منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالثلاثاء 8 مايو - 20:49

تفسير سورة العنكبوت





( ولوطا إذ قال . . . . .) العنكبوت 28 : 35 (
قوله تعالى : ) ولوطا إذ قال لقومه ( قال الكسائي : المعنى وأنجينا لوطا أو أرسلنا لوطا قال : وهذا الوجه أحب إلي ويجوز أن يكون المعنى واذكر لوطا إذ قال لقومه موبخا أو محذرا ) أئنكم لتأتون الفاحشة ليبين أنها زنى كما قال الله تعالى ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة الإسراء من لاستغراق الجنس أي لم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط والملحدون يزعمون أن ذلك كان قبلهم والصدق ما سبقكم بها من أحد من العالمين ( أئنكم تقدم القراءة في هذا وبيانها في سورة الأعراف وتقدم قصة لوط وقومه في الأعراف وهود أيضا ) وتقطعون السبيل ( قيل : كانوا قطاع الطريق قاله بن زيد وقيل : كانوا يأخذون الناس من الطرق لقضاء الفاحشة حكاه بن شجرة وقيل : إنه قطع النسل بالعدول عن النساء إلى الرجال قاله وهب بن منبه أي استغنوا بالرجال عن النساء قلت : ولعل الجميع كان فيهم فكانوا يقطعون الطريق لأخذ الأموال والفاحشة ويستغنون عن النساء بذلك ) وتأتون في ناديكم المنكر ( النادي المجلس واختلف في المنكر الذي كانوا يأتونه فيه فقالت فرقة : كانوا يخذفون النساء بالحصى ويستخفون بالغريب والخاطر عليهم وروته أم هانئ عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قالت أم هانئ : سألت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
(13/341)





عن قول الله عز وجل : ) وتأتون في ناديكم المنكر ( قال : ) كانوا يخذفون من يمر بهم ويسخرون منه فذلك المنكر الذي كانوا يأتونه ) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده وذكره النحاس والثعلبي والمهدوي والماوردي وذكر الثعلبي قال معاوية قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ) إن قوم لوط كانوا يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل قصعة فيها الحصى للقذف فإذا مر بهم عابر قذفوه فأيهم أصابه كان أولى به ) يعني يذهب به للفاحشة فذلك قوله : ) وتأتون في ناديكم المنكر ( وقالت عائشة وبن عباس والقاسم بن أبي بزة والقاسم بن محمد : إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم وقال منصور عن مجاهد كانوا يأتون الرجال في مجالسهم وبعضهم يرى بعضا وعن مجاهد : كان من أمرهم لعب الحمام وتطريف الأصابع بالحناء والصفير والخذف ونبذ الحياء في جميع أمورهم قال بن عطية : وقد توجد هذه الأمور في بعض عصاة أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فالتناهي واجب قال مكحول : في هذه الأمة عشرة من أخلاق قوم لوط : مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء وحل الإزار وتنقيض الأصابع والعمامة التي تلف حول الرأس والتشابك ورمي الجلاهق والصفير والخذف واللوطية وعن بن عباس قال : إن قوم لوط كانت فيهم ذنوب غير الفاحشة منها أنهم يتظالمون فيما بينهم ويشتم بعضهم بعضا ويتضارطون في مجالسهم ويخذفون ويلعبون بالنرد والشطرنج ويلبسون المصبغات ويتناقرون بالديكة ويتناطحون بالكباش ويطرفون أصابعهم بالحناء وتتشبه الرجال بلباس النساء والنساء بلباس الرجال ويضربون المكوس على كل عابر ومع هذا كله كانوا يشركون بالله وهم أول من ظهر على أيديهم اللوطية والسحاق فلما وقفهم لوط عليه السلام على هذه القبائح رجعوا إلى التكذيب واللجاج فقالوا : ) أئتنا بعذاب الله ( أي إن ذلك لا يكون ولا يقدر عليه وهم لم يقولوا هذا إلا وهم مصممون على اعتقاد كذبه وليس يصح في الفطرة أن يكون معاند يقول هذا ثم استنصر
(13/342)





لوط عليه السلام ربه فبعث عليهم ملائكة لعذابهم فجاؤوا إبراهيم أولا مبشرين بنصرة لوط على قومه حسبما تقدم بيانه في هود وغيرها وقرأ الأعمش ويعقوب وحمزة والكسائي : ) لننجينه وأهله ( بالتخفيف وشدد الباقون وقرأ بن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي : ) إنا منجوك وأهلك ( بالتخفيف وشدد الباقون وهما لغتان : أنجى ونجى بمعنى وقد تقدم وقرأ بن عامر : ) إنا منزلون ( بالتشديد وهي قراءة بن عباس الباقون بالتخفيف وقوله : ) ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ( قال قتادة : هي الحجارة التي أبقيت وقاله أبو العالية وقيل : إنه يرجم بها قوم من هذه الأمة وقال بن عباس : هي آثار منازلهم الخربة وقال مجاهد : هو الماء الأسود على وجه الأرض وكل ذلك باق فلا تعارض
( وإلى مدين أخاهم . . . . .) العنكبوت 36 : 37 (
قوله تعالى : ) وإلى مدين أخاهم شعيبا ( أي وأرسلنا إلى مدين وقد تقدم ذكرهم وفسادهم فيالأعرافوهود ) وارجوا اليوم الآخر ( وقال يونس النحوي : أي اخشوا الآخرة التي فيها الجزاء على الأعمال ) ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( أي لا تكفروا فإنه أصل كل فساد والعثو والعثي أشد الفساد عثي يعثي وعثا يعثو بمعنى واحد وقد تقدم وقيل : وارجوا اليوم الآخر أي صدقوا به فإن القوم كانوا ينكرونه
( وعادا وثمود وقد . . . . .) العنكبوت 38 (
قوله تعالى : ) وعادا وثمود ( قال الكسائي : قال بعضهم هو راجع إلى أول السورة أي ولقد فتنا الذين من قبلهم وفتنا عادا وثمود قال : وأحب إلي أن يكون معطوفا على
(13/343)





فأخذتهم الرجفة وأخذت عادا وثمودا وزعم الزجاج : أن التقدير وأهلكنا عادا وثمودا وقيل : المعنى واذكر عادا إذ أرسلنا إليهم هودا فكذبوه فأهلكناهم وثمودا أيضا أرسلنا إليهم صالحا فكذبوه فأهلكناهم بالصيحة كما أهلكنا عادا بالريح العقيم ) وقد تبين لكم ( يا معشر الكفار ) من مساكنهم ( بالحجر والأحقاف آيات في إهلاكهم فحذف فاعل التبيين ) وزين لهم الشيطان أعمالهم ( أي أعمالهم الخسيسة فحسبوها رفيعة ) فصدهم عن السبيل ( أي عن طريق الحق ) وكانوا مستبصرين ( فيه قولان : أحدهما وكانوا مستبصرين في الضلالة قاله مجاهد والثاني كانوا مستبصرين قد عرفوا الحق من الباطل بظهور البراهين وهذا القول أشبه لأنه إنما يقال فلان مستبصر إذا عرف الشيء على الحقيقة قال الفراء : كانوا عقلاء ذوي بصائر فلم تنفعهم بصائرهم وقيل : أتوا ما أتوا وقد تبين لهم أن عاقبتهم العذاب
( وقارون وفرعون وهامان . . . . .) العنكبوت 39 : 40 (
قوله تعالى : ) وقارون وفرعون وهامان ( قال الكسائي : إن شئت كان محمولا على عاد وكان فيه ما فيه وإن شئت كان على فصدهم عن السبيل وصد قارون وفرعون وهامان وقيل : أي وأهلكنا هؤلاء بعد أن جاءتهم الرسل ) فاستكبروا في الأرض ( عن الحق وعن عبادة الله ) وما كانوا سابقين ( أي فائتين وقيل : سابقين في الكفر بل قد سبقهم للكفر قرون كثيرة فأهلكناهم ) فكلا أخذنا بذنبه ( قال الكسائي : فكلا منصوب ب أخذنا أي أخذنا كلا بذنبه ) فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ( يعني قوم لوط والحاصب ريح يأتي بالحصباء وهي الحصى الصغار وتستعمل في كل عذاب
(13/344)





) ومنهم من أخذته الصيحة ( يعني ثمودا وأهل مدين ) ومنهم من خسقنا به الأرض ( يعني قارون ) ومنهم من أغرقنا ( قوم نوح وقوم فرعون ) وما كان الله ليظلمهم ( لأنه أنذرهم وأمهلهم وبعث إليهم الرسل وأزاح العذر
( مثل الذين اتخذوا . . . . .) العنكبوت 41 : 43 (
قوله تعالى : ) مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت ( قال الأخفش : كمثل العنكبوت وقف تام ثم قص قصتها فقال : ) اتخذت بيتا ( قال بن الأنباري : وهذا غلط لأن اتخذت بيتا صلة للعنكبوت كأنه قال : كمثل التي اتخذت بيتا فلا يحسن الوقف على الصلة دون الموصول وهو بمنزلة قوله : كمثل الحمار يحمل أسفارا فيحمل صلة للحمار ولا يحسن الوقف على الحمار دون يحمل قال الفراء : هو مثل ضربه الله سبحانه لمن اتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حرا ولا بردا ولا يحسن الوقف على العنكبوت لأنه لما قصد بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شيء فشبهت الآلهة التي لا تنفع ولا تضر به ) وإن أوهن البيوت ( أي أضعف البيوت ) لبيت العنكبوت ( قال الضحاك : ضرب مثلا لضعف آلهتهم ووهنها فشبهها ببيت العنكبوت ) لو كانوا يعلمون ( لو متعلقة ببيت العنكبوت أي لو علموا أن عبادة الأوثان كاتخاذ بيت العنكبوت التي لا تغني عنهم شيئا وأن هذا مثلهم لما عبدوها لا أنهم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف وقال النحاة : إن تاء العنكبوت في آخرها مزيدة لأنها تسقط في التصغير والجمع وهي مؤنثة وحكى الفراء تذكيرها وأنشد : هلى هطالهم منهم بيوت كأن العنكبوت قد ابتناها
(13/345)





ويروى : على أهطالهم منهم بيوت قال الجوهري والهطال : اسم جبل والعنكبوت الدوبية المعروفة التي تنسج نسجا وفيها مهلهلا بين الهواء ويجمع عناكب وعناكب وعكاب وعكب وأعكب وقد حكي أنه يقال عنكب وعكنباة قال الشاعر : كأنما يسقط من لغامها بيت عكنباة على زمامها وتصغر فيقال عنيكب وقد حكى عن يزيد بن ميسرة أن العنكبوت شيطان مسخها الله تعالى وقال عطاء الخرساني : نسجت العنكبوت مرتين مرة على داود حين كان جالوت يطلبه ومرة على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ولذلك نهى عن قتلها ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال : طهروا بيوتكم من نسخ العنكبوت فإنه تركه في البيوت يورث الفقر ومنع الخمير يورث الفقر قوله تعالى : ) إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء ( ما بمعنى الذي ومن للتبعيض ولو كانت زائدة للتوكيد لانقلب المعنى والمعنى : إن الله يعلم ضعف ما يعبدون من دونه وقرأ عاصم وأبو عمرو ويعقوب : يدعون بالياء وهو اختيار أبي عبيد لذكر الأمم قبلها الباقون بالتاء على الخطاب قوله تعالى : ) وتلك الأمثال نضربها ( أي هذا المثل وغيره مما ذكر في البقرة والحج وغيرهما ) نضربها ( نبينها ) للناس وما يعقلها ( أي يفهمها ) إلا العالمون ( أي العالمون بالله كما روى جابر عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ) العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه )
( خلق الله السماوات . . . . .) العنكبوت 44 (
قوله تعالى : ) خلق الله السماوات والأرض بالحق ( أي بالعدل والقسط وقيل : بكلامه وقدرته وذلك هو الحق ) إن في ذلك لآية ( أي علامة ودلالة ) للمؤمنين ( المصدقين
(13/346)





( اتل ما أوحي . . . . .) العنكبوت 45 (
فيه أربع مسائل : الأولى قوله تعالى : ) اتل ( أمر من التلاوة والدءوب عليها وقد مضى في طه الوعيد فيمن أعرض عنها وفي مقدمة الكتاب الأمر بالحض عليها والكتاب يراد به القرآن الثانية قوله تعالى : ) وأقم الصلاة ( الخطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأمته وإقامة الصلاة أداؤها في أوقاتها بقراءتها وركوعها وسجودها وقعودها وتشهدها وجميع شروطها وقد تقدم بيان ذلك في البقرة فلا معنى للإعادة الثالثة قوله تعالى : ) إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ( يريد إن الصلاة الخمس هي التي تكفر ما بينها من الذنوب كما قال عليه السلام : ) أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ) قالوا : لا يبقى من درنه شيء قال : ) فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا ) خرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال فيه حديث حسن صحيح وقال بن عمر : الصلاة هنا القرآن والمعنى : الذي يتلى في الصلاة ينهى عن الفحشاء والمنكر وعن الزنى والمعاصي قلت : ومنه الحديث الصحيح : ) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) يريد قراءة الفاتحة وقال حماد بن أبي سليمان وبن جريج والكلبي : العبد ما دام في صلاته لا يأتي فحشاء ولا منكرا أي إن الصلاة تنهى ما دمت فيها قال بن عطية : وهذه عجمة وأين هذا مما رواه أنس بن مالك قال : كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ولا يدع شيئا من الفواحش والسرقة إلا ركبه فذكر للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ) إن الصلاة ستنهاه
(13/347)





) فلم يلبث أن تاب وصلحت حاله فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) ألم أقل لكم ) وفي الآية تأويل ثالث وهو الذي ارتضاه المحققون وقال به المشيخة الصوفية وذكره المفسرون فقيل المراد ب أقم الصلاة إدامتها والقيام بحدودها ثم أخبر حكما منه بأن الصلاة تنهى صاحبها وممتثلها عن الفحشاء والمنكر وذلك لما فيها من تلاوة القرآن المشتمل على الموعظة والصلاة تشغل كل بدن المصلى فإذا دخل المصلي في محرابه وخشع وأخبت لربه وادكر أنه واقف بين يديه وأنه مطلع عليه ويراه صلحت لذلك نفسه وتذللت وخامرها ارتقاب الله تعالى وظهرت على جوارحه هيبتها ولم يكد يفتر من ذلك حتى تظله صلاة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة فهذا معنى هذه الأخبار لأن صلاة المؤمن هكذا ينبغي أن تكون قلت : لا سيما وإن أشعر نفسه أن هذا ربما يكون آخر عمله وهذا أبلغ في المقصود وأتم في المراد فإن الموت ليس له سن محدود ولا زمن مخصوص ولا مرض معلوم وهذا مما لا خلاف فيه وروي عن بعض السلف أنه كان إذا قام إلى الصلاة ارتعد واصفر لونه فكلم في ذلك فقال : إني واقف بين يدي الله تعالى وحق لي هذا مع ملوك الدنيا فكيف مع ملك الملوك فهذه صلاة تنهى ولا بد عن الفحشاء والمنكر ومن كانت صلاته دائرة حول الإجزاء لا خشوع فيها ولا تذكر ولا فضائل كصلاتنا وليتها تجزي فتلك تترك صاحبها من منزلته حيث كان فإن كان على طريقة معاص تبعده من الله تعالى تركته الصلاة يتمادى على بعده وعلى هذا يخرج الحديث المروي عن بن مسعود وبن عباس والحسن والأعمش قولهم : ) من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تزده من الله إلا بعدا ) وقد روي أن الحسن أرسله عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وذلك غير صحيح السند قال بن عطية سمعت أبي رضي الله عنه يقول : فإذا قررنا ونظر معناه فغير جائز أن يقول إن نفس صلاة العاصي تبعده من الله حتى كأنها معصية وإنما يتخرج ذلك على أنها لا تؤثر في تقريبه من الله بل تتركه على حاله ومعاصيه من الفحشاء والمنكر والبعد فلم تزده الصلاة إلا تقرير ذلك البعد الذي كان سبيله فكأنها بعدته حين لم تكف بعده عن الله وقيل لابن مسعود : إن فلانا كثير الصلاة فقال : إنها لا تنفع إلا من أطاعها
(13/348)





" صفحة رقم 349 "
قلت : وعلى الجملة فالمعنى المقصود بالحديث : ) لم تزده من الله إلا بعدا ولم يزدد بها من الله إلا مقتا ) إشارة إلى أن مرتكب الفحشاء والمنكر لا قدر لصلاته لغلبة المعاصي على صاحبها وقيل : هو خبر بمعنى الأمر أي لينته المصلي عن الفحشاء والمنكر والصلاة بنفسها لا تنهى ولكنها سبب الانتهاء وهو كقوله تعالى : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق وقوله : أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون الرابعة قوله تعالى : ) ولذكر الله أكبر ( أي ذكر الله لكم بالثواب والثناء عليكم أكبر من ذكركم له في عبادتكم وصلواتكم قال معناه بن مسعود وبن عباس وأبو الدرداء وأبو قرة وسلمان والحسن وهو اختيار الطبري وروي مرفوعا من حديث موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال في قول الله عز وجل : ولذكر الله أكبر قال : ) ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه ) وقيل : ذكركم الله في صلاتكم وفي قراءة القرآن أفضل من كل شيء وقيل : المعنى إن ذكر الله أكبر مع المداومة من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر وقال الضحاك : ولذكر الله عندما يحرم فيترك أجل الذكر وقيل : المعنى ولذكر الله للنهي عن الفحشاء والمنكر أكبر أي كبير وأكبر يكون بمعنى كبير وقال بن زيد وقتادة : ولذكر الله أكبر من كل شيء أي أفضل من العبادات كلها بغير ذكر وقيل : ذكر الله يمنع من المعصية فإن من كان ذاكرا له لا يخالفه قال بن عطية : وعندي أن المعنى ولذكر الله أكبر على الإطلاق أي هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر فالجزء الذي منه في الصلاة يفعل ذلك وكذلك يفعل في غير الصلاة لأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكر الله مراقب له وثواب ذلك أن يذكره الله تعالى كما في الحديث ) من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ) والحركات التي في الصلاة لا تأثير لها في نهي والذكر النافع هو مع العلم وإقبال القلب وتفرغه إلا من الله وأما ما لا يتجاوز اللسان ففي رتبة أخرى وذكر الله تعالى للعبد هو إفاضة الهدى ونور العلم عليه وذلك ثمرة لذكر العبد ربه قال الله عز وجل : فاذكروني أذكركم وباقي الآية ضرب من الوعيد والحث على المراقبة
(13/349)





( ولا تجادلوا أهل . . . . .) العنكبوت 46 : 47 (
فيه مسألتان : الأولى اختلف العلماء في قوله تعالى : ) ولا تجادلوا أهل الكتاب ( فقال مجاهد : هي محكمة فيجوز مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن على معنى الدعاء لهم إلى الله عز وجل والتنبيه على حججه وآياته رجاء إجابتهم إلى الإيمان لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة وقوله على هذا : إلا الذين ظلموا منهم معناه ظلموكم وإلا فكلهم ظلم 4 ة على الإطلاق وقيل : المعنى لا تجادلوا من آمن بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) من أهل الكتاب المؤمنين كعبد الله بن سلام ومن آمن معه ) إلا بالتي هي أحسن ( أي بالموافقة فيما حدثوكم به من أخبار أوائلهم وغير ذلك وقوله على هذا التأويل : ) إلا الذين ظلموا ( يريد به من بقي على كفره منهم كمن كفر وغدر من قريظة والنضير وغيرهم والآية على هذا أيضا محكمة وقيل : هذه الآية منسوخة بآية القتال قوله تعالى : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله قاله قتادة إلا الذين ظلموا أي جعلوا لله ولدا وقالوا : يد الله مغلولة وإن الله فقير فهؤلاء المشركون الذين نصبوا الحرب ولم يؤدوا الجزية فانتصروا منهم قال النحاس وغيره : من قال هي منسوخة احتج بأن الآية مكية ولم يكن في ذلك الوقت قتال مفروض ولا طلب جزية ولا غير ذلك وقول مجاهد حسن لأن أحكام الله عز وجل لا يقال فيها إنها منسوخة إلا بخبر يقطع العذر أو حجة من معقول واختار هذا القول بن العربي
(13/350)





" صفحة رقم 351 "
قال مجاهد وسعيد بن جبير : وقوله : إلا الذين ظلموا منهم معناه إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجدالهم بالسيف حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية الثانية قوله تعالى : ) وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ( روى البخاري عن أبي هريرة : قال كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ) وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وروى عبد الله بن مسعود أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ) لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا إما أن تكذبوا بحق وإما أن تصدقوا بباطل ) وفي البخاري : عن حميد بن عبد الرحمن سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال : إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب
العنكبوت : ) 48 ( وما كنت تتلو . . . . .) العنكبوت 48 (
فيه ثلاث مسائل : الأولى قوله تعالى : ) وما كنت تتلو من قبله من كتاب ( الضمير في ) قبله ( عائد إلى الكتاب وهو القرآن المنزل على محمد ( صلى الله عليه وسلم ) أي وما كنت يا محمد تقرأ قبله ولا تختلف إلى أهل الكتاب بل أنزلناه إليك في غاية الإعجاز والتضمين للغيوب وغير ذلك فلو كنت ممن يقرأ كتابا ويخط حروفا ) لارتاب المبطلون ( أي من أهل الكتاب وكان لهم في ارتيابهم متعلق وقالوا الذي نجده في كتبنا أنه أمي لا يكتب ولا يقرأ وليس به قال مجاهد : كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) لا يخط ولا يقرأ فنزلت هذه الآية قال النحاس : دليلا على نبوته لقريش لأنه لا يقرأ ولا يكتب ولا يخالط أهل الكتاب ولم يكن بمكة أهل الكتاب فجاءهم بأخبار الأنبياء والأمم وزالت الريبة والشك
(13/351)





" صفحة رقم 352 "
الثانية ذكر النقاش في تفسير هذه الآية عن الشعبي أنه قال : ما مات النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حتى كتب وأسند أيضا حديث أبي كبشة السلولي مضمنه : أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قرأ صحيفة لعيينة بن حصن وأخبر بمعناها قال بن عطية : وهذا كله ضعيف وقول الباجي رحمه الله منه قلت : وقع في صحيح مسلم من حديث البراء في صلح الحديبية أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال لعلي : ) اكتب الشرط بيننا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ) فقال له المشركون : لو نعلم أنك رسول الله تابعناك وفي رواية بايعناك ولكن أكتب محمد بن عبد الله فأمر عليا أن يمحوها فقال علي : والله لا أمحاه فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) أرني مكانها ) فأراه فمحاها وكتب بن عبد الله قال علماؤنا رضي الله عنهم : وظاهر هذا أنه عليه السلام محا تلك الكلمة التي هي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بيده وكتب مكانها بن عبد الله وقد رواه البخاري بأظهر من هذا فقال : فأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الكتاب فكتب وزاد في طريق أخرى : ولا يحسن أن يكتب فقال جماعة بجواز هذا الظاهر عليه وأنه كتب بيده منهم السمناني وأبو ذر والباجي ورأوا أن ذلك غير قادح في كونه أميا ولا معارض بقوله : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ولا بقوله : ) إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ) بل رأوه زيادة في معجزاته واستظهارا على صدقه وصحة رسالته وذلك أنه كتب من غير تعلم لكتابه ولا تعاط لأسبابها وإنما أجرى الله تعالى على يده وقلمه حركات كانت عنها خطوط مفهومها بن عبد الله لمن قرأها فكان ذلك خارقا للعادة كما أنه عليه السلام علم علم الأولين والآخرين من غير تعلم ولا إكتساب فكان ذلك أبلغ في معجزاته وأعظم في فضائله ولا يزول عنه اسم الأمي بذلك ولذلك قال الراوي عنه في هذه الحالة : ولا يحسن أن يكتب فبقي عليه اسم الأمي مع كونه قال كتب قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر : وقد أنكر هذا كثير من
(13/352)





" صفحة رقم 353 "
متفقهة الأندلس وغيرهم وشددوا النكير فيه ونسبوا قائله إلى الكفر وذلك دليل على عدم العلوم النظرية وعدم التوقف في تكفير المسلمين ولم يتفطنوا لأن تكفير المسلم كقتله على ما جاء عنه عليه السلام في الصحيح لا سيما رمي من شهد له أهل العصر بالعلم والفضل والإمامة على أن المسألة ليست قطعية بل مستندها ظواهر أخبار أحاد صحيحة غير أن العقل لا يحيلها وليس في الشريعة قاطع يحيل وقوعها قلت : وقال بعض المتأخرين من قال هي آية خارقة فيقال له : كانت تكون آية لا تنكر لولا أنها مناقضة لآية أخرى وهي كونه أميا لا يكتب وبكونه أميا في أمة أمية قامت الحجة وأفحم الجاحدون وانحسمت الشبهة فكيف يطلق الله تعالى يده فيكتب وتكون آية وإنما الآية ألا يكتب والمعجزات يستحيل أن يدفع بعضها بعضا وإنما معنى كتب وأخذ القلم أي أمر من يكتب به من كتابه وكان من كتبه الوحي بين يديه ( صلى الله عليه وسلم ) ستة وعشرون كاتبا الثالثة ذكر القاضي عياض عن معاوية أنه كان يكتب بين يدي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال له : ) ألق الدواة وحرف القلم وأقم الباء وفرق السين ولا تعور الميم وحسن الله ومد الرحمن وجود الرحيم ) قال القاضي : وهذا وإن لم تصح الرواية أنه ( صلى الله عليه وسلم ) كتب فلا يبعد أن يرزق علم هذا ويمنع القراءة والكتابة قلت : هذا هو الصحيح في الباب أنه ما كتب ولا حرفا واحدا وإنما أمر من يكتب وكذلك ما قرأ ولا تهجى فإن قيل : فقد تهجى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حين ذكر الدجال فقال : ) مكتوب بين عينيه ك ا ف ر ) وقلتم إن المعجزة قائمة في كونه أميا قال الله تعالى : وما كنت تتلو من قبله من كتاب الآية وقال : ) إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ) فكيف هذا فالجواب ما نص عليه ( صلى الله عليه وسلم ) في حديث حذيفة والحديث كالقرآن يفسر بعضه بعضا ففي حديث حذيفة ) يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ) فقد نص في ذلك على غير الكتاب ممن يكون أميا وهذا من أوضح ما يكون جليا
(13/353)





" صفحة رقم 354 "
العنكبوت : ) 49 ( بل هو آيات . . . . .) العنكبوت 49 (
قوله تعالى : ) بل هو آيات بينات ( يعني القرآن قال الحسن : وزعم الفراء في قراءة عبد الله بل هي آيات بينات المعنى بل آيات القرآن آيات بينات قال الحسن : ومثله هذا بصائر ولو كانت هذه لجاز نظيره : هذا رحمة من ربي قال الحسن : أعطيت هذه الأمة الحفظ وكان من قبلها لا يقرؤون كتابهم إلا نظرا فإذا أطبقوه لم يحفظوا ما فيه إلا النبيون فقال كعب في صفة هذه الأمة : إنهم حكماء علماء وهم في الفقه أنبياء ) في صدور الذين أوتوا العلم ( أي ليس هذا القرآن كما يقوله المبطلون من أنه سحر أو شعر ولكنه علامات ودلائل يعرف بها دين الله وأحكامه وهي كذلك في صدور الذين أوتوا العلم وهم أصحاب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) والمؤمنون به يحفظونه ويقرءونه ووصفهم بالعلم لأنهم ميزوا بأفهامهم بين كلام الله وكلام البشر والشياطين وقال قتادة وبن عباس : بل هو يعني محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب يجدونه مكتوبا عندهم في كتبهم بهذه الصفة أميا لا يقرأ ولا يكتب ولكنهم ظلموا أنفسهم وكتموا وهذا اختيار الطبري ودليل هذا القول قراءة بن مسعود وبن السميقع : بل هذا آيات بينات وكان عليه السلام آيات لا آية واحدة لأنه دل على أشياء كثيرة من أمر الدين فلهذا قال : بل هو آيات بينات وقيل : بل هو ذو آيات بينات فحذف المضاف ) وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ( أي الكفار لأنهم جحدوا نبوته وما جاء به
العنكبوت : ) 50 ( وقالوا لولا أنزل . . . . .) العنكبوت 50 : 52 (
(13/354)





" صفحة رقم 355 "
قوله تعالى : ) وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه ( هذا قول المشركين لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ومعناه هلا أنزل عليه آية كآيات الأنبياء قيل : كما جاء صالح بالناقة وموسى بالعصا وعيسى بإحياء الموتى أي ) قل ( لهم يا محمد : ) إنما الآيات عند الله ( فهو يأتي بها كما يريد إذا شاء أرسلها وليست عندي ) وإنما أنا نذير مبين ( وقرأ بن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي : آية بالتوحيد وجمع الباقون وهو اختيار أبي عبيد لقوله تعالى : قل إنما الآيات عند الله قوله تعالى : ) أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ( هذا جواب لقولهم لولا أنزل عليه آيات من ربه أي أو لم يكف المشركين من الآيات هذا الكتاب المعجز الذي قد تحديتهم بأن يأتوا بمثله أو بسورة منه فعجزوا ولو أتيتهم بآيات موسى وعيسى لقالوا : سحر ونحن لا نعرف السحر والكلام مقدور لهم ومع ذلك عجزوا عن المعارضة وقيل : إن سبب نزول هذه الآيات ما رواه بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال : أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بكتف فيه كتاب فقال ) كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم ) فأنزل الله تعالى : أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب أخرجه أبو محمد الدارمي في مسنده وذكره أهل التفسير في كتبهم وفي مثل هذا قال ( صلى الله عليه وسلم ) لعمر رضي الله عنه : ) لو كان موسى بن عمران حيا لما وسعه إلا اتباعي ) وفي مثله قال ( صلى الله عليه وسلم ) ) ليس منا من لم يتغن بالقرآن ) أي يستغنى به عن غيره وهذا تأويل البخاري رحمه الله في الآية وإذا كان لقاء ربه بكل حرف عشر حسنات فأكثر على ما ذكرناه في مقدمة الكتاب فالرغبة عنه إلى غيره ضلال وخسران وغبن ونقصان ) إن في ذلك ( أي في القرآن ) لرحمة ( في الدنيا والآخرة وقيل : رحمة في الدنيا باستنقاذهم من الضلالة ) وذكرى ( في الدنيا بإرشادهم به إلى الحق ) لقوم يؤمنون ( قوله تعالى : ) قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا ( أي قل للمكذبين لك كفى بالله شهيدا يشهد لي بالصدق فيما أدعيه من أني رسوله وأن هذا القرآن كتابه ) يعلم ما في السماوات والأرض ( أي لا يخفى عليه شيء وهذا إحتجاج عليهم في صحة شهادته عليهم لأنهم قد
(13/355)





" صفحة رقم 356 "
أقروا بعلمه فلزمهم أن يقروا بشهادته ) والذين آمنوا بالباطل ( قال يحيى بن سلام : بإبليس وقيل : بعبادة الأوثان والأصنام قاله بن شجرة ) وكفروا بالله ( أي لتكذيبهم برسله وجحدهم لكتابه وقيل : بما أشركوا به من الأوثان وأضافوا إليه من الأولاد والأضداد ) أولئك هم الخاسرون ( أنفسهم وأعمالهم في الآخرة
العنكبوت : ) 53 ( ويستعجلونك بالعذاب ولولا . . . . .) العنكبوت 53 : 55 (
قوله تعالى : ) ويستعجلونك بالعذاب ( لما أنذرهم بالعذاب قالوا لفرط الإنكار : عجل لنا هذا العذاب وقيل : إن قائل ذلك النضر بن الحرث وأبو جهل حين قالا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء وقولهم : ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب وقوله : ) ولولا أجل مسمى ( في نزول العذاب قال بن عباس : يعني هو ما وعدتك ألا أعذب قومك وأؤخرهم إلى يوم القيامة بيانه : بل الساعة موعدهم وقال الضحاك : هو مدة أعمارهم في الدنيا وقيل : المراد بالأجل المسمى النفخة الأولى قاله يحيى بن سلام وقيل : الوقت الذي قدره الله لهلاكهم وعذابهم قاله بن شجرة وقيل : هو القتل يوم بدر وعلى الجملة فلكل عذاب أجل لا يتقدم ولا يتأخر دليله قوله : لكل نبإ مستقر ) لجاءهم العذاب ( يعني الذي استعجلوه ) وليأتينهم بغتة ( أي فجأة ) وهم لا يشعرون ( أي لا يعلمون بنزوله عليهم ) يستعجلونك بالعذاب ( أي يستعجلونك وقد أعد لهم جهنم وأنها ستحيط بهم لا محالة فما معنى الإستعجال وقيل : نزلت في عبد الله بن أبي أمية وأصحابه من المشركين حين قالوا : أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا
(13/356)





" صفحة رقم 357 "
قوله تعالى : ) يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ( قيل : هو متصل بما هو قبله أي يوم يصيبهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم فإذا غشيهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم فإذا غشيهم العذاب أحاطت بهم جهنم وإنما قال : ) من تحت أرجلهم ( للمقاربة وإلا فالغشيان من فوق أعم كما قال الشاعر : علفتها تبنا وماء باردا وقال آخر : لقد كان قواد الجياد إلى العدا عليهن غاب من قنى ودروع ) ويقول ذوقوا ( قرأ أهل المدينة والكوفة : نقول بالنون الباقون بالياء واختاره أبو عبيد لقوله : قل كفى بالله ويحتمل أن يكون الملك الموكل بهم يقول : ذوقوا والقراءتان ترجع إلى معنى أي يقول الملك بإمرنا ذوقوا
العنكبوت : ) 56 ( يا عبادي الذين . . . . .) العنكبوت 56 : 60 (
قوله تعالى : ) يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة ( هذه الآية نزلت في تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة في قول مقاتل والكلبي فأخبرهم الله تعالى بسعة أرضه وأن البقاء في بقعة على أذى الكفار ليس بصواب بل الصواب أن يتلمس عبادة الله في أرضه مع صالحي عباده أي إن كنتم في ضيق من إظهار الإيمان بها فهاجروا إلى المدينة فإنها واسعة لإظهار التوحيد بها وقال بن جبير وعطاء : إن الأرض التي فيها الظلم
(13/357)





" صفحة رقم 358 "
والمنكر تترتب فيها هذه الآية وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق وقاله مالك وقال مجاهد : إن أرضي واسعة فهاجروا وجاهدوا وقال مطرف بن الشخير : المعنى إن رحمتي واسعة وعنه أيضا : إن رزقي لكم واسع فابتغوه في الأرض قال سفيان الثوري : إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملأ فيها جرابك خبزا بدرهم وقيل : المعنى : إن أرضي التي هي أرض الجنة واسعة ) فاعبدون ( حتى أورثكموها فإياي فاعبدون إياي منصوب بفعل مضمر أي فاعبدوا إياي فاعبدون فاستغنى بأحد الفعلين عن الثاني والفاء في قوله : فإياي بمعنى الشرط أي إن ضاق بكم موضع فإياي فاعبدوني في غيره لأن أرضي واسعة قوله تعالى : ) كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ( تقدم في آل عمران وإنما ذكره ها هنا تحقيرا لأمر الدنيا ومخاوفها كأن بعض المؤمنين نظر في عاقبة تلحقه في خروجه من وطنه من مكة أنه يموت أو يجوع أو نحو هذا فحقر الله شأن الدنيا أي أنتم لا محالة ميتون ومحشورون إلينا فالبدار إلى طاعة الله والهجرة إليه وإلى ما يمتثل ثم وعد المؤمنين العاملين بسكنى الجنة تحريضا منه تعالى وذكر الجزاء الذي ينالونه ثم نعتهم بقوله : ) الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ( وقرأ أبو عمر ويعقوب والجحدري وبن أبي إسحاق وبن محيصن والأعمش وحمزة والكسائي وخلف : يا عبادي بإسكان الياء وفتحها الباقون إن أرضي فتحها بن عامر وسكنها الباقون وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ) من فر بدينه من أرض إلى أرض ولو قيد شبر استوجب الجنة وكان رفيق محمد وإبراهيم ) عليهما السلام ثم إلينا ترجعون وقرأ السلمي وأبو بكر عن عاصم : يرجعون بالياء لقوله : كل نفس ذائقة الموت وقرأ الباقون بالتاء لقوله : يا عبادي الذين آمنوا وأنشد بعضهم : الموت في كل حين ينشد الكفنا ونحن في غفلة عما يراد بنا لا تركنن إلى الدنيا وزهرتها وإن توشحت من أثوابها الحسنا
(13/358)





" صفحة رقم 359 "
أين الأحبة والجيران ما فعلوا أين الذين همو كانوا لها سكنا سقاهم الموت كأسا غير صافة صيرهم تحت أطباق الثرى رهنا قوله تعالى : ) والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبؤنهم من الجنة غرفا ( وقرأ بن مسعود والأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي : لنثوينهم بالثاء مكان الباء من الثوى وهو الإقامة أي لنعطينهم غرفا يثوون فيها وقرأ رويس عن يعقوب والجحدري والسلمي : ليبوئنهم بالباء مكان النون الباقون ) لنبوئنهم ( أي لننزلهم غرفا جمع غرفة وهي العلية المشرفة وفي صحيح مسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ) إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم ) قالوا : يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال ) بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ) وخرج الترمذي عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها ( فقام إليه أعرابي فقال : لمن هي يا رسول الله قال : ) هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام ) وقد زدنا هذا المعنى بيانا في كتاب التذكرة والحمد لله قوله تعالى : ) وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم
(13/359)





" صفحة رقم 360 "
قلت : وهذا ضعيف يضعفه أنه عليه السلام كان يدخر لأهله قوت سنتهم اتفق البخاري عليه ومسلم وكانت الصحابة يفعلون ذلك وهم القدوة وأهل اليقين والأئمة لمن بعدهم من المتقين المتوكلين وقد روى بن عباس أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال للمؤمنين بمكة حين أذاهم المشركون ) اخرجوا إلى المدينة وهاجروا ولا تجاوروا الظلمة ) قالوا : ليس لنا بها دار ولا عقار ولا من يطعمنا ولا من يسقينا فنزلت : وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم أي ليس معها رزقها مدخرا وكذلك أنتم يرزقكم الله في دار الهجرة وهذا أشبه من القول الأول وتقدم الكلام في كأين وأن هذه أي دخلت عليها كاف التشبيه وصار فيها معنى كم والتقدير عند الخليل وسيبويه كالعدد أي كشيء كثير من العدد من دابة قال مجاهد : يعني الطير والبهائم تأكل بأفواهها ولا تحمل شيئا الحسن : تأكل لوقتها ولا تدخر لغد وقيل : لا تحمل رزقها أي لا تقدر على رزقها الله يرزقها أينما توجهت وإياكم وقيل : الحمل بمعنى الحمالة وحكى النقاش : أن المراد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يأكل ولا يدخر قلت : وليس بشيء لإطلاق لفظ الدابة وليس مستعملا في العرف إطلاقها على الآدمي فكيف على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقد مضى هذا في النمل عند قوله : وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم قال بن عباس : الدواب هو كل ما دب من الحيوان فكله لا يحمل رزقه ولا يدخر إلا بن آدم والنمل والفأر وعن بعضهم رأيت البلبل يحتكر في محضنه ويقال للعقعق مخابئ إلا أنه ينساها ) الله يرزقها وإياكم ( يسوى بين الحريص والمتوكل في رزقه وبين الراغب والقانع وبين الحيول والعاجز حتى لا يغتر الجلد أنه مرزوق بجلده ولا يتصور العاجز أنه ممنوع بعجزه وفي الصحيح عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) وهو السميع ( لدعائكم وقولكم لا نجد ما ننفق بالمدينة ) العليم ( بما في قلوبكم
(13/360)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: