منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 7 أكتوبر - 15:17

________________________________________
وأما بطن محسر فذكر وكيع : حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم "أوضع في بطن مُحَسّر"
الثامنة : ولا بأس بالتعريف في المساجد يوم عرفة بغير عرفة ، تشبيها بأهل عرفة. روى شعبة عن قتادة عن الحسن قال : أول من صنع ذلك ابن عباس بالبصرة. يعني اجتماع الناس يوم عرفة في المسجد بالبصرة. وقال موسى بن أبي عائشة : رأيت عمر بن حريث يخطب يوم عرفة وقد اجتمع الناس إليه. وقال الأثرم : سألت أحمد بن حنبل عن التعريف في الأمصار ، يجتمعون يوم عرفة ، فقال : أرجو ألا يكون به بأس ، قد فعله غير واحد : الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع ، كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة.
التاسعة : في فضل يوم عرفة ، يوم عرفة فضله عظيم وثوابه جسيم ، يكفر الله فيه الذنوب العظام ، ويضاعف فيه الصالح من الأعمال ، قال صلى الله عليه وسلم : "صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية" . أخرجه الصحيح. وقال صلى الله عليه وسلم : "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له" . وروى الدارقطني عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عددا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو عز وجل ثم يباهي بهم الملائكة يقول ما أراد هؤلاء" . وفي الموطأ عن عبيدالله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أدحر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر". قيل : وما رأى يوم بدر يا رسول الله ؟ قال : "أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة" . قال أبو عمر : روى هذا الحديث أبو النضر إسماعيل بن إبراهيم العجلي عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن طلحة بن عبيد بن كريز عن أبيه ، ولم يقل في هذا الحديث عن أبيه غيره
(2/419)
________________________________________
وليس بشيء ، والصواب ما في الموطأ. وذكر الترمذي الحكيم في نوادر الأصول : حدثنا حاتم بن نعيم التميمي أبو روح قال حدثنا هشام بن عبدالملك أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا عبدالقاهر بن السري السلمي قال حدثني ابن لكنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه عن جده عباس بن مرداس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة بالمغفرة والرحمة ، وأكثر الدعاء فأجابه : إني قد فعلت إلا ظلم بعضهم بعضا فأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها. قال : يا رب إنك قادر أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم فلم يجبه تلك العشية ، فلما كان الغداة غداة المزدلفة اجتهد في الدعاء فأجابه : إني قد غفرت لهم ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل له : تبسمت يا رسول الله في ساعة لم تكن تتبسم فيها ؟ فقال : تبسمت من عدو الله إبليس إنه لما علم أن الله قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ويحثي التراب على رأسه ويفر". وذكر أبو عبدالغني الحسن بن علي حدثنا عبدالرزاق حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا كان يوم عرفة غفر الله للحاج الخالص وإذا كان ليلة المزدلفة غفر الله للتجار وإذا كان يوم منى غفر الله للجمالين وإذا كان يوم جمرة العقبة غفر الله للسؤال ولا يشهد ذلك الموقف خلق ممن قال لا إله إلا الله إلا غفر له" . قال أبو عمر : هذا حديث غريب من حديث مالك ، وليس محفوظا عنه إلا من هذا الوجه ، وأبو عبدالغني لا أعرفه ، وأهل العلم ما زالوا يسامحون أنفسهم في روايات الرغائب والفضائل عن كل أحد ، وإنما كانوا يتشددون في أحاديث الأحكام.
العاشرة : استحب أهل العلم صوم يوم عرفة إلا بعرفة. روى الأئمة واللفظ للترمذي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة ، وأرسلت إليه أم الفضل بلبن فشرب. قال : حديث حسن صحيح. وقد روي عن ابن عمر قال : "حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم
(2/420)
________________________________________
فلم يصمه - يعني يوم عرفة - ومع أبي بكر فلم يصمه ، ومع عمر فلم يصمه" والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، يستحبون الإفطار بعرفة ليتقوى به الرجل على الدعاء ، وقد صام بعض أهل العلم يوم عرفة بعرفة. وأسند عن ابن عمر مثل الحديث الأول ، وزاد في آخره : ومع عثمان فلم يصمه ، وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه ، حديث حسن. وذكره ابن المنذر. وقال عطاء في صوم يوم عرفة : أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف. وقال يحيى الأنصاري : يجب الفطر يوم عرفة. وكان عثمان بن أبي العاصي وابن الزبير وعائشة يصومون يوم عرفة. قال ابن المنذر : الفطر يوم عرفة بعرفات أحب إلي ، اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والصوم بغير عرفة أحب إلي ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن صوم يوم عرفة فقال : "يكفر السنة الماضية والباقية" . وقد روينا عن عطاء أنه قال : من أفطر يوم عرفة ليتقوى على الدعاء فإن له مثل أجر الصائم.
الحادية عشرة : قوله تعالى : {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} أي اذكروه بالدعاء والتلبية عند المشعر الحرام. ويسمى جمعا لأنه يجمع ثم المغرب والعشاء ، قاله قتادة. وقيل : لاجتماع آدم فيه مع حواء ، وازدلف إليها ، أي دنا منها ، وبه سميت المزدلفة. ويجوز أن يقال : سميت بفعل أهلها ، لأنهم يزدلفون إلى الله ، أي يتقربون بالوقوف فيها. وسمي مشعرا من الشعار وهو العلامة ، لأنه معلم للحج والصلاة والمبيت به ، والدعاء عنده من شعائر الحج. ووصف بالحرام لحرمته.
الثانية عشرة : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا. وأجمع أهل العلم - لا اختلاف بينهم - أن السنة أن يجمع الحاج بجمع بين المغرب والعشاء. واختلفوا فيمن صلاها قبل أن يأتي جمعا ، فقال مالك : من وقف مع الإمام ودفع بدفعه فلا يصلي حتى يأتي المزدلفة فيجمع بينها ، واستدل على ذلك بقوله لأسامة بن زيد : "الصلاة أمامك" . قال ابن حبيب : من صلى قبل أن يأتي المزدلفة دون
(2/421)
________________________________________
عذر يعيد متى ما علم ، بمنزلة من قد صلى قبل الزوال ، لقوله عليه السلام : "الصلاة أمامك" . وبه قال أبو حنيفة. وقال أشهب : لا إعادة عليه ، إلا أن يصليهما قبل مغيب الشفق فيعيد العشاء وحدها ، وبه قال الشافعي ، وهو الذي نصره القاضي أبو الحسن ، واحتج له بأن هاتين صلاتان سن الجمع بينهما ، فلم يكن ذلك شرطا في صحتهما ، وإنما كان على معنى الاستحباب ، كالجمع بين الظهر والعصر بعرفة. واختار ابن المنذر هذا القول ، وحكاه عن عطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسعيد بن جبير وأحمد وإسحاق وأبي ثور ويعقوب. وحكي عن الشافعي أنه قال : لا يصلي حتى يأتي المزدلفة ، فإن أدركه نصف الليل قبل أن يأتي المزدلفة صلاهما.
الثالثة عشرة : ومن أسرع فأتى المزدلفة قبل مغيب الشفق فقد قال ابن حبيب : لا صلاة لمن عجل إلى المزدلفة قبل مغيب الشفق ، لا لإمام ولا غيره حتى يغيب الشفق ، لقوله عليه السلام : "الصلاة أمامك" ثم صلاها بالمزدلفة بعد مغيب الشفق ومن جهة المعنى أن وقت هذه الصلاة بعد مغيب الشفق ، فلا يجوز أن يؤتى بها قبله ، ولو كان لها وقت قبل مغيب الشفق لما أخرت عنه.
الرابعة عشرة : وأما من أتى عرفة بعد دفع الإمام ، أو كان له عذر ممن وقف مع الإمام فقد قال ابن المواز : من وقف بعد الإمام فليصل كل صلاة لوقتها. وقال مالك فيمن كان له عذر يمنعه أن يكون مع الإمام : إنه يصلي إذا غاب الشفق الصلاتين يجمع بينهما. وقال ابن القاسم فيمن وقف بعد الإمام : إن رجا أن يأتي المزدلفة ثلث الليل فليؤخر الصلاة حتى يأتي المزدلفة ، وإلا صلى كل صلاة لوقتها. فجعل ابن المواز تأخير الصلاة إلى المزدلفة لمن وقف مع الإمام دون غيره ، وراعى مالك الوقت دون المكان ، واعتبر ابن القاسم الوقت المختار للصلاة والمكان ، فإذا خاف فوات الوقت المختار بطل اعتبار المكان ، وكان مراعاة وقتها المختار أولى.
(2/422)
________________________________________
الخامسة عشرة : اختلف العلماء في هيئة الصلاة بالمزدلفة على وجهين : أحدهما : الأذان والإقامة. والآخر : هل يكون جمعهما متصلا لا يفصل بينهما بعمل ، أو يجوز العمل بينهما وحط الرحال ونحو ذلك ، فأما الأذان والإقامة فثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بأذان واحد وإقامتين. أخرجه الصحيح من حديث جابر الطويل ، وبه قال أحمد بن حنبل وأبو ثور وابن المنذر. وقال مالك : يصليهما بأذانين وإقامتين ، وكذلك الظهر والعصر بعرفة ، إلا أن ذلك في أول وقت الظهر بإجماع. قال أبو عمر : لا أعلم فيما قاله مالك حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه ، ولكنه روي عن عمر بن الخطاب ، وزاد ابن المنذر ابن مسعود. ومن الحجة لمالك في هذا الباب من جهة النظر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن في الصلاتين بمزدلفة وعرفة أن الوقت لهما جميعا وقت واحد ، وإذا كان وقتهما واحدا وكانت كل صلاة تصلى في وقتها لم تكن واحدة منهما أولى بالأذان والإقامة من الأخرى ، لأن ليس واحدة منهما تقضى ، وإنما هي صلاة تصلى في وقتها ، وكل صلاة صليت في وقتها سنتها أن يؤذن لها وتقام في الجماعة ، وهذا بين ، والله أعلم. وقال آخرون : أما الأولى منهما فتصلى بأذان وإقامة ، وأما الثانية فتصلى بلا أذان ولا إقامة. قالوا : وإنما أمر عمر بالتأذين الثاني لأن الناس قد تفرقوا لعشائهم فأذن ليجمعهم. قالوا : وكذلك نقول إذا تفرق الناس عن الإمام لعشاء أو غيره ، أمر المؤذنين فأذنوا ليجمعهم ، وإذا أذن أقام. قالوا : فهذا معنى ما روي عن عمر ، وذكروا حديث عبدالرحمن بن يزيد قال : كان ابن مسعود يجعل العشاء بالمزدلفة بين الصلاتين ، وفي طريق أخرى وصلى كل صلاة بأذان وإقامة ، ذكره عبدالرزاق. وقال آخرون : تصلى الصلاتان جميعا بالمزدلفة بإقامة ولا أذان في شيء منهما ، روي عن ابن عمر وبه قال الثوري. وذكر عبدالرزاق وعبدالملك بن الصباح عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال : "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع ، صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة" وقال آخرون : تصلى الصلاتان جميعا
(2/423)
________________________________________
بين المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامة واحدة. وذهبوا في ذلك إلى ما رواه هشيم عن يونس بن عبيد عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامة واحدة ، لم يجعل بينهما شيئا. وروي مثل هذا مرفوعا من حديث خزيمة بن ثابت ، وليس بالقوي. وحكى الجوزجاني عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنهما تصليان بأذان واحد وإقامتين ، يؤذن للمغرب ويقام للعشاء فقط. وإلى هذا ذهب الطحاوي لحديث جابر ، وهو القول الأول وعليه المعول. وقال آخرون : تصلى بإقامتين دون أذان لواحدة منهما. وممن قال ذلك الشافعي وأصحابه وإسحاق وأحمد بن حنبل في أحد قوليه ، وهو قول سالم بن عبدالله والقاسم بن محمد ، واحتجوا بما ذكره عبدالرزاق عن معمر عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المزدلفة جمع بين المغرب والعشاء ، صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة لكل واحدة منهما ولم يصل بينهما شيئا" قال أبو عمر : والآثار عن ابن عمر في هذا القول من أثبت ما روي عنه في هذا الباب ، ولكنها محتملة للتأويل ، وحديث جابر لم يختلف فيه ، فهو أولى ، ولا مدخل في هذه المسألة للنظر ، وإنما فيها الاتباع.
السادسة عشرة : وأما الفصل بين الصلاتين بعمل غير الصلاة فثبت عن أسامة بن زيد "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت الصلاة فصلاها ، ولم يصل بينهما شيئا" في رواية : "ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلى ثم حلوا" وقد ذكرنا آنفا عن ابن مسعود أنه كان يجعل العشاء بين الصلاتين ، ففي هذا جواز الفصل بين الصلاتين بجمع. وقد سئل مالك فيمن أتى المزدلفة : أيبدأ بالصلاة أو يؤخر حتى يحط عن راحلته ؟ فقال :
(2/424)
________________________________________
أما الرحل الخفيف فلا بأس أن يبدأ به قبل الصلاة ، وأما المحامل والزوامل فلا أرى ذلك ، وليبدأ بالصلاتين ثم يحط عن راحلته. وقال أشهب في كتبه : له حط رحله قبل الصلاة ، وحطه له بعد أن يصلي المغرب أحب إلي ما لم يضطر إلى ذلك ، لما بدابته من الثقل ، أو لغير ذلك من العذر. وأما التنفل بين الصلاتين فقال ابن المنذر : ولا أعلمهم يختلفون أن من السنة ألا يتطوع بينهما الجامع بين الصلاتين وفي حديث أسامة : ولم يصل بينهما شيئا.
السابعة عشرة : وأما المبيت بالمزدلفة فليس ركنا في الحج عند الجمهور. واختلفوا فيما يجب على من لم يبت بالمزدلفة ليلة النحر ولم يقف بجمع ، فقال مالك : من لم يبت بها فعليه دم ، ومن قام بها أكثر ليله فلا شيء عليه ، لأن المبيت بها ليلة النحر سنة مؤكدة عند مالك وأصحابه ، لا فرض ، ونحوه قول عطاء والزهري وقتادة وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي فيمن لم يبت. وقال الشافعي : إن خرج منها بعد نصف الليل فلا شيء عليه ، وإن خرج قبل نصف الليل فلم يعد إلى المزدلفة افتدى ، والفدية شاة. وقال عكرمة والشعبي والنخعي والحسن البصري : الوقوف بالمزدلفة فرض ، ومن فاته جمع ولم يقف فقد فاته الحج ، ويجعل إحرامه عمرة. وروي ذلك عن ابن الزبير هو قول الأوزاعي. وروي عن الثوري مثل ذلك ، والأصح عنه أن الوقوف بها سنة مؤكدة. وقال حماد بن. أبي سليمان. من فاتته الإفاضة من جمع فقد فاته الحج ، وليتحلل بعمرة ثم ليحج قابلا. واحتجوا بظاهر الكتاب والسنة ، فأما الكتاب فقول الله تعالى : {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم : "من أدرك جمعا فوقف مع الناس حتى يفيض فقد أدرك ومن لم يدرك ذلك فلا حج له" . ذكره ابن المنذر. وروى الدارقطني عن عروة بن مضرس : قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بجمع فقلت له : يا رسول الله ، هل لي من حج ؟ فقال : "من صلى معنا هذه الصلاة ثم وقف معنا حتى نفيض وقد أفاض قبل ذلك من عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه" .
(2/425)
________________________________________
قال الشعبي : من لم يقف بجمع جعلها عمرة. وأجاب من احتج للجمهور بأن قال : أما الآية فلا حجة فيها على الوجوب في الوقوف ولا المبيت ، إذ ليس ذلك مذكورا فيها ، وإنما فيها مجرد الذكر. وكل قد أجمع أنه لو وقف بمزدلفة ولم يذكر الله أن حجه تام ، فإذا لم يكن الذكر المأمور به من صلب الحج فشهود الموطن أولى بألا يكون كذلك. قال أبو عمر : وكذلك أجمعوا أن الشمس إذا طلعت يوم النحر فقد فات وقت الوقوف بجمع ، وإن من أدرك الوقوف بها قبل طلوع الشمس فقد أدرك ، ممن يقول إن ذلك فرض ، ومن يقول إن ذلك سنة. وأما حديث عروة بن مضرس فقد جاء في بعض طرقه بيان الوقوف بعرفة دون المبيت بالمزدلفة ، ومثله حديث عبدالرحمن بن يعمر الديلي قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة ، وأتاه ناس من أهل نجد فسألوه عن الحج ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحج عرفة من أدركها قبل أن يطلع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه" رواه النسائي قال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان - يعني الثوري - عن بكير بن عطاء عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي قال : شهدت... ، فذكره. ورواه ابن عيينة عن بكير عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "الحج عرفات فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه" . وقوله في حديث عروة : "من صلى صلاتنا هذه" . فذكر الصلاة بالمزدلفة ، فقد أجمع العلماء أنه لو بات بها ووقف ونام عن الصلاة فلم يصل مع الإمام حتى فاتته أن حجه تام. فلما كان حضور الصلاة مع الإمام ليس من صلب الحج كان الوقوف بالموطن الذي تكون فيه الصلاة أحرى أن يكون كذلك. قالوا : فلم يتحقق بهذا الحديث ذلك الفرض إلا بعرفة خاصة.
الثامنة عشرة : قوله تعالى : {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} كرر الأمر تأكيدا ، كما تقول : ارم. ارم. وقيل : الأول أمر بالذكر عند المشعر الحرام. والثاني أمر بالذكر على حكم الإخلاص وقيل : المراد بالثاني تعديد النعمة وأمر بشكرها ، ثم ذكرهم بحال ضلالهم ليظهر
(2/426)
________________________________________
قدر الإنعام فقال : {وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} والكاف في "كما" نعت لمصدر محذوف ، و" ما" مصدرية أو كافة والمعنى : اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة ، واذكروه كما علمكم كيف تذكرونه لا تعدلوا عنه. و"إن" مخففة من الثقيلة ، يدل على ذلك دخول اللام في الخبر ، قال سيبويه. الفراء : نافية بمعنى ما ، واللام بمعنى إلا ، كما قال :
ثكلتك أمك إن قتلت لمسلما ... حلت عليك عقوبة الرحمن
أو بمعنى قد أي قد كنتم ثلاثة أقوال والضمير في "قبله" عائد إلى الهدي. وقيل إلى القرآن ، أي ما كنتم من قبل إنزاله إلا ضالين. وإن شئت على النبي صلى الله عليه وسلم كناية عن غير مذكور ، والأول أظهر والله أعلم.
الآية : 199 {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} قيل : الخطاب للحمس ، فإنهم كانوا لا يقفون مع الناس بعرفات ، بل كانوا يقفون بالمزدلفة وهي من الحرم ، وكانوا يقولون : نحن قطين الله ، فينبغي لنا أن نعظم الحرم ، ولا نعظم شيئا من الحل ، وكانوا مع معرفتهم وإقرارهم إن عرفة موقف إبراهيم عليه السلام لا يخرجون من الحرم ، ويقفون بجمع ويفيضون منه ويقف الناس بعرفة ، فقيل لهم : أفيضوا مع الجملة. و"ثم" ليست في هذه الآية للترتيب وإنما هي لعطف جملة كلام هي منها منقطعة. وقال الضحاك : المخاطب بالآية جملة الأمة ، والمراد بـ "الناس" إبراهيم عليه السلام ، كما قال : {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران : 173] وهو يريد واحدا. ويحتمل على هذا أن يؤمروا بالإفاضة من عرفة ، ويحتمل أن تكون إفاضة أخرى ، وهي التي من المزدلفة ، فتجيء "ثم" على هذا الاحتمال على بابها ، وعلى هذا الاحتمال عول
(2/427)
________________________________________
الطبري. والمعنى : أفيضوا من حيت أفاض إبراهيم من مزدلفة جمع ، أي ثم أفيضوا إلى منى لأن الإفاضة من عرفات قبل الإفاضة من جمع.
قلت : ويكون في هذا حجة لمن أوجب الوقوف بالمزدلفة ، للأمر بالإفاضة منها ، والله أعلم والصحيح في تأويل هذه الآية من القولين القول الأول. روى الترمذي عن عائشة قالت : كانت قريش ومن كان على دينها وهم الحمس يقفون بالمزدلفة يقولون : نحن قطين الله ، وكان من سواهم يقفون بعرفة ، فأنزل الله تعالى : {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} هذا حديث حسن صحيح. وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت : الحمس هم الذين أنزل الله فيهم : {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} قالت : كان الناس يفيضون من عرفات ، وكان الحمس يفيضون من المزدلفة ، يقولون : لا نفيض إلا من الحرم ، فلما نزلت : {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} رجعوا إلى عرفات. وهذا نص صريح ، ومثله كثير صحيح ، فلا معول على غيره من الأقوال. والله المستعان. وقرأ سعيد بن جبير "الناسي" وتأويله آدم عليه السلام ، لقوله تعالى : {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه : 115]. ويجوز عند بعضهم تخفيف الياء فيقول الناس ، كالقاض والهاد. ابن عطية : أما جوازه في العربية فذكره سيبويه ، وأما جوازه مقروءا به فلا أحفظه. وأمر تعالى بالاستغفار لأنها مواطنه ، ومظان القبول ومساقط الرحمة. وقالت فرقة : المعنى واستغفروا الله من فعلكم الذي كان مخالفا لسنة إبراهيم في وقوفكم بقزح من المزدلفة دون عرفة.
الثانية : روى أبو داود عن علي قال : فلما أصبح - يعني النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قزح فقال : "هذا قزح وهو الموقف وجمع كلها موقف ونحرت ههنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم" . فحكم الحجيج إذا دفعوا من عرفة إلى المزدلفة أن يبيتوا بها ثم يغلس بالصبح الإمام بالناس ويقفون بالمشعر الحرام. وقزح هو الجبل الذي يقف عليه الإمام ، ولا يزالون يذكرون الله ويدعون إلى قرب طلوع الشمس ، ثم يدفعون قبل الطلوع ، على مخالفة العرب ، فإنهم كانوا يدفعون بعد الطلوع ويقولون : أشرق ثبير ، كيما نغير ، أي كيما نقرب
(2/428)
________________________________________
من التحلل فنتوصل إلى الإغارة. وروى البخاري عن عمرو بن ميمون قال : شهدت عمر صلى بجمع الصبح ثم وقف فقال : إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون : أشرق ثبير ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم فدفع قبل أن تطلع الشمس. وروى ابن عيينة عن ابن جريج عن محمد بن مخرمة عن ابن طاوس عن أبيه أن أهل الجاهلية كانوا يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس ، وكانوا يدفعون من المزدلفة بعد طلوع الشمس ، فأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا وعجل هذا ، أخر الدفع من عرفة ، وعجل الدفع من المزدلفة مخالفا هدي المشركين.
الثالثة : فإذا دفعوا قبل الطلوع فحكمهم أن يدفعوا على هيئة الدفع من عرفة ، وهو أن يسير الإمام بالناس سير العنق ، فإذا وجد أحدهم فرجة زاد في العنق شيئا. والعنق : مشي للدواب معروف لا يجهل. والنص : فوق العنق ، كالخبب أو فوق ذلك. وفي صحيح مسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما وسئل : كيف كان يسير رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفة ؟ قال : كان يسير العنق ، فإذا وجد فجوة نص. قال هشام : والنص فوق العنق ، وقد تقدم. ويستحب له أن يحرك في بطن محسر قدر رمية بحجر ، فإن لم يفعل فلا حرج ، وهو من منى. وروى الثوري وغيره عن أبي الزبير عن جابر قال : دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه السكينة وقال لهم : "أوضعوا في وادي محسر" وقال لهم : "خذوا عني مناسككم" . فإذا أتوا منى وذلك غدوة يوم النحر ، رموا جمرة العقبة بها ضحى ركبانا إن قدروا ، ولا يستحب الركوب في غيرها من الجمار ، ويرمونها بسبع حصيات ، كل حصاة منها مثل حصى الخذف - على ما يأتي بيانه - فإذا رموها حل لهم كل ما حرم عليهم من اللباس
(2/429)
________________________________________
والتفث كله ، إلا النساء والطيب والصيد عند مالك وإسحاق في رواية أبي داود الخفاف عنه. وقال عمر بن الخطاب وابن عمر : يحل له كل شيء إلا النساء والطيب. ومن تطيب عند مالك بعد الرمي وقبل الإفاضة لم ير عليه فدية ، لما جاء في ذلك. ومن صاد عنده بعد أن رمى جمرة العقبة وقبل أن يفيض كان عليه الجزاء. وقال الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور : يحل له كل شيء إلا النساء ، وروي عن ابن عباس.
الرابعة : ويقطع الحاج التلبية بأول حصاة يرميها من جمرة العقبة ، وعلى هذا أكثر أهل العلم بالمدينة وغيرها ، وهو جائز مباح عند مالك. والمشهور عنه قطعها عند زوال الشمس من يوم عرفة ، على ما ذكر في موطئه عن علي ، وقال : هو الأمر عندنا.
قلت : والأصل في هذه الجملة من السنة ما رواه مسلم عن الفضل بن عباس ، وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا : "عليكم بالسكينة" وهو كاف ناقته حتى دخل محسرا وهو من منى قال : "عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة" ، وقال : لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة. في رواية : والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يخذف الإنسان. وفي البخاري عن عبدالله أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى جعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ، ورمى بسبع وقال : هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم وروى الدار قطني عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا رميتم وحلقتم وذبحتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء وحل لكم الثياب والطيب" . وفي البخاري عن عائشة قالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين ، حين أحرم ، ولحله حين أحل قبل أن يطوف ، وبسطت يديها. وهذا هو التحلل الأصغر عند العلماء. والتحلل الأكبر : طواف الإفاضة ، وهو الذي يحل النساء وجميع محظورات الإحرام وسيأتي ذكره في سورة "الحج" إن شاء الله تعالى.
(2/430)
________________________________________
الآية : 200 {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ}
الأولى : قوله تعالى : {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} قال مجاهد : المناسك الذبائح وهراقة الدماء وقيل : هي شعائر الحج ، لقوله عليه السلام : "خذوا عني مناسككم" . المعنى : فإذا فعلتم منسكا من مناسك الحج فاذكروا الله وأثنوا عليه بآلائه عندكم. وأبو عمرو يدغم الكاف في الكاف وكذلك "ما سلككم" لأنهما مثلان و"قضيتم" هنا بمعنى أديتم وفرغتم ، قال الله تعالى : {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} [الجمعة : 10] أي أديتم الجمعة. وقد يعبر بالقضاء عما فعل من العبادات خارج وقتها المحدود لها.
الثانية : قوله تعالى : {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ} كانت عادة العرب إذا قضت حجها تقف عند الجمرة ، فتفاخر بالآباء ، وتذكر أيام أسلافها من بسالة وكرم ، وغير ذلك ، حتى أن الواحد منهم ليقول : اللهم إن أبي كان عظيم القبة ، عظيم الجفنة ، كثير المال ، فأعطني مثل ما أعطيته فلا يذكر غير أبيه ، فنزلت الآية ليلزموا أنفسهم ذكر الله أكثر من التزامهم ذكر آبائهم أيام الجاهلية هذا قول جمهور المفسرين. وقال ابن عباس وعطاء والضحاك والربيع : معنى الآية واذكروا الله كذكر الأطفال آباءهم وأمهاتهم : أبه أمه ، أي فاستغيثوا به والجؤوا إليه كما كنتم تفعلون في حال صغركم بآبائكم. وقالت طائفة : معنى الآية اذكروا الله وعظموه وذبوا عن حرمه ، وادفعوا من أراد الشرك في دينه ومشاعره ، كما تذكرون آباءكم بالخير إذا غض أحد منهم ، وتحمون جوانبهم وتذبون عنهم. وقال أبو الجوزاء لابن عباس : إن الرجل اليوم لا يذكر أباه ، فما معنى الآية ؟ قال : ليس كذلك ، ولكن أن تغضب لله تعالى
(2/431)
________________________________________
إذا عصي أشد من غضبك لوالديك إذا شتما والكاف من قول "كذكركم" في موضع نصب ، أي ذكرا كذكركم. {أَوْ أَشَدُّ} قال الزجاج : "أو أشد" في موضع خفض عطفا على ذكركم ، المعنى : أو كأشد ذكرا ، ولم ينصرف لأنه "أفعل" صفة ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى أو اذكروه أشد. و" ذكرا "نصب على البيان.
قوله تعالى : {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا} "من" في موضع رفع بالابتداء وإن شئت بالصفة يقول "ربنا آتنا في الدنيا" صلة "من" والمراد المشركون. قال أبو وائل والسدي وابن زيد : كانت العرب في الجاهلية تدعو في مصالح الدنيا فقط ، فكانوا يسألون الإبل والغنم والظفر بالعدو ، ولا يطلبون الآخرة ، إذ كانوا لا يعرفونها ولا يؤمنون بها ، فنهوا عن ذلك الدعاء المخصوص بأمر الدنيا ، وجاء النهي في صيغة الخبر عنهم ويجوز أن يتناول هذا الوعيد المؤمن أيضا إذا قصر دعواته في الدنيا ، وعلى هذا فـ "ما له في الآخرة من خلاق" أي كخلاق الذي يسأل الآخرة والخلاق النصيب. و"من" زائدة وقد تقدم.
الآية : 201 {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : {وَمِنْهُمْ} أي من الناس ، وهم المسلمون يطلبون خير الدنيا والآخرة. واختلف في تأويل الحسنتين على أقوال عديدة ، فروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الحسنة في الدنيا المرأة الحسناء ، وفي الآخرة الحور العين. { وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} : المرأة السوء.
قلت : وهذا فيه بعد ، ولا يصح عن علي ، لأن النار حقيقة في النار المحرقة ، وعبارة المرأة عن النار تجوز. وقال قتادة : حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال. وقال الحسن : حسنة الدنيا العلم والعبادة. وقيل غير هذا. والذي عليه أكثر أهل العلم أن المراد بالحسنتين نعم الدنيا والآخرة. وهذا هو الصحيح ، فإن اللفظ يقتضي هذا كله ، فإن "حسنة"
(2/432)
________________________________________
نكرة في سياق الدعاء ، فهو محتمل لكل حسنة من الحسنات على البدل. وحسنة الآخرة : الجنة بإجماع. وقيل : لم يرد حسنة واحدة ، بل أراد : أعطنا في الدنيا عطية حسنة ، فحذف الاسم.
الثانية : قوله تعالى : {وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} أصل "قنا" أو قنا حذفت الواو كما حذفت في يقي ويشي ، لأنها بين ياء وكسرة ، مثل يعد ، هذا قول البصريين. وقال الكوفيون : حذفت فرقا بين اللازم والمتعدي. قال محمد بن يزيد : هذا خطأ ، لأن العرب تقول. ورم يرم ، فيحذفون الواو. والمراد بالآية الدعاء في ألا يكون المرء ممن يدخلها بمعاصيه وتخرجه الشفاعة. ويحتمل أن يكون دعاء مؤكدا لطلب دخول الجنة ، لتكون الرغبة في معنى النجاة والفوز من الطرفين ، كما قال أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم أنا إنما أقول في دعائي : اللهم أدخلني الجنة وعافني من النار ، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حولها ندندن" خرجه أبو داود في سننه وابن ماجة أيضا.
الثالثة : هذه الآية من جوامع الدعاء التي عمت الدنيا والآخرة. قيل لأنس : ادع الله لنا ، فقال : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. قالوا : زدنا. قال : ما تريدون قد سألت الدنيا والآخرة وفي الصحيحين عن أنس قال : كان أكثر دعوة يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" . قال : فكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها ، فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه. وفي حديث عمر أنه كان يطوف بالبيت وهو يقول : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. ما له هجيرى غيرها ، ذكره أبو عبيد. وقال ابن جريج : بلغني أنه كان يأمر أن يكون أكثر دعاء المسلم في الموقف هذه الآية : {رَبَّنَا آتِنَا
(2/433)
________________________________________
فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} . وقال ابن عباس : إن عند الركن ملكا قائما منذ خلق الله السموات والأرض يقول آمين ، فقولوا : "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" وسئل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت ، فقال عطاء : حدثني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "وكل به سبعون ملكا فمن قال اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمين..." الحديث. خرجه ابن ماجة في السنن ، وسيأتي بكماله مسندا في "الحج" إن شاء الله.
الآية : 202 {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} هذا يرجع إلى الفريق الثاني فريق الإسلام ، أي لهم ثواب الحج أو ثواب الدعاء ، فإن دعاء المؤمن عبادة. وقيل : يرجع "أولئك" إلى الفريقين ، فللمؤمن ثواب عمله ودعائه ، وللكافر عقاب شركه وقصر نظره على الدنيا ، وهو مثل قوله تعالى : {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} [الأنعام : 132].
الثانية : قوله تعالى : {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} من سرع يسرع - مثل عظم يعظم - سرعا وسرعة ، فهو سريع. "الحساب" : مصدر كالمحاسبة ، وقد يسمى المحسوب حسابا. والحساب العد ، يقال : حسب يحسب حسابا وحسابة وحُسبانا وحِسبانا وحسبا ، أي عد وأنشد ابن الأعرابي :
يا جمل أسقاك بلا حسابه ... سقيا مليك حسن الربابه
قتلتني بالدل والخلابه
(2/434)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: