منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالثلاثاء 23 أغسطس - 18:04




سورة يوسف



قلت : وهذا كان سبب ثناء الله تعالى على ذي الكفل حسب ، ما يأتي بيانه في "ص" إن شاء الله تعالى. وجواب "لولا" على هذا محذوف ؛ أي لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به ؛ ومثله {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر : 5] وجوابه لم تتنافسوا ؛ قال ابن عطية : روي هذا القول عن ابن عباس وجماعة من السلف ، وقالوا : الحكمة في ذلك أن يكون مثلا للمذنبين ليروا أن توبتهم ترجع إلى ، عفو الله تعالى كما رجعت ممن هو خير منهم ولم يوبقه القرب من الذنب ، وهذا كله على أن هم يوسف بلغ فيما روت هذه الفرقة إلى أن جلس بين رجلي زليخاء وأخذ في حل ثيابه وتكته ونحو ذلك ، وهي قد استلقت له ؛ حكاه الطبري. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه هم بها ، وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه ، وأشد تعظيما للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم. وقال الحسن : إن الله عز وجل لم يذكر معاصي الأنبياء ليعيرهم بها ؛ ولكنه ذكرها لكيلا تيأسوا من التوبة. قال الغزنوي : مع أن زلة الأنبياء حكما : زيادة الوجل ، وشدة الحياء بالخجل ، والتخلي عن عجب ، العمل ، والتلذذ بنعمة العفو بعد الأمل ، وكونهم أئمة رجاء أهل الزلل. قال القشيري أبو نصر : وقال قوم جرى من يوسف هم ، وكان ذلك الهم حركة طبع من غير تصميم للعقد على الفعل ؛ وما كان من هذا القبيل لا يؤخذ به العبد ، وقد يخطر بقلب المرء وهو صائم شرب الماء البارد ؛ وتناول الطعام اللذيذ ؛ فإذا لم يأكل ولم يشرب ، ولم يصمم عزمه على الأكل والشرب لا يؤاخذ بما هجس في النفس ؛ والبرهان صرفه عن هذا الهم حتى لم يصر عزما مصمما.
قلت : هذا قول حسن ؛ وممن قال به الحسن. قال ابن عطية : الذي أقول به في هذه الآية إن كون يوسف نبيا في وقت هذه النازلة لم يصح ، ولا تظاهرت به رواية ؛ وإذا كان كذلك فهو مؤمن قد أوتي حكما وعلما ، ويجوز عليه الهم الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة ؛ وإن فرضناه نبيا في ذلك الوقت فلا يجوز عليه عندي إلا الهم الذي هو خاطر ، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حل تكته
(9/167)



ونحوه ؛ لأن العصمة مع النبوة. وما روي من أنه قيل له : تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء. فإنما معناه العدة بالنبوة فيما بعد.
قلت : ما ذكره من هذا التفصيل صحيح ؛ لكن قوله تعالى : {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} [يوسف : 15] يدل على أنه كان نبيا على ما ذكرناه ، وهو قول جماعة من العلماء ؛ وإذا كان نبيا فلم يبق إلا أن يكون الهم الذي هم به ما يخطر في النفس ولا يثبت في الصدر ؛ وهو الذي رفع الله فيه المؤاخذة عن الخلق ، إذ لا قدرة للمكلف على دفعه ؛ ويكون قوله : {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف : 53] - إن كان من قول يوسف - أي من هذا الهم ، أو يكون ذلك منه على طريق التواضع والاعتراف ، لمخالفة النفس لما زكي به قبل وبرئ ؛ وقد أخبر الله تعالى عن حال يوسف من حين بلوغه فقال : {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} [يوسف : 22] على ما تقدم بيانه ؛ وخبر الله تعالى صدق ، ووصفه صحيح ، وكلامه حق ؛ فقد عمل يوسف بما علمه الله من تحريم الزنى ومقدماته ؛ وخيانة السيد والجار والأجنبي في أهله ؛ فما تعرض لامرأة العزيز ، ولا أجاب إلى المراودة ، بل أدبر عنها وفر منها ؛ حكمة خص بها ، وعملا بمقتضى ما علمه الله. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قالت الملائكة رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به فقال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جراي". وقال عليه السلام مخبرا عن ربه : "إذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها كتبت حسنة" . فإن كان ما يهم به العبد من السيئة يكتب له بتركها حسنة فلا ذنب ؛ وفي الصحيح : "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به" وقد تقدم. قال ابن العربي : كان بمدينة السلام إمام من أئمة الصوفية ، - وأي إمام - يعرف بابن عطاء! تكلم يوما على يوسف وأخباره حتى ذكر تبرئته مما نسب إليه من مكروه ؛ فقام رجل من آخر مجلسه وهو مشحون بالخليقة من كل طائفة فقال : يا شيخ! يا سيدنا! فإذا يوسف هم وما تم ؟ قال : نعم! لأن العناية من ثم. فانظر إلى حلاوة العالم والمتعلم ، وانظر إلى فطنة العامي في سؤاله ،
(9/168)



وجواب العالم في اختصاره واستيفائه ؛ ولذلك قال علماء الصوفية : إن فائدة قوله : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} [يوسف : 22] إنما أعطاه ذلك إبان غلبة الشهوة لتكون له سببا للعصمة.
قلت : وإذا تقررت عصمته وبراءته بثناء الله تعالى عليه فلا يصح ما قال مصعب بن عثمان : إن سليمان بن يسار كان من أحسن الناس وجها ، فاشتاقته امرأة فسامته نفسها فامتنع عليها وذكرها ، فقالت : إن لم تفعل لأشهرنك ؛ فخرج وتركها ، فرأى في منامه يوسف الصديق عليه السلام جالسا فقال : أنت يوسف ؟ فقال : أنا يوسف الذي هممت ، وأنت سليمان الذي لم تهم ؟ ! فإن هذا يقتضي أن تكون درجة الولاية أرفع من درجة النبوة وهو محال ؛ ولو قدرنا يوسف غير نبي فدرجته الولاية ، فيكون محفوظا كهو ؛ ولو غلقت على سليمان الأبواب ، وروجع في المقال والخطاب ، والكلام والجواب مع طول الصحبة لخيف عليه الفتنة ، وعظيم المحنة ، والله أعلم.
قوله تعالى : {لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ} "أن" في موضع رفع أي لولا رؤية برهان ربه والجواب محذوف. لعلم السامع ؛ أي لكان ما كان. وهذا البرهان غير مذكور في القرآن ؛ فروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن زليخاء قامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في زاوية البيت فسترته بثوب ، فقال : ما تصنعين ؟ قالت : أستحي من إلهي هذا أن يراني في هذه الصورة ؛ فقال يوسف : أنا أولى أن أستحي من الله ؛ وهذا أحسن ما قيل فيه ، لأن فيه إقامة الدليل. وقيل : رأى مكتوبا في سقف البيت {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء : 32]. وقال ابن عباس : بدت كف مكتوب عليها {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} [الانفطار : 10] وقال قوم : تذكر عهد. الله وميثاقه. وقيل : نودي يا يوسف! أنت مكتوب في ديوان الأنبياء وتعمل عمل السفهاء ؟ ! وقيل : رأى صورة يعقوب على الجدران عاضا على أنملته يتوعده فسكن ، وخرجت شهوته من أنامله ؛ قال قتادة ومجاهد والحسن والضحاك. وأبو صالح وسعيد بن جبير. وروى الأعمش عن مجاهد قال : حل سراويله فتمثل له يعقوب ، وقال له :
(9/169)



يا يوسف! فولى هاربا. وروى سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال : مثل له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته من أنامله ، قال مجاهد : فولد لكل واحد من أولاد يعقوب اثنا عشر ذكرا إلا يوسف لم يولد له إلا غلامان ، ونقص بتلك الشهوة ولده ؛ وقيل غير هذا. وبالجملة : فذلك البرهان آية من آيات الله أراها الله يوسف حتى قوي إيمانه ، وامتنع عن المعصية.
قوله تعالى : {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} الكاف من "كذلك" يجوز أن تكون رفعا ، بأن يكون خبر ابتداء محذوف ، التقدير. : البراهين كذلك ، ويكون نعتا لمصدر محذوف ؛ أي أريناه البراهين رؤية كذلك. والسوء الشهوة ، والفحشاء المباشرة. وقيل : السوء الثناء القبيح ، والفحشاء الزنى. وقيل : السوء خيانة صاحبه ، والفحشاء ركوب الفاحشة. وقيل : السوء عقوبة الملك العزيز. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر "المخلصين" بكسر اللام ؛ وتأويلها الذين أخلصوا طاعة الله. وقرأ الباقون بفتح اللام ، وتأويلها : الذين أخلصهم الله لرسالته ؛ وقد كان يوسف صلى الله عليه وسلم بهاتين الصفتين ؛ لأنه كان مخلصا في طاعة الله تعالى ، مستخلصا لرسالة الله تعالى.
25 - {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
قوله تعالى : {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ}
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} قال العلماء : وهذا من اختصار القرآن المعجز الذي يجتمع فيه المعاني ؛ وذلك أنه لما رأى برهان ربه هرب منها فتعاديا ، هي لترده إلى نفسها ، وهو ليهرب عنها ، فأدركته قبل أن يخرج. وحذفت الألف من "استبقا" في اللفظ لسكونها وسكون اللام بعدها ؛ كما يقال : جاءني عبدالله في التثنية ؛ ومن العرب من يقول : جاءني عبدا الله بإثبات الألف بغير همز ، يجمع بين ساكنين ؛ لأن الثاني مدغم ، والأول حرف مد ولين. ومنهم من يقول : عبدا الله بإثبات الألف والهمز ، كما تقول في الوقف.
قوله تعالى : {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} أي من خلفه ؛ قبضت في أعلى قميصه فتخرق القميص عند طوقه ، ونزل التخريق إلى أسفل القميص.
(9/170)



والاستباق طلب السبق إلى الشيء ؛ ومنه السباق. والقد القطع ، وأكثر ما يستعمل فيما كان طولا ؛ قال النابغة :
تقد السلوقي المضاعف نسجه ... وتوقد بالصفاح نار الحباحب
والقط بالطاء يستعمل فيما كان عرضا. وقال المفضل بن حرب : قرأت في مصحف "فلما رأى قميصه عط من دبره" أي شق. قال يعقوب : العط الشق في الجلد الصحيح والثوب الصحيح.
الثانية : في الآية دليل على القياس والاعتبار ، والعمل بالعرف والعادة ؛ لما ذكر من قد القميص مقبلا ومدبرا ، وهذا أمر انفرد به المالكية في كتبهم ؛ وذلك أن القميص إذا جبذ من خلف تمزق من تلك الجهة ، وإذا جبذ من قدام تمزق من تلك الجهة ، وهذا هو الأغلب.
قوله تعالى : {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} أي وجدا العزيز عند الباب ، وعني بالسيد الزوج ، والقبط يسمون الزوج سيدا. يقال : ألفاه وصادفه ووارطه ووالطه ولاطه كله بمعنى واحد ؛ فلما رأت زوجها طلبت وجها للحيلة وكادت فـ {قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي زنى. {إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ} تقول : يضرب ضربا وجيعا. و"ما جزاء" ابتداء ، وخبره {إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ}. {أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} عطف على موضع "أن يسجن" لأن المعنى : إلا السجن. ويجوز أو عذابا أليما بمعنى : أو يعذب عذابا أليما ؛ قال الكسائي.
(9/171)



26 - {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}
27- {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ}
28- {فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ}
29 - {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} قال العلماء : لما برأت نفسها ؛ ولم تكن صادقة في حبه - لأن من شأن المحب إيثار المحبوب - قال : {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} نطق يوسف بالحق في مقابلة بهتها وكذبها عليه. قال نوف الشامي وغيره : كأن يوسف عليه السلام لم يبن عن كشف القضية ، فلما بغت به غضب فقال الحق.
الثانية : قوله تعالى : {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} لأنهما لما تعارضا في القول احتاج الملك إلى شاهد ليعلم الصادق من الكاذب ، فشهد شاهد من أهلها. أي حكم حاكم من أهلها ؛ لأنه حكم منه وليس بشهادة. وقد اختلف في هذا الشاهد على أقوال أربعة : الأول - أنه طفل في المهد تكلم ؛ قال السهيلي : وهو الصحيح ؛ للحديث الوارد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو قوله : "لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة..." وذكر فيهم شاهد يوسف. وقال القشيري أبو نصر : قيل فيه : كان صبيا في المهد في الدار وهو ابن خالتها ؛ وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "تكلم أربعة وهم صغار..." فذكر منهم شاهد يوسف ؛ فهذا قول. الثاني - أن الشاهد قد القميص ؛ رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وهو مجاز صحيح من جهة اللغة ؛ فإن لسان الحال أبلغ من لسان المقال ؛
(9/172)



وقد تضيف العرب الكلام إلى الجمادات وتخبر عنها بما هي عليه من الصفات ، وذلك كثير في أشعارها وكلامها ؛ ومن أحلاه قول بعضهم : قال الحائط للوتد لم تشقني ؟ قال له : سل من يدقني. إلا أن قول الله تعالى بعد {مِنْ أَهْلِهَا} يبطل أن يكون القميص. الثالث - أنه خلق من خلق الله تعالى ليس بإنسي ولا بجني ؛ قال مجاهد أيضا ، وهذا يرده قوله تعالى : {مِنْ أَهْلِهَا} . الرابع - أنه رجل حكيم ذو عقل كان الوزير يستشيره في أموره ، وكان من جملة أهل المرأة وكان مع زوجها فقال : قد سمعت الاستبدار والجلبة من وراء الباب ، وشق القميص ، فلا يدري أيكما كان قدام صاحبه ؛ فإن كان شق القميص من قدامه فأنت صادقة ، وإن كان من خلفه فهو صادق ، فنظروا إلى القميص فإذا هو مشقوق من خلف ؛ هذا قول الحسن وعكرمة وقتادة والضحاك ومجاهد أيضا والسدي. قال السدي : كان ابن عمها ؛ وروي عن ابن عباس ، وهو الصحيح في الباب ، والله أعلم. وروي عن ابن عباس - رواه عنه إسرائيل عن سماك عن عكرمة - قال : كان رجلا ذا لحية. وقال سفيان عن جابر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه قال : كان من خاصة الملك. وقال عكرمة : لم يكن بصبي ، ولكن كان رجلا حكيما. وروى سفيان عن منصور عن مجاهد قال : كان رجلا. قال أبو جعفر النحاس : والأشبه بالمعنى - والله أعلم - أن يكون رجلا عاقلا حكيما شاوره الملك فجاء بهذه الدلالة ؛ ولو كان طفلا لكانت شهادته ليوسف صلى الله عليه وسلم تغني عن أن يأتي بدليل من العادة ؛ لأن كلام الطفل آية معجزة ، فكادت أوضح من الاستدلال بالعادة ؛ وليس هذا بمخالف للحديث "تكلم أربعة وهم صغار" منهم صاحب يوسف ، يكون المعنى : صغيرا ليس بشيخ ؛ وفي هذا دليل آخر وهو : أن ابن عباس رضي الله عنهما روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تواترت الرواية عنه أن صاحب يوسف ليس بصبي.
قلت : قد روي عن ابن عباس وأبي هريرة وابن جبير وهلال بن يساف والضحاك أنه كان صبيا في المهد ؛ إلا أنه لو كان صبيا تكلم لكان الدليل نفس كلامه ، دون أن يحتاج إلى
(9/173)



استدلال بالقميص ، وكان يكون ذلك خرق عادة ، ونوع معجزة ؛ والله أعلم. وسيأتي من تكلم في المهد من الصبيان في سورة [البروج] إن شاء الله.
الثالثة : إذا تنزلنا على أن يكون الشاهد طفلا صغيرا فلا يكون فيه دلالة على العمل بالإمارات كما ذكرنا ؛ وإذا كان رجلا فيصح أن يكون حجة بالحكم بالعلامة في اللقطة وكثير من المواضع ؛ حتى قال مالك في اللصوص : إذا وجدت معهم أمتعة فجاء قوم فادعوها ، وليست لهم بينة فإن السلطان يتلوم لهم في ذلك ؛ فإن لم يأت غيرهم دفعها إليهم. وقال محمد في متاع البيت إذا اختلفت فيه المرأة والرجل : إن ما كان للرجال فهو للرجل ، وما كان للنساء فهو للمرأة ، وما كان للرجل والمرأة فهو للرجل. وكان شريح وإياس بن معاوية يعملان على العلامات في الحكومات ؛ وأصل ذلك هذه الآية ، والله أعلم.
قوله تعالى : {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} كان في موضع جزم بالشرط ، وفيه من النحو ما يشكل ، لأن حروف الشرط ترد الماضي إلى المستقبل ، وليس هذا في كان ؛ فقال المبرد محمد بن يزيد : هذا لقوة كان ، وأنه يعبر بها عن جميع الأفعال. وقال الزجاج : المعنى إن يكن ؛ أي إن يعلم ، والعلم لم يقع ، وكذا الكون لأنه يؤدي عن العلم. {قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} فخبر عن "كان" بالفعل الماضي ؛ كما قال زهير :
وكان طوى كشحا على مستكنة ... فلا هو أبداها ولم يتقدم
وقرأ يحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق "من قبل" بضم القاف والباء واللام ، وكذا "دبر" قال الزجاج : يجعلهما غايتين كقبل وبعد ؛ كأنه قال : من قبله ومن دبره ، فلما حذف المضاف إليه - وهو مراد - صار المضاف غاية نفسه بعد أن كان المضاف إليه غاية له. ويجوز "من قبل" "ومن دبر" بفتح الراء واللام تشبيها بما لا ينصرف ؛ لأنه معرفة ومزال عن بابه. وروى محبوب عن أبي عمرو "من قبل" "ومن دبر" مخففان مجروران.
(9/174)



قوله تعالى : {فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ} قيل : قال لها ذلك العزيز عند قولها : {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً} [يوسف : 25]. وقيل : قاله لها الشاهد. والكيد : المكر والحيلة ، وقد تقدم في "الأنفال". {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} وإنما قال "عظيم" لعظم فتنتهن واحتيالهن في التخلص من ورطتهن. وقال مقاتل عن يحيى بن أبي كثير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان لأن الله تعالى يقول : {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} [النساء : 76] وقال : {{إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} .
قوله تعالى : {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} القائل هذا هو الشاهد. و"يوسف" نداء مفرد ، أي يا يوسف ، فحذف. {أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} أي لا تذكره لأحد واكتمه. {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ} أقبل عليها فقال : وأنت استغفري زوجك من ذنبك لا يعاقبك. {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} ولم يقل من الخاطئات لأنه قصد الإخبار عن المذكر والمؤنث ، فغلب المذكر ؛ والمعنى : من الناس الخاطئين ، أو من القوم الخاطئين ؛ مثل : {إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ} [النمل : 43] {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم : 12]. وقيل : إن القائل ليوسف أعرض ولها استغفري زوجها الملك ؛ وفيه قولان :
أحدهما : أنه لم يكن غيورا ؛ فلذلك ، كان ساكنا. وعدم الغيرة في كثير من أهل مصر موجود.
ا لثاني : أن الله تعالى سلبه الغيرة وكان فيه لطف بيوسف حتى كفي بادرته وعفا عنها.
30 - {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}
(9/175)



31- {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}
الآية : 32 {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ}
قوله تعالى : {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} ويقال : "نُسوة" بضم النون ، وهي قراءة الأعمش والمفضل والسلمي ، والجمع الكثير نساء. ويجوز : وقالت نسوة ، وقال نسوة ، مثل قالت الأعراب وقال الأعراب ؛ وذلك أن القصة انتشرت في أهل مصر فتحدث النساء. قيل : امرأة ساقي العزيز ، وامرأة خبازه ، وامرأة صاحب دوابه ، وامرأة صاحب سجنه. وقيل : امرأة الحاجب ؛ عن ابن عباس وغيره. {تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} الفتى في كلام العرب الشاب ، والمرأة فتاة. {قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً} قيل : شغفها غلبها. وقيل : دخل حبه في شغافها ؛ عن مجاهد. وغيره. وروى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال : دخل تحت شغافها. وقال الحسن : الشغف باطن القلب. السدي وأبو عبيد : شغاف القلب غلافه ، وهو جلد عليه. وقيل : هو وسط القلب ؛ والمعنى في هذه الأقوال متقارب ، والمعنى : وصل حبه إلى شغافها فغلب عليه ؛ قال النابغة :
وقد حال هم دون ذلك داخل ... دخول الشغاف تبتغيه الأصابع
وقد قيل : إن الشغاف داء ؛ وأنشد الأصمعي للراجز :
يتبعها وهي له شغاف
وقرأ أبو جعفر بن محمد وابن محيصن والحسن "شعفها" بالعين غير معجمة ؛ قال ابن الأعرابي : معناه أحرق حبه قلبها ؛ قال : وعلى الأول العمل. قال الجوهري : وشعفه الحب أحرق قلبه. وقال أبو زيد : أمرضه. وقد شعف بكذا فهو مشعوف. وقرأ الحسن "قد شعفها" قال : بطنها حبا. قال النحاس : معناه عند أكثر أهل اللغة قد ذهب بها كل مذهب ؛
(9/176)



لأن شعاف الجبال. أعاليها ؛ وقد شغف بذلك شغفا بإسكان الغين إذا أولع به ؛ إلا أن أبا عبيدة أنشد بيت امرئ القيس :
لتقتلني وقد شعفت فؤادها ... كما شعف المهنوءة الرجل الطالي
قال : فشبهت لوعة الحب وجواه بذلك. وروي عن الشعبي أنه قال : الشغف بالغين المعجمة حب ، والشعف بالعين غير المعجمة جنون. قال النحاس : وحكي "قد شغِفها" بكسر الغين ، ولا يعرف في كلام العرب إلا "شغفها" بفتح الغين ، وكذا "شعفها" أي تركها مشعوفة. وقال سعيد بن أبي عروبة عن الحسن : الشغاف حجاب القلب ، والشعاف سويداء القلب ، فلو وصل الحب إلى الشعاف لماتت ؛ وقال الحسن : ويقال إن الشغاف الجلدة اللاصقة بالقلب التي لا ترى ، وهي الجلدة البيضاء ، فلصق حبه بقلبها كلصوق الجلدة بالقلب.
قوله تعالى : {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي في هذا الفعل. وقال قتادة : "فتاها" وهو فتى زوجها ، لأن يوسف كان عندهم في حكم المماليك ، وكان ينفذ أمرها فيه. وقال مقاتل عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال : إن امرأة العزيز استوهبت زوجها يوسف فوهبه لها ، وقال : ما تصنعين به ؟ قالت : أتخذه ولدا ؛ قال : هو لك ؛ فربته حتى أيفع وفي نفسها منه ما في نفسها ، فكانت تنكشف له وتتزين وتدعوه من وجه اللطف فعصمه الله.
قوله تعالى : {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ} أي بغيبتهن إياها ، واحتيالهن في ذمها. وقيل : إنها أطلعتهن واستأمنتهن فأفشين سرها ، فسمي ذلك مكرا. وقوله : {أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ} في الكلام حذف ؛ أي أرسلت إليهن تدعوهن إلى وليمة لتوقعهن فيما وقعت فيه ؛ فقال مجاهد عن ابن عباس : إن امرأة العزيز قالت لزوجها إني أريد أن أتخذ طعاما فأدعو هؤلاء النسوة ؛ فقال لها : افعلي ؛ فاتخذت طعاما ، ثم نجدت لهن البيوت ؛ نجدت أي زينت ؛ والنجد ما ينجد
(9/177)



به البيت من المتاع أي يزين ، والجمع نجود عن أبي عبيد ؛ والتنجيد التزيين ؛ وأرسلت إليهن أن يحضرن طعامها ، ولا تتخلف منكن امرأة ممن سميت. قال وهب بن منبه : إنهن كن أربعين امرأة فجئن على كره منهن ، وقد قال فيهن أمية بن أبي الصلت :
حتى إذا جئنها قسرا ... ومهدت لهن أنضادا وكبابا
ويروى : أنماطا. قال وهب بن منبه : فجئن وأخذن مجالسهن. {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} أي هيأت لهن مجالس يتكئن عليها. قال ابن جبير : في كل مجلس جام فيه عسل وأترج وسكين حاد. وقرأ مجاهد وسعيد بن جبير "متكا" مخففا غير مهموز ، والمتك هو الأترج بلغة القبط ، وكذلك فسره مجاهد روى سفيان عن منصور عن مجاهد قال : المتكأ مثقلا هو الطعام ، والمتك مخففا هو الأترج ؛ وقال الشاعر :
نشرب الإثم بالصواع جهارا ... وترى المتك بيننا مستعارا
وقد تقول أزد شنوءة : الأترجة المتكة ؛ قال الجوهري : المُتْكَ ما تبقيه الخاتنة. وأصل المتك الزماورد. والمتكاء من النساء التي لم تخفض. قال الفراء : حدثني شيخ من ثقات أهل البصرة أن المتك مخففا الزماورد. وقال بعضهم : إنه الأترج ؛ حكاه الأخفش. ابن زيد : أترجا وعسلا يؤكل به ؛ قال الشاعر :
فظلنا بنعمة واتكأنا ... وشربنا الحلال من قلله
أي أكلنا.
النحاس : قوله تعالى : {واعتدت} من العتاد ؛ وهو كل ما جعلته عدة لشيء. "متكأ" أصح ما قيل فيه ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : مجلسا ، وأما قول جماعة من أهل ، التفسير إنه الطعام فيجوز على تقدير : طعام متكأ ، مثل : {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} ؛ ودل على
(9/178)



هذا الحذف {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً} لأن حضور النساء معهن سكاكين إنما هو لطعام يقطع بالسكاكين ؛ كذا قال في كتاب "إعراب القرآن" له. وقال في كتاب "معاني القرآن" له : وروى معمر عن قتادة قال : "المتكأ" الطعام. وقيل : "المتكأ" كل ما أتكئ عليه عند طعام أو شراب أو حديث ؛ وهذا هو المعروف عند أهل اللغة ، إلا أن الروايات قد صحت بذلك. وحكى القتبي أنه يقال : اتكأنا عند فلان أي أكلنا ، والأصل في "متكأ" موتكأ ، ومثله متزن ومتعد ؛ لأنه من وزنت ، ووعدت ووكأت ، ويقال : اتكأ يتكئ اتكاء. {كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً} مفعولان ؛ وحكى الكسائي والفراء أن السكين يذكر ويؤنث ، وأنشد الفراء :
فعيث في السنام غداة قر ... بسكين موثقة النصاب
الجوهري : والغالب عليه التذكير ، وقال :
يرى ناصحا فيما بدا فإذا خلا ... فذلك سكين على الحلق حاذق
الأصمعي : لا يعرف في السكين إلا التذكير.
قوله تعالى : {وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ} بضم التاء لالتقاء الساكنين ؛ لأن الكسرة تثقل إذا كان بعدها ضمة ، وكسرت التاء على الأصل. قيل : إنها قالت لهن : لا تقطعن ولا تأكلن حتى أعلمكن ، ثم قالت لخادمها : إذا قلت لك ادع إيلا فادع يوسف ؛ وإيل : صنم كانوا يعبدونه ، وكان يوسف عليه السلام يعمل في الطين ، وقد شد مئزره ، وحسر عن ذراعيه ؛ فقالت للخادم : ادع لي إيلا ؛ أي ادع لي الرب ؛ وإيل بالعبرانية الرب ؛ قال : فتعجب النسوة وقلن : كيف يجيء ؟ ! فصعدت الخادم فدعت يوسف ، فلما انحدر قالت لهن : اقطعن ما معكن. قوله تعالى : {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} بالمدى حتى بلغت السكاكين إلى العظم ؛ قاله وهب بن منبه. سعيد بن جبير : لم يخرج عليهن حتى زينته ، فخرج عليهن فجأة فدهشن فيه ، وتحيرن لحسن وجهه وزينته وما عليه ، فجعلن يقطعن أيديهن ، ويحسبن
(9/179)



أنهن يقطعن الأترج ؛ واختلف في معنى "أكبرنه" فروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : أعظمنه وهبنه ؛ وعنه أيضا أمنين وأمذين من الدهش ؛ وقال الشاعر :
إذا ما رأين الفحل من فوق قارة ... صهلن وأكبرن المني المدفقا
وقال ابن سمعان عن عدة من أصحابه : إنهم قالوا أمذين عشقا ؛ وهب بن منبه : عشقنه حتى مات منهن عشر في ذلك المجلس دهشا وحيرة ووجدا بيوسف. وقيل : معناه حضن من الدهش ؛ قاله قتادة ومقاتل والسدي ؛ قال الشاعر :
نأتي النساء على أطهارهن ... ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
وأنكر ذلك أبو عبيدة وغيره وقالوا : ليس ذلك في كلام العرب ، ولكنه يجوز أن يكن حضن من شدة إعظامهن له ، وقد تقزع المرأة فتسقط ولدها أو تحيض. قال الزجاج يقال أكبرنه ، ولا يقال حضنه ، فليس الإكبار بمعنى الحيض ؛ وأجاب الأزهري فقال : يجوز أكبرت بمعنى حاضت ؛ لأن المرأة إذا حاضت في الابتداء خرجت من حيز الصغر إلى الكبر ؛ قال : والهاء في "أكبرنه" يجوز أن تكون هاء الوقف لا هاء الكناية ، وهذا مزيف ، لأن هاء الوقف تسقط في الوصل ، وأمثل منه قول ابن الأنباري : إن الهاء كناية عن مصدر الفعل ، أي أكبرن إكبارا ، بمعنى حضن حيضا. وعلى قول ابن عباس الأول تعود الهاء إلى يوسف ؛ أي أعظمن يوسف وأجللنه.
قولة تعالى : {وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} قال مجاهد : قطعنها حتى ألقينها. وقيل : خدشنها. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : حزا بالسكين ، قال النحاس : يريد مجاهد أنه ليس قطعا تبين منه اليد ، إنما هو خدش وحز ، وذلك معروف في اللغة أن يقال إذا خدش الإنسان يد صاحبه قطع يده. وقال عكرمة : "أيديهن" أكمامهن ، وفيه بعد. وقيل : أناملهن ؛ أي ما وجدن ألما في القطع والجرح ، أي لشغل قلوبهن بيوسف ، والتقطيع يشير إلى الكثرة ، فيمكن أن ترجع الكثرة إلى واحدة جرحت يدها في موضع ، ويمكن أن يرجع إلى عددهن.
(9/180)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طارق أحمد العاقب عبدالمجي
دويمابي برتبة نقيب
دويمابي برتبة نقيب
طارق أحمد العاقب عبدالمجي


عدد الرسائل : 371

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالثلاثاء 23 أغسطس - 18:39

اللهم ارزق صاحب هذه المساهمة علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 24 أغسطس - 3:10


اللهم آآآآآآميييييييييين وجمعاً ولكل من يقرأها ويتمعن في محتوياتها..

جزاك الله خير الجزاء يا طارق .. لك التحية والتقدير...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: