منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 11 أغسطس - 5:13




سورة هود عليه السلام
...

بسم الله الرحمن الرحيم





الآية : 62 {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}
الآية : 63 {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ}
الآية : 64 {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ}
الآية : 65 {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}
الآية : 66 {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}
الآية : 67 {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}
الآية : 68 {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ}
قوله تعالى : {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا} أي كنا نرجو أن تكون فينا سيدا قبل هذا ؛ أي قبل دعوتك النبوة. وقيل : كان صالح يعيب آلهتهم ويشنؤها ، وكانوا يرجون رجوعه إلى دينهم ، فلما دعاهم إلى الله قالوا : انقطع رجاؤنا منك. {أَتَنْهَانَا} استفهام معناه الإنكار. {أَنْ نَعْبُدَ} أي عن أن نعبد. {مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} فأن في محل نصب بإسقاط حرف الجر. {وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ} وفي سورة "إبراهيم" و"وإنا" والأصل وإننا ؛ فاستثقل ثلاث نونات فأسقط الثالثة. {مِمَّا تَدْعُونَا} الخطاب لصالح ، وفي سورة إبراهيم {تَدْعُونَا} [إبراهيم : 9] لأن الخطاب للرسل صلوات الله وسلامه عليهم {إِلَيْهِ مُرِيبٍ} من أربته فأنا أريبه إذا فعلت به فعلا يوجب لدية الريبة. قال الهذلي :
كنت إذا أتوته من غيب ... يشم عطفي ويبز ثوبي
كأنما أربته بريب
قوله تعالى : {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} تقدم معناه في قول نوح. {فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ} استفهام معناه النفي ؛ أي لا ينصرني منه إن عصيته أحد. {فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} أي تضليل وإبعاد من الخير ؛ قال الفراء.
(9/59)



والتخسير لهم لا له صلى الله عليه وسلم ؛ كأنه قال : غير تخسير لكم لا لي. وقيل : المعنى ما تزيدونني باحتجاجكم بدين آبائكم غير بصيرة بخسارتكم ؛ عن ابن عباس.
قوله تعالى : {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ} ابتداء وخبر. {لَكُمْ آيَةً} نصب على الحال ، والعامل معنى الإشارة أو التنبيه في {هَذِهِ} . وإنما قيل : ناقة الله ؛ لأنه أخرجها لهم من جبل - على ما طلبوا - على أنهم يؤمنون. وقيل : أخرجها من صخرة صماء منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاثبة ، فلما خرجت الناقة - على ما طلبوا - قال لهم نبي الله صالح : {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ} أمر وجوابه ؛ وحذفت النون من {فَذَرُوهَا} لأنه أمر. ولا يقال : وذر ولا واذر إلا شاذا. وللنحويين فيه قولان ؛ قال سيبويه : استغنوا عنه بترك. وقال غيره : لما كانت الواو ثقيلة وكان في الكلام فعل بمعناه لا واو فيه ألغوه ؛ قال أبو إسحاق الزجاج : ويجوز رفع {تَأْكُلْ} على الحال والاستئناف. {وَلا تَمَسُّوهَا} جزم بالنهي. {بِسُوءٍ} قال الفراء : بعقر. {فَيَأْخُذَكُمْ} جواب النهي. {عَذَابٌ قَرِيبٌ} أي قريب من عقرها.
قوله تعالى : {فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} فيه مسألتان :
الأولى - قوله تعالى : {فَعَقَرُوهَا} إنما عقرها بعضهم ؛ وأضيف إلى الكل لأنه كان برضا الباقين. وقد تقدم الكلام في عقرها "الأعراف". ويأتي أيضا. {فَقَالَ تَمَتَّعُوا} أي قال لهم صالح تمتعوا ؛ أي بنعم الله عز وجل قبل العذاب. {فِي دَارِكُمْ} أي في بلدكم ، ولو أراد المنزل لقال في دوركم. وقيل : أي يتمتع كل واحد منكم في داره ومسكنه ؛ كقوله : {يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} [غافر : 67] أي كل واحد طفلا. وعبر عن التمتع بالحياة لأن الميت لا يتلذذ ولا يتمتع بشيء ؛ فعقرت يوم الأربعاء ، فأقاموا يوم الخميس والجمعة والسبت وأتاهم العذاب يوم الأحد. وإنما أقاموا ثلاثة أيام ؛ لأن الفصيل رغا ثلاثا على ما تقدم في "الأعراف" فاصفرت ألوانهم في اليوم الأول ، ثم احمرت في الثاني ، ثم اسودت في الثالث ، وهلكوا في الرابع ؛ وقد تقدم في "الأعراف".
(9/60)



الثانية : - استدل علماؤنا بإرجاء الله العذاب عن قوم صالح ثلاثة أيام على أن المسافر إذا لم يجمع على إقامة أربع ليال قصر ؛ لأن الثلاثة الأيام خارجة عن حكم الإقامة وقد تقدم في "النساء" ما للعلماء في هذا.
قوله تعالى : {ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} أي غير كذب. وقيل : غير مكذوب فيه.
قوله تعالى : {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} أي عذابنا. {نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} تقدم. {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} أي ونجيناهم من خزي يومئذ ؛ أي من فضيحته وذلته. وقيل : الواو زائدة ؛ أي نجيناهم من خزي يومئذ. ولا يجوز زيادتها عند سيبويه وأهل البصرة ، وعند الكوفيين يجوز زيادتها مع "لما" و"حتى" لا غير. وقرأ نافع والكسائي "يومئذ" بالنصب. الباقون بالكسر على إضافة "يوم" إلى "إذ" وقال أبو حاتم : حدثنا أبو زيد عن أبي عمرو أنه قرأ "ومن خزي يومئذ" أدغم الياء في الياء ، وأضاف ، وكسر الميم في "يومئذ". قال النحاس : الذي يرويه النحويون : مثل سيبويه ومن قاربه عن أبي عمرو في مثل هذا : الإخفاء ؛ فأما الإدغام فلا يجوز ، لأنه يلتقي ساكنان ، ولا يجوز كسر الزاي.
قوله تعالى : {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} أي في اليوم الرابع صيح بهم فماتوا ؛ وذكر لأن الصيحة والصياح واحد. قيل : صيحة جبريل. وقيل : صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة ؛ وصوت كل شيء في الأرض ، فتقطعت قلوبهم وماتوا. وقال هنا : {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} وقال في الأعراف {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [الأعراف : 78] وقد تقدم بيانه هناك. وفي التفسير : أنهم لما أيقنوا بالعذاب قال بعضهم لبعض ما مقامكم أن يأتيكم الأمر بغتة ؟ ! قالوا : فما نصنع ؟ فأخذوا سيوفهم ورماحهم وعددهم ، وكانوا فيما يقال اثني عشر ألف قبيلة ، في كل قبيلة اثنا عشر ألف مقاتل ، فوقفوا على الطرق والفجاج ، زعموا يلاقون العذاب ؛ فأوحى الله تعالى إلى الملك الموكل بالشمس أن يعذبهم بحرها ؛
(9/61)



فأدناها من رؤوسهم فاشتوت أيديهم ، وتدلت ألسنتهم على صدورهم من العطش ، ومات كل ما كان معهم من البهائم. وجعل الماء يتفور من تلك العيون من غليانه حتى يبلغ السماء ، لا يسقط على شيء إلا أهلكه من شدة حره ، فما زالوا كذلك ، وأوحى الله إلى ملك الموت ألا يقبض أرواحهم تعذيبا لهم إلى أن غربت الشمس ؛ فصيح بهم فأهلكوا. {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} أي ساقطين على وجوههم ، قد لصقوا بالتراب كالطير إذا جثمت.
الآية : 69 {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}
قوله تعالى : {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى} هذه قصة لوط عليه السلام ؛ وهو ابن عم إبراهيم عليه السلام لحا ، وكانت قوى لوط بنوا حي الشام ، وإبراهيم ببلاد فلسطين ، فلما أنزل الله الملائكة بعذاب قوم لوط مروا بإبراهيم ونزلوا عنده ، وكان كل من نزل عنده يحسن قراه ، وكانوا مروا ببشارة إبراهيم ، فظنهم أضيافا. "وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام" ؛ قاله ابن عباس. الضحاك : كانوا تسعة. السدي : أحد عشر ملكا على صورة الغلمان الحسان الوجوه ، ذو وضاءة وجمال بارع. "بالبشري" قيل : بالولد. وقيل : بإهلاك قوم لوط. وقيل : بشروه بأنهم رسل الله عز وجل ، وأنه لا خوف عليه. {قَالُوا سَلاماً} نصب بوقوع الفعل عليه ؛ كما تقول : قالوا خيرا. وهذا اختيار الطبري. وأما قوله : {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ} [الكهف : 22] فالثلاثة اسم غير قول مقول. ولو رفعا جميعا
(9/62)



أو نصبا جميعا "قالوا سلاما قال سلام" جاز في العربية. قيل : انتصب على المصدر. وقيل : "قالوا سلاما" أي فاتحوه بصواب من القول. كما قال : {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان : 63] أي صوابا ؛ فسلاما معنى قولهم لا لفظه ؛ قال ، معناه ابن العربي واختاره. قال : ألا ترى أن الله تعالى لما أراد ذكر اللفظ قاله بعينه فقال ، مخبرا عن الملائكة : {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد : 24] {سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ} [الزمر : 73] وقيل : دعوا له ؛ والمعنى سلمت سلاما. {قَالَ سَلامٌ} في رفعه وجهان : أحدهما : على إضمار مبتدأ أي هو سلام ، وأمري سلام. والآخر بمعنى سلام عليكم إذا جعل بمعنى التحية ؛ فأضمر الخبر. وجاز سلام على التنكير لكثرة استعماله ، فحذف الألف واللام كما حذفت من لا هم في قولك اللهم. وقرئ "سلم" قال الفراء : السلم والسلام بمعنى ؛ مثل الحل والحلال.
قوله تعالى : {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} فيه أربع عشر مسألة : -
الأولى : -قوله تعالى : {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ} "أن" بمعنى حتى ، قاله كبراء النحويين ؛ حكاه ابن العربي. التقدير : فما لبث حتى جاء. وقيل : "أن" في موضع نصب بسقوط حرف الجر ؛ التقدير : فما لبث عن أن جاء ؛ أي ما أبطأ عن مجيئه بعجل ؛ فلما حذف حرف الجر بقي "أن" في محل النصب. وفي "لبث" ضمير اسم إبراهيم. و"ما" نافية ؛ قال سيبويه. وقال الفراء : فما لبث مجيئه ؛ أي ما أبطأ مجيئه ؛ فأن في موضع رفع ، ولا ضمير في "لبث" ، و"ما" نافية ؛ ويصح أن تكون "ما" بمعنى الذي ، وفي "لبث" ضمير إبراهيم و"أن جاء" خبر "ما" أي فالذي لبث إبراهيم هو مجيئه بعجل حنيذ. و {حَنِيذٍ} مشوي. وقيل : هو المشوي بحر الحجارة من غير أن تمسه النار. يقال : حنذت الشاة أحنذها حنذا أي شويتها ، وجعلت فوقها حجارة محماة لتنضجها فهي حنيذ. وحنذت الفرس أحنذه حنذا ، وهو أن تحضره شوطا أو شوطين ثم تظاهر عليه الجلال في الشمس ليعرق ، فهو محنوذ وحنيذ ؛ فإن لم يعرق قيل : كبا. وحنذ موضع قريب
(9/63)



من المدينة. وقيل : الحنيذ السميط. ابن عباس وغيره : "حنيذ نضيج. وحنيذ بمعنى محنوذ" ؛ وإنما جاء بعجل لأن البقر كانت أكثر أموال.
الثانية : - في هذه الآية من أدب الضيّف أن يعجل قراه ، فيقدم الموجود الميسر في الحال ، ثم يتبعه بغيره إن كان له جدة ، ولا يتكلف ما يضر به. والضيافة من مكارم الأخلاق ، ومن آداب الإسلام ، ومن خلق النبيين والصالحين. وإبراهيم أول من أضاف على ما تقدم في "البقرة" وليست بواجبة عند عامة أهل العلم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : "الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة فما كان وراء ذلك فهو صدقة" . والجائزة العطية والصلة التي أصلها على الندب. وقال صلى الله عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" . وإكرام الجار ليس بواجب إجماعا ، فالضيافة مثله. والله أعلم. وذهب الليث إلى وجوبها تمسكا بقوله صلى الله عليه وسلم : "ليلة الضيف حق" إلى غير ذلك من الأحاديث. وفيما أشرنا إليه كفاية ، والله الموفق للهداية. قال ابن العربي : وقد قال قوم : إن وجوب الضيافة كان في صدر الإسلام ثم نسخ ، وهذا ضعيف ؛ فإن الوجوب لم يثبت ، والناسخ لم يرد ؛ وذكر حديث أبي سعيد الخدري خرجه الأئمة ، وفيه : "فاستضفناهم فأبوا أن يضيفونا فلدغ سيد ذلك الحي" الحديث. وقال : هذا ظاهر في أن الضيافة لو كانت حقا للام النبي صلى الله عليه وسلم القوم الذين أبوا ، ولبين لهم ذلك.
الثالثة : - اختلف العلماء فيمن يخاطب بها ؛ فذهب الشافعي ومحمد بن عبدالحكم إلى أن المخاطب بها أهل الحضر والبادية. وقال مالك : ليس على أهل الحضر ضيافة. قال سحنون : إنما الضيافة على أهل القرى ، وأما الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر حكى اللغتين صاحب العين وغيره. واحتجوا بحديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر" . وهذا حديث لا يصح ، وإبراهيم ابن أخي
(9/64)



عبدالرزاق متروك الحديث منسوب إلى الكذب ، وهذا مما انفرد به ، ونسب إلى وضعه ؛ قال أبو عمر بن عبدالبر. قال ابن العربي : الضيافة حقيقة فرض على الكفاية ، ومن الناس من قال : إنها واجبة في القرى حيث لا طعام ولا مأوى ، بخلاف الحواضر فإنها مشحونة بالمأواة والأقوات ؛ ولا شك أن الضيف كريم ، والضيافة كرامة ؛ فإن كان غريبا فهي فريضة.
الرابعة : - قال ابن العربي قال بعض علمائنا : كانت ضيافة إبراهيم قليلة فشكرها الحبيب من الحبيب ، وهذا حكم بالظن في موضع القطع ، وبالقياس في موضع النقل ؛ من أين علم أنه قليل ؟ ! بل قد نقل المفسرون أن الملائكة كانوا ثلاثة ؛ جبريل وميكائيل وإسرافيل صلى الله عليهم وسلم ؛ وعجل لثلاثة عظيم ؛ فما هذا التفسير لكتاب الله بالرأي! هذا بأمانة الله هو التفسير المذموم فاجتنبوه فقد علمتموه.
الخامسة : - السنة إذا قدم للضيف الطعام أن يبادر المقدِّم إليه بالأكل ؛ فإن كرامة الضيف تعجيل التقديم ؛ وكرامة صاحب المنزل المبادرة بالقبول ؛ فلما قبضوا أيديهم نكرهم إبراهيم ؛ لأنهم خرجوا عن العادة وخالفوا السنة ، وخاف أن يكون وراءهم مكروه يقصدونه. وروي أنهم كانوا ينكتون بقداح كانت في أيديهم في اللحم ولا تصل أيديهم إلى اللحم ، فلما رأى ذلك منهم {نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} أي أضمر. وقيل : أحس ؛ والوجوس الدخول ؛ قال الشاعر :
جاء البريد بقرطاس يخب به ... فأوجس القلب من قرطاسه جزعا
"خيفة" خوفا ؛ أي فزعا. وكانوا إذا رأوا الضيف لا يأكل ظنوا به شرا ؛ فقالت الملائكة {لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ}
السادسة : - من أدب الطعام أن لصاحب الضيف أن ينظر في ضيفه هل يأكل أم لا ؟ وذلك ينبغي أن يكون بتلفت ومسارقة لا بتحديد النظر. روي أن أعرابيا أكل مع
(9/65)



سليمان بن عبدالملك ، فرأى سليمان في لقمة الأعرابي شعرة فقال له : أزل الشعرة عن لقمتك ؟ فقال له : أتنظر إلي نظر من يرى الشعرة في لقمتي ؟ ! والله لا أكلت معك.
قلت : وقد ذكر أن هذه الحكاية إنما كانت مع هشام بن عبدالملك لا مع سليمان ، وأن الأعرابي خرج من عنده وهو يقول :
وللموت خير من زيارة باخل ... يلاحظ أطراف الأكيل على عمد
الآية : 70 {فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ}
السابعة : -قوله تعالى : {فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ} يقول : أنكرهم ؛ تقول : نكرتك وأنكرتك واستنكرتك إذا وجدته على غير ما عهدته ؛ قال الشاعر :
وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا
فجمع بين اللغتين. ويقال : نكرت لما تراه بعينك. وأنكرت لما تراه بقلبك.
الآية : 71 {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}
الثامنة : - قوله تعالى : {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ} ابتداء وخبر ، أي قائمة بحيث ترى الملائكة. قيل : كانت من وراء الستر. وقيل : كانت تخدم الملائكة وهو جالس. وقال محمد بن إسحاق : قائمة تصلي. وفي قراءة عبدالله بن مسعود "وامرأته قائمة وهو قاعد".
التاسعة : - {فَضَحِكَتْ} قال مجاهد وعكرمة : حاضت ، وكانت آيسة ؛ تحقيقا للبشارة ؛ وأنشد على ذلك اللغويون :
وإني لآتي العرس عند طهورها ... وأهجرها يوما إذا تك ضاحكا
وقال آخر :
وضحكت الأرانب فوق الصفا ... كمثل دم الجوف يوم اللقا
والعرب تقول : ضحكت الأرنب إذا حاضت ؛ وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة ؛ أخذ من قولهم : "ضحكت الكافورة - وهي قشرة الطلعة - إذا انشقت". وقد أنكر بعض اللغويين أن يكون في كلام العرب ضحكت بمعنى حاضت. وقال الجمهور : هو الضحك المعروف ، واختلفوا فيه ؛ فقيل : هو ضحك التعجب ؛ قال أبو ذؤيب :
(9/66)



فجاء بمزج لم ير الناس مثله ... هو الضحك إلا أنه عمل النحل
وقال مقاتل : ضحكت من خوف إبراهيم ، ورعدته من ثلاثة نفر ، وإبراهيم في حشمه وخدمه ؛ وكان إبراهيم يقوم وحده بمائة رجل. قال : وليس الضحك الحيض في اللغة بمستقيم. وأنكر أبو عبيد والفراء ذلك ؛ قال الفراء : لم أسمعه من ثقة ؛ وإنما هو كناية. وروي أن الملائكة مسحت العجل ، فقام من موضعه فلحق بأمه ، فضحكت سارة عند ذلك فبشروها بإسحاق. ويقال : كان إبراهيم عليه السلام إذا أراد أن يكرم أضيافه أقام سارة تخدمهم ، فذلك قوله : {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ} أي قائمة في خدمتهم. ويقال : "قائمة" لروع إبراهيم "فضحكت" لقولهم : "لا تخف" سرورا بالأمن. وقال الفراء : فيه تقديم وتأخير ؛ المعنى : فبشرناها بإسحاق فضحكت ، أي ضحكت سرورا بالولد ، وقد هرمت ، والله أعلم أي ذلك كان. قال النحاس فيه أقوال : أحسنها - أنهم لما لم يأكلوا أنكرهم وخافهم ؛ فلما قالوا لا تخف ، وأخبروه أنهم رسل الله ، فرح بذلك ، فضحكت امرأته سرورا بفرحه. وقيل : إنها كانت قالت له : أحسب أن هؤلاء القوم سينزل بهم عذاب فضم لوطا إليك ، فلما جاءت الرسل بما قالته سرت به فضحكت ؛ قال النحاس : وهذا إن صح إسناده فهو حسن. والضحك انكشاف الأسنان. ويجوز أن يكون الضحك إشراق الوجه ؛ تقول : رأيت فلانا ضاحكا ؛ أي مشرقا. وأتيت على روضة تضحك ؛ أي مشرقة. وفي الحديث "إن الله سبحانه يبعث السحاب فيضحك أحسن الضحك". جعل انجلاءه عن البرق ضحكا ؛ وهذا كلام مستعار. وروي عن رجل من قراء مكة يقال له محمد بن زياد الأعرابي. "فضحكت" بفتح الحاء ؛ قال المهدوي ؛ وفتح "الحاء" من "فضحكت" غير معروف. وضَحِك يضْحَك ضَحْكا وضِحْكا وضِحِكا وضَحِكا أربع لغات. والضَّحْكة المرة الواحدة ، ومنه قول كثير :
غلقت لضحكته رقاب المال
قاله الجوهري :
(9/67)



العاشرة : - روى مسلم عن سهل بن سعد قال : دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرسه ، فكانت امرأته يومئذ خادمهم وهي العروس. قال سهل : أتدرون ما سقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أنقعت له تمرات من الليل في تور ، فلما أكل سقته إياه. وأخرجه البخاري وترجم له "باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس". قال علماؤنا : فيه جواز خدمة العروس زوجها وأصحابه في عرسها. وفيه أنه لا بأس أن يعرض الرجل أهله على صالح إخوانه ، ويستخدمهن لهم. ويحتمل أن يكون هذا قبل نزول الحجاب. والله أعلم.
الحادية عشرة : - الذكر الطبري أن إبراهيم عليه السلام لما قدم العجل قالوا : لا نأكل طعاما إلا بثمن ؛ فقال لهم : "ثمنه أن تذكروا الله في أوله وتحمدوه في آخره" فقال جبريل لأصحابه : بحق اتخذ الله هذا خليلا. قال علماؤنا : ولم يأكلوا لأن الملائكة لا تأكل. وقد كان من الجائز كما يسر الله للملائكة أن يتشكلوا في صفة الآدمي جسدا وهيئة أن ييسر لهم أكل الطعام ؛ إلا أنه في قول العلماء أرسلهم في صفة الآدمي وتكلف إبراهيم عليه السلام الضيافة حتى إذا رأى التوقف وخاف جاءته البشرى فجأة.
الثانية عشرة : - ودل هذا على أن التسمية في أول الطعام ، والحمد في آخره مشروع في الأمم قبلنا ؛ وقد جاء في الإسرائيليات أن إبراهيم عليه السلام كان لا يأكل وحده ؛ فإذا حضر طعامه أرسل يطلب من يأكل معه ؛ فلقي يوما رجلا ، فلما جلس معه على الطعام ، قال له إبراهيم : سم الله ، قال الرجل لا أدري ما الله ؟ فقال له : فاخرج عن طعامي ، فلما خرج نزل إليه جبريل فقال له : يقول الله إنه يرزقه على كفره مدى عمره وأنت بخلت عليه بلقمة ؛ فخرج إبراهيم فزعا يجر رداءه ، وقال : ارجع ، فقال : لا أرجع حتى تخبرني لم تردني لغير معنى ؟ فأخبره بالأمر ؛ فقال : هذا رب كريم ، آمنت ؛ ودخل وسمى الله وأكل مؤمنا.
(9/68)



الثالثة عشرة : - قوله تعالى : {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} لما ولد لإبراهيم إسماعيل من هاجر تمنت سارة أن يكون لها ابن ، وأيست لكبر سنها ، فبشرت بولد يكون نبيا ويلد نبيا ، فكان هذا بشارة لها بأن ترى ولد ولدها.
الرابعة عشرة : - {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} قرأ حمزة وعبدالله بن عامر "يعقوب" بالنصب. ورفع الباقون ؛ فالرفع على معنى : ويحدث لها من وراء إسحاق يعقوب. ويجوز أن يرتفع بالفعل الذي يعمل في "من" كأن المعنى : وثبت لها من وراء إسحاق يعقوب. ويجوز أن يرتفع بالابتداء ، ويكون في موضع الحال ؛ أي بشروها بإسحاق مقابلا له يعقوب. والنصب على معنى : ووهبنا لها من وراء إسحاق يعقوب. وأجاز الكسائي والأخفش وأبو حاتم أن يكون "يعقوب" في موضع جر على معنى : وبشرناها من وراء إسحاق بيعقوب. قال الفراء : ولا يجوز الخفض إلا بإعادة الحرف الخافض ؛ قال سيبويه ولو قلت : مررت بزيد أول من أمس وأمس عمرو كان قبيحا خبيثا ؛ لأنك فرقت بين المجرور وما يشركه وهو الواو ، كما فرقت بين الجار والمجرور ؛ لأن الجار لا يفصل بينه وبين المجرور ، ولا بينه وبين الواو.
الآية : 72 {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ}
فيه مسألتان : -
الأولى : - قوله تعالى : {يَا وَيْلَتَى} قال الزجاج : أصلها يا ويلتي ؛ فأبدل من الياء ألف ، لأنها أخف من الياء والكسرة ؛ ولم ترد الدعاء على نفسها بالويل ، ولكنها كلمة تخف على أفواه النساء إذا طرأ عليهن ما يعجبن منه ؛ وعجبت من ولادتها ومن كون بعلها شيخا لخروجه عن العادة ، وما خرج عن العادة مستغرب ومستنكر. و {أَأَلِدُ} استفهام معناه التعجب. {وَأَنَا عَجُوزٌ} أي شيخة. ولقد عجزت تعجز عجزا وعجزت تعجيزا ؛ أي طعنت في السن.
(9/69)



وقد يقال : عجوزة أيضا. وعجزت المرأة بكسر الجيم ؛ عظمت عجيزتها عجزا وعجزا بضم العين وفتحها. قال مجاهد : كانت بنت تسع وتسعين سنة. وقال ابن إسحاق : كانت بنت تسعين سنة. وقيل غير هذا.
الثانية : قوله تعالى : {وَهَذَا بَعْلِي} أي زوجي. {شَيْخاً} نصب على الحال ، والعامل فيه التنبيه أو الإشارة. {وَهَذَا بَعْلِي} ابتداء وخبر. وقال الأخفش : وفي قراءة ابن مسعود وأبي "وهذا بعلي شيخ" قال النحاس : كما تقول هذا زيد قائم ؛ فزيد بدل من هذا ؛ وقائم خبر الابتداء. ويجوز أن يكون "هذا" مبتدأ "وزيد قائم" خبرين ؛ وحكى سيبويه : هذا حلو حامض. وقيل : كان إبراهيم ابن مائة وعشرين سنة. وقيل : ابن مائة فكان يزيد عليها في قول مجاهد سنة. وقيل : إنها عرضت بقولها : {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً} أي عن ترك غشيانه لها. وسارة هذه امرأة إبراهيم بنت هاران بن ناحور بن شاروع بن أرغو بن فالغ ، وهي بنت عم إبراهيم. {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} أي الذي بشرتموني به لشيء عجيب.
الآية : 73 {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}
فيه أربع مسائل : -
الأولى : - قوله تعالى : {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} لما قالت : {وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً} وتعجبت ، أنكرت الملائكة عليها تعجبها من أمر الله ، أي من قضائه. وقدره ، أي لا عجب من أن يرزقكما الله الولد ، وهو إسحاق. وبهذه الآية استدل كثير من العلماء على أن الذبيح إسماعيل ، وأنه أسن من إسحاق ؛ لأنها بشرت بأن إسحاق يعيش حتى يولد له يعقوب. وسيأتي الكلام في هذا ؛ وبيانه في "الصافات" إن شاء الله تعالى.
(9/70)



الثانية : - قوله تعالى : {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ} مبتدأ ، والخبر {عَلَيْكُمْ} . وحكى سيبويه "عليكم" بكسر الكاف لمجاورتها الياء. وهل هو خبر أو دعاء ؟ وكونه إخبارا أشرف ؛ لأن ذلك يقتضي حصول الرحمة والبركة لهم ، المعنى : أوصل الله لكم رحمته وبركاته أهل البيت. وكونه دعاء إنما يقتضي أنه أمر يترجى ولم يتحصل به بعد. {أَهْلَ الْبَيْتِ} نصب على الاختصاص ؛ وهذا مذهب سيبويه. وقيل : على النداء.
الثالثة : - هذه الآية تعطي أن زوجة الرجل ، من أهل البيت ؛ فدل ، هذا على أن أزواج الأنبياء من أهل البيت ؛ فعائشة رضي الله عنها وغيرها من جملة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ممن قال الله فيهم : {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب : 33] وسيأتي.
الرابعة : - ودلت الآية أيضا على أن منتهى السلام "وبركاته" كما أخبر الله عن صالحي عباده {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} . والبركة النمو والزيادة ؛ ومن تلك البركات أن جميع الأنبياء والمرسلين كانوا في ولد إبراهيم وسارة. وروى مالك عن وهب بن كيسان أبي نعيم عن محمد بن عمرو بن عطاء قال : كنت جالسا عند عبدالله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ؛ ثم زاد شيئا مع ذلك ؛ فقال ، ابن عباس - وهو يومئذ قد ذهب بصره - من هذا ؟ فقالوا اليماني الذي يغشاك ، فعرفوه إياه ، فقال : "إن السلام انتهى إلى البركة". وروي عن علي رضى الله عنه أنه قال : دخلت المسجد فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم في عصبة من أصحابه ، فقلت : السلام عليكم ؛ فقال : "وعليك السلام ورحمة الله عشرون لي وعشرة لك". قال : ودخلت الثانية ؛ فقلت : السلام عليكم ورحمة الله فقال : "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثلاثون لي وعشرون لك". فدخلت الثالثة فقلت : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : فقال : "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ثلاثون لي وثلاثون لك أنا وأنت في السلام سواء" . {إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} أي محمود ماجد. وقد بيناهما في "الأسماء الحسنى".
(9/71)



الآية : 74 {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}
الآية : 75 {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}
الآية : 76 {يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ}
قوله تعالى : {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ} أي الخوف ؛ يقال : ارتاع من كذا إذا خاف ؛ قال النابغة :
فارتاع من صوت كلاب فبات له ... طوع الشوامت من خوف ومن صرد
{وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى} أي بإسحاق ويعقوب. وقال قتادة : بشروه بأنهم إنما أتوا بالعذاب إلى قوم لوط ، وأنه لا يخاف. {يُجَادِلُنَا} أي يجادل رسلنا ، وأضافه إلى نفسه ، لأنهم نزلوا بأمره. وهذه المجادلة رواها حميد بن هلال عن جندب عن حذيفة ؛ وذلك أنهم لما قالوا : {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ} [العنكبوت : 31] قال لهم : أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين أتهلكونهم ؟ قالوا : لا. قال : فأربعون ؟ قالوا : لا. قال : فثلاثون ؟ قالوا : لا. قال : فعشرون ؟ قالوا : لا. قال : فإن كان فيها عشرة - أو خمسة شك حميد - قالوا : لا. قال قتادة : نحوا منه ؛ قال فقال يعني إبراهيم : قوم ليس فيهم عشرة من المسلمين لا خير فيهم. وقيل إن إبراهيم قال : أرأيتم إن كان فيها رجل مسلم أتهلكونها ؟ قالوا : لا. فقال إبراهيم عند ذلك : {إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت : 32]. وقال عبدالرحمن ابن سمرة : كانوا أربعمائة ألف. ابن جريج. وكان في قرى قوم لوط أربعة آلاف ألف. ومذهب الأخفش والكسائي أن {يُجَادِلُنَا} في موضع "جادلنا". قال النحاس : لما كان جواب "لما" يجب أن يكون بالماضي جعل المستقبل مكانه ؛ كما أن الشرط يجب أن يكون بالمستقبل فجعل الماضي مكانه. وفيه جواب آخر : أن يكون "يجادلنا" في موضع الحال ؛ أي أقبل يجادلنا ؛ وهذا قول الفراء . {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [التوبة : 114] تقدم في "براءة" معنى "لأواه حليم" والمنيب الراجع ؛ يقال : إذا رجع. وإبراهيم صلى الله عليه وسلم كان راجعا إلى الله تعالى في أمور كلها. وقيل : الأواه المتأوه أسفا على ما قد فات قوم لوط من الإيمان.
(9/72)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طارق أحمد العاقب عبدالمجي
دويمابي برتبة نقيب
دويمابي برتبة نقيب
طارق أحمد العاقب عبدالمجي


عدد الرسائل : 371

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 11 أغسطس - 5:50

جزاك الله خيراً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالخميس 11 أغسطس - 18:09


جمعاً إن شاء الله...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: