نظام الأسرة في الإسلام
ينبثق نظام الأسرة في الإسلام من معين الفطرة، واصل الخلقة، وقاعدة التكوين الأولى للأحياء جميعاً وللمخلوقات، (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) سورة الذاريات آية 49.
فالأسرة هي نواة المجتمع الصالح، الذي فرضته الشرائع السماوية، لاستمرار الوجود، وليكون الملجأ الوحيد لنظام الأسرة (بيت الزوجية).
نرى أن دستور الأسرة هو جانب من التنظيم للقاعدة التي تقوم عليها الجماعة المسلمة ، والمجتمع الإسلامي ، هذه القاعدة التي أحاطها الإسلام برعايته ، وبذل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في تنظيمها وحمايتها وتطهيرها من فوضى الجاهلية ، وشوائب العادات والتقاليد جهداً كبيراً .
ثم أن القرآن الكريم، أخذ يبحث على الاستقرار، وإقامة البيوت لتركيز دعائم الأسرة. قال سبحانه وتعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) سورة النساء ـ آية ـ 1 .
وفي مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي ـ قيل أن المراد به بيان كمال قدرته قال الذي قدر على خلقكم من نفس واحدة ، فهو على عقابكم اقدر ، فيحق، عليكم أن تتركوا مخالفته ، وتتقوا عقوبته، وقوله (الذي خلقكم من نفس واحدة) المراد بالنفس هنا آدم عند جميع المفسرين ( وخلق منها زوجها ) يعني حواء عليها السلام، ذهب أكثر المفسرين إلى أنها خلقت من ضلع من أضلاع آدم، (بث منهما رجالاً كثيراً) أي نشر وفرق من هاتين النفسين على وجه التناسل رجالاً ونساء، وإنما من علينا تعالى بان خلقنا من نفس واحدة، لأنه اقرب إلى أن يعطف بعضاً على بعض ، ويرحم بعضنا بعضاً ، لرجوعنا جميعاً إلى أصل واحد وذلك ابلغ في القدرة وأدل على العلم والحكمة.
صفات الزوجة الصالحة :
من أمعن فكره ونظر بنبراس عقله ، تحقق لديه أن معظم الشقاء والتعاسة والآلام التي تصادفها أكثرية الناس في حياتها صادرة عن جهل النساء اللواتي يفتقرن إلى المعرفة ، والآداب النفسية ، وحسن التدبير .
فكم من امرأة هدمت بيتها بسوء تدبيرها، وقلة معرفتها، وجهلها.
وما نفع أبي العائلة إذا جد وسعى، ومهما أنتج، إذا كانت عنده امرأة تبدد أمواله، وتفسد تربية أطفاله، لعدم تعقلها، وسوء تدبيرها.
فمن الواجب تعليم الفتيات المبادئ الصالحة، وتزيين عقولهن بالحكمة، وحملهن على حب الفضيلة.
إن الزوجة الصالحة ، هي التي تمتاز بدينها وأدبها ، وبأفكارها الطاهرة الشريفة ، وبشعورها بالمسؤولية ، الملقاة على عاتقها وبأخلاقها الكريمة، الأنيسة، وبصبرها الجميل على تقلبات الدهر ونكبات الزمن، وعريكتها الليّنة، وعفتها النقية، وسياستها الحكيمة.
ترى الزوجة الصالحة، الرشيدة العاقلة، مرتدية ثوب النظافة واللياقة، تتمشى على حدود الاعتدال والاقتصاد على جميع متطلبات الحياة، فتحمل زوجها ونفسها على العمل وترك الكسل، وطرد التشاؤم.
والزوجة الصالحة، هي التي تنهض في الصباح الباكر، متسربلة بالقوة والنشاط، لترتيب أشغال النهار، والقيام بمهام منزلها ومسؤولياتها، فتكون ينبوع سعادة زوجها، وفخر أولادها الذين يسمعون أناشيد مدحها من أبيهم وأقاربهم وجيرانهم فيهيمون طرباً، ويزيدون من إكرامها وتعظيمها.
هذه هي الزوجة التي ترفع شأن الإنسانية الصحيحة وتعمل في دفع عجلة التقدم والرقي.
وتقدم للبشرية اجل خدمة وأشرف عملاً. فإنها بتربيتها الصالحة المقرونة بالدين والإيمان ، تستطيع أن تؤثر على المجتمع أكثر من الخطب الرنانة والمحاضرات الضخمة والإنذار والتوبيخ. وبدون جهودها الجبارة لا تفيد وسائل التقدم والحضارة ما دام غشاء الجهل قد أعمى الكثيرين وخيم فوق رؤوسهم الغرور.
المرجع:
كتاب المرأة في ظل الإسلام
للكاتبة مريم نور الدين فضل الله