منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 16 مارس - 22:00




وفي سماع ابن القاسم : سئل مالك عن ابنتي العم أيجمع بينهما ؟ فقال : ما أعلمه حراما. قيل له : أفتكرهه ؟ قال : إن ناسا ليتقونه ؛ قال ابن القاسم : وهو حلال لا بأس به. قال ابن المنذر : لا أعلم أحدا أبطل هذا النكاح. وهما داخلتان في جملة ما أبيح بالنكاح غير خارجتين منه بكتاب ولا سنة ولا إجماع ، وكذلك الجمع بين ابنتي عمة وابنتي خالة. وقال السدي في قوله تعالى : {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} : يعني النكاح فيما دون الفرج. وقيل : المعنى وأحل لكم ما وراء ذوات المحارم من أقربائكم. قتادة : يعني بذلك ملك اليمين خاصة.
قوله تعالى : {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} لفظ يجمع التزوج والسراء. و"أن" في موضع نصب بدل من "ما" ، وعلى قراءة حمزة في موضع رفع ؛ ويحتمل أن يكون المعنى لأن ، أو بأن ؛ فتحذف اللام أو الباء فيكون في موضع نصب. و {مُحْصِنِينَ} نصب على الحال ، ومعناه متعففين عن الزنى. {غَيْرَ مُسَافِحِينَ} أي غير زانين. والسفاح الزنى ، وهو مأخوذ من سفح الماء ، أي صبه وسيلانه ؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع الدفاف في عرس : "هذا النكاح لا السفاح ولا نكاح السر". وقد قيل : إن قوله {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} يحتمل وجهين : أحدهما : ما ذكرناه وهو الإحصان بعقد النكاح ، تقديره اطلبوا منافع البضع بأموالكم على وجه النكاح لا على وجه السفاح ؛ فيكون للآية على هذا الوجه عموم. ويحتمل أن يقال : "محصنين" أي الإحصان صفة لهن ، ومعناه لتزوجوهن على شرط الإحصان فيهن ؛ والوجه الأول أولى ؛ لأنه متى أمكن جري الآية على عمومها والتعلق بمقتضاها فهو أولى ؛ ولأن مقتضى الوجه الثاني : أن المسافحات لا يحل التزوج بهن ، وذلك خلاف الإجماع.
السابعة : قوله تعالى : {بِأَمْوَالِكُمْ} أباح الله تعالى الفروج بالأموال ولم يحصل ، فوجب إذا حصل بغير المال ألا تقع الإباحة به ؛ لأنها على غير الشرط المأذون فيه ، كما لو عقد على خمر أو خنزير أو ما لا يصح تملكه. ويرد على أحمد قوله في أن العتق يكون صداقا ؛ لأنه
(5/127)



ليس فيه تسليم مال وإنما فيه إسقاط الملك من غير أن استحقت به تسليم مال إليها ؛ فإن الذي كان يملكه المولى من عنده لم ينتقل إليها وإنما سقط. فإذا لم يسلم الزوج إليها شيئا ولم تستحق عليه شيئا ، وإنما أتلف به ملكه ، لم يكن مهرا. وهذا بين مع قوله تعالى : {وَآتُوا النِّسَاءَ} وذلك أمر يقتضي الإيجاب ، وإعطاء العتق لا يصح. وقوله تعالى : {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ} وذلك محال في العتق ، فلم يبق أن يكون الصداق إلا مالا لقوله تعالى : {بِأَمْوَالِكُمْ} اختلف من قال بذلك في قدر ذلك ؛ فتعلق الشافعي بعموم قوله تعالى : {بِأَمْوَالِكُمْ} في جواز الصداق بقليل وكثير ، وهو الصحيح ؛ ويعضده قوله عليه السلام في حديث الموهوبة "ولو خاتما من حديد" . وقوله عليه السلام : "أنكحوا الأيامى" ؛ ثلاثا. قيل : ما العلائق بينهم يا رسول الله ؟ قال : "ما تراضى عليه الأهلون ولو قضيبا من أراك". وقال أبو سعيد الخدري : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صداق النساء فقال : "هو ما اصطلح عليه أهلوهم". وروى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لو أن رجلا أعطى امرأة ملء يديه طعاما كانت به حلالا" . أخرجهما الدارقطني في سننه. قال الشافعي : كل ما جاز أن يكون ثمنا لشيء ، أو جاز أن يكون أجرة جاز أن يكون صداقا ، وهذا قول جمهور أهل العلم. وجماعة أهل الحديث من أهل المدينة وغيرها ، كلهم أجازوا الصداق بقليل المال وكثيره ، وهو قول عبدالله بن وهب صاحب مالك ، واختاره ابن المنذر وغيره. قال سعيد بن المسيب : لو أصدقها سوطا حلت به ، وأنكح ابنته من عبدالله بن وداعة بدرهمين. وقال ربيعة : يجوز النكاح بدرهم. وقال بعض أصحابنا في تعليل له : وكان أشبه الأشياء بذلك قطع من ربع دينار أو ثلاثة دراهم كيلا. قال بعض أصحابنا في تعليل له : وكان أشبه الأشياء بذلك قطع اليد ، لأن البضع عضو واليد عضو يستباح بمقدر من المال ، وذلك ربع دينار أو ثلاثة دراهم كيلا ؛ فرد مالك البضع إليه قياسا على اليد. قال أبو عمر : قد تقدمه إلى هذا أبو حنيفة ، فقاس الصداق على قطع اليد ، واليد عنده لا تقطع إلا في دينار ذهبا أو عشرة دراهم كيلا ، ولا صداق عنده أقل من ذلك ، وعلى ذلك جماعة أصحابه وأهل مذهبه ، وهو قول أكثر أهل بلده في قطع اليد لا في أقل الصداق. وقد قال الداروردي لمالك إذ قال لا صداق
(5/128)



أقل من ربع دينار : تعرقت فيها يا أبا عبدالله أي سلكت فيها سبيل أهل العراق. وقد احتج أبو حنيفة بما رواه جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا صداق دون عشرة دراهم" أخرجه الدارقطني. وفي سنده مبشر بن عبيد متروك. وروي عن داود الأودي عن الشعبي عن علي عليه السلام : لا يكون المهر أقل من عشرة دراهم. قال أحمد بن حنبل : لقن غياث بن إبراهيم داود الأودي عن الشعبي عن علي : لا مهر أقل من عشرة دراهم. فصار حديثا. وقال النخعي : أقله أربعون درهما. سعيد بن جبير : خمسون درهما. ابن شبرمة : خمسة دراهم. ورواه الدارقطني عن ابن عباس عن علي رضي الله عنه : لا مهر أقل من خمسة دراهم.
الثامنة : قوله تعالى : {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} الاستمتاع التلذذ والأجور المهور ؛ وسمي المهر أجرا لأنه أجر الاستمتاع ، وهذا نص على أن المهر يسمى أجرا ، وذلك دليل على أنه في مقابلة البضع ؛ لأن ما يقابل المنفعة يسمى أجرا. وقد اختلف العلماء في المعقود عليه في النكاح ما هو : بدن المرأة أو منفعة البضع أو الحل ؛ ثلاثة أقوال ، والظاهر المجموع ؛ فإن العقد يقتضي كل ذلك. والله أعلم.
التاسعة : واختلف العلماء في معنى الآية ؛ فقال الحسن ومجاهد وغيرهما : المعنى فما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الصحيح {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي مهورهن ، فإذا جامعها مرة واحدة فقد وجب المهر كاملا إن كان مسمى ، أو مهر مثلها إن لم يسم ، فإن كان النكاح فاسدا فقد اختلفت الرواية عن مالك في النكاح الفاسد ، هل تستحق به مهر المثل ، أو المسمى إذا كان مهرا صحيحا ؟ فقال مرة المهر المسمى ، وهو ظاهر مذهبه ؛ وذلك أن ما تراضوا عليه يقين ، ومهر المثل اجتهاد فيجب أن يرجع إلى ما تيقناه ؛ لأن الأموال لا تستحق بالشك. ووجه قوله : "مهر المثل" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها مهر مثلها بما استحل من فرجها" . قال ابن خويز منداد : ولا يجوز أن تحمل الآية على جواز المتعة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5/129)



نهى عن نكاح المتعة وحرمه ؛ ولأن الله تعالى قال : {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} ومعلوم أن النكاح بإذن الأهلين هو النكاح الشرعي بولي وشاهدين ، ونكاح المتعة ليس كذلك. وقال الجمهور : المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام. وقرأ ابن عباس وأبي وابن جبير "فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فأتوهن أجورهن "ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم. وقال سعيد بن المسيب : نسختها آية الميراث ؛ إذ كانت المتعة لا ميراث فيها. وقالت عائشة والقاسم بن محمد : تحريمها ونسخها في القرآن ؛ وذلك في قوله تعالى : {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} وليست المتعة نكاحا ولا ملك يمين. وروى الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة ، قال : وإنما كانت لمن لم يجد ، فلما نزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت. وروى عن علي رضى الله عنه أنه قال : نسخ صوم رمضان كل صوم ، ونسخت الزكاة كل صدقة ، ونسخ الطلاق والعدة والميراث المتعة ، ونسخت الأضحية كل ذبح. وعن ابن مسعود قال : المتعة منسوخة نسخها الطلاق والعدة والميراث. وروى عطاء عن ابن عباس قال : ما كانت المتعة إلا رحمة من الله تعالى رحم بها عباده ولولا نهي عمر عنها ما زنى إلا شقي.
العاشرة : واختلف العلماء كم مرة أبيحت ونسخت ؛ ففي صحيح مسلم عن عبدالله قال : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء ؛ فقلنا : ألا نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك ، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل. قال أبو حاتم البستي في صحيحه : قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم "ألا نستخصي" دليل على أن المتعة كانت محظورة قبل أن أبيح لهم الاستمتاع ، ولو لم تكن محظوره لم يكن لسؤالهم عن هذا معنى ، ثم رخص لهم في الغزو أن ينكحوا المرأة بالثوب إلى أجل ثم نهى عنها عام خيبر ، ثم أذن فيها عام الفتح ، ثم حرمها بعد ثلاث ، فهي محرمة إلى يوم القيامة. وقال ابن العربي : وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة ؛ لأنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر ، ثم أبيحت في غزوة
(5/130)



أوطاس ، ثم حرمت بعد ذلك واستقر الأمر على التحريم ، وليس لها أخت في الشريعة إلا مسألة القبلة ، لأن النسخ طرأ عليها مرتين ثم استقرت بعد ذلك. وقال غيره ممن جمع طرق الأحاديث فيها : إنها تقتضي التحليل والتحريم سبع مرات ؛ فروى ابن أبي عمرة أنها كانت في صدر الإسلام. وروى سلمة بن الأكوع أنها كانت عام أوطاس. ومن رواية علي تحريمها يوم خيبر. ومن رواية الربيع بن سبرة إباحتها يوم الفتح.
قلت : وهذه الطرق كلها في صحيح مسلم ؛ وفي غيره عن علي نهيه عنها في غزوة تبوك ؛ رواه إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبدالله بن محمد بن علي عن أبيه عن علي ، ولم يتابع إسحاق بن راشد على هذه الرواية عن ابن شهاب ؛ قال أبو عمر رحمه الله. وفي مصنف أبي داود من حديث الربيع بن سبرة النهي عنها في حجة الوداع ، وذهب أبو داود إلى أن هذا أصح ما روي في ذلك. وقال عمرو عن الحسن : ما حلت المتعة قط إلا ثلاثا في عمرة القضاء ما حلت قبلها ولا بعدها. وروي هذا عن سبرة أيضا ؛ فهذه سبعة مواطن أحلت فيها المتعة وحرمت. قال أبو جعفر الطحاوي : كل هؤلاء الذين رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم إطلاقها أخبروا أنها كانت في سفر ، وأن النهي لحقها في ذلك السفر بعد ذلك ، فمنع منها ، وليس أحد منهم يخبر أنها كانت في حضر ؛ وكذلك روي عن ابن مسعود. فأما حديث سبرة الذي فيه إباحة النبي صلى الله عليه وسلم لها في حجة الوداع فخارج عن معانيها كلها ؛ وقد اعتبرنا هذا الحرف فلم نجده إلا في رواية عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز خاصة ، وقد رواه إسماعيل بن عياش عن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز فذكر أن ذلك كان في فتح مكة وأنهم شكوا إليه العزبة فرخص لهم فيها ، ومحال أن يشكوا إليه العزبة في حجة الوداع ؛ لأنهم كانوا حجوا بالنساء ، وكان تزويج النساء بمكة يمكنهم ، ولم يكونوا حينئذ كما كانوا في الغزوات المتقدمة. ويحتمل أنه لما كانت عادة النبي صلى الله عليه وسلم تكرير مثل هذا في مغازيه
(5/131)



وفي المواضع الجامعة ، ذكر تحريمها في حجة الوداع ؛ لاجتماع الناس حتى يسمعه من لم يكن سمعه ، فأكد ذلك حتى لا تبقى شبهة لأحد يدعي تحليلها ؛ ولأن أهل مكة كانوا يستعملونها كثيرا.
الحادية عشرة : روى الليث بن سعد عن بكير بن الأشج عن عمار مولى الشريد قال : سألت ابن عباس عن المتعة أسفاح هي أم نكاح ؟ قال : لا سفاح ولا نكاح. قلت : فما هي ؟ قال : المتعة كما قال الله تعالى. قلت : هل عليها عدة ؟ قال : نعم حيضة. قلت : يتوارثان ، قال : لا. قال أبو عمر : لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه ، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق. وقال ابن عطية : "وكانت المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بشاهدين وإذن الولي إلى أجل مسمى ؛ وعلى أن لا ميراث بينهما ، ويعطيها ما اتفقا عليه ؛ فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل ويستبرئ رحمها : لأن الولد لا حق فيه بلا شك ، فإن لم تحمل حلت لغيره. وفي كتاب النحاس : في هذا خطأ وأن الولد لا يلحق في نكاح المتعة".
قلت : هذا هو المفهوم من عبارة النحاس ؛ فإنه قال : وإنما المتعة أن يقول لها : أتزوجك يوما - أو ما أشبه ذلك - على أنه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك ؛ وهذا هو الزنى بعينه ولم يبح قط في الإسلام ؛ ولذلك قال عمر : لا أوتى برجل تزوج متعة إلا غيبته تحت الحجارة.
الثانية عشرة : وقد اختلف علماؤنا إذا دخل في نكاح المتعة هل يحد ولا يلحق به الولد أو يدفع الحد للشبهة ويلحق به الولد على قولين ؛ ولكن يعذر ويعاقب. وإذا لحق اليوم الولد في نكاح المتعة في قول بعض العلماء مع القول بتحريمه ، فكيف لا يلحق في ذلك الوقت الذي أبيح ، فدل على أن نكاح المتعة كان على حكم النكاح الصحيح ، ويفارقه في الأجل والميراث. وحكى المهدوي عن ابن عباس أن نكاح المتعة كان بلا ولي ولا شهود. وفيما حكاه ضعف ؛ لما ذكرنا. قال ابن العربي : وقد كان ابن عباس يقول بجوازها ، ثم ثبت رجوعه
(5/132)



عنها ، فانعقد الإجماع على تحريمها ؛ فإذا فعلها أحد رجم في مشهور المذهب. وفي رواية أخرى عن مالك : لا يرجم ؛ لأن نكاح المتعة ليس بحرام ، ولكن لأصل آخر لعلمائنا غريب انفردوا به دون سائر العلماء ؛ وهو أن ما حرم بالسنة هل هو مثل ما حرم بالقرآن أم لا ؟ فمن رواية بعض المدنيين عن مالك أنهما ليسا بسواء ؛ وهذا ضعيف. وقال أبو بكر الطرطوسي : ولم يرخص في نكاح المتعة إلا عمران بن حصين وابن عباس وبعض الصحابة وطائفة من أهل البيت. وفي قول ابن عباس يقول الشاعر :
أقول للركب إذ طال الثواء بنا ... يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
في بضة رخصة الأطراف ناعمة ... تكون مثواك حتى مرجع الناس
وسائر العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين على أن هذه الآية منسوخة ، وأن المتعة حرام. وقال أبو عمر : أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عباس وحرمها سائر الناس. وقال معمر : قال الزهري : ازداد الناس لها مقتا حتى قال الشاعر :
قال المحدث لما طال مجلسه ... يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
كما تقدم.
قوله تعالى : {أُجُورَهُنَّ} يعم المال وغيره ، فيجوز أن يكون الصداق منافع أعيان. وقد اختلف في هذا العلماء ؛ فمنعه مالك والمزني والليث وأحمد وأبو حنيفة وأصحابه ؛ إلا أن أبا حنيفة قال : إذا تزوج على ذلك فالنكاح جائز وهو في حكم من لم يسم لها ، ولها مهر مثلها إن دخل بها ، وإن لم يدخل بها فلها المتعة. وكرهه ابن القاسم في كتاب محمد وأجازه أصبغ. قال ابن شاس : فإن وقع مضى في قول أكثر الأصحاب. وهي رواية أصبغ عن ابن القاسم. وقال الشافعي : النكاح ثابت وعليه أن يعلمها ما شرط لها. فإن طلقها قبل الدخول ففيها للشافعي قولان : أحدهما : أن لها نصف أجر تعليم تلك السورة ، والآخر : أن لها نصف مهر مثلها. وقال إسحاق : النكاح جائز. قال أبو الحسن اللخمي : والقول بجواز جميع ذلك أحسن. والإجارة والحج كغيرهما من الأموال التي تتملك وتباع وتشترى. وإنما كره
(5/133)



ذلك مالك لأنه يستحب أن يكون الصداق معجلا ، والإجارة والحج في معنى المؤجل. احتج أهل القول الأول بأن الله تعالى قال : {بِأَمْوَالِكُمْ} وتحقيق المال ما تتعلق به الأطماع ، ويعد للانتفاع ، ومنفعة الرقبة في الإجارة ومنفعة التعليم للعلم كله ليس بمال. قال الطحاوي : والأصل المجتمع عليه أن رجلا لو استأجر رجلا على أن يعلمه سورة من القرآن سماها ، بدرهم لم يجز ؛ لأن الإجارات لا تجوز إلا لأحد معنيين ؛ إما على عمل بعينه كخياطة ثوب وما أشبهه ، وإما على وقت معلوم ؛ وكان إذا استأجره على تعليم سورة فتلك إجارة لا على وقت معلوم ولا على عمل معلوم ، وإنما استأجره على أن يعلم ، وقد يفهم بقليل التعليم وكثيره في قليل الأوقات وكثيرها. وكذلك لو باعه داره على أن يعلمه سورة من القرآن لم يجز للمعاني التي ذكرناها في الإجارات. وإذا كان التعليم لا يملك به المنافع ولا أعيان الأموال ثبت بالنظر أنه لا تملك به الأبضاع. والله الموفق. احتج من أجاز ذلك بحديث سهل بن سعد في حديث الموهوبة ، وفيه فقال : "اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن". في رواية قال : "انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن". قالوا : ففي هذا دليل على انعقاد النكاح وتأخر المهر الذي هو التعليم ، وهذا على الظاهر من قوله : "بما معك من القرآن" فإن الباء للعوض ؛ كما تقول : خذ هذا بهذا ، أي عوضا منه. وقوله في الرواية الأخرى : "فعلمها" نص في الأمر بالتعليم ، والمساق يشهد بأن ذلك لأجل النكاح ، ولا يلتفت لقول من قال إن ذلك كان إكراما للرجل بما حفظه من القرآن ، أي لما حفظه ، فتكون الباء بمعنى اللام ؛ فإن الحديث الثاني يصرح بخلافه في قوله : "فعلمها من القرآن" . ولا حجة فيما روي عن أبي طلحة أنه خطب أم سليم فقالت : إن أسلم تزوجته. فأسلم فتزوجها ؛ فلا يعلم مهر كان أكرم من مهرها ، كان مهرها الإسلام فإن ذلك خاص به. وأيضا فإنه لا يصل إليها منه شيء بخلاف التعليم وغيره من المنافع. وقد زوج شعيب عليه السلام ابنته من موسى عليه السلام على أن يرعى له غنما في صداقها ؛ على ما يأتي بيانه في سورة "القصص". وقد روي من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه : "يا فلان هل
(5/134)



تزوجت" ؟ قال : لا ، وليس معي ما أتزوج به. قال : أليس معك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} " ؟ قال : بلى! قال : "ثلث القرآن ، أليس معك آية الكرسي" ؟ قال : بلى! قال : "ربع القرآن ، أليس معك {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} " ؟ قال : بلى ! قال : "ربع القرآن" أليس معك {إِذَا زُلْزِلَتِ} " ؟ قال : بلى ! قال : "ربع القرآن. تزوج تزوج".
قلت : وقد أخرج الدارقطني حديث سهل من حديث ابن مسعود ، وفيه زيادة تبين ، ما احتج به مالك وغيره ، وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من ينكح هذه" ؟ فقام ذلك الرجل فقال : أنا يا رسول الله ؛ فقال : "ألك مال" ؟ قال : لا ، يا رسول الله ؛ قال : "فهل تقرأ من القرآن شيئا" ؟ . قال : نعم ، سورة البقرة ، وسورة المفصل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها وإذا رزقك الله عوضتها". فتزوجها الرجل على ذلك. وهذا نص - لو صح - في أن التعليم لا يكون صداقا. قال الدارقطني : تفرد به عتبة بن السكن وهو متروك الحديث. و {فَرِيضَةً} نصب على المصدر في موضع الحال ، أي مفروضة.
الرابعة عشرة : قوله تعالى : {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} أي من زيادة ونقصان في المهر ؛ فإن ذلك سائغ عند التراضي بعد استقرار الفريضة. والمراد إبراء المرأة عن المهر ، أو توفية الرجل كل المهر إن طلق قبل الدخول. وقال القائلون بأن الآية في المتعة : هذا إشارة إلى ما تراضيا عليه من زيادة في مدة المتعة في أول الإسلام ؛ فإنه كان يتزوج الرجل المرأة شهرا على دينار مثلا ، فإذا انقضى الشهر فربما كان يقول : زيديني في الأجل أزدك في المهر. فبين أن ذلك كان جائزا عند التراضي.
25- {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ
(5/135)



فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
فيه إحدى وعشرون مسألة :
الأولى : قوله تعالى : {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} نبه تعالى على تخفيف في النكاح وهو نكاح الأمة لمن لم يجد الطول. واختلف العلماء. في معنى الطول على ثلاثة أقوال : الأول : السعة والغنى ؛ قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والسدي وابن زيد ومالك في المدونة. يقال : طال يطول طولا في الإفضال والقدرة. وفلان ذو طول أي ذو قدرة في مال "بفتح الطاء". وطولا "بضم الطاء" في ضد القصر. والمراد ههنا القدرة على المهر في قول أكثر أهل العلم ، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. قال أحمد بن المعذل : قال عبد الملك : الطول كل ما يقدر به على النكاح من نقد أو عرض أو دين على ملي. قال : وكل ما يمكن بيعه وإجارته فهو طول. قال : وليست الزوجة ولا الزوجتان ولا الثلاثة طولا. وقال : وقد سمعت ذلك من مالك رضي الله عنه. قال عبد الملك : لأن الزوجة لا ينكح بها ولا يصل بها إلى غيرها إذ ليست بمال. وقد سئل مالك عن رجل يتزوج أمة وهو ممن يجد الطول ؛ فقال : أرى أن يفرق بينهما. قيل له : إنه يخاف العنت. قال : السوط يضرب به. ثم خففه بعد ذلك.
القول الثاني : الطول الحرة. وقد اختلف قول مالك في الحرة هل هي طول أم لا ؛ فقال في المدونة : ليست الحرة بطول تمنع من نكاح الأمة ؛ إذا لم يجد سعة لأخرى وخاف العنت. وقال في كتاب محمد ما يقتضي أن الحرة بمثابة الطول. قال اللخمي : وهو ظاهر القرآن. وروي نحو هذا عن ابن حبيب ، وقال أبو حنيفة. فيقتضي هذا أن من عنده حرة فلا يجوز له نكاح الأمة لأن عدم السعة وخاف العنت ، لأنه طالب شهوة وعنده امرأة ، وقال به الطبري واحتج له. قال أبو يوسف : الطول هو وجود الحرة
(5/136)



تحته ؛ فإذا كانت تحته حرة فهو ذو طول ، فلا يجوز له نكاح الأمة.
القول الثالث : الطول الجلد والصبر لمن أحب أمة وهويها حتى صار لذلك لا يستطع أن يتزوج غيرها ، فإن له أن يتزوج الأمة إذا لم يملك هواها وخاف أن يبغي بها وإن كان يجد سعة في المال لنكاح حرة ؛ هذا قول قتادة والنخعي وعطاء وسفيان الثوري. فيكون قوله تعالى : {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ} على هذا التأويل في صفة عدم الجلد. وعلى التأويل الأول يكون تزويج الأمة معلقا بشرطين : عدم السعة في المال ، وخوف العنت ؛ فلا يصح إلا باجتماعهما. وهذا هو نص مذهب مالك في المدونة من رواية ابن نافع وابن القاسم وابن وهب وابن زياد. قال مطرف وابن الماجشون : لا يحل للرجل أن ينكح أمة ، ولا يقران إلا أن يجتمع الشرطان كما قال الله تعالى. وقال أصبغ. وروي هذا القول عن جابر بن عبدالله وابن عباس وعطاء وطاوس والزهري ومكحول ، وبه قال الشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق ، واختاره ابن المنذر وغيره. فإن وجد المهر وعدم النفقة فقال مالك في كتاب محمد : لا يجوز له أن يتزوج أمة. وقال أصبغ : ذلك جائز ؛ إذ نفقة الأمة على أهلها إذا لم يضمها إليه. وفي الآية قول رابع : قال مجاهد : مما وسع الله على هذه الأمة نكاح الأمة والنصرانية ، وإن كان موسرا. وقال بذلك أبو حنيفة أيضا ، ولم يشترط خوف العنت ؛ إذا لم تكن تحته حرة. قالوا : لأن كل مال يمكن أن يتزوج به الأمه يمكن أن يتزوج به الحرة ؛ فالآية على هذا أصل في جواز نكاح الأمة مطلقا. قال مجاهد : وبه يأخذ سفيان ، وذلك أني سألته عن نكاح الأمة فحدثني عن ابن أبي ليلى عن المنهال عن عباد بن عبدالله عن علي رضي الله عنه قال : إذا نكحت الحرة على الأمة كان للحرة يومان وللأمة يوم. قال : ولم ير علي به بأسا. وحجة هذا القول عموم قوله تعالى : {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} . وقوله تعالى : {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} إلى قوله : {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} ، لقوله عز وجل : {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} وقد اتفق الجميع على أن للحر أن يتزوج أربعا وإن خاف ألا يعدل. قالوا : وكذلك له تزوج الأمة وإن كان واجدا للطول غير خائف للعنت. وقد
(5/137)



روي عن مالك في الذي يجد طولا لحرة أنه يتزوج أمة مع قدرته على طول الحرة ؛ وذلك ضعيف من قول. وقد قال مرة أخرى : ما هو بالحرام البين ، وأجوزه. والصحيح أنه لا يجوز للحر المسلم أن ينكح أمة غير مسلمة بحال ، ولا له أن يتزوج بالأمة المسلمة إلا بالشرطين المنصوص عليهما كما بينا. والعنت الزنى ؛ فإن عدم الطول ولم يخش العنت لم يجز له نكاح الأمة ، وكذلك إن وجد الطول وخشي العنت.فإن قدر على طول حرة كتابية وهي المسألة :
الثانية : فهل يتزوج الأمة ؛ اختلف علماؤنا في ذلك ، فقيل : يتزوج الأمة فإن الأمة المسلمة لا تلحق بالكافرة ، فأمة مؤمنة خير من حرة مشركة. واختاره ابن العربي. وقيل : يتزوج الكتابية ؛ لأن الأمة وإن كانت تفضلها بالإيمان فالكافرة مفضلها بالحرية وهي زوجة. وأيضا فإن ولدها يكون حرا لا يسترق ، وولد الأمة يكون رقيقا ؛ وهذا هو الذي يتمشى على أصل المذهب.
الثالثة : واختلف العلماء في الرجل يتزوج الحرة على الأمة ولم تعلم بها ؛ فقالت طائفة : النكاح ثابت. كذلك قال سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ، وروي عن علي. وقيل : للحرة الخيار إذا علمت. ثم في أي شيء يكون لها الخيار ؛ فقال الزهري وسعيد بن المسيب ومالك وأحمد وإسحاق في أن تقيم معه أو تفارقه. وقال عبدالملك : في أن تقر نكاح الأمة أو تفسخه. وقال النخعي : إذا تزوج الحرة على الأمة فارق الأمة إلا أن يكون له منها ولد ؛ فإن كان لم يفرق بينهما. وقال مسروق : يفسخ نكاح الأمة ؛ لأنه أمر أبيح للضرورة كالميتة ، فإذا ارتفعت الضرورة ارتفعت الإباحة.
الرابعة : فإن كانت تحته أمتان علمت الحرة بواحدة منهما ولم تعلم بالأخرى فإنه يكون لها الخيار. ألا ترى لو أن حرة تزوج عليها أمة فرضيت ، ثم تزوج عليها أمة فرضيت ، ثم تزوج عليها أخرى فأنكرت كان ذلك لها ؛ فكذلك هذه إذا لم تعلم بالأمتين وعلمت بواحدة. قال ابن القاسم : قال مالك : وإنما جعلنا الخيار للحرة في هذه المسائل لما قالت العلماء قبلي.
(5/138)



يريد سعيد بن المسيب وابن شهاب وغيرهما. قال مالك : ولولا ما قالوه لرأيته حلالا ؛ لأنه في كتاب الله حلال. فإن لم تكفه الحرة واحتاج إلى أخرى ولم يقدر على صداقها جاز له أن يتزوج الأمة حتى ينتهي إلى أربع بالتزويج بظاهر القرآن. رواه ابن وهب عن مالك. وروى ابن القاسم عنه : يرد نكاحه. قال ابن العربي : والأول أصح في الدليل ، وكذلك هو في القرآن ؛ فإن من رضي بالسبب المحقق رضي بالمسبب المرتب عليه ، وألا يكون لها خيار ؛ لأنها قد علمت أن له نكاح الأربع ؛ وعلمت أنه إن لم يقدر على نكاح حرة تزوج أمة ، وما شرط الله سبحانه عليها كما شرطت على نفسها ، ولا يعتبر في شروط الله سبحانه وتعالى علمها. وهذا غاية التحقيق في الباب والإنصاف فيه.
الخامسة : قوله تعالى : {الْمُحْصَنَاتِ} يريد الحرائر ؛ يدل عليه التقسيم بينهن وبين الإماء في قوله : {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} وقالت فرقة : معناه العفائف. وهو ضعيف ؛ لأن الإماء يقعن تحته فأجازوا نكاح إماء أهل الكتاب ، وحرموا البغايا من المؤمنات والكتابيات. وهو قول ابن ميسرة والسدي. وقد اختلف العلماء فيما يجوز للحر الذي لا يجد الطول ويخشى العنت من نكاح الإماء ؛ فقال مالك وأبو حنيفة وابن شهاب الزهري والحارث العكلي : له أن يتزوج أربعا. وقال حماد بن أبي سليمان : ليس له أن ينكح من الإماء أكثر من اثنتين. وقال الشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق : ليس له أن ينكح من الإماء إلا واحدة. وهو قول ابن عباس ومسروق وجماعة ؛ واحتجوا بقوله تعالى : {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} وهذا المعنى يزول بنكاح واحدة.
السادسة : قوله تعالى : {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي فليتزوج بأمة الغير. ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز له أن يتزوج أمة نفسه ؛ لتعارض الحقوق واختلافها.
السابعة : {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ} أي المملوكات ، وهي جمع فتاة. والعرب تقول للمملوك : فتى ، وللمملوكة فتاة. وفي الحديث الصحيح : "لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي
(5/139)



ولكن ليقل فتاي وفتاتي" وسيأتي. ولفظ الفتى والفتاة يطلق أيضا على الأحرار في ابتداء الشباب ، فأما في المماليك فيطلق في الشباب وفي الكبر.
الثامنة : قوله تعالى : {الْمُؤْمِنَاتِ} بين بهذا أنه لا يجوز التزوج بالأمة الكتابية ، فهذه الصفة مشترطة عند مالك وأصحابه ، والشافعي وأصحابه ، والثوري والأوزاعي والحسن البصري والزهري ومكحول ومجاهد. وقالت طائفة من أهل العلم منهم أصحاب الرأي : نكاح الأمة الكتابية جائز. قال أبو عمر : ولا أعلم لهم سلفا في قولهم ، إلا أبا ميسرة عمرو بن شرحبيل فإنه قال : إماء أهل الكتاب بمنزلة الحرائر منهن. قالوا : وقوله "المؤمنات" على جهة الوصف الفاضل وليس بشرط ألا يجوز غيرها ؛ وهذا بمنزلة قوله تعالى : {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} فإن خاف ألا يعدل فتزوج أكثر من واحدة جاز ، ولكن الأفضل ألا يتزوج ؛ فكذلك هنا الأفضل ألا يتزوج إلا مؤمنة ، ولو تزوج غير المؤمنة جاز. واحتجوا بالقياس على الحرائر ، وذلك أنه لما لم يمنع قوله : "المؤمنات" في الحرائر من نكاح الكتابيات فكذلك لا يمنع قوله : "المؤمنات" في الإماء من نكاح إماء الكتابيات. وقال أشهب في المدونة : جائز للعبد المسلم أن يتزوج أمة كتابية. فالمنع عنده أن يفضل الزوج في الحرية والدين معا. ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز لمسلم نكاح مجوسية ولا وثنية ، وإذا كان حراما بإجماع نكاحهما فكذلك وطؤهما بملك اليمين قياسا ونظرا. وقد روي عن طاوس ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار أنهم قالوا : لا بأس بنكاح الأمة المجوسية بملك اليمين. وهو قول شاذ مهجور لم يلتفت إليه أحد من فقهاء الأمصار. وقالوا : لا يحل أن يطأها حتى تسلم. وقد تقدم القول في هذه المسألة في "البقرة" مستوفى. والحمد لله.
التاسعة : قوله تعالى : {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ} المعنى أن الله عليم ببواطن الأمور ولكم ظواهرها ، وكلكم بنو آدم وأكرمكم عند الله أتقاكم ، فلا تستنكفوا من التزوج بالإماء عند الضرورة ، وإن كانت حديثة عهد بسباء ، أو كانت خرساء وما أشبه ذلك. ففي اللفظ تنبيه على أنه ربما كان إيمان أمة أفضل من إيمان بعض الحرائر.
(5/140)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: