منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالإثنين 26 سبتمبر - 1:34




سورة النحل



الآية : 11 {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
قوله تعالى : {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} قرأ أبو بكر عن عاصم "ننبت" بالنون على التعظيم. العامة بالياء على معنى ينبت الله لكم ؛ يقال : ينبت الأرض وأنبتت بمعنى ، ونبت البقل وأنبت بمعنى. وأنشد الفراء :
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم ... قطينا بها حتى إذا أنبت البقل
أي نبت. وأنبته الله فهو منبوت ، على غير قياس. وأنبت الغلام نبتت عانته. ونبت الشجر غرسه ؛ يقال : نبت أجلك بين عينيك. ونبت الصبي تنبيتا ربيته. والمنبت موضع النبات ؛ يقال : ما أحسن نابتة بني فلان ؛ أي ما ينت عليه أموالهم وأولادهم. ونبتت لهم نابتة إذا نشأ لهم نشء صغار. وإن بني فلان لنابتة شر. والنوابت من الأحادث الأغمار. والنبيت حي من اليمن. والينبوت شجر ؛ كله عن الجوهري. {وَالزَّيْتُونَ} جمع زيتونة. ويقال للشجرة نفسها : زيتونة ، وللثمرة زيتونة. {إِنَّ فِي ذَلِكَ} أي الإنزال والإنبات. {لآية} أي دلالة {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .
الآية : 12 {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}
قوله تعالى : {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} أي للسكون والأعمال ؛ كما قال : {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص : 73]. {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} أي مذللات لمعرفة الأوقات ونضج الثمار والزرع والاهتداء بالنجوم في الظلمات. وقرأ ابن عامر وأهل الشام "والشمس والقمر والنجوم مسخرات"
(10/83)



بالرفع على الابتداء والخبر. الباقون بالنصب عطفا على ما قبله. وقرأ حفص عن عاصم برفع "والنجوم" ، "مسخرات" خبره. وقرئ "والشمس والقمر والنجوم" بالنصب. "مسخرات" بالرفع ، وهو خبر ابتداء محذوف أي في مسخرات ، وهي في قراءة من نصبها حال مؤكدة ؛ كقوله : {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً} [البقرة : 91]. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي يعقلون عن الله ما نبههم عليه ووفقهم له.
3 - الآية : 13 {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}
فيه ثلاث مسائل : -
الأولى : - تقوله تعالى : {وَمَا ذَرَأَ} أي وسخر ما ذرأ في الأرض لكم. "ذرأ" أي خلق ؛ ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا خلقهم ، فهو ذارئ ؛ ومنه الذرية وهي نسل الثقلين ، إلا أن العرب تركت همزها ، والجمع الذراري. يقال : أنمى الله ذرأك وذروك ، أي ذريتك. وأصل الذرو والذرء التفريق عن جمع. وفي الحديث : ذرء النار ؛ أي أنهم خلقوا لها.
الثانية : - ما ذرأه الله سبحانه منه مسخر مذلل كالدواب والأنعام والأشجار وغيرها ، ومنه غير ذلك. والدليل عليه ما رواه مالك في الموطأ عن كعب الأحبار قال : لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حمارا. فقيل له : وما هن ؟ فقال : أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه ، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر ، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم ، من شر ما خلق وبرأ وذرأ. وفيه عن يحيى بن سعيد أنه قال : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار ، الحديث. وفيه : وشر ما ذرأ في الأرض. وقد ذكرناه وما في معناه في غير هذا الموضع.
(10/84)



الثالثة : - قوله تعالى : {مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ} "مختلفا" نصب على الحال. و"ألوانه" هيئاته ومناظره ، يعني الدواب والشجر وغيرها. {إِنَّ فِي ذَلِكَ} أي في اختلاف ألوانها. {لَآيَةً} أي لعبرة. {لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} أي يتعظون ويعلمون أن في تسخير هذه المكونات لعلامات على وحدانية الله تعالى ، وأنه لا يقدر على ذلك أحد غيره.
الآية : 14 {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
فيه تسع مسائل : -
الأولى : قوله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ} تسخير البحر هو تمكين البشر من التصرف فيه وتذليله بالركوب والإرفاء وغيره ، وهذه نعمة من نعم الله علينا ، فلو شاء سلطه علينا وأغرقنا. وقد مضى الكلام في البحر وفي صيده. وسماه هنا لحما واللحوم عند مالك ثلاثة أجناس : فلحم ذوات الأربع جنس ، ولحم ذوات الريش جنس ، ولحم ذوات الماء جنس. فلا يجوز بيع الجنس من جنسه متفاضلا ، ويجوز بيع لحم البقر والوحش بلحم الطير والسمك متفاضلا ، وكذلك لحم الطير بلحم البقر والوحش والسمك يجوز متفاضلا. وقال أبو حنيفة : اللحم كلها أصناف مختلفة كأصولها ؛ فلحم البقر صنف ، ولحم الغنم صنف ، ولحم الإبل صنف ، وكذلك الوحش مختلف ، كذلك الطير ، وكذلك السمك ، وهو جحد قولي الشافعي. والقول الآخر أن الكل من النعم والصيد والطير والسمك جنس واحد لا يجوز التفاضل فيه. والقول الأول هو المشهور من مذهبه عند أصحابه. ودليلنا هو أن الله تعالى فرق بين أسماء الأنعام في حياتها فقال : {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام : 143]
(10/85)



ثم قال : {وَمِنَ الْأِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} فلما أن أم بالجميع إلى اللحم قال : {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة : 1] فجمعها بلحم واحد لتقارب منافعها كتقارب لحم الضأن والمعز. وقال في موضع آخر : {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الواقعة : 21] وهذا جمع طائر الذي هو الواحد ، لقوله تعالى : {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام : 38] فجمع لحم الطير كله باسم واحد. وقال هنا : {لَحْماً طَرِيّاً} فجمع أصناف السمك بذكر واحد ، فكان صغاره ككباره في الجمع بينهما. وقد روي عن ابن عمر أنه سئل عن لحم المعز بلحم الكباش أشيء واحد ؟ فقال لا ؛ ولا مخالف له فصار كالإجماع ، والله أعلم. ولا حجة للمخالف في نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام إلا مثلا بمثل ؛ فإن الطعام في الإطلاق يتناول الحنطة وغيرها من المأكولات ولا يتناول اللحم ؛ ألا ترى أن القائل إذا قال : أكلت اليوم طعاما لم يسبق الفهم منه إلى أكل اللحم ، وأيضا فإنه معارض بقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم" وهذان جنسان ، وأيضا فقد اتفقنا على جواز بيع اللحم بلحم الطير متفاضلا لا لعلة أنه بيع طعام لا زكاة له بيع بلحم ليس فيه الزكاة ، وكذلك بيع السمك بلحم الطير متفاضلا.
الثانية : - وأما الجراد فالمشهور عندنا جواز بيع بعضه ببعض متفاضلا. وذكر عن سحنون أنه يمنع من ذلك ، وإليه مال بعض المتأخرين ورآه مما يدخر.
الثالثة : - اختلف العلماء فيمن حلف ألا يأكل لحما ؛ فقال ابن القاسم : يحنث بكل نوع من هذه الأنواع الأربعة. وقال أشهب في المجموعة. لا يحنث إلا بكل لحوم الأنعام دون الوحش وغيره ، مراعاة للعرف والعادة ، وتقديما لها على إطلاق اللفظ اللغوي ، وهو أحسن.
الرابعة : - قوله تعالى : {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} يعني به اللؤلؤ والمرجان ؛ لقوله تعالى : {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن : 22]. وإخراج الحلية إنما هي فيما عرف من الملح فقط. وقال : إن في الزمرد بحريا. وقد خطئ الهذلي في قوله في وصف الدرّة :
(10/86)



فجاء بها من در ة لطمية ... على وجهها ماء الفرات يدوم
فجعلها من الماء الحلو. فالحلية حق وهي نحلة الله تعالى لآدم وولده. خلق آدم وتوج وكلل بإكليل الجنة ، وختم بالخاتم الذي ورثه عنه سليمان بن داود صلوات الله عليهم ، وكان يقال له خاتم العز فيما روي.
الخامسة : - امتن الله سبحانه على الرجال والنساء امتنانا عاما بما يخرج من البحر ، فلا يحرم عليهم شيء منه ، وإنما حرم الله تعالى على الرجال الذهب والحرير. روى الصحيح عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" . وسيأتي في سورة "الحج" الكلام فيه إن شاء الله. وروى البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب ، وجعل فصه مما يلي باطن كفه ، ونقش فيه محمد رسول الله ؛ فاتخذ الناس مثله ؛ فلما رآهم قد اتخذوها رمى به وقال : "لا ألبسه أبدا" ثم اتخذ خاتما من فضة فاتخذ الناس خواتيم الفضة. قال ابن عمر : فلبس الخاتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ، حتى وقع من عثمان في بئر أريس. قال أبو داود : لم يختلف الناس على عثمان حتى سقط الخاتم من يده. وأجمع العلماء على جواز التختم بالورق على الجملة للرجال. قال الخطابي. وكره للنساء التختم بالفضة ؛ لأنه من زي الرجال ، فإن لم يجدن ذهبا فليصفرنه بزعفران أو بشبهه. وجمهور العلماء من السلف والخلف على تحريم اتخاذ الرجال خاتم الذهب ، إلا ما روي عن أبي بكر بن عبدالرحمن وخباب ، وهو خلاف شاذ ، وكل منهما لم يبلغهما النهي والنسخ. والله أعلم. وأما ما رواه أنس بن مالك أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق يوما واحدا ، ثم إن الناس اصطنعوا الخواتم ، من ورق ولبسوها ، فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه فطرح الناس خواتيمهم - أخرجه الصحيحان واللفظ للبخاري - فهو عند العلماء
(10/87)



وهم من ابن شهاب ؛ لأن الذي نبذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو خاتم الذهب. رواه عبدالعزيز بن صهيب وقتادة عن أنس ، وهو خلاف ما روى ابن شهاب عن أنس فوجب القضاء بالجملة على الواحد إذا خالفها ، مع ما يشهد للجماعة من حديث ابن عمر.
السادسة : -إذا ثبت جواز التختم للرجال بخاتم الفضة والتحلي به ، فقد كره ابن سيرين وغيره من العلماء نقشه وأن يكون فيه ذكر الله. وأجاز نقشه جماعة من العلماء. ثم إذا نقش عليه اسم الله أو كلمة حكمة أو كلمات من القرآن وجعله في شماله ، فهل يدخل به الخلاء ويستنجي بشماله ؟ خففه سعيد بن المسيب ومالك. قيل لمالك : إن كان في الخاتم ذكر الله ويلبسه في الشمال أيستنجى به ؟ قال : أرجو أن يكون خفيفا. وروي عنه الكراهة وهو الأولى. وعلى المنع من ذلك أكثر أصحابه. وقد روى همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه. قال أبو داود : هذا حديث منكر ، وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد ابن سعد عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق ثم ألقاه. قال أبو داود : لم يحدث بهذا إلا همام.
السابعة : -روى البخاري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من فضة ونقش فيه "محمد رسول الله" وقال : "إني اتخذت خاتما من ورق ونقشت فيه محمد رسول الله فلا ينقشن أحد على نقشه" . قال علماؤنا : فهذا دليل على جواز نقش اسم صاحب الخاتم على خاتمه. قال مالك : ومن شأن الخلفاء والقضاة نقش أسمائهم على خواتيمهم ، ونهيه عليه السلام : لا ينقشن أحد على نقش خاتمه ، من أجل أن ذلك اسمه وصفته برسالة الله له إلى خلقه. وروى أهل الشام أنه لا يجوز الخاتم لغير ذي سلطان. وروى في ذلك حديثا عن أبي ريحانة ، وهو حديث لا حجة فيه لضعفه. وقوله عليه السلام : "لا ينقشن أحد على نقشه" يرده ويدل على جواز اتخاذ الخاتم لجميع الناس ، إذا لم ينقش على نقش خاتمه. وكان نقش خاتم الزهري "محمد يسأل الله العافية". وكان نقش خاتم مالك "حسبي الله ونعم الوكيل". وذكر الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" أن نقش خاتم موسى عليه السلام
(10/88)



{لِكُلِّ أجَلِ كِتَابٌ} [الرعد : 38]. وبلغ عمر بن عبدالعزيز أن ابنه اشترى خاتما بألف درهم فكتب إليه : إنه بلغني أنك اشتريت خاتما بألف درهم ، فبعه وأطعم منه ألف جائع ، واشتر خاتما من حديد بدرهم ، واكتب عليه "رحم الله امرأ عرف قدر نفسه".
الثامنة : -من حلف ألا يلبس حليا فلبس لؤلؤا لم يحنث ؛ وبه قال أبو حنيفة. قال ابن خويز منداد : لأن هذا وإن كان الاسم اللغوي يتناوله فلم يقصده باليمين ، والأيمان تخص بالعرف ؛ ألا ترى أنه لو حلف ألا ينام على فراش فنام على الأرض لم يحنث ، وكذلك لا يستضيء بسراج فجلس في الشمس لا يحنث ، وإن كان الله تعالى قد سمى الأرض فراشا والشمس سراجا. وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد : من حلف ألا يلبس حليا ولبس اللؤلؤ فإنه يحنث ؛ لقوله تعالى : {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} والذي يخرج منه : اللؤلؤ والمرجان.
التاسعة : -قوله تعالى : {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} تقدم ذكر الفلك وركوب البحر في "البقرة" وغيرها. وقوله : "مواخر" قال ابن عباس : جواري ، من جرت تجري. سعيد بن جبير : معترضة. الحسن : مواقر. قتادة والضحاك : أي تذهب وتجيء ، مقبلة ومدبرة بريح واحدة. وقيل : "مواخر" ملججة في داخل البحر ؛ وأصل المخر شق الماء عن يمين وشمال. مخرت السفينة تمخر وتمخر مخرا ومخورا إذا جرت تشق الماء مع صوت ؛ ومنه قوله تعالى : {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} يعني جواري. وقال الجوهري : ومخر السابح إذا شق الماء بصدره ، ومخر الأرض شقها للزراعة ، ومخرها بالماء إذا حبس الماء فيها حتى تصير أريضة ؛ أي خليقة بجودة نبات الزرع. وقال الطبري : المخر في اللغة صوت هبوب الريح ؛ ولم يقيد كونه في ماء ، وقال : إن من ذلك قول واصل مولى أبي عيينة : إذا أراد أحدكم البول فليتمخر الريح ؛ أي لينظر في صوتها في الأجسام من أين تهب ، فيتجنب استقبالها لئلا ترد عليه بوله. {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي ولتركبوه للتجارة وطلب الربح. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} تقدم جميع هذا في "البقرة" والحمدلله.
(10/89)



الآية : 15 {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
قوله تعالى : {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} أي جبالا ثابتة. رسا يرسو إذا ثبت وأقام. قال :
فصبرت عارفة لذلك حرة ... ترسو إذا نفس الجبان تُطلَّع
{أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} أي لئلا تميد ؛ عند الكوفيين. وكراهية أن تميد ؛ على قول البصريين. والميد : الاضطراب يمينا وشمالا ؛ ماد الشيء يميد ميدا إذا تحرك ؛ ومادت الأغصان تمايلت ، وماد الرجل تبختر. قال وهب بن منبه : خلق الله الأرض فجعلت تميد وتمور ، فقالت الملائكة. إن هذه غير مقرة أحدا على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال ، ولم تدر الملائكة مم خلقت الجبال. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لما خلق الله الأرض قمصت ومالت وقالت : أي رب! أتجعل علي من يعمل بالمعاصي والخطايا ، ويلقي علي الجيف والنتن! فأرسى الله تعالى فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون. وروى الترمذي في آخر "كتاب التفسير" حدثنا محمد بن بشار حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فعاد بها عليها فاستقرت فعجبت الملائكة من شدة الجبال قالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار فقالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الماء قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء قال نعم الريح قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال نعم ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه يخفيها من شماله". قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.
(10/90)



قلت : وفي هذه الآية أدل دليل على استعمال الأسباب ، وقد كان قادرا على سكونها دون الجبال. وقد تقدم هذا المعنى. {وَأَنْهَاراً} أي وجعل فيها أنهارا ، أو ألقى فيها أنهارا. {وَسُبُلاً} أي طرقا ومسالك. {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي إلى حيث تقصدون من البلاد فلا تضلون ولا تتحيرون.
الآية : 16 {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : - قوله تعالى : {وَعَلامَاتٍ} قال ابن عباس : العلامات معالم الطرق بالنهار ؛ أي جعل للطريق علامات يقع الاهتداء بها. {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} يعني بالليل ، والنجم يراد به النجوم. وقرأ ابن وثاب {وَبِالنَّجْمِ} . الحسن : بضم النون والجيم جميعا ومراده النجوم ، فقصره ؛ كما قال الشاعر :
إن الفقير بيننا قاض حكم ... أن ترد الماء إذا غاب النجم
وكذلك القول لمن قرأ "النجم" إلا أنه سكن استخفافا. ويجوز أن يكون النجم جمع نجم كسُقُف وسَقف. واختلف في النجوم ؛ فقال الفراء : الجدي والفرقدان. وقيل : الثريا. قال الشاعر :
حتى إذا ما استقل النجم في غلس ... وغودر البقل ملوى ومحصود
أي منه ملوي ومنه محصود ، وذلك عند طلوع الثريا يكون. وقال الكلبي : العلامات الجبال. وقال مجاهد : هي النجوم ؛ لأن من النجوم ما يهتدى بها ، ومنها ما يكون علامة لا يهتدى بها ؛ وقاله قتادة والنخعي. وقيل : تم الكلام عند قوله {وَعَلامَاتٍ} ثم ابتدأ وقال : {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} وعلى الأول : أي وجعل لكم علامات ونجوما تهتدون بها. ومن العلامات الرياح يهتدى بها. وفي المراد بالاهتداء قولان : أحدهما : في الأسفار ،
(10/91)



وهذا قول الجمهور. الثاني : في القبلة. وقال ابن عباس : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} قال : "هو الجدي يا ابن عباس ، عليه قبلتكم وبه تهتدون في بركم وبحركم" ذكره الماوردي.
الثانية : - قال ابن العربي : أما جميع النجوم فلا يهتدي بها إلا العارف بمطالعها ومغاربها ، والفرق بين الجنوبي والشمالي منها ، وذلك قليل في الآخرين. وأما الثريا فلا يهتدي بها إلا من يهتدي بجميع النجوم. وإنما الهدي لكل أحد بالجدي والفرقدين ؛ لأنها من النجوم المنحصرة المطالع الظاهرة السمت الثابتة في المكان ، فإنها تدور على القطب الثابت دورانا محصلا ، فهي أبدا هدى الخلق في البر إذا عميت الطرق ، وفي البحر عند مجرى السفن ، وفي القبلة إذا جهل السمت ، وذلك على الجملة بأن تجعل القطب على ظهر منكبك الأيسر فما استقبلت فهو سمت الجهة.
قلت : وسأل ابن عباس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجم فقال : " هو الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون في بركم وبحركم" . وذلك أن آخر الجدي بنات نعش الصغرى والقطب الذي تستوي عليه القبلة بينها.
الثالثة : - قال علماؤنا : وحكم استقبال القبلة على وجهين : أحدهما : أن يراها ويعاينها فيلزمه استقبالها وإصابتها وقصد جهتها بجميع بدنه. والآخر : أن تكون الكعبة بحيث لا يراها فيلزمه التوجه نحوها وتلقاءها بالدلائل ، وهي الشمس والقمر والنجوم والرياح وكل ما يمكن به معرفة جهتها ، ومن غابت عنه وصلى مجتهدا إلى غير ناحيتها وهو ممن يمكنه الاجتهاد فلا صلاة له ؛ فإذا صلى مجتهدا مستدلا ثم انكشف له بعد الفراغ من صلاته أنه صلى إلى غير القبلة أعاد إن كان في وقتها ، وليس ذلك بواجب عليه ؛ لأنه قد أدى فرضه على ما أمر به. وقد مضى هذا المعنى في "البقرة" مستوفى والحمد لله.
(10/92)



الآية : 17 {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}
قوله تعالى : {أَفَمَنْ يَخْلُقُ} هو الله تعالى. {كَمَنْ لا يَخْلُقُ} يريد الأصنام. {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} أخبر عن الأوثان التي لا تخلق ولا تضر ولا تنفع ، كما يخبر عمن يعقل على ما تستعمله العرب في ذلك ؛ فإنهم كانوا يعبدونها فذكرت بلفظ "من" كقوله : {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ} [الأعراف : 195]. وقيل : لاقتران الضمير في الذكر بالخالق. قال الفراء : هو كقول العرب : اشتبه علي الراكب وجمله فلا أدري من ذا ومن ذا ؛ وإن كان أحدهما غير إنسان. قال المهدوي : ويسأل بـ "من" عن البارئ تعالى ولا يسأل عنه بـ "ما" ؛ لأن "ما" إنما يسأل بها عن الأجناس ، والله تعالى ليس بذي جنس ، ولذلك أجاب موسى عليه السلام حين قال له : {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه : 49] ولم يجب حين قال له : {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء : 23] إلا بجواب "من" وأضرب عن جواب "ما" حين كان السؤال فاسدا. ومعنى الآية : من كان قادرا على خلق الأشياء المتقدمة الذكر كان بالعبادة أحق ممن هو مخلوق لا يضر ولا ينفع ؛ {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان : 11] {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} [فاطر : 40].
الآية : 18 {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}
الآية : 19 {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}
قوله تعالى : {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} تقدم في إبراهيم . {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} أي ما تبطنونه وما تظهرونه. وقد تقدم.جميع هذا مستوفي.
الآية : 20 {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ}
الآية : 21 {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}
(10/93)



قوله تعالى : {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} قراءة العامة "تدعون" بالتاء لأن ما قبله خطاب. روى أبو بكر عن عاصم وهبيرة عن حفص "يدعون" بالياء ، وهي قراءة يعقوب. فأما قوله : {مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} فكلهم بالتاء على الخطاب ؛ إلا ما روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنه قرأ بالياء. {لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً} أي لا يقدرون على خلق شيء {وَهُمْ يُخْلَقُونَ}. {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} أي هم أموات ، يعني الأصنام ، لا أرواح فيها ولا تسمع ولا تبصر ، أي هي جمادات فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها بالحياة. {وَمَا يَشْعُرُونَ} يعني الأصنام. {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} وقرأ السلمي ، "إيان" بكسر الهمزة ، وهما لغتان ، موضعه نصب بـ "يبعثون" وهي في معنى الاستفهام. والمعنى : لا يدرون متى يبعثون. وعبر عنها كما عبر عن الآدميين ؛ لأنهم زعموا أنها تعقل عنهم وتعلم وتشفع لهم عند الله تعالى ، فجرى خطابهم على ذلك. وقد قيل : إن الله يبعث الأصنام يوم القيامة ولها أرواح فتتبرأ من عبادتهم ، وهي في الدنيا جماد لا تعلم متى تبعث. قال ابن عباس ؛ تبعث الأصنام وتركب فيها الأرواح ومعها شياطينها فيتبرؤون من عبدتها ، ثم يؤمر بالشياطين والمشركين إلى النار. وقيل : إن الأصنام تطرح في النار مع عبادتها يوم القيامة ؛ دليله {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء : 98]. وقيل : تم الكلام عند قوله : {لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} ثم ابتدأ فوصف المشركين بأنهم أموات ، وهذا الموت موت كفر. {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي وما يدري الكفار متى يبعثون ، أي وقت البعث ؛ لأنهم لا يؤمنون بالبعث حتى يستعدوا للقاء الله وقيل : أي وما يدريهم متى الساعة ، ولعلها تكون قريبا.
الآية : 22 {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}
الآية : 23 {لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}
(10/94)



قوله تعالى : {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} لما بين استحالة الإشراك بالله تعالى بين أن المعبود واحد لا رب غيره ولا معبود سواه. {فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ} أي لا تقبل الوعظ ولا ينفع فيها الذكر ، وهذا رد على القدرية. {وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} متكبرون متعظمون عن قبول الحق. وقد تقدم. {لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} أي من القول والعمل فيجازيهم. قال الخليل : "لا جرم" كلمة تحقيق ولا تكون إلا جوابا ؛ يقال : فعلوا ذلك ؛ فيقال : لا جرم سيندمون. أي حقا أن لهم النار. وقد مضى القول فيه. {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} أي لا يثيبهم ولا يثني عليهم. وعن الحسن بن علي أنه مر بمساكين قد قدموا كسرا بينهم وهم يأكلون فقالوا : الغذاء يا أبا عبدالله ، فنزل وجلس معهم وقال : {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} فلما فرغ قال : قد أجبتكم فأجيبوني ؛ فقاموا معه إلى منزله فأطعمهم وسقاهم وأعطاهم وانصرفوا. قال العلماء. وكل ذنب يمكن التستر منه وإخفاؤه إلا الكبر ؛ فإنه فسق يلزمه الإعلان ، وهو أصل العصيان كله. وفي الحديث الصحيح "إن المستكبرين يحشرون أمثال الذر يوم القيامة يطؤهم الناس بأقدامهم لتكبرهم". أو كما قال صلى الله عليه وسلم : "تصغر لهم أجسامهم في المحشر حتى يضرهم صغرها وتعظم لهم في النار حتى يضرهم عظمها" .
الآية : 24 {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}
قوله تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} يعني وإذا قيل لمن تقدم ذكره ممن لا يؤمن بالآخرة وقلوبهم منكرة بالبعث {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} . قيل : القائل النضر بن الحارث ، وأن الآية نزلت فيه ، وكان خرج إلى الحيرة فاشترى أحاديث "كليلة ودمنة" فكان يقرأ على قريش ويقول : ما يقرأ محمد على أصحابه إلا أساطير الأولين ؛ أي ليس هو من تنزيل
(10/95)



ربنا. وقيل : إن المؤمنين هم القائلون لهم اختبارا فأجابوا بقولهم : {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} فأقروا بإنكار شيء هو أساطير الأولين. والأساطير : الأباطيل والترهات. والقول في {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} كالقول في {مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة : 215] وقوله : {أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} خبر ابتداء محذوف ، التقدير : الذي أنزله أساطير الأولين.
الآية : 25 {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}
قوله تعالى : {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ} قيل : هي لام كي ، وهي متعلقة بما قبلها. وقيل : لام العاقبة ، كقوله : {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} [القصص : 8]. أي قولهم في القرآن والنبي أدّاهم إلى أن حملوا أوزارهم ؛ أي ذنوبهم. وقيل : هي لام الأمر ، والمعنى التهدد. {كَامِلَةً} لم يتركوا منها شيئا لنكبة أصابتهم في الدنيا بكفرهم. {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} قال مجاهد : يحملون وزر من أضلوه ولا ينقص من إثم المضل شيء. وفي الخبر "أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء" خرجه مسلم بمعناه. و"من" للجنس لا للتبعيض ؛ فدعاة الضلالة عليهم مثل أوزار من اتبعهم. وقوله : {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي يضلون الخلق جهلا منهم بما يلزمهم من الآثام ؛ إذ لو علموا لما أضلوا. "{أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} أي بئس الوزر الذي يحملونه. ونظير هذه الآية : {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت : 13] وقد تقدم.في آخر الانعام بيان قوله : {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(10/96)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: