيء عليه ، وهو قول أحمد وإسحاق وداود ، وبه قال الطبري. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري : لا يسقط عنه الدم وإن رجع بعد غروب الشمس ، وبذلك قال أبو ثور. الخامسة : ولا خلاف بين العلماء في أن الوقوف بعرفة راكبا لمن قدر عليه أفضل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك وقف إلى أن دفع منها بعد غروب الشمس ، وأردف أسامة بن زيد ، وهذا محفوظ في حديث جابر الطويل وحديث علي ، وفي حديث ابن عباس أيضا. قال جابر : "ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف ، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات ، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص ، وأردف أسامة بن زيد خلفه..." الحديث. فإن لم يقدر على الركوب وقف قائما على رجليه داعيا ، ما دام يقدر ، ولا حرج عليه في الجلوس إذا لم يقدر على الوقوف ، وفي الوقوف راكبا مباهاة وتعظيم للحج {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج : 32]. قال ابن وهب في موطئه قال لي مالك : الوقوف بعرفة على الدواب والإبل أحب إلي من أن أقف قائما ، قال : ومن وقف قائما فلا بأس أن يستريح. السادسة : ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أسامة بن زيد أنه عليه السلام "كان إذا أفاض من عرفة يسير العنق فإذا وجد فجوة نصَّ" قال هشام بن عروة : والنص فوق العنق (2/417) ________________________________________ وهكذا ينبغي على أئمة الحاج فمن دونهم ، لأن في استعجال السير إلى المزدلفة استعجال الصلاة بها ، ومعلوم أن المغرب لا تصلى تلك الليلة إلا مع العشاء بالمزدلفة ، وتلك سنتها ، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. السابعة : ظاهر عموم القرآن والسنة الثابتة يدل على أن عرفة كلها موقف ، قال صلى الله عليه وسلم : "ووقفت ههنا وعرفة كلها موقف" رواه مسلم وغيره من حديث جابر الطويل. وفي موطأ مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن مُحَسّر" . قال ابن عبدالبر : هذا الحديث يتصل من حديث جابر بن عبدالله ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث علي بن أبي طالب ، وأكثر الآثار ليس فيها استثناء بطن عرنة من عرفة ، وبطن محسر من المزدلفة ، وكذلك نقلها الحفاظ الثقات الإثبات من أهل الحديث في حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر. قال أبو عمر : واختلف الفقهاء فيمن وقف بعرفة بعرنة ، فقال مالك فيما ذكر ابن المنذر عنه : يهريق دما وحجه تام. وهذه رواية رواها خالد بن نزار عن مالك. وذكر أبو المصعب أنه كمن لم يقف وحجه فائت ، وعليه الحج من قابل إذا وقف ببطن عرنة. وروي عن ابن عباس قال : من أفاض من عرنة فلا حج له. وهو قول ابن القاسم وسالم ، وذكر ابن المنذر هذا القول عن الشافعي ، قال وبه أقول : لا يجزيه أن يقف بمكان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يوقف به. قال ابن عبدالبر : الاستثناء ببطن عرنة من عرفة لم يجىء مجيئا تلزم حجته ، لا من جهة النقل ولا من جهة الإجماع. وحجة من ذهب مذهب أبي المصعب أن الوقوف بعرفة فرض مجمع عليه في موضع معين ، فلا يجوز أداؤه إلا بيقين ، ولا يقين مع الاختلاف. وبطن عرنة يقال بفتح الراء وضمها ، وهو بغربي مسجد عرفة ، حتى "لقد قال بعض العلماء : إن الجدار الغربي من مسجد عرفة لو سقط سقط في بطن عرنة. وحكى الباجي عن ابن حبيب أن عرفة في الحل ، وعرنة في الحرم. قال أبو عمر : (2/418) | |
|