منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن   كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن I_icon_minitimeالخميس 19 يوليو - 17:46

المجلد السابع عشر
سورة الرحمن [عزّ وجلّ]




الآية : [31] {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ}
الآية : [32] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [33] {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ}
الآية : [34] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [35] {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ}
الآية : [36] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ} يقال : فرغت من الشغل أفرغ فروغا وفراغا وتفرغت لكذا واستفرغت مجهودي في كذا أي بذلته. والله تعالى ليس له شغل يفرغ منه ، إنما المعنى سنقصد لمجازاتكم أو محاسبتكم ، وهذا وعيد وتهديد لهم كما يقول القائل لمن يربد تهديده : إذا أتفرغ لك أي أقصدك. وفرغ بمعنى قصد ، وأنشد ابن الأنباري في مثل هذا لجرير :
ألان وقد فرغت إلى نمير ... فهذا حين كنت لها عذابا
يريد وقد قصدت. وقال أيضا وأنشده النحاس :
فرغت إلى العبد المقيد في الحجل
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بايع الأنصار ليلة العقبة ، صاح الشيطان : يا أهل الجباجب! هذا مذم يبايع بني قيلة على حربكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "هذا إزب العقبة أما والله يا عدو لأتفرغن لك" أي أقصد إلى إبطال أمرك. وهذا اختيار القتبي والكسائي وغيرهما. وقيل : إن الله تعالى وعد على التقوى وأوعد على الفجور ، ثم قال : {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} مما وعدناكم ونوصل كلا إلى ما وعدناه ، أي أقسم ذلك وأتفرغ منه. قال الحسن ومقاتل وابن زيد. وقرأ عبدالله وأبي {سَنَفْرُغُ إلَيْكُمْ} وقرأ الأعمش وإبراهيم
(17/168)





{سَيُفْرَغُ لَكُمْ} بضم الياء وفتح الراء على ما لم يسم فاعله. وقرأ ابن شهاب والأعرج {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} بفتح النون والراء ، قال الكسائي : هي لغة تميم يقولون فرغ يفرغ ، وحكى أيضا فرغ يفرغ ورواهما هبيرة عن حفص عن عاصم. وروى الجعفي عن أبي عمرو {سَيُفْرَغُ} بفتح الياء والراء ، ورويت عن ابن هرمز. وروي عن عيسى الثقفي {سَنِفْرَغُ لَكُمْ} بكسر النون وفتح الراء ، وقرأ حمزة والكسائي {سَيُفْرَغُ لَكُمْ} بالياء. الباقون بالنون وهي لغة تهامة. والثقلان الجن والإنس ، سميا بذلك لعظم شأنهما بالإضافة إلى ما في الأرض من غيرهما بسبب التكليف - وقيل : سموا بذلك لأنهم ثقل على الأرض أحياء وأمواتا ، قال الله تعالى : {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا} ومنه قولهم : أعطه ثقله أي وزنه. وقال بعض أهل المعاني : كل شيء له قدر ووزن ينافس فيه فهو ثقل. ومنه قيل لبيض النعام ثقل ، لأن واجده وصائده يفرح به إذا ظفر به. وقال جعفر الصادق : سميا ثقلين ، لأنهما مثقلان بالذنوب. وقال : {سَنَفْرُغُ لَكُمْ} فجمع ، ثم قال : {أَيُّه الثَّقَلانِ} لأنهما فريقان وكل فريق جمع ، وكذا قوله تعالى : {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ} ولم يقل إن استطعتما ، لأنهما فريقان في حال الجمع ، كقوله تعالى : {فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} و {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} ولو قال : سنفرغ لكما ، وقال : إن استطعتما لجاز. وقرأ أهل الشام {أَيُّهُ الثَّقَلانِ} بضم الهاء. الباقون بفتحها وقد تقدم.
مسألة : هذه السورة و{الأحقاف} و{قل أوحي} دليل على أن الجن مخاطبون مكلفون مأمورون منهيون مثابون معاقبون كالإنس سواء ، مؤمنهم كمؤمنهم ، وكافرهم ككافرهم ، لا فرق بيننا وبينهم في شيء من ذلك.
قوله تعالى : {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ} ذكر ابن المبارك : وأخبرنا جويبر عن الضحاك قال إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها ، فتكون الملائكة على حافاتها حتى يأمرهم الرب ، فينزلون إلى الأرض فيحيطون بالأرض ومن فيها ، ثم يأمر الله السماء التي تليها
(17/169)





كذلك فينزلون فيكونون صفا من خلف ذلك الصف ، ثم السماء الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة ، فينزل الملك الأعلى في بهائه وملكه ومجنبته اليسرى جهنم ، فيسمعون زفيرها وشهيقها ، فلا يأتون قطرا من أقطارها إلا وجدوا صفوفا من الملائكة ، فذلك قوله تعالى : {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} والسلطان العذر. وقال الضحاك أيضا : بينما الناس في أسواقهم انفتحت السماء ، ونزلت الملائكة ، فتهرب الجن والإنس ، فتحدق بهم الملائكة ، فذلك قوله تعالى : {لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} ذكره النحاس. قلت. فعلى هذا يكون في الدنيا ، وعلى ما ذكر ابن المبارك يكون في الآخرة. وعن الضحاك أيضا : إن استطعتم أن تهربوا من الموت فاهربوا. وقال ابن عباس : إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات وما في الأرض فأعلموه ، ولن تعلموه إلا بسلطان أي ببينة من الله تعالى. وعنه أيضا أن معنى : {لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ} لا تخرجون من سلطاني وقدرتي عليكم. قتادة : لا تنفذون إلا بملك وليس لكم ملك. وقيل : لا تنفذون إلا إلى سلطان ، الباء بمعنى إلى ، كقوله تعالى : {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} أي إلى. قال الشاعر :
أسيئي بنا أو أحسني لا ملولة ... لدينا ولا مقلية إن تقلت
وقوله : {فَانْفُذُوا} أمر تعجيز.
قوله تعالى : {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} أي لو خرجتم أرسل عليكم شواظ من نار ، وأخذكم العذاب المانع من النفوذ. وقيل : ليس هذا متعلقا بالنفوذ بل أخبر أنه يعاقب العصاة عذابا بالنار. وقيل : أي بآلاء ربكما تكذبان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس عقوبة على ذلك التكذيب. وقيل : يحاط على الخلائق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ} ، فتلك النار قوله : {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ}
(17/170)





والشواظ في قول ابن عباس وغيره اللهب الذي لا دخان له. والنحاس : الدخان الذي لا لهب فيه ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت يهجو حسان بن ثابت رضي الله عنه ، كذا وقع في تفسير الثعلبي والماوردي ابن أبي الصلت ، وفي "الصحاح" و"الوقف والابتداء" لابن الأنباري : أمية بن خلف قال :
ألا من مبلغ حسان عني ... مغلغة تدب إلى عكاظ
أليس أبوك فينا كان فينا ... لدي القينات فسلا في الحفاظ
يمانيا يظل يشد كيرا ... وينفح دائبا لهب الشواظ
فأجابه حسان رضي الله عنه فقال :
هجوتك فاختضعت لها بذل ... بقافية تأجج كالشواظ
وقال رؤبة :
إن لهم من وقعنا أقياظا ... ونار حرب تسعر الشواظا
وقال مجاهد : الشواظ اللهب الأخضر المنقطع من النار. الضحاك : هو الدخان الذي يخرج من اللهب ليس بدخان الحطب. وقال سعيد بن جبير. وقد قيل : إن الشواظ النار والدخان جميعا ، قاله عمرو وحكاه الأخفش عن بعض العرب. وقرأ ابن كثير {شُوَاظ} بكسر الشين. الباقون بالضم وهما لغتان ، مثل صوار وصوار لقطيع البقر. {وَنُحَاسٌ} قراءة العامة {وَنُحَاسٌ} بالرفع عطف على {شُوَاظ}. وقرأ ابن كثير وابن محيصن ومجاهد وأبو عمرو {وَنُحَاسِ} بالخفض عطفا على النار. قال المهدوي : من قال إن الشواظ النار والدخان جميعا فالجر في {وَنُحَاس} على هذا بين. فأما الجر على قول من جعل الشواظ اللهب الذي لا دخان فيه فبعيد لا يسوغ إلا على تقدير حذف موصوف كأنه قال : {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا
(17/171)





شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} وشيء من نحاس ، فشيء معطوف على شواظ ، ومن نحاس جملة هي صفة لشيء ، وحذف شيء ، وحذفت من لتقدم ذكرها في {مِنْ نَارٍ} كما حذفت على من قولهم : على من تنزل أنزل أي عليه. فيكون {وَنُحَاس} على هذا مجرورا بمن المحذوفة. وعن مجاهد وحميد وعكرمة وأبي العالية {وَنُحَاسِ} بكسر النون لغتان كالشواظ والشواظ. والنحاس بالكسر أيضا الطبيعة والأصل ، يقال : فلان كريم النحاس والنحاس أيضا بالضم أي كريم النجار. وعن مسلم بن جندب {ونُحْسٌ} بالرفع. وعن حنظلة بن مرة بن النعمان الأنصاري {ونُحُسٍ} بالجر عطف على نار. ويجوز أن يكون {وَنِحَاسٍ} بالكسر جمع نحس كصعب وصعاب {ونَحْسٍ} بالرفع عطف على {شواظ} وعن الحسن {ونُحُسٍ} بالضم فيهما جمع نحس. ويجوز أن يكون أصله ونحوس فقصر بحذف واوه حسب ما تقدم عند قوله : {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}. وعن عبدالرحمن بن أبي بكرة {ونُحُسُّ} بفتح النون وضم الحاء وتشديد السين من حس يحس حسا إذا استأصل ، ومنه قوله تعالى : {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} والمعنى ونقتل بالعذاب. وعلى القراءة الأولى {وَنُحَاسٌ} فهو الصفر المذاب يصب على رؤوسهم ، قاله مجاهد وقتادة ، وروي عن ابن عباس. وعن ابن عباس أيضا وسعيد بن جبير أن النحاس الدخان الذي لا لهب فيه ، وهو معنى قول الخليل ، وهو معروف في كلام العرب بهذا المعنى ، قال نابغة بني جعدة :
يضيء كضوء سراج السليـ ... ـط لم يجعل الله فيه نحاسا
قال الأصمعي : سمعت أعرابيا يقول السليط دهن السمسم بالشام ولا دخان فيه. وقال مقاتل : هي خمسة أنهار من صفر مذاب ، تجري من تحت العرش على رؤوس أهل النار ، ثلاثة أنهار على مقدار الليل ونهران على مقدار النهار. وقال ابن مسعود : النحاس المهل. وقال الضحاك : هو دردي الزيت المغلي. وقال الكسائي : هو النار التي لها ريح شديدة. {فَلا تَنْتَصِرَانِ} أي لا ينصر بعضكم بعضا يعني الجن والإنس.
(17/172)





الآية : [37] {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}
الآية : [38] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [39] {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ}
الآية : [40] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ} أي انصدعت يوم القيامة {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} الدهان الدهن ، عن مجاهد والضحاك وغيرهما. والمعنى أنها صارت في صفاء الدهن ، والدهان على هذا جمع دهن. وقال سعيد بن جبير وقتادة : المعنى فكانت حمراء. وقيل : المعنى تصير في حمرة الورد وجريان الدهن ، أي تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم ، وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها. وقيل : الدهان الجلد الأحمر الصرف ، ذكره أبو عبيد والفراء. أي تصير السماء حمراء كالأديم لشدة حر النار. ابن عباس : المعنى فكانت كالفرس الورد ، يقال للكميت : ورد إذا كان يتلون بألوان مختلفة. قال ابن عباس : الفرس الورد ، في الربيع كميت أصفر ، وفي أول الشتاء كميت أحمر ، فإذا اشتد الشتاء كان كميتا أغبر. وقال الفراء : أراد الفرس الوردية ، تكون في الربيع وردة إلى الصفرة ، فإذا أشتد البرد كانت وردة حمراء ، فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة ، فشبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل. وقال الحسن : {كَالدِّهَانِ} أي كصب الدهن فإنك إذا صببته ترى فيه ألوانا. وقال زيد بن أسلم : المعنى أنها تصير كعكر الزيت ، وقيل : المعنى أنها تمر وتجيء. قال الزجاج : أصل الواو والراء والدال للمجيء والإتيان. وهذا قريب مما قدمناه من أن الفرس الوردة تتغير ألوانها. وقال قتادة : إنها اليوم خضراء وسيكون لها لون أحمر ، حكاه الثعلبي. وقال الماوردي : وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة ، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق ، وشبهوا ذلك بعروق البدن ، وهي حمراء كحمرة الدم وترى بالحائل زرقاء ، فإن كان هذا صحيحا فإن السماء لقربها من النواظر يوم القيامة وارتفاع الحواجز ترى حمراء ، لأنه أصل لونها. والله أعلم.
(17/173)





قوله تعالى : {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ} هذا مثل قوله تعالى : {وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} وأن القيامة مواطن لطول ذلك اليوم ، فيسأل في بعض ولا يسأل في بعض ، وهذا قول عكرمة. وقيل : المعنى لا يسألون إذا استقروا في النار. وقال الحسن وقتادة : لا يسألون عن ذنوبهم ، لأن الله حفظها عليهم ، وكتبتها عليهم الملائكة. رواه العوفي عن ابن عباس. وعن الحسن ومجاهد أيضا : المعنى لا تسأل الملائكة عنهم ، لأنهم يعرفونهم بسيماهم ، دليله ما بعده. وقال مجاهد عن ابن عباس. وعنه أيضا في قوله تعالى : {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} وقوله : {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ} وقال : لا يسألهم ليعرف ذلك منهم ، لأنه أعلم بذلك منهم ، ولكنه يسألهم لم عملتموها سؤال توبيخ. وقال أبو العالية : لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم. وقال قتادة : كانت المسألة قبل ، ثم ختم على أفواه القوم وتكلمت الجوارح شاهدة عليهم. وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال : "فيلقي العبد فيقول أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والأبل وأذرك ترأس وتربع فيقول بلى فيقول أفظننت أنك ملاقي فيقول لا فيقول إني أنساك كما نسيتني ثم يلقي الثاني فيقول له مثل ذلك بعينه ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول ها هنا إذا ثم يقال له الآن نبعث شاهدنا عليك فيفتكر في نقسه من هذا الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه" وقد مضى هذا الحديث في {حم السجدة} وغيرها.
(17/174)





الآية : [41] {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ}
الآية : [42] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [43] {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ}
الآية : [44] {يطوفون بينها وبين حميم آن}
الآية : [45] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} قال الحسن : سواد الوجه وزرقة الأعين ، قال الله تعالى : {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} وقال تعالى : {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}. {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ} أي تأخذ الملائكة بنواصيهم ، أي بشعور مقدم رؤوسهم وأقدامهم فيقذفونهم في النار. والنواصي جمع ناصية. وقال الضحاك : يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره. وعنه : يؤخذ برجلي الرجل فيجمع بينهما وبين ناصية حتى يندق ظهره ثم يلقى في النار. وقيل : يفعل ذلك به ليكون أشد لعذابه وأكثر لتشويهه. وقيل : تسحبهم الملائكة إلى النار ، تارة تأخذ بناصيته وتجره على وجهه ، وتارة تأخذ بقدميه وتسحبه على رأسه.
قوله تعالى : {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} أي يقال لهم هذه النار التي أخبرتم بها فكذبتم. {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} قال قتادة : يطوفون مرة بين الحميم ومرة بين الجحيم ، والجحيم النار ، والحميم الشراب. وفي قوله تعالى : {آنٍ} ثلاثة أوجه ، أحدها أنه الذي انتهى حره وحميمه. قال ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي ، ومنه قول النابغة الذبياني :
وتخضب لحية غدرت وخانت ... بأحمر من نجيع الجوف آن
قال قتادة : {آنٍ} طبخ منذ خلق الله السماوات والأرض ، يقول : إذا استغاثوا من النار جعل غياثهم ذلك. وقال كعب : {آن} واد من أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل
(17/175)





النار فيغمسون بأغلالهم فيه حتى تنخلع أوصالهم ، ثم يخرجون منها وقد أحدث الله لهم خلقا جديدا فيلقون في النار ، فذلك قوله تعالى : {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ}. وعن كعب أيضا : أنه الحاضر. وقال مجاهد : إنه الذي قد آن شربه وبلغ غايته. والنعمة فيما وصف من هول القيامة وعقاب المجرمين ما في ذلك من الزجر عن المعاصي والترغيب في الطاعات. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى على شاب في الليل يقرأ {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} فوقف الشاب وخنقته العبرة وجعل يقول : ويحي من يوم تنشق فيه السماء ويحي! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ويحك يا فتى مثلها فو الذي نفسي بيده لقد بكت ملائكة السماء لبكائك".
الآية : [46] {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}
الآية : [47] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} فيه مسألتان
الأولى- لما ذكر أحوال أهل النار ذكر ما أعد للأبرار. والمعنى خاف مقامه بين يدي ربه للحساب فترك المعصية. فـ {مَقَامَ} مصدر بمعنى القيام. وقيل : خاف قيام ربه عليه أي إشرافه واطلاعه عليه ، بيانه قوله تعالى : {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} وقال مجاهد وإبراهيم النخعي : هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله فيدعها من خوفه.
الثانية- هذه الآية دليل على أن من قال لزوجه : إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق أنه لا يحنث إن كان هم بالمعصية وتركها خوفا من الله وحياء منه. وقال به سفيان الثوري وأفتى به. وقال محمد بن علي الترمذي : جنة لخوفه من ربه ، وجنة لتركه شهوته. وقال ابن عباس : من خاف مقام ربه بعد أداء الفرائض. وقيل : المقام الموضع ، أي خاف مقامه بين يدي ربه للحساب كما تقدم ويجوز أن يكون المقام للعبد ثم يضاف إلى الله ، وهو كالأجل في قوله : {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ ل} وقوله في موضع آخر :
(17/176)





{إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ} {جَنَّتَانِ} أي لمن خاف جنتان على حدة ، فلكل خائف جنتان. وقيل : جنتان لجميع الخائفين ، والأول أظهر. وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الجنتان بستانان في عرض الجنة كل بستان مسيرة مائة عام في وسط كل بستان دار من نور وليس منها شيء إلا يهتز نغمة وخضرة ، قرارها ثابت وشجرها ثابت" ذكره المهدوي والثعلبي أيضا من حديث أبي هريرة. وقيل : إن الجنتين جنته التي خلقت له وجنة ورثها. وقيل : إحدى الجنتين منزل والأخرى منزل أزواجه كما يفعله رؤساء الدنيا. وقيل : إن إحدى الجنتين مسكنه والأخرى بستانه. وقيل : إن إحدى الجنتين أسافل القصور والأخرى أعاليها. وقال مقاتل : هما جنة عدن وجنة النعيم. وقال الفراء : إنما هي جنة واحدة ، فثنى لرؤوس الآي. وأنكر القتبي هذا وقال : لا يجوز أن يقال خزنة النار عشرون إنما قال تسعة عشر لمراعاة رؤوس الآي. وأيضا قال : {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}. وقال أبو جعفر النحاس : قال الفراء قد تكون جنة فتثنى في الشعر ، وهذا القول من أعظم الغلط على كتاب الله عز وجل ، يقول الله عز وجل : {جَنَّتَانِ} ويصفهما بقوله : {فِيهِمَا} فيدع الظاهر ويقول : يجوز أن تكون جنة ويحتج بالشعر! وقيل : إنما كانتا اثنتين ليضاعف له السرور بالتنقل من جهة إلى جهة. وقيل : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه خاصة حين ذكر ذات يوم الجنة حين أزلفت والنار حين برزت ، قاله عطاء وابن شوذب. وقال الضحاك : بل شرب ذات يوم لبنا على ظمأ فأعجبه ، فسأله عنه فأخبر أنه من غير حل فاستقاءه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ، فقال : "رحمك الله لقد أنزلت فيك آية" وتلا عليه هذه الآية
الآية : [48] {ذواتا أفنان}
الآية : [49] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [50] {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}
الآية : [51] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
(17/177)





قوله تعالى : {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} قال ابن عباس وغيره : أي ذواتا ألوان من الفاكهة الواحد فن. وقال مجاهد : الأفنان الأغصان واحدها فنن ، قال النابغة :
بكاء حمامة تدعو هديلا ... مفجعه على فنن تغني
وقال آخر يصف طائرين :
باتا على غصن بان في ذرى فنن ... يرددان لحونا ذات ألوان
أراد باللحون الغات. وقال آخر :
ما هاج شوقك من هديل حمامة ... تدعو على فنن الغصون حماما
تدعو أب فرخين صادف ضاريا ... ذا مخلبين من الصقور قطاما
والفنن جمعه أفنان ثم الأفانين ، وقال يصف رحى :
لها زمام من أفانين الشجر
وشجرة فناء أي ذات أفنان وفنواء أيضا على غير قياس. وفي الحديث : "أن أهل الجنة مرد مكحلون أولو أفانين" يريد أولو فنن وهو جمع أفنان ، وأفنان جمع فنن وهو الخصلة من الشعر شبه بالغصن. ذكره الهروي. وقل : {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} أي ذواتا سعة وفضل على ما سواهما ، قاله قتاده. وعن مجاهد أيضا وعكرمة : إن الأفنان ظل الأغصان على الحيطان.
قوله تعالى : {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} أي في كل واحدة منهما عين جارية. قال ابن عباس : تجريان ماء بالزيادة والكرامة من الله تعالى على أهل الجنة. وعن ابن عباس أيضا والحسن : تجريان بالماء الزلال إحدى العينين التسنيم والأخرى السلسبيل.
وعنه أيضا : عينان مثل الدنيا أضعافا مضاعفة ، حصباؤهما الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ، وترابهما الكافور ، وحمأتهما المسك الأذفر ، وحافتاهما الزعفران. وقال عطية : إحداهما من ماء غير آسن ، والأخرى من خمر لذة للشاربين. وقيل : تجريان من جبل من مسك. وقال أبو بكر الوراق : فيهما عنيان تجريان لمن كانت عيناه في الدنيا تجريان من مخافة الله عز وجل.


(17/178)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: