قسم الباحثون التصوف إلى قسمين :
1) ) التصوف السني:
ا.الحنبلى: ومن اهم ممثليه الامام الهروى وابن القيم فى كتابه"مدارج السالكين" لكن هذا المذهب لم يكتب له الاستمرار بفعل الصراع بين الحنابله والصوفيه.
ب. الاشعرى:ويستند إلى المذهب الأشعري واهم اعلامه الامام الغزالى.
2) ) التصوف الفلسفي:
يستند إلى مفاهيم وعقائد أجنبية وينقسم إلى عدة مذاهب:
أ.مذهب الحلول: مضمونه إمكانية حلول روح الله تعالى في الإنسان وينسب الى الحلاج في كتاب الطواسين.
ب.مذهب الاتحاد: مضمونه إمكانية اتخاذ الذات الإنسانية بالذات الإلهية وينسب للبسطامي.
ج.مذهب وحدة الوجود: ومضمونه أن هنالك وجود حقيقي واحد هو وجود الله تعالى أما وجود المخلوقات فهو وهمي مصدره خداع الحواس وينسب الى ابن سبعين ، وابن عربي .
والتصوف الفلسفي انطلق من مفاهيم مستمدة من المصادر الأجنبية ( الفلسفة اليونانية ، والفارسية والهندية ... إلخ ) أي أن عملية الأخذ والتنمية والتطوير لم يكن بعد الانطلاق من المفاهيم الإسلامية إنما تالياً لها.
بينما نجد أن التيار الذي يطلق عليه اسم (التصوف السني) كما عند الإمام الغزالي مثلاً انطلق أولاً من المفاهيم الإسلامية ثم تأثر في صياغته لهذه المفاهيم بمصادر غير إسلامية..
و القول بالحلول او الاتحاد او وحدة الوجود: يتعارض مع التصور التنزيهى لله تعالى الذي مضمونه أن وجوده تعالى مطلق عن قيود الزمان والمكان لا تتوافر للإنسان امكانيه معرفة كنهه – سبحانه- بحواسه وعقله ، فضلا عن الاتحاد معه أو اعتقاد إمكانية حلول روح الله في العبد .
فالله عزوجل مستويٍ على عرشه بائن من خلقه ( أي ليس جزءاً من هذا الكون المشاهد ) وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة .
رأي علماء التصوف في عقيدة الإتحاد والحلول لدى الحلاج :
وهي العقيدة التي يقول صاحبها : الحسين بن منصور الحلاج (ت319)
" أن الله يحل في السالك حين يصل إلى آخر منازل سلوكه، فلا يبقى بينه وبين الله فارق فيصح له القول : " هو أنا وأنا هو " 000 والتي قال بموجبها : " ما في الجبة إلا الله " فأفتى العلماء بردته ، فقتل في عهد المقتدر سنة 319هـ" (1)
وقد رد حجة الإسلام : الإمام الغزالي على فكرة الإتحاد والحلول ، منبهاً على أنها لا تتفق مع الشرع ولا مع العقل ، لأن الحلول لا يتصور بين إنسانين ، فكيف يتصور بين الخالق والمخلوق ؟
يقول " أليس معنى الحلول الحقيقي هو انطباق جوهر على جوهر أو جسم على جسم أو عرض في جوهر ؟ وهذا مستحيل عقلاً نسبته إلى الصلة بين الذات الإلهية ونفس العارف
ثم إذا كانت النفس البشرية حادثة ، فكيف يتصور عقلاً أن تكون هي هو ؟ 000
ثم يصف الغزالي – بعد ذلك - فكرة الاتحاد والحلول بأنها ضرب من الحماقة " (2)
ويُشبّه الغزالي (3) من يقول: باتحاد اللاهوت بالناسوت ، وقول أبي يزيد البسطامي " سبحاني ما أعظم شأني " بعقيدة النصارى في عيسى بن مريم عليه السلام 0
يقول الإمامأبونصر السراج الطوسي : " بلغني أن جماعة من الحلولية ، زعموا أن الحق تعالى ذكره ، اصطفى أجساماً حلّ فيها بمعاني الربوبية ، وأزال عنها معاني البشرية فإن صح عن أحد 00 هذه المقالة000 فهو ضال بإجماع الأمة ، كافر يلزمه الكفر فيما أشار إليه
والله تعالى موصوف بما وصف به نفسه 00(( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) والذي غلط في الحلول ، غلط لأنه لم يحسن أن يميز بين أوصاف الحق وبين أوصاف الخلق ، لأن الله تعالى لا يحل في القلوب ، وإنما يحل في القلوب الإيمان به ، والتصديق له ، والتوحيد والمعرفة " ( 4)
ويضيف صاحب: قواعد التصوف ( الشيخ أحمد زروق ) قائلاً " ومذهب الصوفي من ذلك تابع لمذاهب السلف في الإثبات والنفي 000 وليس عندهم إلا الاعتقاد والتنزيه ونفي التشبيه مع تفويض ما أشكل [تصوره ] " ( 5)
ولسنا بحاجة بعد هذا لإيراد رأي أهل التخصص في علم العقائد من السلف والخلف في بيان الحكم على هذا الكفر الصريح، فيكفي ما ذكره أئمة علم التصوف المعروفين 0
وإذا يسر الله لنا فرصة أخرى - في هذا الصدد - فسوف أضيف بعض الاسهامات فيما يتعلق بعلم التصوف . هذا والله أعلم .
--------------------------------------------------
(1) تجديد علوم الدين ، ص 39 ، 40 – مرجع سابق 0
(2) معراج السالكين ، للغزالي : ص 10 ، طبعة فرج الله زكي الكردي – القاهرة 1924م 0
(3) أنظر المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للغزالي .
(4) اللمع ، للسراج الطوسي : ص 541 ، 542
(5) قواعد التصوف ، احمد زروق : ص 57 ، 58