يحكى أن امرأة كانت تصنع الخبز لأسرتها كل يوم.. كما كانت تصنع خبزاً إضافياً.. تضعه على شرفة النافذة لأي عابر سبيل جائع... وكان يمر كل يوم رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف.. وبدلاً من إظهار امتنانه لأهل البيت كان يدمدم بالقول "الشر الذي تقدمه يبقى معك.. والخير الذي تقدمه يعود إليك!" ..
بدأت المرأة بالشعور بالضيق لعدم إظهار الرجل للعرفان بالجميل.. والمعروف الذي تصنعه.. وأخذت تحدث نفسها قائلة: "كل يوم يمر هذا الأحدب ويردد جملته الغامضة وينصرف.. ترى ماذا يقصد؟".
وفي يوم أضمرت في نفسها أمراً.. وقررت.. "سوف أتخلص من هذا الأحدب!".. فقامت بإضافة بعض السمّ إلى الخبز الذي صنعته له.. وهمّت بوضعه على النافذة.. لكن يداها ارتجفتا.. وبدأت تحدث نفسها وهي تلقي بالخبز في النار لتحرقه.. "ما هذا الذي أفعله؟!".. ثم قامت بصنع خبز آخر ووضعته على النافذة... وكعادته.. مرّ الأحدب.. واخذ الرغيف وهو يردد ما يدمدم به كل يوم.. "الشر الذي تقدمه يبقى معك.. والخير الذي تقدمه يعود إليك!".. وانصرف إلى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر في عقل المرأة.
كانت المرأة.. عندما تصنع الخبز كل يوم .. تدعو لابنها الذي غاب بعيداً وطويلاً.. بحثا عن مستقبلٍ أفضل وعيشٍ هنيء.. وطال غيابه شهور عديدة.. لم تصلها أي أنباء عنه.. وكانت دائماً تدعو له بأن يعود لها سالماً.. وفي مساء ذلك اليوم الذي تخلصت فيه من الخبز المسموم.. سمعت طرقاً بالباب.. وحينما فتحته.. وجدت .. لدهشتها .. ابنها واقفا أمامها!! كان شاحباً متعباً.. وملابسه شبه ممزقة.. وكان جائعاً ومرهقاً.. وبمجرد رؤيته لأمه قال: "إن وجودي هنا لمعجزة.. فعلى مسافة أميالٍ من هنا.. كنت مجهداً ومتعباً.. وشعرت بالإعياء لدرجة الانهيار في الطريق.. وكدت أن أموت لولا أن مرّ بي رجل أحدب.. رجوته أن يعطيني أي طعام يحمله.. وكان الرجل طيباً بالقدر الذي أعطاني فيه رغيفاً كامل لآكله!!.. وفيما كان يناولني إياه.. قال أن هذا هو طعام يومه.. وإنه يعطيني إياه لأن حاجتي أكثر كثيراً من حاجته له".
شحب وجه الأم بمجرد سماعها لكلام ابنها.. وظهر عليها الرعب.. واتكأت على الباب وتذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته صباح اليوم!!. فلو لم تقم بالتخلص منه في النار.. لكان ابنها هو من أكله.. وفقد حياته!.
لحظتها.. أدركت الأم معنى كلام الأحدب.. "الشر الذي تقدمه يبقى معك.. والخير الذي تقدمه يعود إليك!".
...
أختي الكريمة.. أخي الكريم.. عائلة منتدى الواحة..
افعل الخير.. ولا تتوقف عن فعله حتى وإن لم تجد التقدير في حينه.. لأنك ستلقى جزاء أفعالك الخيّرة في يوم من الأيام... إن لم يكن في الدنيا.. ففي الآخرة خير الملتقى.