فوزي عبد القادر موسى عبد دويمابي برتبة لواء
عدد الرسائل : 2478
| موضوع: قرأت لكم - قوم لوط عليه السلام - الجزء الأول الثلاثاء 6 يوليو - 16:31 | |
| فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل تاريخ المقال : 15/6/2010م الدكتور المهندس منصور أبو شريعة العبادي أستاذ في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية على الرغم من أن القرآن الكريم قد أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعد ما يزيد على ألفين وخمسمائة عام من حادثة إهلاك قوم لوط عليه السلام (1800 عام قبل الميلاد) إلا أنه جاء بتفصيلات أكثر دقة عن طبيعة العذاب الذي حل بالقوم من تلك التي وردت في التوراة رغم أنها أنزلت بعد الحادثة بما لا يزيد عن خمسمائة عام. فقد ورد في التوراة الحالية نص وحيد يصف طبيعة هذا العذاب وهو في الإصحاح التاسع عشر من سفر التكوين حيث ذكر ما نصه: (وَإِذْ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ عَلَى الأَرْضِ دَخَلَ لُوطٌ إِلَى صُوغَرَ، 24فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. 25وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ، وَكُلَّ الدَّائِرَةِ، وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ، وَنَبَاتَِ الأَرْضِ. 26وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ). أما القرآن الكريم فقد وردت فيه نصوص كثيرة جاءت موزعة في سور كثيرة كما هو الحال في الأسلوب القرآني وتتحدث هذه النصوص عن جوانب متعددة من قصة قوم لوط وطبيعة العذاب الذي حل بهم. وبما أن القرآن الكريم وكذلك التوراة هي كتب منزلة من الله عز وجل على رسله الكرام فلا بد من وجود اتفاق بين بعض الأحداث التي ذكرها القرآن مع تلك الأحداث غير المحرفة التي جاءت في التوراة. فالتوراة ذكرت على سبيل المثال حادثة لا يمكن أن يصدقها عاقل وهي قصة زنى لوط عليه السلام وهو مخمور ودون علمه بابنتيه لتلدا منه ابنين أحدهما هو أب الموآبيين والآخر أب العمونيين فقد جاء في نهاية السفر ما نصه: (36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ). وهذه القصة تؤكد بشكل واضح على التحريف الذي أصاب التوراة فمن الواضح أن هذه القصة اختلقها بعض أحبار اليهود لهدف واحد وهو اتهام الأمم الأخرى بأنهم أولاد زنى وأنهم هم فقط شعب الله المختار. ولقد شرحنا في مقالة سابقة بعنوان (ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون) قصة لوط عليه السلام مع قومه الذي أرسل إليهم وكان مدار المقالة هو الإعجاز في تأكيد القرآن الكريم على وجود أدلة واضحة تؤكد على ما حل بالقوم من عذاب أليم. وسنشرح في هذه المقالة طبيعة العذاب الذي حل بقوم لوط على ضوء الصور المأخوذة من الأقمار الصناعية وكذلك من الأرض واستنادا إلى الأبحاث العلمية التي أجريت حديثا على التركيب الجيولوجي لمنطقة البحر الميت وإلى الدراسات التي أجريت على حجارة المنطقة المدمرة. لقد أكد القرآن الكريم في أكثر من آية على وجود أدلة واضحة تركها الله سبحانه وتعالى في المنطقة المدمرة لتؤكد صدق ما حل بالقوم من عذاب ولتكون عبرة لمن يأتي من بعدهم من أقوام وهذا ما لم تشر إليه التوراة كما في قوله تعالى {إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (35) سورة العنكبوت، وقوله تعالى {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37) } سورة الذاريات. ولقد حدد القرآن الكريم كذلك مكان القرى المدمرة وأنها موجودة على الطريق الذي كان تسلكه قوافل قريش إلى بيت المقدس وقد شاهدوا بأنفسهم بعض أثار هذا الدمار وذلك في قوله تعالى {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77) } سورة الحجر، وقوله سبحانه: {وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) سورة الصافات (133) إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (138)} سورة الصافات، وقوله عز من قائل {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (40) } سورة القرقان. وفي قول الله عز وجل {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} (75) سورة الحجر تأكيد واضح على أن بعض آيات الله عزوجل لا يدركها إلا طائفة من المؤمنين وهم الذين لا يفتأون يبحثون عن كل دليل يقوي إيمانهم بالله عز وجل. وللأسف أن بعض المسلمين ممن يعارضون الكتابة في الإعجاز العلمي يقولون أنهم ليسوا بحاجة لمثل هذه الأدلة لزيادة إيمانهم ويزعمون أن إيمانهم مكتمل وينسون قوله تعالى عن المؤمنين { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ} (4) سورة الفتح وقوله تعالى: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} (31) سورة المدثر. ولقد كان إبراهيم عليه السلام من أكثر الناس توسما في آيات الله في هذا الكون ولذلك قال الله عز وجل عنه "وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)" الأنعام. لقد جاء وصف العذاب الأليم الذي حل بقوم لوط في أكثر من سورة من سور القرآن الكريم كما في فوله عز وجل في سورة هود {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83) } سورة هود. وكذلك في آيات سورة الحجر المذكورة آنفا . ففي هذه الآيات تم تحديد وقت نزول العذاب وهو عند الصبح بعد طلوع الشمس وكما ذكرت ذلك التوراة ولذلك فقد أمرت الملائكة لوط عليه السلام بأن يخرج مع أهله من القرية خلال الليل لكي يصل إلى مكان آمن في الجبال الواقعة شرقي البحر الميت. أما طبيعة العذاب فهو من أشد أنواع العذاب الذي حل بأي أمة من الأمم التي عتت عن أمر ربها ولا بد هنا من التأكيد على أن العذاب الذي ينزله الله عز وجل على الأمم ليس بالضرورة أن يأتي من خارج الأرض بل في الغالب يتم باستخدام ظواهر طبيعية كالزلازل والبراكين والخسف والأمطار والرياح وأمواج البحر العاتية وغير ذلك من الظواهر وذلك بعد أن يأذن الله عز وجل لها وذلك مصداقا لقوله تعالى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)} سورة يس. وبسبب التركيبة الجيولوجية العجيبة لمنطقة البحر الميت فقد كان العذاب الذي حل بالقوم من أعجب وأشد أنواع العذاب. فقد بدأ العذاب عند الشروق بإنفجارات مدوية تصم الآذان نتيجة ثوران البركان {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) }سورة الحجر مما أخرج القوم من بيوتهم ثم تلا ذالك زلزال شديد وخسف لجميع المنطقة التي تقع عليها مدنهم "فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا" ثم بدأت الحمم البركانية تخرج بشدة وبعنف من الشقوق المحيطة بالمدن حيث حصل الخسف وتصبها على القوم المحاصرين في منطقة الخسف {فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82) } سورة هود. وأخيرا وبسبب وقوع القرية على الشاطئ الجنوبي للبحر الميت فقد فاضت عليهم مياه البحر لتملأ هذه الأرض المخسوفة لتصبح جزءا منه ولتبقى شاهدا على هذا العذاب الأليم.وسنسوق الآن الأدلة التي تؤكد على صدق ما جاء بها القرآن الكريم ودقة العبارات التي تصف طبيعة العذاب الذي حل بالقوم. | |
|