نتشر في الآونة
الأخيرة في بعض الدول الإسلامية ظاهرة غريبة تسمى بـ ( الزار ) ، وفي حقيقة الأمر
فإن الزار هو نوع من أنواع الاقتران الشيطاني ، حيث تتخذ بعض الوسائل سواء كانت
علاجية أم حفلات خاصة تعقد بترانيم خاصة لاستحضار الجن والشياطين ، وسوف أقوم
بإعطاء فكرة شاملة عامة حول هذا الموضوع 0
يقول
الأستاذ محمد سيد محمود في تعريف الزار : ( الزار حفلة نسائية فيها الإسراف ، يمحى
فيها الاحتشام وأكبر الباعث عليها الآن التقليد والفخر والمباهاة ، والاستمتاع
بكثير من الشهوات لحسية والمعنوية 0
ومنشؤه مرض
عصبي أو مس شيطاني يعتري الرجال والنساء على السواء ، يزيده الغم والهم والاحتباس
في البيوت والامتناع عن ذكر الله سواء بالصلاة أو بالعبادة 0
ويخفف من
حدته المحافظة على الصلاة والوضوء والاستغفار والدعاء ) ( البديل الإسلامي للشعوذة
والدجل – ص 41 ) 0
يقول الشيخ
أحمد هريدي : ( الزار نوع من دجل المشعوذين الذين يوحون إلى ضعاف العقول والإيمان
بأن المريض أصابه مس من الجن ، وأن لأولئك الدجالين القدرة على علاجه وتخليصه من
آثار هذا المس بطرقهم الخاصة ، ومنها إقامة الحفلات الساخرة المشتملة على الاختلاط
بين الرجال والنساء بصورة مستهجنة والإتيان بحركات وأقوال غير مفهومة 0
والزار
بطريقته المعروفة أمر منكر وبدعة سيئة لا يقرها الدين ، ويزداد نكراً إذا اشتملت
حفلاته على شرب الخمور وغير ذلك من الأمور غير المشروعة التي أشار إليها السائل ،
وأما ما قد يصاحب حفلات الزار من إقلاق الراحة والأضرار الأخرى التي ذكرها السائل
فهو أمر لا تقره الشريعة ويستطيع من لحقه شيء من هذه الأضرار أن يلجأ إلى الجهات
المختصة لمنع هذه الأضرار عنه ، وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم ) ( مختصر
فتاوى الإفتاء المصرية - فتوى بتاريخ 11 محرم 1381 هـ – ص 365 ) 0
يقول الشيخ
حسن مسلم عضو لجنة الفتوى بالأزهر : ( وحفلات الزار عملية نفسية ، وهي كهانة أخرى
من الكهانات الموجودة في الوقت الحاضر حيث يجتمع النساء ليتمايلن ويرقصن على دقات
الطبول وتأخذ هذه الدقات في السرعة حتى تبلغ أقصاها وربما انتهى الأمر إلى سقوط
المرأة التي يقام لها الزار على الأرض 00 فكيف يؤدي هذا إلى شفاء مريض 00 إنه ليس
من الأسباب الشرعية التي شرعها الله ، وليس من الأسباب القدرية التي قدرها الله
للشفاء كالأدوية وكل ما هنالك أنها عملية نفسية 00 ( قلت : حفلات الزار لا تعتمد
على العامل النفسي فحسب ، بل هي اقتران شيطاني خبيث يستحضر بواسطة ترانيم معينة
تعتمد على دقات الطبول مما يؤدي إلى سقوط المرأة وصرعها من قبل الجن والشياطين )
وربما أحست المرأة بالراحة بعد الحفل لأنها تخففت من الكبت النفسي والقلق الذي
كانت تعانيه ) ( نقلاً عن أسرار السحر والاستخارة وضرب الرمل وقراءة الفنجان والكف
– ص 74 ) 0
قال الشيخ
محمد الصايم : ( والزار يقوم به شلة من المشعوذين حيث يجتمعون ليلاً في حلقات
ويدقون الطبول وتقف المريضة في وسط الحلقة "حلقة الدأة" ويصدرون أنغاماً
وتراتيل جاهلية ، مع دق الدفوف لاستحضار الجن ويسألونه ما هي طلباتك حتى ترضى عنها
؟
فيجيب : كذا
وكذا 00 طلبات مرهقة ، وتكرر الحلقات وتكثر الطلبات ويقع المريض وأهله تحت ذل الجن
والذين يرهقونهم في ذل وصغار 0
والزار هرج
ومرج واختلاط غير مشروع وفرصة لجماعة لا عمل لهم سوى الدجل ، يأكلون ويشربون
ويغنون ويرقصون ، ويطلبون أجوراً باهظة، وأهل المريض يدفعون، والجنون فنون ، وكلها
أمور تغضب الله 00 وتزيد المشكلة تعقيداً وهو كثيراً ما يحدث – أي هذا العمل – من
النساء يخدعون به الرجال ) ( المنقذ القرآني لإبطال السحر وعلاج المس الشيطاني – ص
57 ) 0
وقال
الأستاذ زهير حموي : ( الزار عبارة عن إيقاع منتظم وصخب ، تصحبه أغان معينة خاصة
بهذا العرض ، وأهم ما يستخدم فيه الطبلة والرق ، ويقوم المحترفون لهذه الحفلات
بقيادة الموجودين لأداء بعض الرقصات الرتيبة ، تمشيا مع الإيقاع ، وتعقد حفلات
الزار - عادة - خلال الليل وتكون محكومة بقدر معين من الاضاءة 0
وحفلات
الزار من أهم الوسائل التي يسترضي بها المشعوذون الجن ، الذين يدخلون في أجساد بعض
الناس ، حيث يجتمعون ويحضرون المصاب أو المصابة ويسمون المصابة ( عروسا ) ويخلعون
عليها الثياب الفاخرة ، ويوقدون حولها الشموع ويضربون الدفوف ، ويغنون حولها ، ولا
يخفي أن هذه الحفلات من البدع المحرمة ، حيث يختلط فيها الرجال مع النساء وتفوح
منها رائحة الشهوات ، وربما تهتك فيه الأعراض ) ( الإنسان بين السحر والعين والجان
– ص 211 ، 212 ) 0
يقول
الأستاذ جمال سرحان : ( إن مما درجت عليه بعض النساء الفاسقات المارقات الجاهلات
الفاجرات اللواتي لا يتقين الله ويقمن حفلات تسمى ( الزار ) ، والحضرة ولعلها حضرة
الشطان يجتمع فيها كل جاهل وجاهلة وفاسق وفاسقة وفاجر وفاجرة زعماً منهم أن ذلك
علاج لمن أصيب بمرض ويتولى إدارة هذه الحضرة الفاجرة رجل أو امرأة من الدجالين
تسمى أو يسمى شيخ الحضرة له خبرة بالأمر وهو الوسيط بين الشياطين وبين من يصاب
بالزار وعنده البخور الخاص وهو ذو معرفة بلغة المصابين وبمن أصابه المرض من
الشياطين ، وتقدم له بعض النقود عند الكشف الخاص عندما يفتح عليه البخور وكثيراً
ما يوصي بإقامة حفل خاص تضرب فيه الدفوف والمزامير وتعلو الأصوات بالأناشيد الخاصة
ولكل مريض أو مريضة وترة خاصة وهي في عرفهم نقره خاصة ذات إيقاع صاخب وتصفيف حاد ،
ونشيد خاص يحرك كوامن نفسه مع انتشار رائحة البخور الكريهة فإن الشياطين ترتاح
للرائحة الكريهة التي تؤذي الملائكة ، ثم يرقص المصاب أو المصابة وبعض من حضر على
تلك الأنغام والأناشيد ، وهنا تسمع إزعاجاً وصرخات منكرة لا تدع لك مجالاً للراحة
والهدوء ، إذا كنت ممن يجاور أماكن إقامة هذه الحفلات فويل حينئذ لكل جار ملاصق ،
وبعد تنوع الرقص والحركات الهستيرية ينصرع من ينصرع من الراقصين حيث يتخبطه
الشيطان من المس في حال غيبوبته وصرعه ويتكلم بعبارات خاصة ويطلب أشياء خاصة
وبواسطة الشيخ أي شيخ الزار أو الشيخة يوعد بأن يجاب ما طلب مهما كلف من مال 0
وصويحبات
الزار اللواتي مسهن هذا المرض يتمثلن بأشخاص مختلفة ويلبسن ثياباً يعرف بها من
تقمصن شخصه فمنهن من يخيل إليها الشيطان أنها نصرانية أو يهودية ثم يأمرها بالشرك
والكفر دون أن تشعر : ولا شك أن الأناشيد التي تقام وتقال في الزار كلها أناشيد
تدعو إلى الشرك والكفر والمروق عن دين الله ، فالله المستعان ، ولقد شاهدت بنفسي
في بلدنا زاراً يقام ليلة في كل أسبوع تحضره النساء فقط مع صاحبة البيت المقام فيه
هذا الزار وصاحبة الدار هي شيخة هذا الزار ورأيتهن يلبسن لبساً معيناً لتلك الليلة
، كان هذا الزار يبدأ بعد صلاة العشاء من هذه الليلة المعروفة لدى الذاهبين إليها
ويبدأ هذا الزار بالضرب بالدف أو ما يسمى الطبل عند عامة الناس ثم البخور ، وتبدأ
النساء بالميلان يميناً وشمالاً فمنهن من تقع على الأرض وتخر مصروعة ومنهن من تسقط
جالسة وهكذا ، ولا شك أن لصاحبة الدار نصيباً معلوماً من المال من اللواتي يحضرن
هذه الليلة ، وكان يشارك هؤلاء النسوة زوج صاحبة البيت الذي كان يقوم بضرب الدف (
الطبل ) حتى إن البعيدين عن المكان مئات الأمتار يسمعون ضرب الدف فيعلمون أن هذه
الليلة كما يسمونها عوام الناس هي ليلة المديح النبوي ولا يعرفون هؤلاء المساكين
إنما هي ليلة المديح الشيطاني وأن هذا الزار وهذا التجمع هو من أجل الشيطان
وإرضائه هو وحزبه وكانت نداءاتهم واستغاثاتهم كلها شرك وكفر وخروج من الملة ودعاء
غير الله سبحانه وتعالى ، وأكثر استغاثاتهم بالشياطين ، وكان المال الذي يؤخذ من
النساء بحجة التقرب لشيوخ الحضرة وما زال هذا الزار يقام في أماكن متعددة ، وأقول
لا يقام هذا الزار الآن إلا بأخذ أموال الناس بالباطل وتخويف الحاضرين من شيوخ
الحضرة الشيطانية ، فإلى الله المشتكى والله المستعان ) ( الصواريخ القاتلة في
التصدي للجن – ص 79 ، 81 ) 0
يقول
الأستاذ محمد الشافعي : ( عندما كنت طفلاً صغيراً كنت أتسلل مع أقراني من الصبية
إلى حفلات الزار التي تقيمها نساء القرية ، وكنا نجد معظم نساء القرية يجتمعن حول
" كودية الزار " التي كانت تقود فريقاً من ابنتيها ، وكن جميعاً ينقرن
الطبول ، وفي البداية يطلقن البخور ويبدأ نقر الطبول بطيئاً رتيباً لتقف "
المريضة " تتمايل على دقات الطبول ؛ ومع ارتفاع دقات الطبل يزداد عدد النساء
التي يقفن في وسط الحلقة يعلو " صوت الكودية " بأغنيات معينة ، ويعلو
صوت الطبول ليزداد التمايل ويعلو صراخ النسوة إلى أن تقع إحداهن مغشياً عليها
فتقوم " الكودية " بقراءة بعض الكلمات في أذنها وتطلب منها بعد أن تفيق
أن تقدم " رضوة للأسياد " وأن تذبح لهم شيئاً أو تدفع بعض النقود 00
وتذكر بعض
الكتب أن هذا الزار تقليد فرعوني قديم يعمل على إخراج الطاقة المكبوتة داخل النساء
ومن الغريب أن الحضارة الغربية قد طورت هذا الزار وخرجت علينا برقصات الديسكو
المجنونة ، وإذا كانت النساء تلجأ إلى الزار للعلاج من " الجان " إلا أن
ذلك الزار قد يؤدي بهم إلى " التلبس بالجان " ، فقد تقع المرأة وهي تهتز
على دقات الطبول على جني أتى ليشاهد تلك الحفلات الماجنة ، وقد يظن الجان أن
المرأة أرادت أن تؤذيه ، فيلتبس بها ويؤذيها ، وتؤكد الدراسات على أن النساء
اللاتي يلجأن إلى الزار تزداد فيهن نسبة الأمراض النفسية والبدنية ، وقد تأتي هذه
الأمراض من تأثير الجان 00 ويرى الشرع أن هذا الزار حرام ، ويجب أن يعزر فاعله ) (
السحر والجان بين المسيحية والإسلام – ص 139 ) 0
ويعتبر هذا
النوع الاقتران من أخطر الأنواع على الإطلاق ، بل أشدها ضررا على عقيدة المسلم
ومنهجه وسلوكه ، لما يحتويه من جمع لأطراف الشر كلها ، فتجده يشتمل على الكفر
والشرك والبدعة والمعصية ، ويتأتى هذا النوع برغبة الإنسان وطلبه ، بخلاف كافة
الأنواع الأخرى التي تحصل للإنسان رغما عنه ، وقد يحصل هذا الأمر على عدة أوجه
أذكر منها :-
أ)-
الاجتماع بالرقص والطرب بأنغام معينة ، وتراتيل خاصة ، ترفع من شأن بعض الأشخاص
الذين جمعوا هذا العلم الشيطاني بكافة أوجهه ، استحضارا لتلك الأرواح المزعومة ،
علما أن بعض الأنغام والتراتيل قد تحتوي على تواشيح دينية مصحوبة بأنغام الدف
والطبل ، وهذا عين البدعة ، وشرر مستطير يودي بصاحبه في غيابة الانحراف والخلل عن
المنهج القويم 0
ب)- قد
تستخدم جلسات الزار بالكيفية السابقة طلبا للعلاج والاستشفاء من صرع الأرواح
الخبيثة بزعمهم ، واسترضائها بهذا الأسلوب والكيفية ، وتقديم جميع طلباتها دون
استثناء ، رغبة في مفارقتها لجسد المريض 0
وكما أشرت
آنفا فإن الخطورة التي يندرج عليها استخدام ذلك الأسلوب بالكيفية السابقة فيه هدم
للعقيدة من أساسها ، وإغراق النفس في شهواتها ، والانكباب على البدعة المحرمة
بإحدى وسائلها ، وأوضح تلك المظاهر الهدامة بالأمور التالية :
1)- المظهر الكفري والشركي : إن
الكيفية المتبعة باستخدام ذلك النوع ، يترتب عليها تقرب إلى تلك الأرواح بما
يرضيها ، وقد يصل الأمر إلى الذبح والنذر وتعظيم غير الله ، وهذا كله كفر وشرك به
سبحانه وتعالى 0
2)- المظهر البدعي : إن استحداث
التراتيل الدينية وذكر الله عز وجل على أنغام الدف والطبل والغناء ، بدعة منكرة ،
وأي شيء يفوق ذلك من الانحطاط بالنفس ، والتردي بها في أحضان الشياطين ، والتوجه
إلى الله بعبادة مزعومة حسب ما تمليه تلك الأرواح الخبيثة 0
3)- مظهر المعصية والفجور : وأما
استحضار تلك الأرواح الخبيثة ، واقترانها بأجساد الآخرين على هذا الوجه ، والغناء
والدف والطبل والتغني بهذا الأسلوب والتراقص والتمايل فهذا عين المعصية ، وكفران
للنعمة ، وجحود أيما جحود ، وبعد عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم 0
* قال الشيخ محمد عبدالسلام الشقيري : ( لقد حوت هذه البدعة المنكرة
الممقوتة المشئومة ، بدعة الزار ، كل القبائح والرذائل ، كما سلبت من مرتكبيها
الأوغاد السفلة كل فضيلة 0 لقد حوت كل المهازل ، وكل المخازي والفضائح ، وكل
العيوب والفسوق والفجور ، وكل حطة وعار ونقيصة ، وانسلخ أهلها من كل أدب وخلق طاهر
وشرف وكرامة ، كما تبرأت من أباطيلهم جميع الأديان والشرائع ، وكل العقول الصحيحة
السليمة ، فمن من العقلاء يقول : إن في التبذير والإسراف شفاء من مرض الصرع ؟ ومن
يقول : بأن لباس الذهب والفضة والحرير والتهتك والخلاعة والرقص وترامي المرأة
عارية في أحضان الشبان – مشايخ الداة – على الطبلة والزمارة فيه شفاء من خبل الصرع
، ومن هذا الذي يستطيع أن يقول : أن ذبح الخراريف وأنواع الدجاج الرومي وأصناف
الطيور تخرج العفاريت من أجسام النساء ؟ فيا لخراب العقول 0 ويا لخراب البيوت 0
ويا للمصيبة ، ويا للرزية الكبرى 0 ويا للطامة العظمى ، مما سيصيب ، بل قد أصاب
عقل وحياة ومستقبل النشء الجديد !
قال الله
تعالى : ( يَابَنِي ءادَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ
أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا
سَوْءاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ
إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ) ( سورة
الأعراف – الآية 27 ) ( السنن والمبتدعات - 321 ، 322 ) 0
* قال الشيخ محمد رشيد رضا : ( إن مفاسد الزار كثيرة مشهورة في هذه
البلاد ، - يعني مصر - وقد وصفناها من قبل في المنار 0 وسببها اعتقاد الكثيرات من
النساء المريضات بأمراض عادية - ولا سيما إذا كانت عصبية - أن الشياطين قد دخلت في
أجسادهن 0 وإن صانعات الزار يخرجنهم منها بإرضائهم والتقرب إليهم بالقرابين وغيرها
0 وهذا نوع من عبادة الجن التي كانت في الجاهلية فأزالها الإسلام بإصلاحه ، ولما
جهل الإسلام في كثير من البلاد وقبائل البدو عادت إلى أهلها 0 وقد كان من حسنات
تأثير الشيخ محمد بن عبدالوهاب المجدد للإسلام في نجد إبطال عبادة الجن وغير الجن
منها ، ولم يبق فيها إلا أهل تجريد التوحيد
وإخلاص
العبادة لله ، ولكن علماء الأزهر هنا لا يعنون أقل عناية بمقاومة هذه البدع
والخرافات وأمثالها ، ولا المعاصي الفاشية في هذه البلاد ) ( تفسير المنار – 8 /
369 ) 0
* يقول الأستاذ محمد سيد محمود : ( ويتوهم بعض الناس أن علاجه أيضا عن
طريق الزار - يعني الصرع - ، كيف يحدث ذلك فهؤلاء الشياطين لهم مهارة عالية في
ابتزاز الأموال وسلب العقول فيسمين المريض عروسه ويطلبن لها ما يطلب عادة العرس
والعروس : كل على حسب درجته ، ومقدار بسطته ، فيطلبن أنواعا من الحلي ، وأصنافا من
الملابس ، وأنواعا من الخرفان ، وألوانا من الدجاج إلى غير ذلك 0
ثم يركبن
العروس خروفا أو جملا ويوقدن حولها الشموع ، ويضربن بالدفوف الضربة التي يتطلبها
عفريتها ، ويصحن بالأغاني التي تناسبه ، وهناك يحصل للمريضة هزة للابتهاج بالدفوف
والغناء ، ونشور الفرح بهذا المهرجان العظيم الذي ما هو إلا إذا كان مرضا زاد بذلك
، وإن كان مس من الجان زاد وتمكن من المريض ولا يخرج منه إلا بصعوبة بالغة لأن ذلك
يصبح تثبيتا له ) ( البديل الإسلامي للشعوذة والدجل – ص 42 ) 0
* وفي تحقيق صحفي بعنوان " الأسياد يحكمون أبناء القرن العشرين
" نشرته جريدة الوفد في 14 سبتمبر 1989 - 14 صفر 1410 ، نقلت الجريدة على
لسان محررها مشاهد حية من هذه الصالات التي تسمى ( بالزار ) تعمدت أن أنقلها كاملة
، لنعلم كيف يتعبث هؤلاء المشعوذين بعقول النساء في محاولة ابتذاذ الأموال 0
( أحد المنازل بأبي السعود وقد اجتمع داخل حجرة من حجراته التي لا تزيد
مساحتها على 12 مترا ما يزيد على خمسين امرأة افترشن الأرض تتوسطهن ( الكودية )
التي تميزت بذلك الحجاب المصنوع من الذهب الخالص ، وتتولى عملية إطلاق البخور ومن
تريد التزود بالبخور عليها أن تقدم جنيها واحدا للكودية وإذا ما أرادت العودة
للتزود بالبخور مرة أخرى عليها أن تدفع جنيها آخر 0 فالحاضرات من النساء يتسابقن
إليه ويستمر الزار النهار بأكمله وبعض ساعات الليل ليصل دخل الكودية المعلمة من
البخور فقط 300 جنيها في اليوم الواحد بخلاف النقطة التي يقدمها من يرغبن في
النزول إلى حلقة الزار 0
ويلاحظ أن
النقطة تختلف باختلاف نوع العفريت التي توهمها أنه قد لبسها ، فإن كان أسود يتم دق
لحن خاص به وإن كان من الجن الأحمر فاللحن على نغمة " يا عروسه الجن يا صغيرة
" ، " يا حلوة والله ومغيرة " وإن كان الجن مسلما يتم الإكثار في
ذكر الله والرسول محمد عليه الصلاة والسلام ، وإن كان مسيحيا يقال له بعض الترانيم
، والنقطة لا تقل عن خمسة جنيهات في المرة الواحدة وكلما زادت زاد الوقت المخصص
لها فتحظى المريدة بمزيد من رضا الأسياد عليها وسريعا ما تتحول حلقة الزار بسبب
كثرة روادها إلى مسرح للأعمال المنافية للآداب خاصة عندما يستبدل فريق السيدات من
العازفات بفريق الرجال أو خدام الأسياد لإحياء الوصلة الثانية 0
ومن المشاهد
الأخرى فتاة لا تزال في مقتبل العمر أجهشت ببكاء شديد ، سألتها عن سبب بكائها
فقالت لقد تعديت العشرين من العمر وإلى الآن لم يتم خطبتي لأحد حتى أصبحت معيرة
للبنات في شارعنا ووصف لي البعض " أم عزة " هذه التي أشارت بذبح "
ديك عتبة " وهو ديك أحمر به نقط سوداء ، وفرخة مجمعة بها ، أي بها جميع
الألوان ، وأحضرت لها طلبها من رجل دلتني عليه مقابل 70 جنيها وقامت بذبحها على
عتبة منزلي وطلب مني بعدها عمل زار خصوصي قامت هي بإعداد طقوسه في منزلي ، لكني لم
أستطع عمله لتكاليفه الباهظة التي وصلت إلى 700 جنيها 0
ونظرا لضخامة
العائد التي تحظى به الكودية من هذا الزار الخصوصي والذي يصل إلى آلاف من الجنيهات
فهي دائما تطلب من الزبون عمل الزار مرات ومرات تحت حجة أن الأسياد لم يرضوا بعد
؟؟
وتستجيب
الزبونة وكلما سألت ألم يرضوا بعد ؟ تكون الإجابة أنهم يطلبون المزيد ؟؟
وتقول إحدى
السيدات التي تجاوزت الخمسين من عمرها والتي اعتادت حضور مثل هذا الزار 0
عندما علمت
بنبأ وفاة شقيقتي كنت بدورة المياه فصرخت فيها صرخة عالية ، مرضت على أثرها ،
وأشار علي البعض بالزار وذهبت للحاجة " أم الجوهرة " التي أخبرتني أن
هناك عفريتا قد ركبني فسألتها وماذا يطلب ؟
فقالت :
يريد خلخال فضة ، وقلب عقيق حر ، ودقولي الزار ، بعدها شعرت بتحسن ولكن لم تمض
فترة حتى عاودتني الحالة فأخبرتني بأن سلطان الجن الأحمر لبسني هذه المرة ، ودقوا
لي الزار مرة أخرى وطلب أن ألبس ثيابا حمراء وبعدها ركبتني عفريتة سودانية ومن
يومها وأنا اتردد على " أم الجوهرة " لحضور الزار كل أسبوع وإحضار طلبات
الأسياد بعدها أشعر وكأنني وردة مفتحة ؟ - انتهى ) ( البديل الإسلامي للشعوذة
والدجل – ص 43 ، 44 ) 0
قلت : تلك
بعض التجارب العملية التي تؤكد سفاهة ووضاعة ما وصل إليه مدعو هذا العلم الأجوف ،
ولا أستطيع حقيقة أن أعبر بالكلمات والمعاني عن تلك المشاهدات التي إن دلت على شيء
، فإنما تدل على ما وصل إليه الإنسان من انتكاس في الفطر وتدمير للعقيدة وانحلال
في الخلق ، وهذا يؤكد على أن المنهج الإسلامي ما زال غائبا في الواقع العملي
لمعالجة تلك المشكلات ، وأن الفكرة والمضمون الإسلامي عن الطب الوقائي والعلاجي ما
زال خاطئاً مشوها عند الكثيرين ، وأن تناولها في مجال الكتابة ما زال قاصرا ، وهذا
يؤكد أن الفكرة الإسلامية في المجالين الواقعي والنظري ليست واضحة المعالم ، فهي
فكرة لم تعرف الاستقرار بعد 0
سئل فضيلة
الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن الحكم الشرعي في انتشار ظاهرة الزار في
العالم الإسلامي ، ولجوء بعض المسلمين لعلاج الأمراض الروحية كالصرع والسحر والعين
عن طريق ذلك ؟
فأجاب –
حفظه الله – : ( الزار حسب ما نعلم نوع من الجن يخاطب من يدعوه أو يخدمه ولا أعرف
كيف يستحضر الإنسان هذا الزار وحيث أنه من الأرواح الخفية وأنه يخدم من يتعرف عليه
، فإني أرى والله أعلم أنه شبيه بمن يستخدم الجن والمردة والشياطين من الكهنة
والسحرة فإنهم يسخرون الجن ويتصرفون فيهم كما يريدون ولا شك أنهم قد تقربوا
إليهم
بالذبح لهم أو دعائهم من دون الله أو صرف نوع من العبادة لهم حتى استسلموا لهم فإن
كان هذا الزار من الجن والشياطين فلا يجوز استخدامه ولا علاج الصرع والعين والسحر
كما يفعل ذلك الكهان ، فإن الجن تخبرهم بموضع السحر وكيفيته وتحضره للساحر أو
الكاهن في لحظته وإن كان الزار من غير الجن والشياطين فلا أعرف له حكما ومع ذلك
فلا أرى استخدامه والله أعلم ) ( منهج الشرع في بيان المس والصرع – ص 241 ) 0
تلك بعض
الأمور الهامة المتعلقة بـ ( الزار ) ، ولا بد من الحذر كل الحذر لكل من يلجأ إلى
تلك الطرق بسبب العلاج أو بسبب أي أمر آخر ، فقد تبين مدى خطورة ذلك على المنهج
والعقيدة والدين ، سائلاً المولى عز وجل أن يمن علينا بالعفو والعافية في الدنيا
والآخرة ، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، وأن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى
0
وآخر دعوانا
أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0