منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة   كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة I_icon_minitimeالأربعاء 25 يوليو - 2:58

سورة الممتحنة
مدنية في قول الجميع ، وهي ثلاث عشرة آية
مقدمة السورة
الممتحنة "بكسر الحاء" أي المختبرة ، أضيف الفعل إليها مجازا ، كما سميت سورة "التوبة" المبعثرة والفاضحة ؛ لما كشفت من عيوب المنافقين. ومن قال في هذه السورة : الممتحنة "بفتح الحاء" فإنه أضافها إلى المرأة التي نزلت فيها ، وهي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، قال الله تعالى : {فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} الممتحنة : الآية. وهي امرأة عبدالرحمن بن عوف ، ولدت له إبراهيم بن عبدالرحمن.
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية : [1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}
(18/49)





قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} عدَّى اتخذ إلى مفعولين وهما {وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} والعدو فعول من عدا ، كعفو من عفا. ولكونه على زنة المصدر أوقع على الجماعة إيقاعه على الواحد.
وفي هذه الآية سبع مسائل :
الأولى- قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} روى الأئمة - واللفظ لمسلم - عن علي رضي الله عنه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال : "ائتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها" فانطلقنا تعادى بنا خيلنا ، فإذا نحن بالمرأة ، فقلنا : أخرجي الكتاب ، فقالت : ما معي كتاب. فقلنا : لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب ، فأخرجته من عقاصها. فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا حاطب ما هذا ؟ " قال لا تعجل علي يا رسول الله ، إني كنت أمرأ ملصقا في قريش قال سفيان : كان حليفا لهم ، ولم يكن من أنفسها وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليم ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي ، ولم أفعله كفرا ولا ارتدادا عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "صدق". فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق. فقال : "إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" فأنزل الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}. قيل : اسم المرأة سارة من موالي قريش. وكان في الكتاب : "أما بعد ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل ، وأقسم بالله لو لم يسر إليكم إلا وحده لأظفره الله بكم ، وأنجز له موعده فيكم ، فإن الله وليه وناصره. ذكره بعض المفسرين.
(18/50)





وذكر القشيري والثعلبي : أن حاطب بن أبي بلتعة كان رجلا من أهل اليمن ، وكان له حلف بمكة في بني أسد بن عبدالعزى رهط الزبير بن العوام. وقيل : كان حليفا للزبير بن العوام ، فقدمت من مكة سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هشام بن عبد مناف إلى المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز لفتح مكة. وقيل : كان هذا في زمن الحديبية ؛ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أمهاجرة جئت يا سارة". فقالت لا. قال : "أمسلمة جئت" قالت لا. قال : "فما جاء بك" قالت : كنتم الأهل والموالي والأصل والعشيرة ، وقد ذهب الموالي - تعني قتلوا يوم بدر - وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني ؛ فقال عليه الصلاة والسلام : "فأين أنت عن شباب أهل مكة" وكانت مغنية ، قالت : ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر. فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبدالمطلب وبني المطلب على إعطائها ؛ فكسوها وأعطوها وحملوها فخرجت إلى مكة ، وأتاها حاطب فقال : أعطيك عشرة دنانير وبردا على أن تبلغي هذا الكتاب إلى أهل مكة. وكتب في الكتاب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدكم فخذوا حذركم. فخرجت سارة ، ونزل جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فبعث عليا والزبير وأبا مرثد الغنوي. وفي رواية : عليا والزبير والمقداد. وفي رواية : أرسل عليا وعمار بن ياسر. وفي رواية : عليا وعمارا وعمر والزبير وطلحة والمقداد وأبا مرثد - وكانوا كلهم فرسانا - وقال لهم : "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها وخلوا سبيلها فان لم تدفعه لكم فأضربوا عنقها" فأدركوها في ذلك المكان ، فقالوا لها : أين الكتاب ؟ فحلفت ما معها كتاب ، ففتشوا أمتعتها فلم يجدوا معها كتابا ، فهموا بالرجوع فقال علي : والله ما كذبنا ولا كذبنا! وسل سيفه وقال : أخرجي الكتاب وإلا والله لأجردنك ولأضربن عنقك ، فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها - وفي رواية من حجزتها - فخلوا سبيلها ورجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأرسل إلى حاطب فقال :
(18/51)





"هل تعرف الكتاب ؟ " قال نعم. وذكر الحديث بنحو ما تقدم. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمن جميع الناس يوم الفتح إلا أربعة هي أحدهم.
الثانية- السورة أصل في النهي عن مولاة الكفار. وقد مضى ذلك في غير موضع. من ذلك قوله تعالى : {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}. ومثله كثير. وذكر أن حاطبا لما سمع {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} غشي عليه من الفرح بخطاب الإيمان.
الثالثة- قوله تعالى : {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} يعني بالظاهر ؛ لأن قلب حاطب كان سليما ؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : "أما صاحبكم فقد صدق" وهذا نص في سلامة فؤاده وخلوص اعتقاده. والباء في "بالمودة" زائدة ؛ كما تقول : قرأت السورة وقرأت بالسورة ، ورميت إليه ما في نفسي وبما في نفسي. ويجوز أن تكون ثابتة على أن مفعول " تُلْقُونَ " محذوف ؛ معناه تلقون إليهم أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب المودة التي بينكم وبينهم. وكذلك " تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ " أي بسبب المودة. وقال الفراء : "تلقون إليهم بالمودة" من صلة " أَوْلِيَاءَ " ودخول الباء في المودة وخروجها سواء. ويجوز أن تتعلق بـ " ـلا تَتَّخِذُوا " حالا من ضميره. و" أَوْلِيَاءَ " صفة له ، ويجوز أن تكون استئنافا. ومعنى "تلقون إليهم بالمودة" تخبرونهم بسرائر المسلمين وتنصحون لهم ؛ وقاله الزجاج.
الرابعة : من كثر تطلعه على عورات المسلمين وينبه عليهم ويعرف عدوهم بأخبارهم لم يكن بذلك كافرا إذا كان فعله لغرض دنيوي واعتقاده على ذلك سليم ؛ كما فعل حاطب حين قصد بذلك اتخاذ اليد ولم ينو الردة عن الدين.
(18/52)





الخامسة- إذا قلنا لا يكون بذلك كافرا فهل يقتل بذلك حدا أم لا ؟ اختلف الناس فيه ؛ فقال مالك وابن القاسم وأشهب : يجتهد في ذلك الإمام. وقال عبدالملك : إذا كانت عادته تلك قتل ، لأنه جاسوس ، وقد قال مالك بقتل الجاسوس - وهو صحيح لإضراره بالمسلمين وسعيه بالفساد في الأرض. ولعل ابن الماجشون إنما اتخذ التكرار في هذا لأن حاطبا أخذ في أول فعله.
السادسة- فإن كان الجاسوس كافرا فقال الأوزاعي : يكون نقضا لعهده. وقال أصبغ : الجاسوس الحربي يقتل ، والجاسوس المسلم والذمي يعاقبان إلا إن تظاهرا على الإسلام فيقتلان. وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعين للمشركين اسمه فرات بن حيان ، فأمر به أن يقتل ؛ فصاح : يا معشر الأنصار ، أقتل وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله! فأم به النبي صلى الله عليه وسلم فخلى سبيله. ثم قال : "إن منكم من أكله إلى إيمانه منهم فرات بن حيان". وقوله : " وَقَدْ كَفَرُوا " حال ، إما من " لا تَتَّخِذُوا " وإما من " تُلْقُونَ " أي لا تتولوهم أو توادوهم ، وهذه حالهم. وقرأ الجحدري " لمَا جَاءَكُمْ " أي كفروا لأجل ما جاءكم من الحق.
السابعة- قوله تعالى : {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ} استئناف كلام كالتفسير لكفرهم وعتوهم ، أو حال من " كَفَرُوا ". {وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} تعليل لـ "يخرِجون" المعنى يخرجون الرسول ويخرجونكم من مكة لأن تؤمنوا بالله أي لأجل إيمانكم بالله. قال ابن عباس : وكان حاطب ممن أخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء إن كنتم خرجتم مجاهدين في سبيلي. وقيل : في الكلام حذف ، والمعنى إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ، فلا تلقوا إليهم بالمودة. وقيل : " ِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي " شرط وجوابه مقدم. والمعنى إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء. ونصب "جهادا" و"ابتغاء" لأنه مفعول. وقوله : {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} بدل من
(18/53)





"تلقون" ومبيب عنه. والأفعال تبدل من الأفعال ، كما قال تعالى : {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ} وأنشد سيبويه :
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأججا
وقيل : هو على تقدير أنتم تسرون إليهم بالمودة ، فيكون استئنافا. وهذا كله معاتبة لحاطب. وهو يدل على فضله وكرامته ونصيحته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق إيمانه ، فإن المعاتبة لا تكون إلا من محب لحبيبه. كما قال :
أعاتب ذا المودة من صديق ... إذا ما رابني منه اجتناب
إذا ذهب العتاب فليس ود ... ويبقى الود ما بقي العتاب
ومعنى "بالمودة" أي بالنصيحة في الكتاب إليهم. والباء زائدة كما ذكرنا ، أو ثابتة غير زائدة.
قوله تعالى : {وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ} أضمرتم {وَمَا أَعْلَنْتُمْ} أظهرتم. والباء في " بِمَا " زائدة ؛ يقال : علمت كذا وعلمت بكذا. وقيل : وأنا اعلم من كل أحد بما تخفون وما تعلنون ، فحذف من كل أحد. كما يقال : فلان اعلم وأفضل من غيره. وقال ابن عباس : وأنا اعلم بما أخفيتم في صدوركم ، وما أظهرتم بألسنتكم من الإقرار والتوحيد. {وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ} أي من يسر إليهم ويكاتبهم منكم {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي أخطأ قصد الطريق.
الآية : [2] {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}
قوله تعالى : {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ} يلقوكم ويصادفوكم ؛ ومنه المثاقفة ؛ أي طلب مصادفة الغرة في المسايفة وشبهها. وقيل : " إِنْ يَثْقَفُوكُمْ " يظفروا بكم ويتمكنوا منكم {يَكُونُوا لَكُمْ
(18/54)





أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ} أي أيديهم بالضرب والقتل ، وألسنتهم بالشتم. {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} بمحمد ؛ فلا تناصحوهم فإنهم لا يناصحونكم.
الآية : [3] {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
قوله تعالى : {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ} لما اعتذر حاطب بأن له أولادا وأرحاما فيما بينهم ، بين الرب عز وجل أن الأهل والأولاد لا ينفعون شيئا يوم القيامة إن عصي من أجل ذلك. {يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} فيدخل المؤمنين الجنة ويدخل الكافرين النار. وفي "يفصل" قراءات سبع : قرأ عاصم "يفصل" بفتح الياء وكسر الصاد مخففا. وقرأ حمزة والكسائي مشددا إلا أنه على ما لم يسم فاعله. وقرأ طلحة والنخعي بالنون وكسر الصاد مشددة. وروي عن علقمة كذلك بالنون مخففة. وقرأ قتادة وأبو حيوة "يفصل" بضم الياء وكسر الصاد مخففة من أفصل. وقرأ الباقون "يفصل" بياء مضمومة وتخفيف الفاء وفتح الصاد على الفعل المجهول ، واختاره أبو عبيد. فمن خفف فلقوله : {وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} وقوله : {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ} ومن شدد فلأن ذلك أبين في الفعل الكثير المكرر المتردد. ومن أتى به على ما لم يسم فاعله فلأن الفاعل معروف. ومن أتى به مسمى الفاعل رد الضمير إلى الله تعالى. ومن قرأ بالنون فعلى التعظيم. {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
الآية : [4] {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}
(18/55)





الآية : [5] {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
قوله تعالى : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} لما نهى عز وجل عن مولاة الكفار ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ، وأن من سيرته التبرؤ من الكفار ؛ أي فاقتدوا به وأتموا ؛ إلا في استغفاره لأبيه. والأسوة ما يتأسى به ، مثل القدوة والقدوة. ويقال : هو أسوتك ؛ أي مثلك وأنت مثله. وقرأ عاصم " أُسْوَةٌ " بضم الهمزة لغتان. {وَالَّذِينَ مَعَهُ} يعني أصحاب إبراهيم من المؤمنين. وقال ابن زيد : هم الأنبياء {إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ} الكفار {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي الأصنام. وبرآء جمع بريء ؛ مئل شريك وشركاء ، وظريف وظرفاء. وقراءة العامة على وزن فعلاء. وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق "براء" بكسر الباء على وزن فعال ؛ مثل قصير وقصار ، وطويل وطوال ، وظريف وظراف. ويجوز ترل الهمزة حتى تقول : برا ؛ وتنون. وقرئ " بُرَآءُ " على الوصف بالمصدر. وقرئ " بُرَآءُ " على إبدال الضم من الكسر ؛ كرخال ورباب. والآية نص في الأمر بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام في فعله. وذلك يصحح أن شرع من قبلنا شرع لنا فيما أخبر الله ورسوله. {كَفَرْنَا بِكُمْ} أي بما آمنتم به من الأوثان. وقيل : أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق. {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً} أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم {حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة {إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} فلا تتأسوا به في الاستغفار فتستغفرون للمشركين ؛ فإنه كان عن
(18/56)





موعدة منه له قاله قتادة ومجاهد وغيرهما. وقيل : معنى الاستثناء أن إبراهيم هجر قومه وباعدهم إلا في الاستغفار لأببه ، ثم بين عذره في سورة "التوبة".
وفي هذا دلالة على تفضيل نبينا عليه الصلاة والسلام على سائر الأنبياء ؛ لأنا حين أمرنا بالاقتداء به أمرنا أمرا مطلقا في قوله تعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وحين أمرنا بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام استثنى بعض أفعاله. وقيل : هو استثناء منقطع ؛ أي لكن قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ، إنما جرى لأنه ظن أنه أسلم ، فلما بان له أنه لم يسلم تبرأ منه. وعلى هذا يجوز الاستغفار لمن يظن أنه أسلم ؛ وأنتم لم تجدوا مثل هذا الظن ، فلم توالوهم. {وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} هذا من قول إبراهيم عليه السلام لأبيه ؛ أي ما أدفع عنك من عذاب الله شيئا إن أشركت به. {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا} هذا من دعاء إبراهيم عليه السلام وأصحابه. وقيل : علم المؤمنين أن يقولوا هذا. أي تبرؤوا من الكفار وتوكلوا على الله وقولوا : {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا} أي اعتمدنا {وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا} أي رجعنا {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} لك الرجوع في الآخرة {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} أي لا تظهر عدونا علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك. وقيل : لا تسلطهم علينا فيفتنونا ويعذبونا . {وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
الآية : [6] {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
الآية : [7] {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
قوله تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ} أي في إبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء. {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أي في التبرؤ من الكفار. وقيل : كرر للتأكيد. وقيل : نزل الثاني بعد
(18/57)





الأول بمدة ؛ وما أكثر المكررات في القرآن على هذا الوجه. {وَمَنْ يَتَوَلَّ} أي عن الإسلام وقبول هذه المواعظ { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} أي لم يتعبدهم لحاجته إليهم. {الْحَمِيدُ} في نفسه وصفاته. ولما نزلت عادى المسلمون أقرباءهم من المشركين فعلم الله شدة وجد المسلمين في ذلك فنزلت : {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} وهذا بأن يسلم الكافر. وقد أسلم قوم منهم بعد فتح مكة وخالطهم المسلمون ؛ كأبي سفيان بن حرب ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وحكيم بن حزام. وقيل : المودة تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان ؛ فلانت عند ذلك عريكة أبي سفيان ، واسترخت شكيمته في العداوة. قال ابن عباس : كانت المودة بعد الفتح تزويج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان ؛ وكانت تحت عبدالله بن جحش ، وكانت هي وزوجها من مهاجرة الحبشة. فأما زوجها فتنصر وسألها أن تتابعه على دينه فأبت وصبرت على دينها ، ومات زوجها على النصرانية. فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي فخطبها ؛ فقال النجاشي لأصحابه : من أولاكم بها ؟ قالوا : خالد بن سعيد بن العاص. قال فزوجها من نبيكم. ففعل ؛ وأمهرها النجاشي من عنده أربعمائة دينار. وقيل : خطبها النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان ، فلما زوجه إياها بعث إلى النجاشي فيها ؛ فساق عنه المهر وبعث بها إليه. فقال أبو سفيان وهو مشرك لما بلغه تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته : ذلك الفحل لا يقدع أنفه. "يقدع" بالدال غير المعجمة ؛ يقال : هدا فحل لا يقدع أنفه ؛ أي لا يضرب أنفه. وذلك إذا كان كريما.
الآية : [8] {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
(18/58)





قوله تعالى : {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}
فيه ثلاث مسائل :
الأولى- هذه الآية رخصة من الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم. قال ابن زيد : كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ثم نسخ. قال قتادة : نسختها {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وقيل : كان هذا الحكم لعلة وهو الصلح ، فلما زال الصلح بفتح مكة نسخ الحكم وبقي الرسم يتلى. وقيل : هي مخصوصة في حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن بينه وبينه عهد لم ينقضه ؛ قال الحسن. الكلبي : هم خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناف. وقاله أبو صالح ، وقال : هم خزاعة. وقال مجاهد : هي مخصوصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا. وقيل : يعني به النساء والصبيان لأنهم ممن لا يقاتل ؛ فأذن الله في برهم. حكاه بعض المفسرين. وقال أكثر أهل التأويل : هي محكمة. واحتجوا بأن أسماء بنت أبي بكر سألت النبي صلى الله عليه وسلم : هل تصل أمها حين قدمت عليها مشركة ؟ قال : " نعم" خرجه البخاري ومسلم. وقيل : إن الآية فيها نزلت. روى عامر بن عبدالله بن الزبير عن أبيه : أن أبا بكر الصديق طلق امرأته قتيلة في الجاهلية ، وهي أم أسماء بنت أبي بكر ، فقدمت عليهم في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ، فأهدت ، إلى أسماء بنت أبي بكر الصديق قرطا وأشياء ؛ فكرهت أن تقبل منها حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فأنزل الله تعالى : {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}. ذكر هذا الخبر الماوردي وغيره ، وخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده.
الثانية- قوله تعالى : {أَنْ تَبَرُّوهُمْ} " أَنْ" في موضع خفض على البدل من " الَّذِينَ " ؛ أي لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم. وهم خزاعة ، صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدا ؛ فأمر ببرهم والوفاء لهم إلى أجلهم ؛ حكاه الفراء. {وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} أي تعطوهم قسطا من أموالكم على وجه الصلة. وليس يريد به من العدل ؛ فإن العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل ؛ قاله ابن العربي.
(18/59)





الثالثة- قال القاضي أبو بكر في كتاب الأحكام له : استدل به بعض من تعقد عليه الخناصر على وجوب نفقة الابن المسلم على أبيه الكافر. وهذه وهلة عظيمة ، إذ الإذن في الشيء أو ترك النهي عنه لا يدل على وجوبه ، وإنما يعطيك الإباحة خاصة. وقد بينا أن إسماعيل بن إسحاق القاضي دخل عليه ذمي فأكرمه ، فأخذ عليه الحاضرون في ذلك ؛ فتلا هذه الآية عليهم.
الآية : [9] {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
قوله تعالى : {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} أي جاهدوكم على الدين {وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} وهم عتاة أهل مكة. {وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ} أي عاونوا على إخراجكم وهم مشركو أهل مكة {أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} "أَنْ" في موضع جر على البدل على ما تقدم في " أَنْ تَبَرُّوهُمْ ". {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ} أي يتخذهم أولياء وأنصارا وأحبابا {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
الآية : [10] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
(18/60)





قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}
فيه ست مسائل :
الأولى- قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ} لما أمر المسلمين بترك موالاة المشركين اقتضى ذلك مهاجرة المسلمين عن بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، وكان التناكح من أوكد أسباب الموالاة ؛ فبين أحكام مهاجرة النساء. قال ابن عباس : جرى الصلح مع مشركي قريش عام الحديبية ، على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم ، فجاءت سعيدة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب ، والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية بعد ؛ فأقبل زوجها وكان كافرا - وهو صيفي بن الراهب. وقيل : مسافر المخزومي - فقال : يا محمد ، اردد علي امرأتي فإنك شرطت ذلك! وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وقيل : جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردها. وقيل : هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها عمارة والوليد ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخويها وحبسها ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ ردها علينا للشرط ، فقال صلى الله عليه وسلم : "كان الشرط في الرجال لا في النساء" فأنزل الله تعالى هذه الآية. وعن عروة قال : كان مما اشترط سهيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية : ألا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا ، حتى أنزل الله تعالى في المؤمنات ما أنزل ؛ يومئ إلى أن الشرط في رد النساء نسخ بذلك. وقيل : إن التي جاءت أميمة بنت بشر ، كانت عند ثابت بن الشمراخ ففرت منه وهو يومئذ كافر ، فتزوجها سهل بن حنيف فولدت له عبدالله ، قال زيد بن حبيب. كذا قال الماوردي : أميمة بنت بشر كانت عند ثابت بن الشمراخ. وقال المهدوي : وروى ابن وهب عن خالد أن هذه الآية نزلت في أميمة بنت بشر من بني عمرو بن عوف. وهي امرأة حسان بن الدحداح ، وتزوجها بعد هجرتها سهل بن حنيف. وقال مقاتل : إنها سعيدة زوجة صيفي بن الراهب مشرك من أهل مكة. والأكثر من أهل العلم أنها أم كلثوم بنت عقبة.
(18/61)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الممتحنة
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة نوح
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: