الختان

ربما حملتنا هموم ومشاغل البلاد السياسية للانصراف عن تناول القضايا الاجتماعية الأخرى ، والتي لا تقل في أهميتها عن القضايا السياسية ، لما لها من أهمية لدى المواطن العادي ، خاصة وأن بعضها قد تم تحويرها في كثير من الأحايين لتتحول إلي جدال سياسي اجتماعي ، الأمر الذي دفعنا للمشاركة بالرأي كأحد أفراد المجتمع .
ومن ضمن تلك القضايا الهامة التي أخذت حيزاً كبيرا من الجدال والنقاش في أوساط المجتمع السوداني خلال الفترة الماضية ، قضية ختان البنات ، وخاصة من جانب وسائل الإعلام المختلفة والتي قامت مشكورة بتسليط الضوء على تلك الممارسة الضارة من خلال عكسها لحالات الوفيات والتشوهات الخلقية الناجمة عنها . الأمر الذي أودى بجهات الاختصاص في الدولة إلي إصدار قرار يمنع ختان البنات بشكل عام ولا سيما في المستشفيات والمراكز الصحية ، ووفق تقديري أنه قرار صائب يستوجب الإشادة به بغض النظر عن الموقف السياسي من النظام الحاكم في الدولة.
وقد قام التلفزيون السوداني مؤخراً بتقديم حلقة نقاش عن هذه الممارسة الضارة عبر برنامج ( البيت السعيد ) قدّم لها د. الجميعابي بمشاركة بعض الوجوه من ذوي الاختصاص ممن يحملون وجهات نظر متباينة حيال هذه القضية. ومما لفت انتباهي في تلك الحلقة استماتة إحدى المستضافات في الدفاع عن تلك الممارسة ، مما أثار استغرابي ، لا سيما وأنها تعمل أخصائية نساء وتوليد مما يتيح لها الإحاطة بكافة السلبيات والآثار الضارة الناجمة عن عملية الختان للبنات ، الأمر الذي كان يستوجب أن يكون موقفها عكس ما ظهرت عليها ، ولكن في نهاية المطاف للناس خيارات طالما في الأمر فسحة .
ولعلي هنا لا أود الخوض في جدال فقهي حول هذا الموضوع نظراً لما فيه من أراء متعددة قد لا تسعنا سلسلة من المقالات لتغطيتها ، وكون منطلقي هنا تستند على القاعدة الأصولية المعروفة ( لا ضرر ولا ضرار ).لا سيما وأن الحديث الذي يستند عليه كافة الجهات المؤيدة أو المعارضة لهذه العملية هو الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة (رض ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال خمس من الفطرة ( الختان ، الاستحداد ، تقليم الأظافر ، نتف الإبط ، وقص الشوارب ) ، وقد أختلف أهل العلم وفقهاء المذاهب حول هذا الحديث ، فمنهم من حمله على الوجوب ومنهم من حمله على الندب ومنهم من حمله على التخصيص أي للبنين دون البنات ، وفي هذا سيل من الآراء فضلاً عن الرأي الآخر القائل بأنها سنة تقريرية كون النبي (ص ) أقرها على صيغة محددة ، وفي هذا أيضاً آراء متعددة . ولكني كما أسلفت أن موقفي هنا ينبني على قاعدة لا ضرر ولا ضرار كون الإسلام دوماً يغّلب المصالح على المفاسد فيأخذ بالمصالح لجبر الضرر، وفي أمر ختان البنات تحديداً فإننا نكاد لا نجد لها مصالح تذكر ، ألّهم إلا من بعض الحجج الواهية التي لا تستقيم على ذاتها كالحفاظ على الشرف وخلافها ، وحتى هذه الحجة إذا ُأخذت بها فإنها ستكون على القائلين بها وليس لهم ، لأن المنطلق هنا يستند على منطق أهل الجاهلية حيث هذه العادة موروثة من عندهم .
وأمّا مضار ختان الإناث فقد عددتها في ما تقارب التسع نقاط بعضها تتأثر بها الفتاة قبل الزواج وبعضها بعد الزواج .
فأما المضار التي تتأثر بها الفتاة قبل الزواج فمنها الآتي :-
1- التعذيب الجسدي عند الختان.
2- التعذيب النفسي .
3-اختلال الدورة الشهرية .
4- التشويه الخَلقي .
وأما بعد الزواج فمنها الآتية :-
1- التعذيب الجسدي للفتاة عند الزفاف نتيجة لانسداد فتحة الحياء ، وما يترتب عليها من آثار نفسية سالبة قد تستمر معها لمدى الحياة هذا فضلاً عن الجروح التي يصاب بها الزوجان جراء ما أسلفنا .
2- الإصابة بالتهابات المهبل مما يؤخر عملية الحمل وآثارها النفسية كذلك على الطرفين في تلك المرحلة الحرجة من حياتهما الزوجية .
3- عسر الولادة والتي دوماً ما تؤدي في كثير من الحالات إلي الوفاة .
4- البرود الجنسي في غالب الأحيان ونتائجها السالبة على الحياة الزوجية مما يدفع بعض الرجال إلي البحث عن التعدد .
5- حرمان المرأة من التمتع في مضجعها .
هذه بعض المضار التي أرى أنها تستدعي الوقوف عليها قبل لتقييم حجم المفاسد عن المصالح من عملية ختان البنات ، والله أعلم .

التهاب الدم هو تعبير شائع (كلام اهالى) لارتفاع عدد كرويات الدم البيضاء فى الدم عن المعدل الطبيعي وسوف ينشر موضوع في هذا الشأن ----أخي اسماعيل الجميع بخير ومشتاقييييييييين