منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 3 يوليو - 16:39


المجلد السابع
بسم الله الرحمن الرحيم




2- سورة الأنفال
الآية : 26 {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
قوله تعالى : {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ} قال الكلبي : نزلت في المهاجرين ؛ يعني وصف حالهم قبل الهجرة وفي ابتداء الإسلام. {مُسْتَضْعَفُونَ} نعت. {فِي الْأَرْضِ} أي أرض مكة. {تَخَافُونَ} نعت. {أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ} في موضع نصب. والخطب : الأخذ بسرعة. {النَّاسُ} رفع على الفاعل. قتادة وعكرمة : هم مشركو قريش. وهب بن منبه : فارس والروم. {فَآوَاكُمْ} قال ابن عباس : إلى الأنصار. السدي : إلى المدينة ؛ والمعنى واحد. أوى إليه "بالمد" : ضم إليه. وأوى إليه "بالقصر" : انضم إليه. {وَأَيَّدَكُمْ} قواكم. {بِنَصْرِهِ} أي بعونه. وقيل : بالأنصار. وقيل : بالملائكة يوم بدر. {مِنَ الطَّيِّبَاتِ} أي الغنائم. {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} قد تقدم معناه.
الآية : 27 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
روي أنها نزلت في أبي لبابة بن عبدالمنذر حين أشار إلى بني قريظة بالذبح. قال أبو لبابة : والله ما زالت قدماي حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله ؛ فنزلت هذه الآية. فلما نزلت شد نفسه إلى سارية من سواري المسجد ، وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت ، أو يتوب الله علي. الخبر مشهور. وعن عكرمة قال : لما كان شأن قريظة بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه فيمن كان عنده من الناس ؛ فلما انتهى إليهم وقعوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء جبريل عليه السلام على فرس أبلق فقالت عائشة رضي الله عنها : فلكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه
(7/394)




جبريل عليهما السلام ؛ فقلت : هذا دحية يا رسول الله ؟ فقال : "هذا جبريل عليه السلام" . قال : "يا رسول الله ما يمنعك من بني قريظة أن تأتيهم" ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فكيف لي بحصنهم" ؟ فقال جبريل : "فإني أدخل فرسي هذا عليهم" . فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا معروري ؛ فلما رآه علي رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، لا عليك ألا تأتيهم ، فإنهم يشتمونك. فقال : "كلا إنها ستكون تحية" . فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "يا إخوة القردة والخنازير" فقالوا : يا أبا القاسم ، ما كنت فحاشا! فقالوا : لا ننزل على حكم محمد ، ولكنا ننزل على حكم سعد بن معاذ ؛ فنزل. فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بذلك طرقني الملك سحرا" . فنزل فيهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. نزلت في أبي لبابة ، أشار إلى بني قريظة حين قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ ، لا تفعلوا فإنه الذبح ، وأشار إلى حلقه. وقيل : نزلت الآية في أنهم يسمعون الشيء من النبي صلى الله عليه وسلم فيلقونه إلى المشركين ويفشونه. وقيل : المعنى بغلول الغنائم. ونسبتها إلى الله ؛ لأنه هو الذي أمر بقسمتها. وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه المؤدي عن الله عز وجل والقيم بها. والخيانة : الغدر وإخفاء الشيء ؛ ومنه : {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} [غافر : 19] وكان عليه السلام يقول : "اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ومن الخيانة فإنها بئست البطانة" . خرجه النسائي عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ؛ فذكره. {وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} في موضع جزم ، نسقا على الأول. وقد يكون على الجواب ؛ كما يقال : لا تأكل السمك وتشرب اللبن. والأمانات : الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد. وسميت أمانة لأنها يؤمن معها من منع الحق ؛ مأخوذة من الأمن. وقد تقدم في "النساء" القول في أداء الأمانات والودائع وغير ذلك. {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} أي ما في الخيانة من القبح والعار. وقيل : تعلمون أنها أمانة.
(7/395)




الآية : 28 {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}
قوله تعالى : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} كان لأبي لبابة أموال وأولاد في بني قريظة : وهو الذي حمله على ملاينتهم ؛ فهذا إشارة إلى ذلك. {فِتْنَةٌ} أي اختبار ؛ امتحنهم بها. {وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} فآثروا حقه على حقكم.
الآية : 29 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
قد تقدم معنى {التقوى}. وكان الله عالما بأنهم يتقون أم لا يتقون. فذكر بلفظ الشرط ؛ لأنه خاطب العباد بما يخاطب بعضهم بعضا. فإذا اتقى العبد ربه - وذلك باتباع أوامره واجتناب نواهيه - وترك الشبهات مخافة الوقوع في المحرمات ، وشحن قلبه بالنية الخالصة ، وجوارحه بالأعمال الصالحة ، وتحفظ من شوائب الشرك الخفي والظاهر بمراعاة غير الله في الأعمال ، والركون إلى الدنيا بالعفة عن المال ، جعل له بين الحق والباطل فرقانا ، ورزقه فيما يريد من الخير إمكانا. قال ابن وهب : سألت مالكا عن قوله سبحانه وتعالى : {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً} قال : مخرجا ، ثم قرأ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق : 2]. وحكى ابن القاسم وأشهب عن مالك مثله سواء ، وقاله مجاهد قبله. وقال الشاعر :
مالك من طول الأسى فرقان ... بعد قطين رحلوا وبانوا
وقال آخر :
وكيف أرجي الخلد والموت طالبي ... وما لي من كأس المنية فرقان
ابن إسحاق : {فُرْقَاناً} فصلا بين الحق والباطل ؛ وقال ابن زيد. السدي : نجاة. الفراء : فتحا ونصرا. وقيل : في الآخرة ، فيدخلكم الجنة ويدخل الكفار النار.
(7/396)




الآية : 30 {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
هذا إخبار بما اجتمع عليه المشركون من المكر بالنبي صلى الله عليه وسلم في دار الندوة ؛ فاجتمع رأيهم على قتله فبيتوه ، ورصدوه على باب منزل طول ليلتهم ليقتلوه إذا خرج ؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه ، ودعا الله عز وجل أن يعمى عليهم أثره ، فطمس الله على أبصارهم ، فخرج وقد غشيهم النوم ، فوضع على رؤوسهم ترابا ونهض. فلما أصبحوا خرج عليهم علي فأخبرهم أن ليس في الدار أحد ، فعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فات ونجا. الخبر مشهور في السيرة وغيرها. ومعنى {لِيُثْبِتُوكَ} ليحبسوك ؛ يقال : أثبته إذا حبسته. وقال قتادة : {لِيُثْبِتُوكَ} وثاقا. وعنه أيضا وعبدالله بن كثير : ليسجنوك. وقال أبان بن تغلب وأبو حاتم : ليثخنوك بالجراحات والضرب الشديد. قال الشاعر :
قلت ويحكما ما في صحيفتكم ... قالوا الخليفة أمسى مثبتا وجعا
{أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} عطف. {وَيَمْكُرُونَ} مستأنف. والمكر : التدبير في الأمر في خفية. {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} ابتداء وخبر. والمكر من الله هو جزاؤهم بالعذاب على مكرهم من حيث لا يشعرون.
الآية : 31 {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}
نزلت في النضر بن الحارث ؛ كان خرج إلى الحيرة في التجارة فاشترى أحاديث كليلة ودمنة ، وكسرى وقيصر ؛ فلما قص رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار من مضى قال النضر : لو شئت لقلت مثل هذا. وكان هذا وقاحة وكذبا. وقيل : إنهم توهموا أنهم
(7/397)




يأتون بمثله ، كما توهمت سحرة موسى ، ثم راموا ذلك فعجزوا عنه وقالوا عنادا : إن هذا إلا أساطير الأولين. وقد تقدم.
الآية : 32 {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}
القراء على نصب {الْحَقَّ} على خبر {كَانَ}. ودخلت {هُوَ} للفصل. ويجوز {هُوَ الْحَقَّ} بالرفع. {مِنْ عِنْدِكَ} قال الزجاج : ولا أعلم أحدا قرأ بها. ولا اختلاف بين النحويين في إجازتها ولكن القراءة سنة ، لا يقرأ فيها إلا بقراءة مرضية. واختلف فيمن قال هذه المقالة ؛ فقال مجاهد وابن جبير : قائل هذا هو النضر بن الحارث. أنس بن مالك : قائله أبو جهل ؛ رواه البخاري ومسلم. ثم يجوز أن يقال : قالوه لشبهة كانت في صدورهم ، أو على وجه العناد والإبهام على الناس أنهم على بصيرة ، ثم حل بهم يوم بدر ما سألوا. حكي أن ابن عباس لقيه رجل من اليهود ؛ فقال اليهودي : ممن أنت ؟ قال : من قريش. فقال : أنت من القوم الذين قالوا : {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} الآية. فهلا عليهم أن يقولوا : إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له! إن هؤلاء قوم يجهلون. قال ابن عباس : وأنت يا إسرائيلي ، من القوم الذين لم تجف أرجلهم من بلل البحر الذي أغرق فيه فرعون وقومه ، وأنجى موسى وقومه ؛ حتى قالوا : {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف : 138] فقال لهم موسى : {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف : 138] فأطرق اليهودي مفحما. {فَأَمْطِرْ} أمطر في العذاب. ومطر في الرحمة ؛ عن أبي عبيدة. وقد تقدم.
الآية : 33 {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
(7/398)




لما قال أبو جهل : {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} الآية ، نزلت {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} كذا في صحيح مسلم. وقال ابن عباس : لم يعذب أهل قرية حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم منها والمؤمنون ؛ يلحقوا بحيث أمروا. {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} ابن عباس : كانوا يقولون في الطواف : غفرانك. والاستغفار وإن وقع من الفجار يدفع به ضرب من الشرور والإضرار. وقيل : إن الاستغفار راجع إلى المسلمين الذين هم بين أظهرهم. أي وما كان الله معذبهم وفيهم من يستغفر من المسلمين ؛ فلما خرجوا عذبهم الله يوم بدر وغيره ؛ . قاله الضحاك وغيره. وقيل : إن الاستغفار هنا يراد به الإسلام. أي {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي يسلمون ؛ قاله مجاهد وعكرمة. وقيل : {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي في أصلابهم من يستغفر الله. روي عن مجاهد أيضا. وقيل : معنى {يَسْتَغْفِرُونَ} لو استغفروا. أي لو استغفروا لم يعذبوا. استدعاهم إلى الاستغفار ؛ قاله قتادة وابن زيد. وقال المدائني عن بعض العلماء قال : كان رجل من العرب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مسرفا على نفسه ، لم يكن يتحرج ؛ فلما أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم لبس الصوف ورجع عما كان عليه ، وأظهر الدين والنسك. فقيل له : لو فعلت هذا والنبي صلى الله عليه وسلم حي لفرح بك. قال : كان لي أمانان ، فمضى واحد وبقي الآخر ؛ قال الله تبارك وتعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ " فهذا أمان. والثاني {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
الآية : 34 {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}
قوله تعالى : {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} المعنى : وما يمنعهم من أن يعذبوا. أي إنهم مستحقون العذاب لما ارتكبوا من القبائح والأسباب ، ولكن لكل أجل كتاب ؛ فعذبهم الله
(7/399)




بالسيف بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم. وفي ذلك نزلت : {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعارج : 1] وقال الأخفش : إن {أن} زائدة. قال النحاس : لو كان كما قال لرفع {يُعَذِّبَهُمُ}. {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أي إن المتقين أولياؤه.
الآية : 35 {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}
الآية : 36 {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}
الآية : 37 {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
قال ابن عباس : كانت قريش تطوف بالبيت عراة ، يصفقون ويصفرون ؛ فكان ذلك عبادة في ظنهم والمكاء : الصفير. والتصدية : التصفيق ؛ قاله مجاهد والسدي وابن عمر رضي الله عنهم. ومنه قول عنترة :
وحليل غانية تركت مجدلا ... تمكو فريصته كشدق الأعلم
أي تصوت. ومنه مكت أست الدابة إذا نفخت بالريح. قال السدي : المكاء الصفير ، على لحن طائر أبيض بالحجاز يقال له المكاء. قال الشاعر :
إذا غرد المكاء في غير روضة ... فويل لأهل الشاء والحمرات
قتادة : المكاء ضرب بالأيدي ، والتصدية صياح. وعلى التفسيرين ففيه رد على الجهال من الصوفية الذين يرقصون ويصفقون ويصعقون. وذلك كله منكر يتنزه عن مثله العقلاء ، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت. وروى ابن جريج وابن أبي نجيح عن مجاهد أنه
(7/400)




قال : المكاء إدخالهم أصابعهم في أفواههم. والتصدية : الصفير ، يريدون أن يشغلوا بذلك محمدا صلى الله عليه وسلم عن الصلاة. قال النحاس : المعروف في اللغة ما روي عن ابن عمر. حكى أبو عبيد وغيره أنه يقال : مكا يمكو ومكاء إذا صفر. وصدى يصدي تصدية إذا صفق ؛ ومنه قول عمرو بن الإطنابة :
وظلوا جميعا لهم ضجة ... مكاء لدى البيت بالتصدية
أي بالتصفيق. سعيد بن جبير وابن زيد : معنى التصدية صدهم عن البيت ؛ فالأصل على هذا تصدده ، فأبدل من أحد الدالين ياء.
معنى {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} أي المؤمن من الكافر. وقيل : هو عام في كل شيء ، من الأعمال والنفقات وغير ذلك.
الآية : 38 {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ}
فيه خمس مسائل : -
الأولى : قوله تعالى : {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار هذا المعنى ، وسواء قال بهذه العبارة أو غيرها. قال ابن عطية : ولو كان كما ذكر الكسائي أنه في مصحف عبدالله بن مسعود {قل للذين كفروا إن تنتهوا يغفر لكم} لما تأدت الرسالة إلا بتلك الألفاظ بعينها ؛ هذا بحسب ما تقتضيه الألفاظ.
الثانية : قوله تعالى : {إِنْ يَنْتَهُوا} يريد عن الكفر. قال ابن عطية : ولا بد ؛ والحامل على ذلك جواب الشرط {يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} ومغفرة ما قد سلف لا تكون إلا لمنته عن الكفر. ولقد أحسن القائل أبو سعيد أحمد بن محمد الزبيري :
يستوجب العفو الفتى إذا اعترف ... ثم انتهى عما أتاه واقترف
لقوله سبحانه في المعترف ... إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
(7/401)




روى مسلم عن أبي شماسة المهري قال : حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت يبكي طويلا. الحديث. وفيه : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله" الحديث. قال ابن العربي : هذه لطيفة من الله سبحانه من بها على الخلق ؛ وذلك أن الكفار يقتحمون الكفر والجرائم ، ويرتكبون المعاصي والمآثم ؛ فلو كان ذلك يوجب مؤاخذة لهم لما استدركوا أبدا توبة ولا نالتهم مغفرة. فيسر الله تعالى عليهم قبول التوبة عند الإنابة ، وبذل المغفرة بالإسلام ، وهدم جميع ما تقدم ؛ ليكون ذلك أقرب لدخولهم في الدين ، وأدعى إلى قبولهم لكلمة المسلمين ، ولو علموا أنهم يؤاخذون لما تابوا ولا أسلموا. وفي صحيح مسلم : أن رجلا فيمن كان قبلكم قتل تسعة وتسعين نفسا ثم سأل هل له من توبة فجاء عابدا فسأل هل له من توبة فقال : لا توبة لك فقتله فكمل به مائة ؛ الحديث. فانظروا إلى قول العابد : لا توبة لك ؛ فلما علم أنه قد أيأسه قتله ، فعل الآيس من الرحمة. فالتنفير مفسدة للخليفة ، والتيسير مصلحة لهم. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان إذا جاء إليه رجل لم يقتل فسأل : هل لقاتل من توبة ؟ فيقول : لا توبة ؛ تخويفا وتحذيرا. فإذا جاءه من قتل فسأله : هل لقاتل من توبة ؟ قال له : لك توبة ؛ تيسيرا وتأليفا. وقد تقدم.
الثالثة : قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن طلق في الشرك ثم أسلم فلا طلاق له. وكذلك من حلف فأسلم فلا حنث عليه. وكذا من وجبت عليه هذه الأشياء ؛ فذلك مغفور له. فأما من افترى على مسلم ثم أسلم أو سرق ثم أسلم أقيم عليه الحد للفرية والسرقة. ولو زنى وأسلم ، أو اغتصب مسلمة سقط عنه الحد. وروى أشهب عن مالك أنه قال : إنما يعني الله عز وجل ما قد مضى قبل الإسلام ، من مال أو دم أو شيء. قال ابن العربي : وهذا هو الصواب ؛ لما قدمناه من عموم قوله تعالى : {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} . وقوله : "الإسلام يهدم ما قبله" ، وما بيناه من المعنى من التيسير وعدم التنفير.
قلت : أما الكافر الحربي فلا خلاف في إسقاط ما فعله في حال كفره في دار الحرب. وأما إن دخل إلينا بأمان فقذف مسلما فإنه يحد ، وإن سرق قطع. وكذلك الذمي إذا قذف
(7/402)




حد ثمانين ، وإذا سرق قطع ، وإن قتل قتل. ولا يسقط الإسلام ذلك عنه لنقضه العهد حال كفره ؛ على رواية ابن القاسم وغيره. قال ابن المنذر : واختلفوا في النصراني يزني ثم يسلم ، وقد شهدت عليه بينة من المسلمين ؛ فحكي عن الشافعي رضي الله عنه إذ هو بالعراق لا حد عليه ولا تغريب ؛ لقول الله عز وجل : {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} قال ابن المنذر : وهذا موافق لما روي عن مالك. وقال أبو ثور : إذا أقر وهو مسلم أنه زنى وهو كافر أقيم عليه الحد. وحكي عن الكوفي أنه قال : لا يحد.
الرابعة : فأما المرتد إذا أسلم وقد فاتته صلوات ، وأصاب جنايات وأتلف أموالا ؛ فقيل : حكمه حكم الكافر الأصلي إذا أسلم ؛ لا يؤخذ بشيء مما أحدثه في حال ارتداده. وقال الشافعي في أحد قوليه : يلزمه كل حق لله عز وجل وللآدمي ؛ بدليل أن حقوق الآدميين تلزمه فوجب أن تلزمه حقوق الله تعالى. وقال أبو حنيفة : ما كان لله يسقط ، وما كان للآدمي لا يسقط. قال ابن العربي : وهو قول علمائنا ؛ لأن الله تعالى مستغن عن حقه ، والآدمي مفتقر إليه. ألا ترى أن حقوق الله عز وجل لا تجب على الصبي وتلزمه حقوق الآدميين. قالوا : وقوله تعالى : {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} عام في الحقوق لله تعالى.
الخامسة : قوله تعالى : {وَإِنْ يَعُودُوا} يريد إلى القتال ؛ لأن لفظة {عاد} إذا جاءت مطلقة فإنما تتضمن الرجوع إلى حالة كان الإنسان عليها ثم انتقل عنها. قال ابن عطية : ولسنا نجد في هذه الآية لهؤلاء الكفار حالة تشبه ما ذكرنا إلا القتال. ولا يجوز أن يتأول إلى الكفر ؛ لأنهم لم ينفصلوا عنه ، وإنما قلنا ذلك في "عاد" إذا كانت مطلقة لأنها قد تجيء في كلام العرب داخلة على الابتداء والخبر ، فيكون معناها معنى صار ؛ كما تقول : عاد زيد ملكا ؛ يريد صار. ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
وهذه لا تتضمن الرجوع إلى حالة قد كان العائد عليها قبل. فهي مقيدة بخبرها لا يجوز الاقتصار دونها ؛ فحكمها حكم صار.
(7/403)




قوله تعالى : {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} عبارة تجمع الوعيد والتهديد والتمثيل بمن هلك من الأمم في سالف الدهر بعذاب الله.
الآيتان : 39 - 40 {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}
قوله تعالى : {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي كفر. إلى آخر الآية تقدم معناها وتفسير ألفاظها في "البقرة" وغيرها والحمد لله.
(7/404)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سميه قطبي سالم محمد
دويمابي برتبة نقيب
دويمابي برتبة نقيب
سميه قطبي سالم محمد


عدد الرسائل : 508

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 3 يوليو - 21:42

شكرا استاذى فوزى لك التحية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 3 يوليو - 22:26


جزاك الله خيراً أختي الكريمة المكرمة د. سمية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: