أول ما على المسلم أن يرسخه في نفسه كي يصل إلى مقاصد العبادات والفرائض بشكل تلقائي وبسيط هو أن يزرع داخله الحياء من الله.
هذا الحياء يأتي من خلال عدة عناصر إن اجتمعت في قلب إنسان غيرت حياته:
1- تعظيم الله في القلب: ويأتي من التفكر في الكون وفي خلق الله وتدبيره. اسمع الرعد وانظر إلى البحر وأمواجه العاتية والعواصف والريح والجبال وغيرها كلها من جنود الله فما بالك به سبحانه الذي يحرك كل ذلك بـ "كن" فيكون. انظر إلى الكون كيف تصل أعمالنا إلى الله في لحظة مخترقة سبع سماوات بينما لم يستطع أحد أن ينفذ من أولها. تأمل كيف يحيط الله بكل عباده في نفس اللحظة وكيف يرزقهم في نفس اللحظة بما فيهم الحيوانات والنباتات والحشرات في كل مكان في الكون.
2- تعظيم حب الله في القلب: وذلك بالتفكير في نعم الله على الإنسان والمواقف التي نجاه منها الله وكيف تولاه وكيف يصرف عنه الحزن والخوف وكيف مر بتجارب ظن فيها أنه مقضي عليه وانتهى الموقف دون ألم يذكر. تأمل رحمته بالمؤمنين وشدته على المجرمين وكيف ينتقم سبحانه من الظالم وكيف يعيد الحق للمظلوم. وكم هي التجارب التي وجدت حولنا في هذه الأيام على جميع المستويات تعد عبرة وعظة عظيمة لكل متدبر لها. ولنتأمل آيات الله في القرآن كيف يحدثنا وكيف يرحمنا ويبشر عباده الصالحين ويدعوهم للعودة إليه وأن لا يقنطوا من رحمته.
3- شعور المؤمن المستمر بمراقبة الله له: وهنا لا يتأتى ذلك بالكلام فقط ولكن بإحساس داخلي يورث أفعالا تلقائية. تماما مثل شاب يسير وهو يعلم أن والده بجانبه فينتقي ألفاظه وأفعاله تلقائيا لقناعته الداخلية بوجود والده إلى جانبه، فمن غير المعقول أن يقول هذا الشاب أنه يعتقد أن والده يسير معه ثم يقوم بأفعال لا يستطيع فعلها أمامه، فهنا سنقول له ببساطة "لا" أنت تقول أنك تعلم ولكن أفعالك لا تدل على ذلك لذا فأنت داخليا غير مقتنع أنه يسير معك، وإن علمت لخفت أن يغضب منك ولأمسكت لسانك. المسألة أيضا مشابهة في شعورك بمراقبة الله إن لم تضع في عمق نفسك يقينا بأن الله يرى ويعلم كل ما تفعله وتفكر به في كل لحظة مما يؤدي إلى خروج تصرفات تلقائية منك تدل على ذلك فإنك غير مقتنع بمراقبة الله لك ولو صرحت به قولا.
4- تقوى الله: فبعد علمك بكل ما سبق يجب أن تبحث عن مرضاة الله وأن تتجنب غضبه وهو ما تفعله حين تتقي الله وهو إرادتك الداخلية التي تدفعك بعد كل ما سبق للبحث عن كل ما يرضي الله لتفعله وتجنب كل ما يغضبه عز وجل.
من المهم للمسلم أن يعرف كيف يصبر ويتوكل على الله فالتوكل يعينه على الصبر لأنه يعطيه شعور بالثقة والأمان فهو يدفعه إلى العمل وإلقاء عبء الخوف من التبعيات على القادر سبحانه والمحيط بعلمه بكل شئ والذي يعلم خفايا كل شئ والقريب من عباده، كما أنه يجعله واثقا من أن أجره سيصله بقدر ما فعل وإن جاء هذا الأجر من طريق آخر فهو سبحانه الذي يجازيه على إحسانه في خُلُقِه فلا يبتئس من مسئ أو ظالم أو من يكيد له المكائد. كما أن التوكل يساعد على إستمرارية حسن الخلق وعدم القنوط من رحمة الله.
وكما رأينا كلما تعلم المسلم صفات الله وزرع قناعة يقينية بها داخل قلبه كلما سار في الأرض بإطمئنان يفعل ما أمر به ولا يعبأ بما حوله.
منقول موقع الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر بقلم داليا رشوان