عمد الأطباء في جامعة رستول الى فحص 500عظمة من هياكل بشرية تراكمت منذ احد عشر قرنا. واتضح من متوسط أطوالها ان قامة البشر ارتفعت على مر الاجيال بالتوازي مع التقدم الحاصل في متوسط الأعمار.. وارتفاع القامة هذا يأتي في المقام الأول كنتيجة طبيعية لتحسن نوعية الغذاء والرعاية الصحية وبالتالي ارتفاع متوسط الحياة خلال القرون الماضية !!
... وعلى الفور ذكرني هذا التقرير بمعلومة سابقة تشير الى وجود علاقة شبه مؤكدة بين الصحة وطول العمر من جهة ، وبين طول عظمة الفخذ وسلامتها من جهة أخرى.. وهذه العلاقة تبدو بدورها منطقية ومتوقعة حيث يشير طول عظمة الفخذ (التي تعد أضخم عظمة في جسم الانسان) الى طول القامة.. وطول القامة يعني في الغالب صحة أفضل ومناعة أكبر وتغذية متكاملة.. فالقامة الطويلة كثيرا ما تأتي كمظهر طبيعي للتغذية الجيدة والمورثات السليمة وعدم الاصابة بأمراض خطيرة في الصغر. وفي معظم الدول ثبت وجود علاقة بين طول القامة والتمتع بصحة افضل والعيش لعمر أطول.. كما اتضح من فحص رفات الموتى ان العظام القصيرة (وبالذات عظمة الفخذ) تشير غالبا الى الوفاة في سن مبكرة..
ولعل جميعكم لاحظ ان أطفال الأغنياء أكثر صحة وطولا من أطفال الفقراء وان قامة الأطفال في الدول المتقدمة تتجاوز أطوال "الرجال" في الدول النامية. وكان تقرير "التنمية في العالم" الصادر عن البنك الدولي (عام 1998) قد أشار إلى الارتباط الوثيق بين الطول ومتوسط العمر في دول العالم واستشهد بالأمريكان ( الذين وصلوا لأطوالهم الحالية في منتصف القرن الثامن عشر ) وكيف ترافق لديهم ارتفاع القامة مع ارتفاع متوسط العمر بشكل لم يصل إليه سكان أوروبا إلا في بداية القرن العشرين !!
وأذكر أنني قرأت - قبل سنوات - مقالا عن هاجس التمعن في أصابع الأطفال من حولي.. والأمر ليس له علاقة بقراءة الكف أو الطالع بل بنتيجة غريبة توصل
اليها الاطباء في جامعة ليفربول (عام 2003) حيث اكتشفوا وجود علاقة حقيقية بين طول السبابة والبنصر - من جهة - والإصابة بالجلطة وأمراض القلب من جهة اخرى. وهذه العلاقة توصل اليها الاطباء بعد دراسة عشرات الرجال ممن اصيبوا بنوبات قلبية خطيرة في اعمار سنية مختلفة.. فالحالة الطبيعية والمفترضة هو ان يكون البنصر(ثاني اصبع من اليسار) اطول من السبابة بنسبة 10بالمائة. والاطفال الذين يولدون بهذه النسبة لا يتعرضون غالبا لأمراض القلب او تتأخر اصابتهم لسن متقدمة. أما ان كان البنصر (أقصر) ولا يرتفع عن السبابة إلا بنسبة 7 % بالمائة فان احتمال الاصابة يعظم بعد سن الخامسة والخمسين.. أما اذا انخفض اكثر من ذلك (لدرجة التساوي مع السبابة) فيبدأ خطر الاصابة بالقلب في سن الثلاثين او الاربعين.. ويكمن السر هنا في وجود علاقة بين اطراف الانسان ونسبة الهرمون الجنسي في الجسم.. فكلما زاد طولالبنصر زادت نسبة الهرمون وبالتالي قلت الاصابة بامراض القلب.. ومن خلال هذه العلاقة الغريبة استنتج الدكتور جون ماتنج العلاقة بين طول البنصر والعمر المتوقع للإصابة بالقلب (علما ان النسبة بين طول السبابة والبنصر تتشكل اثناء الحمل وتظل ثابتة طوال العمر
منفول