منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 27 أكتوبر - 15:33

سورة الكهف




[83] {وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً}
[84] {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً}
[85] {فَأَتْبَعَ سَبَباً}
[86] {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً}
[87] {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً}
[88] {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً}
[89] {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً}
[90] {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً}
[91] {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً}
قوله تعالى : {وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً} قال ابن إسحاق : وكان من خبر ذي القرنين أنه أوتى ما لم يؤت غيره ، فمدت له الأسباب حتى انتهى من البلاد إلى مشارق الأرض ومغاربها ، لا يطأ أرضا إلا سلط على أهلها ، حتى انتهى من المشرق والمغرب إلى ما ليس وراءه شيء من الخلق. قال ابن إسحاق : حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علم ذي القرنين أن ذا القرنين كان من أهل مصر اسمه مرزبان بن مردبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح. قال ابن هشام : واسمه الإسكندر
(11/45)



وهو الذي بنى الإسكندرية فنسبت إليه. قال ابن إسحاق : وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي - وكان خالد رجلا قد أدرك الناس - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال : "ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب" وقال خالد : وسمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجلا يقول يا ذا القرنين ، فقال : "اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة" قال ابن إسحاق : فالله أعلم أي ذلك كان ؟ أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أم لا ؟ والحق ما قال. قلت : وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه مثل قول عمر ؛ سمع رجل يدعو آخر يا ذا القرنين ، فقال علي : "أما كفاكم أن تسميتم بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة" وعنه أنه عبد ملك "بكسر اللام" صالح نصح الله فأيده. وقيل : هو نبي مبعوث فتح الله تعالى على يديه الأرض. وذكر الدار قطني في كتاب الأخبار أن ملكا يقال له رباقيل كان ينزل على ذي القرنين ، وذلك الملك هو الذي يطوي الأرض يوم القيامة ، وينقضها فتقع أقدام الخلائق كلهم بالساهرة ؛ فيما ذكر بعض أهل العلم. وقال السهيلي : وهذا مشاكل بتوكيله بذي القرنين الذي قطع الأرض مشارقها ومغاربها ؛ كما أن قصة خالد بن سنان في تسخير النار له مشاكلة بحال الملك الموكل بها ، وهو مالك عليه السلام وعلى جميع الملائكة أجمعين. ذكر ابن أبي خيثمة في كتاب البدء له خالد بن سنان العبسي وذكر نبوته ، وذكر أنه وكل به من الملائكة مالك خازن النار ، وكان من أعلام نبوته أن نارا يقال لها نار الحدثان ، كانت تخرج على الناس من مغارة فتأكل الناس ولا يستطيعون ردها ، فردها خالد بن سنان فلم تخرج بعد. واختلف في اسم ذي القرنين وفي السبب الذي سمي به بذلك اختلافا كثيرا ؛ فأما اسمه فقيل : هو الإسكندر الملك اليوناني المقدوني ، وقد تشدد قافه فيقال : المقدوني. وقيل : اسمه هرمس. ويقال : اسمه هرديس. وقال ابن هشام : هو الصعب
(11/46)



ابن ذي يزين الحميري من ولد وائل بن حمير ؛ وقد تقدم قول ابن إسحاق. وقال وهب بن منبه : هو رومي. وذكر الطبري حديثا عن النبي عليه الصلاة والسلام "أن ذا القرنين شاب من الروم" وهو حديث واهي السند ؛ قال ابن عطية. قال السهيلي : والظاهر من علم الأخبار أنهما اثنان : أحدهما : كان على عهد إبراهيم عليه السلام ، ويقال : إنه الذي قضى لإبراهيم عليه السلام حين تحاكموا إليه في بئر السبع بالشام. والآخر : أنه كان قريبا من عهد عيسى عليه السلام. وقيل : إنه أفريدون الذي قتل بيوراسب بن أرونداسب الملك الطاغي على عهد إبراهيم عليه السلام ، أو قبله بزمان. وأما الاختلاف في السبب الذي سمي به ، فقيل : إنه كان ذا ضفيرتين من شعر فسمي بهما ؛ ذكره الثعلبي وغيره. والضفائر قرون الرأس ؛ ومنه قول الشاعر :
فلثمت فاها آخذا بقرونها شرب
...
النزيف ببرد ماء الحشرج
وقيل : إنه رأى في أول ملكه كأنه قابض على قرني الشمس ، فقص ذلك ، ففسر أنه سيغلب ما ذرت عليه الشمس ، فسمي بذلك ذا القرنين. وقيل : إنما سمي بذلك ، لأنه بلغ المغرب والمشرق فكأنه حاز قرني الدنيا. وقالت طائفة : إنه لما بلغ مطلع الشمس كشف بالرؤية قرونها فسمي بذلك ذا القرنين ؛ أو قرني الشيطان بها. وقال وهب بن منبه : كان له قرنان تحت عمامته. وسأل ابن الكواء عليا رضي الله تعالى عنه عن ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا ؟ فقال"لاذا ولاذا ، كان عبد ا صالحا دعا قومه إلى الله تعالى فشجوه على قرنه ، ثم دعاهم فشجوه على قرنه الآخر ، فسمي ذا القرنين" واختلفوا أيضا في وقت زمانه ، فقال قوم : كان بعد موسى. وقال قوم : كان في الفترة بعد عيسى وقيل : كان في وقت إبراهيم وإسماعيل. وكان الخضر عليه السلام صاحب لوائه الأعظم ؛ وفد ذكرناه في "البقرة". وبالجملة فإن الله تعالى مكنه وملكه ودانت له الملوك ، فروي أن جميع ملوك الدنيا كلها
(11/47)



أربعة : مؤمنان وكافران ؛ فالمؤمنان سليمان بن داود وإسكندر ، والكافران نمرود وبختنصر ؛ وسيملكها من هذه الأمة خامس لقوله تعالى : {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} وهو المهدي وقد قيل : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان كريم الطرفين من أهل بيت شريف من قبل أبيه وأمه وقيل : لأنه أنقرض في وقته قرنان من الناس وهو حي وقيل : لأنه كان إذا قاتل قاتل بيديه وركابيه جميعا. وقيل لأنه أعطي علم الظاهر والباطن. وقيل : لأنه دخل الظلمة والنور. وقيل : لأنه ملك فارس والروم.
قوله تعالى : {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ} قال علي رضي الله عنه : "سخر له السحاب ، ومدت له الأسباب ، وبسط له في النور ، فكان الليل والنهار عليه سواء" وفي حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجال من أهل الكتاب سألوه عن ذي القرنين فقال : "إن أول أمره كان غلاما من الروم فأعطي ملكا فسار حتى أتى أرض مصر فابتنى بها مدينة يقال لها الإسكندرية فلما فرغ أتاه ملك فعرج به فقال له أنظر ما تحتك قال أرى مدينتي وحدها لا أرى غيرها فقال له الملك تلك الأرض كلها وهذا السواد الذي تراه بها هو البحر وإنما أراد الله تعالى أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها فسر في الأرض. فعلم الجاهل وثبت العالم" الحديث.
قوله تعالى : {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} قال ابن عباس : "من كل شيء علما يتسبب به إلى ما يريد" وقال الحسن : بلاغا إلى حيث أراد. وقيل : من كل شيء يحتاج إليه الخلق. وقيل : من كل شيء يستعين به الملوك من فتح المدائن وقهر الأعداء. وأصل السبب الحبل فاستعير لكل ما يتوصل به إلى شيء.
قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي "فأتبع سببا" مقطوعة الألف وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو "فاتبع سببا" بوصلها ؛ أي اتبع سببا من الأسباب التي أوتيها. قال الأخفش : تبعته وأتبعته بمعنى ؛ مثل ردفته وأردفته ، ومنه قوله تعالى : {إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} ومنه الإتباع في الكلام مثل حسن بسن وقبيح شقيح. قال النحاس : واختار أبو عبيد قراءة
(11/48)



أهل الكوفة قال : لأنها من السير ، وحكى هو والأصمعي أنه يقال : تبعه واتبعه إذا سار ولم يلحقه ، وأتبعه إذا لحقه ؛ قال أبو عبيد : ومثله {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} قال النحاس : وهذا التفريق إن كان الأصمعي قد حكاه لا يقبل إلا بعلة أو دليل. وقوله عز وجل : {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} ليس في الحديث أنهم لحقوهم ، وإنما الحديث : لما خرج موسى عليه السلام وأصحابه من البحر وحصل فرعون وأصحابه انطبق عليهم البحر والحق في هذا أن تبع وأتبع وأتبع لغات بمعنى واحد ، وهي بمعنى السير ، فقد يجوز أن يكون معه لحاق وألا يكون.
قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} قرأ ابن عاصم وعام وحمزة والكسائي {حامية} أي حارة. الباقون {حَمِئَةٍ} أي كثيرة الحمأة وهي الطينة السوداء ، تقول : حمأت البئر حمأ "بالتسكين" إذا نزعت حمأتها. وحمئت البئر حمأ "بالتحريك" كثرت حمأتها. ويجوز أن تكون "حامية" من الحمأة فخففت الهمزة وقلبت ياء. وقد يجمع بين القراءتين فيقال : كانت حارة وذات حمأة. وقال عبد الله بن عمرو : نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غربت ؛ فقال : "نار الله الحامية لولا ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض" . وقال ابن عباس : "أقرأنيها أبي كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} ؛ وقال معاوية : هي "حامية" فقال عبد الله بن عمرو بن العاص : فأنا مع أمير المؤمنين ؛ فجعلوا كعبا بينهم حكما وقالوا : يا كعب كيف تجد هذا في التوراة ؟ فقال : أجدها تغرب في عين سوداء ، فوافق ابن عباس" وقال الشاعر وهو تبع اليماني :
قد كان ذو القرنين قبلي مسلما ...ملكا تدين له الملوك وتسجد
بلغ المغارب والمشارق يبتغي... أسباب أمر من حكيم مرشد
فرأى مغيب الشمس عند غروبها ...في عين ذي خلب وثأط حرمد
الخلب : الطين : والثأط : الحماة. والحرمد. والأسود. وقال القفال قال بعض العلماء : ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا وصل إلى جرمها ومسها ؛ لأنها تدور
(11/49)



مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض ، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض ، بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة ، بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق ، فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة ، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض ؛ ولهذا قال : {وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً} ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم ، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم. وقال القتبي : ويجوز أن تكون هذه العين من البحر ، ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها ، فيقام حرف الصفة مقام صاحبه والله أعلم.
قوله تعالى : {وَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً} أي عند العين ، أو عند نهاية العين ، وهم أهل جابرس ، ويقال لها بالسريانية : جرجيسا ؛ يسكنها قوم من نسل ثمود بقيتهم الذين آمنوا بصالح ؛ ذكره السهيلي. وقال وهب بن منبه : "كان ذو القرنين رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان اسمه الإسكندر ، فلما بلغ وكان عبد ا صالحا قال الله تعالى : يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض وهم أمم مختلفة ألسنتهم ، وهم أمم جميع الأرض ، وهم أصناف : أمتان بينهما طول الأرض كله ، وأمتان بينهما عرض الأرض كله ، وأمم في وسط الأرض منهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج ؛ فأما اللتان بينهما طول الأرض فأمة عند مغرب الشمس يقال لها ناسك ، وأما الأخرى فعند مطلعها ويقال لها منسك. وأما اللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن يقال لها هاويل ؛ وأما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر يقال لها تاويل. فقال ذو القرنين : إلهي قد ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره إلا أنت ؛ فأخبرني عن هذه الأمم بأي قوة أكاثرهم ؟ وبأي صبر أقاسيهم ؟ وبأي لسان أناطقهم ؟ فكيف لي بأن أفقه لغتهم وليس عندي قوة ؟ فقال الله تعالى : سأظفرك بما حملتك ؛ أشرح لك صدرك فتسمع كل شيء ، وأثبت لك فهمك فتفقه كل شيء ، وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء ، وأسخر لك النور والظلمة فيكونان جندا من جنودك ، يهديك النور من أمامك ، وتحفظك الظلمة من ورائك ؛ فلما قيل له ذلك سار بمن اتبعه ، فانطلق إلى الأمة التي عند مغرب الشمس ؛ لأنها
(11/50)



كانت أقرب الأمم منه وهي ناسك ، فوجد جموعا لا يحصيها إلا الله تعالى وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله. وألسنة مختلقة ، وأهواء متشتتة فكاثرهم بالظلمة ؛ فضرب حولهم ثلاث عساكر من جند الظلمة قدر ما أحاط بهم من كل مكان ، حتى جمعتهم في مكان واحد ، ثم دخل عليهم بالنور فدعاهم إلى الله تعالى وإلى عبادته ، فمنهم من آمن به ومنهم من كفر وصد عنه ، فأدخل على الذين تولوا الظلمة فغشيتهم من كل مكان ، فدخلت إلى أفواههم وأنوفهم وأعينهم وبيوتهم وغشيتهم من كل مكان ، فتحيروا وماجوا وأشفقوا أن يهلكوا ، فعجوا إلى الله تعالى بصوت واحد : إنا آمنا ؛ فكشفها عنهم ، وأخذهم عنوة ، ودخلوا في دعوته ، فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جندا واحدا ، ثم انطلق بهم يقودهم ، والظلمة تسوقهم وتحرسه من خلفه ، والنور أمامهم يقوده ويدله ، وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن وهى هاويل ، وسخر الله تعالى يده وقلبه وعقله ونظره فلا يخطئ إذا عمل عملا ، فإذا أتوا مخاضة أو بحرا بنى سفنا من ألواح صغار مثل النعال فنظمها في ساعة ، ثم جعل فيها جميع من معه من تلك الأمم ، فإذا قطع البحار والأنهار فتقها ودفع إلى كل رجل لوحا فلا يكترث بحمله ، فانتهى إلى هاويل وفعل بهم كفعله بناسك فآمنوا ، ففرغ منهم ، وأخذ جيوشهم وانطلق إلى ناحية الأرض الأخرى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس ، فعمل فيها وجند منها جنودا كفعله في الأولى ، ثم كر مقبلا حتى أخذ ناحية الأرض اليسرى يريد تاويل ، وهي الأمة التي تقابل هاويل بينهما عرض الأرض ، ففعل فيها كفعله فيما قبلها ، ثم عطف إلى الأمم التي في وسط الأرض من الجن الإنس ويأجوج ومأجوج ، فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع الترك من المشرق قالت أمة صالحة من الإنس : يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله تعالى كثيرا لهم عدد ، وليس فيهم مشابهة من الإنس ، وهم أشباه البهائم ؛ يأكلون العشب ، ويفترسون الدواب والوحش كما تفترسها السباع ، ويأكلون حشرات الأرض كلها من الحيات والعقارب والوزغ وكل ذي روح مما خلق الله تعالى في الأرض ، وليس لله تعالى خلق ينمو نماءهم في العام الواحد ، فإن طالت المدة
(11/51)



فسيملؤون الأرض ، ويجلون أهلها فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ؟ ..." وذكر الحديث ؛ وسيأتي من صفة يأجوج ومأجوج والترك إذ هم نوع منهم ما فيه كفاية.
قوله تعالى : {قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ} قال القشيري أبو نصر : إن كان نبيا فهو وحي ، وإن لم يكن نبيا فهو إلهام من الله تعالى. {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} قال إبراهيم بن السري : خيره بين هذين كما خير محمدا صلى الله عليه وسلم فقال : {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} ونحوه. وقال أبو إسحاق الزجاج : المعنى أن الله تعالى خيره بين هذين الحكمين ؛ قال النحاس : وردّ علي بن سليمان عليه قوله ؛ لأنه لم يصح أن ذا القرنين نبي فيخاطب بهذا ، فكيف يقول لربه عز وجل : "ثم يرد إلى ربه" ؟ وكيف يقول : {فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} فيخاطب بالنون ؟ قال : التقدير ؛ قلنا يا محمد قالوا يا ذا القرنين. قال أبو جعفر النحاس : هذا الذي قاله أبو الحسن لا يلزم منه شيء. أما قوله : {قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ} فيجوز أن يكون الله عز وجل خاطبه على لسان نبي في وقته ، ويجوز أن يكون قال له هذا كما قال لنبيه : {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} وأما إشكال {فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ} فإن تقديره أن الله تعالى خيره بين القتل في قوله تعالى : {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ} وبين الاستبقاء في قوله جل وعز : {وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} . قال أحمد بن يحيى : "أن" في موضع نصب في {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} قال : ولو رفعت كان صوابا بمعنى فإما هو ، كما قال :
فسيرا فإما حاجة تقضيانها ... وإما مقيل صالح وصديق
قوله تعالى : {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ} أي من أقام على الكفر منكم ، {فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} أي بالقتل {ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ} أي يوم القيامة : {فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً} أي شديدا في جهنم. {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} أي تاب من الكفر {فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً} قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم {فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى} بالرفع على الابتداء أو بالاستقرار و {الْحُسْنَى} موضع خفض بالإضافة ويحذف التنوين للإضافة ؛ أي له جزاء الحسنى عند الله تعالى في الآخرة وهي الجنة ، فأضاف الجزاء إلى الجنة ، كقوله :
(11/52)



{حَقُّ الْيَقِينِ} {وَلَدَارُ الآخِرَةِ} قاله الفراء. ويحتمل أن يريد بـ {الْحُسْنَى} الأعمال الصالحة ويمكن أن يكون الجزاء من ذي القرنين ؛ أي أعطيه وأتفضل عليه ويجوز أن يحذف التنوين لالتقاء الساكنين ويكون "الحسنى" في موضع رفع على البدل عند البصريين ، وعلى الترجمة عند الكوفيين ، وعلى هذا قراءة ابن أبي إسحاق {فله جزاء الحسنى} إلا أنك لم تحذف التنوين ، وهو أجود. وقرأ سائر الكوفيين {فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى} منصوبا منونا ؛ أي فله الحسنى جزاء قال الفراء : "جزاء" منصوب على التمييز وقيل : على المصدر ؛ وقال الزجاج : هو مصدر في موضع الحال ؛ أي مجزيا بها جزاء وقرأ ابن عباس ومسروق {فله جزاء الحسنى} منصوبا غير منون وهي عند أبي حاتم على حذف التنوين لالتقاء الساكنين مثل {فله جزاء الحسنى} في أحد الوجهين. النحاس : وهذا عند غيره خطأ لأنه ليس موضع حذف تنوين لالتقاء الساكنين ويكون تقديره : فله الثواب جزاء الحسنى.
قوله تعالى : {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً} تقدم معناه أن أتبع واتبع بمعنى أي سلك طريقا ومنازل.
قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ} وقرأ مجاهد وابن محيصن بفتح الميم واللام ؛ يقال : طلعت الشمس والكواكب طلوعا ومطلعا. والمطلَع والمطلِع أيضا موضع طلوعها قاله الجوهري. {وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ} المعنى أنه انتهى إلى موضع قوم لم يكن بينهم وبين مطلع الشمس أحد من الناس. والشمس تطلع وراء ذلك بمسافة بعيدة وقد اختلف فيهم ؛ فعن وهب بن منبه ما تقدم ، وأنها أمة يقال لها منسك وهي مقابلة ناسك ؛ وقال مقاتل وقال قتادة : يقال لهما الزنج وقال الكلبي : هم تارس وهاويل ومنسك ؛ حفاة عراة عماة عن الحق ، يتسافدون مثل الكلاب ، ويتهارجون تهارج الحمر. وقيل : هم أهل جابلق وهم من نسل مؤمني عاد الذين آمنوا بهود ، ويقال لهم بالسريانية مرقيسا والذين عند مغرب الشمس هم أهل جابرس ؛ ولكل واحدة من المدينتين عشرة آلاف باب ، وبين كل باب فرسخ ووراء جابلق أمم وهم تافيل وتارس وهم يجاورون يأجوج ومأجوج
(11/53)



وأهل جابرس وجابلق آمنوا بالنبي عليه الصلاة والسلام ؛ مر بهم ليلة الإسراء فدعاهم فأجابوه ، ودعا الأمم الآخرين فلم يجيبوه ؛ ذكره السهيلي وقال : اختصرت هذا كله من حديث طويل رواه مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الطبري مسندا إلى مقاتل يرفعه ؛ والله أعلم.
قوله تعالى : {لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً} أي حجابا يستترون منها عند طلوعها. قال قتادة : لم يكن بينهم وبين الشمس سترا ؛ كانوا في مكان لا يستقر عليه بناء ، وهم يكونون في أسراب لهم ، حتى إذا زالت الشمس عنهم رجعوا إلى معايشهم وحروثهم ؛ يعني لا يستترون منها بكهف جبل ولا بيت يكنهم منها. وقال أمية : وجدت رجالا بسمرقند يحدثون الناس ، فقال بعضهم : خرجت حتى جاوزت الصين ، فقيل لي : إن بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة ، فاستأجرت رجلا يرينيهم حتى صبحتهم ، فوجدت أحدهم يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى ، وكان صاحبي يحسن كلامهم ، فبتنا بهم ، فقالوا : فيم جئتم ؟ قلنا : جئنا ننظر كيف تطلع الشمس ؛ فبينا نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة ، فغشي على ثم أفقت وهم يمسحونني بالدهن ، فلما طلعت الشمس على الماء إذ هي على الماء كهيئة الزيت ، وإذا طرف السماء كهيئة الفسطاط ، فلما ارتفعت أدخلوني سربا لهم ، فلما ارتفع النهار وزالت الشمس عن رؤوسهم خرجوا يصطادون السمك ، فيطرحونه في الشمس فينضج. وقال ابن جريج : جاءهم جيش مرة ، فقال لهم أهلها : لا تطلع الشمس وأنتم بها ، فقالوا : ما نبرح حتى تطلع الشمس. ثم قالوا : ما هذه العظام ؟ قالوا : هذه والله عظام جيش طلعت عليهم الشمس ههنا فماتوا قال : فولوا هاربين في الأرض. وقال الحسن : كانت أرضهم لا جبل فيها ولا شجر ، وكانت لا تحمل البناء ، فإذا طلعت عليهم الشمس نزلوا في الماء ، فإذا ارتفعت عنهم خرجوا ، فيتراعون كما تتراعى البهائم.
قلت : وهذه الأقوال تدل على أن مدينة هناك والله أعلم. وربما يكون منهم من يدخل في النهر ومنهم من يدخل في السرب فلا تناقض بين قول الحسن وقتادة.
(11/54)



[92] {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً}
تقدم معناه أن أتبع واتبع بمعنى أي سلك طريقا ومنازل.
[93] {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً}
[94] {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً}
[95] {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً}
[96] {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً}
[97] {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً}
[98] {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً}
قوله تعالى : {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} وهما جبلان من قبل أرمينية وأذربيجان. روى عطاء الخراساني عن ابن عباس : {بَيْنَ السَّدَّيْنِ} الجبلين أرمينية وأذربيجان {وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا} أي من ورائهما. {قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً} وقرأ حمزة والكسائي {يَفْقَهُونَ} بضم الياء وكسر القاف من أفقه إذا أبان أي لا يفقهون غيرهم كلاما. الباقون بفتح الياء والقاف ، أي يعلمون. والقراءتان صحيحتان ، فلا هم يفقهون من غيرهم ولا يفقهون غيرهم.
قوله تعالى : {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ} أي قالت له أمة من الإنس صالحة. {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ} قال الأخفش : من همز "يأجوج" فجعل الألفين من الأصل يقول : يأجوج يفعول ومأجوج مفعول كأنه من أجيج النار. قال : ومن لا يهمز ويجعل الألفين زائدتين يقول : "ياجوج" من يججت وماجوج من مججت وهما غير مصروفين ؛ قال رؤبة :
لو أن يأجوج ومأجوج معا ... وعاد عاد واستجاشوا تبعا
(11/55)



ذكره الجوهري. وقيل : إنما لم ينصرفا لأنهما اسمان أعجميان ، مثل طالوت وجالوت غير مشتقين ؛ علتاهما في منع الصرف العجمة والتعريف والتأنيث. وقالت فرقة : هو معرب من أج وأجج علتاهما في منع الصرف التعريف والتأنيث. وقال أبو علي : يجوز أن يكونا عربيين ؛ فمن همز "يأجوج" فهو على وزن يفعول مثل يربوع ، من قولك أجت النار أي ضويت ، ومنه الأجيج ، ومنه ملح أجاج ، ومن لم يهمز أمكن أن يكون خفف الهمزة فقلبها ألفا مثل رأس ، وأما "مأجوج" فهو مفعول من أج ، والكلمتان من أصل واحد في الاشتقاق ومن لم يهمز فيجوز أن يكون خفف الهمزة ، ويجوز أن يكون فاعولا من مج ، وترك الصرف فيهما للتأنيث والتعريف كأنه اسم للقبيلة. واختلف في إفسادهم ؛ سعيد بن عبد العزيز : إفسادهم أكل بني آدم. وقالت فرقة : إفسادهم إنما كان متوقعا ، أي سيفسدون ، فطلبوا وجه التحرز منهم. وقالت فرقة : إفسادهم هو الظلم والغشم والقتل وسائر وجوه الإفساد المعلوم من البشر ، والله أعلم. وقد وردت أخبار بصفتهم وخروجهم وأنهم ولد يافث. روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ولد لنوح سام وحام ويافث فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم وولد حام القبط والبربر والسودان". وقال كعب الأحبار : احتلم آدم عليه السلام فاختلط ماؤه بالتراب فأسف فخلقوا من ذلك الماء ، فهم متصلون بنا من جهة الأب لا من جهة الأم. وهذا فيه نظر ؛ لأن الأنبياء صلوات الله عليهم لا يحتلمون ، وإنما هم من ولد يافث ، وكذلك قال مقاتل وغيره. وروى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا يموت رجل منهم حتى يولد لصلبه ألف رجل" . يعني يأجوج ومأجوج. وقال أبو سعيد : "هم خمس وعشرون قبيلة من وراء يأجوج ومأجوج لا يموت الرجل من هؤلاء ومن يأجوج ومأجوج حتى يخرج من صلبه ألف رجل" ذكره القشيري. وقال عبد الله بن مسعود : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن يأجوج ومأجوج ، فقال ، عليه الصلاة والسلام : "يأجوج ومأجوج أمتان كل أمة أربعمائة ألف أمة كل أمة لا يعلم عددها إلا الله لا يموت الرجل
(11/56)



منهم حتى يولد له ألف ذكر من صلبه كلهم قد حمل السلاح" قيل : يا رسول الله صفهم لنا. قال : "هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز - شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع - وصنف عرضه وطوله سواء نحوا من الذراع وصنف يفترش أذنه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا خنزير إلا أكلوه ويأكلون من مات منهم مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون أنهار الشرق وبحيرة طبرية فيمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس" . وقال علي رضي الله تعالى عنه : "وصنف منهم في طول شبر ، لهم مخالب وأنياب السباع ، وتداعي الحمام ، وتسافد البهائم ، وعواء الذئاب ، وشعور تقيهم الحر والبرد ، وآذان عظام إحداها وبرة يشتون فيها ، والأخرى جلدة يصيفون فيها ، ويحفرون السد حتى كادوا ينقبونه فيعيده الله كما كان ، فيقولون : ننقبه غدا إن شاء الله تعالى فينقبونه ويخرجون ، ويتحصن الناس بالحصون ، فيرمون إلى السماء فيرد السهم عليهم ملطخا بالدم ، ثم يهلكم الله تعالى بالنغف في رقابهم". ذكره الغزنوي. وقال علي عن النبي صلى الله عليه وسلم : "يأجوج أمة لها أربعمائة أمير وكذا مأجوج لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف فارس من ولده" .
قلت : وقد جاء مرفوعا من حديث أبي هريرة ، خرجه ابن ماجه في السنن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن يأجوج ومأجوج يحفران كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا فيعيده الله أشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله تعالى فاستثنوا فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحقرونه ويخرجون على الناس فينشفون الماء ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فيرجع عليها الدم - الذي أحفظ - فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله تعالى عليهم نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتشكر شكرا من لحومهم" قال الجوهري
(11/57)



شكرت الناقة تشكر شكرا فهي شكرة ؛ وأشكر الضرع امتلأ لبنا.
وقال وهب بن منبه : رآهم ذو القرنين ، وطول الواحد منهم مثل نصف الرجل المربوع منا ، لهم مخاليب في مواضع الأظفار وأضراس وأنياب كالسباع ، وأحناك كأحناك الإبل ، وهم هلب عليهم من الشعر ما يواريهم ، ولكل واحد منهم أذنان عظيمتان ، يلتحف إحداهما ويفترش الأخرى ، وكل واحد منهم قد عرف أجله لا يموت حتى يخرج له من صلبه ألف رجل إن كان ذكرا ، ومن رحمها ألف أنثى إن كانت أنثى. وقال السدي والضحاك : الترك شرذمة من يأجوج ومأجوج خرجت تغير ، فجاء ذو القرنين فضرب السد فبقيت في هذا الجانب. قال السدي : بني السد على إحدى وعشرين قبيلة ، وبقيت منهم قبيلة واحدة دون السد فهم الترك قاله قتادة.
قلت : وإذا كان هذا فقد نعت النبي صلى الله عليه وسلم الترك كما نعت يأجوج ومأجوج ، فقال عليه الصلاة والسلام : "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك قوما وجوههم كالمجان المطرقة يلبسون الشعر ويمشون في الشعر" في رواية "ينتعلون الشعر" خرجه مسلم وأبو داود وغيرهما. ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم عددهم وكثرتهم وحدة شوكتهم قال عليه الصلاة والسلام : "اتركوا الترك ما تركوكم" . وقد خرج منهم في هذا الوقت أمم لا يحصيهم إلا الله تعالى ، ولا يردهم عن المسلمين إلا الله تعالى ، حتى كأنهم يأجوج ومأجوج أو مقدمتهم. وروى أبو داود عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ينزل ناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة عند نهر يقال له دجلة يكون عليه جسر يكثر أهلها وتكون من أمصار المهاجرين - قال ابن يحيى قال أبو معمر وتكون من أمصار المسلمين فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء عراض الوجوه صغار الأعين حتى ينزلوا على شاطئ النهر فيتفرق أهلها ثلاث فرق فرقة يأخذون أذناب البقر والبرية وهلكوا وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلونهم وهم الشهداء" الغائط المطمئن من الأرض والبصرة الحجارة الرخوة وبها سميت البصرة وبنو قنطوراء هم الترك يقال : إن قنطوراء اسم جارية كانت لإبراهيم صلوات الله وسلامه عليه ، ولدت له أولادا جاء من نسلهم الترك.
(11/58)



قوله تعالى : {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً} فيه مسألتان :
الأولى ـ قوله تعالى : {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً} استفهام على جهة حسن الأدب "خرجا" أي جعلا وقرئ "خراجا" والخرج أخص من الخراج يقال : أد خرج رأسك وخراج مدينتك وقال الأزهري : الخراج يقع على الضريبة ، ويقع على مال الفيء ، ويقع على الجزية وعلى الغلة والخراج اسم لما يخرج من الفرائض في الأموال. والخرج : المصدر. {عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً} أي ردما ؛ والردم ما جعل بعضه على بعض حتى يتصل وثوب مردم أي مرقع قال الهروي يقال : ردمت الثلمة أردمها بالكسر ردما أي سددتها والردم أيضا الاسم وهو السد وقيل : الردم أبلغ من السد إذ السد كل ما يسد به والردم وضع الشيء على الشيء من حجارة أو تراب أو نحوه حتى يقوم من ذلك حجاب منيع ومنه ردم ثوبه إذا رقعه برقاع متكاثفة بعضها فوق بعض ومنه قول عنترة :
هل غادر الشعراء من متردم
أي من قول يركب بعضه على بعض وقرئ "سدا" بالفتح في السين ، فقال الخليل وسيبويه : الضم هو الاسم والفتح المصدر. وقال الكسائي : الفتح والضم لغتان بمعنى واحد وقال عكرمة وأبو عمرو بن العلاء وأبو عبيدة : ما كان من خلقة الله لم يشاركه فيه أحد بعمل فهو بالضم ، وما كان من صنع البشر فهو بالفتح. ويلزم أهل هذه المقالة أن يقرؤوا "سدا" بالفتح وقبله "بين السدين" بالضم ، وهي قراءة حمزة والكسائي. وقال أبو حاتم عن ابن عباس وعكرمة عكس ما قال أبو عبيدة. وقال ابن أبي إسحاق : ما رأته عيناك فهو سد بالضم وما لا ترى فهو سد بالفتح.
الثانية ـ في هذه الآية دليل على اتخاذ السجون ، وحبس أهل الفساد فيها ، ومنعهم من التصرف لما يريدونه ، ولا يتركون وما هم عليه ، بل يوجعون ضربا ويحبسون أو يكلفون ويطلقون كما فعل عمر رضي الله عنه.
(11/59)



قوله تعالى : {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} فيه مسألتان
[الأولى] قوله تعالى : {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} المعنى قال لهم ذو القرنين ما بسطه الله تعالى لي من القدرة والملك خير من خرجكم وأموالكم ولكن أعينوني بقوة الأبدان ، أي برجال وعمل منكم بالأبدان ، والآلة التي أبني بها الردم وهو السد وهذا تأييد من الله تعالى لذي القرنين في هذه المحاورة فإن القوم لو جمعوا له خرجا لم يعنه أحد ولو كلوه إلى البنيان ومعونته بأنفسهم أجمل به وأسرع في انقضاء هذا العمل وربما أربى ما ذكروه له على الخرج. وقرأ ابن كثير وحده {ما مكنني} بنونين. وقرأ الباقون {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي}
[الثانية] في هذه الآية دليل على أن الملك فرض عليه أن يقوم بحماية الخلق في حفظ بيضتهم ، وسد فرجتهم ، وإصلاح ثغورهم ، من أموالهم التي تفيء عليهم ، وحقوقهم التي تجمعها خزانتهم تحت يده ونظره ، حتى لو أكلتها الحقوق ، وأنفذتها المؤن ، لكان عليهم جبر ذلك من أموالهم ، وعليه حسن النظر لهم ؛ وذلك بثلاثة شروط : الأول : ألا يستأثر عليهم بشيء. الثاني : أن يبدأ بأهل الحاجة فيعينهم الثالث أن يسوي في العطاء بينهم على قدر منازلهم ، فإذا فنيت بعد هذا وبقيت صفرا فأطلعت الحوادث أمرا بذلوا أنفسهم قبل أموالهم ، فإن لم يغن ذلك فأموالهم تؤخذ منهم على تقدير ، وتصريف بتدبير ؛ فهذا ذو القرنين لما عرضوا عليه المال في أن يكف عنهم ما يحذرونه من عادية يأجوج ومأجوج قال : لست احتاج إليه وإنما احتاج إليكم {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} أي اخدموا بأنفسكم معي ، فان الأموال عندي والرجال عندكم ، ورأى أن الأموال لا تغني عنهم ، فإنه إن أخذها أجرة نقص ذلك مما يحتاج إليه ، فيعود بالأجر عليهم ، فكان التطوع بخدمة الأبدان أولى. وضابط الأمر أنه لا يحل مال أحد إلا لضرورة تعرض ، فيؤخذ ذلك ، المال جهرا لا سرا ، وينفق بالعدل لا بالاستئثار ، وبرأي الجماعة لا بالاستبداد بالأمر. والله تعالى الموفق للصواب.
قوله تعالى : {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} أي أعطوني زبر الحديد وناولونيها أمرهم بنقل الآلة ، وهذا كله إنما هو استدعاء العطية التي بغير معنى الهبة ، وإنما هو استدعاء للمناولة ،
(11/60)



لأنه قد ارتبط من قوله : إنه لا يأخذ منهم الخرج فلم يبق إلا استدعاء المناولة ، وأعمال الأبدان و {زُبَرَ الْحَدِيدِ} قطع الحديد. وأصل الكلمة الاجتماع ، ومنه زُبرة الأسد لما اجتمع من الشعر على كاهله. وزبرت الكتاب أي كتبته وجمعت حروفه. وقرأ أبو بكر والمفضل {ردما ايتوني} من الإتيان الذي هو المجيء ؛ أي جيؤوني بزبر الحديد ، فلما سقط الخافض انتصب الفعل على نحو قول الشاعر :
أمرتك الخير...
حذف الجار فنصب الفعل وقرأ الجمهور {زُبَرَ} بفتح الباء وقرأ الحسن بضمها ؛ وكل ذلك جمع زبرة وهي القطعة العظيمة منه.
قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا سَاوَى} يعني البناء فحذف لقوة الكلام عليه. {بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} قال أبو عبيدة : هما جانبا الجبل ، وسميا بذلك لتصادفهما أي لتلاقيهما. وقاله الزهري وابن عباس ؛ "كأنه يعرض عن الآخر" من الصدوف ؛ قال الشاعر :
كلا الصدفين ينفذه سناها ... توقد مثل مصباح الظلام
ويقال للبناء المرتفع صدف تشبيه بجانب الجبل. وفي الحديث : كان إذا مر بصدف مائل أسرع المشي. قال أبو عبيد : الصدف والهدف كل بناء عظيم مرتفع. ابن عطية : الصدفان الجبلان المتناوحان ولا يقال للواحد صدف ، وإنما يقال صدفان للاثنين ؛ لأن أحدهما يصادف الآخر. وقرأ نافع وحمزة والكسائي {الصدفين} بفتح الصاد وشدها وفتح الدال ، وهي قراءة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وعمر بن عبد العزيز ، وهي اختيار أبي عبيدة لأنها أشهر اللغات. وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو {الصدفين} بضم الصاد والدال وقرأ عاصم في رواية أبي بكر {الصدفين} بضم الصاد وسكون الدال ، نحو الجرف والجرف فهو تخفيف. وقرأ ابن الماجشون بفتح الصاد وضم الدال. وقرأ قتادة {بين الصدفين} بفتح الصاد وسكون الدال ، وكل ذلك بمعنى واحد وهما الجبلان المتناوحان.
(11/61)



قوله تعالى : {قَالَ انْفُخُوا} إلى آخر الآية أي على زبر الحديد بالأكيار ، وذلك أنه كان يأمر بوضع طاقة من الزبر والحجارة ، ثم يوقد عليها الحطب والفحم بالمنافخ حتى تحمى ، والحديد إذا أوقد عليه صار كالنار ، فذلك قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً} ثم يؤتى بالنحاس المذاب أو بالرصاص أو بالحديد بحسب الخلاف في القطر ، فيفرغه على ذلك الطاقة المنضدة ، فإذا التأم واشتد ولصق البعض بالبعض استأنف وضع طاقة أخرى ، إلى أن استوى العمل فصار جبلا صلدا قال قتادة : هو كالبرد المحبر ، طريقة سوداء ، وطريقة حمراء. ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : جاءه رجل فقال : يا رسول الله إني رأيت سد يأجوج ومأجوج ، قال : "كيف رأيته" قال : رأيته كالبرد المحبر ، طريقة صفراء ، وطريقة حمراء ، وطريقة سوداء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قد رأيته" . ومعنى {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً} أي كالنار.
قوله تعالى : {قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} أي أعطوني قطرا أفرغ عليه ، على التقديم والتأخير. ومن قرأ {ائتوني} فالمعنى عنده تعالوا أفرغ عليه نحاسا. والقطر عند أكثر المفسرين النحاس المذاب ، وأصله من القطر ؛ لأنه إذا أذيب قطر كما يقطر الماء وقالت فرقة : القطر الحديد المذاب. وقالت فرقة منهم ابن الأنباري : الرصاص المذاب. وهو مشتق من قطر يقطر قطرا. ومنه {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} .
قوله تعالى : {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} أي ما استطاع يأجوج ومأجوج أن يعلوه ويصعدوا فيه ؛ لأنه أملس مستو مع الجبل والجبل عال لا يرام. وارتفاع السد مائتا ذراع وخمسون ذراعا. وروي : في طوله ما بين طرفي الجبلين مائة فرسخ ، وفي عرضه خمسون فرسخ ؛ قاله وهب بن منبه.
قوله تعالى : {مَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً} لبعد عرضه وقوته. وروي في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه" وعقد وهب بن منبه بيده تسعين وفي رواية - وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها..." وذكر الحديث. وذكر يحيى بن سلام عن سعد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن يأجوج ومأجوج
(11/62)



يخرقون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم أرجعوا فستخرقونه غدا فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم أرجعوا فستحفرونه إن شاء الله فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس..." الحديث وقد تقدم. قوله تعالى : {فَمَا اسْطَاعُوا} بتخفيف الطاء على قراءة الجمهور. وقيل : هي لغة بمعنى استطاعوا. وقيل : بل استطاعوا بعينه كثر في كلام العرب حتى حذف بعضهم منه التاء فقالوا : اسطاعوا. وحذف بعضهم منه الطاء فقال استاع يستيع بمعنى استطاع يستطيع ، وهي لغة مشهورة. وقرأ حمزة وحده {فما اسطّاعوا} بتشديد الطاء كأنه أراد استطاعوا ، ثم أدغم التاء في الطاء فشددها ، وهي قراءة ضعيفة الوجه ؛ قال أبو علي : هي غير جائزة. وقرأ الأعمش {فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا} بالتاء في الموضعين.
قوله تعالى : {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} القائل ذو القرنين ، وأشار بهذا إلى الردم ، والقوة عليه ، والانتفاع به في دفع ضرر يأجوج ومأجوج. وقرأ ابن أبي عبلة {هذه رحمة من ربي} .
قوله تعالى : {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} أي يوم القيامة. وقيل : وقت خروجهم. {جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً} أي مستويا بالأرض ؛ ومنه قوله تعالى : {إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ} قال ابن عرفة : أي جعلت مستوية لا أكمة فيها ، ومنه قوله تعالى : {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} قال اليزيدي : أي مستويا ؛ يقال : ناقة دكاء إذا ذهب سنامها. وقال القتبي : أي مدكوكا ملصقا بالأرض. وقال الكلبي : قطعا متكسرا ؛ قال :
هل غير غاد دك غارا فانهدم
(11/63)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: