مدنية ، في قول ابن عباس وقتادة. ومكبة ؛ في قول ابن مسعود وعطاء وجابر. وهي تسع آيات
قال العلماء : وهذه السورة فضلها كثير ، وتحتوي على عظيم : روى الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "من قرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ} عدلت له بنصف القرآن. ومن قرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} عدلت له بربع القرآن ، ومن قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عدلت له بثلث القرآن" . قال : حديث غريب ، وفي الباب عن ابن عباس. وروي عن علي رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "من قرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ} أربع مرات ، كان كمن قرأ القرآن كله" . وروى عبدالله بن عمرو بن العاص قال : لما نزلت {إِذَا زُلْزِلَتِ} بكى أبو بكر ؛ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : "لولا أنكم تخطئون وتذنبون ويغفر اللّه لكم ، لخلق أمة يخطئون ويذنبون ويغفر لهم ، إنه هو الغفور الرحيم".
(20/146)
بِسْمِ اْللهِ اْلرَّحْمَنِ اْلرَّحِيمِ
1- {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}
قوله تعالى : {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} أي حركت من أصلها. كذا روى عكرمة عن ابن عباس ، وكان يقول : في النفخة الأولى يزلزلها - وقال مجاهد - ؛ لقوله تعالى : {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ.تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} ثم تزلزل ثانية ، فتخرج موتاها وهي الأثقال. وذكر المصدر للتأكيد ، ثم أضيف إلى الأرض ؛ كقولك : لأعطينك عطيتك ؛ أي عطيتي لك. وحسن ذلك لموافقة رؤوس الآي بعدها. وقراءة العامة بكسر الزاي من الزلزال. وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر بفتحها ، وهو مصدر أيضا ، كالوسواس والقلقال والجرجار. وقيل : الكسر المصدر. والفتح الاسم.
2- {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا}
قال أبو عبيدة والأخفش : إذا كان الميت في بطن الأرض ، فهو ثقل لها. وإذا كان قوقها ، فهو ثقل عليها. وقال ابن عباس ومجاهد : {أَثْقَالَهَا} : موتاها ، تخرجهم في النفخة الثانية ، ومنه قيل للجن والإنس : الثقلان. وقالت الخنساء :
أبعد ابن عمرو من آل الشر ... يد حلت به الأرض أثقالها
تقول : لما دفن عمرو صار حلية لأهل القبور ، من شرفه وسؤدده. وذكر بعض أهل العلم قال : كانت العرب تقول : إذا كان الرجل سفاكا للدماء : كان ثقلا على ظهر الأرض ؛ فلما مات حطت الأرض عن ظهرها ثقلها. وقيل : {أَثْقَالَهَا} كنوزها ؛ ومنه الحديث : "تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة..." .
(20/147)
3- {وَقَالَ الْأِنْسَانُ مَا لَهَا}
قوله تعالى : {وَقَالَ الْأِنْسَانُ} أي ابن آدم الكافر. فروى الضحاك عن ابن عباس قال : هو الأسود بن عبد الأسد. وقيل : أراد كل إنسان يشاهد ذلك عند قيام الساعة في النفخة الأولى : من مؤمن وكافر. وهذا قول من جعلها في الدنيا من أشراط الساعة ؛ لأنهم لا يعلمون جميعا من أشراط الساعة في ابتداء أمرها ، حتى يتحققوا عمومها ؛ فلذلك سأل بعضهم بعضا عنها. وعلى قول من قال : إن المراد بالإنسان الكفار خاصة ، جعلها زلزلة القيامة ؛ لأن المؤمن معترف بها ، فهو لا يسأل عنها ، والكافر جاحد لها ، فلذلك يسأل عنها. {مَا لَهَا} أي ما لها زلزلت. وقيل : ما لها أخرجت أثقالها ، وهي كلمة تعجيب ؛ أي لأي شيء زلزلت. ويجوز أن يحيى اللّه الموتى بعد وقوع النفخة الأولى ، ثم تتحرك الأرض فتخرج الموتى وقد رأوا الزلزلة وانشقاق الأرض عن الموتى أحياء ، فيقولون من الهول : ما لها.
4- {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}
5- {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}
6- {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}
قوله تعالى : {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} {يَوْمَئِذٍ} منصوب بقوله : {إِذَا زُلْزِلَتِ} . وقيل : بقوله {تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ؛ أي تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر يومئذ. ثم قيل : هو من قول اللّه تعالى. وقيل : من قول الإنسان ؛ أي يقول الإنسان ما لها تحدث أخبارها ؛ متعجبا. وفي الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال : "أتدرون ما أخبارها" - قالوا اللّه ورسوله أعلم ، قال : "فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول عمل يوم كذا ، كذا وكذا. قال : فهذه أخبارها" . قال : هذا حديث حسن صحيح. قال الماوردي ، قوله : {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} : فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : {تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} بأعمال العباد على ظهرها ؛ قال أبو هريرة ، ورواه مرفوعا. وهو قول من زعم أنها زلزلة القيامة.
(20/148)
الثاني : تحدث أخبارها بما أخرجت من أثقالها ؛ قاله يحيى بن سلام. وهو قول من زعم أنها زلزلة أشراط الساعة.
قلت : وفي هذا المعنى حديث رواه ابن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أنه قال : "إذا كان أجل العبد بأرض أوثبته الحاجة إليها ، حتى إذا بلغ أقصى أثره قبضه اللّه ، فتقول الأرض يوم القيامة : رب هذا ما استودعتني" . أخرجه ابن ماجه في سننه. وقد تقدم.
الثالث : أنها تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لها ؟ قال ابن مسعود. فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرة قد أتى. فيكون ذلك منها جوابا لهم عند سؤالهم ، ووعيدا للكافر ، وإنذارا للمؤمن. وفي حديثها بأخبارها ثلاثة أقاويل : أحدها : أن اللّه تعالى يقلبها حيوانا ناطقا ؛ فتتكلم بذلك. الثاني : أن اللّه تعالى يحدث فيها الكلام. الثالث : أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام. قال الطبري : تبين أخبارها بالرجة والزلزلة وإخراج الموتى.
قوله تعالى : {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} أي إنها تحدث أخبارها أوحي اللّه {لَهَا} ، أي إليها. والعرب تضع لام الصفة موضع "إلى". قال العجاج يصف الأرض :
وحى لها القرار فاستقرت ... وشدها بالراسيات الثبت
وهذا قول أبي عبيدة : {أَوْحَى لَهَا} أي إليها. وقيل : {أَوْحَى لَهَا} أي أمرها ؛ قال مجاهد. وقال السدي : {أَوْحَى لَهَا} أي قال لها. وقال : سخرها. وقيل : المعنى يوم تكون الزلزلة ، وإخراج الأرض أثقالها ، تحدث الأرض أخبارها ؛ ما كان عليها من الطاعات والمعاصي ، وما عمل على ظهرها من خير وشر. وروي ذلك عن الثوري وغيره.
قوله تعالى : {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} أي فرقا ؛ جمع شت. قيل : ءن موقف الحساب ؛ فريق يأخذ جهة اليمين إلى الجنة ، وفريق آخر يأخذ جهة الشمال إلى النار ؛ كما قال تعالى : {يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} . وقيل : يرجعون عن الحساب بعد فراغهم من الحساب. {أَشْتَاتاً}
(20/149)
يعني فرقا فرقا. {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} يعني ثواب أعمالهم. وهذا كما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : "ما من أحد يوم القيامة إلا ويلوم نفسه ، فإن كان محسنا فيقول : لم لا أزددت إحسانا ؟ وإن كان غير ذلك يقول : لم لا نزعت عن المعاصي" ؟ وهذا عند معاينة الثواب والعقاب. وكان ابن عباس يقول : {أَشْتَاتاً} متفرقين على قدر أعمالهم أهل الإيمان على حدة ، وأهل كل دين على حدة. وقيل : هذا الصدور ، إنما هو عند النشور ؛ يصدرون أشتاتا من القبور ، فيصار بهم إلى موقف الحساب ، ليروا أعمالهم في كتبهم ، أو ليروا جزاء أعمالهم ؛ فكأنهم وردوا القبور فدفنوا فيها ، ثم صدروا عنها. والوارد : الجائي. والصادر : المنصرف. {أَشْتَاتاً} أي يبعثون من أقطار الأرض. وعلى القول الأول فيه تقديم وتأخير ، مجازه : تحدث أخبارها ، بأن ربك أوحى لها ، ليروا أعمالهم. واعترض قوله {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً} متفرقين عن موقف الحساب. وقراءة العامة {لِيُرَوْا} بضم الياء ؛ أي ليريهم اللّه أعمالهم. وقرأ الحسن والزهري وقتادة والأعرج ونصر بن عاصم وطلحة بفتحها ؛ وروي ذلك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم.
7- {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ}
8- {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}
فيه ثلاث مسائل :
الأولى- قوله تعالى : {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} كان ابن عباس يقول : من يعمل من الكفار مثقال ذرة خيرا يره في الدنيا ، ولا يثاب عليه في الآخرة ، ومن يعمل مثقال ذرة من شر عوقب عليه في الآخرة ، مع عقاب الشرك ، ومن يعمل مثقال ذرة من شر من المؤمنين يره في الدنيا ، ولا يعاقب عليه في الآخرة إذا مات ، ويتجاوز عنه ، وإن عمل مثقال ذرة من خير يقبل منه ، ويضاعف له في الآخرة. وفي بعض الحديث : "الذرة لا زنة لها" وهذا مثل ضربه الله تعالى : أنه لا يغفل من عمل ابن آدم صغيرة ولا كبيرة. وهو مثل قوله تعالى :
(20/150)
{إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} وقد تقدم الكلام هناك في الذر ، وأنه لا وزن له. وذكر بعض أهل اللغة أن الذر : أن يضرب الرجل بيده على الأرض ، فما علق بها من التراب فهو الذر ، وكذا قال ابن عباس : إذا وضعت يدك على الأرض ورفعتها ، فكل واحد مما لزق به من التراب ذرة. وقال محمد بن كعب القرظي : فمن يعمل مثقال ذرة من خير من كافر ، يرى ثوابه في الدنيا ، في نفسه وماله وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير. ومن يعمل ، مثقال ذرة من شر من مؤمن ، يرى عقوبته في الدنيا ، في نفسه وماله وولده وأهله ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر. دليله ما رواه العلماء الأثبات من حديث أنس : أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يأكل ، فأمسك وقال : يا رسول الله ، وإنا لنرى ما عملنا من خير وشر ؟ قال : "ما رأيت مما تكره فهو مثاقيل ذر الشر ، ويدخر لكم مثاقيل ذر الخير ، حتى تعطوه يوم القيامة" . قال أبو إدريس : إن مصداقه في كتاب الله : {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} . وقال مقاتل : نزلت في رجلين ، وذلك أنه لما نزل {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} كان أحدهم يأتيه السائل ، فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة. وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير ، كالكذبة والغيبة والنظرة ، ويقول : إنما أوعد الله النار على الكبائر ؛ فنزلت ترغبهم في القليل من الخير أن يعطوه ؛ فإنه يوشك أن يكثر ، ويحذرهم اليسير من الذنب ، فإنه يوشك أن يكثر ؛ وقاله سعيد بن جبير. والإثم الصغير في عين صاحبه يوم القيامة أعظم من الجبال ، وجميع محاسنه أقل في عينه من كل شيء.
الثانية- قراءة العامة {يَرَهْ} بفتح الياء فيهما. وقرأ الجحدري والسلمي وعيسى بن عمر وأبان عن عاصم : {يره} بضم الياء ؛ أي يريه الله إياه. والأولى الاختيار ؛ لقوله تعالى : {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} الآية. وسكن الهاء في قوله{يره}
(20/151)
في الموضعين هشام. وكذلك رواه الكسائي عن أبي بكر وأبي حيوة والمغيرة. واختلس يعقوب والزهري والجحدري وشيبة. وأشبع الباقون. وقيل {يَرَهُ} أي يرى جزاءه ؛ لأن ما عمله قد مضى وعدم فلا يرى. وأنشدوا :
إن من يعتدي ويكسب إثما ... وزن مثقال ذرة سيراه
ويجازى بفعله الشر شرا ... وبفعل الجميل أيضا جزاه
هكذا قوله تبارك ربي ... في إذا زلزلت وجل ثناه
قال ابن مسعود : هذه أحكم آية في القرآن ؛ وصدق. وقد اتفق العلماء على عموم هذه الآية ؛ القائلون بالعموم ومن لم يقل به. وروى كعب الأحبار أنه فال : لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة والإنجيل والزبور والصحف : {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} . قال الشيخ أبو مدين في قوله تعالى : {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} قال : في الحال قبل المآل. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمى هذه الآية الآية الجامعة الفاذة ؛ كما في الصحيح لما سئل عن الحمر وسكت عن البغال ، والجواب فيهما واحد ؛ لأن البغل والحمار لا كر فيهما ولا فر ؛ فلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما في الخيل من الأجر الدائم ، والثواب المستمر ، سأل السائل عن الحمر ، لأنهم لم يكن عندهم يومئذ بغل ، ولا دخل الحجاز منها إلا بغلة النبي صلى الله عليه وسلم "الدلدل" ، التي أهداها له المقوقس ، فأفتاه في الحمير بعموم الآية ، وإن في الحمار مثاقيل ذر كثيرة ؛ قاله ابن العربي. وفي الموطأ : أن مسكينا استطعم عائشة أم المؤمنين وبين يديها عنب ؛ فقالت لإنسان : خذ حبة فأعطه إياها. فجعل ينظر إليها ويعجب ؛ فقال : أتعجب! كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة. وروي عن سعد بن أبي وقاص : أنه تصدق بتمرتين ، فقبض السائل يده ، فقال للسائل : ويقبل الله منا مثاقيل الذر ، وفي التمرتين مثاقيل ذر كثيرة. وروى المطلب بن حنطب : أن أعرابيا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها فقال : يا رسول الله ، أمثقال ذرة! قال : "نعم" فقال الأعرابي : واسوأتاه! مرارا : ثم قام وهو يقولها ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(20/152)
"لقد دخل قلب الأعرابي الإيمان" . وقال الحسن : قدم صعصعة عم الفرزدق على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما سمع {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الآيات ؛ قال : لا أبالي ألا أسمع من القرآن غيرها ، حسبي ، فقد انتهت الموعظة ؛ ذكره الثعلبي. ولفظ الماوردي : وروى أن صعصة ابن ناجية جد الفرزدق أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستقرئه ، فقرأ عليه هذه الآية ؛ فقال صعصعة : حسبي حسبي ؛ إن عملت مثقال ذرة شرا رأيته. وروى معمر عن زيد بن أسلم : أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : علمني مما علمك الله. فدفعه إلى رجل يعلمه ؛ فعلمه {إِذَا زُلْزِلَتِ - حتى إذا بلغ - فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} قال : حسبي. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "دعوه فإنه قد فقه" . ويحكي أن أعرابيا أخّر {خَيْراً يَرَهُ} فقيل : قدمت وأخّرت. فقال :
خذا بطنَ هَرشى أو قفاها فإنه ... كلا جانبي هرشى لهن طريق
(20/153)