فوزي عبد القادر موسى عبد دويمابي برتبة لواء
عدد الرسائل : 2478
| موضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن الأحد 30 يناير - 22:44 | |
|
________________________________________ الثالثة والاربعون : - لا إشكال في أن من وجبت عليه شهادة على أحد الأوجه التي ذكرناها فلم يؤدها أنها جرحة في الشاهد والشهادة ، ولا فرق في هذا بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين وهذا قول ابن القاسم وغيره. وذهب بعضهم إلى أن تلك الشهادة إن كانت بحق من حقوق الآدميين كان ذلك جرحة في تلك الشهادة نفسها خاصة ، فلا يصلح له أداؤها بعد ذلك. والصحيح الأول ، لأن الذي يوجب جرحته إنما هو فسقه بامتناعه من القيام بما وجب عليه من غير عذر ، والفسق يسلب أهلية الشهادة مطلقا ، وهذا واضح. الثالثةو الاربعون : - لا تعارض بين قوله عليه السلام : " خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها " وبين قوله عليه السلام في حديث عمران بن حصين : " إن خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم - ثم قال عمران : فلا أدري أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثا - ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن" أخرجهما الصحيحان. وهذا الحديث محمول على ثلاثة أوجه : أحدها : أن يراد به شاهد الزور ، فإنه يشهد بما لم يستشهد ، أي بما لم يتحمله ولا حمله. وذكر أبو بكر بن أبي شيبة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب بباب الجابية فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا كمقامي فيكم. ثم قال : "يا أيها الناس اتقوا الله في أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب وشهادة الزور ". الوجه الثاني : أن يراد به الذي يحمله الشره على تنفيذ ما يشهد به ، فيبادر بالشهادة قبل أن يسألها ، فهذه شهادة مردودة ، فإن ذلك يدل على هوى غالب على الشاهد. الثالث ما قاله إبراهيم النخعي راوي طرق بعض هذا الحديث : كانوا ينهوننا ونحن غلمان عن العهد والشهادات. قوله تعالى : { وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ} "تسأموا" معناه تملوا. قال الأخفش : يقال سئمت أسأم سأما وسآمة وسآما وسأْمة وسأَما ، كما قال الشاعر : سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولا لا أبالك يسأم (3/400) ________________________________________ {أَنْ تَكْتُبُوهُ} في موضع نصب بالفعل. {صَغِيراً أَوْ كَبِيراً} حالان من الضمير في "تكتبوه" وقدم الصغير اهتماما به. وهذا النهي عن السآمة إنما جاء لتردد المداينة عندهم فخيف عليهم أن يملوا الكتب ، ويقول أحدهم : هذا قليل لا أحتاج إلى كتبه ، فأكد تعالى التحضيض في القليل والكثير. قال علماؤنا : إلا ما كان من قيراط ونحوه لنزارته وعدم تشوف النفس إليه إقرارا وإنكارا. الخامسة والاربعون : - قوله تعالى : {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} " معناه أعدل ، يعني أن يكتب القليل والكثير ويشهد عليه. {وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ} أي أصح وأحفظ. "وأدنى" معناه أقرب. و{ تَرْتَابُوا} تشكوا. السادسة والاربعون : - قوله تعالى : {وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ} دليل على أن الشاهد إذا رأى الكتاب ولم يذكر الشهادة لا يؤديها لما دخل عليه من الريبة فيها ، ولا يؤدي إلا ما يعلم لكنه يقول : هذا خطي ولا أذكر الآن ما كتبت فيه. قال ابن المنذر : أكثر من يحفظ عنه من أهل العلم يمنع أن يشهد الشاهد على خطه إذا لم يذكر الشهادة. واحتج مالك على جواز ذلك بقوله تعالى : {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّّ بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف : 81]. وقال بعض العلماء : لما نسب الله تعالى الكتابة إلى العدالة وسعه أن يشهد على خطه وإن لم يتذكر. ذكر ابن المبارك عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه في الرجل يشهد على شهادة فينساها قال : لا بأس أن يشهد إن وجد علامته في الصك أو خط يده. قال ابن المبارك : استحسنت هذا جدا. وفيما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حكم في أشياء غير واحدة بالدلائل والشواهد ، وعن الرسل من قبله ما يدل على صحة هذا المذهب. والله أعلم. وسيأتي لهذا مزيد بيان في "الأحقاف" إن شاء الله تعالى. السابعة والاربعون : - قوله تعالى : {أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} "أن" في موضع نصب استثناء ليس من الأول. قال الأخفش أبو سعيد : أي إلا أن تقع تجارة ، فكان بمعنى وقع وحدث. وقال غيره : "تديرونها" الخبر. وقرأ عاصم وحده "تجارة" (3/401) ________________________________________ على خبر كان واسمها مضمر فيها. "حاضرة" نعت لتجارة ، والتقدير إلا أن تكون التجارة تجارة ، أو إلا أن تكون المبايعة تجارة ، هكذا قدره مكي وأبو علي الفارسي ، وقد تقدم نظائره والاستشهاد عليه. ولما علم الله تعالى مشقة الكتاب عليهم نص على ترك ذلك ورفع الجناح فيه في كل مبايعة بنقد ، وذلك في الأغلب إنما هو في قليل كالمطعوم ونحوه لا في كثير كالأملاك ونحوها. وقال السدي والضحاك : هذا فيما كان يدا بيد. الثامنة والاربعون : - قوله تعالى : { تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} يقتضي التقابض والبينونة بالمقبوض. ولما كانت الرباع والأرض وكثير من الحيوان لا يقبل البينونة ولا يغاب عليه ، حسن الكتب فيها ولحقت في ذلك مبايعة الدين ، فكان الكتاب توثقا لما عسى أن يطرأ من اختلاف الأحوال وتغير القلوب. فأما إذا تفاصلا في المعاملة وتقابضا وبان كل واحد منهما بما ابتاعه من صاحبه ، فيقل في العادة خوف التنازع إلا بأسباب غامضة. ونبه الشرع على هذه المصالح في حالتي النسيئة والنقد وما يغاب عليه وما لا يغاب ، بالكتاب والشهادة والرهن. قال الشافعي : البيوع ثلاثة : بيع بكتاب وشهود ، وبيع برهان ، وبيع بأمانة ، وقرأ هذه الآية. وكان ابن عمر إذا باع بنقد أشهد ، وإذا باع بنسيئة كتب. التاسعة والاربعون : - قوله تعالى : {وَأَشْهِدُوا } قال الطبري : معناه وأشهدوا على صغير ذلك وكبيره. واختلف الناس هل ذلك على الوجوب أو الندب ، فقال أبو موسى الأشعري وابن عمر والضحاك وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد ومجاهد وداود بن علي وابنه أبو بكر. هو على الوجوب ، ومن أشدهم في ذلك عطاء قال : أشهد إذا بعت وإذا اشتريت بدرهم أو نصف درهم أو ثلث أو أقل من ذلك ، فإن الله عز وجل يقول : {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} . وعن إبراهيم قال : أشهد إذا بعت وإذا اشتريت ولو دَسْتَجَةَ بَقَلٍ. وممن كان يذهب إلى هذا ويرجحه الطبري ، وقال : لا يحل لمسلم إذا باع وإذا اشترى إلا أن يشهد ، وإلا كان مخالفا كتاب الله عز وجل ، وكذا إن كان إلى أجل فعليه أن يكتب ويشهد إن (3/402) ________________________________________ وجد كاتبا. وذهب الشعبي والحسن إلى أن ذلك على الندب والإرشاد لا على الحتم. ويحكى أن هذا قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وزعم ابن العربي أن هذا قول الكافة ، قال : وهو الصحيح. ولم يحك عن أحد ممن قال بالوجوب إلا الضحاك. قال وقد باع النبي صلى الله عليه وسلم وكتب. قال : ونسخة كتابه : "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اشترى منه عبدا - أو أمة - لا داء ولا غائلة ولا خبثة بيع المسلم المسلم". وقد باع ولم يشهد ، واشترى ورهن درعه عند يهودي ولم يشهد. ولو كان الإشهاد أمرا واجبا لوجب مع الرهن لخوف المنازعة. قلت : قد ذكرنا الوجوب عن غير الضحاك. وحديث العداء هذا أخرجه الدارقطني وأبو داود. وكان إسلامه بعد الفتح وحنين ، وهو القائل : قاتلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلم يظهرنا الله ولم ينصرنا ، ثم أسلم فحسن إسلامه. ذكره أبو عمر ، وذكر حديثه هذا ، وقال في آخره : قال الأصمعي : سألت سعيد بن أبي عروبة عن الغائلة فقال : الإباق والسرقة والزنا ، وسألته عن الخبثة فقال : بيع أهل عهد المسلمين. وقال الإمام أبو محمد بن عطية : والوجوب في ذلك قلق ، أما في الدقائق فصعب شاق ، وأما ما كثر فربما يقصد التاجر الاستئلاف بترك الإشهاد ، وقد يكون عادة في بعض البلاد ، وقد يستحيي من العالم والرجل الكبير الموقر فلا يشهد عليه ، فيدخل ذلك كله في الائتمان ويبقى الأمر بالإشهاد ندبا ، لما فيه من المصلحة في الأغلب ما لم يقع عذر يمنع منه كما ذكرنا. وحكى المهدوي والنحاس ومكي عن قوم أنهم قالوا : {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} منسوخ بقوله : {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [البقرة : 283] وأسنده النحاس عن أبي سعيد الخدري ، وأنه تلا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ } إلى قوله : { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة : 283]. قال : نسخت هذه الآية ما قبلها. قال النحاس : وهذا قول الحسن والحكم وعبدالرحمن بن زيد. قال الطبري : وهذا لا معنى له ، لأن هذا حكم غير (3/403) ________________________________________ الأول ، وإنما هذا حكم من لم يجد كاتبا قال الله عز وجل : "{ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً - أي فلم يطالبه برهن - فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة : 283]. قال : ولو جاز أن يكون هذا ناسخا للأول لجاز أن يكون قوله عز وجل : {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء : 43] الآية ناسخا لقوله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة : 5] الآية ولجاز أن يكون قوله عز وجل : {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء : 92] ناسخا لقوله عز وجل : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء : 92] وقال بعض العلماء : إن قوله تعالى : { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} لم يتبين تأخر نزوله عن صدر الآية المشتملة على الأمر بالإشهاد ، بل وردا معا. ولا يجوز أن يرد الناسخ والمنسوخ معا جميعا في حالة واحدة. قال : وقد روي عن ابن عباس أنه قال لما قيل له : إن آية الدين منسوخة قال : لا والله إن آية الدين محكمة ليس فيها نسخ قال : والإشهاد إنما جعل للطمأنينة ، وذلك أن الله تعالى جعل لتوثيق الدين طرقا ، منها الكتاب ، ومنها الرهن ، ومنها الإشهاد. ولا خلاف بين علماء الأمصار أن الرهن مشروع بطريق الندب لا بطريق الوجوب. فيعلم من ذلك مثله في الإشهاد. وما زال الناس يتبايعون حضرا وصفرا وبرا وبحرا وسهلا وجبلا من غير إشهاد مع علم الناس بذلك من غير نكير ، ولو وجب الإشهاد ما تركوا النكير على تاركه. قلت : هذا كله استدلال حسن ، وأحسن منه ما جاء من صريح السنة في ترك الإشهاد ، وهو ما خرجه الدارقطني عن طارق بن عبدالله المحاربي قال : "أقبلنا في ركب من الربذة وجنوب الربذة : حتى نزلنا قريبا من المدينة ومعنا ظعينة لنا. فبينا نحن قعود إذ أتانا رجل عليه ثوبان أبيضان فسلم فرددنا عليه ، فقال : من أين أقبل القوم ؟ فقلنا : من الربذة وجنوب الربذة. قال : ومعنا جمل أحمر ، فقال : تبيعوني جملكم هذا ؟ فقلنا نعم. قال بكم ؟ قلنا : بكذا وكذا صاعا من تمر. قال : فما استوضعنا شيئا وقال : قد أخذته ، ثم أخذ برأس الجمل حتى (3/404) ________________________________________ دخل المدينة فتوارى عنا ، فتلاومنا بيننا وقلنا : أعطيتم جملكم من لا تعرفونه! فقالت الظعينة : لا تلاوموا فقد رأيت وجه رجل ما كان ليخفركم. ما رأيت وجه رجل أشبه بالقمر ليلة البدر من وجهه. فلما كان العشاء أتانا رجل فقال : السلام عليكم ، أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم ، وإنه أمركم أن تأكلوا من هذا حتى تشبعوا ، وتكتالوا حتى تستوفوا. قال : فأكلنا حتى شبعنا ، واكتلنا حتى استوفينا". وذكر الحديث الزهري عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي ، الحديث. وفيه : فطفق الأعرابي يقول : هلم شاهدا يشهد أني بعتك - قال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد أنك قد بعته. فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال : "بم تشهد" ؟ فقال : بتصديقك يا رسول الله. قال : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين. أخرجه النسائي وغيره. الموفية خمسين : - قوله تعالى : { وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} فيه ثلاثة أقوال : الأول : لا يكتب الكاتب ما لم يمل عليه ، ولا يزيد الشاهد في شهادته ولا ينقص منها. قاله الحسن وقتادة وطاوس وابن زيد وغيرهم. الثاني : وروي عن ابن عباس ومجاهد وعطاء أن المعنى لا يمتنع الكاتب أن يكتب ولا الشاهد أن يشهد. "ولا يضار" على هذين القولين أصله يضارر بكسر الراء ، ثم وقع الإدغام ، وفتحت الراء في الجزم لخفة الفتحة. قال النحاس : ورأيت أبا إسحاق يميل إلى هذا القول ، قال : لأن بعده. {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} [البقرة : 282] فالأولى أن تكون ، من شهد بغير الحق أو حرف في الكتابة أن يقال له : فاسق ، فهو أولى بهذا ممن سأل شاهدا أن يشهد وهو مشغول. وقرأ عمر بن الخطاب وابن عباس وابن أبي إسحاق يضارر بكسر الراء الأولى. الثالث : وقال مجاهد والضحاك وطاوس والسدي وروي عن ابن عباس : معنى الآية : {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} بأن يدعى الشاهد إلى الشهادة والكاتب إلى الكتب وهما مشغولان ، فإذا اعتذرا بعذرهما أخرجهما وآذاهما ، وقال : خالفتما أمر الله ، ونحو هذا من القول (3/405) ________________________________________ فيضر بهما. وأصل "يضار" على هذا يضارر بفتح الراء ، وكذا قرأ ابن مسعود "يضارر" بفتح الراء الأولى ، فنهى الله سبحانه عن هذا ، لأنه لو أطلقه لكان فيه شغل لهما عن أمر دينهما ومعاشهما. ولفظ المضارة ، إذ هو من اثنين ، يقتضي هذه المعاني. والكاتب والشهيد على القولين الأولين رفع بفعلهما ، وعلى القول الثالث رفع على المفعول الذي لم يسم فاعله. الحادية والخمسون : - قوله تعالى : {وَإِنْ تَفْعَلُوا} يعني المضارة. {فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} أي معصية ، عن سفيان الثوري. فالكاتب والشاهد يعصيان بالزيادة أو النقصان ، وذلك من الكذب المؤذي في الأموال والأبدان ، وفيه إبطال الحق. وكذلك إذايتهما إذا كانا مشغولين معصية وخروج عن الصواب من حيث المخالفة لأمر الله. وقوله "بكم" تقديره فسوق حال بكم. قوله تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه ، أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه ، وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا ، أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل ، ومنه قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً} [الأنفال : 29]. والله أعلم. *3*الآية : 283 {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} فيه أربع وعشرون مسألة : - الأولى : - لما ذكر الله تعالى الندب إلى الإشهاد والكتب لمصلحة حفظ الأموال والأديان ، عقب ذلك بذكر حال الأعذار المانعة من الكتب ، وجعل لها الرهن ، ونص من (3/406) ________________________________________ أحوال العذر على السفر الذي هو غالب الأعذار ، لا سيما في ذلك الوقت لكثرة الغزو ، ويدخل في ذلك بالمعنى كل عذر. فرب وقت يتعذر فيه الكاتب في الحضر كأوقات أشغال الناس وبالليل ، وأيضا فالخوف على خراب ذمة الغريم عذر يوجب طلب الرهن. وقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه عند يهودي طلب منه سلف الشعير فقال : إنما يريد محمد أن يذهب بمالي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كذب إني لأمين في الأرض أمين في السماء ولو ائتمنني لأديت اذهبوا إليه بدرعي" فمات ودرعه مرهونة صلى الله عليه وسلم ، على ما يأتي بيانه آنفا. الثانية : - قال جمهور من العلماء : الرهن في السفر بنص التنزيل ، وفي الحضر ثابت بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا صحيح. وقد بينا جوازه في الحضر من الآية بالمعنى ، إذا قد تترتب الأعذار في الحضر ، ولم يرو عن أحد منعه في الحضر سوى مجاهد والضحاك وداود ، متمسكين بالآية. ولا حجة فيها ، لأن هذا الكلام وإن كان خرج مخرج الشرط فالمراد به غالب الأحوال. وليس كون الرهن في الآية في السفر مما يحظر في غيره. وفي الصحيحين وغيرهما عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا له من حديد. وأخرجه النسائي من حديث ابن عباس قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير لأهله. الثالثة : قوله تعالى : {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً} قرأ الجمهور "كاتبا" بمعنى رجل يكتب. وقرأ ابن عباس وأبي ومجاهد والضحاك وعكرمة وأبو العالية "ولم تجدوا كتابا". قال أبو بكر الأنباري : فسره مجاهد فقال : معناه فإن لم تجدوا مدادا يعني في الأسفار. وروي عن ابن عباس "كتّابا". قال النحاس : هذه القراءة شاذة والعامة على خلافها. وقلما يخرج شيء عن قراءة العامة إلا وفيه مطعن ، ونسق الكلام على كاتب ، قال الله عز وجل قبل هذا : {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} وكتاب يقتضي جماعة. قال ابن عطية : كتابا يحسن من حيث (3/407) ________________________________________ لكل نازلة كاتب ، فقيل للجماعة : ولم تجدوا كتابا. وحكى المهدوي عن أبي العالية أنه قرأ "كُتُبا" وهذا جمع كتاب من حيث النوازل مختلفة. وأما قراءة أبي وابن عباس "كتّابا" فقال النحاس ومكي : هو جمع كاتب كقائم وقيام. مكي : المعنى وإن عدمت الدواة والقلم والصحيفة. ونفي وجود الكاتب يكون بعدم أي آلة اتفق ، ونفي الكاتب أيضا يقتضي نفي الكتاب ، فالقراءتان حسنتان إلا من جهة خط المصحف. الرابعة : - قوله تعالى : {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} وقرأ أبو عمرو وابن كثير "فرهن" بضم الراء والهاء ، وروي عنهما تخفيف الهاء. وقال الطبري : تأول قوم أن "رهنا" بضم الراء والهاء جمع رهان ، فهو جمع جمع ، وحكاه الزجاج عن الفراء. وقال المهدوي : "فرهان" ابتداء والخبر محذوف. والمعنى فرهان مقبوضة يكفي من ذلك. قال النحاس : وقرأ عاصم بن أبي النجود "فرهن" بإسكان الهاء ، ويروى عن أهل مكة. والباب في هذا "رهان" ، كما يقال : بغل وبغال ، وكبش وكباش ، ورُهُن سبيله أن يكون جمع رهان ، مثل كتاب وكتب. وقيل : هو جمع رهن ، مثل سقف وسقف ، وحلق وحلق ، وفرش وفرش ، ونشر ونشر ، وشبهه. "ورهن" بإسكان الهاء سبيله أن تكون الضمة حذفت لثقلها. وقيل : هو جمع رهن ، مثل سهم حشر أي دقيق ، وسهام حشر. والأول أولى ، لأن الأول ليس بنعت وهذا نعت. وقال أبو علي الفارسي : وتكسير "رهن" على أقل العدد لم أعلمه جاء ، فلو جاء كان قياسه أفْعُلا ككلب وأكلب ، وكأنهم استغنوا بالقليل عن الكثير ، كما استغنى ببناء الكثير عن بناء القليل في قولهم : ثلاثة شسوع ، وقد استغنى ببناء القليل عن الكثير في رسن وأرسان ، فرهن يجمع على بناءين وهما فُعُل وفِعَال. الأخفش : فَعْل على فُعُل قبيح وهو قليل شاذ ، قال : وقد يكون "رهن" جمعا للرهان ، كأنه يجمع رهن على رهان ، ثم يجمع رهان على رُهُن ، مثل فراش وفرش. (3/408) ________________________________________ الخامسة : - معنى الرَّهن : احتباس العين وثيقة بالحق ليستوفى الحق من ثمنها أو من ثمن منافعها عند تعذر أخذه من الغريم ، وهكذا حده العلماء ، وهو في كلام العرب بمعنى الدوام والاستمرار. وقال ابن سيده : ورهنه أي أدامه ، ومن رهن بمعنى دام قول الشاعر : الخبز واللحم لهم راهن ... وقهوة راووقها ساكب قال الجوهري : ورهن الشيء رهنا أي دام. وأرهنت له الطعام والشراب أدمته لهم ، وهو طعام راهن. والراهن : الثابت ، والراهن : المهزول من الإبل والناس ، قال إما تري جسمي خلا قد رهن ... هزلا وما مجد الرجال في السمن قال ابن عطية : ويقال في معنى الرهن الذي هو الوثيقة من الرهن : أرهنت إرهانا ، حكاه بعضهم. وقال أبو علي : أرهنت في المغالاة ، وأما في القرض والبيع فرهنت. وقال أبو زيد : أرهنت في السلعة إرهانا : غاليت بها ، وهو في الغلاء خاصة. قال : عيدية أرهنت فيها الدنانير يصف ناقة. والعيد بطن من مهرة وإبل مهرة موصوفة بالنجابة. وقال الزجاج : يقال في الرهن : رهنت وأرهنت ، وقاله ابن الأعرابي والأخفش. قال عبدالله بن همام السلولي : فلما خشيت أظافيرهم ... نجوت وأرهنتهم مالكا قال ثعلب : الرواة كلهم على أرهنتهم ، على أنه يجوز رهنته وأرهنته ، إلا الأصمعي فإنه رواه وأرهنهم ، على أنه عطف بفعل مستقبل على فعل ماض ، وشبهه بقولهم : قمت وأصك وجهه ، وهو مذهب حسن ، لأن الواو واو الحال ، فجعل أصك حالا للفعل الأول على معنى قمت صاكا وجهه ، أي تركته مقيما عندهم ، لأنه لا يقال : أرهنت الشيء ، وإنما يقال : رهنته. وتقول : رهنت لساني بكذا ، ولا يقال فيه : أرهنت. وقال ابن السكيت : أرهنت فيها بمعنى أسلفت. والمرتهن : الذي يأخذ الرهن. والشيء مرهون ورهين ، والأنثى رهينة. وراهنت فلانا على كذا مراهنة : خاطرته. وأرهنت به ولدي إرهانا : أخطرتهم به خطرا. والرهينة واحدة (3/409) ________________________________________ الرهائن ، كله عن الجوهري. ابن عطية : ويقال بلا خلاف في البيع والقرض : رهنت رهنا ، ثم سمي بهذا المصدر الشيء المدفوع تقول : رهنت رهنا ، كما تقول رهنت ثوبا. السادسة : - قال أبو علي : ولما كان الرهن بمعنى الثبوت ، والدوام فمن ثم بطل الرهن عند الفقهاء إذا خرج من يد المرتهن إلى الراهن بوجه من الوجوه ، لأنه فارق ما جعل باختيار المرتهن له. قلت : هذا هو المعتمد عندنا في أن الرهن متى رجع إلى الراهن باختيار المرتهن بطل الرهن ، وقاله أبو حنيفة ، غير أنه قال : إن رجع بعارية أو وديعة لم يبطل. وقال الشافعي : إن رجوعه إلى يد الراهن مطلقا لا يبطل حكم القبض المتقدم ، ودليلنا {فرهان مقبوضة} ، فإذا خرج عن يد القابض لم يصدق ذلك اللفظ عليه لغة ، فلا يصدق عليه حكما ، وهذا واضح. السابعة : - إذا رهنه قولا ولم يقبضه فعلا لم يوجب ذلك حكما ، لقوله تعالى : {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} قال الشافعي : لم يجعل الله الحكم إلا برهن موصوف بالقبض ، فإذا عدمت الصفة وجب أن يعدم الحكم ، وهذا ظاهر جدا. وقالت المالكية : يلزم الرهن بالعقد ويجبر الراهن على دفع الرهن ليحوزه المرتهن ، لقوله تعالى : { أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة : 1] وهذا عقد ، وقوله {بِالْعَهْدِ} [الإسراء : 34] وهذا عهد. وقوله عليه السلام : " المؤمنون عند شروطهم " وهذا شرط ، فالقبض عندنا شرط في كمال فائدته. وعندهما شرط في لزومه وصحته. الثامنة : - قوله تعالى : {مَقْبُوضَةٌ} يقتضي بينونة المرتهن بالرهن. وأجمع الناس على صحة قبض المرتهن ، وكذلك على قبض وكيله. واختلفوا في قبض عدل يوضع الرهن على يديه ، فقال مالك وجميع أصحابه وجمهور العلماء : قبض العدل قبض. وقال ابن أبي ليلى وقتادة والحكم وعطاء : ليس بقبض ، ولا يكون مقبوضا إلا إذا كان عند المرتهن ، ورأوا ذلك تعبدا. وقول الجمهور أصح من جهة المعنى ، لأنه إذا صار عند العدل صار مقبوضا لغة وحقيقة ، لأن العدل نائب عن صاحب الحق وبمنزلة الوكيل ، وهذا ظاهر. التاسعة : - ولو وضع الرهن عل يدي عدل فضاع لم يضمن المرتهن ولا الموضوع على يده ، لأن المرتهن لم يكن في يده شيء يضمنه. والموضوع على يده أمين والأمين غير ضامن. (3/410) ________________________________________ العاشرة : - لما قال تعالى : {مَقْبُوضَةٌ} قال علماؤنا : فيه ما يقتضي بظاهره ومطلقه جواز رهن المشاع. خلافا لأبي حنيفة وأصحابه ، لا يجوز عندهم أن يرهنه ثلث دار ولا نصفا من عبد ولا سيف ، ثم قالوا : إذا كان لرجلين على رجل مال هما فيه شريكان فرهنهما بذلك أرضا فهو جائز إذا قبضاها. قال ابن المنذر : وهذا إجازة رهن المشاع ، لأن كل واحد منهما مرتهن نصف دار. قال ابن المنذر : رهن المشاع جائز كما يجوز بيعه. الحادية عشرة : - ورهن ما في الذمة جائز عند علمائنا ، لأنه مقبوض خلافا لمن منع ذلك ، ومثاله رجلان تعاملا لأحدهما على الآخر دين فرهنه دينه الذي عليه. قال ابن خويز منداد : وكل عرض جاز بيعه جاز رهنه ، ولهذه العلة جوزنا رهن ما في الذمة ، لأن بيعه جائز ، ولأنه مال تقع الوثيقة به فجاز أن يكون رهنا ، قياسا على سلعة موجودة. وقال من منع ذلك : لأنه لا يتحقق إقباضه والقبض شرط في لزوم الرهن ، لأنه لا بد أن يستوفي الحق منه عند المحل ، ويكون الاستيفاء من ماليته لا من عينه ولا يتصور ذلك في الدين. الثانية عشرة : - روى البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة". وأخرجه أبو داود وقال بدل "يشرب" في الموضعين : "يحلب". قال الخطابي : هذا كلام مبهم ليس في نفس اللفظ بيان من يركب ويحلب ، هل الراهن أو المرتهن أو العدل الموضوع على يده الرهن ؟ . قلت : قد جاء ذلك مبينا مفسرا في حديثين ، وبسببهما اختلف العلماء في ذلك ، فروى الدارقطني من حديث أبي هريرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها ولبن الدر يشرب وعلى الذي يشرب نفقته". أخرجه عن أحمد بن علي بن العلاء حدثنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم حدثنا زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة. وهو قول أحمد وإسحاق : أن المرتهن ينتفع من الرهن بالحلب والركوب بقدر النفقة. وقال أبو ثور : إذا كان الراهن ينفق عليه لم ينتفع به المرتهن. وان كان الراهن لا ينفق عليه وتركه (3/411) ________________________________________ في يد المرتهن فأنفق عليه فله ركوبه واستخدام العبد. وقاله الأوزاعي والليث. الحديث الثاني خرجه الدارقطني أيضا ، وفي إسناده مقال ويأتي بيانه - من حديث إسماعيل بن عياش عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يغلق الرهن ولصاحبه غنمه وعليه غرمه ". وهو قول الشافعي والشعبي وابن سيرين. وهو قول مالك وأصحابه. قال الشافعي : منفعة الرهن للراهن ، ونفقته عليه ، والمرتهن لا ينتفع بشيء من الرهن خلا الإحفاظ للوثيقة. قال الخطابي : وهو أولى الأقوال وأصحها ، بدليل قوله عليه السلام : " لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه". قال الخطابي : وقوله : "من صاحبه أي لصاحبه". والعرب تضع "من" موضع اللام ، كقولهم : أمن أم أوفى دمنة لم تكلم قلت : قد جاء صريحا "لصاحبه" فلا حاجة للتأويل. وقال الطحاوي : كان ذلك وقت كون الربا مباحا ، ولم ينه عن قرض جر منفعة ، ولا عن أخذ الشيء بالشيء وإن كانا غير متساويين ، ثم حرم الربا بعد ذلك. وقد أجمعت الأمة على أن الأمة المرهونة لا يجوز للراهن أن يطأها ، فكذلك لا يجوز له خدمتها. وقد قال الشعبي : لا ينتفع من الرهن بشيء. فهذا الشعبي روى الحديث وأفتى بخلافه ، ولا يجوز عنده ذلك إلا وهو منسوخ. وقال ابن عبدالبر وقد أجمعوا أن لبن الرهن وظهره للراهن. ولا يخلو من أن يكون احتلاب المرتهن له بإذن الراهن أو بغير إذنه ، فإن كان بغير إذنه ففي حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه " ما يرده ويقضي بنسخه. وإن كان بإذنه ففي الأصول المجتمع عليها في تحريم المجهول والغرر وبيع ما ليس عندك وبيع ما لم يخلق ، ما يرده أيضا ، فإن ذلك كان قبل نزول تحريم الربا. والله أعلم. (3/412)
| |
|