منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 17 أغسطس - 2:51




سورة هود عليه السلام
...

بسم الله الرحمن الرحيم





الآية : 114 {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
فيه ست مسائل : -
الأولى : - قوله تعالى : {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} لم يختلف أحد من أهل التأويل في أن الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة ؛ وخصها بالذكر لأنها ثانية الإيمان ، وإليها يفزع في النوائب ؛ وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وقال شيوخ الصوفية : إن المراد بهذه الآية استغراق الأوقات بالعبادة فرضا ونفلا ؛ قال ابن العربي : وهذا ضعيف ، فإن الأمر لم يتناول ذلك إلا واجبا لا نفلا ، فإن الأوراد معلومة ، وأوقات النوافل المرغب فيها محصورة ، وما سواها من الأوقات يسترسل عليها الندب على البدل لا على العموم ، وليس ذلك في قوة بشر.
الثانية : - قوله تعالى : {طَرَفَيِ النَّهَارِ} قال مجاهد : الطرف الأول ، صلاة الصبح ، والطرف الثاني صلاة الظهر والعصر ؛ واختاره ابن عطية. وقيل : الطرفان الصبح والمغرب ؛ قال ابن عباس والحسن. وعن الحسن أيضا الطرف الثاني العصر وحده ؛ وقال قتادة والضحاك. وقيل : الطرفان الظهر والعصر. والزلف المغرب والعشاء والصبح ؛ كأن هذا القائل راعى جهر القراءة. وحكى الماوردي أن الطرف الأول صلاة الصبح باتفاق.
قلت : وهذا الاتفاق ينقضه القول الذي قبله. ورجح الطبري أن الطرفين الصبح والمغرب ، وأنه ظاهر ؛ قال ابن عطية : ورد عليه بأن المغرب لا تدخل فيه لأنها من صلاة الليل. قال ابن العربي : والعجب من الطبري الذي يرى أن طرفي النهار الصبح والمغرب ، وهما طرفا الليل! فقلب القوس ركوة ، وحاد عن البرجاس غلوة ؛ قال الطبري : والدليل عليه إجماع الجميع على أن أحد الطرفين الصبح ، فدل على أن الطرف الآخر المغرب ، ولم يجمع معه على ذلك أحد.
(9/109)



قلت : هذا تحامل من ابن العربي في الرد ؛ وأنه لم يجمع معه على ذلك أحد ؛ وقد ذكرنا عن مجاهد أن الطرف الأول صلاة الصبح ، وقد وقع الاتفاق - إلا من شذ - بأن من أكل أو جامع بعد طلوع الفجر متعمدا أن يومه ذلك يوم فطر ، وعليه القضاء والكفارة ، وما ذلك ، إلا وما بعد طلوع الفجر من النهار ؛ فدل على صحة ما قاله الطبري في الصبح ، وتبقى عليه المغرب والرد عليه فيه ما تقدم. والله أعلم.
الثالثة : - قوله تعالى : {وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} أي في زلف من الليل ، والزلف الساعات القريبة بعضها من بعض ؛ ومنه سميت المزدلفة ؛ لأنها منزل بعد عرفة بقرب مكة. وقرأ ابن القعقاع وابن أبي إسحاق وغيرهما "وزلفا" بضم اللام جمع زليف ؛ لأنه قد نطق بزليف ، ويجوز أن يكون واحده "زلفة" لغة ؛ كبسرة وبسر ، في لغة من ضم السين. وقرأ ابن محيصن "وزلفا" من الليل بإسكان اللام ؛ والواحدة زلفة تجمع جمع الأجناس التي هي أشخاص كدرة ودر وبرة وبر. وقرأ مجاهد وابن محيصن أيضا "زلفى" مثل قربى. وقرأ الباقون "وزلفا" بفتح اللام كغرفة وغرف. قال ابن الأعرابي : الزلف الساعات ، واحدها زلفة. وقال قوم : الزلفة أول ساعة من الليل بعد مغيب الشمس ؛ فعلى هذا يكون المراد بزلف الليل صلاة العتمة ؛ قاله ابن عباس. وقال الحسن : المغرب والعشاء. وقيل : المغرب والعشاء والصبح ؛ وقد تقدم. وقال الأخفش : يعني صلاة الليل ولم يعين.
الرابعة : - قوله تعالى : {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين إلى أن الحسنات ههنا هي الصلوات الخمس ، وقال مجاهد : الحسنات قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، قال ابن عطية : وهذا على جهة المثال في الحسنات ، والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : "ما اجتنبت الكبائر" .
قلت : سبب النزول يعضد قول الجمهور ؛ نزلت في رجل من الأنصار ، قيل : هو أبو اليسر بن عمرو. وقيل : اسمه عباد ؛ خلا بامرأة فقبلها وتلذذ بها فيما دون الفرج. روى
(9/110)



الترمذي عن عبدالله قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت. فقال له عمر : لقد سترك الله! لو سترت على نفسك ؛ فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فدعاه ، فتلا عليه : {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} إلى آخر الآية ؛ فقال رجل من القوم : هذا له خاصة ؟ قال : "لا بل للناس كافة" . قال الترمذي : حديث حسن صحيح. وخرج أيضا عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة حرام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن كفارتها فنزلت : { أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} فقال الرجل : ألي هذه يا رسول الله ؟ فقال : "لك ولمن عمل بها من أمتي" . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وروي عن أبي اليسر. قال : أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت : إن في البيت تمرا أطيب من هذا ، فدخلت معي في البيت فأهويت إليها فقبلتها ، فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال : استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا فلم أصبر ، فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال : استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا فلم أصبر ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : " أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا" ؟ حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة ، حتى ظن أنه من أهل النار. قال : وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} . قال أبو اليسر : فأتيته فقرأها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصحابه : يا رسول الله! ألهذا خاصة أم للناس عامة ؟ فقال : "بل للناس عامة" . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، وقيس بن الربيع ضعفه وكيع وغيره ؛ وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه ، وأقيمت صلاة العصر فلما فرغ منها نزل جبريل عليه السلام عليه بالآية فدعاه فقال له : "أشهدت معنا
(9/111)



الصلاة" ؟ قال نعم ؛ قال : " اذهب فإنها كفارة لما فعلت" . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا عليه هذه الآية قال له : "قم فصل أربع ركعات" . والله أعلم. وخرج الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" من حديث ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لم أر شيئا أحسن طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لذنب قديم ، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} .
الخامسة : -دلت الآية مع هذه الأحاديث على أن القبلة الحرام واللمس الحرام لا يجب ، فيهما الحد ، وقد يستدل به على أن لا حد ولا أدب على الرجل والمرأة وإن وجدا في ثوب واحد ، وهو اختيار ابن المنذر ؛ لأنه لما ذكر اختلاف العلماء في هذه المسألة ذكر هذا الحديث مشيرا إلى أنه لا يجب عليهما شيء ، وسيأتي ما للعلماء في هذا في "النور" إن شاء الله تعالى.
السادسة : -ذكر الله سبحانه في كتابه الصلاة بركوعها وسجودها وقيامها وقراءتها وأسمائها فقال : {أَقِمِ الصَّلاةَ} الآية. وقال : {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء : 78] الآية. وقال : {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم : 17 - 18]. وقال : {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه : 130]. وقال : {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج : 77]. وقال : {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة : 238]. وقال : {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف : 204] على ما تقدم. وقال : {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء : 110] أي بقراءتك ؛ وهذا كله مجمل أجمله في كتابه ، وأحال على نبيه في بيانه ؛ فقال جل ذكره : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44] فبين صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة ، وعدد الركعات والسجدات ، وصفة جميع الصلوات فرضها وسننها ، وما لا تصح الصلاة إلا به من الفرائض وما يستحب فيها من السنن والفضائل ؛ فقال في صحيح البخاري : " صلوا كما رأيتموني أصلي" . ونقل ذلك عنه الكافة عن الكافة ، على ما هو معلوم ، ولم
(9/112)



يمت النبي صلى الله عليه وسلم حتى بين جميع ما بالناس الحاجة إليه ؛ فكمل الدين ، وأوضح السبيل ؛ قال الله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة : 3].
قوله تعالى : {ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} أي القرآن موعظة وتوبة لمن اتعظ وتذكر ؛ وخص الذاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بالذكرى. والذكرى مصدر جاء بألف التأنيث.
الآية : 115 { وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}
الآية : 116 {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ}
قوله تعالى : {وَاصْبِرْ} أي على الصلاة ؛ كقوله : {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه : 132]. وقيل : المعنى واصبر يا محمد على ما تلقى من الأذى. {فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} يعني المصلين.
قوله تعالى : {فَلَوْلا كَانَ} أي فهلا كان. {مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي من الأمم التي قبلكم. {أُولُو بَقِيَّةٍ} أي أصحاب طاعة ودين وعقل وبصر. {يَنْهَوْنَ} قومهم. {عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ} لما أعطاهم الله تعالى من العقول وأراهم من الآيات ؛ وهذا توبيخ للكفار. وقيل : ولولا ههنا للنفي ؛ أي ما كان من قبلكم ؛ كقوله : { فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} [يونس : 98] أي ما كانت. {إِلاَّ قَلِيلاً}استثناء منقطع ؛ أي لكن قليلا. {مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} نهوا عن الفساد في الأرض. قيل : هم قوم يونس ؛ لقوله : {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ} . وقيل : هم أتباع الأنبياء وأهل الحق. {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي أشركوا وعصوا. {مَا أُتْرِفُوا فِيهِ} أي من الاشتغال بالمال واللذات ، وإيثار ذلك على الآخرة .{وَكَانُوا مُجْرِمِينَ}
(9/113)



الآية : 117 {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
الآية : 118 {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}
الآية : 119 {إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}
قوله تعالى : {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى} أي أهل القرى. {بِظُلْمٍ} أي بشرك وكفر. {وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} أي فيما بينهم في تعاطي الحقوق ؛ أي لم يكن ليهلكهم بالكفر وحده حتى ينضاف إليه الفساد ، كما أهلك قوم شعيب ببخس المكيال والميزان ، وقوم لوط باللواط ؛ ودل هذا على أن المعاصي أقرب إلى عذاب الاستئصال في الدنيا من الشرك ، وإن كان عذاب الشرك في الآخرة أصعب. وفي صحيح الترمذي من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده" . وقد تقدم.
وقيل : المعنى وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مسلمون ، فإنه يكون ذلك ظلما لهم ونقصا من حقهم ، أي ما أهلك قوما إلا بعد إعذار وإنذار. وقال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى ما كان ربك ليهلك أحدا وهو يظلمه وإن كان على نهاية الصلاح ؛ لأنه تصرف في ملكه ؛ دليله قوله : {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً} [يونس : 44]. وقيل : المعنى وما كان الله ليهلكهم بذنوبهم وهم مصلحون ؛ أي مخلصون في الإيمان. فالظلم المعاصي على هذا.
قوله تعالى : {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} قال سعيد بن جبير : على ملة الإسلام وحدها. وقال الضحاك : أهل دين واحد ، أهل ضلالة أو أهل هدى. {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} أي على أديان شتى ؛ قاله مجاهد وقتادة. {إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} استثناء منقطع ؛ أي لكن من رحم ربك بالإيمان والهدى فإنه لم يختلف. وقيل : مختلفين في الرزق ، فهذا
(9/114)



غني وهذا فقير. {إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} بالقناعة ؛ قاله الحسن. {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} قال الحسن ومقاتل ، وعطاء ويمان : الإشارة للاختلاف ، أي وللاختلاف خلقهم. وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك : ولرحمته خلقهم ؛ وإنما قال : "ولذلك" ولم يقل ولتلك ، والرحمة مؤنثة لأنه مصدر ؛ وأيضا فإن تأنيث الرحمة غير حقيقي ، فحملت على معنى الفضل. وقيل. الإشارة بذلك للاختلاف والرحمة ، وقد يشارك بـ "ذلك" إلى شيئين متضادين ؛ كقوله تعالى : {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة : 68] ولم يقل بين ذينك ولا تينك ، وقال : { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} [الفرقان : 67] وقال : {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء : 110] وكذلك قوله : {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس : 58] وهذا أحسن الأقوال إن شاء الله تعالى ؛ لأنه يعم ، أي ولما ذكر خلقهم ؛ وإلى هذا أشار مالك رحمه الله فيما روى عنه أشهب ؛ قال أشهب : سألت مالكا عن هذه الآية قال : خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير ؛ أي خلق أهل الاختلاف للاختلاف ، وأهل الرحمة للرحمة. وروي عن ابن عباس أيضا قال : خلقهم فريقين ، فريقا يرحمه وفريقا لا يرحمه. قال المهدوي : وفي الكلام على هذا التقدير تقديم وتأخير ؛ المعنى : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ، وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ؛ ولذلك ، خلقهم. وقيل : هو. متعلق بقوله {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هود : 103] والمعنى : ولشهود ذلك اليوم خلقهم. وقيل : هو متعلق بقوله : {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود : 105] أي للسعادة والشقاوة خلقهم.
قوله تعالى : {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} معنى "تمت" ثبت ذلك كما أخبر وقدر في أزله ؛ وتمام الكلمة امتناعها عن قبول التغيير والتبديل. {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} "من" لبيان الجنس ؛ أي من جنس الجنة وجنس الناس. "أجمعين" تأكيد ؛ وكما أخبر أنه يملأ ناره كذلك أخبر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يملأ جنته بقوله : "ولكل واحدة منكما ملؤها" . خرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقد تقدم.
(9/115)



الآية : 120 {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}
قوله تعالى : {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ} "كلا" نصب بـ "نقص" معناه وكل الذي تحتاج إليه من أنباء الرسل نقص عليك. وقال الأخفش : "كلا" حال مقدمة ، كقولك : كلا ضربت القوم. { أَنْبَاءِ الرُّسُلِ } أي من أخبارهم وصبرهم على أذى قومهم. {مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} أي على أداء الرسالة ، والصبر على ما ينالك فيها من الأذى. وقيل : نزيدك به تثبيتا ويقينا. وقال ابن عباس : ما نشد به قلبك. وقال ابن جريج : نصبر به قلبك حتى لا تجزع. وقال أهل المعاني : نطيب ، والمعنى متقارب. و"ما" بدل من "كلا" المعنى : نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك. { وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} أي في هذه السورة ؛ عن ابن عباس وأبي موسى وغيرهما ؛ وخص هذه السورة لأن فيها أخبار الأنبياء والجنة والنار. وقيل : خصها بالذكر تأكيدا وإن كان الحق في كل القرآن. وقال قتادة والحسن : المعنى في هذه الدنيا ، يريد النبوة. {وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} الموعظة ما يتعظ به من إهلاك الأمم الماضية ، والقرون الخالية المكذبة ؛ وهذا تشريف لهذه السورة ؛ لأن غيرها من السور قد جاء فيها الحق والموعظة والذكرى ولم يقل فيها كما قال في هذه على التخصيص. {وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} أي يتذكرون ما نزل بمن هلك فيتوبون ؛ وخص المؤمنين لأنهم المتعظون إذا سمعوا قصص الأنبياء.
الآية : 121 {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ}
الآية : 122 {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}
الآية : 123 {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}
(9/116)



قوله تعالى : {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} تهديد ووعيد. {إِنَّا عَامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} تهديد آخر ، وقد تقدم معناه.
قوله تعالى : - {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي غيبهما وشهادتهما ؛ فحذف لدلالة المعنى. وقال ابن عباس : خزائن السماوات والأرض. وقال الضحاك : جميع ما غاب عن العباد فيهما. وقال الباقون : غيب السماوات والأرض نزول العذاب من السماء وطلوعه من الأرض. وقال أبو علي الفارسي : {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي علم ما غاب فيهما ؛ أضاف الغيب وهو مضاف إلى المفعول توسعا ؛ لأنه حذف حرف الجر ؛ تقول : غبت في الأرض وغبت ببلد كذا.. {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} أي يوم القيامة ، إذ ليس لمخلوق أمر إلا بإذنه. وقرأ نافع وحفص "يرجع" بضم الياء وبفتح الجيم ؛ أي يرد. {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} أي الجأ إليه وثق به. {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} أي يجازي كلا بعمله. وقرأ أهل المدينة والشام وحفص بالتاء على المخاطبة. الباقون بياء على الخبر. قال الأخفش سعيد : {تَعْمَلُونَ} إذا لم يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم معهم ؛ قال : بعضهم وقال : {تَعْمَلُونَ} بالتاء لأنه خاطب النبي صلى الله عليه وسلم وقال : قل لهم {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} وقال كعب الأحبار : خاتمة التوراة خاتمة "هود" من قوله : {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} إلى آخر السورة.
(9/117)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طارق أحمد العاقب عبدالمجي
دويمابي برتبة نقيب
دويمابي برتبة نقيب
طارق أحمد العاقب عبدالمجي


عدد الرسائل : 371

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 17 أغسطس - 2:53

جزاك الله خيراً عم فوزي ونفعنا الله بهذا العلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 17 أغسطس - 17:22


شكراً ليك يا طارق ود أخوي.. وأدعو الله تعالى أن يعم النفع الجميع...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: