اكملت الدكتورة امنة عبد الرحمن
محاضرتها عن مضار ختان الاناث.. تقدم نحوها رجل كبير السن ظنته يريد
مصافحتها مثل اخرين سبقوه فاذا به يهوي على راسها بضربة قوية من عصاه.
وكان موقفا عصيبا لاستاذة علم النفس الاجتماعي.. تلك لم تكن الاولى خلال
19 عاما قضتها في الدعوة لمكافحة ختان الاناث بالسودان. ذات مرة شج رأسها
بحجر حتى سال دمها أثناء ندوة وفي مرات أخرى تعرضت للسب والتشهير. ولكنها
تقول ان ما رأته من ماسي الختان يجعلها تحتمل بروح عالية كل ما تقاسيه في
سبيل تجنيب وقوع المزيد من الفتيات ضحية لهذه العادة.
وقالت امنة لرويترز ان الاطباء كانوا يدعونها لرؤية حالات من الختان
تفوق حد التصور في قسوتها وبشاعتها //رأيت مثلا حالتي وفاة احداهما لرضيعة في
شهرها التاسع مسجاة على فراش الموت والصديد يملا الفراش حولها نتيجة لالتهاب
جراح الختان والاخرى لطفلة في السابعة من عمرها وقد قطعت اعضائها
التناسلية الخارجية حتى صارت كاللحم المفروم.//
وترأس امنة الجمعية السودانية لمحاربة العادات الضارة وهي فرع للجمعية
الافريقية لمحاربة الممارسات الضارة بصحة الام والطفل ومقرها اديس ابابا.
وتعتقد ان جهود جمعيتها لم تذهب هدرا فقد //كسبت ثقة قطاعات مقدرة من
المجتمع.//
تقول امنة //حدث تحول للمجتمع السوداني ككل لصالح التخلي عن عادة
الختان ففي الخمسة سنوات الاخيرة صرت اسمع قطاعات الشباب والطلاب ينادون
بوجوب وضع قانون لمنع الظاهرة وفي مرات أخرى اسمع نساء أو رجالا يتساءلون
بعد أن عرفوا مضار الختان لماذا نرضى لانفسنا ممارسة هذه العادة البشعة..
هذه مؤشرات تدل على التغيير.//
والمتابع للجهود التي ظلت تبذل لاحداث مثل هذا التغيير منذ الاربعينات
من قيادات اكبر طائفتين دينيتين في السودان وهما الانصار والختمية ثم جهود
الحركة النسوية والاطباء والجمعيات المختلفة سيحبط بما اعلن الاسبوع الماضي عن
أن ظاهرة الختان وسط السودانيات تعادل 90 في المئة .
ولكن امنة تقلل من مصداقية هذه النسبة التي وردت في فعاليات الندوة
الاقليمية لضمان الامومة الامنة التي نظمتها وزارة الصحة بالتعاون من منظمة
اليونيسف وتمويل الحكومة اليابانية وركزت على بحث التدابير الفاعلة للقضاء
على ختان الاناث.
تقول ان هذه النسبة اخذت من احصائيات المسح الديموجرافي الصحي الذي
اجرته وزارة الصحة بالتعاون مع جامعة الدول العربية عام 1990 والجامعة
نفسها اوصت بعدم العتماد على هذا المسح كمصدر للمعلومات فيما يختص بقضايا
الامومة الامنة لعدم دقة الاسئلة التي تضمنها في هذا الصدد.
وعلى العكس من ذلك تقول امنة //في عام 2000 اجرينا مسحا لمواليد عام
1980 فوجدنا نسبة //الختان الفرعوني// بينهن 57 في المئة و //ختان السنة//
43 في المئة بينما كانت نسبة الفرعوني وسط امهاتهن 84 في المئة .
والفرعوني هو اسوا أنواع الختان حيث تزال فيه اجزاء كبيرة من الجهاز
التناسلي الخارجي ويغلق الجرح بالخياطة ولا تترك سوى فتحة صغيرة. اما السنة
ففيه قطع جزء اصغر ودون خياطة.
وتعلق على هذه النتائج بقولها //ان هذا التناقص يعتبر مؤشرا على حدوث
تغيير ايجابي في جيل.// وحتى بالملاحظة العادية لو نظر المرء لدوائر الاهل
والمعارف حوله سيجد أن عددا منهم تخلى عن ممارسة الختان الفرعوني أو كل
أنواع الختان على صغيراتهم.
وتضع الجمعية خطط خمسية تجمع خلال كل منها المعلومات ذات الصلة من المجتمع
وتحدد نسبة الهدف الذي تود الوصول اليه والوسيلة المناسبة لتحقيق هذا
الغرض ثم تقيم في نهاية الخمس سنوات درجة النجاح التي احرزتها في كل جانب وتحدد
أساليب جديدة للفترة التي تليها.
وتشمل ادوات التوعية التي تستخدمها الجمعية دراسة اعدتها الجمعية تقول
امنة أنها الوحيدة في العالم التي اوضحت 14 بعدا سالبا للختان تشمل التعذيب
الجسدي والنفسي الذي تتعرض له الطفلة جراء الجراح العميقة واثرها على
حياتها الجنسية في المستقبل كزوجة والخطورة التي تتعرض لها عند ولادة طفل.
وتنشر هذه الرسالة التثقيفية عبر 5020 وحدة لاصدقاء الجمعية في
المستويات القاعدية تصب في 15 فرعا في عواصم ولايات السودان المختلفة.
ولاتساع شبكة الجمعية أصبحت هي الوحيدة من بين مئات الجمعيات غير الحكومية في
السودان التي تتمتع بوضع استشاري في المجلس الاقتصادي الاجتماعي لمنظمة الامم
المتحدة.
وتفكر جمعية محاربة العادات الضارة في تنظيم ملتقى لعلماء الدين من كل
العالم الاسلامي ومن الطوائف والمذاهب المختلفة ليخرج برأي قاطع عن علاقة
الختان بالدين ويرفع هذا الرأي لهيئة الافتاء الشرعي.