منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 6 أكتوبر - 17:24


تفسير سورة الإسراء

الإسراء : ) 1 ( سبحان الذي أسرى . . . . .) الاسراء 1 (
فيه ثمان مسائل : الأولى قوله تعالى : ) سبحان ( سبحان اسم موضوع موضع المصدر وهو غير متمكن لأنه لا يجري بوجوه الإعراب ولا تدخل عليه الألف واللام ولم يجر منه فعل ولم ينصرف لأن في آخره زائدتين تقول : سبحت تسبيحا وسبحانا مثل كفرت اليمين تكفيرا وكفرانا ومعناه التنزيه والبراءة لله عز وجل من كل نقص فهو ذكر عظيم لله تعالى لا يصلح لغيره فأما قول الشاعر : أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر فإنما ذكره على طريق النادر وقد روى طلحة بن عبيد الله الفياض أحد العشرة أنه قال للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ما معنى سبحان الله فقال : ) تنزيه الله من كل سوء ) والعامل فيه على مذهب سيبويه الفعل الذي من معناه لا من لفظه إذ لم يجر من لفظه فعل وذلك مثل قعد القرفصاء واشتمل الصماء فالتقدير عنده : انزه الله تنزيها فوقع سبحان الله مكان قولك تنزيها
(10/204)



" صفحة رقم 205 "
الثانية قوله تعالى : ) أسرى بعبده ( أسرى فيه لغتان : سرى وأسرى كسقى وأسقى كما تقدم قال : أسرت عليه من الجوزاء سارية تزجي الشمال عليه جامد البرد وقال آخر : حي النضيرة ربة الخدر أسرت إلي ولم تكن تسري فجمع بين اللغتين في البيتين والإسراء : سير الليل يقال : سريت مسرى وسرى وأسريت إسراء قال الشاعر : وليلة ذات ندى سريت ولم يلتني من سراها ليت وقيل : أسرى سار من أول الليل وسرى سار من آخره والأول أعرف الثالثة قوله تعالى : ) بعبده ( قال العلماء : لو كان للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) اسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة العلية وفي معناه أنشدوا : يا قوم قلبي عند زهراء يعرفه السامع والرائي لا تدعني إلا بيا عبدها فإنه أشرف أسمائي وقد تقدم قال القشيري : لما رفعه الله تعالى إلى حضرته السنية وأرقاه فوق الكواكب العلوية ألزمه اسم العبودية تواضعا للأمة الرابعة ثبت الإسراء في جميع مصنفات الحديث وروي عن الصحابة في كل أقطار الإسلام فهو من المتواتر بهذا الوجه وذكر النقاش : ممن رواه عشرين صحابيا روى الصحيح عن أنس بن مالك أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ) أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه قال فركبته حتى أتيت بيت المقدس قال فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء قال ثم دخلت المسجد
(10/205)



" صفحة رقم 206 "
فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل اخترت الفطرة قال ثم عرج بنا إلى السماء ) وذكر الحديث ومما ليس في الصحيحين ما خرجه الآجري والسمرقندي قال الآجري عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله قال أبو سعيد : حدثنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن ليلة أسري به قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ) أتيت بدابة هي أشبه الدواب بالبغل له أذنان يضطربان وهو البراق الذي كانت الأنبياء تركبه قبل فركبته فانطلق تقع يداه عند منتهى بصره فسمعت نداء عن يميني يا محمد على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج عليه ثم سمعت نداء عن يساري يا محمد على رسلك فمضيت ولم أعرج عليه ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة الدنيا رافعة يديها تقول على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج ثم أتيت بيت المقدس الأقصى فنزلت عن الدابة فأوثقته في الحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها ثم دخلت المسجد وصليت فيه فقال لي جبريل عليه السلام ما سمعت يا محمد فقلت سمعت نداء عن يميني يا محمد على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج فقال ذلك داعي اليهود ولو وقفت لتهودت أمتك قال ثم سمعت نداء عن يساري على رسلك حتى أسألك فمضيت ولم أعرج عليه فقال ذلك داعي النصارى أما إنك لو وقفت لتنصرت أمتك قال ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة الدنيا رافعة يديها تقول على رسلك فمضيت ولم أعرج عليها فقال تلك الدنيا لو وقفت لاخترت الدنيا على الآخرة قال ثم أتيت بإناءين أحدهما فيه لبن والآخر فيه خمر فقيل لي خذ فاشرب أيهما شئت فأخذت اللبن فشربته فقال لي جبريل أصبت الفطرة ولو أنك أخذت الخمر غوت أمتك ثم جاء بالمعراج الذي تعرج فيه أرواح بني آدم فإذا هو أحسن ما رأيت أولم تروا إلى الميت كيف يحد بصره إليه فعرج بنا حتى اتينا باب السماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل من هذا قال جبريل قالوا ومن معك قال محمد قالوا وقد أرسل إليه
(10/206)



" صفحة رقم 207 "
قال نعم ففتحوا لي وسلموا علي وإذا ملك يحرس السماء يقال له إسماعيل معه سبعون ألف ملك مع كل ملك مائة ألف قال وما يعلم جنود ربك إلا هو ) وذكر الحديث إلى أن قال : ) ثم مضينا إلى السماء الخامسة وإذا أنا بهارون بن عمران المحب في قومه وحوله تبع كثير من أمته فوصفه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقال طويل اللحية تكاد لحيته تضرب في سرته ثم مضينا إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى فسلم علي ورحب بي فوصفه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال رجل كثير الشعر ولو كان عليه قميصان خرج شعره منهما ) الحديث وروى البزار أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أتي بفرس فحمل عليه كل خطوة منه أقصى بصره وذكر الحديث وقد جاء في صفة البراق من حديث بن عباس قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) بينا أنا نائم في الحجر إذ أتاني آت فحركني برجله فاتبعت الشخص فإذا هو جبريل عليه السلام قائم على باب المسجد معه دابة دون البغل وفوق الحمار وجهها وجه إنسان وخفها خف حافر وذنبها ذنب ثور وعرفها عرف الفرس فلما أدناها مني جبريل عليه السلام نفرت ونفشت عرفها فمسحها جبريل عليه السلام وقال يا برقة لا تنفري من محمد فوالله ما ركبك ملك مقرب ولا نبي مرسل أفضل من محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ولا أكرم على الله منه قالت قد علمت أنه كذلك وأنه صاحب الشفاعة وإني أحب أن أكون في شفاعته فقلت أنت في شفاعتي إن شاء الله تعالى ) الحديث وذكر أبو سعيد عبد الملك بن محمد النيسابوري عن أبي سعيد الخدري قال : لما مر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بإدريس عليه السلام في السماء الرابعة قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح الذي وعدنا أن نراه فلم نره إلا الليلة قال فإذا فيها مريم بنت عمران لها سبعون قصرا من لؤلؤ ولأم موسى بن عمران سبعون قصرا من مرجانة حمراء مكللة باللؤلؤ أبوابها وأسرتها من عرق واحد فلما عرج المعراج إلى السماء الخامسة وتسبيح أهلها سبحان من جمع بين الثلج والنار من قالها مرة واحدة كان له مثل ثوابهم استفتح الباب جبريل عليه السلام ففتح له فإذا هو بكهل لم ير قط كهل أجمل منه عظيم العينين تضرب لحيته
(10/207)



" صفحة رقم 208 "
قريبا من سرته قد كاد أن تكون شمطة وحوله قوم جلوس يقص عليهم فقلت يا جبريل من هذا قال هارون المحب في قومه ) وذكر الحديث فهذه نبذة مختصرة من أحاديث الإسراء خارجة عن الصحيحين ذكرها أبو الربيع سليمان بن سبع بكمالها في كتاب [ شفاء الصدور ] له ولا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أن الصلاة إنما فرضت على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة في حين الإسراء حين عرج به إلى السماء واختلفوا في تاريخ الإسراء وهيئة الصلاة وهل كان إسراء بروحه أو جسده فهذه ثلاث مسائل تتعلق بالآية وهي مما ينبغي الوقوف عليها والبحث عنها وهي أهم من سرد تلك الأحاديث وأنا أذكر ما وقفت عليه فيها من أقاويل العلماء واختلاف الفقهاء بعون الله تعالى فأما المسألة الأولى وهي هل كان إسراء بروحه أو جسده اختلف في ذلك السلف والخلف فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح ولم يفارق شخصه مضجعه وأنها كانت رؤيا رأى فيها الحقائق ورؤيا الأنبياء حق ذهب إلى هذا معاوية وعائشة وحكي عن الحسن وبن إسحاق وقالت طائفة : كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس وإلى السماء بالروح واحتجوا بقوله تعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء قالوا : ولو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى لذكره فإنه كان يكون أبلغ في المدح وذهب معظم السلف والمسلمين إلى أنه كان إسراء بالجسد وفي اليقظة وأنه ركب البراق بمكة ووصل إلى بيت المقدس وصلى فيه ثم أسري بجسده وعلى هذا تدل الأخبار التي أشرنا إليها والآية وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إلا عند الاستحالة ولو كان مناما لقال بروح عبده ولم يقل بعبده وقوله ما زاغ البصر وما طغى النجم يدل على ذلك ولو كان مناما لما كانت فيه آية ولا معجزة ولما قالت له أم هانئ : لا تحدث الناس
(10/208)



" صفحة رقم 209 "
فيكذبوك ولا فضل أبو بكر بالتصديق ولما أمكن قريشا التشنيع والتكذيب وقد كذبه قريش فيما أخبر به حتى ارتد أقوام كانوا آمنوا فلو كان بالرؤيا لم يستنكر وقد قال له المشركون : إن كنت صادقا فخبرنا عن عيرنا أين لقيتها قال : ) بمكان كذا وكذا مررت عليها ففزع فلان فقيل له : ما رأيت يا فلان قال : ما رأيت شيئا غير أن الإبل قد نفرت ) قالوا : فأخبرنا متى تأتنا العير قال : ) تأتيكم يوم كذا وكذا ) قالوا : أية ساعة قال : ) ما أدري طلوع الشمس من ها هنا أسرع أم طلوع العير من ها هنا ) فقال رجل : ذلك اليوم هذه الشمس قد طلعت وقال رجل : هذه عيركم قد طلعت واستخبروا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن صفة بيت المقدس فوصفه لهم ولم يكن رآه قبل ذلك روى الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربا ما كربت مثله قط قال فرفعه الله لي أنظر إليه فما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم به ) الحديث وقد اعترض قول عائشة ومعاوية : إنما أسري بنفس رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأنها كانت صغيرة لم تشاهد ولا حدثت عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأما معاوية فكان كافرا في ذلك الوقت غير مشاهد للحال ولم يحدث عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ومن أراد الزيادة على ما ذكرنا فليقف على كتاب [ الشفاء ] للقاضي عياض يجد من ذلك الشفاء وقد احتج لعائشة بقوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس فسماها رؤيا وهذا يرده قوله تعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ولا يقال في النوم أسري وأيضا فقد يقال لرؤية العين : رؤيا على ما يأتي بيانه في هذه السورة وفي نصوص الأخبار الثابتة دلالة واضحة على أن الإسراء كان بالبدن وإذا ورد الخبر بشيء هو مجوز في العقل في قدرة الله تعالى فلا طريق إلى الإنكار لا سيما في زمن خرق العوائد وقد كان للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) معارج فلا يبعد أن يكون البعض بالرؤيا وعليه يحمل قوله عليه السلام في الصحيح : ) بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان ) الحديث ويحتمل أن يرد من الإسراء إلى نوم والله أعلم
(10/209)



" صفحة رقم 210 "
المسألة الثانية في تاريخ الإسراء وقد اختلف العلماء في ذلك أيضا واختلف في ذلك علي بن شهاب فروى عنه موسى بن عقبة أنه أسري به إلى بيت المقدس قبل خروجه إلى المدينة بسنة وروي عنه يونس عن عروة عن عائشة قالت : توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة قال بن شهاب : وذلك بعد مبعث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بسبعة أعوام وروى عنه الوقاصي قال : أسري به بعد مبعثه بخمس سنين قال بن شهاب : وفرض الصيام بالمدينة قبل بدر وفرضت الزكاة والحج بالمدينة وحرمت الخمر بعد أحد وقال بن إسحاق : أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهو بيت المقدس وقد فشا الإسلام بمكة في القبائل وروى عنه يونس بن بكير قال : صلت خديجة مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وسيأتي قال أبو عمر : وهذا يدلك على أن الإسراء كان قبل الهجرة بأعوام لأن خديجة قد توفيت قبل الهجرة بخمس سنين وقيل بثلاث وقيل بأربع وقول بن إسحاق مخالف لقول بن شهاب على أن بن شهاب قد اختلف عنه كما تقدم وقال الحربي : أسري به ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة وقال أبو بكر محمد بن علي بن القاسم الذهبي في تاريخه : أسري به من مكة إلى بيت المقدس وعرج به إلى السماء بعد مبعثه بثمانية عشر شهرا قال أبو عمر : لا أعلم أحدا من أهل السير قال ما حكاه الذهبي ولم يسند قوله إلى أحد ممن يضاف إليه هذا العلم منهم ولا رفعه إلى من يحتج به عليهم المسألة الثالثة وأما فرض الصلاة وهيئتها حين فرضت فلا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أن الصلاة إنما فرضت بمكة ليلة الإسراء حين عرج به إلى السماء وذلك منصوص في الصحيح وغيره وإنما اختلفوا في هيئتها حين فرضت فروي عن عائشة رضي الله عنها أنها فرضت ركعتين ركعتين ثم زيد في صلاة الحضر فأكملت أربعا وأقرت صلاة السفر على ركعتين وبذلك قال الشعبي وميمون بن مهران ومحمد بن إسحاق قال الشعبي : إلا المغرب قال يونس بن بكير : وقال بن إسحاق ثم إن جبريل عليه السلام أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حين فرضت عليه الصلاة يعني في الإسراء فهمز له بعقبه في ناحية
(10/210)



" صفحة رقم 211 "
الوادي فانفجرت عين ماء فتوضأ جبريل ومحمد ينظر عليهما السلام فوضأ وجهه واستنشق وتمضمض ومسح برأسه وأذنيه ورجليه إلى الكعبين ونضح فرجه ثم قام يصلي ركعتين بأربع سجدات فرجع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقد أقر الله عينه وطابت نفسه وجاءه ما يحب من أمر الله تعالى فأخذ بيد خديجة ثم أتى بها العين فتوضأ كما توضأ جبريل ثم ركع ركعتين وأربع سجدات هو وخديجة ثم كان هو وخديجة يصليان سواء وروي عن بن عباس أنها فرضت في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وكذلك قال نافع بن جبير والحسن بن أبي الحسن البصري وهو قول بن جريج وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ما يوافق ذلك ولم يختلفوا في أن جبريل عليه السلام هبط صبيحة ليلة الإسراء عند الزوال فعلم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الصلاة ومواقيتها وروى يونس بن بكير عن سالم مولى أبي المهاجر قال سمعت ميمون بن مهران يقول : كان أول الصلاة مثنى ثم صلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أربعا فصارت سنة وأقرت الصلاة للمسافر وهي تمام قال أبو عمر : وهذا إسناد لا يحتج بمثله وقوله فصارت سنة قول منكر وكذلك استثناء الشعبي المغرب وحدها ولم يذكر الصبح قول لا معنى له وقد أجمع المسلمون أن فرض الصلاة في الحضر أربع إلا المغرب والصبح ولا يعرفون غير ذلك عملا ونقلا مستفيضا ولا يضرهم الاختلاف فيما كان أصل فرضها الخامسة قد مضى الكلام في الأذان في المائدة والحمد لله ومضى في آل عمران أن أول مسجد وضع في الأرض المسجد الحرام ثم المسجد الأقصى وأن بينهما أربعين عاما من حديث أبي ذر وبناء سليمان عليه السلام المسجد الأقصى ودعاؤه له من حديث عبد الله بن عمرو ووجه الجمع في ذلك فتأمله هناك فلا معنى للإعادة ونذكر هنا قوله ( صلى الله عليه وسلم ) : ) لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي هذا وإلى مسجد إيلياء أو بيت المقدس ) خرجه مالك من حديث أبي هريرة وفيه ما يدل على فضل هذه المساجد الثلاثة على سائر المساجد لهذا قال العلماء : من نذر صلاة في مسجد
(10/211)



" صفحة رقم 212 "
لا يصل إليه إلا برحلة وراحلة فلا يفعل ويصلي في مسجده إلا في الثلاثة المساجد المذكورة فإنه من نذر صلاة فيها خرج إليها وقد قال مالك وجماعة من أهل العلم فيمن نذر رباطا في ثغر يسده : فإنه يلزمه الوفاء حيث كان الرباط لأنه طاعة لله عز وجل وقد زاد أبو البختري في هذا الحديث مسجد الجند ولا يصح وهو موضوع وقد تقدم في مقدمة الكتاب السادسة قوله تعالى : ) إلى المسجد الأقصى ( سمي القصى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظم بالزيارة ثم قال : ) الذي باركنا حوله ( قيل : بالثمار وبمجاري الأنهار وقيل : بمن دفن حوله من الأنبياء والصالحين وبهذا جعله مقدسا وروي معاذ بن جبل عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ) يقول الله تعالى يا شام أنت صفوتي من بلادي وأنا سائق إليك صفوتي من عبادي ) لنريه من آياتنا ( هذا من باب تلوين الخطاب والآيات التي أراه الله من العجائب التي أخبر بها الناس وإسراؤه من مكة إلى المسجد الأقصى في ليلة وهو مسيرة شهر وعروجه إلى السماء ووصفه الأنبياء واحدا واحدا حسبما ثبت في صحيح مسلم وغيره ) إنه هو السميع البصير ( تقدم
الإسراء : ) 2 ( وآتينا موسى الكتاب . . . . .) الاسراء 2 (
أي كرمنا محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) بالمعراج وأكرمنا موسى بالكتاب وهو التوراة ) وجعلناه ( أي ذلك الكتاب وقيل موسى وقيل معنى الكلام : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا وآتى موسى الكتاب فخرج من الغيبة إلى الإخبار عن نفسه جل وعز وقيل : إن معنى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا معناه أسرينا يدل عليه ما بعده من قوله : لنريه من آياتنا فحمل وآتينا موسى الكتاب على المعنى ) ألا تتخذوا ( قرأ أبو عمرو يتخذوا
(10/212)



" صفحة رقم 213 "
بالياء الباقون بالتاء فيكون من باب تلوين الخطاب ) وكيلا ( أي شريكا عن مجاهد وقيل : كفيلا بأمورهم حكاه الفراء وقيل : ربا يتوكلون عليه في أمورهم قاله الكلبي وقال الفراء : كافيا والتقدير : عهدنا إليه في الكتاب ألا تتخذوا من دوني وكيلا وقيل : التقدير لئلا تتخذوا والوكيل : من يوكل إليه الأمر
الإسراء : ) 3 ( ذرية من حملنا . . . . .
) الاسراء 3 (
أي يا ذرية من حملنا على النداء قاله مجاهد ورواه عنه بن أبي نجيح والمراد بالذرية كل من احتج عليه بالقرآن وهم جميع من على الأرض ذكره المهدوي وقال الماوردي : يعني موسى وقومه من بني إسرائيل والمعنى يا ذرية من حملنا مع نوح لا تشركوا وذكر نوحا ليذكرهم نعمة الإنجاء من الغرق على آبائهم وروى سفيان عن حميد عن مجاهد أنه قرأ ذرية بفتح الذال وتشديد الراء والياء وروى هذه القراءة عامر بن الواجد عن زيد بن ثابت وروي عن زيد بن ثابت أيضا ذرية بكسر الذال وشد الراء ثم بين أن نوحا كان عبدا شكورا يشكر الله على نعمه ولا يرى الخير إلا من عنده قال قتادة : كان إذا لبس ثوبا قال : بسم الله فإذا نزعه قال : الحمد لله كذا روى عنه معمر وروى معمر عن منصور عن إبراهيم قال : شكره إذا أكل قال : بسم الله فإذا فرغ من الأكل قال : الحمد لله قال سلمان الفارسي : لأنه كان يحمد الله على طعامه وقال عمران بن سليم : إنما سمى نوحا عبدا شكورا لأنه كان إذا أكل قال : الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء لأجاعني وإذا شرب قال : الحمد لله الذي سقاني ولو شاء لأظمأني وإذا اكتسى قال : الحمد لله الذي كساني ولو شاء لأعراني وإذا احتذى قال : الحمد لله الذي حذاني ولو شاء لأحفاني وإذا قضى حاجته قال : الحمد لله الذي أخرج عني الأذى ولو شاء لحبسه في ومقصود الآية : إنكم من ذرية نوح وقد كان عبدا شكورا فأنتم أحق بالاقتداء به دون آبائكم الجهال وقيل : المعنى أن موسى كان عبدا شكورا إذ جعله الله من ذرية نوح وقيل : يجوز أن يكون
(10/213)



" صفحة رقم 214 "
ذرية مفعولا ثانيا ل تتخذوا ويكون قوله : وكيلا يراد به الجمع فيسوغ ذلك في القراءتين جميعا أعني الياء والتاء في تتخذوا ويجوز أيضا في القراءتين جميعا أن يكون ذرية بدلا من قوله وكيلا لأنه بمعنى الجمع فكأنه قال لا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح ويجوز نصبها بإضمار أعني وأمدح والعرب تنصب على المدح والذم ويجوز رفعها على البدل من المضمر في تتخذوا في قراءة من قرأ بالياء ولا يحسن ذلك لمن قرأ بالتاء لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب ويجوز جرها على البدل من بني إسرائيل في الوجهين فأما أن من قوله ألا تتخذوا فهي على قراءة من قرأ بالياء في موضع نصب بحذف الجار التقدير : هديناهم لئلا يتخذوا ويصلح على قراءة التاء أن تكون زائدة والقول مضمر كما تقدم ويصلح أن تكون مفسرة بمعنى أي لا موضع لها من الإعراب وتكون لا للنهي فيكون خروجا من الخبر إلى النهي
الإسراء : ) 4 ( وقضينا إلى بني . . . . .
) الاسراء 4 (
قوله تعالى : ) وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ( وقرأ سعيد بن جبير وأبو العالية في الكتب على لفظ الجمع وقد يرد لفظ الواحد ويكون معناه الجمع فتكون القراءتان بمعنى واحد ومعنى قضينا أعلمنا وأخبرنا قاله بن عباس : وقال قتادة : حكمنا وأصل القضاء الإحكام للشيء والفراغ منه وقيل : قضينا أوحينا ولذلك قال : إلى بني إسرائيل وعلى قول قتادة يكون إلى بمعنى على أي قضينا عليهم وحكمنا وقاله بن عباس أيضا والمعنى بالكتاب اللوح المحفوظ ) لتفسدن ( وقرأ بن عباس لتفسدن عيسى الثقفي لتفسدن والمعنى في القراءتين قريب لأنهم إذا أفسدوا فسدوا والمراد بالفساد مخالفة أحكام التوراة ) في الأرض ( يريد أرض الشام وبيت المقدس وما والاها ) مرتين ولتعلن ( اللام في لتفسدن ولتعلن لام قسم مضمر كما تقدم ) علوا كبيرا ( أراد التكبر والبغي والطغيان والاستطالة والغلبة والعدوان
(10/214)



" صفحة رقم 215 "
الإسراء : ) 5 ( فإذا جاء وعد . . . . .) الاسراء 5 (
قوله تعالى : ) فإذا جاء وعد أولاهما ( أي أولى المرتين من فسادهم ) بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ( هم أهل بابل وكان عليهم بختنصر في المرة الأولى حين كذبوا إرمياء وجرحوه وحبسوه قاله بن عباس وغيره وقال قتادة : أرسل عليهم جالوت فقتلهم فهو وقومه أولوا بأس شديد وقال مجاهد : جاءهم جند من فارس يتجسسون أخبارهم ومعهم بختنصر فوعى حديثهم من بين أصحابه ثم رجعوا إلى فارس ولم يكن قتال وهذا في المرة الأولى فكان منهم جوس خلال الديار لا قتل ذكره القشيري أبو نصر وذكر المهدوي عن مجاهد أنه جاءهم بختنصر فهزمه بنو إسرائيل ثم جاءهم ثانية فقتلهم ودمرهم تدميرا ورواه بن أبي نجيح عن مجاهد ذكره النحاس وقال محمد بن إسحاق في خبر فيه طول : إن المهزوم سنحاريب ملك بابل جاء ومعه ستمائة ألف راية تحت كل راية مائة ألف فارس فنزل حول بيت المقدس فهزمه الله تعالى وأمات جميعهم إلا سنحاريب وخمسة نفر من كتابه وبعث ملك بني إسرائيل واسمه صديقة في طلب سنحاريب فأخذ مع الخمسة احدهم بختنصر فطرح في رقابهم الجوامع وطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس وإيلياء ويرزقهم كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل منهم ثم أطلقهم فرجعوا إلى بابل ثم مات سنحاريب بعد سبع سنين واستخلف بختنصر وعظمت الأحداث في بني إسرائيل واستحلوا المحارم وقتلوا نبيهم شعيا فجاءهم بختنصر ودخل هو وجنوده بيت المقدس وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم وقال بن عباس وبن مسعود : أول الفساد قتل زكريا وقال بن إسحاق : فسادهم في المرة الأولى قتل شعيا نبي الله في الشجرة وذلك أنه لما مات صديقة ملكهم مرج أمرهم
(10/215)



" صفحة رقم 216 "
وتنافسوا على الملك وقتل بعضهم بعضا وهم لا يسمعون من نبيهم فقال الله تعالى له قم في قومك أوح على لسانك فلما فرغ مما أوحي الله إليه عدوا عليه ليقتلوه فهرب فانفلقت له شجرة فدخل فيها وأدركه الشيطان فأخذ هدبة من ثوبه فأراهم إياها فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه في وسطها وذكر بن إسحاق أن بعض العلماء أخبره أن زكريا مات موتا ولم يقتل وإنما المقتول شعيا وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى : ثم بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار هو سنحاريب من أهل نينوى بالموصل ملك بابل وهذا خلاف ما قال بن إسحاق فالله أعلم وقيل : إنهم العمالقة وكانوا كفارا قاله الحسن ومعنى جاسوا : عاثوا وقتلوا وكذلك جاسوا وهاسوا وداسوا قاله بن عزيز وهو قول القتبي وقرأ بن عباس : حاسوا بالحاء المهملة قال أبو زيد : الحوس والجوس والعوس والهوس : الطواف بالليل وقال الجوهري : الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار أي تخللوها فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها وكذلك الاجتياس والجوسان [ بالتحريك ] الطوفان بالليل وهو قول أبي عبيدة وقال الطبري : طافوا بين الديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين وجائين فجمع بين قول أهل اللغة قال بن عباس : مشوا وترددوا بين الدور والمساكن وقال الفراء : قتلوكم بين بيوتكم وأنشد لحسان : ومنا الذي لاقى بسيف محمد فجاس به الأعداء عرض العساكر وقال قطرب : نزلوا قال : فجسنا ديارهم عنوة وأبنا بسادتهم موثقينا ) وكان وعدا مفعولا ( أي قضاء كائنا لا خلف فيه
الإسراء : ) 6 ( ثم رددنا لكم . . . . .
) الاسراء 6 (
(10/216)



" صفحة رقم 217 "
قوله تعالى : ) ثم رددنا لكم الكرة عليهم ( أي الدولة والرجعة وذلك لما تبتم وأطعتم ثم قيل : ذلك بقتل داود جالوت أو بقتل غيره على الخلاف في من قتلهم ) وأمددناكم بأموال وبنين ( حتى عاد أمركم كما كان ) وجعلناكم أكثر نفيرا ( أي أكثر عددا ورجالا من عدوكم والنفير من نفر مع الرجل من عشيرته يقال : نفير ونافر مثل قدير وقادر ويجوز أن يكون النفير جمع نفر كالكليب والمعيز والعبيد قال الشاعر : فأكرم بقحطان من والد وحمير أكرم بقوم نفيرا والمعنى : أنهم صاروا بعد هذه الوقعة الأولى أكثر انضماما وأصلح أحوالا جزاء من الله تعالى لهم على عودهم إلى الطاعة
الإسراء : ) 7 ( إن أحسنتم أحسنتم . . . . .
) الاسراء 7 (
قوله تعالى : ) إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ( أينفع إحسانكم عائد عليكم ) وإن أسأتم فلها ( أي فعليها نحو سلام لك أي سلام عليك قال : فخر صريعا لليدين وللفم أي على اليدين وعلى الفم وقال الطبري : اللام بمعنى إلى يعني وإن أسأتم فإليها أي فإليها ترجع الإساءة لقوله تعالى : بأن ربك أوحى لها الزلزلة أي إليها وقيل : فلها الجزاء والعقاب وقال الحسين بن الفضل : فلها رب يغفر الإساءة ثم يحتمل أن يكون هذا
(10/217)



" صفحة رقم 218 "
خطابا لبني إسرائيل في أول الأمر أي أسأتم فحل بكم القتل والسبي والتخريب ثم أحسنتم فعاد إليكم الملك والعلو وانتظام الحال ويحتمل أنه خوطب بهذا بنو إسرائيل في زمن محمد ( صلى الله عليه وسلم ) أي عرفتم استحقاق أسلافكم للعقوبة على العصيان فارتقبوا مثله أو يكون خطابا لمشركي قريش على هذا الوجه ) فإذا جاء وعد الآخرة ( من إفسادكم وذلك أنهم قتلوا في المرة الثانية يحيى بن زكريا عليهما السلام قتله ملك من بني إسرائيل يقال له لاخت قاله القتبي وقال الطبري : اسمه هردوس ذكره في التاريخ حمله على قتله امرأة اسمها أزبيل وقال السدي : كان ملك بني إسرائيل يكرم يحيى بن زكريا ويستشيره في الأمر فاستشاره الملك أن يتزوج بنت امرأة له فنهاه عنها وقال : إنها لا تحل لك فحقدت أمها على يحيى عليه السلام ثم ألبست ابنتها ثيابا حمرا رقاقا وطيبتها وأرسلتها إلى الملك وهو على شرابه وأمرتها أن تتعرض له وإن أرادها أبت حتى يعطيها ما تسأله فإذا أجاب سألت أن يؤتى برأس يحيى بن زكريا في طست من ذهب ففعلت ذلك حتى أتي براس يحيى بن زكريا والرأس تتكلم حتى وضع بين يديه وهو يقول : لا تحل لك لا تحل لك فلما أصبح إذا دمه يغلي فألقى عليه التراب فغلى فوقه فلم يزل يلقى عليه التراب حتى بلغ سور المدينة وهو في ذلك يغلي ذكره الثعلبي وغيره وذكر بن عساكر الحافظ في تاريخه عن الحسين بن علي قال : كان ملك من هذه الملوك مات وترك امرأته وابنته فورث ملكه أخوه فأراد أن يتزوج امرأة أخيه فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك وكانت الملوك في ذلك الزمان يعملون بأمر الأنبياء فقال له : لا تتزوجها فإنها بغي فعرفت ذلك المرأة أنه قد ذكرها وصرفه عنها فقالت : من أين هذا حتى بلغها أنه من قبل يحيى فقالت : ليقتلن يحيى أو ليخرجن من ملكه فعمدت إلى ابنتها وصنعتها ثم قالت : اذهبي إلى عمك عند الملأ فإنه إذا رآك سيدعوك ويجلسك في حجره ويقول سليني ما شئت فإنك لن تسأليني شيئا إلا أعطيتك فإذا قال لك ذلك فقولي : لا أسأل إلا رأس يحيى قال : وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رؤوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه ففعلت ذلك قال : فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى
(10/218)



" صفحة رقم 219 "
وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه فاختار ملكه فقتله قال : فساخت بأمها الأرض قال بن جدعان : فحدثت بهذا الحديث بن المسيب فقال أفما أخبرك كيف كان قتل زكريا قلت لا قال : إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق فدعته إليها فانطوت عليه وبقيت من ثوبه هدبة تكفتها الرياح فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره بعدها ونظروا بتلك الهدبة فدعوا بالمنشار فقطعوا الشجرة فقطعوه معها قلت : وقع في التاريخ الكبير للطبري فحدثني أبو السائب قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال : بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس قال : كان فيما نهوهم عنه نكاح ابنة الأخ قال : وكان لملكهم ابنة أخ تعجبه وذكر الخبر بمعناه وعن بن عباس قال : بعث يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس وكان فيما يعلمونهم ينهونهم عن نكاح بنت الأخت وكان لملكهم بنت أخت تعجبه وكان يريد أن يتزوجها وكان لها كل يوم حاجة يقضيها فلما بلغ ذلك أمها أنهم نهوا عن نكاح بنت الأخت قالت لها : إذا دخلت على الملك فقال ألك حاجة فقولي : حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا فقال : سليني سوى هذا قالت : ما أسألك إلا هذا فلما أبت عليه دعا بطست ودعا به فذبحه فندرت قطرة من دمه على وجه الأرض فلم تزل تغلي حتى بعث الله عليهم بختنصر فألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن ذلك الدم فقتل عليه منهم سبعين ألفا في رواية خمسة وسبعين ألفا قال سعيد بن المسيب : هي دية كل نبي وعن بن عباس قال : أوحى الله إلى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا وعن سمير بن عطية قال : قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبيا منهم يحيى بن زكريا وعن زيد بن واقد قال : رأيت رأس يحيى عليه السلام حيث أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبة التي تلي المحراب
(10/219)



" صفحة رقم 220 "
مما يلي الشرق فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير وعن قرة بن خالد قال : ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي وحمرتها بكاؤها وعن سفيان بن عيينة قال : أوحش ما يكون بن آدم في ثلاثة مواطن : يوم ولد فيخرج إلى دارهم وليلة يبيت مع الموتى فيجاور جيرانا لم ير مثلهم ويوم يبعث فيشهد مشهدا لم ير مثله قال الله تعالى ليحيى في هذه الثلاثة مواطن : وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا كله من التاريخ المذكور واختلف فيمن كان المبعوث عليهم في المرة الآخرة فقيل : بختنصر وقاله القشيري أبو نصر لم يذكر غيره قال السهيلي : وهذا لا يصح لأن قتل يحيى كان بعد رفع عيسى وبختنصر كان قبل عيسى بن مريم عليهما السلام بزمان طويل وقبل الإسكندر وبين الإسكندر وعيسى نحو من ثلاثمائة سنة ولكنه أريد بالمرة الأخرى حين قتلوا شعيا فقد كان بختنصر إذ ذاك حيا فهو الذي قتلهم وخرب بيت المقدس وأتبعهم إلى مصر وأخرجهم منها وقال الثعلبي : ومن روى أن بختنصر هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا فغلط عند أهل السير والأخبار لأنهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا بني إسرائيل عند قتلهم شعيا وفي عهد إرمياء قالوا : ومن عهد إرمياء وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا عليهما السلام أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة وذلك أنهم يعدون من عهد تخريب بيت المقدس إلى عمارته في عهد كوسك سبعين سنة ثم من بعد عمارته إلى ظهور الإسكندر على بيت المقدس ثمانية وثمانين سنة ثم من بعد مملكة الإسكندر إلى مولد يحيى ثلاثمائة وثلاثا وستين سنة قلت : ذكر جميعه الطبري في التاريخ رحمه الله قال الثعلبي : والصحيح من ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق قال : لما رفع الله عيسى من بين أظهرهم وقتلوا يحيى وبعض
(10/220)



" صفحة رقم 221 "
الناس يقول : لما قتلوا زكريا بعث الله إليهم ملكا من ملوك بابل يقال له خردوس فسار إليهم بأهل بابل وظهر عليهم بالشام ثم قال لرئيس جنوده : كنت حلفت بإلهي لئن أظهرني الله على بيت المقدس لأقتلنهم حتى تسيل دماؤهم في وسط عسكري وأمر أن يقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم فدخل الرئيس بيت المقدس فوجد فيها دماء تغلي فسألهم فقالوا : دم قربان قربناه فلم يتقبل منا منذ ثمانين سنة قال ما صدقتموني فذبح على ذلك الدم سبعمائة وسبعين رجلا من رؤسائهم فلم يهدأ فأتي بسبعمائة غلام من غلمانهم فذبحوا على الدم فلم يهدأ فأمر بسبعة آلاف من سبيهم وأزواجهم فذبحهم على الدم فلم يبرد فقال : يا بني إسرائيل أصدقوني قبل ألا أترك منكم نافخ نار من أنثى ولا من ذكر إلا قتلته فلما رأوا الجهد قالوا : أن هذا دم نبي منا كان ينهانا عن أمور كثيرة من سخط الله فقتلناه فهذا دمه كان اسمه يحيى بن زكريا ما عصى الله قط طرفة عين ولا هم بمعصية فقال : الآن صدقتموني وخر ساجدا ثم قال : لمثل هذا ينتقم منكم وأمر بغلق الأبواب وقال : أخرجوا من كان ها هنا من جيش خردوس وخلا في بني إسرائيل وقال : يا نبي الله يا يحيى بن زكريا قد علم ربي وربك ما قد أصاب قومك من أجلك فاهدأ بإذن الله قبل ألا أبقي منهم أحدا فهدأ دم يحيى بن زكريا بإذن الله عز وجل ورفع عنهم القتل وقال : رب إني آمنت بما آمن به بنو إسرائيل وصدقت به فأوحى الله تعالى إلى رأس من رؤوس الأنبياء : إن هذا الرئيس مؤمن صدوق ثم قال : إن عدو الله خردوس أمرني أن أقتل منكم حتى تسيل دماؤكم وسط عسكره وإني لا أعصيه فأمرهم فحفروا خندقا وأمر بأموالهم من الإبل والخيل والبغال والحمير والبقر والغنم فذبحوها حتى سال الدم إلى العسكر وأمر بالقتلى الذين كانوا قتلوا قبل ذلك فطرحوا على ما قتل من مواشيهم ثم انصرف عنهم إلى بابل وقد كاد أن يفني بني إسرائيل
(10/221)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: