شكرا استاذ فوزى لك التحية والتوفيق
تأثير التغذية على الجينات هو أحد العلوم التي انطلقت عن مشروع الجينوم البشري الذي تم إطلاق النسخة الأولية منه عام 2000 برعاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون والذي وصف المشروع بأنه “أعظم خريطة توصل إليها العقل البشري”.
ويمكن أن نعرف علم تأثير التغذية على الجينات بأنه: دراسة تفاعل الأغذية المختلفة مع جينات محددة مما يزيد احتمالية وقوع الأمراض المزمنة كـ السمنة وأمراض القلب, كما قد يتسبب في وقوع بعض أنواع السرطان. وعلى الرغم من أن الهدف الرئيسي لهذا النوع من الدراسات هو فهم طريقة استجابة جينات الجسم للغذاء المستهلك إلا أنه يوفر لنا ما هو أكثر من ذلك فهو يعطينا تصور أكبر عن تأثير الغذاء السلبي والإيجابي على أجهزتنا الحيوية قبل وقوع المرض.
فنحن نعرف أن معظم الأمراض تنشأ عن أربعة اختلالات: التأكسد, عمليات الأيض, التهاب, أو الضغوط النفسية. فعلم تأثير التغذية على الجينات يسعى لفهم تأثير الأغذية على الإختلالات الثلاثة الأولى كما يوضح إلى أي مدى يكون تأثير الغذاء على صحة الفرد يعتمد على التركيبة الجينية.
تكمن أهمية معرفة هذا التأثير في الأمراض المزمنة لأنها لا تكون بسبب طفرة جينية واحدة بل نتيجة تفاعلات معقدة بين عدة جينات, وهذا يجعل من دراسة العلاقة بين التغذية والجينات أكثر تعقيداً ويُصعب التنبؤ بنتائجها فضلاً على أنها تحتاج إلى درجة عالية من التحكم بنوع الجينات والعوامل البيئية المحيطة.
وتكون الدراسة عادةً نتيجة مجهود جماعي بين مجموعة كبيرة من العلماء من مجالات مختلفة كعلماء التغذية والأحياء والرياضيات وكيمياء الغذاء بالإضافة للأخصائيين الاجتماعيين. وظهرت مؤخراً عدة دراسات أثبتت أن العناصر الغذائية تغير التعبير الجيني من خلال تنظيم الجين وتحويل الإشارات وصنع البروتين ووظائفه. ومنذ انطلاق المراكز العلمية في البحث عن تأثير التغذية على الجينات انتشر في الوقت نفسه المنتجات التجارية التي تسوق لمنتجاتها تحت هذا الشعار. المشكلة في هذه المنتجات بالنسبة للعلماء والمستهلكين على حد سواء أن فائدتها لا تظهر بشكل متساوي عند جميع الأشخاص. وفتح علم تأثير التغذية على الجينات نافذة من التوصيات الشخصية التي تقلل من تأثير العوامل المرضية المرتبطة بالغذاء. إلا أن “التغذية الشخصية” أو النظام الغذائي المبني على جينات كل شخص على حدة ما زالت في المهد لكن من المتوقع أن تلعب الجينات دور حيوي في حياتنا اليومية وتحديد ما يجب أن يأكله الشخص وما لا يجب. وتواجه بحوث تأثير التغذية على الجينات عدد من التحديات تتلخص في تحديد الجينات التي تسبب أو تكون عامل مسبب للأمراض المزمنة وتحديد العناصر الغذائية التي تؤثر بشكل مباشر على نشاط هذه الجينات مع مراعاة العوامل البيئية المحيطة
المصدر الجزيرة الوثائقية