منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 9 يناير - 17:36






قال الحسن : هي الزكاة المفروضة. وقال ابن جريج وسعيد بن جبير : هذه الآية تجمع الزكاة المفروضة والتطوع. قال ابن عطية. وهذا صحيح ، ولكن ما تقدم من الآيات في ذكر القتال وأن الله يدفع بالمؤمنين في صدور الكافرين يترجح منه أن هذا الندب إنما هو في سبيل الله ، ويقوى ذلك في آخر الآية قوله : {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} أي فكافحوهم بالقتال بالأنفس وإنفاق الأموال.
قلت : وعلى هذا التأويل يكون إنفاق الأموال مرة واجبا ومرة ندبا بحسب تعين الجهاد وعدم تعينه. وأمر تعالى عباده بالإنفاق مما رزقهم الله وأنعم به عليهم وحذرهم من الإمساك إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك نفقة ، كما قال : {فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} [المنافقين : 10]. والخلة : خالص المودة ، مأخوذة من تخلل الأسرار بين الصديقين. والخلالة والخلالة والخلالة : الصداقة والمودة ، قال الشاعر :
وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب
وأبو مرحب كنية الظل ، ويقال : هو كنية عرقوب الذي قيل فيه : مواعيد عرقوب. والخلة بالضم أيضا : ما خلا من النبت ، يقال : الخلة خبز الإبل والحمض فاكهتها. والخلة بالفتح : الحاجة والفقر. والخلة : ابن مخاض ، عن الأصمعي. يقال : أتاهم بقرص كأنه فرسن خلة. والأنثى خلة أيضا. ويقال للميت : اللهم أصلح خلته ، أي الثلمة التي ترك. والخلة : الخمرة الحامضة. والخلة "بالكسر" : واحدة خلل السيوف ، وهي بطائن كانت تغشى بها أجفان السيوف منقوشة بالذهب وغيره ، وهي أيضا سيور تلبس ظهر سِيَتي القوس. والخلة أيضا : ما يبقى بين الأسنان. وسيأتي في "النساء" اشتقاق الخليل ومعناه. فأخبر الله تعالى ألا خلة في الآخرة ولا شفاعة إلا بإذن الله. وحقيقتها رحمة منه تعالى شرف بها الذي أذن له في أن يشفع. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو "لا بيع فيه ولا خلة ،
(3/266)





ولا شفاعة" بالنصب من غير تنوين ، وكذلك في سورة "إبراهيم" {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ} [إبراهيم : 31] وفي "الطور ]{لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ} [الطور : 23] وأنشد حسان بن ثابت :
ألا طعان ولا فرسان عادية ... إلا تجشوكم عند التنانير
وألف الاستفهام غير مغيرة عمل "لا" كقولك : ألا رجل عندك ، ويجوز ألا رجل ولا امرأة كما جاز في غير الاستفهام فاعلمه. وقرأ الباقون جميع ذلك بالرفع والتنوين ، كما قال الراعي :
وما صرمتك حتى قلت معلنة ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل
ويروى "وما هجرتك" فالفتح على النفي العام المستغرق لجميع الوجوه من ذلك الصنف ، كأنه جواب لمن قال : هل فيه من بيع ؟ فسأل سؤالا عاما فأجيب جوابا عاما بالنفي. و"لا" مع الاسم المنفى بمنزلة اسم واحد في موضع رفع بالابتداء ، والخبر "فيه". وإن شئت جعلته صفة ليوم ، ومن رفع جمله "لا" بمنزلة ليس. وجعل الجواب غير عام ، وكأنه جواب من قال : هل فيه بيع ؟ بإسقاط من ، فأتى الجواب غير مغير عن رفعه ، والمرفوع مبتدأ أو اسم ليس و"فيه" الخبر. قال مكي : والاختيار الرفع ؛ لأن أكثر القراء عليه ، ويجوز في غير القرآن لا بيع فيه ولا خلة ، وأنشد سيبويه لرجل من مذحج :
هذا لعمركم الصغار بعينه ... لا أم لي إن كان ذاك ولا أب
ويجوز أن تبني الأول وتنصب الثاني وتنونه فتقول : لا رجل فيه ولا امرأة ، وأنشد سيبويه :
لا نسب اليوم ولا خلة ... اتسع الخرق على الراقع
ف "لا" زائدة في الموضعين ، الأول عطف على الموضع والثاني على اللفظ ووجه خامس أن ترفع الأول وتبني الثاني كقولك : لا رجل فيها ولا امرأة ، قال أمية :
فلا لغو ولا تأثيم فيها ...
وما فاهوا به أبدا مقيم
(3/267)





وهذه الخمسة الأوجه جائزة في قولك : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وقد تقدم هذا والحمد لله . {وَالْكَافِرُونَ} ابتداء. {هُمُ} ابتداء ثان ، {الظَّالِمُونَ} خبر الثاني ، وإن شئت كانت {هم} زائدة للفصل و {الظالمون} خبر {الكافرون}. قال عطاء بن دينار : والحمد لله الذي قال : {والكافرون هم الظالمون} ولم يقل والظالمون هم الكافرون.
*3*الآية : 255 {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}
قوله تعالى : {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} هذه آية الكرسي سيدة آي القرآن وأعظم آية ، كما تقدم بيانه في الفاتحة ، ونزلت ليلا ودعا النبي صلى الله عليه وسلم زيدا فكتبها. روي عن محمد بن الحنفية أنه قال : لما نزلت آية الكرسي خر كل صنم في الدنيا ، وكذلك خر كل ملك في الدنيا وسقطت التيجان عن رؤوسهم ، وهربت الشياطين يضرب بعضهم على بعض إلى أن أتوا إبليس فأخبروه بذلك فأمرهم أن يبحثوا عن ذلك ، فجاؤوا إلى المدينة فبلغهم أن آية الكرسي قد نزلت. وروى الأئمة عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم" ؟ قال قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : "يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم" ؟ قال قلت : {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} فضرب في صدري وقال : "ليهنك العلم يا أبا المنذر". زاد الترمذي الحكيم أبو عبدالله : " فوالذي نفسي بيده إن لهذه الآية للسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش". قال أبو عبدالله : فهذه آية أنزلها الله جل ذكره ، وجعل ثوابها لقارئها عاجلا وآجلا ، فأما في العاجل فهي حارسة لمن قرأها من الآفات ، وروي لنا عن نوف البكالي أنه قال : آية الكرسي تدعى في التوراة
(3/268)





تقرأ آية الكرسي : {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } قال : نعم ؛ قال : فإنك لا تقرأها في بيت إلا خرج منه الشيطان له خبج كخبج الحمار ثم لا يدخله حتى يصبح. أخرجه أبو نعيم عن أبي عاصم الثقفي عن الشعبي. وذكره أبو عبيدة في غريب حديث عمر حدثناه أبو معاوية عن أبي عاصم الثقفي عن الشعبي عن عبدالله قال : فقيل لعبدالله : أهو عمر ؟ فقال : ما عسى أن يكون إلا عمر. قال أبو محمد الدارمي : الضئيل : الدقيق ، والشخيت : المهزول ، والضليع : جيد الأضلاع ، والخبج : الريح. وقال أبو عبيدة : الخبج : الضراط ، وهو الحبج أيضا بالحاء. وفي الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ حم - المؤمن - إلى إليه المصير وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ، ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح" قال : حديث غريب. وقال أبو عبدالله الترمذي الحكيم : وروى أن المؤمنين ندبوا إلى المحافظة على قراءتها دبر كل صلاة. عن أنس رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أوحى الله إلى موسى عليه السلام من داوم على قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة أعطيته فوق ما أعطي الشاكرين وأجر النبيين وأعمال الصديقين وبسطت عليه يميني بالرحمة ولم يمنعه أن أدخله الجنة إلا أن يأتيه ملك الموت " قال موسى عليه السلام : يا رب من سمع بهذا لا يداوم عليه ؟ قال : "إني لا أعطيه من عبادي إلا لنبي أو صديق أو رجل أحبه أو رجل أريد قتله في سبيلي". وعن أبي بن كعب قال : قال الله تعالى : "يا موسى من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة أعطيته ثواب الأنبياء" قال أبو عبدالله : معناه عندي أعطيته ثواب عمل الأنبياء ، فأما ثواب النبوة فليس لأحد إلا للأنبياء. وهذه الآية تضمنت التوحيد والصفات العلا ، وهي خمسون كلمة ، وفي كل كلمة خمسون بركة ، وهي تعدل ثلث القرآن ، ورد بذلك الحديث ، ذكره ابن عطية. و"الله" مبتدأ ، و {لا إِلَهَ } مبتدأ ثان وخبره محذوف تقديره معبود أو موجود. و {إِلاَّ هُوَ } بدل من موضع لا إله. وقيل : {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } ابتداء وخبر ، وهو مرفوع محمول على المعنى ، أي ما إله إلا هو ، ويجوز في غير القرآن لا إله إلا إياه ، نصب على
(3/270)





الاستثناء. قال أبو ذر في حديثه الطويل : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي آية أنزل الله عليك من القرآن أعظم ؟ فقال : {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. وقال ابن عباس : أشرف آية في القرآن آية الكرسي. قال بعض العلماء : لأنه يكرر فيها اسم الله تعالى بين مضمر وظاهر ثماني عشرة مرة.
قوله : {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} نعت لله عز وجل ، وإن شئت كان بدلا من "هو" ، وإن شئت كان خبرا بعد خبر ، وإن شئت على إضمار مبتدأ. ويجوز في غير القرآن النصب على المدح. و"الحي" اسم من أسمائه الحسنى يسمى به ، ويقال : إنه اسم الله تعالى الأعظم. ويقال : إن عيسى ابن مريم عليه السلام كان إذا أراد أن يحيي الموتى يدعو بهذا الدعاء : يا حي يا قيوم. ويقال : إن آصف بن برخيا لما أراد أن يأتي بعرش بلقيس إلى سليمان دعا بقوله يا حي يا قيوم. ويقال : إن بني إسرائيل سألوا موسى عن اسم الله الأعظم فقال لهم : أيا هيا شرا هيا ، يعني يا حي يا قيوم. ويقال : هو دعاء أهل البحر إذا خافوا الغرق يدعون به. قال الطبري عن قوم : إنه يقال حي قيوم كما وصف نفسه ، ويسلم ذلك دون أن ينظر فيه. وقيل : سمى نفسه حيا لصرفه الأمور مصاريفها وتقديره الأشياء مقاديرها. وقال قتادة : الحي الذي لا يموت. وقال السدي : المراد بالحي الباقي. قال لبيد :
فإما تريني اليوم أصبحت سالما ... فلست بأحيا من كلاب وجعفر
وقد قيل : إن هذا الاسم هو اسم الله الأعظم. "القيوم" من قام ؛ أي القائم بتدبير ما خلق ؛ عن قتادة. وقال الحسن : معناه القائم على كل نفس بما كسبت حتى يجازيها بعملها ، من حيث هو عالم بها لا يخفى عليه شيء منها. وقال ابن عباس : معناه الذي لا يحول ولا يزول ؛ قال أمية بن أبي الصلت :
لم تخلق السماء والنجوم ... والشمس معها قمر يقوم
قدره مهيمن قيوم
... والحشر والجنة والنعيم
إلا لأمر شأنه عظيم
(3/271)





قال البيهقي : ورأيت في "عيون التفسير" لإسماعيل الضرير تفسير القيوم قال : ويقال هو الذي لا ينام ؛ وكأنه أخذه من قوله عز وجل عقيبه في آية الكرسي : {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} . وقال الكلبي : القيوم الذي لا بدئ له ؛ ذكره أبو بكر الأنباري. وأصل قيوم قيووم اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فأدغمت الأولى في الثانية بعد قلب الواو ياء ؛ ولا يكون قيوم فعولا ؛ لأنه من الواو فكان يكون قيووما. وقرأ ابن مسعود وعلقمة والأعمش والنخعي "الحي القيام" بالألف ، وروي ذلك عن عمر. ولا خلاف بين أهل اللغة في أن القيوم أعرف عند العرب وأصح بناء وأثبت علة. والقيام منقول عن القوام إلى القيام ، صرف عن الفعال إلى الفيعال ، كما قيل للصواغ الصياغ ؛ قال الشاعر :
إن ذا العرش للذي يرزق النا ... س وحي عليهم قيوم
ثم نفى عز وجل أن تأخذه سنة ولا نوم. والسنة : النعاس في قول الجميع. والنعاس ما كان من العين فإذا صار في القلب صار نوما ؛ قال عدي بن الرقاع يصف امرأة بفتور النظر :
وسنان أقصده النعاس فرنقت ... في عينه سنة وليس بنائم
وفرق المفضل بينهما فقال : السنة من الرأس ، والنعاس في العين ، والنوم في القلب. وقال ابن زيد : الوسنان الذي يقوم من النوم وهو لا يعقل ، حتى ربما جرد السيف على أهله. قال ابن عطية : وهذا الذي قاله ابن زيد فيه نظر ، وليس ذلك بمفهوم من كلام العرب. وقال السدي : السنة : ريح النوم الذي يأخذ في الوجه فينعس الإنسان.
قلت : وبالجملة فهو فتور يعتري الإنسان ولا يفقد معه عقله. والمراد بهذه الآية أن الله تعالى لا يدركه خلل ولا يلحقه ملل بحال من الأحوال. والأصل في سِنَة وسْنَة حذفت الواو
(3/272)





كما حذفت من يسن. والنوم هو المستثقل الذي يزول معه الذهن في حق البشر. والواو للعطف و"لا" توكيد.
قلت : والناس يذكرون في هذا الباب عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي عن موسى على المنبر قال : " وقع في نفس موسى هل ينام الله جل ثناؤه فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا ثم أعطاه قارورتين في كله يد قارورة وأمره أن يحتفظ بهما قال فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان ثم يستيقظ فينحي أحديهما عن الأخرى حتى نام نومة فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان - قال - ضرب الله له مثلا أن لو كان ينام لم تمتسك السماء والأرض" ولا يصح هذا الحديث ، ضعفه غير واحد منهم البيهقي
قوله تعالى : {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} أي بالملك فهو مالك الجميع وربه وجاءت العبارة بـ "ما" وإن كان في الجملة من يعقل من حيث المراد الجملة والموجود. قال الطبري : نزلت هذه الآية لما قال الكفار : ما نعبد أوثانا إلا ليقربونا إلى الله زلفى.
قوله تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ الأَ بِإِذْنِهِ} "من" رفع بالابتداء و"ذا" خبره ؛ و"الذي" نعت لـ "ذا" ، وإن شئت بدل ، ولا يجوز أن تكون "ذا" زائدة كما زيدت مع "ما" لأن "ما" مبهمة فزيدت "ذا" معها لشبهها بها. وتقرر في هذه الآية أن الله يأذن لمن يشاء في الشفاعة ، وهم الأنبياء والعلماء والمجاهدون والملائكة وغيرهم ممن أكرمهم وشرفهم الله ، ثم لا يشفعون إلا لمن ارتضى ؛ كما قال : {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء : 28] قال ابن عطية : والذي يظهر أن العلماء والصالحين يشفعون فيمن لم يصل إلى النار وهو بين المنزلتين ، أو وصل ولكن له أعماله صالحة. وفي البخاري في "باب بقية من أبواب الرؤية" : إن المؤمنين يقولون : ربنا إن إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا. وهذه شفاعة فيمن يقرب أمره ، وكما يشفع الطفل المحبنطئ على باب الجنة. وهذا إنما هو في قراباتهم ومعارفهم. وإن الأنبياء يشفعون فيمن
(3/273)





حصل في النار من عصاة أممهم بذنوب دون قربى ولا معرفة إلا بنفس الإيمان ، ثم تبقى شفاعة أرحم الراحمين في المستغرقين في الخطايا والذنوب الذين لم تعمل فيهم شفاعة الأنبياء. وأما شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم في تعجيل الحساب فخاصة له.
قلت : قد بين مسلم في صحيحه كيفية الشفاعة بيانا شافيا ، وكأنه رحمه الله لم يقرأه وأن الشافعين يدخلون النار ويخرجون منها أناسا استوجبوا العذاب ؛ فعلى هذا لا يبعد أن يكون للمؤمنين شفاعتان : شفاعة فيمن لم يصل إلى النار ، وشفاعة فيمن وصل إليها ودخلها ؛ أجارنا الله منها. فذكر من حديث أبي سعيد الخدري : " ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم - قيل : يا رسول الله وما الجسر ؟ قال : دحض مزلة فيها خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما من أحد منكم بأشد مناشدة لله في استيفاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار ، يقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون ، فيقال لهم أخرجوا من عرفتم ، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به ، فيقول عز وجل ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه ، فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا به ، ثم يقول ارجعوا
(3/274)





فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه ، فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا به ، ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه ، فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرا - وكان أبو سعيد يقول : إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء : 40] " فيقول الله تعالى : شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما" وذكر الحديث. وذكر من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : " فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله قال ليس ذلك لك - أو قال ليس ذلك إليك - وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله ". وذكر من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم : " حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله تعالى أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونهم في النار يعرفونهم بأثر السجود تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود " الحديث بطوله.
قلت : فدلت هذه الأحاديث على أن شفاعة المؤمنين وغيرهم إنما هي لمن دخل النار وحصل فيها ، أجارنا الله منها وقول ابن عطية : "ممن لم يصل أو وصل" يحتمل أن يكون أخذه من أحاديث أخر ، والله أعلم. وقد خرج ابن ماجة في سننه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يصف الناس يوم القيامة صفوفا - وقال ابن نمير أهل الجنة - فيمر الرجل من أهل النار على الرجل فيقول يا فلان أما تذكر يوم استسقيت فسقيتك شربة ؟ قال فيشفع له ويمر الرجل على الرجل فيقول أما تذكر يوم ناولتك طهورا ؟ فيشفع له - قال ابن نمير - ويقول يا فلان أما تذكر يوم بعثتني لحاجة كذا وكذا فذهبت لك ؟ فيشفع له ".
(3/275)





وأما شفاعات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فاختلف فيها ؛ فقيل ثلاث ، وقيل اثنتان ، وقيل : خمس ، يأتي بيانها في "سبحان" إن شاء الله تعالى. وقد أتينا عليها في كتاب "التذكرة" والحمد لله.
قوله تعالى : {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} الضميران عائدان على كل من يعقل ممن تضمنه قوله : {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} ". وقال مجاهد : { مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } الدنيا {وَمَا خَلْفَهُمْ} الآخرة. قال ابن عطية : وكل هذا صحيح في نفسه لا بأس به ؛ لأن ما بين اليد هو كل ما تقدم الإنسان ، وما خلفه هو كل ما يأتي بعده ؛ وبنحو قول مجاهد قال السدي وغيره.
قوله تعالى : {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ} العلم هنا بمعنى المعلوم ، أي ولا يحيطون بشيء من معلوماته ؛ وهذا كقول الخضر لموسى عليه السلام حين نقر العصفور في البحر : ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر. فهذا وما شاكله راجع إلى المعلومات ؛ لأن علم الله سبحانه وتعالى الذي هو صفة ذاته لا يتبعض. ومعنى الآية لا معلوم لأحد إلا ما شاء الله أن يعلمه.
قوله تعالى : {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} ذكر ابن عساكر في تاريخه عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكرسي لؤلؤة والقلم لؤلؤة وطول القلم سبعمائة سنة وطول الكرسي حيث لا يعلمه إلا الله ". وروى حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة - وهو عاصم بن أبي النجود - عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال : بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام وبين السماء السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام ، وبين الكرسي وبين العرش مسيرة خمسمائة عام ، والعرش فوق الماء والله فوق العرش يعلم ما أنتم فيه وعليه. يقال كُرسي وكرسي والجمع الكراسي. وقال ابن عباس : كرسيه علمه. ورجحه الطبري ، قال : ومنه الكراسة التي تضم العلم ؛ ومنه قيل للعلماء : الكراسي ؛ لأنهم المعتمد عليهم ؛ كما يقال : أوتاد الأرض.
(3/276)





قال الشاعر :
يحف بهم بيض الوجوه وعصبة ... كراسي بالأحداث حين تنوب
أي علماء بحوادث الأمور. وقيل : كرسيه قدرته التي يمسك بها السماوات والأرض ، كما تقول : اجعل لهذا الحائط كرسيا ، أي ما يعمده. وهذا قريب من قول ابن عباس في قوله { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ} . قال البيهقي : وروينا عن ابن مسعود وسعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله {وسع كرسيه} قال : علمه. وسائر الروايات عن ابن عباس وغيره تدل على أن المراد به الكرسي المشهور مع العرش. وروى إسرائيل عن السدي عن أبي مالك في قوله {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} قال : إن الصخرة التي عليها الأرض السابعة ومنتهى الخلق على أرجائها ، عليها أربعة من الملائكة لكل واحد منهم أربعة وجوه : وجه إنسان ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر ؛ فهم قيام عليها قد أحاطوا بالأرضين والسماوات ، ورؤوسهم تحت الكرسي والكرسي تحت العرش والله واضع كرسيه فوق العرش. قال البيهقي : في هذا إشارة إلى كرسيين : أحدهما تحت العرش ، والآخر موضوع على العرش. وفي رواية أسباط عن السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني عن ابن عباس ، وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود عن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} فإن السماوات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش. وأرباب الإلحاد يحملونها على عظم الملك وجلالة السلطان ، وينكرون وجود العرش والكرسي وليس بشيء. وأهل الحق يجيزونهما ؛ إذ في قدرة الله متسع فيجب الإيمان بذلك. قال أبو موسى الأشعري : الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرحل. قال البيهقي : قد روينا أيضا في هذا عن ابن عباس وذكرنا أن معناه فيما يرى أنه موضوع من العرش موضع القدمين من السرير ، وليس فيه إثبات المكان لله تعالى. وعن ابن بريدة عن أبيه قال : لما قدم جعفر من الحبشة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أعجب شيء رأيته" ؟ قال : رأيت امرأة على رأسها مكتل طعام فمر فارس فأذراه فقعدت تجمع
(3/277)





طعامها ، ثم التفتت إليه فقالت له : ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصديقا لقولها : " لا قدست أمة - أو كيف تقدس أمة - لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها ". قال ابن عطية : في قول أبي موسى "الكرسي موضع القدمين" يريد هو من عرش الرحمن كموضع القدمين من أسرة الملوك ، فهو مخلوق عظيم بين يدي العرش نسبته إليه كنسبة الكرسي إلى سرير الملك. وقال الحسن بن أبي الحسن : الكرسي هو العرش نفسه ؛ وهذا ليس بمرضي ، والذي تقتضيه الأحاديث أن الكرسي مخلوق بين يدي العرش والعرش أعظم منه. وروى أبو إدريس الخولاني عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله ، أي ما أنزل عليك أعظم ؟ قال : "آية الكرسي - ثم قال - يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة ". أخرجه الآجري وأبو حاتم البستي في صحيح مسنده والبيهقي وذكر أنه صحيح. وقال مجاهد : ما السماوات والأرض في الكرسي إلا بمنزلة حلقة ملقاة في أرض فلاة. وهذه الآية منبئة عن عظم مخلوقات الله تعالى ، ويستفاد من ذلك عظم قدرة الله عز وجل إذ لا يؤده حفظ هذا الأمر العظيم.
و { يَؤُودُهُ} معناه يثقله ؛ يقال : آدني الشيء بمعنى أثقلني وتحملت منه المشقة ، وبهذا فسر اللفظة ابن عباس والحسن وقتادة وغيرهم. قال الزجاج : فجائز أن تكون الهاء لله عز وجل ، وجائز أن تكون للكرسي ؛ وإذا كانت للكرسي ؛ فهو من أمر الله تعالى. و"العلي" يراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان ؛ لأن الله منزه عن التحيز. وحكى الطبري عن قوم أنهم قالوا : هو العلي عن خلقه بارتفاع مكانه عن أماكن خلقه. قال ابن عطية : وهذا قول جهلة مجسمين ، وكان الوجه ألا يحكى. وعن عبدالرحمن بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به سمع تسبيحا في السماوات العلى : سبحان الله العلي الأعلى سبحانه وتعالى. والعلي والعالي : القاهر الغالب للأشياء ؛ تقول العرب : علا فلان فلانا أي غلبه وقهره ؛ قال الشاعر :
فلما علونا واستوينا عليهم ... تركناهم صرعى لنسر وكاسر
(3/278)





ومنه قوله تعالى : {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ} [القصص : 4]. و"العظيم" صفة بمعنى عظيم القدر والخطر والشرف ، لا على معنى عظم الأجرام. وحكى الطبري عن قوم أن العظيم معناه المعظم ، كما يقال : العتيق بمعنى المعتق ، وأنشد بيت الأعشى :
فكأن الخمر العتيق من الإسـ ... ـفنط ممزوجة بماء زلال
وحكي عن قوم أنهم أنكروا ذلك وقالوا : لو كان بمعنى معظم لوجب ألا يكون عظيما قبل أن يخلق الخلق وبعد فنائهم ؛ إذ لا معظم له حينئذ.
*3*الآية : 256 {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
قوله تعالى : {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} الدين في هذه الآية المعتقد والملة بقرينة قوله : { قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} . والإكراه الذي في الأحكام من الإيمان والبيوع والهبات وغيرها ليس هذا موضعه ، وإنما يجيء في تفسير قوله : { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ} [النحل : 106]. وقرأ أبو عبدالرحمن "قد تبين الرشد من الغي" وكذا روي عن الحسن والشعبي ؛ يقال : رَشَد يَرْشُد رُشْداً ، ورَشِدَ يرْشَد رَشَدا : إذا بلغ ما يحب. وغوى ضده ؛ عن النحاس. وحكى ابن عطية عن أبي عبدالرحمن السلمي أنه قرأ "الرشاد" بالألف. وروي عن الحسن أيضا {الرُّشْدُ} بضم الراء والشين. {الْغَيِّ} مصدر من غوى يغوي إذا ضل في معتقد أو رأي ؛ ولا يقال الغي في الضلال على الإطلاق.
(3/279)





الثانية : - اختلف العلماء في معنى هذه الآية على ستة أقوال :
[الأول] قيل إنها منسوخة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام ؛ قاله سليمان بن موسى ، قال : نسختها { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة : 73]. وروي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين.
الثاني : ليست بمنسوخة وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصة ، وأنهم لا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية ، والذين يكرهون أهل الأوثان فلا يقبل منهم إلا الإسلام فهم الذين نزل فيهم {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} . هذا قول الشعبي وقتادة والحسن والضحاك. والحجة لهذا القول ما رواه زيد بن أسلم عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية : اسلمي أيتها العجوز تسلمي ، إن الله بعث محمدا بالحق. قالت : أنا عجوز كبيرة والموت إلي قريب فقال عمر : اللهم اشهد ، وتلا {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .
الثالث : ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال : نزلت هذه في الأنصار ، كانت تكون المرأة مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده ؛ فلما أجليت بنو النضير كان فيهم كثير من أبناء الأنصار فقالوا : لا ندع أبناءنا فأنزل الله تعالى : {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } . قال أبو داود : والمقلات التي لا يعيش لها ولد. في رواية : إنما فعلنا ما فعلنا ونحن نرى أن دينهم أفضل مما نحن عليه ، وأما إذا جاء الله بالإسلام فنكرههم عليه فنزلت : {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} من شاء التحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام. وهذا قول سعيد بن جبير والشعبي ومجاهد إلا أنه قال : كان سبب كونهم في بني النضير الاسترضاع. قال النحاس : قول ابن عباس في هذه الآية أولى الأقوال لصحة إسناده ، وأن مثله لا يؤخذ بالرأي.
الرابع : قال السدي : نزلت الآية في رجل من الأنصار يقال له أبو حصين كان له ابنان ، فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت ، فلما أرادوا الخروج أتاهم ابنا الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا ومضيا معهم إلى الشام ، فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتكيا أمرهما ، ورغب في أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يردهما فنزلت : {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين}
(3/280)





ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب ، وقال : "أبعدهما الله هما أول من كفر" فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يبعث في طلبهما فأنزل الله جل ثناؤه {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء : 65] الآية ثم إنه نسخ {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين} فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة [براءة]. والصحيح في سبب قوله تعالى : {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ} حديث الزبير مع جاره الأنصاري في السقي ، على ما يأتي في "النساء" بيانه إن شاء الله تعالى.
[وقيل] معناها لا تقولوا لمن أسلم تحت السيف مجبرا مكرها ؛ وهو القول الخامس.
[وقول سادس] وهو أنها وردت في السبي متى كانوا من أهل الكتاب لم يجبروا إذا كانوا كبارا ، وإن كانوا مجوسا صغارا أو كبارا أو وثنيين فإنهم يجبرون على الإسلام ؛ لأن من سباهم لا ينتفع بهم مع كونهم وثنيين ؛ ألا ترى أنه لا تؤكل ذبائحهم ولا توطأ نساؤهم ، ويدينون بأكل الميتة
والنجاسات وغيرهما ، ويستقذرهم المالك لهم ويتعذر عليه الانتفاع بهم من جهة الملك فجاز له الإجبار. ونحو هذا روى ابن القاسم عن مالك. وأما أشهب فإنه قال : هم على دين من سباهم ، فإذا امتنعوا أجبروا على الإسلام ، والصغار لا دين لهم فلذلك فأجبروا على الدخول في دين الإسلام لئلا يذهبوا إلى دين باطل. فأما سائر أنواع الكفر متى بذلوا الجزية لم نكرههم على الإسلام سواء كانوا عربا أم عجما قريشا أو غيرهم. وسيأتي بيان هذا وما للعلماء في الجزية ومن تقبل منه في "براءة" إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} جزم بالشرط. والطاغوت مؤنثة من طغى يطغى. - وحكى الطبري يطغو - إذا جاوز الحد بزيادة عليه. ووزنه فعلوت ، ومذهب سيبويه أنه اسم مذكر مفرد كأنه اسم جنس يقع للقليل والكثير. ومذهب أبي علي أنه مصدر كرهبوت وجبروت ، وهو يوصف به الواحد والجمع ، وقلبت لامه إلى موضع العين وعينه موضع اللام كجَبَذ وجَذَب ، فقلبت الواو ألفاً لتحركها وتحرك ما قبلها فقيل طاغوت ؛ واختار هذا القول النحاس. وقيل : أصل طاغوت في اللغة مأخوذة من الطغيان يؤدي معناه من غير اشتقاق ، كما قيل : لآل من اللؤلؤ. وقال المبرد : هو جمع. وقال ابن عطية : وذلك
(3/281)





مردود. قال الجوهري : والطاغوت الكاهن والشيطان وكل رأس في الضلال ، وقد يكون واحداً قال الله تعالى : { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء : 60]. وقد يكون جمعا قال الله تعالى : {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} [البقرة 257] والجمع الطواغيت. { وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} عطف. { فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} جواب الشرط ، وجمع الوُثْقى الوُثْق مثل الفُضْلى والفُضْل ؛ فالوثقى فعلى من الوثاقة ، وهذه الآية تشبيه. واختلف عبارة المفسرين في الشيء المشبه به ؛ فقال مجاهد : العروة الإيمان. وقال السدي : الإسلام. وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك ؛ لا إله إلا الله ؛ وهذه عبارات ترجع إلى معنىً واحد. ثم قال : {لا انْفِصَامَ لَهَا} قال مجاهد : أي لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، أي لا يزيل عنهم اسم الإيمان حتى يكفروا. والانفصام : الانكسار من غير بينونة. والقصم : كسر ببينونة ؛ وفي صحيح الحديث "فيفصم عنه الوحي وإن جبينه ليتفصد عرقا" أي يقلع. قال الجوهري : فصم الشيء كسره من غير أن يبين ، تقول : فصمته فانفصم ؛ قال الله تعالى : {لا انْفِصَامَ لَهَا} وتفصم مثله ؛ قال ذو الرمة يذكر غزالا يشبهه بدُمْلُج فضة :
كأنه دملج من فضة نبه ... في ملعب من جواري الحي مفصوم
وإنما جعله مفصوما لتثنيه وانحنائه إذا نام. ولم يقل "مقصوم" بالقاف فيكون بائنا باثنين. وافْصم المطر : أقلع. وأفصمت عنه الحمى. ولما كان الكفر بالطاغوت والإيمان بالله مما ينطق به اللسان ويعتقده القلب حسن في الصفات {سَمِيعٌ} من أجل النطق {عليم} من أجل المعتقد.
*3*الآية : 257 { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
(3/282)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد يوسف موسى
دويمابي برتبة نقيب
دويمابي برتبة نقيب
محمد يوسف موسى


عدد الرسائل : 438

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 9 يناير - 20:54

جزاك اللة عنا الف خير يا اخ فوزى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوآيه
دويمابي برتبة مقدم
دويمابي برتبة مقدم
أبوآيه


عدد الرسائل : 1150

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالإثنين 10 يناير - 14:15

بارك الله فيك أخوي فوزي والمنتدى نور بعودتك

وطلتك الجميله دي أهلاً بك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: