منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة   كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة I_icon_minitimeالإثنين 30 يوليو - 20:02

سورة الحاقة




رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنسر للأخرى وليث مرصد
والشمس تطلع كل آخر ليلة ... حمراء يصبح لونها يتورد
ليست بطالعة لهم في رسلها ... إلا معذبة وإلا تجلد
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " صَدَقَ ". وفي الخبر "أن فوق السماء السابعة ثمانية أو عال بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء وفوق ظهورهن العرش" . ذكره القشيري وخرجه الترمذي من حديث العباس ابن عبدالمطلب. وقد مضى في سورة "البقرة" بكماله. وذكر نحوه الثعلبي ولفظه. وفي حديث مرفوع "أن حملة العرش ثمانية أملاك على صورة الأوعال ما بين أظلافها إلى ركبها مسيرة سبعين عاما للطائر المسرع". وفي تفسير الكلبي : ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من الملائكة. وعنه : ثمانية أجزاء من عشرة أجزاء من الملائكة. ثم ذكر عدة الملائكة بما يطول ذكره. حكى الأول عنه الثعلبي والثاني القشيري. وقال الماوردي عن ابن عباس : ثمانية أجزاء من تسعة وهم الكروبيون. والمعنى ينزل بالعرش. ثم إضافة العرش إلى الله تعالى كإضافة البيت ، وليس البيت للسكنى ، فكذلك العرش. ومعنى : {فوقهم} أي فوق رؤوسهم. قال السدي : العرش تحمله الملائكة الحملة فوقهم ولا يحمل حملة العرش إلا الله. وقيل : { فوقهم}أي إن حملة العرش فوق الملائكة الذين في السماء على أرجائها. وقيل : "فوقهم" أي فوق أهل القيامة.
الآية : [18] {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}
قوله تعالى : {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} أي ، على الله ؛ دليله : {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً} وليس ذلك عرضا يعلم به ما لم يكن عالما به ، بل معناه الحساب وتقرير الأعمال عليهم للمجازاة. وروى الحسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يعرض
(18/267)





الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله". خرجه الترمذي قال : ولا يصح من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة. {لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} أي هو عالم بكل شي من أعمالكم. {خَافِيَةٌ} على هذا بمعنى خفية ، كانوا يخفونها من أعمالهم ؛ قاله ابن شجرة. وقيل : لا يخفى عليه إنسان ؛ أي لا يبقى إنسان لا يحاسب. وقال عبدالله بن عمرو بن العاص : لا يخفى المؤمن من الكافر ولا البر من الفاجر. وقيل : لا تستتر منكم عورة ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "يحشر الناس حفاة عراة". وقرأ الكوفيون إلا عاصما "لا يخفى" بالياء ؛ لأن تأنيث الخافية غير حقيقي ؛ نحو قوله تعالى : {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} واختاره أبو عبيد ؛ لأنه قد حال بين الفعل وبين الاسم المؤنث الجار والمجرور. الباقون بالتاء. واختاره أبو حاتم لتأنيث الخافية.
الآية : [19] {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ}
الآية : [20] {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ}
الآية : [21] {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}
الآية : [22] {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ}
الآية : [23] {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}
الآية : [24] {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}
الآية : [25] {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ}
الآية : [26] {وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} الآية : [27] {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ}
الآية : [28] {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} الآية : [29] {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}
الآية : [30] {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} الآية : [31] {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ}
الآية : [32] {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ}
الآية : [33] {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} الآية : [31] {وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}
(18/268)





قوله تعالى : {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} إعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة. وقال ابن عباس : أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب ، وله شعاع كشعاع الشمس. قيل له : فأين أبو بكر ؟ فقال هيهات هيهات! زفته الملائكة إلى الجنة. ذكره الثعلبي. وقد ذكرناه مرفوعا من حديث زيد بن ثابت بلفظه ومعناه في كتاب "التذكرة". والحمد لله. {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} أي يقول ذلك ثقة بالإسلام وسرورا بنجاته ؛ لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرح ، والشمال من دلائل الغم. قال الشاعر :
أبيني أفي يمنى يديك جعلتني ... فأفرح أم صيرتني في شمالك
ومعنى : {هَاؤُمُ} تعالوا ؛ قاله ابن زيد. وقال مقاتل : هلم. وقيل : أي خذوا ؛ ومنه الخبر في الربا "إلا هاء وهاء" أي يقول كل واحد لصاحبه : خذ. قال ابن السكيت والكسائي : العرب تقول هاء يا رجل اقرأ ، وللاثنين هاؤما يا رجلان ، وهاؤم يا رجال ، وللمرة هاء "بكسر الهمزة" وهاؤما وهاؤمن. والأصل هاكم فأبدلت الهمزة من الكاف ؛ قال القتيبي. وقيل : إن {هاؤم} كلمة وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ناداه أعرابي بصوت عال فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم "هاؤم" يطول صوته. "وكتابيه" منصوب بـ {هاؤم} عند الكوفيين. وعند البصريين بـ { اقرؤوا} لأنه أقرب العاملين. والأصل "كتابي" فأدخلت الهاء لتبين فتحة الياء ، وكان الهاء للوقف ، وكذلك في أخواته : { حسابيه} ، و {ماليه} ، و {سلطانيه} وفي القارعة {ماهيه}. وقراءة العامة بالهاء فيهن في الوقف والوصل معا ؛ لأنهن وقعن في المصحف بالهاء فلا تترك. واختار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السكت ويوافق الخط. وقرأ ابن محيصن ومجاهد وحميد ويعقوب بحذف الهاء في الوصل وإثباتها في الوقف فيهن جمع. ووافقهم حمزة في : { حسابيه} ، و {ماليه} ، ، و {ماهيه}. في القارعة. وجملة هذه الحروف سبعة. واختار أبو حاتم قراءة يعقوب ومن معه إتباعا للغة. ومن قرأهن في الوصل بالهاء
(18/269)





فهو على نية الوقف {إِنِّي ظَنَنْتُ} أي أيقنت وعلمت ، عن ابن عباس وغيره. وقيل : أي إني ظننت أن يؤاخذني الله بسيئاتي عذبني فقد تفضل علي بعفوه ولم يؤاخذني بها. قال الضحاك : كل ظن في القرآن من المؤمن فهو يقين. ومن الكافر فهو شك. وقال مجاهد : ظن الآخرة يقين ، وظن الدنيا شك. وقال الحسن في هذ الآية : إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن المنافق أساء الظن بربه فأساء العمل. {أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} أي في الآخرة ولم أنكر البعث ؛ يعني أنه ما نجا إلا بخوفه من يوم الحساب ، لأنه تيقن أن الله يحاسبه فعمل للآخرة. {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي في عيش يرضاه لا مكروه فيه. وقال أبو عبيدة والفراء : {رَاضِيَةٍ} أي مرضية ؛ كقولك : ماء دافق ؛ أي مدفوق. وقيل : ذات رضا ؛ أي يرضى بها صاحبها. مثل لابن وتامر ؛ أي صاحب اللبن والتمر. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنهم يعيشون فلا يموتون أبدا ويصحون فلا يمرضون أبدا وينعمون فلا يرون بؤسا أبدا ويشبون فلا يهرمون أبدا". {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} أي عظيمة في النفوس. {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} أي قريبة التناول ، يتناولها القائم والقاعد والمضطجع على ما يأتي بيانه في سورة "الإنسان". والقطوف جمع قطف "بكسر القاف" وهو ما يقطف من الثمار. والقطف "بالفتح" المصدر. والقطاف "بالفتح والكسر" وقت القطف. {كُلُوا وَاشْرَبُوا} أي يقال لهم ذلك. {هَنِيئاً} لا تكدير فيه ولا تنغيص. {بِمَا أَسْلَفْتُمْ} قدمتم من الأعمال الصالحة. {فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} أي في الدنيا. وقال : " كُلُوا " بعد قوله : {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} لقوله : {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ} و"من" يتضمن معنى الجمع.وذكر الضحاك أن هذه الآية نزلت في أبي سلمة عبدالله بن عبد الأسد المخزومي ؛ وقاله مقاتل. والآية التي تليها في أخيه الأسود بن عبد الأسد ؛ في قول ابن عباس والضحاك أيضا ؛ قال الثعلبي. ويكون هذا الرجل وأخوه سبب نزول هذه الآيات. ويعم المعنى جميع أهل الشقاوة وأهل السعادة ؛ يدل عليه قوله تعالى : {كُلُوا وَاشْرَبُوا}. وقد قيل :
(18/270)





إن المراد بذلك كل من كان متبوعا في الخير والشر. فإذا كان الرجل رأسا في الخير ، يدعو إليه ويأمر به ويكثر تبعه عليه ، دعي باسمه واسم أبيه فيتقدم حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض ، في باطنه السيئات وفي ظاهره الحسنات فيبدأ بالسيئات فيقرأها فيشفق ويصفر وجهه ويتغير لونه فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه سيئاتك وقد غفرت لك" فيفرح عند ذلك فرحا شديدا ، ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته فلا يزداد إلا فرحا ؛ حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه حسناتك قد ضوعفت لك" فيبيض وجهه ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه ، ويكسى حلتين ، ويحلى كل مفصل منه ويطول ستين ذراعا وهي قامة آدم عليه السلام ؛ ويقال له : انطلق إلى أصحابك فأخبرهم وبشرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا. فإذا أدبر قال : {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} قال الله تعالى : {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي مرضية قد رضيها {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} في السماء {قُطُوفُهَا} ثمارها وعناقيدها. {دَانِيَةٌ} أدنيت منهم. فيقول لأصحابه : هل تعرفوني ؟ فيقولون : قد غمرتك كرامة ، من أنت ؟ فيقول : أنا فلان بن فلان أبشر كل رجل منكم بمثل هذا. {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} أي قدمتم في أيام الدنيا. وإذا كان الرجل رأسا في الشر ، يدعو إليه ويأمر به فيكثر تبعه عليه ، نودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه ، فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات ، فيبدأ بالحسنات فيقرأها ويظن أنه سينجو ، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه حسناتك وقد ردت عليك" فيسود وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير ، ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزنا ، ولا يزداد وجهه إلا سوادا ، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه "هذه سيئاتك وقد ضوعفت عليك" أي يضاعف عليه العذاب. ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل - قال - فيعظم للنار وتزرق عيناه ويسود وجهه ، ويكسى سرابيل القطران ويقال له : انطلق إلى أصحابك وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا ؛ ينطلق وهو يقول : {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ. وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ. يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} يتمنى الموت.
(18/271)





{هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} تفسير ابن عباس : هلكت عنه حجتي. وهو قول مجاهد وعكرمة والسدي والضحاك. وقال ابن زيد : يعني سلطانيه في الدنيا الذي هو الملك. وكان هذا الرجل مطاعا في أصحابه ؛ قال الله تعالى {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} قيل : يبتدره مائة ألف ملك ثم تجمع يده إلى عنقه وهو قوله عز وجل : {فَغُلُّوهُ} أي شدوه بالأغلال {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} أي اجعلوه يصلى الجحيم {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً} الله أعلم بأي ذراع ، قاله الحسن. وقال ابن عباس : سبعون ذراعا بذراع الملك. وقال نوف : كل ذراع سبعون باعا ، وكل باع أبعد ما بينك وبين مكة. وكان في رحبة الكوفة. وقال مقاتل : لو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص. وقال كعب : إن حلقة من السلسلة التي قال الله تعالى ذرعها سبعون ذراعا - أن حلقة منها - مثل جميع حديد الدنيا. {فَاسْلُكُوهُ} قال سفيان : بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه. وقاله مقاتل. والمعنى ثم أسلكوا فيه سلسلة. وقيل : تدخل عنقه فيها ثم يجربها. وجاء في الخبر : أنها تدخل من دبره وتخرج من منخريه. وفي خبر آخر : تدخل من فيه وتخرج من دبره ، فينادي أصحابه هل تعرفوني ؟ فيقولون لا ، ولكن قد نرى ما بك من الخزي فمن أنت ؟ فينادي أصحابه أنا فلان بن فلان ، لكل إنسان منكم مثل هذا.
قلت : وهذا التفسير أصح ما قيل في هذه الآية ، يدل عليه قوله تعالى : {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} وفي الباب حديث أبي هريرة بمعناه خرجه الترمذي. وقد ذكرناه في سورة "سبحان" فتأمله هناك. {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ، وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} أي على الإطعام ، كما يوضع العطاء موضع الإعطاء. قال الشاعر :
أكفرا بعد رد الموت عني ... وبعد عطائك المائة الرتاعا
(18/272)





أراد بعد إعطائك. فبين أنه عذب على ترك الإطعام وعلى الأم بالبخل ، كما عذب بسبب الكفر. والحض : التحريض والحث. وأصل "طعام" أن يكون منصوبا بالمصدر المقدر. والطعام عبارة عن العين ، وأضيف للمسكين للملابسة التي بينهما. ومن أعمل الطعام كما يعمل الإطعام فموضع المسكين نصب. والتقدير على إطعام المطعم المسكين ؛ فحذف الفاعل وأضيف المصدر إلى المفعول.
الآية : [35] {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ}
الآية : [36] {وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ}
الآية : [37]{ لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ}
قوله تعالى : {فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ} خبر "ليس" قوله : "له" ولا يكون الخبر قوله : " هَاهُنَا " لأن المعنى يصير : ليس ها هنا طعام إلا من غسلين ، ولا يصح ذلك ؛ لأن ثم طعاما غيره. و"ها هنا" متعلق بما في "له" من معنى الفعل. والحميم ها هنا القريب. أي ليس له قريب يرق له ويدفع عنه. وهو مأخوذ من الحميم وهو الماء الحار ؛ كأنه الصديق الذي يرق ويحترق قلبه له. والغسلين فعلين من الغسل ؛ فكأنه ينغسل من أبدانهم ، وهو صديد أهل النار السائل من جروحهم وفروجهم ؛ عن ابن عباس. وقال الضحاك والربيع بن أنس : هو شجر يأكله أهل النار. والغسل "بالكسر" : ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره. الأخفش : ومنه الغسلين ، وهو ما أنغسل من لحوم أهل النار ودمائهم. وزيد فيه الياء والنون كما زيد في عفرين. وقال قتادة : هو شر الطعام وأبشعه. ابن زيد : لا يعلم ما هو ولا الزقوم. وقال في موضع آخر : {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ} يجوز أن يكون الضريع من الغسلين. وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ؛ والمعنى فليس له اليوم ها هنا حميم إلا من غسلين. وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ؛ والمعنى فليس له اليوم ها هنا حميم إلا من غسلين ؛ ويكون الماء الحار. {وَلا طَعَامٌ} أي وليس لهم طعام ينتفعون به. {لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ} أي المذنبون. وقال ابن عباس : يعني المشركين. وقرئ
(18/273)





"الخاطيون" بإبدال الهمزة ياء ، و"الخاطون" بطرحها. وعن ابن عباس : ما الخاطون كلنا نخطو. وروى أبو الأسود الدؤلي : ما الخاطون ؟ إنما هو الخاطئون. ما الصابون إنما هو الصابئون. ويجوز أن يراد الذي يتخطون الحق إلى الباطل ويتعدون حدود الله عز وجل.
الآية : [38] {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ}
الآية : [39] {وَمَا لا تُبْصِرُونَ}
الآية : [40] {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}
قوله تعالى : {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ. وَمَا لا تُبْصِرُونَ} المعنى أقسم بالأشياء كلها ما ترون منها وما لا ترون. و"لا" صلة. وقيل : هو رد لكلام سبق ؛ أي ليس الأمر كما يقوله المشركون. وقال مقاتل : سبب ذلك أن الوليد بن المغيرة قال : إن محمدا ساحر. وقال أبو جهل : شاعر. وقال عقبة : كاهن ؛ فقال الله عز وجل : {فَلا أُقْسِمُ} أي أقسم. وقيل : "لا" ها هنا نفي للقسم ، أي لا يحتاج في هذا إلى قسم لوضوح الحق في ذلك ، وعلى هذا فجوابه كجواب القسم. {إِنَّهُ} يعني القرآن {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} يريد جبريل ، قاله الحسن والكلبي ومقاتل. دليله : {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ} وقال الكلبي أيضا والقتبي : الرسول ها هنا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لقوله : {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} وليس القرآن قول الرسول صلي الله عليه وسلم ، إنما هو من قول الله عز وجل ونسب القول إلى الرسول لأنه تاليه ومبلغه والعامل به ، كقولنا : هذا قول مالك.
الآية : [41] {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ}
الآية : [42] {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}
(18/274)





قوله تعالى : {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} لأنه مباين لصنوف الشعر كلها. {وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ} لأنه ورد بسب الشياطين وشتمهم فلا ينزلون شيئا على من يسبهم. و"ما" زائدة في قوله : {قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ} ، {قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ} ؛ والمعنى : قليلا تؤمنون وقليلا تذكرون. وذلك القليل من إيمانهم هو أنهم إذا سئلوا من خلقهم قالوا : الله. ولا يجوز أن تكون "ما" مع الفعل مصدرا وتنصب " قَلِيلاً بما بعد "ما" ، لما فيه من تقديم الصلة على الموصول ؛ لأن ما عمل فيه المصدر من صلة المصدر. وقرأ ابن محيصن وابن كثير وابن عامر ويعقوب {مَا يُؤْمِنُونَ } ، و{ وَمَا يَذْكُرُونَ } بالياء. الباقون بالتاء لأن الخطاب قبله وبعده. أما قبله فقوله : {تُبْصِرُونَ } وأما بعده : " فَمَا مِنْكُمْ " الآية.
الآية : [43] {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
قوله تعالى : {تَنْزِيلٌ} أي هو تنزيل. {مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وهو عطف على قوله : {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} أي إنه لقوله رسول كريم ، وهو تنزيل من رب العالمين.
الآية : [44] {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ}
الآية : [45] {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ}
الآية : [46] {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}
قوله تعالى : {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ} {تَقَوَّلَ } أي تكلف وأتى بقول من قبل نفسه. وقرئ {وَلَوْ تَقَوَّلَ } على البناء للمفعول. {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي بالقوة والقدرة ، أي لأخذناه بالقوة. و"من" صلة زائدة. وعبر عن القوة والقدرة باليمين لأن قوة كل شيء في ميامنه ، قاله القتبي. وهو معنى قول ابن عباس ومجاهد. ومنه قول الشماخ :
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين
أي بالقوة. عرابة اسم رجل من الأنصار من الأوس. وقال آخر :
(18/275)





ولما رأيت الشمس أشرق نورها ... تناولت منها حاجتي بيميني
وقال السدي والحكم : "باليمين" بالحق. قال :
تلقاها عرابة باليمين
أي بالاستحقاق. وقال الحسن : لقطعنا يده اليمين. وقيل : المعنى لقبضنا بيمينه عن التصرف ؛ قاله نفطويه. وقال أبو جعفر الطبري : إن هذا الكلام خرج مخرج الإذلال على عادة الناس في الأخذ بيد من يعاقب. كما يقول السلطان لمن يريد هوانه : خذوا يديه. أي لأمرنا بالأخذ بيده وبالغنا في عقابه. {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} يعني نياط القلب ؛ أي لأهلكناه. وهو عرق يتعلق به القلب إذا انقطع مات صاحبه ؛ قال ابن عباس وأكثر الناس قال :
إذا بلغتني وحملت رحلي ... عرابة فأشرقي بدم الوتين
وقال مجاهد : هو حبل القلب الذي في الظهر وهو النخاع ؛ فإذا انقطع بطلت القوى ومات صاحبه. والموتون الذي قطع وتينه. وقال محمد بن كعب : إنه القلب ومراقه وما يليه. قال الكلبي : إنه عرق بين العلباء والحلقوم. والعلباء : عصب العنق. وهما علباوان بينهما ينبت العرق. وقال عكرمة : إن الوتين إذا قطع لا إن جاع عرف ، ولا إن شبع عرف.
الآية : [47] {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}
الآية : [48] {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}
قوله تعالى : {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} "ما" نفي و"أحد" في معنى الجمع ، فلذلك نعته بالجمع ؛ أي فما منكم قوم يحجزون عنه كقوله تعالى : {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} هذا جمع ، لأن "بين" لا تقع إلا على اثنين فما زاد. قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لم تحل الغنائم لأحد سود الرؤوس قبلكم". لفظه واحد ومعناه الجمع. و"من" زائدة.
(18/276)





والحجز : المنع. و { حَاجِزِينَ} يجوز أن يكون صفة لأحد على المعنى كما ذكرنا ؛ فيكون في موضع جر. والخبر "منكم". ويجوز أن يكون منصوبا على أنه خبر و" مِنْكُمْ " ملغى ، ويكون متعلقا { حَاجِزِينَ} ولا يمنع الفصل به من انتصاب الخبر في هذا ؛ كما لم يمتنع الفصل به في "إن فيك زيدا راغب".
{وَإِنَّهُ} يعني القرآن {لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} أي للخائفين الذين يخشون الله. ونظيره : {فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} على ما بيناه أول سورة البقرة. وقيل : المراد محمد صلى الله عليه وسلم ، أي هو تذكرة ورحمة ونجاة.
الآية : [49] {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ}
الآية : [50] {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ}
الآية : [51] {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}
الآية : [52] {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}
قوله تعالى : {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ} قال الربيع : بالقرآن. {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ} يعني التكذيب. والحسرة : الندامة. وقيل : أي وإن القرآن لحسرة على الكافرين يوم القيامة إذا رأوا ثواب من آمن به. وقيل : هي حسرتهم في الدنيا حين لم يقدروا على معارضته عند تحديهم أن يأتوا بسورة مثله. {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} يعني أن القرآن العظيم تنزيل من الله عزو جل ؛ فهو لحق اليقين. وقيل : أي حقا يقينا ليكونن ذلك حسرة عليهم يوم القيامة. فعلى هذا "وإنه لحسرة" أي لتحسر ؛ فهو مصدر بمعنى التحسر ، فيجوز تذكيره. وقال ابن عباس : إنما هو كقولك : لعين اليقين ومحض اليقين. ولو كان اليقين نعتا لم يجز أن يضاف إليه ؛ كما لا تقول : هذا رجل الظريف. وقيل : أضافه إلى نفسه لاختلاف اللفظين. {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أي فصل لربك ؛ قال ابن عباس. وقيل : أي نزه الله عن السوء والنقائص.
(18/277)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الحاقة
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: