أبوآيه دويمابي برتبة مقدم
عدد الرسائل : 1150
| موضوع: علم النفس وسلوك الكائن الآدمي 2 السبت 16 يوليو - 23:28 | |
| بسمه تعالى مقدمة
يُعنى (علم النفس) بسلوك الكائن الآدمي في شتى مجالات نشاطه. إلاّ أن الزاوية التي يشدّد عليها من مجالات النشاط تنحصر في العملية التالية: (الاستجابة) حيال (مثير) معين. ولكي يتّضح المقصود من هذين المصطلحين (الاستجابة) و(المثير)، يحسن بنا أن نلتفت إلى المثال التالي: عندما يسيء إلينا أحد الافراد، حينئذ سوف نواجهه بواحد من الافعال التالية: 1 ـ أن نرد الاساءة بمثلها. 2 ـ أن نكظم غضبنا فنلتزم جانب الصمت. 3 ـ أن نردها بالاحسان اليه. في مثل هذه الحالات، نواجه (مثيراً) وهو: الاساءة. أما الرد عليها فيمثّل (الاستجابة) حيال المثير المذكور، يستوي في ذلك أن تكون الاستجابة صمتاً أو إح أو مقابلة بالمثل. هذه العملية النفسية القائمة على (الاستجابة) قبال (المثيرات) تتناول جانبين من الشخصية: 1 ـ الجانب الادراكي مثل: التفكير، التخيّل، التذكير، النسيان... الخ. 2 ـ الجانب الوجداني مثل: الارادة، الرغبة، الانفعال... الخ... فنحن حينما (نتذكّر) حادثة من الحوادث مثلاً، أو (ننسى) بعض تفصيلاتها، أو (نتخيّل) جانباً من ذكرياتها، في مثل هذه الحالة: يكون كل من (التذكّر) (والنسيان) و(التخّيل) متصلاً بالجانب (الادراكي) من الشخصية. أما في حالة تحسسنا بـ (الأنشراح) أو (الانقباض) أو (اللامبالاة) من اسستحضار الحادثة المذكورة: فحينئذٍ يكون كل من (الانشراح) أو (الانقباض) أو (اللامبالاة) متصلاً بالجانب الوجداني من الشخصية. وفي الحالتين، فإن العملية النفسية تقوم على (الاستجابة) حيال (مثير) معين: كما قلنا. والسلوك الآدمي يظل حائماً بأكمله على العملية النفسية المذكورة، فيما تشكّل هذه العملية مادة علم النفس. علم النفس ـ اذا ـ يُعنى بسلوك الكائن الآدمي من حيث كونه عملية نفسية، حيث يتكفّل هذا الضرب من المعرفة بتحديد مصادر العمليات النفسية، ومحاولة التحكم فيها (أي ضبطها وتعديلها). وفي ضوء هاتين المهمتين (تحديد العمليات النفسية) (وتنظيمها) نحاول تقديم وجهة النظر الاسلامية مقارنة بوجهة النظر الارضية (أي وجهة نظر علماء النفس المنعزلين عن مباديء السماء) بغية تحديد نقاط التلاقي بينهما في بعض الخطوط التي تومض بملاحظة صائبة أو تجربة محكمة ينتهي البحث الارضيّ اليها، أو تحديد المفارقات التي ينطوي البحث الارضي عليها في سائر اتجاهاته. علماً باننا لا نجد أنفسنا ملزمين باصطناع طرائق البحث الارضي في تناول (المادة النفسية) أو اصطناع لغته أو الوقوف عند الدائرة التي يحصر موضوعاته فيها، بل يمكننا أن نتجاوز ذلك إلى تخوم علم الاجتماع والفلسفة مثلاً أو نختزل بعض موضوعاته حيناً آخر. والسر في عدم التزامنا بمناهج البحث الارضي هو: إن البحث الارضي منفصل عن السماء في تفسيره للعمليات النفسية وتنظيمها. أنه يتسلم الكائن الادمي (بما أنه موجود فعلاً) لا بما انه كائن ابدعته السماء وأناطت به مهمة الخلافة في الارض، بحيث تكيّف العمليات النفسية وفقاً للمهمة المذكورة. أن مفهوم (الوظيفة العبادية) أو (الخلافية) يظل الاساس الرئيس في تفسير العمليات النفسية وتنظيمها، ما دامت السماء تقرر بوضوح: (انّي جاعلٌ في الارض خليفة...). (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون). (خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً). وهذا يعني أن (الخلافة) أو (العبادة) متمثلة في (الاحسن من العمل) هو الهدف الذي تنشده السماء في صياغتها للعمليات النفسية. أن السماء ـ كما سنرى في تضاعيف دراستنا ـ تحدد مستويات السلوك بنمطيه: السوي والشاذ، وفقاً لما أنتهت بحوث الارض إليه مؤخراً، إلا أنها تتجاوز ذلك إلى تحديد معايير أشد سعةً وشمولاً من مفاهيم الارض: ومع أنبثاق مثل هذا الفارق بين معايير السماء والارض سيترتب بالضرورة فارق بين تصورهما للعمليات النفسية وتنظيمها، ومن ثم يترتب على ذلك ـ في ميدان البحث العلمي ـ فارق بينهما من حيث الموضوع والمنهج واللغة. وفي ضوء ما تقدم يعنينا الآن أن نبدأ بتحديد (العمليات النفسية) من حيث أصولها الاولى، أي: (المحرك) أو (المثير) الاساس لنشاط الكائن الادمي، متمثلةً في: | |
|