منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 13 مارس - 0:55






السادسة : قوله تعالى : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً} فيه ثلاثة أقوال. قيل : هو قوله عليه السلام : "فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله". قاله عكرمة والربيع. الثاني : قوله تعالى : { َإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } قاله الحسن وابن سيرين وقتادة والضحاك والسدي. الثالث : عقدة النكاح قول الرجل : نكحت وملكت عقدة النكاح ؛ قال مجاهد وابن زيد. وقال قوم : الميثاق الغليظ الولد. والله أعلم.
22- { وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً }
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : { وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ } يقال : كان الناس يتزوجون امرأة الأب برضاها بعد نزول قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً } حتى نزلت هذه الآية : { وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ } فصار حراما في الأحوال كلها ؛ لأن النكاح يقع على الجماع والتزوج ، فإن كان الأب تزوج امرأة أو وطئها بغير نكاح حرمت على ابنه ؛ على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
الثانية : قوله تعالى : { مَا نَكَحَ } قيل : المراد بها النساء. وقيل : العقد ، أي نكاح آباؤكم الفاسد المخالف لدين الله ؛ إذ الله قد أحكم وجه النكاح وفصل شروطه. وهو اختيار الطبري. فـ "من" متعلقة بـ "تنكحوا" و"ما نكح" مصدر. قال : ولو كان معناه ولا تنكحوا النساء اللاتي نكح آباؤكم لوجب أن يكون موضع "ما" "من". فالنهي على هذا إنما وقع على ألا ينكحوا مثل نكاح آبائهم الفاسد. والأول أصح ، وتكون "ما" بمعنى "الذي" و"من". والدليل عليه أن الصحابة تلقت الآية على ذلك المعنى ؛ ومنه استدلت على منع نكاح الأبناء حلائل الآباء. وقد كان في العرب قبائل قد اعتادت أن يخلف ابن الرجل على امرأة أبيه ،
(5/103)





وكانت هذه السيرة في الأنصار لازمة ، وكانت في قريش مباحة مع التراضي. ألا ترى أن عمرو بن أمية خلف على امرأة أبيه بعد موته فولدت له مسافرا وأبا معيط ، وكان لها من أمية أبو العيص وغيره ؛ فكان بنو أمية إخوة مسافر وأبي معيط وأعمامهما. ومن ذلك صفوان بن أمية بن خلف تزوج بعد أبيه امرأته فاخته بنت الأسود بن المطلب بن أسد ، وكان أمية قتل عنها. ومن ذلك منظور بن زبان خلف على مليكة بنت خارجة ، وكانت تحت أبيه زبان بن سيار. ومن ذلك حصن بن أبي قيس تزوج امرأة أبيه كبيشة بنت معن. والأسود بن خلف تزوج امرأة أبيه. وقال الأشعث بن سوار : توفي أبو قيس وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس امرأة أبيه فقالت : إني أعدك ولدا ، ولكني آتي وسول الله صلى الله عليه وسلم استأمره ؛ فأتته فأخبرته فأنزل الله هذه الآية. وقد كان في العرب من تزوج ابنته ، وهو حاجب بن زرارة تمجس وفعل هذه الفعلة ؛ ذكر ذلك النضر بن شميل في كتاب المثالب. فنهى الله المؤمنين عما كان عليه آباؤهم من هذه السيرة.
الثالثة : قوله تعالى : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } أي تقدم ومضى. والسلف ؛ من تقدم من آبائك وذوي قرابتك. وهذا استثناء منقطع ، أي لكن ما قد سلف فاجتنبوه ودعوه. وقيل : "إلا" بمعنى بعد ، أي بعد ما سلف ؛ كما قال تعالى : { لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى } أي بعد الموتة الأولى. وقيل : { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ } أي ولا ما سلف ؛ كقوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً } يعني ولا خطأ. وقيل : في الآية تقديم وتأخير ، معناه : ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا إلا ما قد سلف. وقيل : في الآية إضمار لقوله { وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ } فإنكم إن فعلتم تعاقبون وتؤاخذون إلا ما قد سلف.
الرابعة قوله تعالى : { إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً } عقب بالذم البالغ المتتابع ، وذلك دليل على أنه فعل انتهى من القبح إلى الغاية. قال أبو العباس : سألت ابن الأعرابي عن نكاح المقت فقال : هو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها أو مات
(5/104)





عنها ؛ ويقال لهذا الرجل : الضيزن. وقال ابن عرفة : كانت العرب إذا تزوج الرجل امرأة أبيه فأولدها قيل للولد : المقتي. وأصل المقت البغض ؛ من مقته يمقته مقتا فهو ممقوت ومقيت. فكانت العرب تقول للرجل من امرأة أبيه : مقيت ؛ فسمى تعالى هذا النكاح "مقتا" إذ هو ذا مقت يلحق فاعله. وقيل : المراد بالآية النهي عن أن يطأ الرجل امرأة وطئها الآباء ، إلا ما قد سلف من الآباء في الجاهلية من الزنى بالنساء لا على وجه المناكحة فإنه جائز لكم زواجهن. وأن تطؤوا بعقد النكاح ما وطئه آباؤكم من الزنى ؛ قال ابن زيد. وعليه فيكون الاستثناء متصلا ، ويكون أصلا في أن الزنى لا يحرم على ما يأتي بيانه. والله أعلم.
23- {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً}
فيه إحدى وعشرون مسألة :
الأولى قوله تعالى : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ } أي نكاح أمهاتكم ونكاح بناتكم ؛ فذكر الله تعالى في هذه الآية ما يحل من النساء وما يحرم ، كما ذكر تحريم حليلة الأب. فحرم الله سبعا من النسب وستا من رضاع وصهر ، وألحقت السنة المتواترة سابعة ؛ وذلك الجمع بين المرأة وعمتها ، ونص عليه الإجماع. وثبتت الرواية عن ابن عباس قال : حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ، وتلا هذه الآية. وقال عمرو بن سالم مولى الأنصار مثل ذلك ، وقال : السابعة قوله تعالى : { وَالْمُحْصَنَاتُ }. فالسبع المحرمات من النسب : الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات ، وبنات الأخ وبنات الأخت.
(5/105)





والسبع المحرمات بالصهر والرضاع : الأمهات من الرضاعة والأخوات من الرضاعة ، وأمهات النساء والربائب وحلائل الأبناء والجمع بين الأختين ، والسابعة { وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ }. قال الطحاوي : وكل هذا من المحكم المتفق عليه ، وغير جائز نكاح واحدة منهن بإجماع إلا أمهات النساء اللواتي لم يدخل بهن أزواجهن ؛ فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن الأم تحرم بالعقد على الابنة ، ولا تحرم الابنة إلا بالدخول بالأم ؛ وبهذا قول جمعي أئمة الفتوى بالأمصار. وقالت طائفة من السلف : الأم والربيبة سواء ، لا تحرم منهما واحدة إلا بالدخول بالأخرى.
قالوا : ومعنى قوله : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } أي اللاتي دخلتم بهن . { وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } . وزعموا أن شرط الدخول راجع إلى الأمهات والربائب جميعا ؛ رواه خلاس عن علي بن أبي طالب. وروي عن ابن عباس وجابر وزيد بن ثابت ، وهو قول ابن الزبير ومجاهد. قال مجاهد : الدخول مراد في النازلتين ؛ وقول الجمهور مخالف لهذا وعليه الحكم والفتيا ، وقد شدد أهل العراق فيه حتى قالوا : لو وطئها بزنى أو قبلها أو لمسها بشهوة حرمت عليه ابنتها. وعندنا وعند الشافعي إنما تحرم بالنكاح الصحيح ؛ والحرام لا يحرم الحلال على ما يأتي. وحديث خلاس عن علي لا تقوم به حجة ، ولا تصح روايته عند أهل العلم بالحديث ، والصحيح عنه مثل قول الجماعة. قال ابن جريج : قلت لعطاء الرجل ينكح المرأة ثم لا يراها ولا يجامعها حتى يطلقها أو تحل له أمها ؟ قال : لا ، هي مرسلة دخل بها أو لم يدخل. فقلت له : أكان ابن عباس يقرأ : { وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن} ؟ قال : لا لا. وروى سعيد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } قال : هي مبهمة لا تحل بالعقد على الابنة ؛ وكذلك روى مالك في موطئه عن زيد بن ثابت ، وفيه : "فقال زيد لا ، الأم مبهمة ليس فيها شرط وإنما الشرط في الربائب". قال ابن المنذر : وهذا هو الصحيح ؛ لدخول جميع أمهات النساء في قوله تعالى : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ }. ويؤيد هذا القول من جهة الإعراب
(5/106)





أن الخبرين إذا اختلفا في العامل لم يكن نعتهما واحدا ؛ فلا يجوز عند النحويين مررت بنسائك وهربت من نساء زيد الظريفات ، على أن تكون "الظريفات" نعتا لنسائك ونساء زيد ؛ فكذلك الآية لا يجوز أن يكون "اللاتي" من نعتهما جميعا ؛ لأن الخبرين مختلفان ، ولكنه يجوز على معنى أعني. وأنشد الخليل وسيبويه :
إن بها أكتل أو رزاما ... خويربين ينقفان الهاما
خويربين يعني لصين ، بمعنى أعني. وينقفان : يكسران ؛ نقفت رأسه كسرته. وقد جاء صريحا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها دخل بالبنت أو لم يدخل وإذا تزوج الأم فلم يدخل بها ثم طلقها فإن شاء تزوج البنت" أخرجه في الصحيحين
الثانية وإذا تقرر هذا وثبت فاعلم أن التحريم ليس صفة للأعيان ، والأعيان ليست موردا للتحليل والتحريم ولا مصدرا ، وإنما يتعلق التكليف بالأمر والنهي بأفعال المكلفين من حركة وسكون ؛ لكن الأعيان لما كانت موردا للأفعال أضيف الأمر والنهي والحكم إليها وعلق بها مجازا على معنى الكناية بالمحل عن الفعل الذي يحل به.
الثالث قوله تعالى : {أُمَّهَاتُكُمُ } تحريم الأمهات عام في كل حال لا يتخصص بوجه من الوجوه ؛ ولهذا يسميه أهل العلم المبهم ، أي لا باب فيه ولا طريق إليه لانسداد التحريم وقوته ؛ وكذلك تحريم البنات والأخوات ومن ذكر من المحرمات. والأمهات جمع أمهة ؛ يقال : أم وأمهة بمعنى واحد ، وجاء القرآن بهما. وقد تقدم في الفاتحة بيانه. وقيل : إن أصل أم أمهة على وزن فعلة مثل قبرة وحمرة لطيرين ، فسقطت وعادت في الجمع. قال الشاعر :
أمهتي خندف والدوس أبي
وقيل : أصل الأم أمة ، وأنشدوا :
تقبلتها عن أمة لك طالما ... تثوب إليها في النوائب أجمعا
(5/107)





ويكون جمعها أمات. قال الراعي :
كانت نجائب منذر ومحرق ... أماتهن وطرقهن فحيلا
فالأم اسم لكل أنثى لها عليك ولادة ؛ فيدخل في ذلك الأم دنية ، وأمهاتها وجداتها وأم الأب وجداته وإن علون. والبنت اسم لكل أنثى لك عليها ولادة ، وإن شئت قلت : كل أنثى يرجع نسبها إليك بالولادة بدرجة أو درجات ؛ فيدخل في ذلك بنت الصلب وبناتها وبنات الأبناء وإن نزلن. والأخت اسم لكل أنثى جاورتك في أصليك أو في أحدهما والبنات جمع بنت ، والأصل بنية ، والمستعمل ابنة وبنت. قال الفراء : كسرت الباء من بنت لتدل الكسرة على الياء ، وضمت الألف من أخت لتدل على حذف الواو ، فإن أصل أخت أخوة ، والجمع أخوات. والعمة اسم لكل أنثى شاركت أباك أو جدك في أصليه أو في أحدهما. وإن شئت قلت : كل ذكر رجع نسبه إليك فأخته عمتك. وقد تكون العمة من جهة الأم ، وهي أخت أب أمك. والخالة اسم لكل أنثى شاركت أمك في أصليها أو في أحدهما. وإن شئت قلت : كل أنثى رجع نسبها إليك بالولادة فأختها خالتك. وقد تكون الخالة من جهة الأب وهي أخت أم أبيك. وبنت الأخ اسم لكل أنثى لأخيك عليها ولادة بواسطة أو مباشرة ؛ وكذلك بنت الأخت. فهذه السبع المحرمات من النسب. وقرأ نافع - في رواية أبي بكر بن أبي أويس - بتشديد الخاء من الأخ إذا كانت فيه الألف واللام مع نقل الحركة.
الرابعة : قوله تعالى : { وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ } وهي في التحريم مثل من ذكرنا ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". وقرأ عبدالله "وأمهاتكم اللائي" بغير تاء ؛ كقوله تعالى : { وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ } قال الشاعر :
من اللاء لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن ليقتلن البريء المغفلا
(5/108)





{ أَرْضَعْنَكُمْ } فإذا أرضعت المرأة طفلا حرمت عليه لأنها أمه ، وبنتها لأنها أخته ، وأختها لأنها خالته ، وأمها لأنها جدته ، وبنت زوجها صاحب اللبن لأنها أخته ، وأخته لأنها عمته ، وأمه لأنها جدته ، وبنات بنيها وبناتها لأنهن بنات إخوته وأخواته.
الخامسة : قال أبو نعيم عبيدالله بن هشام الحلبي : سئل مالك عن المرأة أيحج معها أخوها من الرضاعة ؟ قال : نعم. قال أبو نعيم : وسئل مالك عن امرأة تزوجت فدخل بها زوجها. ثم جاءت امرأة فزعمت أنها أرضعتهما ؛ قال : يفرق بينهما ، وما أخذت من شيء له فهو لها ، وما بقي عليه فلا شيء عليه. ثم قال مالك : إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مثل هذا فأمر بذلك ؛ فقالوا : يا رسول الله ، إنها امرأة ضعيفة ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أليس يقال إن فلانا تزوج أخته" ؟
السادسة : التحريم بالرضاع إنما يحصل إذا اتفق الإرضاع في الحولين ؛ كما تقدم في "البقرة". ولا فرق بين قليل الرضاع وكثيره عندنا إذا وصل إلى الأمعاء ولو مصة واحدة. واعتبر الشافعي في الإرضاع شرطين : أحدهما خمس رضعات ؛ لحديث عائشة قالت : كان فيما أنزل الله عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن. موضع الدليل منه أنها أثبتت أن العشر نسخن بخمس ، فلو تعلق التحريم بما دون الخمس لكان ذلك نسخا للخمس. ولا يقبل على هذا خبر واحد ولا قياس ؛ لأنه لا ينسخ بهما. وفي حديث سهلة "أرضعيه خمس رضعات يحرم بهن". الشرط الثاني : أن يكون في الحولين ، فإن كان خارجا عنهما لم يحرم ؛ لقوله تعالى : { حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }. وليس بعد التمام والكمال شيء. واعتبر أبو حنيفة بعد الحولين ستة أشهر. ومالك الشهر ونحوه. وقال زفر : ما دام يجتزئ باللبن ولم يفطم فهو رضاع وإن أتى عليه ثلاث سنين. وقال الأوزاعي : إذا فطم لسنة واستمر فطامه فليس بعده رضاع. وانفرد الليث بن سعد
(5/109)





من بين العلماء إلى أن رضاع الكبير يوجب التحريم ؛ وهو قول عائشة رضي الله عنها ؛ وروي عن أبي موسى الأشعري ، وروي عنه ما يدل على رجوعه عن ذلك ، وهو ما رواه أبو حصين عن أبي عطية قال : قدم رجل بامرأته من المدينة فوضعت وتورم ثديها ، فجعل يمصه ويمجه فدخل في بطنه جرعة منه ؛ فسأل أبا موسى فقال : بانت منك ، وأت ابن مسعود فأخبره ، ففعل ؛ فأقبل بالأعرابي إلى أبي موسى الأشعري وقال : أرضيعا ترى هذا الأشمط ! إنما يحرم من الرضاع ما ينبت اللحم والعظم. فقال الأشعري : لا تسألوني عن شيء وهذا الحبر بين أظهركم. فقوله : "لا تسألوني" يدل على أنه رجع عن ذلك. واحتجت عائشة بقصة سالم مولى أبي حذيفة وأنه كان رجلا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسهلة بنت سهيل : "أرضعيه" خرجه الموطأ وغيره. وشذت طائفة فاعتبرت عشر رضعات ؛ تمسكا بأنه كان فيما أنزل : عشر رضعات. وكأنهم لم يبلغهم الناسخ. وقال داود : لا يحرم إلا بثلاث رضعات ؛ واحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تحرم الإملاجة والإملاجتان". خرجه مسلم. وهو مروى عن عائشة وابن الزبير ، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد ، وهو تمسك بدليل الخطاب ، وهو مختلف فيه. وذهب من عدا هؤلاء من أئمة الفتوى إلى أن الرضعة الواحدة تحرم إذا تحققت كما ذكرنا ؛ متمسكين بأقل ما ينطلق عليه اسم الرضاع. وعضد هذا بما وجد من العمل عليه بالمدينة وبالقياس على الصهر ؛ بعلة أنه معنى طارئ يقتضي تأبيد التحريم فلا يشترط فيه العدد كالصهر. وقال الليث بن سعد : وأجمع المسلمون على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر الصائم. قال أبو عمر. لم يقف الليث على الخلاف في ذلك.
قلت : وأنص ما في هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم : "لا تحرم المصة ولا المصتان" أخرجه مسلم في صحيحه. وهو يفسر معنى قوله تعالى : {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ } أي أرضعنكم ثلاث رضعات فأكثر ؛ غير أنه يمكن أن يحمل على ما إذا لم يتحقق وصوله إلى جوف الرضيع ؛ لقوله : "عشر رضعات معلومات. وخمس رضعات معلومات" . فوصفها
(5/110)





بالمعلومات إنما هو تحرز مما يتوهم أو يشك في وصوله إلى الجوف. ويفيد دليل خطابه أن الرضعات إذا كانت غير معلومات لم تحرم. والله أعلم. وذكر الطحاوي أن حديث الإملاجة والإملاجتين لا يثبت ؛ لأنه مرة يرويه ابن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومرة يرويه عن عائشة ، ومرة يرويه عن أبيه ؛ ومثل هذا الاضطراب يسقطه. وروي عن عائشة أنه لا يحرم إلا سبع رضعات. وروي عنها أنها أمرت أختها "أم كلثوم" أن ترضع سالم بن عبدالله عشر رضعات. وروي عن حفصة مثله ، وروي عنها ثلاث ، وروي عنها خمس ؛ كما قال الشافعي رضي الله عنه ، وحكي عن إسحاق.
السابعة : قوله تعالى : { وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ } استدل به من نفى لبن الفحل ، وهو سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وأبو سلمة بن عبدالرحمن ، وقالوا : لبن الفحل لا يحرم شيئا من قبل الرجل. وقال الجمهور : قوله تعالى : { وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ } يدل على أن الفحل أب ؛ لأن اللبن منسوب إليه فإنه در بسبب ولده. وهذا ضعيف ؛ فإن الولد خلق من ماء الرجل والمرأة جميعا ، واللبن من المرأة ولم يخرج من الرجل ، وما كان من الرجل إلا وطء هو سبب لنزول الماء منه ، وإذا فصل الولد خلق الله اللبن من غير أن يكون مضافا إلى الرجل بوجه ما ؛ ولذلك لم يكن للرجل حق في اللبن ، وإنما اللبن لها ، فلا يمكن أخذ ذلك من القياس على الماء. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" يقتضي التحريم من الرضاع ، ولا يظهر وجه نسبة الرضاع إلى الرجل مثل ظهور نسبة الماء إليه والرضاع منها. نعم ، الأصل فيه حديث الزهري وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها : أن أفلح أخا القعيس جاء يستأذن عليها ، وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب. قالت : فأبيت أن آذن له ؛ فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته فقال : "ليلج عليك فإنه عمك تربت يمينك". وكان أبو القعيس زوج المرأة التي أرضعت عائشة رضي الله عنها ؛ وهذا أيضا خبر واحد. ويحتمل أن يكون "أفلح" مع أبي بكر رضيعي لبان فلذلك قال : "ليلج عليك فإنه عمك".
(5/111)





وبالجملة فالقول فيه مشكل والعلم عند الله ، ولكن العمل عليه ، والاحتياط في التحريم أولى ، مع أن قوله تعالى : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } يقوي قول المخالف.
الثامنة : قوله تعالى : { وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ } وهي الأخت لأب وأم ، وهي التي أرضعتها أمك بلبان أبيك ؛ سواء أرضعتها معك أو ولدت قبلك أو بعدك. والأخت من الأب دون الأم ، وهي التي أرضعتها زوجة أبيك. والأخت من الأم دون الأب ، وهي التي أرضعتها أمك بلبان رجل آخر. ثم ذكر التحريم بالمصاهرة فقال تعالى : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } والصهر أربع : أم المرأة وابنتها وزوجة الأب وزوجة الابن. فأم المرأة تحرم بمجرد العقد الصحيح على ابنتها على ما تقدم
التاسعة : قوله تعالى : { وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } هذا مستقل بنفسه. ولا يرجع قوله : "من نسائكم اللاتي دخلتم بهن" إلى الفريق الأول ، بل هو راجع إلى الربائب ، إذ هو أقرب مذكور كما تقدم. والربيبة : بنت امرأة الرجل من غيره ؛ سميت بذلك لأنه يربيها في حجره فهي مربوبة ، فعيلة بمعنى مفعولة. واتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل بالأم ، وإن لم تكن الربيبة في حجره. وشذ بعض المتقدمين وأهل الظاهر فقالوا : لا تحرم عليه الربيبة إلا أن تكون في حجر المتزوج بأمها ؛ فلو كانت في بلد آخر وفارق الأم بعد الدخول فله أن يتزوج بها ؛ واحتجوا بالآية فقالوا : حرم الله تعالى الربيبة بشرطين : أحدهما : أن تكون في حجر المتزوج بأمها. والثاني : الدخول بالأم ؛ فإذا عدم أحد الشرطين لم يوجد التحريم. واحتجوا بقوله عليه السلام : "لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة" فشرط الحجر. ورووا عن علي بن أبي طالب إجازة ذلك. قال ابن المنذر والطحاوي : أما الحديث عن علي فلا يثبت ؛ لأن راويه إبراهيم بن عبيد عن مالك بن أوس عن علي ، وإبراهيم هذا لا يعرف ، وأكثر أهل العلم قد تلقوه بالدفع والخلاف. قال أبو عبيد : ويدفعه قوله : "فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن" فعم. ولم يقل : اللائي في حجري ، ولكنه سوى بينهن في التحريم. قال الطحاوي : وإضافتهن إلى الحجور إنما ذلك على الأغلب مما يكون عليه الربائب ؛ لا أنهن لا يحرمن إذا لم يكن كذلك.
(5/112)





العاشرة : قوله تعالى : { فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } يعني بالأمهات. { فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } يعني في نكاح بناتهن إذا طلقتموهن أو متن عنكم. وأجمع العلماء على أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم طلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها حل له نكاح ابنتها. واختلفوا في معنى الدخول بالأمهات الذي يقع به تحريم الربائب ؛ فروي عن ابن عباس أنه قال : الدخول الجماع ؛ وهو قول طاوس وعمرو بن دينار وغيرهما. واتفق مالك والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي والليث على أنه إذا مسها بشهوه حرمت عليه أمها وابنتها وحرمت على الأب والابن ، وهو أحد قولي الشافعي. واختلفوا في النظر ؛ فقال مالك : إذا نظر إلى شعرها أو صدرها أو شيء من محاسنها للذة حرمت عليه أمها وابنتها. وقال الكوفيون : إذا نظر إلى فرجها للشهوة كان بمنزلة اللمس للشهوة. وقال الثوري : يحرم إذا نظر إلى فرجها متعمدا أو لمسها ؛ ولم يذكر الشهوة. وقال ابن أبي ليلى : لا تحرم بالنظر حتى يلمس ؛ وهو قول الشافعي. والدليل على أن بالنظر يقع التحريم أن فيه نوع استمتاع فجرى مجرى النكاح ؛ إذ الأحكام تتعلق بالمعاني لا بالألفاظ. وقد يحتمل أن يقال : إنه نوع من الاجتماع بالاستمتاع ؛ فإن النظر اجتماع ولقاء ، وفيه بين المحبين استمتاع ؛ وقد بالغ في ذلك الشعراء فقالوا :
أليس الليل يجمع أم عمرو ... وإيانا فذاك بنا تدان
نعم ، وترى الهلال كما أراه ... ويعلوها النهار كما علاني
فكيف بالنظر والمجالسة [والمحادثة] واللذة.
الحادية عشرة : قوله تعالى : { وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ } الحلائل جمع حليلة ، وهي الزوجة. سميت حليلة لأنها تحل مع الزوج حيث حل ؛ . فهي فعيلة بمعنى فاعلة. وذهب الزجاج وقوم إلى أنها من لفظة الحلال ؛ فهي حليلة بمعنى محللة. وقيل : لأن كل واحد منهما يحل إزار صاحبه.
الثانية عشرة : أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء ، وما عقد عليه الأبناء على الآباء ، كان مع العقد وطء أو لم يكن ؛ لقوله تعالى : { وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ
(5/113)





مِنَ النِّسَاءِ } وقوله تعالى : { وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ } ؛ فإن نكح أحدهما نكاحا فاسدا حرم على الآخر العقد عليها كما يحرم بالصحيح ؛ لأن النكاح الفاسد لا يخلو : إما أن يكون متفقا على فساده أو مختلفا فيه. فإن كان متفقا على فساده لم يوجب حكما وكان وجوده كعدمه. وإن كان مختلفا فيه فيتعلق به من الحرمة ما يتعلق بالصحيح ؛ لاحتمال أن يكون نكاحا فيدخل تحت مطلق اللفظ. والفروج إذا تعارض فيها التحريم والتحليل غلب التحريم. والله أعلم. قال ابن المنذر : أجمع كل من يحفظ عنه من علماء الأمصار على أن الرجل إذا وطئ امرأة بنكاح فاسد أنها تحرم على أبيه وابنه وعلى أجداده وولد ولده. وأجمع العلماء وهي المسألة :
الثالثة عشرة : على أن عقد الشراء على الجارية لا يحرمها على أبيه وابنه ؛ فإذا اشترى الرجل جارية فلمس أو قبل حرمت على أبيه وابنه ، لا أعلمهم يختلفون فيه ؛ فوجب تحريم ذلك تسليما لهم. ولما اختلفوا في تحريمها بالنظر دون اللمس لم يجز ذلك لاختلافهم. قال ابن المنذر : ولا يصح عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلناه. وقال يعقوب ومحمد : إذا نظر رجل في فرج امرأة من شهوة حرمت على أبيه وابنه ، وتحرم عليه أمها وابنتها. وقال مالك : إذا وطئ الأمة أو قعد منها مقعدا لذلك وإن لم يفض إليها ، أو قبلها أو باشرها أو غمزها تلذذا فلا تحل لابنه. وقال الشافعي : إنما تحرم باللمس ولا تحرم بالنظر دون اللمس ؛ وهو قول الأوزاعي
الرابعة عشرة : واختلفوا في الوطء بالزنى هل يحرم أم لا ؛ فقال أكثر أهل العلم : لو أصاب رجل امرأة بزنى لم يحرم عليه نكاحها بذلك ؛ وكذلك لا تحرم عليه امرأته إذا زنى بأمها أو بابنتها ، وحسبه أن يقام عليه الحد ، ثم يدخل بامرأته. ومن زنى بامرأة ثم أراد نكاح أمها أو ابنتها لم تحرما عليه بذلك. وقالت طائفة : تحرم عليه. روي هذا القول عن عمران بن حصين ؛ وبه قال الشعبي وعطاء والحسن وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي ، وروي عن مالك ؛ وأن الزنى يحرم الأم والابنة وأنه بمنزلة الحلال ، وهو قول
(5/114)





أهل العراق. والصحيح من قول مالك وأهل الحجاز : أن الزنى لا حكم له ؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال : { وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ } وليست التي زنى بها من أمهات نسائه ، ولا ابنتها من ربائبه. وهو قول الشافعي وأبي ثور. لأنه لما ارتفع الصداق في الزنى ووجوب العدة والميراث ولحقوق الولد ووجوب الحد ارتفع أن يحكم له بحكم النكاح الجائز. وروى الدارقطني من حديث الزهري عن عروة عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل زنى بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها فقال : "لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح" . ومن الحجة للقول الآخر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن جريج وقوله : "يا غلام من أبوك" قال : فلان الراعي. فهذا يدل على أن الزنى يحرم كما يحرم الوطء الحلال ؛ فلا تحل أم المزني بها ولا بناتها لآباء الزاني ولا لأولاده ؛ وهي رواية ابن القاسم في المدونة. ويستدل به أيضا على أن المخلوقة من ماء الزنى لا تحل للزاني بأمها ، وهو المشهور. قال عليه السلام : "لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها" ولم يفصل بين الحلال والحرام. وقال عليه السلام : "لا ينظر الله إلى من كشف قناع امرأة وابنتها" . قال ابن خويز منداد : ولهذا قلنا إن القبلة وسائر وجوه الاستمتاع ينشر الحرمة. وقال عبدالملك الماجشون : إنها تحل ؛ وهو الصحيح لقوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً } يعني بالنكاح الصحيح ، على ما يأتي في "الفرقان" بيانه. ووجه التمسك من الحديث على تلك المسألتين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حكى عن جريج أنه نسب ابن الزنى للزاني ، وصدق الله نسبته بما خرق له من العادة في نطق الصبي بالشهادة له بذلك ؛ وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن جريج في معرض المدح وإظهار كرامته ؛ فكانت تلك النسبة صحيحة بتصديق الله تعالى وبإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؛ فثبتت البنوة وأحكامها.
فإن قيل : فيلزم على هذا أن تجري أحكام البنوة والأبوة من التوارث والولايات وغير ذلك ، وقد اتفق المسلمون على أنه لا توارث بينهما فلم تصح تلك النسبة ؟
(5/115)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبوآيه
دويمابي برتبة مقدم
دويمابي برتبة مقدم
أبوآيه


عدد الرسائل : 1150

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 13 مارس - 22:23

جزاك الله ألف خير وإحسان


نتمنى من العلي القدير أن نستفيد من هذا الكلام الطيب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: