منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 28 أغسطس - 3:36



سورة يوسف




الآية : 66 {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}
فيه مسألتان : -
الأولى : - قوله تعالى : {تُؤْتُونِ} أي تعطوني. {مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ} أي عهدا يوثق به. قال السدي : حلفوا بالله ليردنه إليه ولا يسلمونه ؛ واللام في {لَتَأْتُنَّنِي} لام القسم . {إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} قال مجاهد : إلا أن تهلكوا أو تموتوا. وقال قتادة : إلا أن تغلبوا عليه. قال الزجاج : وهو في موضع نصب. { فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} أي حافظ للحلف. وقيل : حفيظ للعهد قائم بالتدبير والعدل.
الثانية : - هذه الآية أصل في جواز الحمالة بالعين والوثيقة بالنفس ؛ وقد اختلف العلماء في ذلك ؛ فقال مالك وجميع أصحابه وأكثر العلماء : هي جائزة إذا كان المتحمل به مالا. وقد ضعف الشافعي الحمالة بالوجه في المال ؛ وله قول كقول مالك. وقال عثمان البتي : إذا تكفل بنفس في قصاص أو جراح فإنه إن لم يجيء به لزمه الدية وأرش الجراح ، وكانت له في مال الجاني ، إذ لا قصاص على الكفيل ؛ فهذه ثلاثة أقوال في الحمالة بالوجه. والصواب تفرقة مالك في ذلك ، وأنها تكون في المال ، ولا تكون في حد أو تعزير ، على ما يأتي بيانه :
الآية : 67 {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}
(9/225)



فيه سبع مسائل : -
الأولى : - لما عزموا على الخروج خشي عليهم العين ؛ فأمرهم ألا يدخلوا مصر من باب واحد ، وكانت مصر لها أربعة أبواب ؛ وإنما خاف عليهم العين لكونهم أحد عشر رجلا لرجل واحد ؛ وكانوا أهل جمال وكمال وبسطة ؛ قاله ابن عباس والضحاك وقتادة وغيرهم.
الثانية : - إذا كان هذا معنى الآية فيكون فيها دليل على التحرز من العين ، والعين حق ؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر" . وفي تعوذه عليه السلام : "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة" ما يدل على ذلك.
وروى مالك عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه يقول : اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخرار فنزع جبة كانت عليه ، وعامر بن ربيعة ينظر ، قال : وكان سهل رجلا ابيض حسن الجلد قال فقال له عامر بن ربيعة : ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء! فوعك سهل مكانه واشتد وعكه ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلا وعك ، وأنه غير رائح معك يا رسول الله ؛ فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره سهل بالذي كان من شأن عامر ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه سلم : "علام يقتل أحدكم أخاه ألا بركت إن العين حق توضأ له" فتوضأ عامر ، فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس ؛ في رواية "اغتسل" فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخل إزاره في قدح ثم صب عليه ؛ فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس. وركب سعد بن أبي وقاص يوما فنظرت إليه امرأة فقالت : إن أميركم هذا ليعلم أنه أهضم الكشحين ؛ فرجع إلى منزله فسقط ، فبلغه ما قالت المرأة ، فأرسل إليها فغسلت له ؛ ففي هذين الحديثين أن العين حق ، وأنها تقتل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وهذا قول علماء الأمة ، ومذهب ، أهل السنة ؛ وقد أنكرته طوائف من المبتدعة ، وهم محجوجون بالسنة وإجماع علماء هذه الأمة ، وبما يشاهد من ذلك في الوجود ؛ فكم من رجل
(9/226)



أدخلته العين القبر ، وكم من جمل ظهير أدخلته القدر ، لكن ذلك بمشيئة الله تعالى كما قال : {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة : 102]. قال الأصمعي : رأيت رجلا عيونا سمع بقرة تحلب فأعجبه شخبها فقال : أيتهن هذه ؟ فقالوا : الفلانية لبقرة أخرى يورون عنها ، فهلكتا جميعا ، المورى بها والمورى عنها. قال الأصمعي. وسمعته يقول : إذا رأيت الشيء يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني.
الثالثة : - واجب على كل مسلم أعجبه شيء أن يبرك ؛ فإنه إذا دعا بالبركة صرف المحذور لا محالة ؛ ألا ترى قوله عليه السلام لعامر : "ألا بركت" فدل على أن العين لا تضر ولا تعدو إذا برك العائن ، وأنها إنما تعدو إذا لم يبرك. والتبريك أن يقول : تبارك الله أحسن الخالقين! اللهم بارك فيه.
الرابعة : - العائن إذا أصاب بعينه ولم يبرك فإنه يؤمر بالاغتسال ، ويجبر على ذلك إن أباه ؛ لأن الأمر على الوجوب ، لا سيما هذا ؛ فإنه قد يخاف على المعين الهلاك ، ولا ينبغي لأحد أن يمنع أخاه ما ينتفع به أخوه ولا يضره هو ، ولا سيما إذا كان بسببه وكان الجاني عليه.
الخامسة : - من عرف بالإصابة بالعين منع من مداخلة الناس دفعا لضرره ؛ وقد قال بعض العلماء : يأمره الإمام بلزوم بيته ؛ وإن كان فقيرا رزقه ما يقوم به ، ويكف أذاه عن الناس. وقد قيل : إنه ينفى ؛ وحديث مالك الذي ذكرناه يرد هذه الأقوال ؛ فإنه عليه السلام لم يأمر في عامر بحبس ولا بنفي ، بل قد يكون الرجل الصالح عائنا ، وأنه لا يقدح فيه ولا يفسق به ؛ ومن قال : يحبس ويؤمر بلزوم بيته. فذلك احتياط ودفع ضرر ، والله أعلم.
السادسة : -روى مالك عن حميد بن قيس المكي أنه قال : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني جعفر بن أبي طالب فقال لحاضنتهما : "ما لي أراهما ضارعين" فقالت حاضنتهما : يا رسول الله! إنه تسرع إليهما العين ، ولم يمنعنا أن نسترقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك من ذلك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "استرقوا لهما فإنه
(9/227)



لو سبق شيء القدر سبقته العين" . وهذا الحديث منقطع ، ولكنه محفوظ لأسماء بنت عميس الخثعمية عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة متصلة صحاح ؛ وفيه أن الرقي مما يستدفع به البلاء ، وأن العين تؤثر في الإنسان وتضرعه ، أي تضعفه وتنحله ؛ وذلك بقضاء الله تعالى وقدره. ويقال : إن العين أسرع إلى الصغار منها إلى الكبار ، والله أعلم.
السابعة : - أمر صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أمامة العائن بالاغتسال للمعين ، وأمر هنا بالاسترقاء ؛ قال علماؤنا : إنما يسترقى من العين إذا لم يعرف العائن ؛ وأما إذا عرف الذي أصابه بعينه فإنه يؤمر بالوضوء على حديث أبي أمامة ، والله أعلم.
قوله تعالى : {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} أي من شيء أحذره عليكم ؛ أي لا ينفع الحذر مع القدر. {إِنِ الْحُكْمُ} أي الأمر والقضاء لله. {إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} أي اعتمدت ووثقت. {وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} .
الآية : 68 {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}
الآية : 69 {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
الآية : 70 {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}
قوله تعالى : {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} أي من أبواب شتى. {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} إن أراد إيقاع مكروه بهم. {إِلاَّ حَاجَةً} استثناء ليس من الأول. {فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} أي خاطر خطر بقلبه ؛ وهو وصيته أن يتفرقوا ؛ قال مجاهد : خشية العين ، وقد تقدم القول فيه. وقيل : لئلا يرى الملك عددهم وقوتهم
(9/228)



فيبطش بهم حسدا أو حذرا ؛ قاله بعض المتأخرين ، واختاره النحاس ، وقال : ولا معنى للعين هاهنا. ودلت هذه الآية على أن المسلم يجب عليه أن يحذر أخاه مما يخاف عليه ، ويرشده إلى ما فيه طريق السلامة والنجاة ؛ فإن الدين النصيحة ، والمسلم أخو المسلم.
قوله تعالى : {وَإِنَّهُ} يعني يعقوب. {لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} أي بأمر دينه. وقيل : {لَذُو عِلْمٍ} أي عمل ؛ فإن العلم أول أسباب العمل ، فسمي بما هو بسببه.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أي لا يعلمون ما يعلم يعقوب عليه السلام من أمر دينه.
قوله تعالى : {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} قال قتادة : ضمه إليه ، وأنزله معه. وقيل : أمر أن ينزل كل اثنين في منزل ، فبقى أخوه منفردا فضمه إليه وقال : أشفقت عليه من الوحدة ، {قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قال له سرا من إخوته : {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ} أي لا تحزن {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
قوله تعالى : {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} لما عرف بنيامين أنه يوسف قال له : لا تردني إليهم ، فقال : قد علمت اغتمام يعقوب بي فيزداد غمه ، فأبى بنيامين الخروج ؛ فقال يوسف : لا يمكن حبسك إلا بعد أن أنسبك إلى ما لا يجمل بك : فقال : لا أبالي! فدس الصاع في رحله ؛ إما بنفسه من حيث لم يطلع عليه أحد ، أو أمر بعض خواصه بذلك. والتجهيز التسريح وتنجيز الأمر ؛ ومنه جهز على الجريح أي قتله ، ونجز أمره. والسقاية والصواع شيء واحد ؛ إناء له رأسان في وسطه مقبض ، كان الملك يشرب منه من الرأس الواحد ، ويكال الطعام بالرأس الآخر ؛ قاله النقاش عن ابن عباس ، وكل شيء يشرب به فهو صواع ؛ وأنشد :
نشرب الخمر بالصواع جهارا
واختلف في جنسه ؛ فروى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان صواع الملك شيء من فضة يشبه المكوك ، من فضة مرصع بالجوهر ، يجعل على الرأس ؛
(9/229)



وكان للعباس واحد في الجاهلية ، وسأل نافع بن الأزرق ما الصواع ؟ قال : الإناء ؛ قال فيه الأعشى :
له درمك في رأسه ومشارب ... وقدر وطباخ وصاع وديسق
وقال عكرمة : كان من فضة. وقال عبدالرحمن بن زيد : كان من ذهب ؛ وبه كال طعامهم مبالغة في إكرامهم. وقيل : إنما كان يكال به لعزة الطعام. والصاع يذكر ويؤنث ؛ فمن أنثه قال : أصوع ؛ مثل أدور ، ومن ذكره قال أصواع ؛ مثل أثواب. وقال مجاهد وأبو صالح : الصاع الطر جهالة بلغة حمير. وفيه قراءات : "صواع" قراءة العامة ؛ و"صوغ" بالغين المعجمة ، وهي قراءة يحيى بن يعمر ؛ قال : وكان إناء أصيغ من ذهب. "وصوع" بالعين غير المعجمة قراءة أبي رجا. "وصوع" بصاد مضمومة وواو ساكنة وعين غير معجمة قراءة أبي. و"صياع" بياء بين الصاد والألف ؛ قراءة سعيد بن جبير. "وصاع" بألف بين الصاد والعين ؛ وهي قراءة أبي هريرة.
قوله تعالى : {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} أي نادى مناد وأعلم. "وأذن" للتكثير ؛ فكأنه نادى مرارا "أيتها العير". والعير ما امتير عليه من الحمير والإبل والبغال. قال مجاهد : كان عيرهم حميرا. قال أبو عبيدة : العير الإبل المرحولة المركوبة ؛ والمعنى : يا أصحاب العير ، كقوله : {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف : 82] ويا خيل الله اركبي : أي يا أصحاب خيل الله ، وسيأتي. وهنا اعتراضان : الأول : إن قيل : كيف رضي بنيامين بالقعود طوعا وفيه عقوق الأب بزيادة الحزن ، ووافقه على ذلك يوسف ؟ وكيف نسب يوسف السرقة إلى إخوته وهم براء وهو - الثاني - فالجواب عن الأول : أن الحزن كان قد غلب على يعقوب بحيث لا يؤثر فيه فقد بنيامين كل التأثير ، أولا تراه لما فقده قال : {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف : 84] ولم يعرج على بنيامين ؛ ولعل يوسف إنما وافقه على القعود بوحي ؛ فلا اعتراض. وأما نسبة
(9/230)



يوسف السرقة إلى إخوته فالجواب : أن القوم كانوا قد سرقوه من أبيه فألقوه في الجب ، ثم باعوه ؛ فاستحقوا هذا الاسم بذلك الفعل ، فصدق إطلاق ذلك عليهم. جواب آخر - وهو أنه أراد أيتها العير حالكم حال السراق ؛ والمعنى : إن شيئا لغيركم صار عندكم من غير رضا الملك ولا علمه. جواب آخر - وهو أن ذلك كان حيلة لاجتماع شمله بأخيه ، وفصله عنهم إليه ، وهذا بناء على أن بنيامين لم يعلم بدس الصاع في رحله ، ولا أخبره بنفسه. وقد قيل : إن معنى الكلام الاستفهام ؛ أي أو إنكم لسارقون ؟ كقوله : {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ} [الشعراء : 22] أي أو تلك نعمة تمنها علي ؟ والغرض ألا يعزى إلى يوسف صلى الله عليه وسلم الكذب.
الآية : 71 {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ}
الآية : 71 {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}
فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} البعير هنا الجمل في قول أكثر المفسرين. وقيل : إنه الحمار ، وهي لغة لبعض العرب ؛ قاله مجاهد واختاره. وقال مجاهد : الزعيم هو المؤذن الذي قال : "أيتها العير". والزعيم والكفيل والحميل والضمين والقبيل سواء والزعيم الرئيس. قال :
وإني زعيم إن رجعت مملكا ... بسير ترى منه الفرانق أزورا
وقالت ليلى الأخيلية ترثي أخاها :
ومخرق عنه القميص تخاله ...
يوم اللقاء من الحياء سقيما
(9/231)



حتى إذا رفع اللواء رأيته ... تحت اللواء على الخميس زعيما
الثانية : -إن قيل : كيف ضمن حمل البعير وهو مجهول ، وضمان المجهول لا يصح ؟ قيل له : حمل البعير كان معينا معلوما عندهم كالوسق ؛ فصح ضمانه ، غير أنه كان بدل مال للسارق ، ولا يحل للسارق ذلك ، فلعله كان يصح في شرعهم أو كان هذا جعالة ، وبذل مال لمن كان يفتش ويطلب.
الثالثة : - قال بعض العلماء : في هذه الآية دليلان : أحدهما : جواز الجُعْل وقد أجيز للضرورة ؛ فإنه يجوز فيه من الجهالة ما لا يجوز. في غيره ؛ فإذا قال الرجل : من فعل كذا فله كذا صح. وشأن الجعل أن يكون أحد الطرفين معلوما والآخر مجهولا للضرورة إليه ؛ بخلاف الإجارة ؛ فإنه يتقدر فيها العوض والمعوض من الجهتين ؛ وهو من العقود الجائزة التي يجوز لأحدهما فسخه ؛ إلا أن المجعول له يجوز أن يفسخه قبل الشروع وبعده ، إذا رضي بإسقاط حقه ، وليس للجاعل أن يفسخه إذا شرع المجعول له في العمل. ولا يشترط في عقد الجعل حضور المتعاقدين ، كسائر العقود ؛ لقوله : {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} وبهذا كله قال الشافعي.
الرابعة : - متى قال الإنسان ، من جاء بعبدي الآبق فله دينار لزمه ما جعله فيه إذا جاء به ؛ فلو جاء به من غير ضمان لزمه إذا جاء به على طلب الأجرة ؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من جاء بآبق فله أربعون درهما" ولم يفصل بين من جاء به من عقد ضمان أو غير عقد. قال ابن خويز منداد ولهذا قال أصحابنا : إن كان ممن يفعل بالإنسان ما يجب عليه أن يفعله بنفسه من مصالحه لزمه ذلك ، وكان له أجر مثله إن كان ممن يفعل ذلك بالأجر.
قلت : وخالفنا في هذا كله الشافعي.
(9/232)



الخامسة : - الدليل الثاني : جواز الكفالة على الرجل ؛ لأن المؤذن الضامن هو غير يوسف عليه السلام ، قال علماؤنا : إذا قال الرجل تحملت أو تكفلت أو ضمنت أو وأنا حميل لك أو زعيم أو كفيل أو ضامن أو قبيل ، أو هو لك عندي أو علي أو إلي أو قبلي فذلك كله حمالة لازمة ، وقد اختلف الفقهاء فيمن تكفل بالنفس أو بالوجه ، هل يلزمه ضمان المال أم لا ؟ فقال الكوفيون : من تكفل بنفس رجل لم يلزمه الحق الذي على المطلوب إن مات ؛ وهو أحد قولي الشافعي في المشهور عنه. وقال مالك والليث والأوزاعي : إذا تكفل بنفسه وعليه مال فإنه إن لم يأت به غرم المال ، ويرجع به إلى المطلوب ؛ فإن اشترط ضمان نفسه أو وجهه وقال : لا أضمن المال فلا شيء عليه من المال ؛ والحجة لمن أوجب غرم المال أن الكفيل قد علم أن المضمون وجهه لا يطلب بدم ، وإنما يطلب بمال ؛ فإذا ضمنه له ولم يأته به فكأنه فوته عليه ، وعزه منه ؛ فلذلك لزمه المال. واحتج الطحاوي للكوفيين فقال : أما ضمان المال بموت المكفول به فلا معنى له ؛ لأنه إنما تكفل بالنفس ولم يتكفل بالمال ، فمحال أن يلزمه ما لم يتكفل به.
السادسة : - واختلف العلماء إذا تكفل رجل عن رجل بمال ؛ هل للطالب أن يأخذ من شاء منهما ؟ فقال الثوري والكوفيون والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق : يأخذ من شاء حتى يستوفي حقه ؛ وهذا كان قول مالك ثم رجع عنه فقال : لا يؤخذ الكفيل إلا أن يفلس الغريم أو يغيب ؛ لأن التبدية بالذي عليه الحق أولى ، إلا أن يكون معدما فإنه يؤخذ من الحميل ، لأنه معذور في أخذه في هذه الحالة ؛ وهذا قول حسن. والقياس أن للرجل مطالبة أي الرجلين شاء. وقال ابن أبي ليلى : إذا ضمن الرجل عن صاحبه ما لا تحول على الكفيل وبرئ صاحب ، الأصل ، إلا أن يشترط المكفول له عليهما أن يأخذ أيهما شاء ؛ واحتج ببراءة الميت من الدين ، بضمان أبي قتادة ، وبنحوه قال أبو ثور.
(9/233)



السابعة : - الزعامة لا تكون إلا في الحقوق التي تجوز النيابة فيها ، مما يتعلق بالذمة من الأموال ، وكان ثابتا مستقرا ؛ فلا تصح الحمالة بالكتابة لأنها ليست بدين ثابت مستقر ؛ لأن العبد إن عجز رق وانفسخت الكتابة ؛ وأما كل حق لا يقوم به أحد عن أحد كالحدود فلا كفالة فيه ، ويسجن المدعى عليه الحد ، حتى ينظر في أمره.
وشذ أبو يوسف ومحمد فأجازا الكفالة في الحدود والقصاص ، وقالا : إذا قال المقذوف أو المدعي القصاص بينتي حاضرة كفله ثلاثة أيام ؛ واحتج لهم الطحاوي بما رواه حمزة بن عمرو عن عمر وابن مسعود وجرير بن عبدالله والأشعث أنهم حكموا بالكفالة بالنفس بمحضر الصحابة.
الآية 73 : {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ}
الآية 74 : {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ}
الآية 75 : {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}
قوله تعالى : {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ} يروى أنهم كانوا لا ينزلون على أحد ظلما ، ولا يرعون زرع أحد ، وأنهم جمعوا على أفواه إبلهم الأكمة لئلا تعيث في زروع الناس. ثم قال : {وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} يروى أنهم ردوا البضاعة التي كانت في رحالهم ؛ أي فمن رد ما وجد فكيف يكون سارقا ؟ !.
قوله تعالى : {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ} المعنى : فما جزاء الفاعل إن بان كذبكم ؟ فأجاب إخوة يوسف : {جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} أي يستعبد ويسترق. {جَزَاؤُهُ} مبتدأ ، و"من وجد في رحله" خبره ؛ والتقدير : جزاؤه استعباد من وجد في رحله ؛ فهو كناية عن الاستعباد ؛ وفي الجملة معنى التوكيد ، كما تقول : جزاء من سرق القطع فهذا جزاؤه. {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} أي كذلك نفعل في الظالمين إذا سرقوا أن يسترقوا ، وكان هذا من دين يعقوب عليه السلام وحكمه. وقولهم هذا قول من لم يسترب نفسه ؛
(9/234)



" صفحة رقم 235 "
لأنهم التزموا استرقاق من وجد في رحله وكان حكم السارق عند أهل مصر أن يغرم ضعفي ما أخذ قاله الحسن والسدي وغيرهما مسألة قد تقدم في سورة المائدة أن القطع في السرقة ناسخ لما تقدم من الشرائع أو لما كان في شرع يعقوب من استرقاق السارق والله أعلم
يوسف : ) 76 ( فبدأ بأوعيتهم قبل . . . . .
) يوسف 76 (
قوله تعالى : ) فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ( إنما بدأ يوسف برحالهم لنفي التهمة والريبة من قلوبهم إن بدأ بوعاء أخيه والوعاء يقال بضم الواو وكسرها لغتان وهو ما يحفظ فيه المتاع ويصونه ) ثم استخرجها من وعاء أخيه ( يعني بنيامين أي استخرج السقاية أو الصواع عند من يؤنث وقال : ولمن جاء به فذكر فلما رأى ذلك إخوته نكسوا رؤوسهم وظنوا الظنون كلها وأقبلوا عليه وقالوا ويلك يا بنيامين ما رأينا كاليوم قط ولدت أمك راحيل أخوين لصين قال لهم أخوهم : والله ما سرقته ولا علم لي بمن وضعه في متاعي ويروى أنهم قالوا له : يا بنيامين أسرقت قال : لا والله قالوا : فمن جعل الصواع في رحلك قال : الذي جعل البضاعة في رحالكم ويقال : إن المفتش كان إذا فرغ من رحل رجل استغفر الله عز وجل تائبا من فعله ذلك وظاهر كلام قتادة وغيره أن المستغفر كان يوسف لأنه كان يفتشهم ويعلم أين الصواع حتى فرغ منهم وانتهى إلى رحل بنيامين فقال : ما أظن هذا الفتى رضي بهذا ولا أخذ شيئا فقال له إخوته : والله لا نبرح حتى تفتشه فهو أطيب لنفسك ونفوسنا ففتش فأخرج السقاية وهذا التفتيش من يوسف يقتضي أن المؤذن سرقهم برأيه فيقال : إن جميع ذلك كان بأمر من الله تعالى ويقوى ذلك قوله تعالى : كذلك كدنا ليوسف
(9/235)



" صفحة رقم 236 "
قوله تعالى : ( كذلك كدنا ليوسف ( فيه ثلاث مسائل : الأولى قوله تعالى : كدنا معناه صنعنا عن بن عباس القتبي : دبرنا بن الأنباري : أردنا قال الشاعر : كادت وكدت وتلك خير إرادة لو عاد من عهد الصبا ما قد مضى وفيه جواز التوصل إلى الأغراض بالحيل إذا لم تخالف شريعة ولا هدمت أصلا خلافا لأبي حنيفة في تجويزه الحيل وإن خالفت الأصول وخرمت التحليل الثانية أجمع العلماء على أن للرجل قبل حلول الحول التصرف في ماله بالبيع والهبة إذا لم ينو الفرار من الصدقة وأجمعوا على أنه إذا حال الحول وأظل الساعي أنه لا يحل له التحيل ولا النقصان ولا أن يفرق بين مجتمع ولا أن يجمع بين متفرق وقال مالك : إذا فوت من ماله شيئا ينوي به الفرار من الزكاة قبل الحول بشهر أو نحوه لزمته الزكاة عند الحول أخذا منه بقوله عليه السلام : ) خشية الصدقة ) وقال أبو حنيفة : إن نوى بتفريقه الفرار من الزكاة قبل الحول بيوم لا يضره لأن الزكاة لا تلزم إلا بتمام الحول ولا يتوجه إليه معنى قوله : ) خشية الصدقة ) إلا حينئذ قال بن العربي : سمعت أبا بكر محمد بن الوليد الفهري وغيره يقول : كان شيخنا قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني صاحب عشرات آلاف دينار من المال فكان إذا جاء رأس الحول دعا بنيه فقال لهم : كبرت سني وضعفت قوتي وهذا مال لا أحتاجه فهو لكم ثم يخرجه فيحمله الرجال على أعناقهم إلى دور بنيه فإذا جاء رأس الحول ودعا بنيه لأمر قالوا : يا أبانا إنما أملنا حياتك وأما المال فأي رغبة لنا فيه ما دمت حيا أنت ومالك لنا فخذه إليك ويسير الرجال به حتى يضعوه بين يديه فيرده إلى موضعه يريد بتبديل الملك إسقاط الزكاة على رأي أبي حنيفة في التفريق بين المجتمع والجمع بين المتفرق وهذا خطب عظيم وقد صنف البخاري رضى الله عنه في جامعه كتابا مقصودا فقال : كتاب الحيل
(9/236)



" صفحة رقم 237 "
قلت : وترجم فيه أبوابا منها : باب الزكاة وألا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة وأدخل فيه حديث أنس بن مالك وأن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة وحديث طلحة بن عبيد الله أن أعرابيا جاء ألى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ثائر الرأس الحديث وفي آخره : ) أفلح إن صدق ) أو ) دخل الجنة إن صدق ) وقال بعض الناس : في عشرين ومائة بعير حقتان فإن أهلكها متعمدا أو وهبها أو احتال فيها فرارا من الزكاة فلا شيء عليه ثم أردف بحديث أبي هريرة قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان ويقول أنا كنزك ) الحديث قال المهلب : إنما قصد البخاري في هذا الباب أن يعرفك أن كل حيلة يتحيل بها أحد في إسقاط الزكاة فإن إثم ذلك عليه لأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما منع من جمع الغنم وتفريقها خشية الصدقة فهم منه هذا المعنى وفهم من قوله : ) ) أفلح إن صدق ) أن من رام أن ينقض شيئا من فرائض الله بحيلة يحتالها أنه لا يفلح ولا يقوم بذلك عذره عند الله وما أجازه الفقهاء من تصرف صاحب المال في ماله قرب حلول الحول إنما هو ما لم يرد بذلك الهرب من الزكاة ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير ساقط والله حسيبه وهو كمن فر من صيام رمضان قبل رؤية الهلال بيوم واستعمل سفرا لا يحتاج إليه رغبة عن فرض الله الذي كتبه الله على المؤمنين فالوعيد متوجه عليه ألا ترى عقوبة من منع الزكاة يوم القيامة بأي وجه متعمدا كيف تطؤه الإبل ويمثل له ماله شجاعا أقرع وهذا يدل على أن الفرار من الزكاة لا يحل وهو مطالب بذلك في الآخرة الثالثة قال بن العربي : قال بعض علماء الشافعية في قوله تعالى : وكذلك مكنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه دليل على وجه الحيلة إلى المباح واستخراج الحقوق وهذا وهم عظيم وقوله تعالى : وكذلك مكنا ليوسف في الأرض قيل فيه : كما مكنا ليوسف ملك نفسه عن امرأة العزيز مكنا له ملك الأرض عن العزيز أو مثله مما لا يشبه ما ذكره قال الشفعوي : ومثله قوله عز وجل : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ص
(9/237)



" صفحة رقم 238 "
وهذا ليس حيلة إنما هو حمل لليمين على الألفاظ أو على المقاصد قال الشفعوي : ومثله حديث أبي سعيد الخدري في عامل خيبر أنه أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بتمر جنيب الحديث ومقصود الشافعية من هذا الحديث أنه عليه السلام أمره أن يبيع جمعا ويبتاع جنيبا من الذي باع منه الجمع أو من غيره وقالت المالكية : معناه من غيره لئلا يكون جنيبا بجمع والدراهم ربا كما قال بن عباس : جريرة بجريرة والدراهم ربا قوله تعالى : ) في دين الملك ( أي سلطانه عن بن عباس بن عيسى : عاداته أي يظلم بلا حجة مجاهد : في حكمه وهو استرقاق السراق ) ( أي إلا بأن يشاء الله أن يجعل السقاية في رحله تعلة وعذرا له وقال قتادة : بل كان حكم الملك الضرب والغرم ضعفين ولكن شاء الله أن يجري على ألسنتهم حكم بني إسرائيل على ما تقدم قوله تعالى : ) نرفع درجات من نشاء ( أي بالعلم والإيمان وقرىء نرفع درجات من نشاء بمعنى : نرفع من نشاء درجات وقد مضى فيالأنعام وقوله : ) وفوق كل ذي علم عليم ( روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال : يكون ذا أعلم من ذا وذا أعلم من ذا والله فوق كل عالم وروى سفيان عن عبد الأعلى عن سعيد بن جبير قال : كنا عند بن عباس رحمه الله فتحدث بحديث فتعجب منه رجل فقال : سبحان الله وفوق كل ذي علم عليم فقال بن عباس : بئس ما قلت الله العليم وهو فوق كل عالم
يوسف : ) 77 ( قالوا إن يسرق . . . . .
) يوسف 77 : 79 (
(9/238)



" صفحة رقم 239 "
قوله تعالى : ) قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ( المعنى : أي اقتدى بأخيه ولو اقتدى بنا ما سرق وإنما قالوا ذلك ليبرءوا من فعله لأنه ليس من أمهم وأنه إن سرق فقد جذبه عرق أخيه السارق لأن الاشتراك في الأنساب يشاكل في الأخلاق وقد اختلفوا في السرقة التي نسبوا إلى يوسف فروى عن مجاهد وغيره أن عمة يوسف بنت إسحاق كانت أكبر من يعقوب وكانت صارت إليها منطقة إسحاق لسنها لأنهم كانوا يتوارثون بالسن وهذا مما نسخ حكمه بشرعنا وكان من سرق استعبد وكانت عمة يوسف حضنته وأحبته حبا شديدا فلما ترعرع وشب قال لها يعقوب : سلمي يوسف إلي فلست أقدر أن يغيب عني ساعة فولعت به وأشفقت من فراقه فقالت له : دعه عندي أياما أنظر إليه فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه ثم قالت : لقد فقدت منطقة إسحاق فانظروا من أخذها ومن أصابها فالتمست ثم قالت : اكشفوا أهل البيت فكشفوا فوجدت مع يوسف فقالت : إنه والله لي سلم أصنع فيه ما شئت ثم أتاها يعقوب فأخبرته الخبر فقال لها : أنت وذلك إن كان فعل ذلك فهو سلم لك فأمسكته حتى ماتت فبذلك عيره إخوته في قولهم : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ومن ها هنا تعلم يوسف وضع السقاية في رحل أخيه كما عملت به عمته وقال سعيد بن جبير : إنما أمرته أن يسرق صنما كان لجده أبي أمه فسرقه وكسره وألقاه على الطريق وكان ذلك منهما تغييرا للمنكر فرموه بالسرقة وعيروه بها وقاله قتادة وفي كتاب الزجاج : أنه كان صنم ذهب وقال عطية العوفي : إنه كان مع إخوته على طعام فنظر إلى عرق فخبأه فعيروه بذلك وقيل : إنه كان يسرق من طعام المائدة للمساكين حكاه بن عيسى وقيل : إنهم كذبوا عليه فيما نسبوه إليه قاله الحسن قوله تعالى : ) فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ( أي أسر في نفسه قولهم : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل قاله بن شجرة وبن عيسى وقيل : إنه أسر في نفسه قوله : ) أنتم شر مكانا ( ثم جهر فقال : ) والله أعلم بما تصفون
(9/239)



" صفحة رقم 240 "
قاله بن عباس أي أنتم شر مكانا ممن نسبتموه إلى هذه السرقة ومعنى قوله والله أعلم بما تصفون أي الله أعلم أن ما قلتم كذب وإن كانت لله رضا وقد قيل : إن إخوة يوسف في ذلك الوقت ما كانوا أنبياء قوله تعالى : ) قالوا يأيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه ( خاطبوه باسم العزيز إذ كان في تلك اللحظة بعزل الأول أو موته وقولهم : إن له أبا شيخا كبيرا أي كبير القدر ولم يريدوا كبر السن لأن ذلك معروف من حال الشيخ فخذ أحدنا مكانه أي عبدا بدله وقد قيل : إن هذا مجاز لأنهم يعلمون أنه لا يصح أخذ حر يسترق بدل من قد أحكمت السنة عندهم رقه وإنما هذا كما تقول لمن تكره فعله : اقتلني ولا تفعل كذا وكذا وأنت لا تريد أن يقتلك ولكنك مبالغ في استنزاله ويحتمل أن يكون قولهم : فخذ أحدنا مكانه حقيقة وبعيد عليهم وهم أنبياء أن يروا استرقاق حر فلم يبق إلا أن يريدوا بذلك طريق الحمالة أي خذ أحدنا مكانه حتى ينصرف إليك صاحبك ومقصدهم بذلك أن يصل بنيامين إلى أبيه ويعرف يعقوب جلية الأمر فمنع يوسف عليه السلام من ذلك إذ الحمالة في الحدود ونحوها بمعنى إحضار المضمون فقط جائزة مع التراضي غير لازمة إذا أبى الطالب وأما الحمالة في مثل هذا على أن يلزم الحميل ما كان يلزم المضمون من عقوبة فلا يجوز إجماعا وفي الواضحة : إن الحمالة في الوجه فقط في جميع الحدود جائزة إلا في النفس وجمهور الفقهاء على جواز الكفالة في النفس واختلف فيها عن الشافعي فمرة ضعفها ومرة أجازها قوله تعالى : ) إنا نراك من المحسنين ( يحتمل أن يريدوا وصفه بما رأوا من إحسانه في جميع أفعاله معهم ويحتمل أن يريدوا : إنا نرى لك إحسانا علينا في هذه اليد إن أسديتها إلينا وهذا تأويل بن إسحاق قوله تعالى : ) قال معاذ الله ( مصدر ) أن نأخذ ( في موضع نصب أي من أن نأخذ ) إلا من وجدنا ( في موضع نصب ب نأخذ ) متاعنا عنده ( أي معاذ الله أن نأخذ البريء بالمجرم ونخالف ما تعاقدنا عليه ) إنا إذا لظالمون ( أي أن نأخذ غيره

(9/240)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: