فوزي عبد القادر موسى عبد دويمابي برتبة لواء
عدد الرسائل : 2478
| موضوع: قرأت لكم - قوم لوط عليه السلام - الجزء الثاني الأربعاء 7 يوليو - 14:35 | |
| فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل الجزء الثاني الدكتور المهندس منصور أبو شريعة العبادي أستاذ في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية فالدليل الأول هو أن قرى قوم لوط تقع على تلال كانت تحاذي الشاطئ الجنوبي للبحر الميت وهي تقع فوق بؤرة الصدع القاري الذي كون غور الأردن وكذلك البحر الأحمر وهو صدع شهد كثيرا من الأنشطة البركانية كما هو مشاهد من الحجارة البازلتية في الجبال المحيطة به. وينخفض سطح البحر الميت عن سطح البحر بحوالي أربعمائة متر ولولا سلاسل جبلية قصيرة تقع شمال حليج العقبة وشرق البحر المتوسط لكان غور الأردن جزءا من البحر الأحمر أو ربما البحر المتوسط وقد كان كما يقول بعض الجيولوجيون. فهذه المنطقة معرضة للخسف في أي وقت بسبب وجود هذا الصدع القاري فقد تكون غور الأردن قبل 27 مليون سنة بسبب تباعد الصفيحتين العربية والإفريقية عن بعضهما ثم تكون البحر الميت قبل مليوني سنة بسبب خسف في منتصف غور الأردن. ومن ثم حصل الخسف الأخير جنوب البحر الميت قبل أربعة آلاف سنة تقريبا فأصبحت المنطقة المخسوفة جزءا من البحر الميت بعد أن كانت مأهولة بقوم لوط. ويقول بعض الجيولوجيون أن المنطقة الجنوبية للبحر الميت كانت تحتوي تحت سطحها خزان ضخم من البترول والغاز وكان يتسرب إلى البحر الميت ليظهر على شكل إسفلت ولذا كان يطلق عليه اسم بحر الإسفلت. ولذلك يقول البعض أن البركان الذي أدى إلى خسف مدن قوم لوط صاحبه احتراق كميات كبيرة من الغاز والبترول زاد من شدة العذاب الذي أوقعه الله عز وجل بهؤلاء القوم الشاذين. أما الدليل الثاني فهو أن الصور الجوية والأرضية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بحصول خسف في المنطقة الجنوبية من البحر الميت. فالصورة الجوية التالية (هنالك صور تظهر منطقة الخسف وبقايا الآثار التي وجدت فيها؛ ولكن حذفتها نظراً لصعوبة إظهارها في المنتدى ضمن المقال. لذا وجب التنويه)، تظهر منحدر صخري حاد أو جرف يمتد طوليا على الحافة الغربية للمنطقة المخسوفة بينما تظهر الصورة الأرضية جزء من هذا الجرف الحاد حيث يبلغ ارتفاعه ما يقرب من عشرين مترا وهو قائم الزاوية تماما وهذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال انهيار مفاجئ للأرض. وتظهر صورة أرضية أخرى كيف أن بعض أجزاء الأرض القريبة من حافة الانهيار لم تنخسف وبقية قائمة على حالها بينما انهار ما حولها من الأرض. أما اللون الأبيض الذي يظهر في الصور فتؤكد الدراسات على أنه رماد بركاني تعرض لدرجات حرارة عالية جدا فأصبح أبيض اللون وذلك على عكس تراب الأرض المحيطة بمنطقة الخسف والذي يميل لونه للحمرة. لقد وصف القرآن الكريم هذا الخسف بكلمات بالغة الدقة وتختلف عن تلك التي أوردتها التوراة حيث ذكرت التوراة أن المدن قد قلبت رأسا على عقب "25وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ، وَنَبَاتَِ الأَرْضِ" ومثل هذا القلب لا يمكن أن يحدث مهما كانت قوة البركان المتفجر. أما القرآن الكريم فقد استخدم تعبيرا دقيقا لعملية الخسف فقد ذكر أنه جعل المرتفع من أرض المدن أسفل من المناطق المنخفضة المحيطة بها "جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا " حيث أن المدن كانت مبنية على أرض ترتفع عدة عشرات من الأمتار عن مستوى سطح البحر الميت. وقد اعتمد مفسرو القرآن الكريم في تفسير هذه الآية على الروايات الإسرائيلية فذكروا أن أرص المدن قد طارت في السماء ثم قلبت رأسا على عقب وهذا التفسير موقوفا على التابعي محمد بن كعب القرظي وهو ممن أسلم أهله من يهود بني قريظة فقد جاء في تفسير النكت والعيون في تفسير هذه الآية ({جعلنا عاليَها سافلَها} قال محمد بن كعب القرظي إن الله تعالى بعث جبريل إلى مؤتفكات قوم لوط فاحتملها بجناحه ثم صعد بها حتى إن أهل السماء يسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها وأتبعها بحجارة من سجّيل حتى أهلكها وما حولها ، وكن خمساً : صبغة ومقرة وعمرة ودوما وسدوم وهي القرية العظمى).أما الدليل الثالث فهو عثور المستكشفين في تلك المنطقة على حجارة صغيرة ذات تراكيب عجيبة تؤكد صدق ما جاء في القرآن الكريم من وصف دقيق لهذه الحجارة. فالتوراة لم تذكر أن المطر الذي أمطرت به المدن كان على شكل حجارة بل قالت أنه كان كبريتا ونارا دون تحديد الشكل الذي كان عليه الكبريت "24فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ". أما القرآن الكريم فقد أكد على مواصفات الحجارة التي أمطرت على القوم فذكر أنها حجارة من طين "لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ" ثم حدد لها وصفا آخر وهو أنها من سجيل "وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ" ثم وصف السجيل بأنه منضود وأن الحجارة كانت مسومة "وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ". وعلى الرغم من أن المفسرين قد اختلفوا في معاني السجيل والمنضود والمسومة إلا أن المعنى العام يوحي أن الطين قد شكل بطريقة معينة بحيث يوقع أشد العذاب بمن تصيبه هذه الحجارة. فقد قال بعضهم بأن السجيل المنضود هو طين قد طبخ حتى صار كالأرحاء (ذكره ابن عيسى) وقال البعض الآخر بأنه الحجارة الصلبة الشديدة ( قاله أبو عبيدة) وقيل في المنضود أنه طين قد نُضَّد بعضه على بعض (قاله الربيع) وأما المسومة فقد قالوا أنها كانت مختمة على كل حجر منها اسم صاحبه وقال بعضهم أنها معلمة ببياض في حمرة (قول ابن عباس) وقال قتادة أنها مطوقة بسواد في حمرة. وتظهر الصور التالية بعض أشكال الحجارة التي عثر عليها المستكشفون في المنطقة الجنوبية الغربية المحاذية للبحر الميت وقد وجدوا أن لها شكل كروي وأن بعضها مكون من قلب من الكبريت أبيض اللون مغلف بطبقات حجرية تميل إلى الحمرة. ومن العجيب أن تتفق الأوصاف التي أعطاها المفسرون لهذه الحجارة مع المواصفات التي اكتشفها الباحثون فهي حجارة مكونة من طبقات (منضودة). ويبقى السؤال المهم المتعلق بالسر في هذا التركيب العجيب لهذه الحجارة الذي عذب الله بها قوم لوط. ومن المحتمل كإجابة على هذا السؤال أن الله عز وجل قد أراد أن يحرق أجسام هؤلاء القوم وهم أحياء بسبب فعلهم الشنيع فاختار الكبريت كمادة حارقة لهذا الغرض ولكن من المعروف أن الكبريت يذوب عند درجات حرارة ليست عالية (330 درجة مئوية) ولذلك فإنه من الصعب أن يصل لمسافات بعيدة عند خروجه من فوهة البركان. ولذا فقد تم تغليفة بمادة طينية وعندما يخرج هذا الكبريت المغلف على شكل حجارة من فوهة البركان فإنه يصل لمسافات بعيدة تصيب كل فرد من أفراد القوم. وبعد أن يصطدم الحجر بأجسام القوم فإن الغلاف الطيني سرعان ما ينكسر فيخرج منه الكبريت المنصهر فيذيب أجسامهم جزاء على أفعالهم الشنيعة. وتظهر إحدى الصور كيف أن هذه الحجارة عندما تصطدم بسطح صخري فإنها تنفجر فيحرق الكبريت ما حوله من صخر مخلفا دوائر بنية اللون. وبهذه الطريقة البديعة التي استخدمت في تعذيب هؤلاء القوم أصبح بالإمكان تعذيب كل فرد من أفراد القوم بنفس النوع من العذاب حتى لو كان خارج منطقة الخسف كما حدث مع زوجة لوط الكافرة. فقد خرجت هذه المرآة الملعونة مع نبي الله وابنتيه وقد أمرهم الله عز وجل أن لا يلتف منهم أحد إلى الوراء عندما ينزل العذاب بمدن القوم. ولكن كتب الله على المرأة أن تلتفت إلى الوراء عندما سمعت دوي الانفجارات البركانية (الصيحة) فتسمرت في مكانها من هول المنظر فأصابها ما أصاب القوم من العذاب حيث قذفها الله بهذه الحجارة البركانية "وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ". ويقال والله أعلم أن النصب الصخري الذي يقف منتصبا على السفح الشرقي للبحر الميت هي حمم بركانية غلفت امرآة لوط عليه السلام. ولقد نجا الله لوط عليه السلام وابنتيه من هذا العذاب الأليم وكان من لطف الله بهاتين البنتين أن الله أمر أبيهما عليه السلام أن يمشي خلفهما ليمنعهما من الإلتفات إلى الوراء عند سماع صوت الإنفجارات المدوية والذي قد يحدث بطريقة لاإرادية "فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)" الحجر. أما الدليل الرابع فهو أن طبيعة الجزء الجنوبي من البحر الميت يختلف تماما عن الجزء الشمالي والذي كان يفصل بينهما جزئيا ما يسمى باللسان عندما كان مستوى سطح البحر عاليا قبل عدة عقود. وبعد انخفاض مستوى سطح البحر بسبب قلة المياه التي تغذيه من نهر الأردن امتد اللسان إلى الغرب ففصل الجزئين عن بعضهما. فالجزء الواقع شمال اللسان وهو الأكبر له عمق يصل لعدة مئات من الأمتار ولذا يبدو البحر الميت أسود اللون في هذا الجزء أما الجزء الجنوبي الصغير فهو ضحل لا يتجاوز عمقه العشرين مترا والذي يبدو أزرق اللون. ومن الواضح أن الجزء الجنوبي من البحر الميت قد تكون في فترة متأخرة نظرا للفرق الشاسع بين عمق مياه الجزئين. وبسبب ضحالة مياه الجزء الجنوبي وانفصاله عن الجزء الجنوبي فإن مياهه ستجف تماما في غضون عدة سنوات وسيتمكن الباحثون من الكشف عن كثير من آثار قوم لوط ليتأكد قوله عز من قائل "وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)" العنكبوت والقائل سبحانه "وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37)" الذاريات ". المصدر: موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. | |
|