منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 20 أكتوبر - 16:21



سورة الكهف







الآية : 21 {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً}
قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} أي أطلعنا عليهم وأظهرناهم. و"أعثر" تعدية عثر بالهمزة ، وأصل العثار في القدم. {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} يعني الأمة المسلمة الذين بعث أهل الكهف على عهدهم. وذلك أن دقيانوس مات ومضت قرون وملك أهل تلك الدار رجل صالح ، فاختلف أهل بلده في الحشر وبعث الأجساد من القبور ، فشك في ذلك بعض الناس واستبعدوه وقالوا : إنما تحشر الأرواح والجسد تأكله الأرض. وقال بعضهم : تبعث الروح والجسد جميعا ؛ فكبر ذلك على الملك وبقي حيران لا يدري كيف يتبين أمره لهم ، حتى لبس المسوح وقعد على الرماد وتضرع إلى الله تعالى في حجة وبيان ، فأعثر الله على أهل الكهف ؛ فيقال : إنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة ليأتيهم برزق منها استنكر شخصه واستنكرت دراهمه لبعد العهد ، فحمل إلى الملك وكان صالحا قد آمن من معه ، فلما
(10/378)



نظر إليه قال : لعل هذا من الفتية الذين خرجوا على عهد دقيانوس الملك ، فقد كنت أدعو الله أن يرينيهم ، وسأل الفتى فأخبره ؛ فسر الملك بذلك وقال : لعل الله قد بعث لكن آية ، فلنسر إلى الكهف معه ، فركب مع أهل المدينة إليهم ، فلما دنوا إلى الكهف قال تمليحا : أنا أدخل عليهم لئلا يرعبوا فدخل عليهم فأعلمهم الأمر وأن الأمة أمة إسلام ، فروي أنهم سروا بذلك وخرجوا إلى الملك وعظموه وعظمهم ثم رجعوا إلى كهفهم. وأكثر الروايات على انهم ماتوا حين حدثهم تمليخا ميتة الحق ، على ما يأتي. ورجع من كان شك في بعث الأجساد إلى اليقين. فهذا معنى "أعثرنا عليهم". {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي ليعلم الملك ورعيته أن القيامة حق والبعث حق {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} . وإنما استدلوا بذلك الواحد على خبرهم وهابوا الدخول عليهم فقال الملك : ابنوا عليهم بنيانا ؛ فقال الذين. هم على دين الفتية : اتخذوا عليهم مسجدا. وروي أن طائفة كافرة قالت : نبني بيعة أو مضيفا ، فمانعهم المسلمون وقالوا لنتخذن عليهم مسجدا. وروي أن بعض القوم ذهب إلى طمس الكهف عليهم وتركهم فيه مغيبين. وروي عن عبدالله بن عمر أن الله تعالى أعمى على الناس حينئذ أثرهم وحجبهم عنهم ، فذلك دعا إلى بناء البنيان ليكون معلما لهم. وقيل : إن الملك أراد أن يدفنهم في صندوق من ذهب فأتاه آت منهم في المنام فقال : أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فلا تفعل ؛ فإنا من التراب خلقنا وإليه نعود ، فدعنا.
وتنشأ هنا مسائل ممنوعة وجائزة ؛ فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها والبناء عليها ، إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع لا يجوز ؛ لما روى أبو داود والترمذي عن ابن عباس قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج. قال الترمذي : وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة حديث ابن عباس حديث حسن. وروى الصحيحان عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن أولئك إذا كان فيهم
(10/379)



الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله تعالى يوم القيامة" . لفظ مسلم. قال علماؤنا : وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد. وروى الأئمة عن أبي مرثد الغنوي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها" لفظ مسلم. أي لا تتخذوها قبلة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى ، فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام. فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك ، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال : "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد" . وروى الصحيحان عن عائشة وعبدالله بن عباس قالا : لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما صنعوا. وروى مسلم عن جابر قال : نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. وخرجه أبو داود والترمذي أيضا عن جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ. قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وروى الصحيح عن أبي الهياج الأسدي قال قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته - في رواية - ولا صورة إلا طمستها. وأخرجه أبو داود والترمذي.
قال علماؤنا : ظاهره منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون لاطئة. وقد قال به بعض أهل العلم. وذهب الجمهور إلى أن هذا الارتفاع المأمور بإزالته هو ما زاد على التسنيم ، ويبقى للقبر ما يعرف به ويحترم ، وذلك صفة قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما - على ما ذكر مالك في الموطأ - وقبر أبينا آدم صلى الله عليه وسلم ، على ما رواه الدارقطني
(10/380)



من حديث ابن عباس. وأما ثعلبة البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيما وتعظيما فذلك يهدم ويزال ؛ فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة ، وتشبها بمن كان يعظم القبور ويعبدها. وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهي أن ينبغي أن يقال : هو حرام. والتسنيم في القبر : ارتفاعه قدر شبر ؛ مأخوذ من سنام البعير. ويرش عليه بالماء لئلا ينتثر بالريح. وقال الشافعي لا بأس أن يطين القبر. وقال أبو حنيفة : لا يجصص القبر ولا يطين ولا يرفع عليه بناء فيسقط. ولا بأس بوضع الأحجار لتكون علامة ؛ لما رواه أبو بكر الأثرم قال : حدثنا مسدد حدثنا نوح بن دراج عن أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد قال : كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزور قبر حمزة بن عبدالمطلب كل جمعة وعلمته بصخرة ؛ ذكره أبو عمر.
وأما الجائزة : فالدفن في التابوت ؛ وهو جائز لا سيما في الأرض الرخوة. روي أن دانيال صلوات الله عليه كان في تابوت من حجر ، وأن يوسف عليه السلام أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج ويلقى في ركية مخافة أن يعبد ، وبقي كذلك إلى زمان موسى صلوات الله عليهم أجمعين ؛ فدلته عليه عجوز فرفعه ووضعه في حظيرة إسحاق عليه السلام. وفي الصحيح عن سعد ابن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه : اتخذوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا ؛ كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. اللحد : هو أن يشق في الأرض ثم يحفر قبر آخر في جانب الشق من جانب القبلة إن كانت الأرض صلبة يدخل فيه الميت ويسد عليه باللبن. وهو أفضل عندنا من الشق ؛ لأنه الذي اختاره الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم. وبه قال أبو حنيفة قال : السنة اللحد. وقال الشافعي : الشق. ويكره الآجر في اللحد. وقال الشافعي : لا بأس به لأنه نوع من الحجر. وكرهه أبو حنيفة وأصحابه ؛ لأن الآجر لإحكام البناء ، والقبر وما فيه للبلى ، فلا يليق به الإحكام. وعلى هذا يسوي بين الحجر والآجر. وقيل : إن الآجر أثر النار فيكره تفاؤلا ؛ فعلى هذا يفرق بين الحجر والآجر. قالوا : ويستحب اللبن والقصب لما روي أنه وضع على قبر النبي صلى الله عليه وسلم حزمة من قصب. وحكي عن الشيخ الإمام
(10/381)



أبو بكر محمد بن الفضل الحنفي رحمه الله أنه جوز اتخاذ التابوت في بلادهم لرخاوة الأرض. وقال : لو اتخذ تابوت من حديد فلا بأس به ، لكن ينبغي أن يفرش فيه التراب وتطين الطبقة العليا مما يلي الميت ، ويجعل اللبن الخفيف على يمين الميت ويساره ليصير بمنزلة اللحد.
قلت : ومن هذا المعنى جعل القطيفة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن المدينة سبخة ، قال شقران : أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر. قال أبو عيسى الترمذي : حديث شقران حديث حسن غريب.
الآية : 22 {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً}
قوله تعالى : {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} الضمير في {سَيَقُولُونَ} يراد به أهل التوراة ومعاصري محمد صلى الله عليه وسلم. وذلك أنهم اختلفوا في عدد أهل الكهف هذا الاختلاف المنصوص. وقيل : المراد به النصارى ؛ فإن قوما منهم حضروا النبي صلى الله عليه وسلم من نجران فجرى ذكر أصحاب الكهف فقالت اليعقوبية : كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم. وقالت النسطورية : كانوا خمسة سادسهم كلبهم. وقال المسلمون : كانوا سبعة ثامنهم كلبهم. وقيل : هو إخبار عن اليهود الذين أمروا المشركين بمسألة النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكهف. والواو في قول {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} طريق النحو بين أنها واو عطف دخلت في آخر إخبار عن عددهم ؛ لتفصل أمرهم ، وتدل على أن هذا غاية ما قيل ، ولو سقطت لصح الكلام. وقالت فرقة منها ابن خالويه : هي واو الثمانية. وحكى الثعلبي عن أبي بكر بن عياش أن قريشا كانت تقول في عددها ستة سبعة وثمانية ؛ فتدخل الواو في الثمانية. وحكى نحوه القفال ، فقال :
(10/382)



إن قوما قالوا العدد ينتهي عند العرب إلى سبعة ، فإذا احتيج إلى الزيادة عليها استؤنف خبر آخر بإدخال الواو ، كقوله {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} - ثم قال – {النَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ} [التوبة : 112]. يدل عليه أنه لما ذكر أبواب جهنم {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر : 71] بلا واو ، ولما ذكر الجنة قال : {وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر : 73] بالواو. وقال : {خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} [التحريم : 5] ثم قال : {وَأَبْكَاراً} [التحريم : 5] فالسبعة نهاية العدد عندهم كالعشرة الآن عندنا. قال القشيري أبو نصر : ومثل هذا الكلام تحكم ، ومن أين السبعة نهاية عندهم ثم هو منقوض بقوله تعالى : {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر : 23] ولم يذكر الاسم الثامن بالواو. وقال قوم ممن صار إلى أن عددهم سبعة : إنما ذكر الواو في قوله : {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ} لينبه على أن هذا العدد هو الحق ، وأنه مباين للأعداد الأخر التي قال فيها أهل الكتاب ؛ ولهذا قال تعالى في الجملتين المتقدمتين {رَجْماً بِالْغَيْبِ} ولم يذكره في الجملة الثالثة ولم يقدح فيها بشيء ؛ فكأنه قال لنبيه هم سبعة وثامنهم كلبهم. والرجم : القول بالظن ؛ يقال لكل ما يخرص : رجم فيه ومرجوم ومرجم ؛ كما قال :
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المرجم
قلت : قد ذكر الماوردي والغزنوي : وقال ابن جريج ومحمد بن إسحاق كانوا ثمانية ، وجعلا قوله تعالى {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ} أي صاحب كلبهم. وهذا مما يقوي طريق النحويين في الواو ، وأنها كما قالوا. وقال القشري : لم يذكر الواو في قوله : رابعهم سادسهم ، ولو كان بالعكس لكان جائزا ، فطلب الحكمة والعلة في مثل هذه الواو تكلف بعيد ، وهو كقوله في موضع آخر {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر : 4]. وفي موضع آخر : {إِلاَّ لَهَا مُنْذِرُونَ ذِكْرَى} [الشعراء : 208].
قوله تعالى : {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} أمر الله تعالى نبيه عليه السلام في هذه الآية أن يرد علم عدتهم إليه عز وجل. ثم أخبر أن عالم ذلك من البشر قليل. والمراد به قوم من
(10/383)



أهل الكتاب ؛ في قول عطاء. وكان ابن عباس يقول : أنا من ذلك القليل ، كانوا سبعة وثامنهم كلبهم ، ثم ذكر السبعة بأسمائهم ، والكلب اسمه قطمير كلب أنمر ، فوق القلطي ودون الكردي. وقال محمد بن سعيد بن المسيب : هو كلب صيني. والصحيح أنه زبيري. وقال : ما بقي بنيسابور محدث إلا كتب عني هذا الحديث إلا من لم يقدر له. قال : وكتبه أبو عمرو الحيري عني.
قوله تعالى : {فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً} أي لا تجادل في أصحاب الكهف إلا بما أوحيناه إليك ؛ وهو رد علم عدتهم إلى الله تعالى. وقيل : معنى المراء الظاهر أن تقول : ليس كما تقولون ، ونحو هذا ، ولا تحتج على أمر مقدر في ذلك. وفي هذا دليل على أن الله تعالى لم يبين لأحد عددهم فلهذا قال "إلا مراء ظاهرا" أي ذاهبا ؛ كما قال :
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
ولم يبح له في هذه الآية أن يماري ؛ ولكن قوله "إلا مراء" استعارة من حيث يماريه أهل الكتاب. سميت مراجعته لهم مراء ثم قيد بأنه ظاهر ؛ ففارق المراء الحقيقي المذموم. والضمير في قوله "قيهم" عائد على أهل الكهف. وقوله : {فَلا تُمَارِ فِيهِمْ} يعني في عدتهم ؛ وجذفت العدة لدلالة ظاهر القول عليها. {وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً} روي أنه عليه السلام سأل نصارى نجران عنهم فنهي عن السؤال. والضمير في قوله : {مِنْهُمْ} عائد على أهل الكتاب المعارضين. وفي هذا دليل على منع المسلمين من مراجعة أهل الكتاب في شيء من العلم.
الآية : 23 {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً}
الآية : 24 {إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً}
(10/384)



قوله تعالى : - {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فيه مسألتان : -
الأولى : -قال العلماء عاتب الله تعالى نبيه عليه السلام على قوله للكفار حين سألوه عن الروح والفتية وذي القرنين : غدا أخبركم بجواب أسئلتكم ؛ ولم يستثن في ذلك. فاحتبس الوحي عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه وأرجف الكفار به ، فنزلت عليه هذه السورة مفرجة. وأمر في هذه الآية ألا يقول في أمر من الأمور إني أفعل غدا كذا وكذا ، إلا أن يعلق ذلك بمشيئة الله عز وجل حتى لا يكون محققا لحكم الخبر ؛ فإنه إذا قال : لأفعلن ذلك ولم يفعل كان كاذبا ، وإذا قال لأفعلن ذلك إن شاء الله خرج عن أن بكون محققا للمخبر عنه. واللام في قوله "لشيء" بمنزلة في ، أو كأنه قال لأجل شيء.
الثانية : - قال ابن عطية : وتكلم الناس في هذه الآية في الاستثناء في اليمين ، والآية ليست في الأيمان وإنما هي في سنة الاستثناء في غير اليمين. وقوله : {إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسنه الإيجاز ؛ تقديره : إلا أن تقول إلا أن يشاء الله ؛ أو إلا أن تقول إن شاء الله. فالمعنى : إلا أن يذكر مشيئة الله ؛ فليس {إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} من القول الذي نهي عنه.
قلت : ما اختاره ابن عطية وارتضاه هو قول الكسائي والفراء والأخفش. وقال البصريون : المعنى إلا بمشيئة الله. فإذا قال الإنسان أنا أفعل هذا إن شاء الله فمعناه بمشيئة الله. قال ابن عطية : وقالت فرقة {إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} استثناء من قوله : {وَلا تَقُولَنَّ} . قال : وهذا قول حكاه الطبري ورد عليه ، وهو من الفساد بحيث كان الواجب ألا يحكى. وقد تقدم القول في الاستثناء في اليمين وحكمه في "المائدة".
قوله تعالى : {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} وفيه مسألة واحدة ، وهي الأمر بالذكر بعد النسيان - واختلف في الذكر المأمور به ؛ فقيل : هو قوله : {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً} قال محمد الكوفي المفسر : إنها بألفاظها مما أمر أن يقولها كل
(10/385)



من لم يستثن ، وإنها كفارة لنسيان الاستثناء. وقال الجمهور : هو دعاء مأمور به دون هذا التخصيص. وقيل : هو قوله : {إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الصافات : 102] الذي كان نسيه عند يمينه. حكي عن ابن عباس أنه إن نسي الاستثناء ثم ذكر ولو بعد سنة لم يحنث إن كان حالفا. وهو قول مجاهد. وحكى إسماعيل بن إسحاق ذلك عن أبي العالية في قوله تعالى : {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} قال : يستثني إذا ذكره. الحسن : ما دام في مجلس الذكر. ابن عباس : سنتين ؛ ذكره الغزنوي قال : فيحمل على تدارك التبرك بالاستثناء للتخلص عن الإثم. فأما الاستثناء المفيد حكما فلا يصح إلا متصلا. السدي : أي كل صلاة نسيها إذا ذكرها. وقيل : استثن باسمه لئلا تنسى. وقيل : اذكره متى ما نسيته. وقيل : إذا نسيت شيئا فاذكره يذكركه. وقيل : اذكره إذا نسيت غيره أو نسيت نفسك ؛ فذلك حقيقة الذكر. وهذه الآية مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهي استفتاح كلام على الأصح ، ولست من الاستثناء في المين بشيء ، وهي بعد تعم جميع أمته ؛ لأنه حكم يتردد في الناس لكثرة وقوعه. والله الموفق.
الآية : 25 {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً}
هذا خبر من الله تعالى عن مدة لبثهم. وفي قراءة ابن مسعود "وقالوا لبثوا". قال الطبري : إن بني إسرائيل اختلفوا فيما مضى لهم من المدة بعد الإعثار عليهم إلى مدة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم : إنهم لبثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين ، فأخبر الله تعالى نبيه أن هذه المدة في كونهم نياما ، وأن ما بعد ذلك مجهول للبشر. فأمر الله تعالى أن يرد علم ذلك إليه. قال ابن عطية : فقوله على هذا "لبثوا" الأول يريد في نوم الكهف ، و"لبثوا" الثاني يريد بعد الإعثار إلى مدة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو إلى وقت عدمهم بالبلاء. مجاهد : إلى وقت نزول القرآن. الضحاك : إلى أن ماتوا. وقال بعضهم : إنه لما قال { وَازْدَادُوا تِسْعاً} لم يدر الناس أهي ساعات أم أيام أم جمع أم شهور أم أعوام. واختلف بنو إسرائيل بحسب ذلك ، فأمر الله تعالى برد العلم إليه في التسع ، فهي على هذا مبهمة. وظاهر كلام العرب المفهوم منه أنها أعوام ، والظاهر من أمرهم أنهم قاموا ودخلوا الكهف بعد عيسى
(10/386)



بيسير وقد بقيت من الحواريين بقية. وقيل غير هذا على ما يأتي. قال القشيري : لا يفهم من التسع تسع ليال وتسع ساعات لسبق ذكر السنين ؛ كما تقول : عندي مائة درهم وخمسة ؛ والمفهوم منه خمسة دراهم. وقال أبو علي {وَازْدَادُوا تِسْعاً} أي ازدادوا لبث تسع ؛ فحذف. وقال الضحاك : لما نزلت {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ} قالوا سنين أم شهور أم جمع أم أيام ؛ فأنزل الله عز وجل "سنين". وحكى النقاش ما معناه أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة شمسية بحساب الأيام ؛ فلما كان الإخبار هنا للنبي العربي ذكرت التسع ؛ إذ المفهوم عنده من السنين القمرية ، وهذه الزيادة هي ما بين الحسابين. ونحوه ذكر الغزنوي. أي باختلاف سني الشمس والقمر ؛ لأنه يتفاوت في كل ثلاث وثلاثين وثلث سنة سنة فيكون في ثلثمائة تسع سنين. وقرأ الجمهور "ثلثمائة سنين" بتنوين مائة ونصب سنين ، على التقديم والتأخير ؛ أي سنين ثلاثمائة فقدم الصفة على الموصوف ، فتكون "سنين" على هذا بدلا أو عطف بيان. وقيل : على التفسير والتمييز. و"سنين" في موضع سنة. وقرأ حمزة والكسائي بإضافة مائة إلى سنين ، وترك التنوين ؛ كأنهم جعلوا سنين بمنزلة سنة إذ المعنى بهما واحد. قال أبو علي : هذه الأعداد التي تضاف في المشهور إلى الآحاد نحو ثلاثمائة رجل وثوب قد تضاف إلى الجموع. وفي مصحف عبدالله "ثلثمائة سنة". وقرأ الضحاك "ثلثمائة سنون" بالواو. وقرأ أبو عمرو بخلاف "تسعا" بفتح التاء وقرأ الجمهور بكسرها. وقال الفراء والكسائي وأبو عبيدة : التقدير ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمائة.
الآية : 26 {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}
قوله تعالى : {قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} قيل بعد موتهم إلى نزول القرآن فيهم ، على قول مجاهد. أو إلى أن ماتوا ؛ على قول الضحاك. أو إلى وقت تغيرهم بالبلى ؛ على ما تقدم. وقيل : بما لبثوا في الكهف ، وهي المدة التي ذكرها الله تعالى عن اليهود وإن ذكروا زيادة ونقصانا. أي لا يعلم علم ذلك إلا الله أو من علمه ذلك {لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} .
(10/387)



قوله تعالى : {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} أي ما أبصره وأسمعه. قال قتادة : لا أحد أبصر من الله ولا اسمع. وهذه عبارات عن الإدراك. ويحتمل أن يكون المعنى "أبصر به" أي بوحيه وإرشاده هداك وحججك والحق من الأمور ، واسمع به العالم ؛ فيكونان أمرين لا على وجه التعجب. وقيل. المعنى أبصرهم وأسمعهم ما قال الله فيهم.
قوله تعالى : {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} أي لم يكن لأصحاب الكهف ولي يتولى حفظهم دون الله. ويحتمل أن يعود الضمير في "لهم" على معاصري محمد صلى الله عليه وسلم من الكفار. والمعنى : ما لهؤلاء المختلفين في مدة لبثهم ولي دون الله يتولى تدبير أمرهم ؛ فكيف يكونون اعلم منه ، أو كيف يتعلمون من غير إعلامه إياهم.
قوله تعالى : {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} قرئ بالياء ورفع الكاف ، على معنى الخبر عن الله تعالى. وقرأ ابن عامر والحسن وأبو رجاء وقتادة والجحدري "ولا تشرك" بالتاء من فوق وإسكان الكاف على جهة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكون قوله "ولا يشرك" عطفا على قوله : "أبصر به واسمع". وقرأ مجاهد "يشرك" بالياء من تحت والجزم. قال يعقوب : لا أعرف وجهه.
مسألة : اختلف في أصحاب الكهف هل ماتوا وفنوا ، أو هم نيام وأجسادهم محفوظة ؛ فروي عن ابن عباس أنه مر بالشام في بعض غزواته مع ناس على موضع الكهف وجبله ، فمشى الناس معه إليه فوجدوا عظاما فقالوا : هذه عظام أهل الكهف. فقال لهم ابن عباس : أولئك قوم فنوا وعدموا منذ مدة طويلة ؛ فسمعه راهب فقال : ما كنت أحسب أن أحدا من العرب يعرف هذا ؛ فقيل له : هذا ابن عم نبينا صلى الله عليه وسلم. وروت فرقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ليحجن عيسى بن مريم ومعه أصحاب الكهف فإنهم لم يحجوا بعد" . ذكره ابن عطية.
قلت : ومكتوب في التوراة والإنجيل أن عيسى بن مريم عبدالله ورسوله ، وأنه يمر بالروحاء حاجا أو معتمرا أو يجمع الله له ذلك فيجعل الله حواريه أصحاب الكهف والرقيم ، فيمرون حجاجا فإنهم لم يحجوا ولم يموتوا. وقد ذكرنا هذا الخبر بكماله في كتاب "التذكرة". فعلى هذا هم نيام ولم يموتوا إلى يوم القيامة ، بل يموتون قبيل الساعة.
(10/388)



الآية : 27 {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً}
قوله تعالى : {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} قيل : هو من تمام قصة أصحاب الكهف ؛ أي اتبع القرآن فلا مبدل لكلمات الله ولا خلف فيما أخبر به من قصة أصحاب الكهف. وقال الطبري : لا مغير لما أوعد بكلماته أهل معاصيه والمخالفين لكتابه. {وَلَنْ تَجِدَ} أنت {مِنْ دُونِهِ} إن لم تتبع القرآن وخالفته. {مُلْتَحَداً} أي ملجأ وقيل موئلا وأصله الميل ومن لجأت إليه فقد ملت إليه. قال القشيري أبو نصر عبدالرحيم : وهذا آخر قصة أصحاب الكهف. ولما غزا معاوية غزوة المضيق نحو الروم وكان معه ابن عباس فانتهى إلى الكهف الذي فيه أصحاب الكهف ؛ فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فننظر إليهم ؛ فقال ابن عباس : قد منع الله من هو خير منك عن ذلك ، فقال : {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً} [الكهف : 18] فقال : لا انتهي حتى اعلم علمهم ، وبعث قوما لذلك ، فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم ؛ ذكره الثعلبي أيضا. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله أن يريه إياهم ، فقال إنك لن تراهم في دار الدنيا ولكن أبعث إليهم أربعة من خيار أصحابك ليبلغوهم رسالتك ويدعوهم إلى الإيمان ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام : كيف أبعثهم ؟ فقال : ابسط كساءك واجلس على طرف من أطرافه أبا بكر وعلى الطرف الآخر عمر وعلى الثالث عثمان وعلى الرابع علي بن أبي طالب ، ثم ادع الريح الرخاء المسخرة لسليمان فإن الله تعالى يأمرها أن تطيعك ؛ ففعل فحملتهم الريح إلى باب الكهف ، فقلعوا منه حجرا ، فحمل الكلب عليهم فلما رآهم حرك رأسه وبصبص بذنبه وأومأ إليهم برأسه أن ادخلوا فدخلوا الكهف فقالوا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ فرد الله على الفتية أرواحهم فقاموا بأجمعهم وقالوا : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ؛ فقالوا لهم : معشر الفتية ، إن النبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليكم السلام ؛ فقالوا : وعلى محمد رسول الله السلام ما دامت السماوات والأرض ، وعليكم بما أبلغتم ، وقبلوا
(10/389)



دينه وأسلموا ، ثم قالوا : أقرئوا محمدا رسول الله منا السلام ، وأخذوا مضاجعهم وصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهدي. فيقال : إن المهدي يسلم عليهم فيحييهم الله ثم يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون حتى تقوم الساعة ، فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان منهم ، ثم ردتهم الريح فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "كيف وجدتموهم" ؟ . فأخبروه الخبر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا تفرق بيني وبين أصحابي وأصهاري واغفر لمن أجنبي وأحب أهل بيتي وخاصتي وأصحابي" . وقيل : إن أصحاب الكهف دخلوا الكهف قبل المسيح ؛ فأخبر الله تعالى المسيح بخبرهم ثم بعثوا في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم. وقيل : كانوا قبل موسى عليه السلام وأن موسى ذكرهم في التوراة ؛ ولهذا سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل : دخلوا الكهف بعد المسيح ؛ فالله اعلم أي ذلك كان.
الآية : 28 {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}
قوله تعالى : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} هذا مثل قوله : {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام : 52] في سورة "الأنعام" وقد مضى الكلام فيه. وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه : جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : عيينة بن حصن والأقرع بن حابس فقالوا : يا رسول الله ؛ إنك لو جلست في صدر المجلس ونحيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان وأبا ذر وفقراء المسلمين ، وكانت عليهم جباب الصوف لم يكن عليهم غيرها - جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك ، فأنزل الله تعالى {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً. وَاصْبِرْ
(10/390)



نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ - حتى بلغ - إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} . يتهددهم بالنار. فقام النبي صلى الله عليه وسلم يلتمسهم حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله قال : "الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي ، معكم المحيا ومعكم الممات". {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} أي طاعته. وقرأ نصر بن عاصم ومالك بن دينار وأبو عبدالرحمن {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} وحجتهم أنها في السواد بالواو. وقال أبو جعفر النحاس : وهذا لا يلزم لكتبهم الحياة والصلاة بالواو ، ولا تكاد العرب تقول الغدوة لأنها معروفة. وروي عن الحسن أي لا تتجاوز عيناك إلى غيرهم من أبناء الدنيا طلبا لزينتها ؛ حكاه اليزيدي. وقيل : لا تحتقرهم عيناك ؛ كما يقال فلان تنبو عنه العين ؛ أي مستحقرا.
قوله تعالى : {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} أي تتزين بمجالسة هؤلاء الرؤساء الذين اقترحوا إبعاد الفقراء من مجلسك ؛ ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك ، ولكن الله نهاه عن أن يفعله ، وليس هذا بأكثر من قوله : {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر : 65]. وإن كان الله أعاذه من الشرك. و"تريد" فعل مضارع في موضع الحال ؛ أي لا تعد عيناك مريدا ؛ كقول امرئ القيس :
فقلت له لا تبك عينك إنما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
وزعم بعضهم أن حق الكلام : لا تعد عينيك عنهم ؛ لأن "تعد" متعد بنفسه. قيل له : والذي وردت به التلاوة من رفع العينين يؤول إلى معنى النصب فيها ، إذا كان لا تعد عيناك عنهم بمنزلة لا تنصرف عيناك عنهم ، ومعنى لا تنصرف عيناك عنهم لا تصرف عينيك عنهم ؛ فالفعل مسند إلى العينين وهو في الحقيقة موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كما قال تعالى :
(10/391)



{فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ} فأسند الإعجاب إلى الأموال ، والمعنى : لا تعجبك يا محمد أموالهم. ويزيدك وضوحا قول الزجاج : إن المعنى لا تصرف بصرك عنهم إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة.
قوله تعالى : {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} روى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى : {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} قال : نزلت في أمية بن خلف الجمحي ، وذلك أنه دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمر كرهه من تجرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة ؛ فأنزل الله تعالى : {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا} يعني من ختمنا على قلبه عن التوحيد. {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} يعني الشرك. {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} قيل هو من التفريط الذي هو التقصير وتقديم العجز بترك الإيمان. وقيل : من الإفراط ومجاوزة الحد ، وكان القوم قالوا : نحن أشراف مضر إن أسلمنا أسلم الناس ؛ وكان هذا من التكبر والإفراط ف في القول. وقيل : "فرطا" أي قدما في الشر ؛ من قولهم : فرط منه أمر أي سبق. وقيل : معنى {أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ} وجدناه غافلا ؛ كما تقول : لقيت فلانا فأحمدته ؛ أي وجدته محمودا. وقال عمرو بن معد يكرب لبني الحارث بن كعب : والله لقد سألناكم فما أبخلناكم ، وقاتلناكم فما أجبناكم ، وهاجيناكم فما أفحمناكم ؛ أي ما وجدناكم بخلاء ولا جبناء ولا مفحمين. وقيل : نزلت : {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} في عيينة بن حصن الفزاري ؛ ذكره عبدالرزاق ، وحكاه النحاس عن سفيان الثوري. والله اعلم.
الآية : 29 {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً}
قوله تعالى : {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} "الحق" رفع على خبر الابتداء المضمر ؛ أي قل هو الحق. وقيل : هو رفع على الابتداء ، وخبره في قوله :
(10/392)



{مِنْ رَبِّكُمْ} . ومعنى الآية : قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيها الناس من ربكم الحق فإليه التوفيق والخذلان ، وبيده الهدى والضلال ، يهدي من يشاء فيؤمن ، ويضل من يشاء فيكفر ؛ ليس إلي من ذلك شيء ، فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا ، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا ، ولست بطارد المؤمنين لهواكم ؛ فإن شئتم فآمنوا ، وإن شئتم فاكفروا. وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر ، وإنما هو وعيد وتهديد. أي إن كفرتم فقد أعد لكم النار ، وإن آمنتم فلكم الجنة.
قوله تعالى : {إِنَّا أَعْتَدْنَا} أي أعددنا. {لِلظَّالِمِينَ} أي للكافرين الجاحدين. {نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} قال الجوهري : السرادق واحد السرادقات التي تمد فوق صحن الدار. وكل بيت من كرسف فهو سرادق. قال رؤبة :
يا حكم بن المنذر بن الجارود ... سرادق المجد عليك ممدود
يقال : بيت مسردق. وقال سلامة بن جندل يذكر أبرويز وقتله النعمان بن المنذر تحت أرجل الفيلة :
هو المدخل النعمان بيتا سماؤه ... صدور الفيول بعد بيت مسردق
وقال ابن الأعرابي : "سرادقها" سورها. وعن ابن عباس : حائط من نار.الكلبي : عنق تخرج من النار فتحيط بالكفار كالحظيرة. القتبي : السرادق الحجرة التي تكون حول الفسطاط. وقال ابن عزيز. وقيل : هو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة ، وهو الذي ذكره الله تعالى في سورة "والمرسلات". حيث يقول : {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} [المرسلات : 30] وقوله : {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} [الواقعة : 43] قاله قتادة. وقيل : إنه البحر المحيط بالدنيا. وروي يعلي بن أمية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "البحر هو جهنم - ثم تلا –{نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} -
(10/393)



ثم قال - والله لا أدخلها أبدا ما دمت حيا ولا يصيبني منها قطرة" ذكره الماوردي. وخرج ابن المبارك من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لسرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة" . وخرجه أبو عيسى الترمذي ، وقال فيه : حديث حسن صحيح غريب.
قلت : وهذا يدل على أن السرادق ما يعلو الكفار من دخان أو نار ، وجدره ما وصف.
قوله تعالى : {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} قال ابن عباس : المهل ماء غليظ مثل دردي الزيت. مجاهد : القيح والدم. الضحاك : ماء أسود ، وإن جهنم لسوداء ، وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود. وقال أبو عبيدة : هو كل ما أذيب من جواهر الأرض من حديد ورصاص ونحاس وقصدير ، فتموج بالغليان ، فذلك المهل. ونحوه عن ابن مسعود قال سعيد بن جبير : هو الذي قد انتهى حره. وقال : المهل ضرب من القطران ؛ يقال : مهلت البعير فهو ممهول. وقيل : هو السم. والمعنى في هذه الأقوال متقارب. وفي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله "كالمهل" قال : "كعكر الزيت فإذا قربه إلى وجهه سقطت فروة وجهه" قال أبو عيسى : هذا حديث إنما نعرفه من حديث رشدين بن سعد ورشدين قد تكلم فيه من قبل حفظه. وخرج عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ} قال : "يقرب إلى فيه فكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه إذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره . يقول الله تعالى {وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد : 15] يقول {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} قال : حديث غريب.
قلت : وهذا يدل على صحة تلك الأقوال ، وأنها مرادة ، والله اعلم. وكذلك نص عليها أهل اللغة. في الصحاح "المهل" النحاس المذاب. ابن الأعرابي : المهل المذاب من
(10/394)



الرصاص. وقال أبو عمرو. المهل دردي الزيت. والمهل أيضا القيح والصديد. وفي حديث أبي بكر : ادفنوني في ثوبي هذين فإنهما للمهل والتراب. و {مُرْتَفَقاً} قال مجاهد : معناه مجتمعا ، كأنه ذهب إلى معنى المرافقة. ابن عباس : منزلا. عطاء : مقرا. وقيل مهادا. وقال القتبي : مجلسا ، والمعنى متقارب ؛ وأصله من المتكأ ، يقال منه : ارتفقت أي اتكأت على المرفق. قال الشاعر :
قالت له وارتفقت ألا فتى ... يسوق بالقوم غزالات الضحى
ويقال : ارتفق الرجل إذا نام على مرفقه لا يأتيه نوم. قال أبو ذؤيب الهذلي :
نام الخلي وبت الليل مرتفقا ... كأن عيني فيها الصاب مدبوح
الصاب : عصارة شجر مر.
الآية : 30 {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}
الآية : 31 {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً}
لما ذكر ما أعد للكافرين من الهوان ذكر أيضا ما للمؤمنين من الثواب. وفي الكلام إضمار ؛ أي لا نضيع أجر من أحسن منهم عملا ، فأما من أحسن عملا من غير المؤمنين فعمله محبط. و"عملا" نصب على التمييز ، وإن شئت بإيقاع "أحسن" عليه. وقيل :
(10/395)



{إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} كلام معترض ، والخبر قوله : {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} . و {جَنَّاتُ عَدْنٍ} سرة الجنة ، أي وسطها وسائر الجنات محدقة بها وذكرت بلفظ الجمع لسعتها ؛ لأن كل بقعة منها تصلح أن تكون جنة وقيل : العدن الإقامة ، يقال : عدن بالمكان إذا أقام به وعدنت البلد توطنته وعدنت الإبل بمكان كذا لزمته فلم تبرح منه ؛ ومنه "جنات عدن" أي جنات إقامة ومنه سمي المعدن "بكسر الدال" ؛ لأن الناس يقيمون فيه بالصيف والشتاء ومركز كل شيء معدنه والعادن : الناقة المقيمة في المرعى. وعدن بلد ؛ قاله الجوهري. "تجري من تحتهم الأنهار" تقدم. "يحلون فيها من أساور من ذهب" وهو جمع سوار. قال سعيد بن جبير : على كل واحد منهم ثلاثة أسورة : واحد من ذهب ، وواحد من ورق ، وواحد من لؤلؤ.
قلت : هذا منصوص في القرآن ، قال هنا "من ذهب" وقال في الحج وفاطر {مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً} [الحج : 23] وفي الإنسان {مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان : 21]. وقال أبو هريرة : سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول : "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" خرجه مسلم. وحكى الفراء : "يحلون" بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام خفيفة ؛ يقال : حليت المرأة تحلى فهي حالية إذا لبست الحلي. وحلي الشيء بعيني يحلى ؛ ذكره النحاس. والسوار سوار المرأة ، والجمع أسورة ، وجمع الجمع أساورة. وقرئ {فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} [الزخرف : 53] وقد يكون الجمع أساور. وقال الله تعالى {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} قاله الجوهري. وقال ابن عزيز : أساور جمع أسورة ، وأسورة جمع سوار وسوار ، وهو الذي يلبس في الذراع من ذهب ، فإن كان من فضة فهو قلب وجمعه قلبة ؛ فإن كان من قرن أو عاج فهي مسكة وجمعه مسك. قال النحاس : وحكى قطرب في واحد الأساور إسوار ، وقطرب صاحب شذوذ ، قد تركه يعقوب وغيره فلم يذكره.
(10/396)



قلت : قد جاء في الصحاح وقال أبو عمرو بن العلاء : وأحدها إسوار. وقال المفسرون : لما كانت الملوك تلبس في الدنيا الأساور. والتيجان جعل الله تعالى ذلك لأهل الجنة.
قوله تعالى : {وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 20 أكتوبر - 16:24

 


قلت : قد جاء في الصحاح وقال أبو عمرو بن العلاء : وأحدها إسوار. وقال المفسرون : لما كانت الملوك تلبس في الدنيا الأساور. والتيجان جعل الله تعالى ذلك لأهل الجنة.
قوله تعالى : {وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} السندس : الرفيق النحيف ، واحده سندسة ؛ قال الكسائي. والإستبرق : ما ثخن منه - عن عكرمة - وهو الحرير. قال الشاعر :
تراهن يلبسن المشاعر مرة ... وإستبرق الديباج طورا لباسها
فالإستبرق الديباج. ابن بحر : المنسوج بالذهب. القتبي : فارسي معرب. الجوهري : وتصغيره أبيرق. وقيل : هو استفعل من البريق. والصحيح أنه وفاق بين اللغتين ؛ إذ ليس في القرآن ما ليس من لغة العرب ، على ما تقدم ، والله اعلم." وخص الأخضر بالذكر لأنه الموافق للبصر ؛ لأن البياض يبدد النظر ويؤلم ، والسواد يذم ، والخضرة بين البياض والسواد ، وذلك يجمع الشعاع. والله اعلم. روى النسائي عن عبدالله بن عمرو بن العاص فال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله ، أخبرنا عن ثياب الجنة ، أخلق يخلق أم نسج ينسج ؟ فضحك بعض القوم. فقال لهم : "مم تضحكون من جاهل يسأل عالما" فجلس يسيرا أو قليلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أين السائل عن ثياب الجنة" ؟ فقال : ها هو ذا يا رسول الله ؛ قال "لا بل تشقق عنها ثمر الحنة" قالها ثلاثا. وقال أبو هريرة : دار المؤمن درة مجوفة في وسطها شجرة تنبت الحلل ويأخذ بأصبعه أو قال بأصبعيه سبعين حلة منظمة بالدر والمرجان. ذكره يحيى بن سلام في تفسيره وابن المبارك في رقائقه. وقد ذكرنا إسناده في كتاب التذكرة. وذكر في الحديث أنه يكون على كل واحد منهم الحلة لها وجهان لكل وجه لون ، يتكلمان به بصوت يستحسنه سامعه ، يقول أحد الوجهين للآخر : أنا أكرم على ولي الله منك ، أنا ألي جسده وأنت لا تلي. ويقول الآخر : أنا أكرم على ولي الله منك ، أنا أبصر وجهه وأنت لا تبصر.


(10/397)






قوله تعالى : {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ} "الأرائك" جمع أريكة ، وهي السرر في الحجال. وقيل الفرش في الحجال ؛ قاله الزجاج. ابن عباس : هي الأسرة من ذهب ، وهي مكللة بالدر والياقوت عليها الحجال ، الأريكة ما بين صنعاء إلى أيلة وما بين عدن إلى الجابية. وأصل متكئين موتكئين ، وكذلك اتكأ أصله أو تكأ ، وأصل التكأة وكأة ؛ ومنه التوكأ للتحامل على الشيء ، فقلبت الواو تاء وأدغمت. ورجل وكأة كثير الاتكاء. {نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} يعني الجنات ، عكس : {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} وقد تقدم. ولو كان "نعمت" لجاز لأنه اسم للجنة. وعلى هذا {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} . وروى البراء بن عازب أن أعرابيا قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال : إني رجل مسلم فأخبرني عن هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم" ذكره الماوردي ، وأسنده النحاس في كتاب معاني القرآن ، قال : حدثنا أبو عبدالله أحمد بن علي بن سهل قال حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال : قام أعرابي... ؛ فذكره. وأسنده السهيلي في كتاب الأعلام. وقد روينا جميع ذلك بالإجازة ، والحمد لله.


(10/398)


 

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سمية قطبى سالم محمد
دويمابي برتبة ملازم
دويمابي برتبة ملازم
سمية قطبى سالم محمد


عدد الرسائل : 262

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالجمعة 21 أكتوبر - 3:19

شكرا استاذ فوزى ............كان زوجى كثيرا مايقرا هذه السورة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالسبت 22 أكتوبر - 17:20



جزاك الله خيراً أختي الكريمة د. سمية....



سورة الكهف لها دور في تبصيرنا بفتن الدنيا.. والسبيل للنجاة منها.. ولها فضل عظيم في عصمتنا من المسيح الدجال... وقد وردت فيها أحاديث أحاديث عدة.. فعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال" . رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب فضل سورة الكهف رقم (809) 1/555 وأبو داوود في كتاب الملاحم باب خروج الدجال رقم 4/323 والترمذي في كتاب فضائل القرآن باب فضل سورة الكهف (2886) 5/149 بلفظ من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال ...

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور مابين الجمعتين" . رواه البيهقي في المسند الكبرى 3/249 وشعب الايمان رقم (3039) 3/112-113 وصححه الالباني في ارواء الغليد رقم (626) 3/93 وصحيح الترغيب رقم (738) 1/310 ومشكاة المصابيح رقم (2175) 1/669... وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الكهف كانت له نوراً يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ العشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ومن توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا اله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة" رواه الحاكم 1/564 وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي والطبراني في الأوسط رقم (1455) 2/123، وعبد الرزاق رقم ( 730 ) 1 / 186، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (3038) 3/112 والهيثمي في مجمع الزوائد 1/239 وج 7/53 ومجمع البحرين رقم (428) 1/344 وقال رجاله رجال الصحيح ... وعن أبي سعيد قال من قرأ سورة الكهف كما أنزلت ثم خرج الدجال لم يسلط عليه أو لم يكن له عليه سبيل رواه الحاكم 4/511 وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.


وعن أبي سعيد الخدري أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا من مقامه إلى مكة ومن قرأ بعشر آيات من آخرها فخرج الدجال لم يسلط عليه " أخرجه النسائي في السنن الكبرى رقم ( 10788 ) 6 / 236، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم ( 1473 ).



وعن أبي سعيد الخدري قال من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق " أخرجه الدارمي رقم ( 3407 ) 2 / 54 وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (6471).



أدعو الله الكريم أن يجعلها لزوجك في قبره نوراً إلى يوم الدين...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: