منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 26 سبتمبر - 17:16

________________________________________
الخامسة : قوله تعالى : {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ} في الكلام حذف ، أي من يكن منكم مريضا أو مسافرا فأفطر فليقض. والجمهور من العلماء على أن أهل البلد إذا صاموا تسعة وعشرين يوما وفي البلد رجل مريض لم يصح فإنه يقضي تسعة وعشرين يوما. وقال قوم منهم الحسن بن صالح بن حي : إنه يقضي شهرا بشهر من غير مراعاة عدد الأيام. قال الكيا الطبري : وهذا بعيد ، لقوله تعالى : {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أخر} ولم يقل فشهر من أيام أخر. وقوله : "فعدة" يقتضي استيفاء عدد ما أفطر فيه ، ولا شك أنه لو أفطر بعض رمضان وجب قضاء ما أفطر بعده بعدده ، كذلك يجب أن يكون حكم إفطاره جميعه في اعتبار عدده.
السادسة- قوله تعالى : {فَعِدَّةٌ} ارتفع "عدة" على خبر الابتداء ، تقديره فالحكم أو فالواجب عدة ، ويصح فعليه عدة. وقال الكسائي : ويجوز فعدة ، أي فليصم عدة من أيام. وقيل : المعنى فعليه صيام عدة ، فحذف المضاف وأقيمت العدة مقامة. والعدة فعلة من العد ، وهي بمعنى المعدود ، كالطحن بمعنى المطحون ، تقول : أسمع جعجعة ولا أرى طحنا. ومنه عدة المرأة. {مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} لم ينصرف "أخر" عند سيبوبه لأنها معدولة عن الألف واللام ، لأن سبيل فعل من هذا الباب أن يأتي بالألف واللام ، نحو الكبر والفضل. وقال الكسائي : هي معدولة عن آخر ، كما تقول : حمراء وحمر ، فلذلك لم تنصرف. وقيل : منعت من الصرف لأنها على وزن جمع وهي صفة لأيام ، ولم يجيء أخرى لئلا يشكل بأنها صفة للعدة. وقيل : إن "أخر" جمع أخرى كأنه أيام أخرى ثم كثرت فقيل : أيام أخر. وقيل : إن نعت الأيام يكون مؤنثا فلذلك نعتت بأخر
السابعة : اختلف الناس في وجوب تتابعها على قولين ذكرهما الدار قطني في "سننه" ، فروي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : نزلت {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ متتابعات} فسقطت "متتابعات" قال هذا إسناد صحيح. وروي عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
(2/281)
________________________________________
"من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه" في إسناده عبدالرحمن بن إبراهيم ضعيف الحديث. وأسنده عن ابن عباس في قضاء رمضان "صمه كيف شئت". وقال ابن عمر : "صمه كما أفطرته". وأسند عن أبي عبيدة بن الجراح وابن عباس وأبي هريرة ومعاذ بن جبل وعمرو بن العاص. وعن محمد بن المنكدر قال : بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن تقطيع صيام رمضان فقال : "ذلك إليك أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضى الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاه فاللّه أحق أن يعفو ويغفر" . إسناده حسن إلا أنه مرسل ولا يثبت متصلا. وفي موطأ مالك عن نافع أن عبدالله بن عمر كان يقول : يصوم رمضان متتابعا من أفطره متتابعا من مرض أو في سفر. قال الباجي في المنتقى : يحتمل أن يريد الإخبار عن الوجوب ، ويحتمل أن يريد الإخبار عن الاستحباب ، وعلى الاستحباب جمهور الفقهاء. وإن فرقه أجزأه ، وبذلك قال مالك والشافعي. والدليل على صحة هذا قوله : {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ولم يخص متفرقة من متتابعة ، وإذا أتى بها متفرقة فقد صام عدة من أيام أخر ، فوجب أن يجزيه". ابن العربي : إنما وجب التتابع في الشهر لكونه معينا ، وقد عدم التعيين في القضاء فجاز التفريق.
الثامنة : لما قال تعالى : {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} دل ذلك على وجوب القضاء من غير تعيين لزمان ، لأن اللفظ مسترسل على الأزمان لا يختص ببعضها دون بعض. وفي الصحيحين عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان ، الشغل من رسول اللّه ، أو برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. في رواية : وذلك لمكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وهذا نص وزيادة بيان للآية. وذلك يرد على داود قوله : إنه يجب عليه قضاؤه ثاني شوال. ومن لم يصمه ثم مات فهو آثم عنده ، وبنى عليه أنه لو وجب عليه عتق رقبة فوجد رقبة تباع بثمن فليس له أن يتعداها ويشتري غيرها ، لأن الفرض عليه أن يعتق أول رقبة يجدها فلا يجزيه غيرها. ولو كانت عنده رقبة فلا يجوز له أن يشتري
(2/282)
________________________________________
غيرها ، ولو مات الذي عنده فلا يبطل العتق ، كما يبطل فيمن نذر أن يعتق رقبة بعينها فماتت يبطل نذره ، وذلك يفسد قوله. وقال بعض الأصوليين : إذا مات بعد مضي اليوم الثاني من شوال لا يعصي على شرط العزم. والصحيح أنه غير آثم ولا مفرط ، وهو قول الجمهور ، غير أنه يستحب له تعجيل القضاء لئلا تدركه المنية فيبقى عليه الفرض.
التاسعة : من كان عليه قضاء أيام من رمضان فمضت عليه عدتها من الأيام بعد الفطر أمكنه فيها صيامه فأخر ذلك ثم جاءه مانع منعه من القضاء إلى رمضان آخر فلا إطعام عليه ، لأنه ليس بمفرط حين فعل ما يجوز له من التأخير. هذا قول البغداديين من المالكيين ، ويرونه قول ابن القاسم في المدونة.
العاشرة : فإن أخر قضاءه عن شعبان الذي هو غاية الزمان الذي يقضى فيه رمضان فهل يلزمه لذلك كفارة أو لا ، فقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق : نعم. وقال أبو حنيفة والحسن والنخعي وداود : لا.
قلت : وإلى هذا ذهب البخاري لقوله ، ويذكر عن أبي هريرة مرسلا وابن عباس أنه يطعم ، ولم يذكر اللّه الإطعام ، إنما قال : {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
قلت : قد جاء عن أبي هريرة مسندا فيمن فرط في قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر قال : "يصوم هذا مع الناس ، ويصوم الذي فرط فيه ويطعم لكل يوم مسكينا" خرجه الدارقطني وقال : إسناد صحيح. وروي عنه مرفوعا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم في رجل أفطر في شهر رمضان من مرض ثم صح ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر قال : " يصوم الذي أدركه ثم يصوم الشهر الذي أفطر فيه ويطعم لكل يوم مسكينا" . في إسناده ابن نافع وابن وجيه ضعيفان.
الحادية عشرة : فإن تمادى به المرض فلم يصح حتى جاء رمضان آخر ، فروى الدارقطني عن ابن عمر "أنه يطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة ، ثم ليس عليه قضاء" وروي أيضا عن أبي هريرة أنه قال : "إذا لم يصح بين الرمضانين صام عن هذا وأطعم عن الثاني
(2/283)
________________________________________
ولا قضاء عليه ، وإذا صح فلم يصم حتى إذا أدركه رمضان آخر صام عن هذا وأطعم عن الماضي ، فإذا أفطر قضاه" إسناد صحيح. قال علماؤنا : وأقوال الصحابة على خلاف القياس قد يحتج بها. وروي عن ابن عباس أن رجلا جاء إليه فقال : مرضت رمضانين ؟ فقال له ابن عباس : "استمر بك مرضك ، أو صححت بينهما ؟ " فقال : بل صححت ، قال : "صم رمضانين وأطعم ستين مسكينا" وهذا بدل من قوله : إنه لو تمادى به مرضه لا قضاء عليه. وهذا يشبه مذهبهم في الحامل والمرضع أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما ، على ما يأتي.
الثانية عشرة : واختلف من أوجب عليه الإطعام في قدر ما يجب أن يطعم ، فكان أبو هريرة والقاسم بن محمد ومالك والشافعي يقولون : يطعم عن كل يوم مدا. وقال الثوري : يطعم نصف صاع عن كل يوم.
الثالثة عشرة : واختلفوا فيمن أفطر أو جامع في قضاء رمضان ماذا يجب عليه ، فقال مالك : من أفطر يوما من قضاء رمضان ناسيا لم يكن عليه شيء غير قضائه ، ويستحب له أن يتمادى فيه للاختلاف ثم يقضيه ، ولو أفطره عامدا أثم ولم يكن عليه غير قضاء ذلك اليوم ولا يتمادى ، لأنه لا معنى لكفه عما يكف الصائم ههنا إذ هو غير صائم عند جماعة العلماء لإفطاره عامدا. وأما الكفارة فلا خلاف عند مالك وأصحابه أنها لا تجب في ذلك ، وهو قول جمهور العلماء. قال مالك : ليس على من أفطر يوما من قضاء رمضان بإصابة أهله أو غير ذلك كفارة ، وإنما عليه قضاء ذلك اليوم. وقال قتادة : على من جامع في قضاء رمضان القضاء والكفارة. وروى ابن القاسم عن مالك أن من أفطر في قضاء رمضان فعليه يومان ، وكان ابن القاسم يفتي به ثم رجع عنه ثم قال : إن أفطر عمدا في قضاء القضاء كان عليه مكانه صيام يومين ، كمن أفسد حجه بإصابة أهله ، وحج قابلا فأفسد حجه أيضا بإصابة أهله كان عليه حجتان. قال أبو عمر : قد خالفه في الحج ابن وهب وعبدالملك ، وليس يجب القياس على أصل مختلف فيه. والصواب عندي - واللّه أعلم - أنه ليس عليه في الوجهين إلا قضاء يوم واحد ، لأنه يوم واحد أفسده مرتين.
(2/284)
________________________________________
قلت : وهو مقتضى قوله تعالى : {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فمتى أتى بيوم تام بدلا عما أفطره في قضاء رمضان فقد أتى بالواجب عليه ، ولا يجب عليه غير ذلك ، واللّه أعلم.
الرابعة عشرة : والجمهور على أن من أفطر في رمضان لعلة فمات من علته تلك ، أو سافر فمات في سفره ذلك أنه لا شيء عليه. وقال طاوس وقتادة في المريض يموت قبل أن يصح : يطعم عنه.
الخامسة عشرة : واختلفوا فيمن مات وعليه صوم من رمضان لم يقضه ، فقال مالك والشافعي والثوري : لا يصوم أحد عن أحد. وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور والليث وأبو عبيد وأهل الظاهر : يصام عنه ، إلا أنهم خصصوه بالنذر ، وروي مثله عن الشافعي. وقال أحمد وإسحاق في قضاء رمضان : يطعم عنه. احتج من قال بالصوم بما رواه مسلم عن عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" . إلا أن هذا عام في الصوم ، يخصصه ما رواه مسلم أيضا عن ابن عباس قال : جاءت امرأة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت : يا رسول اللّه ، إن أمي قد ماتت وعليها صوم نذر - وفي رواية صوم شهر - أفأصوم عنها ؟ قال : "أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها" قالت : نعم ، قال : "فصومي عن أمك" . احتج مالك ومن وافقه بقول سبحانه : {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام : 164] وقوله : {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النجم : 39] وقوله : {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا} [الأنعام : 164] وبما خرجه النسائي عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : "لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان يوم مدا من حنطة" .
قلت : وهذا الحديث عام ، فيحتمل أن يكون المراد بقوله : "لا يصوم أحد عن أحد" صوم رمضان. فأما صوم النذر فيجوز ، بدليل حديث ابن عباس وغيره ، فقد جاء في صحيح مسلم أيضا من حديث بريدة نحو حديث ابن عباس ، وفي بعض طرقه : صوم شهرين أفأصوم عنها ؟ قال : "صومي عنها" قالت : إنها لم تحج قط أفأحج عنها ؟ قال :
(2/285)
________________________________________
"حجي عنها" . فقولها : شهرين ، يبعد أن يكون رمضان ، واللّه أعلم. وأقوى ما يحتج به لمالك أنه عمل أهل المدينة ، ويعضده القياس الجليّ ، وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا تفعل عمن وجبت عليه كالصلاة. ولا ينقض هذا بالحج لأن للمال فيه مدخلا.
السادسة عشرة : استدل بهذه الآية من قال : إن الصوم لا ينعقد في السفر وعليه القضاء أبدا ، فإن اللّه تعالى يقول : {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي فعليه عدة ، ولا حذف في الكلام ولا إضمار وبقوله عليه الصلاة والسلام : "ليس من البر الصيام في السفر" .قال : ما لم يكن من البر فهو من الإثم ، فيدل ذلك على أن صوم رمضان لا يجوز في السفر]. والجمهور يقولون : فيه محذوف فأفطر ، كما تقدم. وهو الصحيح ، لحديث أنس قال : "سافرنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم" رواه مالك عن حميد الطويل عن أنس. وأخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال : "غزونا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان فمنا من صام ومنا من أفطر ، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم".
قوله تعالى : {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى : { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} قرأ الجمهور بكسر الطاء وسكون الياء ، وأصله يطوقونه نقلت الكسرة إلى الطاء وانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. وقرأ حميد على الأصل من غير اعتلال ، والقياس الاعتلال. ومشهور قراءة ابن عباس "يطوقونه" بفتح الطاء مخففة وتشديد الواو بمعنى يكلفونه. وقد روى مجاهد "يطيقونه" بالياء بعد الطاء على لفظ "يكيلونه" وهي باطلة ومحال ، لأن الفعل مأخوذ من الطوق ، فالواو لازمة واجبة فيه ولا مدخل للياء في هذا المثال. قال أبو بكر الأنباري : وأنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لأبي ذؤيب :
فقيل تحمل فوق طوقك إنها ... مطبعة من يأتها لا يضيرها
(2/286)
________________________________________
فأظهر الواو في الطوق ، وصح بذلك أن واضع الياء مكانها يفارق الصواب. وروى ابن الأنباري عن ابن عباس "يطيقونه" بفتح الياء وتشديد الطاء والياء مفتوحتين بمعنى يطيقونه ، يقال : طاق وأطاق وأطيق بمعنى. وعن ابن عباس أيضا وعائشة وطاوس وعمرو بن دينار "يطوقونه" بفتح الياء وشد الطاء مفتوحة ، وهي صواب في اللغة ، لأن الأصل يتطوقونه فأسكنت التاء وأدغمت في الطاء فصارت طاء مشددة ، وليست من القرآن ، خلافا لمن أثبتها قرآنا ، وإنما هي قراءة على التفسير. وقرأ أهل المدينة والشام "فدية طعام" مضافا "مساكين" جمعا. وقرأ ابن عباس "طعام مسكين" بالإفراد فيما ذكر البخاري وأبو داود والنسائي عن عطاء عنه. وهي قراءة حسنة ، لأنها بينت الحكم في اليوم ، واختارها أبو عبيد ، وهي قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي. قال أبو عبيد : فبينت أن لكل يوم إطعام واحد ، فالواحد مترجم عن الجميع ، وليس الجميع بمترجم عن واحد. وجمع المساكين لا يدري كم منهم في اليوم إلا من غير الآية. وتخرج قراءة الجمع في "مساكين" لما كان الذين يطيقونه جمع وكل واحد منهم يلزمه مسكين فجمع لفظه ، كما قال تعالى : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور : 4] أي اجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة ، فليست الثمانون متفرقة في جميعهم ، بل لكل واحد ثمانون ، قال معناه أبو عليّ. واختار قراءة الجمع النحاس قال : وما اختاره أبو عبيد مردود ، لأن هذا إنما يعرف بالدلالة ، فقد علم أن معنى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} أن لكل يوم مسكينا ، فاختيار هذه القراءة لترد جمعا على جمع. قال النحاس : واختار أبو عبيد أن يقرأ "فدية طعام" قال : لأن الطعام هو الفدية ، ولا يجوز أن يكون الطعام نعتا لأنه جوهر ولكنه يجوز على البدل ، وأبين من أن يقرأ "فدية طعام" بالإضافة ، لأن "فدية" مبهمة تقع للطعام وغيره ، قصار مثل قولك : هذا ثوب خز.
الثانية : واختلف العلماء في المراد بالآية ، فقيل : هي منسوخة. روى البخاري : "وقال ابن نمير حدثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة حدثنا ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم : نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن
(2/287)
________________________________________
يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} . وعلى هذا قراءة الجمهور "يطيقونه" أي يقدرون عليه ، لأن فرض الصيام هكذا : من أراد صام ومن أراد أطعم مسكينا. وقال ابن عباس : نزلت هده الآية رخصة للشيوخ والعجزة خاصة إذا أفطروا وهم يطيقون الصوم ، ثم نسخت بقوله {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} [البقرة : 185] فزالت الرخصة إلا لمن عجز منهم. قال الفراء : الضمير في "يطيقونه" يجوز أن يعود على الصيام ، أي وعلى الذين يطيقون الصيام أن يطعموا إذا أفطروا ، ثم نسخ بقوله : {وَأَنْ تَصُومُوا} ويجوز أن يعود على الفداء ، أي وعلى الذين يطيقون الفداء فدية. وأما قراءة "يطوقونه" على معنى يكلفونه مع المشقة اللاحقة لهم ، كالمريض والحامل فإنهما يقدران عليه لكن بمشقة تلحقهم في أنفسهم ، فإن صاموا أجزأهم وإن افتدوا فلهم ذلك. ففسر ابن عباس - إن كان الإسناد عنه صحيحا - "يطيقونه" بيطوقونه ويتكلفونه فأدخله بعض النقلة في القرآن. روى أبو داود عن ابن عباس {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ طَعَامٍ} قال : أثبتت للحبلى والمرضع. وروي عنه أيضا "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" قال : كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا ، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا. وخرج الدارقطني عنه أيضا قال : رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه ، هذا إسناد صحيح. وروي عنه أيضا أنه قال : "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام" ليست بمنسوخة ، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما ، فيطعما مكان كل يوم مسكينا ، وهذا صحيح. وروي عنه أيضا أنه قال لأم ولد له حبلى أو مرضع : أنت من الذين لا يطيقون الصيام ، عليك الجزاء ولا عليك القضاء ، وهذا إسناد صحيح. وفي رواية : كانت له أم ولد ترضع - من غير شك - فأجهدت فأمرها أن تفطر ولا تقضي ، هذا صحيح.
قلت : فقد ثبت بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس أن الآية ليست بمنسوخة وأنها محكمة في حق من ذكر. والقول الأول صحيح أيضا ، إلا أنه يحتمل أن يكون النسخ هناك
(2/288)
________________________________________
بمعنى التخصيص ، فكثيرا ما يطلق المتقدمون النسخ بمعناه ، واللّه أعلم. وقال الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والضحاك والنخعي والزهري وربيعة والأوزاعي وأصحاب الرأي : الحامل والمرضع يفطران ولا إطعام عليهما ، بمنزلة المريض يفطر ويقضي ، وبه قال أبو عبيد وأبو ثور. وحكى ذلك أبو عبيد عن أبي ثور ، واختاره ابن المنذر ، وهو قول مالك في الحبلى إن أفطرت ، فأما المرضع إن أفطرت فعليها القضاء والإطعام. وقال الشافعي وأحمد : يفطران ويطعمان ويقضيان ، وأجمعوا على أن المشايخ والعجائز الذين لا يطيقون الصيام أو يطيقونه على مشقة شديدة أن يفطروا. واختلفوا فيما عليهم ، فقال ربيعة ومالك : لا شيء عليهم ، غير أن مالكا قال : لو أطعموا عن كل يوم مسكينا كان أحب إليّ. وقال أنس وابن عباس وقيس بن السائب وأبو هريرة : عليهم الفدية. وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق ، اتباعا لقول الصحابة رضي اللّه عن جميعهم ، وقوله تعالى : {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ثم قال : {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} وهؤلاء ليسوا بمرضى ولا مسافرين ، فوجبت عليهم الفدية. والدليل لقول مالك : أن هذا مفطر لعذر موجود فيه وهو الشيخوخة والكبر فلم يلزمه إطعام كالمسافر والمريض. وروي هذا عن الثوري ومكحول ، واختاره ابن المنذر.
الثالثة : واختلف من أوجب الفدية على من ذكر في مقدارها ، فقال مالك : مد بمد النبي صلى اللّه عليه وسلم عن كل يوم أفطره ، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة : كفارة كل يوم صاع تمر أو نصف صاع بر. وروي عن ابن عباس نصف صاع من حنطة ، ذكره الدارقطني. وروي عن أبي هريرة قال : من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم فعليه لكل يوم مد من قمح. وروي عن أنس بن مالك أنه ضعف عن الصوم عاما فصنع جفنة من طعام ثم دعا بثلاثين مسكينا فأشبعهم.
الرابعة : قوله تعالى : {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} قال ابن شهاب : من أراد الإطعام مع الصوم. وقال مجاهد : من زاد في الإطعام على المد. ابن عباس : {فَمَنْ تَطَوَّعَ
(2/289)
________________________________________
خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} قال : مسكينا آخر فهو خير له. ذكره الدارقطني وقال : إسناد صحيح ثابت. و"خير" الثاني صفة تفضيل ، وكذلك الثالث و"خير" الأول. وقرأ عيسى بن عمرو ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي "يطوع خيرا" مشددا وجزم العين على معنى يتطوع. الباقون "تطوع" بالتاء وتخفيف الطاء وفتح العين على الماضي.
الخامسة : قوله تعالى : {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} أي والصيام خير لكم. وكذا قرأ أبيّ ، أي من الإفطار مع الفدية وكان هذا قبل النسخ. وقيل : {وَأَنْ تَصُومُوا} في السفر والمرض غير الشاق واللّه أعلم. وعلى الجملة فإنه يقتضي الحض على الصوم ، أي فاعلموا ذلك وصوموا.
الآية : 185 {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
فيه إحدى وعشرون مسألة :
الأولى- قوله تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ} قال أهل التاريخ : أول من صام رمضان نوح عليه السلام لما خرج من السفينة. وقد تقدم قول مجاهد : كتب اللّه رمضان على كل أمة ، ومعلوم أنه كان قبل نوح أمم ، واللّه أعلم. والشهر مشتق من الإشهار لأنه مشتهر لا يتعذر علمه على أحد يريده ، ومنه يقال : شهرت السيف إذا سللته. ورمضان مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش. والرمضاء ممدودة : شدة الحر ، ومنه الحديث : "صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال" . خرجه مسلم. ورمض الفصال أن تحرق الرمضاء أخفافها فتبرك من شدة حرها. فرمضان - فيما ذكروا - وافق شدة الحر ، فهو مأخوذ من الرمضاء. قال
(2/290)
________________________________________
الجوهري : وشهر رمضان يجمع على رمضانات وأرمضاء ، يقال إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها ، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسمي بذلك. وقيل : إنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها بالأعمال الصالحة ، من الإرماض وهو الإحراق ، ومنه رمضت قدمه من الرمضاء أي احترقت. وأرمضتني الرمضاء أي أحرقتني ، ومنه قيل : أرمضني الأمر. وقيل : لأن القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة في أمر الآخرة كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس. والرمضاء : الحجارة المحماة. وقيل : هو من رمضت النصل أرمضه وأرمضه رمضا إذا دققته بين حجرين ليرق. ومنه نصل رميض ومرموض - عن ابن السكيت - ، وسمي الشهر به لأنهم كانوا يرمضون أسلحتهم في رمضان ليحاربوا بها في شوال قبل دخول الأشهر الحرم. وحكى الماوردي أن اسمه في الجاهلية "ناتق" وأنشد للمفضل :
وفي ناتق أجلت لدى حومة الوغي ... وولت على الأدبار فرسان خثعما
و"شهر" بالرفع قراءة الجماعة على الابتداء ، والخبر {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} أو يرتفع على إضمار مبتدأ ، المعنى : المفروض عليكم صومه شهر رمضان ، أو فيما كتب عليكم شهر رمضان. ويجوز أن يكون "شهر" مبتدأ ، و {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} صفة ، والخبر {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} وأعيد ذكر الشهر تعظيما ، كقوله تعالى : {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة : 1 - 2]. وجاز أن يدخله معنى الجزاء ، لأن شهر رمضان وإن كان معرفة فليس معرفة بعينها لأنه شائع في جميع القابل ، قاله أبو علي. وروي عن مجاهد وشهر بن حوشب نصب "شهر" ، ورواها هارون الأعور عن أبي عمرو ، ومعناه : الزموا شهر رمضان أو صوموا. و {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} نعت له ، ولا يجوز أن ينتصب بتصوموا ، لئلا يفرق بين الصلة والموصول بخبر أن وهو {خَيْرٌ لَكُمْ} . الرماني : يجوز نصبه على البدل من قول {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} [البقرة : 184].
الثانية : واختلف هل يقال "رمضان" دون أن يضاف إلى شهر ، فكره ذلك مجاهد وقال : يقال كما قال اللّه تعالى. وفي الخبر : "لا تقولوا رمضان بل انسبوه كما نسبه اللّه في القرآن
(2/291)
________________________________________
فقال {شَهْرُ رَمَضَانَ} . وكان يقول : بلغني أنه اسم من أسماء اللّه. وكان يكره أن يجمع لفظه لهذا المعنى. ويحتج بما روي : رمضان اسم من أسماء اللّه تعالى ، وهذا ليس بصحيح فإنه من حديث أبي معشر نجيح وهو ضعيف. والصحيح جواز إطلاق رمضان من غير إضافة كما ثبت في الصحاح وغيرها. روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين" . وفي صحيح البستي عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "إذا كان رمضان فتحت له أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين" . وروي عن ابن شهاب عن أنس بن أبي أنس أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول... ، فذكره. قال البستي : أنس بن أبي أنس هذا هو والد مالك بن أنس ، واسم أبي أنس مالك بن أبي عامر من ثقات أهل المدينة ، وهو مالك ابن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن عثمان بن جثيل بن عمرو من ذي أصبح من أقيال اليمن. وروى النسائي عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض اللّه عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم" . وأخرجه أبو حاتم البستي أيضا وقال : فقوله "مردة الشياطين" تقييد لقوله : "صفدت الشياطين وسلسلت" . وروى النسائي أيضا عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لامرأة من الأنصار : "إذا كان رمضان فاعتمري فإن عمرة فيه تعدل حجة" . وروى النسائي أيضا عن عبدالرحمن بن عوف قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "إن اللّه تعالى فرض صيام رمضان [عليكم] وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" . والآثار في هذا كثيرة ، كلها بإسقاط شهر. وربما أسقطت العرب ذكر الشهر من رمضان.
(2/292)
________________________________________
قال الشاعر :
جارية في درعها الفضفاض ... أبيض من أخت بني إباض
جارية في رمضان الماضي ... تقطع الحديث بالإيماض
وفضل رمضان عظيم ، وثوابه جسيم ، يدل على ذلك معنى الاشتقاق من كونه محرقا للذنوب ، وما كتبناه من الأحاديث.
فرض اللّه صيام شهر رمضان أي مدة هلاله ، وبه سمي الشهر ، كما جاء في الحديث : "فإن غمي عليكم الشهر" أي الهلال ، وسيأتي ، وقال الشاعر :
أخوان من نجد على ثقة ... والشهر مثل قلامة الظفر
حتى تكامل في استدارته ... في أربع زادت على عشر
وفرض علينا عند غمة الهلال إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما ، وإكمال عدة رمضان ثلاثين يوما ، حتى ندخل في العبادة بيقين ونخرج عنها بيقين ، فقال في كتابه {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44]. وروى الأئمة الإثبات عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاكملوا العدد" في رواية "فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين" . وقد ذهب مطرف بن عبدالله بن الشخير وهو من كبار التابعين وابن قتيبة من اللغويين فقالا : يعول على الحساب عند الغيم بتقدير المنازل واعتبار حسابها في صوم رمضان ، حتى إنه لو كان صحوا لرؤي ، لقوله عليه السلام : "فإن أغمي عليكم فاقدروا له" أي استدلوا عليه بمنازله ، وقدروا إتمام الشهر بحسابه. وقال الجمهور : معنى "فاقدروا له" فأكملوا المقدار ، يفسره حديث أبي هريرة "فأكملوا العدة" . وذكر الداودي أنه قيل في معنى قوله "فاقدروا له" : أي قدروا المنازل. وهذا لا نعلم أحدا قال به إلا بعض أصحاب الشافعي أنه يعتبر في ذلك بقول المنجمين ، والإجماع حجة عليهم. وقد روى ابن نافع عن مالك في الإمام لا يصوم لرؤية الهلال ولا يفطر لرؤيته ، وإنما يصوم ويفطر على الحساب : إنه لا يقتدى به
(2/293)
________________________________________
ولا يتبع. قال ابن العربي : وقد زل بعض أصحابنا فحكى عن الشافعي أنه قال : يعول على الحساب ، وهي عثرة لا لعاً لها.
الرابعة : واختلف مالك والشافعي هل يثبت هلال رمضان. بشهادة واحد أو شاهدين ، فقال مالك : لا يقبل فيه شهادة الواحد لأنها شهادة على هلال فلا يقبل فيها أقل من اثنين ، أصله الشهادة على هلال شوال وذي الحجة. وقال الشافعي وأبو حنيفة : يقبل الواحد ، لما رواه أبو داود عن ابن عمر قال : تراءى الناس الهلال فأخبرت به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني رأيته ، فصام وأمر الناس بصيامه. وأخرجه الدارقطني وقال : تفرد به مروان بن محمد عن ابن وهب وهو ثقة. روى الدارقطني "أن رجلا شهد عند علي بن أبي طالب على رؤية هلال رمضان فصام ، أحسبه قال : وأمر الناس أن يصوموا ، وقال : أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان. قال الشافعي : فإن لم تر العامة هلال شهر رمضان ورآه رجل عدل رأيت أن أقبله للأثر والاحتياط. وقال الشافعي بعد : لا يجوز على رمضان إلا شاهدان. قال الشافعي وقال بعض أصحابنا : لا أقبل عليه إلا شاهدين ، وهو القياس على كل مغيب".
الخامسة : واختلفوا فيمن رأى هلال رمضان وحده أو هلال شوال ، فروى الربيع عن الشافعي : من رأى هلال رمضان وحده فليصمه ، ومن رأى هلال شوال وحده فليفطر ، وليخف ذلك. وروى ابن وهب عن مالك في الذي يرى هلال رمضان وحده أنه يصوم ، لأنه لا ينبغي له أن يفطر وهو يعلم أن ذلك اليوم من شهر رمضان. ومن رأى هلال شوال وحده فلا يفطر ، لأن الناس يتهمون على أن يفطر منهم من ليس مأمونا ، ثم يقول أولئك إذا ظهر عليهم : قد رأينا الهلال. قال ابن المنذر : وبهذا قال الليث بن سعد وأحمد بن حنبل. وقال عطاء وإسحاق : لا يصوم ولا يفطر. قال ابن المنذر : يصوم ويفطر
(2/294)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: