منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالإثنين 22 أغسطس - 19:25




سورة يوسف



18 - {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}
قوله تعالى : {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : {بِدَمٍ كَذِبٍ} قال مجاهد : كان دم سخلة أو جدي ذبحوه. وقال قتادة : كان دم ظبية ؛ أي جاؤوا على قميصه بدم مكذوب فيه ، فوصف الدم بالمصدر ، فصار تقديره : بدم ذي كذب ؛ مثل : {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف : 82] والفاعل والمفعول قد يسميان بالمصدر ؛ يقال : هذا ضرب الأمير ، أي مضروبه وماء سكب أي مسكوب ، وماء غور أي غائر ، ورجل عدل أي عادل.
وقرأ الحسن وعائشة : {بِدَمٍ كَدِبٍ} بالدال غير المعجمة ، أي بدم طري ؛ يقال للدم الطري الكدب. وحكي أنه المتغير ؛ قاله الشعبي. والكدب أيضا البياض الذي يخرج في أظفار الأحداث ؛ فيجوز أن يكون شبه الدم في القميص بالبياض الذي يخرج في الظفر من جهة اختلاف اللونين.
الثانية : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : لما أرادوا أن يجعلوا الدم علامة على صدقهم قرن الله بهذه العلامة علامة تعارضها ، وهي سلامة القميص من التنييب ؛ إذ لا يمكن افتراس الذئب ليوسف وهو لابس القميص ويسلم القميص من التخريق ؛ ولما تأمل يعقوب عليه السلام القميص فلم يجد فيه خرقا ولا أثرا استدل بذلك على كذبهم ، وقال لهم : متى كان هذا الذئب ، حكيما يأكل يوسف ولا يخرق القميص! قاله ابن عباس وغيره ؛ روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان الدم دم سخلة. وروى سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما نظر إليه قال كذبتم ؛ لو كان الذئب أكله لخرق القميص. وحكى الماوردي أن في القميص ثلاث آيات : حين جاؤوا عليه بدم كذب ، وحين قد قميصه من دبر ، وحين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيرا.
(9/149)



قلت : وهذا مردود ؛ فإن القميص الذي جاؤوا عليه بالدم غير القميص الذي قُد ، وغير القميص الذي أتاه البشير به. وقد قيل : إن القميص الذي قُد هو الذي أتي به فارتد بصيرا ، على ما يأتي بيانه آخر السورة إن شاء الله تعالى. وروي أنهم قالوا له : بل اللصوص قتلوه ؛ فاختلف قولهم ، فاتهمهم ، فقال لهم يعقوب : تزعمون أن الذئب أكله ، ولو أكله لشق قميصه قبل أن يفضي إلى جلده ، وما أرى بالقميص من شق ؛ وتزعمون أن اللصوص قتلوه ، ولو قتلوه لأخذوا قميصه ؛ هل يريدون إلا ثيابه ؟ ! فقالوا عند ذلك : { وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} عن الحسن وغيره ؛ أي لو كنا موصوفين بالصدق لا تهمتنا.
الثالثة : استدل الفقهاء بهذه الآية في إعمال الأمارات في مسائل من الفقه كالقسامة وغيرها ، وأجمعوا على أن يعقوب عليه السلام ستدل على كذبهم بصحة القميص ؛ وهكذا يجب على الناظر أن يلحظ الأمارات والعلامات إذا تعارضت ، فما ترجح منها قضى بجانب الترجيح ، وهي قوة التهمة ؛ ولا خلاف بالحكم بها ، قاله بن العربي.
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}
فيلا ثلاث مسائل :
الأولى : روي أن يعقوب لما قالوا له : {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} قال لهم : ألم يترك الذئب له عضوا فتأتوني به أستأنس به ؟ ! ألم يترك لي ثوبا أشم فيه رائحته ؟ قالوا : بلى! هذا قميصه ملطوخ بدمه ؛ فذلك قوله تعالى : {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} فبكى يعقوب عند ذلك وقال ، لبنيه : أروني قميصه ، فأروه فشمه وقبله ، ثم جعل يقلبه فلا يرى فيه شقا ولا تمزيقا ، فقال : والله الذي لا إله إلا هو ما رأيت كاليوم ذئبا أحكم منه ؛ أكل ابني واختلسه من قميصه ولم يمزقه عليه ؛ وعلم أن الأمر ليس كما قالوا ، وأن الذئب لم يأكله ، فأعرض عنهم كالمغضب باكيا حزينا وقال : يا معشر ولدي! دلوني على ولدي ؛ فإن كان حيا رددته إلي ، وإن كان ميتا كفنته ودفنته ، فقيل قالوا حينئذ : ألم تروا إلى أبينا كيف يكذبنا في مقالتنا! تعالوا نخرجه من الجب ونقطعه عضوا عضوا ، ونأت أبانا بأحد أعضائه فيصدقنا
(9/150)



في مقالتنا ويقطع يأسه ؛ فقال يهوذا : والله لئن فعلتم لأكونن لكم عدوا ما بقيت ، ولأخبرن أباكم بسوء صنيعكم ؛ قالوا : فإذا منعتا من هذا فتعالوا نصطد له ذئبا ، قال : فاصطادوا ذئبا ولطخوه بالدم ، وأوثقوه بالحبال ، ثم جاؤوا به يعقوب وقالوا : يا أبانا! إن هذا الذئب الذي يحل بأغنامنا ويفترسها ، ولعله الذي أفجعنا بأخينا لا نشك فيه ، وهذا دمه عليه ، فقال يعقوب : اطلقوه ؛ فأطلقوه ، وتبصبص له الذئب ؛ فأقبل يدنو منه ويعقوب يقول له : ادن ادن ؛ حتى ألصق خده بخده فقال له يعقوب : أيها الذئب! لم فجعتني بولدي وأورثتني حزنا طويلا ؟ ! ثم قال اللهم أنطقه ، فأنطقه الله تعالى فقال : والذي اصطفاك نبيا ما أكلت لحمه ، ولا مزقت جلده ، ولا نتفت شعرة من شعراته ، والله! ما لي بولدك عهد ، وإنما أنا ذئب غريب أقبلت من نواحي مصر في طلب أخ لي فُقد ، فلا أدري أحي هو أم ميت ، فاصطادني أولادك وأوثقوني ، وإن لحوم الأنبياء حرمت علينا وعلى جميع الوحوش ، وتالله لا أقمت في بلاد يكذب فيها أولاد الأنبياء على الوحوش ؛ فأطلقه يعقوب وقال : والله لقد أتيتم بالحجة على أنفسكم ؛ هذا ذئب بهيم خرج يتبع ذمام أخيه ، وأنتم ضيعتم أخاكم ، وقد علمت أن الذئب بريء مما جئتم به. {بَلْ سَوَّلَتْ } أي زينت لكم. {أَنْفُسُكُمْ أَمْراً} غير ما تصفون وتذكرون.
قوله تعالى : {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} وهي :
الثالثة : قال الزجاج : أي فشأني والذي اعتقده صبر جميل. وقال قطرب : أي فصبري صبر جميل. وقيل : أي فصبر جميل أولى بي ؛ فهو مبتدأ وخبره محذوف. ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصبر الجميل فقال : "هو الذي لا شكوى معه". وسيأتي له مزيد بيان آخر السورة إن شاء الله. قال أبو حاتم : قرأ عيسى بن عمر فيما زعم سهل بن يوسف "فصبرا جميلا" قال : وكذا قرأ الأشهب العقيلي ؛ قال وكذا. في مصحف أنس وأبي صالح. قال المبرد : "فصبر جميل" بالرفع أولى من النصب ؛ لأن المعنى : قال رب عندي صبر جميل ؛ قال : وإنما النصب على المصدر ، أي فلأصبرن صبرا جميلا ؛
(9/151)



شكا إلي جملي طول السرى ... صبرا جميلا فكلانا مبتلى
والصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه ولا شكوى. وقيل : المعنى لا أعاشركم على كآبة الوجه وعبوس الجبين ، بل أعاشركم على ما كنت عليه معكم ؛ وفي هذا ما يدل على أنه عفا عن مؤاخذتهم. وعن حبيب بن أبي ثابت أن يعقوب كان قد سقط حاجباه على عينيه ؛ فكان يرفعهما بخرقة ؛ فقيل له : ما هذا ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان ؛ فأوحى الله إليه أتشكوني يا يعقوب ؟ ! قال : يا رب! خطيئة أخطأتها فاغفر لي. {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ} ابتداء وخبر. {عَلَى مَا تَصِفُونَ} أي على احتمال ما تصفون من الكذب.
قال ابن أبي رفاعة : ينبغي لأهل الرأي أن يتهموا رأيهم عند ظن يعقوب صلى الله عليه وسلم وهو نبي ؛ حين قال له بنوه : {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ} قال : {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} فأصاب هنا ، ثم قالوا له : {إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} [يوسف : 81] قال : {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً} فلم يصب.
19 - {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}
قوله تعالى : {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ} أي رفقة مارة يسيرون من الشام إلى مصر فأخطؤوا الطريق وهاموا حتى نزلوا قريبا من الجب ، وكان الجب في قفرة بعيدة من العمران ، إنما هو للرعاة والمجتاز ، وكان ماؤه ملحا فعذب حين ألقي فيه يوسف. {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} فذكر على المعنى ؛ ولو قال : فأرسلت واردها لكان على اللفظ ، مثل "وجاءت". والوارد الذي يرد الماء يستقي للقوم ؛ وكان اسمه - فيما ذكر المفسرون - مالك بن دعر ،
(9/152)



من العرب العاربة. {فَأَدْلَى دَلْوَهُ} أي أرسله ؛ يقال : أدلى دلوه إذا أرسلها ليملأها ، ودلاها أي أخرجها : عن الأصمعي وغيره. ودلا - من ذات الواو - يدلو دلوا ، أي جذب وأخرج ، وكذلك أدلى إذا أرسل ، فلما ثقل ردوه إلى الياء ، لأنها أخف من الواو ؛ قال الكوفيون. وقال الخليل وسيبويه : لما جاوز ثلاثة أحرف رجع إلى الياء ، اتباعا للمستقبل. وجمع دلو في أقل العدد أدل فإذا كثرت قلت : دلي ودلي ؛ فقلبت الواو ياء ، إلا أن الجمع بابه التغيير ، وليفرق بين الواحد والجمع ؛ ودلاء أيضا. فتعلق يوسف بالحبل ، فلما خرج إذا غلام كالقمر ليلة البدر ، أحسن ما يكون من الغلمان. قال صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء من صحيح مسلم : "فإذا أنا بيوسف إذا هو قد أعطي شطر الحسن" . وقال كعب الأحبار : كان يوسف حسن الوجه ، جعد الشعر ، ضخم العينين ، مستوي الخلق ، أبيض اللون ، غليظ الساعدين والعضدين ، خميص البطن ، صغير السرة ، إذا ابتسم رأيت النور من ضواحكه ، وإذا تكلم رأيت في كلامه شعاع الشمس من ثناياه ، لا يستطيع أحد وصفه ؛ وكان حسنه كضوء النهار عند الليل ، وكان يشبه آدم عليه السلام يوم خلقه الله ونفخ فيه من روحه قبل أن يصيب المعصية ، وقيل : إنه ورث ذلك الجمال من جدته سارة ؛ وكانت قد أعطيت سدس الحسن ؛ فلما رآه مالك بن دعر قال : "يا بشراي هذا غلام" وهذه قراءة أهل المدينة وأهل البصرة ؛ إلا ابن أبي إسحاق فإنه قرأ "يا بُشْرَيَّ هذا غلام" فقلب الألف ياء ، لأن هذه الياء يكسر ما قبلها ، فلما لم يجز كسر الألف كان قلبها عوضا. وقرأ أهل الكوفة "يا بشرى" غير مضاف ؛ وفي معناه قولان : أحدهما : اسم الغلام ، والثاني : معناه يا أيتها البشرى هذا حينك وأوانك. قال قتادة والسدي : لما أدلى المدلي دلوه تعلق بها يوسف فقال : يا بشرى هذا غلام ؛ قال قتادة : بشر أصحابه بأنه وجد عبدا. وقال السدي : نادى رجلا اسمه بشرى. قال النحاس : قول قتادة أولى ؛ لأنه لم يأت في القرآن تسمية أحد إلا يسيرا ؛ وإنما يأتي بالكناية كما قال عز وجل : {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [الفرقان : 27] وهو عقبة بن أبي معيط ، وبعده {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} [الفرقان : 28] وهو أمية
(9/153)



بن خلف ؛ قال النحاس. والمعنى في نداء البشرى : التبشير لمن حضر ؛ وهو أوكد من قولك تبشرت ، كما تقول : يا عجباه! أي يا عجب هذا من أيامك ومن آياتك ، فاحضر ؛ وهذا مذهب سيبويه ، وكذا قال السهيلي. وقيل : هو كما تقول : واسروراه! وأن البشرى مصدر من الاستبشار : وهذا أصح ؛ لأنه لو كان اسما علما لم يكن مضافا إلى ، ضمير المتكلم ؛ وعلى هذا يكون "بشراي" في موضع نصب ، لأنه نداء مضاف ؛ ومعنى النداء ههنا التنبيه ، أي انتبهوا لفرحتي وسروري ؛ وعلى قول السدي يكون في موضع رفع كما تقول : يا زيد هذا غلام. ويجوز أن يكون محله نصبا كقولك : يا رجلا ، وقوله : {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} [يس : 30] ولكنه لم ينون "بشرى" لأنه لا ينصرف. {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} الهاء كناية عن يوسف عليه السلام ؛ فأما الواو فكناية عن إخوته. وقيل : عن التجار الذين اشتروه ، وقيل : عن الوارد وأصحابه. "بضاعة" نصب على الحال. قال مجاهد : أسره مالك بن دعر وأصحابه من التجار الذين معهم في الرفقة ، وقالوا لهم : هو بضاعة استبضعناها بعض أهل الشام أو أهل هذا الماء إلى مصر ؛ وإنما قالوا هذا خيفة الشركة. وقال ابن عباس : أسره إخوة يوسف بضاعة لما استخرج من الجب ؛ وذلك أنهم جاؤوا فقالوا : بئس ما صنعتم! هذا عبد لنا أبق ، وقالوا ليوسف بالعبرانية : إما أن تقر لنا بالعبودية فنبيعك من هؤلاء ، وإما أن نأخذك فنقتلك ؛ فقال : أنا أقر لكم بالعبودية ، فأقر لهم فباعوه منهم. وقيل : إن يهوذا وصى أخاه يوسف بلسانهم أن اعترف لإخوتك بالعبودية فإني أخشى إن لم تفعل ، قتلوك ؛ فلعل الله أن يجعل لك مخرجا ، وتنجو من القتل ، فكتم يوسف شأنه مخافة أن يقتله إخوته ؛ فقال مالك : والله ما هذه سمة العبيد! ، قالوا : هو تربى في حجورنا ، وتخلق بأخلاقنا ، وتأدب بآدابنا ؛ فقال : ما تقول يا غلام ؟ قال : صدقوا! تربيت في حجورهم ، وتخلقت : ، بأخلاقهم ؛ فقال مالك : إن بعتموه مني اشتريته منكم ؛ فباعوه منه.
20 - {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ}
(9/154)



فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى : {وَشَرَوْهُ} يقال : شريت بمعنى اشتريت ، وشريت بمعنى بعت لغة ؛ قال الشاعر :
وشريت بردا ليتني ... من بعد برد كنت هامه
أي بعت. وقال آخر :
فلما شراها فاضت العين عبرة ... وفي الصدر حزاز من اللوم حامز
{بِثَمَنٍ بَخْسٍ} أي نقص ؛ وهو هنا مصدر وضع موضع الاسم ؛ أي باعوه بثمن مبخوس ، أي منقوص. ولم يكن قصد إخوته ما يستفيدونه من ثمنه ، وإنما كان قصدهم ما يستفيدونه من خلو وجه أبيهم عنه. وقيل : إن يهوذا رأى من بعيد أن يوسف أخرج من الجب فأخبر إخوته فجاؤوا وباعوه من الواردة. وقيل : لا بل عادوا بعد ثلاث إلى البئر يتعرفون الخبر ، فرأوا أثر السيارة فاتبعوهم وقالوا : هذا عبدنا أبق منا فباعوه منهم. وقال قتادة : "بخس" ظلم وقال الضحاك ومقاتل والسدي وابن عطاء : "بخس" حرام. وقال ابن العربي : ولا وجه له ، وإنما الإشارة فيه إلى أنه لم يستوف ثمنه بالقيمة ؛ لأن إخوته إن كانوا باعوه فلم يكن قصدهم ما يستفيدونه من ثمنه ، وإنما كان قصدهم ما يستفيدون من خلو وجه أبيهم عنه ؛ وإن كان الذين باعوه الواردة فإنهم أخفوه مقتطعا ؛ أو قالوا لأصحابهم : أرسل معنا بضاعة فرأوا أنهم لم يعطوا عنه ثمنا وأن ما أخذوا فيه ربح كله.
قلت : قوله - وإنما الإشارة فيه إلى أنه لم يستوف ثمنه بالقيمة - يدل على أنهم لو أخذوا القيمة فيه كاملة كان ذلك جائزا وليس كذلك ؛ فدل على صحة ما قاله السدي وغيره ؛ لأنهم أوقعوا البيع على نفس لا يجوز بيعها ، فلذلك كان لا يحل لهم ثمنه. وقال عكرمة والشعبي : قليل. وقال ابن حيان : زيف. وعن ابن عباس وابن مسعود باعوه بعشرين درهما أخذ كل واحد من إخوته درهمين ، وكانوا عشرة ؛ وقاله قتادة والسدي. وقال أبو العالية
(9/155)



ومقاتل : اثنين وعشرين درهما ، وكانوا أحد عشر أخذ كل واحد درهمين ؛ وقاله مجاهد. وقال عكرمة : أربعين درهما ؛ وما روي عن الصحابة أولى. و"بخس" من نعت "ثمن".
قوله تعالى : {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} على البدل والتفسير له. ويقال : دراهيم على أنه جمع درهام ، وقد يكون اسما للجمع عند سيبويه ، ويكون أيضا عنده على أنه مد الكسرة فصارت ياء ، وليس هذا مثل مد المقصور ؛ لأن مد المقصور لا يجوز عند البصريين في شعر ولا غيره. وأنشد النحويون :
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
{مَعْدُودَةٍ} نعت ؛ وهذا يدل على أن الأثمان كانت تجري عندهم عدا لا وزنا بوزن. وقيل : هو عبارة عن قلة الثمن ؛ لأنها دراهم لم تبلغ أن توزن لقلتها ؛ وذلك أنهم كانوا لا يزنون ما كان دون الأوقية ، وهي أربعون درهما.
الثانية : قال القاضي ابن العربي : وأصل النقدين الوزن ؛ قال صلى الله عليه وسلم : "لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة إلا وزنا بوزن من زاد أو ازداد فقد أربى" . والزنة لا فائدة فيها إلا المقدار ؛ فأما عينها فلا منفعة فيه ، ولكن جرى فيها العد تخفيفا عن الخلق لكثرة المعاملة ، فيشق الوزن ؛ حتى لو ضرب مثاقيل أو دراهم لجاز بيع بعضها ببعض عدا إذا لم يكن بها نقصان ولا رجحان ؛ فإن نقصت عاد الأمر إلى الوزن ؛ ولأجل ذلك كان كسرها أو قرضها من الفساد في الأرض حسب ما تقدم.
الثالثة : واختلف العلماء في الدراهم والدنانير هل تتعين أم لا ؟ وقد اختلفت الرواية في ذلك عن مالك : فذهب أشهب إلى أن ذلك لا يتعين ، وهو الظاهر من قول مالك ؛ وبه قال أبو حنيفة. وذهب ابن القاسم إلى أنها تتعين ، وحكي عن الكرخي ؛ وبه قال الشافعي. وفائدة الخلاف أنا إذا قلنا لا تتعين فإذا قال : بعتك ، هذه الدنانير بهذه
(9/156)



الدراهم تعلقت الدنانير بذمة صاحبها ، والدراهم بذمة صاحبها ؛ ولو تعينت ثم تلفت لم يتعلق بذمتهما شيء ، وبطل العقد كبيع الأعيان من العروض وغيرها.
الرابعة : روي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه قضى ، في اللقيط أنه حر ، وقرأ : {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} وقد مضى القول فيه.
الخامسة : قوله تعالى : {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} قيل : المراد إخوته. وقيل : السيارة. وقيل : الواردة ؛ وعلى أي تقدير فلم يكن عندهم غبيطا ، لا عند الإخوة ؛ لأن المقصد زواله عن أبيه لا ماله ، ولا عند السيارة لقول الإخوة إنه عبد أبق منا - والزهد قلة الرغبة - ولا عند الواردة لأنهم خافوا اشتراك أصحابهم معهم ، ورأوا أن القليل من ثمنه في الانفراد أولى.
السادسة : في هذه الآية دليل واضح على جواز شراء الشيء الخطير بالثمن اليسير ، ويكون البيع لازما ؛ ولهذا قال مالك : لو باع درة ذات خطر عظيم بدرهم ثم قال لم أعلم أنها درة وحسبتها مخشلبة لزمه البيع ولم يلتفت إلى قوله. وقيل : {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} أي في حسنه ؛ لأن الله تعالى وإن أعطى يوسف شطر الحسن صرف عنه دواعي نفوس القوم إليه إكراما له. وقيل : {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} لم يعلموا منزلته عند الله تعالى. وحكى سيبويه والكسائي : زهدت وزهدت بكسر الهاء وفتحها.
21 - {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}
(9/157)



قوله تعالى : {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ} قيل : الاشتراء هنا بمعنى الاستبدال ؛ إذ لم يكن ذلك عقدا ، مثل : {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} . [البقرة : 16] وقيل : إنهم ظنوه في ظاهر الحال اشتراء ، فجرى هذا اللفظ على ظاهر الظن. قال الضحاك : هذا الذي اشتراه ملك مصر ، ولقبه العزيز. السهيلي : واسمه قطفير. وقال ابن إسحاق : إطفير بن رويحب اشتراه لامرأته راعيل ؛ ذكره الماوردي. وقيل : كان اسمها زليخاء. وكان الله ألقى محبة يوسف على قلب العزيز ، فأوصى به أهله ؛ ذكره القشيري. وقد ذكر القولين في اسمها الثعلبي وغيره. وقال ابن عباس : إنما اشتراه قطفير وزير ملك مصر ، وهو الريان بن الوليد. وقيل : الوليد بن الريان ، وهو رجل من العمالقة. وقيل : هو فرعون موسى ؛ لقول موسى : {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} [غافر : 34] وأنه عاش أربعمائة سنة. وقيل : فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف ، على ما يأتي في "غافر" بيانه. وكان هذا العزيز الذي اشترى يوسف على خزائن الملك ؛ واشترى يوسف من مالك بن دعر بعشرين دينارا ، وزاده حلة ونعلين. وقيل : اشتراه من أهل الرفقة. وقيل : تزايدوا في ثمنه فبلغ أضعاف وزنه مسكا وعنبرا وحريرا وورقا وذهبا ولآلئ وجواهر لا يعلم قيمتها إلا الله ؛ فابتاعه قطفير من مالك بهذا الثمن ؛ قاله وهب بن منبه. وقال وهب أيضا وغيره : ولما اشترى مالك بن دعر يوسف من إخوته كتب بينهم وبينه كتابا : هذا ما اشترى مالك بن دعر من بني يعقوب ، وهم فلان وفلان مملوكا لهم بعشرين درهما ، وقد شرطوا له أنه آبق ، وأنه لا ينقلب به إلا مقيدا مسلسلا ، وأعطاهم على ذلك عهد الله. قال : فودعهم يوسف عند ذلك ، وجعل يقول : حفظكم الله وإن ضيعتموني ، نصركم الله وإن خذلتموني ، رحمكم الله وإن لم ترحموني ؛ قالوا : فألقت الأغنام ما في بطونها دما عبيطا لشدة هذا التوديع ، وحملوه على قتب بغير غطاء ولا وطاء ، مقيدا مكبلا مسلسلا ، فمر على مقبرة آل كنعان فرأى قبر أمه - وقد كان وكل به أسود يحرسه فغفل الأسود - فألقى يوسف نفسه على قبر أمه فجعل يتمرغ
(9/158)



ويعتنق القبر ويضطرب ويقول : يا أماه! ارفعي رأسك ترى ولدك مكبلا مقيدا مسلسلا مغلولا ؛ فرقوا بيني وبين والدي ، فاسألي الله أن يجمع بيننا في مستقر رحمته إنه أرحم الراحمين ، فتفقده الأسود على البعير فلم يره ، فقفا أثره ، فإذا هو بياض على قبر ، فتأمله فإذا هو إياه ، فركضه برجله في التراب ومرغه وضربه ضربا وجيعا ؛ فقال له : لا تفعل! والله ما هربت ولا أبقت وإنما مررت بقبر أمي فأحببت أن أودعها ، ولن أرجع إلى ما تكرهون ؛ فقال الأسود : والله إنك لعبد سوء ، تدعو أباك مرة وأمك أخرى! فهلا كان هذا عند مواليك ؛ فرفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إن كانت لي عندك خطيئة أخلقت بها وجهي فأسألك بحق آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن تغفر لي وترحمني ؛ فضجت الملائكة في السماء ، ونزل جبريل فقال له : يا يوسف غض صوتك فلقد أبكيت ملائكة السماء أفتريد أن أقلب الأرض فأجعل عاليها سافلها ؟ قال : تثبت يا جبريل ، فإن الله حليم لا يعجل ؛ فضرب الأرض بجناحه فأظلمت ، وارتفع الغبار ، وكسفت الشمس ، وبقيت القافلة لا يعرف بعضها بعضا ؛ فقال رئيس القافلة : من أحدث منكم حدثا ؟ - فإني أسافر منذ كيت وكيت ما أصابني قط مثل هذا - فقال الأسود : أنا لطمت ذلك الغلام العبراني فرفع يده إلى السماء وتكلم بكلام لا أعرفه ، ولا أشك أنه دعا علينا ؛ فقال له : ما أردت إلا هلاكنا ايتنا به ، فأتاه به ، فقال له : يا غلام لقد لطمك فجاءنا ما رأيت ؛ فإن كنت تقتص فاقتص ممن شئت ، وإن كنت تعفو فهو الظن بك ؛ قال : قد عفوت رجاء أن يعفو الله عني ؛ فانجلت الغبرة ، وظهرت الشمس ، وأضاء مشارق الأرض ومغاربها ، وجعل التاجر يزوره بالغداة والعشي ويكرمه ، حتى وصل إلى مصر فاغتسل في نيلها وأذهب الله عنه كآبة السفر ، ورد عليه جماله ، ودخل به البلد نهارا فسطع نوره على الجدران ، وأوقفوه للبيع فاشتراه قطفير وزير الملك ؛ قاله ابن عباس على ما تقدم. وقيل : إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتبع يوسف على دينه ، ثم مات الملك ويوسف يومئذ على خزائن الأرض ؛ فملك بعده قابوس وكان كافرا ، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى.
قوله تعالى : {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} أي منزله ومقامه بطيب المطعم واللباس الحسن ؛ وهو
(9/159)



مأخوذ من ثوى بالمكان أي أقام به ؛ وقد تقدم في "آل عمران" وغيره. {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} أي يكفينا بعض المهمات إذا بلغ. {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} قال ابن عباس : كان حصورا لا يولد له ، وكذا قال ابن إسحاق : كان قطفير لا يأتي النساء ولا يولد له. فإن قيل : كيف قال {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} وهو ملكه ، والولدية مع العبدية تتناقض ؟ قيل له : يعتقه ثم يتخذه ولدا بالتبني ؛ وكان التبني في الأمم معلوما عندهم ، وكذلك كان في أول الإسلام ، على ما يأتي بيانه في "الأحزاب" إن شاء الله تعالى. وقال عبدالله بن مسعود : أحسن الناس فراسة ثلاثة ؛ العزيز حين تفرس في يوسف فقال : {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} وبنت شعيب حين قالت لأبيها في موسى {اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص : 26] ، وأبو بكر حين استخلف عمر. قال ابن العربي : عجبا للمفسرين في اتفاقهم على جلب هذا الخبر والفراسة هي علم غريب على ما يأتي بيانه في سورة [الحجر] وليس كذلك فيما نقلوه ؛ لأن الصديق إنما ولى عمر بالتجربة في الأعمال ، والمواظبة على الصحبة وطولها ، والاطلاع على ما شاهد منه من العلم والمنة ، وليس ذلك من طريق الفراسة ؛ وأما بنت شعيب فكانت معها العلامة البينة على ما يأتي بيانه في "القصص". وأما أمر العزيز فيمكن أن يجعل فراسة ؛ لأنه لم يكن معه علامة ظاهرة. والله أعلم.
قوله تعالى : {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} الكاف في موضع نصب ؛ أي وكما أنقذناه من إخوته ومن الجب فكذلك مكنا له ؛ أي عطفنا عليه قلب الملك الذي اشتراه حتى تمكن من الأمر والنهي في البلد الذي الملك مستول عليه. {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} أي فعلنا ذلك تصديقا لقول يعقوب : {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} . وقيل : المعنى مكناه لنوحي إليه بكلام منا ، ونعلمه تأويله. وتفسيره ، وتأويل الرؤيا ، وتم الكلام. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} الهاء راجعة إلى الله تعالى ؛ أي لا يغلب الله شيء ، بل هو الغالب على أمر
(9/160)



نفسه فيما يريده أن يقول له : كن فيكون. وقيل : ترجع إلى يوسف ؛ أي الله غالب على أمر يوسف يدبره ويحوطه ولا يكله إلى غيره ، حتى لا يصل إليه كيد كائد. {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أي لا يطلعون على غيبه. وقيل : المراد بالأكثر الجميع ؛ لأن أحدا لا يعلم الغيب. وقيل : هو مجرى على ظاهره ؛ إذ قد يطلع من يريد على بعض ، غيبه. وقيل : المعنى {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أن الله غالب على أمره ، وهم المشركون ومن لا يؤمن بالقدر. وقالت الحكماء في هذه الآية : {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} حيث ، أمره يعقوب ألا يقص رؤياه على إخوته فغلب أمر الله حتى قص ، ثم أراد إخوته قتله فغلب أمر الله حتى صار ملكا وسجدوا بين يديه ، ثم أراد الإخوة أن يخلو لهم وجه أبيهم فغلب أمر الله حتى ضاق عليهم قلب أبيهم ، وافتكره بعد سبعين سنة أو ثمانين سنة ، فقال : {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} ثم تدبروا أن يكونوا من بعده قوما صالحين ، أي تائبين فغلب أمر الله حتى نسوا الذنب وأصروا عليه حتى أقروا بين يدي يوسف في آخر الأمر بعد سبعين سنة ، وقالوا لأبيهم : {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف : 97] ثم أرادوا أن يخدعوا أباهم بالبكاء والقميص فغلب أمر الله فلم ينخدع ، وقال : {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً} [يوسف : 18] ثم احتالوا في أن تزول محبته من قلب ، أبيهم فغلب أمر الله فازدادت المحبة والشوق في قلبه ، ثم دبرت امرأة العزيز أنها إن ابتدرته بالكلام غلبته ، فغلب أمر الله حتى قال العزيز : {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف : 29] ، ثم دبر يوسف أن يتخلص من السجن بذكر الساقي فغلب أمر الله فنسي الساقي ، ولبث يوسف في السجن بضع سنين.
22 - {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}
قوله تعالى : {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} "أشده" عند سيبويه جمع ، واحده شدة. وقال الكسائي : واحده شد ؛ كما قال الشاعر :
عهدي به شد النهار كأنما ... خضب اللبان ورأسه بالعظلم
(9/161)



وزعم أبو عبيد أنه لا واحد له من لفظه عند العرب ؛ ومعناه استكمال القوة ثم يكون النقصان بعد. وقال مجاهد وقتادة : الأشد ثلاث وثلاثون سنة. وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك بن أنس : الأشد بلوغ الحلم ؛ وقد مضى ما للعلماء في هذا في "النساء" و"الأنعام" مستوفى. {آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} قيل : جعلناه المستولي على الحكم ، فكان يحكم في سلطان الملك ؛ أي وآتيناه علما بالحكم. وقال مجاهد : العقل والفهم والنبوة. وقيل : الحكم النبوة ، والعلم علم الدين ؛ وقيل : علم الرؤيا ؛ ومن قال : أوتي النبوة صبيا قال : لما بلغ أشده زدناه فهما وعلما. { وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} يعني المؤمنين. وقيل : الصابرين على النوائب كما صبر يوسف ؛ قاله الضحاك. وقال الطبري : هذا وإن كان مخرجه ظاهرا على كل محسن فالمراد به محمد صلى الله عليه وسلم ؛ يقول الله تعالى : كما فعلت هذا بيوسف بعد أن قاسى ما قاسى ثم أعطيته ما أعطيته ، كذلك أنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة ، وأمكن لك في الأرض.
23 - {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}
24 - {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}
قوله تعالى : {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} وهي امرأة العزيز ، طلبت منه أن يواقعها. وأصل المراودة الإرادة والطلب برفق ولين. والرود والرياد طلب الكلأ ؛ وقيل : هي من رويد ؛ يقال : فلان يمشي رويدا ، أي برفق ؛ فالمراودة الرفق في الطلب ؛ يقال
(9/162)



في الرجل : راودها عن نفسها ، وفي المرأة راودته عن نفسه. والرود التأني ؛ يقال : أرودني أمهلني. {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ} غلق للكثير ، ولا يقال : غلق الباب ؛ وأغلق يقع للكثير والقليل ؛ كما قال الفرزدق في أبي عمرو بن العلاء :
ما زلت أغلق أبوابا وأفتحها ... حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
يقال : إنها كانت سبعة أبواب غلقتها ثم دعته إلى نفسها. {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} أي هلم وأقبل وتعال ؛ ولا مصدر له ولا تصريف. قال النحاس : فيها سبع قراءات ؛ فمن أجل ما فيها وأصحه إسنادا ما رواه الأعمش عن أبي وائل قال : سمعت عبدالله بن مسعود يقرأ "هَيتَ لك" قال فقلت : إن قوما يقرؤونها "هِيتَ لك" فقال : إنما أقرأ كما علمت. قال أبو جعفر : وبعضهم يقول عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يبعد ذلك ؛ لأن قوله : إنما أقرأ كما علمت يدل على أنه مرفوع ، وهذه القراءة بفتح التاء والهاء هي الصحيحة من قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وعكرمة ؛ وبها قرأ أبو عمرو بن العلاء وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي. قال عبدالله ابن مسعود : لا تقطعوا في القرآن ؛ فإنما هو مثل ، قول أحدكم : هلم تعال. وقرأ ابن أبي إسحاق النحوي "قالت هَيتِ لك" بفتح الهاء وكسر التاء. وقرأ أبو عبدالرحمن السلمي وابن كثير "هَيتُ لك" بفتح الهاء وضم التاء ؛ قال طرفة :
ليس قومي بالأبعدين إذا ما ... قال داع من العشيرة هيت
فهذه ثلاث قراءات الهاء فيهن مفتوحة. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع "وقالت هِيتَ لك" بكسر الهاء وفتح التاء. وقرأ يحيى بن وثاب "وقالت هِيْتُ لك" بكسر الهاء وبعدها ياء ساكنة والتاء مضمومة. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس ومجاهد وعكرمة : "وقالت هَئتُ لك" بكسر الهاء وبعدها همزة ساكنة والتاء مضمومة. وعن ابن عامر وأهل الشام : "وقالت هِئتَ" بكسر الهاء وبالهمزة وبفتح التاء ؛ قال أبو جعفر : "هئتَ لك" بفتح التاء لالتقاء الساكنين ، لأنه صوت نحومه وصه يجب ألا يعرب ،
(9/163)



والفتح خفيف ؛ لأن قبل التاء ياء مثل ، أين وكيف ؛ ومن كسر التاء فإنما كسرها لأن الأصل الكسر ؛ لأن الساكن إذا حرك حرك إلى الكسر ، ومن ضم فلأن فيه معنى الغاية ؛ أي قالت : دعائي لك ، فلما حذفت الإضافة بني على الضم ؛ مثل حيث وبعد. وقراءة أهل المدينة فيها قولان : أحدهما : أن يكون الفتح لالتقاء الساكنين كما مر. والآخر : أن يكون فعلا من هاء يهيئ مثل جاء يجيء ؛ فيكون المعنى في "هئت" أي حسنت هيئتك ، ويكون "لك" من كلام آخر ، كما تقول : لك أعني. ومن همز. وضم التاء فهو فعل بمعنى تهيأت لك ؛ وكذلك من قرأ "هيت لك". وأنكر أبو عمرو هذه القراءة ؛ قال أبو عبيدة - معمر بن المثنى : سئل أبو عمرو عن قراءة من قرأ بكسر الهاء وضم التاء مهموزا فقال أبو عمرو : باطل ؛ جعلها من تهيأت! اذهب فاستعرض العرب حتى تنتهي إلى اليمن هل تعرف أحدا يقول هذا ؟ ! وقال الكسائي أيضا : لم تحك "هئت" عن العرب. قال عكرمة : "هئت لك" أي تهيأت لك وتزينت وتحسنت ، وهي قراءة غير مرضية ؛ لأنها لم تسمع في العربية. قال النحاس : وهي جيدة عند البصريين ؛ لأنه يقال : هاء الرجل يهاء ويهيئ هيأة فهاء يهيئ مثل جاء يجيء وهئت مثل جئت. وكسر الهاء في "هيت" لغة لقوم يؤثرون كسر الهاء على فتحها. قال الزجاج : أجود القراءات "هيت" بفتح الهاء والتاء ؛ قال طرفة :
ليس قومي بالأبعدين إذا ما ... قال داع من العشيرة هيت
بفتح الهاء والتاء. وقال الشاعر في علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
أبلغ أمير المؤمنـ ... ـين أخا العراق إذا أتيتا
إن العراق وأهله ... سلم إليك فهيت هيتا
قال ابن عباس والحسن : "هيت" كلمة بالسريانية تدعوه إلى نفسها. وقال السدي : معناها بالقبطية هلم لك. قال أبو عبيد : كان الكسائي يقول : هي لغة لأهل حوران وقعت إلى أهل الحجاز معناه تعال ؛ قال أبو عبيد : فسألت شيخا عالما من حوران فذكر أنها
(9/164)



لغتهم ؛ وبه قال عكرمة. وقال مجاهد وغيره : هي لغة عربية تدعوه بها إلى نفسها ، وهي كلمة حث وإقبال على الأشياء ؛ قال الجوهري : يقال هوت به وهيت به إذا صاح به ودعاه ؛ قال :
قد رابني أن الكري أسكتا ... لو كان معنيا بها لهيتا
أي صاح ؛ وقال آخر : يحدو بها كل فتى هيات
قوله تعالى : {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ} أي أعوذ بالله وأستجير به مما دعوتني إليه ؛ وهو مصدر ، أي أعوذ بالله معاذا ؛ فيحذف المفعول وينتصب بالمصدر بالفعل المحذوف ، ويضاف المصدر إلى اسم الله كما يضاف المصدر إلى المفعول ، كما تقول : مررت بزيد مرور عمرو أي كمروري بعمرو. {إِنَّهُ رَبِّي} يعني زوجها ، أي هو سيدي أكرمني فلا أخونه ؛ قاله مجاهد وابن إسحاق والسدي. وقال الزجاج : أي إن الله ربي تولاني بلطفه ، فلا أرتكب ما حرمه. {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} وفي الخبر أنها قالت له : يا يوسف! ما أحسن صورة وجهك! قال : في الرحم صورني ربي ؛ قالت : يا يوسف ما أحسن شعرك! قال : هو أول شيء يبلى مني في قبري ؛ قالت : يا يوسف! ما أحسن عينيك ؟ قال : بهما أنظر إلى ربي. قالت : يا يوسف! ارفع بصرك فانظر في وجهي ، قال : إني أخاف العمى في آخرتي. قالت يا يوسف ! أدنو منك وتتباعد مني ؟ ! قال : أريد بذلك القرب من ربي. قالت : يا يوسف! القيطون فرشته لك فادخل معي ، قال : القيطون لا يسترني من ربي. قالت : يا يوسف! فراش الحرير قد فرشته لك ، قم فاقض حاجتي ، قال : إذا يذهب من الجنة نصيبي ؛ إلى غير ذلك من كلامها وهو يراجعها ؛ إلى أن هم بها. وقد ذكر بعضهم ما زال النساء يملن إلى يوسف ميل شهوة حتى نبأه الله ، فألقى عليه هيبة النبوة ؛ فشغلت هيبته كل من رآه عن حسنه. واختلف العلماء في همه. ولا خلاف أن همها كان المعصية ، وأما يوسف فهم بها
(9/165)



{لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ} ولكن لما رأى البرهان ما هم ؛ وهذا لوجوب العصمة للأنبياء ؛ قال الله تعالى : {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فإذا في الكلام تقديم وتأخير ؛ أي لولا أن رأى برهان ربه هم بها. قال أبو حاتم : كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة فلما أتيت على قوله : {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} الآية ، قال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير ؛ كأنه أراد ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها. وقال أحمد بن يحيى : أي همت زليخاء بالمعصية وكانت مصرة ، وهم يوسف ولم يواقع ما هم به ؛ فبين الهمتين فرق ، ذكر هذين القولين الهروي في كتابه. قال جميل :
هممت بهم من بثينة لو بدا ... شفيت غليلات الهوى من فؤاديا
آخر :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
فهذا كله حديث نفس من غير عزم. وقيل : هم بها تمنى زوجيتها. وقيل : هم بها أي بضربها ودفعها عن نفسه ، والبرهان كفه عن الضرب ؛ إذ لو ضربها لأوهم أنه قصدها بالحرام فامتنعت فضربها. وقيل : إن هم يوسف كان معصية ، وأنه جلس منها مجلس الرجل من امرأته ، وإلى هذا القول ذهب معظم المفسرين وعامتهم ، فيما ذكر القشيري أبو نصر ، وابن الأنباري والنحاس والماوردي وغيرهم. قال ابن عباس : حل الهميان وجلس منها مجلس الخاتن ، وعنه : استلقت ، على قفاها وقعد بين رجليها ينزع ثيابه. وقال سعيد بن جبير : أطلق تكة سراويله. وقال مجاهد : حل السراويل حتى بلغ الأليتين ، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته. قال ابن عباس : ولما قال : {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يوسف : 52] قال له جبريل : ولا حين هممت بها يا يوسف ؟ ! فقال عند ذلك : {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف : 53]. قالوا : والانكفاف في مثل هذه الحالة دال على الإخلاص ، وأعظم للثواب.
(9/166)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سمية قطبى سالم محمد
دويمابي برتبة ملازم
دويمابي برتبة ملازم
سمية قطبى سالم محمد


عدد الرسائل : 262

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالثلاثاء 23 أغسطس - 5:52

شكرا استاذ فوزى على الشرح المستفيض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالثلاثاء 23 أغسطس - 17:52


جزاك الله خيراً أختي الكريمة د. سمية.. وكما هو معلوم فإن قصة سيدنا يوسف عليه السلام من أروع القصص التي ذكرت في القرآن الكريم بتفاصيل دقيقة وإتقان وإعجاز...

لك التحية...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طارق أحمد العاقب عبدالمجي
دويمابي برتبة نقيب
دويمابي برتبة نقيب
طارق أحمد العاقب عبدالمجي


عدد الرسائل : 371

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالثلاثاء 23 أغسطس - 18:41

جزاكم الله خيراً العم فوزي ود.سميه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 24 أغسطس - 3:13


ولك من الخير مثله وأجزله من لدن عزيز مقتدر.. شكراً لك ابن أخي طارق...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: