منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 28 سبتمبر - 0:11




سورة النحل



الآية : 52 {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ}
قوله تعالى : {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً} الدين : الطاعة والإخلاص. و"واصبا" معناه دائما ؛ قال الفراء ، حكاه الجوهري. وصب الشيء يصب وصوبا ، أي دام. ووصب الرجل على الأمر إذا واظب عليه. والمعنى : طاعة الله واجبة أبدا. وممن قال واصبا دائما : الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك. ومنه قوله تعالى : {ولهم عذاب واصب} [الصافات : 9] أي دائم. وقال الدولي :
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه ... بدم يكون الدهر أجمع واصبا
أنشد الغزنوي والثعلبي وغيرهما :
ما أبتغي الحمد القليل بقاؤه ... يوما بذم الدهر أجمع واصبا
وقيل : الوصب التعب والإعياء ؛ أي تجب طاعة الله وإن تعب العبد فيها. ومنه قول الشاعر :
لا يمسك الساق من أين ولا وصب ... ولا يعض على شرسوفه الصفر
وقال ابن عباس : "واصبا" واجبا. الفراء والكلبي : خالصا. {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ} أي لا ينبغي أن تتقوا غير الله. "فغير" نصب بـ "تتقون".
الآية : 53 {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}
الآية : 54 {ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}
الآية : 55 {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}
قوله تعالى : { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} قال الفراء. "ما" بمعنى الجزاء. والباء في "بكم" متعلقة بفعل مضمر ، تقديره : وما يكن بكم. {مِنْ نِعْمَةٍ} أي صحة جسم وسعة رزق وولد {فَمِنَ اللَّهِ} . وقيل : المعنى وما بكم من نعمة فمن الله هي. {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ}
(10/114)





أي السقم والبلاء والقحط. {فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} أي تضجون بالدعاء. يقال : جأر يجار جؤارا. والجؤار مثل الخوار ؛ يقال : جأر الثور يجأر ، أي صاح. وقرأ بعضهم "عجلا جسدا له جؤار" ؛ حكاه الأخفش. وجأر الرجل إلى الله ، أي تضرع بالدعاء. وقال الأعشى يصف بقرة :
فطافت ثلاثا بين يوم وليلة ... وكان النكير أن تضيف وتجأرا
{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ} أي البلاء والسقم. {إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} بعد إزالة البلاء وبعد الجؤار. فمعنى الكلام التعجيب من الإشراك بعد النجاة من الهلاك ، وهذا المعنى مكرر في القرآن ، وقال الزجاج : هذا خاص بمن كفر. {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} أي ليجحدوا نعمة الله التي أنعم بها عليهم من كشف الضر والبلاء. أي أشركوا ليجحدوا ، فاللام لام كي. وقيل لام العاقبة. وقيل : {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ} أي ليجعلوا النعمة سببا للكفر ، وكل هذا فعل خبيث ؛ كما قال :
والكفر مخبثة لنفس المنعم
{فَتَمَتَّعُوا} أمر تهديد. وقرأ عبدالله "قل تمتعوا". {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} أي عاقبة أمركم.
الآية : 56 {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ}
قوله تعالى : {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} ذكر نوعا آخر من جهالتهم ، وأنهم يجعلون لما لا يعلمون أنه يضر وينفع - وهي الأصنام - شيئا من أموالهم يتقربون به إليه ؛ قال مجاهد وقتادة وغيرهما. فـ "يعلمون" على هذا للمشركين. وقيل هي
(10/115)





للأوثان ، وجرى بالواو والنون مجرى من يعقل ، فهو رد على "ما" ومفعول يعلم محذوف ، والتقدير : ويجعل هؤلاء الكفار للأصنام التي لا تعلم شيئا نصيبا. وقد مضى في "الأنعام : 136" تفسير هذا المعنى ، {فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} ثم رجع من الخبر إلى الخطاب فقال : {تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ} وهذا سؤال توبيخ. {عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} أي تختلقونه من الكذب على الله أنه أمركم بهذا.
الآية : 57 {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}
قوله تعالى : {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ} نزلت في خزاعة وكنانة ؛ فإنهم زعموا أن الملائكة بنات الله ، فكانوا يقولون الحقوا البنات بالبنات. {سُبْحَانَهُ} نزه نفسه وعظمها عما نسبوه إليه من اتخاذ الأولاد. {وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} أي يجعلون لأنفسهم البنين ويأنفون من البنات. وموضع "ما" رفع بالابتداء ، والخبر "لهم" وتم الكلام عند قوله : {سُبْحَانَهُ} وأجاز الفراء كونها نصبا ، على تقدير : ويجعلون لهم ما يشتهون. وأنكره الزجاج وقال : العرب تستعمل في مثل هذا ويجعلون لأنفسهم.
الآية : 58 {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ}
قوله تعالى : {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى} أي أخبر أحدهم بولادة بنت. {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً}
أي متغيرا ، وليس يريد السواد الذي هو ضد البياض ، وإنما هو كناية عن غمه بالبنت. والعرب تقول لكل من لقي مكروها : قد اسود وجهه غما وحزنا ؛ قال الزجاج. وحكى الماوردي أن المراد سواد اللون قال : وهو قول الجمهور. {وَهُوَ كَظِيمٌ} أي ممتلئ من الغم. وقال ابن عباس : حزين. وقال الأخفش : هو الذي يكظم غيظه فلا يظهره. وقيل : إنه المغموم الذي يطبق فاه فلا يتكلم من الغم ؛ مأخوذ من الكظامة وهو شد فم القربة ؛ قاله علي بن عيسى. وقد تقدم.هذا المعنى في سورة "يوسف"
(10/116)





الآية : 59 {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}
قوله تعالى : {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ} أي يختفي ويتغيب. {مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} أي من سوء الحزن والعار والحياء الذي يلحقه بسبب البنت. {أَيُمْسِكُه} ذكر الكناية لأنه مردود على "ما". {عَلَى هُونٍ} أي هوان. وكذا قرأ عيسى الثقفي "على هوان" والهون الهوان بلغة قريش ؛ قاله اليزيدي وحكاه أبو عبيد عن الكسائي. وقال الفراء : هو القليل بلغة تميم. وقال الكسائي : هو البلاء والمشقة. وقالت الخنساء :
نهين النفوس وهون النفو ... س يوم الكريهة أبقى لها
وقرأ الأعمش "أيمسكه على سوء" ذكره النحاس ، قال : وقرأ الجحدري "أم يدسها في التراب" يرده على قوله : "بالأنثى" ويلزمه أن يقرأ "أيمسكها". وقيل : يرجع الهوان إلى البنت ؛ أي أيمسكها وهي مهانة عنده. وقيل : يرجع إلى المولود له ؛ أيمسكه على رغم أنفه أم يدسه في التراب ، وهو ما كانوا يفعلونه من دفن البنت حية. قال قتادة : كان مضر وخزاعة يدفنون البنات أحياء ؛ وأشدهم في هذا تميم. زعموا خوف القهر عليهم وطمع غير الأكفاء فيهن. وكان صعصعة ابن ناجية عم الفرزدق إذا أحس بشيء من ذلك وجه إلى والد البنت إبلا يستحييها بذلك. فقال الفرزدق يفتخر :
وعمي الذي منع الوائدات ... وأحيا الوئيد فلم يوأد
وقيل : دسها إخفاؤها عن الناس حتى لا تعرف ، كالمدسوس في التراب لإخفائه عن الأبصار ؛ وهذا محتمل.
مسألة : ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها ، فسألتني فلم تجد عندي غير تمرة واحدة ، فأعطيتها إياها فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا ، ثم قامت فخرجت وابنتاها ، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته
(10/117)





حديثها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار" . ففي هذا الحديث ما يدل على أن البنات بلية ، ثم أخبر أن في الصبر عليهن والإحسان إليهن ما يقي من النار. وعن عائشة رضى الله عنها أنها قالت : جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها ، فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما ؛ فأعجبني شأنها ، فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "إن الله عز وجل قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار" . وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو" وضم أصابعه ، خرجهما أيضا مسلم رحمه الله وخرج أبو نعيم الحافظ من حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من كانت له بنت فأدبها فأحسن أدبها وعلمها فأحسن تعليمها وأسبغ عليها من نعم الله التي أسبغ عليه كانت له سترا أو حجابا من النار" . وخطب إلى عقيل بن علفة ابنته الجرباء فقال :
إني وإن سيق إلي المهر ... ألف وعبدان وخور عشر
أحب أصهاري إلي القبر
وقال عبدالله بن طاهر :
لكل أبي بنت يراعي شؤونها ... ثلاثة أصهار إذا حمد الصهر
فبعل يراعيها وخدر يكنها ... وقبر يواريها وخيرهم القبر
{أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أي في إضافة البنات إلى خالقهم وإضافة البنين إليهم. نظيره {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى. تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم : 21] أي جائرة ، وسيأتي.
(10/118)





الآية : 60 {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
قوله تعالى : {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} أي لهؤلاء الواصفين لله البنات {مَثَلُ السَّوْءِ} أي صفة السوء من الجهل والكفر. وقيل : هو وصفهم الله تعالى بالصاحبة والولد. وقيل : أي العذاب والنار. {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} أي الوصف الأعلى من الإخلاص والتوحيد ؛ قاله قتادة. وقيل : أي الصفة العليا بأنه خالق رازق قادر ومجاز. وقال ابن عباس : {مَثَلُ السَّوْءِ} النار ، و {الْمَثَلُ الْأَعْلَى} شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل : ليس كمثله شيء. وقيل : {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} كقوله : {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} [النور : 35]. فإن قيل : كيف أضاف المثل هنا إلى نفسه وقد قال : {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ} [النحل : 74] فالجواب أن قوله : {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} أي الأمثال التي توجب الأشباه والنقائص ؛ أي لا تضربوا لله مثلا يقتضي نقصا وتشبيها بالخلق. والمثل الأعلى وصفه بما لا شبيه له ولا نظير ، جل وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا. {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} تقدم.
الآية : 61 {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}
قوله تعالى : {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ} أي بكفرهم وافترائهم ، وعاجلهم. {مَا تَرَكَ عَلَيْهَا} أي على الأرض ، فهو كناية عن غير مذكور ، لكن دل عليه قوله : {مِنْ دَابَّةٍ} فإن الدابة لا تدب إلا على الأرض. والمعنى المراد من دابة كافرة ، فهو خاص. وقيل : المعنى أنه لو أهلك الآباء بكفرهم لم تكن الأبناء. وقيل : المراد بالآية العموم ؛ أي لو أخذ الله الخلق بما كسبوا ما ترك على
(10/119)





ظهر هذه الأرض من دابة من نبي ولا غيره ؛ وهذا قول الحسن. وقال ابن مسعود وقرأ هذه الآية : لو أخذ الله الخلائق بذنوب المذنبين لأصاب العذاب جميع الخلق حتى الجعلان في حجرها ، ولأمسك الأمطار من السماء والنبات من الأرض فمات الدواب ، ولكن الله يأخذ بالعفو والفضل ؛ كما قال : {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى : 30]. {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} أي أجل موتهم ومنتهى أعمارهم. أو الوقت المعلوم عند الله عز وجل. وقرأ ابن سيرين {جَاءَ أَجَلُهُمْ} بالجمع وقيل : {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} أي فإذا جاء يوم القيامة. والله أعلم. {لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} وقد تقدم. فإن قيل : فكيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمنا ليس بظالم ؟ قيل : يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاء ، وهلاك المؤمن معوضا بثواب الآخرة. وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على نياتهم" . وعن أم سلمة وسئلت عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير ، فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يعوذ بالبيت عائذ فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم" فقلت : يا رسول الله ، فكيف بمن كان كارها ؟ قال : "يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته" . وقد أتينا على هذا المعنى مجودا في "كتاب التذكرة" وتقدم في "المائدة" وآخر "الأنعام" ما فيه كفاية ، والحمد لله. وقيل "فإذا جاء أجلهم" أي فإذا جاء يوم القيامة. والله أعلم.
الآية : 62 {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ}
قوله تعالى : {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} أي من البنات. {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ} أي وتقول ألسنتهم الكذب. {أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} قال مجاهد : هو قولهم أن لهم البنين ولله البنات "الكذب" مفعول "تصف" و"أن" في محل نصب بدل من الكذب ؛ لأنه
(10/120)





بيان له. وقيل : "الحسنى" الجزاء الحسن ؛ قال الزجاج. وقرأ ابن عباس وأبو العالية ومجاهد وابن محيصن "الكذب" برفع الكاف والذال والباء نعتا للألسنة ؛ وكذا {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} [النحل : 116]. والكذب جمع كذوب ؛ مثل رسول ورسل وصبور وصبر وشكور وشكر. {لا} رد لقولهم ، وتم الكلام ، أي ليس كما تزعمون {جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} أي حقا أن لهم النار.وقد تقدم مستوفي {وأنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} متركون منسيون في النار ؛ قاله ابن الأعرابي وأبو عبيدة والكسائي والفراء ، وهو قول سعيد بن جبير ومجاهد. وقال ابن عباس وسعيد بن جبير أيضا : مبعدون. قتادة والحسن : معجلون إلى النار مقدمون إليها. والفارط : الذي يتقدم إلى الماء ؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أنا فرطكم على الحوض" أي متقدمكم. وقال القطامي :
فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا ... كما تعجل فراط لوراد
والفراط : المتقدمون في طلب الماء. والوراد : المتأخرون. وقرأ نافع في رواية ورش "مفرطون" بكسر الراء وتخفيفها ، وهي قراءة عبدالله بن مسعود وابن عباس ، ومعناه مسرفون في الذنوب والمعصية ، أي أفرطوا فيها. يقال : أفرط فلان على فلان إذا أربى عليه ، وقال له أكثر مما قال من الشر. وقرأ أبو جعفر القارئ "مفرطون" بكسر الراء وتشديدها ، أي مضيعون أمر الله ؛ فهو من التفريط في الواجب.
الآية : 63 {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
قوله تعالى : {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} أي أعمالهم الخبيثة. هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بأن من تقدمه من الأنبياء قد كفر بهم قومهم. {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ} أي ناصرهم في الدنيا على زعمهم. {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
(10/121)





في الآخرة. وقيل : {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ} أي قرينهم في النار. {الْيَوْمَ} يعني يوم القيامة ، وأطلق عليه اسم اليوم لشهرته. وقيل يقال لهم يوم القيامة : هذا وليكلم فاستنصروا به لينجيكم من العذاب ، على جهة التوبيخ لهم
الآية : 64 {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
قوله تعالى : {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} أي القرآن {إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} من الدين والأحكام فتقوم الحجة عليهم ببيانك. وعطفك "هدى ورحمة" على موضع قوله : "لتبين" لأن محله نصب. ومجاز الكلام : وما أنزلنا عليك الكتاب إلا تبيانا للناس. {وَهُدىً} أي رشدا {وَرَحْمَةً} ورحمة للمؤمنين.
الآية : 65 {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}
قوله تعالى : {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ} أي السحاب. {مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} عاد الكلام إلى تعداد النعم وبيان كمال القدرة. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً} أي دلالة على البعث على وحدانيته ؛ إذ علموا أن معبودهم لا يستطيع شيئا ، فتكون هذه الدلالة. {لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} عن الله تعالى بالقلوب لا بالآذان ؛ {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج : 46].
الآية : 66 {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ}
(10/122)





فيه عشر مسائل : -
الاولى : قوله تعالى : {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} قد تقدم القول في الأنعام ، وهي هنا الأصناف الأربعة : الإبل والبقر والضأن والمعز. {لَعِبْرَةً} أي دلالة على قدرة الله ووحدانيته وعظمته. والعبرة أصلها تمثيل الشيء بالشيء لتعرف حقيقته من طريق المشاكلة ، ومنه {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر : 2]. وقال أبو بكر الوراق : العبرة في الأنعام تسخيرها لأربابها وطاعتها لهم ، وتمردك على ربك وخلافك له في كل شيء. ومن أعظم العبر بريء يحمل مذنبا.
الثانية : - قوله تعالى : {نُسْقِيكُمْ} قراءة أهل المدينة وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر بفتح النون من سقى يسقي. وقرأ الباقون وحفص عن عاصم بضم النون من أسقى يسقي ، وهي قراءة الكوفيين وأهل مكة. قيل : هما لغتان. وقال لبيد :
سقى قومي بني مجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال
وقيل : يقال لما كان من يدك إلى فيه سقيته ، فإذا جعلت له شرابا أو عرضته لأن يشرب بفيه أو يزرعه قلت أسقيته ؛ قال ابن عزيز ، وقد تقدم. وقرأت فرقة "تسقيكم" بالتاء ، وهي ضعيفة ، يعني الأنعام. وقرئ بالياء ، أي يسقيكم الله عز وجل. والقراء على القراءتين المتقدمتين ؛ ففتح النون لغة قريش وضمها لغة حمير.
الثالثة : -قوله تعالى : {مِمَّا فِي بُطُونِهِ} اختلف الناس في الضمير من قوله : {مِمَّا فِي بُطُونِهِ} على ماذا يعود. فقيل : هو عائد إلى ما قبله وهو جمع المؤنث. قال سيبويه : العرب تخبر عن الأنعام بخبر الواحد. قال ابن العربي : وما أراه عول عليه إلا من هذه الآية ، وهذا لا يشبه منصبه ولا يليق بإدراكه. وقيل : لما كان لفظ الجمع وهو اسم الجنس يذكر ويؤنث فيقال : هو الأنعام وهي الأنعام ، جاز عود الضمير بالتذكير ؛
(10/123)





وقال الزجاج ، وقال الكسائي : معناه مما في بطون ما ذكرناه ، فهو عائد على المذكور ؛ وقد قال الله تعالى : {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [عبس : 11 - 12] وقال الشاعر :
مثل الفراخ نتفت حواصله
ومثله كثير. وقال الكسائي : "مما في بطونه" أي مما في بطون بعضه ؛ إذ الذكور لا ألبان لها ، وهو الذي عول عليه أبو عبيدة. وقال الفراء : الأنعام والنعم واحد ، والنعم يذكر ، ولهذا تقول العرب : هذا نعم وارد ، فرجع الضمير إلى لفظ النعم الذي هو بمعنى الأنعام. قال ابن العربي : إنما رجع التذكير إلى معنى الجمع ، والتأنيث إلى معنى الجماعة ، فذكره هنا باعتبار لفظ الجمع ، وأنثه في سورة المؤمنين باعتبار لفظ الجماعة فقال : {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون : 21] وبهذا التأويل ينتظم المعنى انتظاما حسنا. والتأنيث باعتبار لفظ الجماعة والتذكير باعتبار لفظ الجمع أكثر من رمل يبرين وتيهاء فلسطين.
الرابعة : - استنبط بعض العلماء الجلة وهو القاضي إسماعيل من عود هذا الضمير ، أن لبن الفحل يفيد التحريم ، وقال : إنما جيء به مذكرا لأنه راجع إلى ذكر النعم ؛ لأن اللبن للذكر محسوب ، ولذلك قضى النبي صلى الله عليه وسلم بأن لبن الفحل يحرم حين أنكرته عائشة في حديث أفلح أخي أبي القعيس "فللمرأة السقي وللرجل اللقاح" فجرى الاشتراك فيه بينهما. وقد مضى.القول في تحريم لبن الفحل في النساء والحمد لله
الخامسة : -قوله تعالى : {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً} نبه سبحانه على عظيم قدرته بخروج اللبن خالصا بين الفرث والدم. والفرث : الزبل الذي ينزل إلى الكرش ، فإذا خرج لم يسم فرثا. يقال : أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها. والمعنى : أن الطعام يكون فيه ما في الكرش ويكون منه الدم ، ثم يخلص اللبن من الدم ؛ فأعلم الله سبحانه أن هذا اللبن يخرج من بين ذلك وبين الدم في العروق. وقال ابن عباس : إن الدابة تأكل العلف
(10/124)





فإذا استقر في كرشها طبخته فكان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما ، والكبد مسلط على هذه الأصناف فتقسم الدم وتميزه وتجريه في العروق ، وتجري اللبن في الضرع ويبقى الفرث كما هو في الكرش ؛ {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر : 5]. {خَالِصاً} يريد من حمرة الدم وقذارة الفرث وقد جمعهما وعاء واحد. وقال ابن بحر : خالصا بياضه. قال النابغة :
بخالصة الأردان خضر المناكب
أي بيض الأكمام. وهذه قدرة لا تنبغي إلا للقائم على كل شيء بالمصلحة.
السادسة : -قال النقاش : في هذا دليل على أن المني ليس بنجس. وقاله أيضا غيره واحتج بأن قال : كما يخرج اللبن من بين الفرث والدم سائغا خالصا كذلك يجوز أن يخرج المني على مخرج البول طاهرا. قال ابن العربي : إن هذا لجهل عظيم وأخذ شنيع. اللبن جاء الخبر عنه مجيء النعمة والمنة الصادرة عن القدرة ليكون عبرة ، فاقتضى ذلك كله وصف الخلوص واللذة ؛ وليس المني من هذه الحالة حتى يكون ملحقا به أو مقيسا عليه.
قلت : قد يعارض هذا بأن يقال : وأي منة أعظم وأرفع من خروج المني الذي يكون عنه الإنسان المكرم ؛ وقد قال تعالى : {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق : 7] ، وقال : {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل : 72] وهذا غاية في الامتنان. فإن قيل : إنه يتنجس بخروجه في مجرى البول ، قلنا : هو ما أردناه ، فالنجاسة عارضة وأصله طاهر ؛ وقد قيل : إن مخرجه غير مخرج البول وخاصة المرأة ؛ فإن مدخل الذكر منها ومخرج الولد غير مخرج البول على ما قال العلماء. فإن قيل : أصله دم فهو نجس ، قلنا ينتقض بالمسك ، فإن أصله دم وهو طاهر. وممن قال بطهارته الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وغيرهم ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابسا بظفري. قال الشافعي : فإن لم يفرك فلا بأس به. وكان سعد
(10/125)





بن أبي وقاص يفرك المني من ثوبه. وقال ابن عباس : هو كالنخامة أمطه عنك بإذخرة وامسحه بخرقة. فإن قيل : فقد ثبت عن عائشة أنها قالت : كنت أغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه. قلنا : يحتمل أن تكون غسلته استقذارا كالأشياء التي تزال من الثوب كالنجاسة ، ويكون هذا جمعا بين الأحاديث. والله أعلم. وقال مالك وأصحابه والأوزاعي : هو نجس. قال مالك : غسل الاحتلام من الثوب أمر واجب مجتمع عليه عندنا ، وهو قول الكوفيين. ويروى عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وجابر بن سمرة أنهم غسلوه من ثيابهم. واختلف فيه عن ابن عمر وعائشة. وعلى هذين القولين في نجاسة المني وطهارته التابعون.
السابعة : - في هذه الآية دليل على جواز الانتفاع بالألبان من الشرب وغيره ، فأما لبن الميتة فلا يجوز الانتفاع به ؛ لأنه مانع طاهر حصل في وعاء نجس ، وذلك أن ضرع الميتة نجس واللبن طاهر فإذا حلب صار مأخوذا من وعاء نجس. فأما لبن المرأة الميتة فاختلف أصحابنا فيه ، فمن قال : إن الإنسان طاهر حيا وميتا فهو طاهر. ومن قال : ينجس بالموت فهو نجس. وعلى القولين جميعا تثبت الحرمة ؛ لأن الصبي قد يغتذي به كما يغتذي من الحية ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم" . ولم يخص.
الثامنة : - قوله تعالى : {سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} أي لذيذا هينا لا يغص به من شربه. يقال : ساغ الشراب يسوغ سوغا أي سهل مدخله في الحلق ، وأساغه شاربه ، وسغته أنا أسيغه وأسوغه ، يتعدى ، والأجود أسغته إساغة. يقال : أسغ لي غصتي أي أمهلني ولا تعجلني ؛ وقال تعالى : {يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم : 17]. والسواغ - بكسر السين - ما أسغت به غصتك. يقال : الماء سواغ الغصص ؛ ومنه قول الكميت :
فكانت سواغا أن جئزت بغصة
وروي : أن اللبن لم يَشرَق به أحد قط ، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(10/126)





التاسعة : - في هذه الآية دليل على استعمال الحلاوة والأطعمة اللذيذة وتناولها ، ولا يقال : إن ذلك يناقض الزهد أو يباعده ، لكن إذا كان من وجهه ومن غير سرف ولا إكثار. وفي الصحيح عن أنس قال : لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدحي هذا الشراب كله : العسل والنبيذ واللبن والماء. وقد كره القراء أكل الفالوذج واللبن من الطعام ، وأباحه عامة العلماء. وروي عن الحسن أنه كان على مائدة ومعه مالك بن دينار ، فأتى بفالوذج فامتنع عن أكله ، فقال له الحسن : كل فإن عليك في الماء البارد أكثر من هذا.
العاشرة : - روى أبو داود وغيره عن ابن عباس قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن فشرب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أكل أحدكم طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه. وإذا سقي لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزي عن الطعام والشراب إلا اللبن" . قال علماؤنا : فكيف لا يكون ذلك وهو أول ما يغتذي به الإنسان وتنمي به الجثث والأبدان ، فهو قوت خلي عن المفاسد به قوام الأجسام ، وقد جعله الله تعالى علامة لجبريل على هداية هذه الأمة التي هي خير الأمم أمة ؛ فقال في الصحيح : "فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال لي جبريل اخترت الفطرة أما إنك لو اخترت الخمر غوت أمتك". ثم إن في الدعاء بالزيادة منه علامة الخصب وظهور الخيرات والبركات ؛ فهو مبارك كله.



(10/127)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سمية قطبى سالم محمد
دويمابي برتبة ملازم
دويمابي برتبة ملازم
سمية قطبى سالم محمد


عدد الرسائل : 262

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 28 سبتمبر - 2:19

سبحان الله عما يصفون.................. شكرا استاذ فوزى على الشرح.....................
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 28 سبتمبر - 15:05


جزاك الله خيراً أختي الكريمة د. سمية.. وأدعو الله تعالى أن ينفعنا بما في القرآن الكريم من الآيات والذكر الحكيم ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: