منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 1 أغسطس - 15:03

أي ما في استماعه كذب ، أي هو صادق الاستماع. والندس : الحاذق. والنبأة : الصوت الخفي ، وكذلك الركز. والسِّمع "بكسر السين وإسكان الميم" : ذكر الإنسان بالجميل ، يقال : ذهب سمعه في الناس أي ذكره. والسمع أيضا : ولد الذئب من الضبع. والوقف هنا : "وعلى سمعهم". و"غشاوة" رفع على الابتداء وما قبله خبر. والضمائر في "قلوبهم" وما عطف عليه لمن سبق في علم الله أنه لا يؤمن من كفار قريش ، وقيل من المنافقين ، وقيل من اليهود ، وقيل من الجميع ، وهو أصوب ، لأنه يعم. فالختم على القلوب والأسماع. والغشاوة على الأبصار. والغشاء : الغطاء.
التاسعة- ومنه غاشية السرج ، وغشيت الشيء أغشيه. قال النابغة :
هلا سألت بنى ذبيان ما حسبي ... إذا الدخان تغشى الأشمط البَرَمَا
وقال آخر :
صحبتك إذ عيني عليها غشاوة ... فلما انجلت قطعت نفسي ألومها
قال ابن كيسان : فإن جمعت غشاوة قلت : غشاء بحذف الهاء. وحكى الفراء : غشاوى مثل أداوى. وقرئ : "غشاوة" بالنصب على معنى وجعل ، فيكون من باب قوله :
علفتها تبنا وماء باردا
وقول الآخر :
يا ليت زوجك قد غدا ... متقلدا سيفا ورمحا
المعنى وأسقيتها ماء ، وحاملا رمحا ، لأن الرمح لا يتقلد. قال الفارسي : ولا تكاد تجد هذا الاستعمال في حال سعة واختيار ، فقراءة الرفع أحسن ، وتكون الواو عاطفة جملة على جملة. قال : ولم أسمع من الغشاوة فعلا متصرفا بالواو. وقال بعض المفسرين : الغشاوة على الأسماع والأبصار ، والوقف على "قلوبهم". وقال آخرون : الختم في الجميع ، والغشاوة هي الختم ، فالوقف على هذا على "غشاوة". وقرأ الحسن "غشاوة" بضم الغين ، وقرأ أبو حَيْوة بفتحها ، وروي عن
(1/191)





أبي عمرو : غشوة ، رده إلى أصل المصدر. قال ابن كيسان : ويجوز غَشوة وغِشوة وأجودها غِشاوة ، كذلك تستعمل العرب في كل ما كان مشتملا على الشيء ، نحو عمامة وكنانة وقلادة وعصابة وغير ذلك.
العاشرة- قوله تعالى : {وَلَهُمْ} أي للكافرين المكذبين {عَذَابٌ عَظِيمٌ} نعته. والعذاب مثل الضرب بالسوط والحرق بالنار والقطع بالحديد ، إلى غير ذلك مما يؤلم الإنسان. وفي التنزيل : {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور : 2] وهو مشتق من الحبس والمنع ، يقال في اللغة : أعْذِبه عن كذا أي أحبسه وأمنعه ، ومنه سمي عذوبة الماء ، لأنها قد أعذبت. واستعذب بالحبس في الوعاء ليصفو ويفارقه ما خالطه ، ومنه قول علي رضي الله عنه : أعذبوا نساءكم عن الخروج ، أي احبسوهن. وعنه رضي الله عنه وقد شيع سرية فقال : أعذبوا عن ذكر النساء [أنفسكم] فإن ذلك يكسركم عن الغزو ، وكل من منعته شيئا فقد أعذبته ، وفي المثل : "لألجمنك لجاما معذِبا" أي مانعا عن ركوب الناس. ويقال : أعذب أي امتنع. وأعذب غيره ، فهو لازم ومتعد ، فسمي العذاب عذابا لأن صاحبه يحبس ويمنع عنه جميع ما يلائم الجسد من الخير ويهال عليه أضدادها.
الآية 8 {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}
فيع سبع مسائل :
الأولى- روى ابن جريج عن مجاهد قال : نزلت أربع آيات من سورة البقرة في المؤمنين ، واثنتان في نعت الكافرين ، وثلاث عشرة في المنافقين. وروى أسباط عن السدي في قوله : {وَمِنَ النَّاسِ} قال : هم المنافقون. وقال علماء الصوفية : الناس اسم جنس ، واسم الجنس لا يخاطب به الأولياء.
الثانية - واختلف النحاة في لفظ الناس ، فقيل : هو اسم من أسماء الجموع ، جمع إنسان وإنسانة ، على غير اللفظ ، وتصغيره نويس. فالناس من النوس وهو الحركة ، يقال : ناس ينوس أي تحرك ، ومنه حديث أم زرع : "أناسَ من حُليٍّ أذني". وقيل : أصله من نسي ، فأصل
(1/192)





ناس نسي قلب فصار نيس تحركت الياء فانفتح ما قبلها فانقلبت ألفا ، ثم دخلت الألف واللام فقيل : الناس. قال ابن عباس : نسي آدم عهد الله فسمي إنسانا. وقال عليه السلام : " نسي آدم فنسيت ذريته" . وفي التنزيل : {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} [طه : 115] وسيأتي وعلى هذا فالهمزة زائدة ، قال الشاعر :
لا تنسين تلك العهود فإنما ... سميت إنسانا لأنك ناسي
وقال آخر :
فإن نسيت عهودا منك سالفة ... فاغفر فأول ناس أول الناس
وقيل : سمي إنسانا لأنسه بحواء. وقيل : لأنسه بربه ، فالهمزة أصلية ، قال الشاعر :
وما سمي الإنسان إلا لأنسه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب
الثالثة- لما ذكر الله جل وتعالى المؤمنين أولا ، وبدأ بهم لشرفهم وفضلهم ، ذكر الكافرين في مقابلتهم ، إذ الكفر والإيمان طرفان. ثم ذكر المنافقين بعدهم وألحقهم بالكافرين قبلهم ، لنفي الإيمان عنهم بقوله الحق : {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} . ففي هذا رد على الكرَّامية حيث قالوا : إن الإيمان قول باللسان وإن لم يعتقد بالقلب ، واحتجوا بقوله تعالى : {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا} [المائدة : 85]. ولم يقل : بما قالوا وأضمروا ، وبقوله عليه السلام : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم" . وهذا منهم قصور وجمود ، وترك نظر لما نطق به القرآن والسنة من العمل مع القول والاعتقاد ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الإيمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان" . أخرجه ابن ماجة في سننه. فما ذهب إليه محمد بن كرام السجستاني وأصحابه هو النفاق وعين الشقاق ، ونعوذ بالله من الخذلان وسوء الاعتقاد.
الرابعة- قال علماؤنا رحمة الله عليهم : المؤمن ضربان : مؤمن يحبه الله ويواليه ، ومؤمن لا يحبه الله ولا يواليه ، بل يبغضه ويعاديه ، فكل من علم الله أنه يوافي بالإيمان ، فالله محب له ، موال له ، راض عنه. وكل من علم الله أنه يوافي بالكفر ، فالله مبغض له ، ساخط
(1/193)





عليه ، معاد له ، لا لأجل إيمانه ، ولكن لكفره وضلاله الذي يوافي به. والكافر ضربان : كافر يعاقب لا محالة ، وكافر لا يعاقب. فالذي يعاقب هو الذي يوافي بالكفر ، فالله ساخط عليه معاد له. والذي لا يعاقب هو الموافي بالإيمان ، فالله غير ساخط على هذا ولا مبغض له ، بل محب له موال ، لا لكفره لكن لإيمانه الموافي به. فلا يجوز أن يطلق القول وهي : -
الخامسة- بأن المؤمن يستحق الثواب ، والكافر يستحق العقاب ، بل يجب تقييده بالموافاة ، ولأجل هذا قلنا : إن الله راض عن عمر في الوقت الذي كان يعبد الأصنام ، ومريد لثوابه ودخوله الجنة ، لا لعبادته الصنم ، لكن لإيمانه الموافي به. وإن الله تعالى ساخط على إبليس في حال عبادته ، لكفره الموافي به.
وخالفت القدرية في هذا وقالت : إن الله لم يكن ساخطا على إبليس وقت عبادته ، ولا راضيا عن عمر وقت عبادته للصنم. وهذا فاسد ، لما ثبت أن الله سبحانه عالم بما يوافي به إبليس لعنه الله ، وبما يوافي به عمر رضي الله عنه فيما لم يزل ، فثبت أنه كان ساخطا على إبليس محبا لعمر. ويدل عليه إجماع الأمة على أن الله سبحانه وتعالى غير محب لمن علم أنه من أهل النار ، بل هو ساخط عليه ، وأنه محب لمن علم أنه من أهل الجنة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وإنما الأعمال بالخواتيم" ولهذا قال علماء الصوفية : ليس الإيمان ما يتزين به العبد قولا وفعلا ، لكن الإيمان جَرْيُ السعادة في سوابق الأزل ، وأما ظهوره على الهياكل فربما يكون عاريا ، وربما يكون حقيقة.
قلت : هذا كما ثبت في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" . فإن قيل وهي :
(1/194)





السادسة- فقد خرج الإمام الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد المصري من حديث محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة ، وهو محمد بن أبي قيس ، عن سليمان بن موسى وهو الأشدق ، عن مجاهد بن جبر عن ابن عباس أخبرنا أبو رَزين العقيلي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأشربن أنا وأنت يا أبا رزين من لبن لم يتغير طعمه" قال قلت : كيف يحيي الله الموتى ؟ قال : "أما مررت بأرض لك مجدبة ثم مررت بها مخصبة ثم مررت بها مجدبة ثم مررت بها مخصبة" قلت : بلى. قال : "كذلك النشور" قال قلت : كيف لي أن أعلم أني مؤمن ؟ قال : "ليس أحد من هذه الأمة - قال ابن أبي قيس : أو قال من أمتي - عمل حسنة وعلم أنها حسنة وأن الله جازيه بها خيرا أو عمل سيئة وعلم أنها سيئة وأن الله جازيه بها شرا أو يغفرها إلا مؤمن" .
قلت : وهذا الحديث وإن كان سنده ليس بالقوي فإن معناه صحيح وليس بمعارض لحديث ابن مسعود ، فإن ذلك موقوف على الخاتمة ، كما قال عليه السلام : "وإنما الأعمال بالخواتيم" . وهذا إنما يدل على أنه مؤمن في الحال ، والله أعلم.
السابعة- قال علماء اللغة : إنما سمي المنافق منافقا لإظهاره غير ما يضمر ، تشبيها باليربوع ، له جحر يقال له : النافقاء ، وآخر يقال له : القاصعاء. وذلك أنه يخرق الأرض حتى إذا كاد يبلغ ظاهر الأرض أرق التراب ، فإذا رابه ريب دفع ذلك التراب برأسه فخرج ، فظاهر جحره تراب ، وباطنه حفر. وكذلك المنافق ظاهره إيمان ، وباطنه كفر ، وقد تقدم هذا المعنى.
الآية 9 {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}
قال علماؤنا : معنى "يخادعون الله" أي يخادعونه عند أنفسهم وعلى ظنهم. وقيل : قال ذلك لعملهم عمل المخادع. وقيل : في الكلام حذف ، تقديره : يخادعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن الحسن وغيره. وجعل خداعهم لرسوله خداعا له ، لأنه دعاهم برسالته ، وكذلك إذا خادعوا المؤمنين فقد خادعوا الله. ومخادعتهم : ما أظهروه من الإيمان
(1/195)





خلاف ما أبطنوه من الكفر ، ليحقنوا دماءهم وأموالهم ، ويظنون أنهم قد نجوا وخدعوا ، قاله جماعة من المتأولين. وقال أهل اللغة : أصل المخدع في كلام العرب الفساد ، حكاه ثعلب عن ابن الأعرابي. وأنشد :
أبيض اللون لذيذ طعمه ... طيب الريق إذا الريق خدع
قلت : فـ {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} على هذا ، أي يفسدون إيمانهم وأعمالهم فيما بينهم وبين الله تعالى بالرياء. وكذا جاء مفسر عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما يأتي. وفي التنزيل : {يُرَاؤُونَ النَّاسَ} [النساء : 142] وقيل : أصله الإخفاء ، ومنه مخدع البيت الذي يحرز فيه الشيء ، حكاه ابن فارس وغيره. وتقول العرب : أنخدع الضب في جحره.
قوله تعالى : {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ} نفي وإيجاب ، أي ما تحل عاقبة الخدع إلا بهم. ومن كلامهم : من خدع من لا يخدع فإنما يخدع نفسه. وهذا صحيح ، لأن الخداع إنما يكون مع من لا يعرف البواطن ، وأما من عرف البواطن فمن دخل معه في الخداع فإنما يخدع نفسه. ودل هذا على أن المنافقين لم يعرفوا الله إذ لو عرفوه لعرفوا أنه لا يخدع ، وقد تقدم من قوله عليه السلام أنه قال : "لا تخادع الله فإنه من يخادع الله يخدعه الله ونفسه يخدع لو يشعر" قالوا : يا رسول الله ، وكيف يخادع الله ؟ قال : "تعمل بما أمرك الله به وتطلب به غيره" . وسيأتي بيان الخدع من الله تعالى كيف هو عند قوله تعالى : {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة : 15]. وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : "يخادعون" في الموضعين ، ليتجانس اللفظان. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر : "يخدعون" الثاني. والمصدر خدع "بكسر الخاء" وخديعة ، حكى ذلك أبو زيد. وقرأ مورِّق العجلي : "يخدِّعون الله" "بضم الياء وفتح الخاء وتشديد الدال" على التكثير. وقرأ أبو طالوت عبد السلام بن شداد والجارود بضم الياء وإسكان الخاء وفتح الدال ، على معنى وما يخدعون إلا عن أنفسهم ، فحذف حرف الجر ، كما قال تعالى : {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} [الأعراف : 155] أي من قومه.
(1/196)





قوله تعالى : {وَمَا يَشْعُرُونَ} أي يفطنون أن وبال خدعهم راجع عليهم ، فيظنون أنهم قد نجوا بخدعهم وفازوا ، وإنما ذلك في الدنيا ، وفي الآخرة يقال لهم : {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً} [الحديد : 13] على ما يأتي. قال أهل اللغة : شعرت بالشيء أي فطنت له ، ومنه الشاعر لفطنته ، لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره من غريب المعاني. ومنه قولهم : ليت شعري ، أي ليتني علمت.
3الآية 10 {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}
قوله تعالى : {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ابتداء وخبر. والمرض عبارة مستعارة للفساد الذي في عقائدهم. وذلك إما أن يكون شكا ونفاقا ، وإما جحدا وتكذيبا. والمعنى : قلوبهم مرضى لخلوها عن العصمة والتوفيق والرعاية والتأييد. قال ابن فارس اللغوي : المرض كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة أو نفاق أو تقصير في أمر. والقراء مجمعون على فتح الراء من "مرض" إلا ما روى الأصمعي عن أبي عمرو أنه سكن الراء.
قوله تعالى : {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} قيل : هو دعاء عليهم. ويكون معنى الكلام : زادهم الله شكا ونفاقا جزاء على كفرهم وضعفا عن الانتصار وعجزا عن القدرة ، كما قال الشاعر :
يا مرسل الريح جنوبا وصبا ... إذ غضبت زيد فزدها غضبا
أي لا تهدها على الانتصار فيما غضبت منه. وعلى هذا يكون في الآية دليل على جواز الدعاء على المنافقين والطرد لهم ، لأنهم شر خلق الله. وقيل : هو إخبار من الله تعالى عن زيادة مرضهم ، أي فزادهم الله مرضا إلى مرضهم ، كما قال في آية أخرى : {فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة : 125]. وقال أرباب المعاني : {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي بسكونهم إلى الدنيا وحبهم لها وغفلتهم عن الآخرة وإعراضهم عنها. وقوله : "فزادهم الله مرضا" أي وكلهم إلى أنفسهم ، وجمع عليهم هموم الدنيا فلم يتفرغوا من ذلك إلى اهتمام بالدين. {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} بما يفنى عما يبقى. وقال الجنيد : علل القلوب من اتباع الهوى ، كما أن علل الجوارح من مرض البدن.
(1/197)





قوله تعالى : {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} "أليم" في كلام العرب معناه مؤلم أي موجع ، مثل السميع بمعنى المسمع ، قال ذو الرمة يصف إبلا :
ونرفع من صدور شمردلات ... يصُك وجوهها وهج أليم
وآلم إذا أوجع. والإيلام : الإيجاع. والألم : الوجع ، وقد ألِم يألم ألما. والتألم : التوجع. ويجمع أليم على ألماء مثل كريم وكرماء ، وآلام مثل أشراف.
قوله تعالى : {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} ما مصدرية ، أي بتكذيبهم الرسل وردهم على الله جل وعز وتكذيبهم بآياته ، قاله أبو حاتم. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف ، ومعناه بكذبهم وقولهم آمنا وليسوا بمؤمنين.
مسألة : واختلف العلماء في إمساك النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين مع علمه بنفاقهم على أربعة أقوال :
القول الأول : قال بعض العلماء : إنما لم يقتلهم لأنه لم يعلم حالهم أحد سواه. وقد اتفق العلماء على بكرة أبيهم على أن القاضي لا يقتل بعلمه ، وإنما اختلفوا في سائر الأحكام. قال ابن العربي : وهذا منتقض ، فقد قُتِلَ بالمُجذَّر بن زياد الحارثُ بن سويد بن الصامت ، لأن المجذر قتل أباه سويدا يوم بُعاث ، فأسلم الحارث وأغفله يوم أحد فقتله ، فأخبر به جبريلُ النبيَ صلى الله عليه وسلم فقتله به ، لأن قتله كان غيلة ، وقتل الغيلة حد من حدود الله.
قلت : وهذه غفلة من هذا الإمام ، لأنه إن ثبت الإجماع المذكور فليس بمنتقض بما ذكر ، لأن الإجماع لا ينعقد ولا يثبت إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي ، وعلى هذا فتكون تلك قضية في عين بوحي ، فلا يحتج بها أو منسوخة بالإجماع. والله أعلم.
(1/198)





القول الثاني : قال أصحاب الشافعي : إنما لم يقتلهم لأن الزنديق وهو الذي يسر الكفر ويظهر الإيمان يستتاب ولا يقتل. قال ابن العربي : وهذا وهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستتبهم ولا نقل ذلك أحد ، ولا يقول أحد إن استتابة الزنديق واجبة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم معرضا عنهم علمه بهم. فهذا المتأخر من أصحاب الشافعي الذي قال : إن استتابة الزنديق جائزة قال قولا لم يصح لأحد.
القول الثالث : إنما لم يقتلهم مصلحة لتأليف القلوب عليه لئلا تنفر عنه ، وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله لعمر : "معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي" أخرجه البخاري ومسلم. وقد كان يعطي للمؤلفة قلوبهم مع علمه بسوء اعتقادهم تألفا ، وهذا هو قول علمائنا وغيرهم. قال ابن عطية. وهي طريقة أصحاب مالك رحمه الله في كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ، نص على هذا محمد بن الجهم والقاضي إسماعيل والأبهري وابن الماجشون ، واحتج بقوله تعالى : {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الأحزاب : 60] إلى قوله : {وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} [الأحزاب : 61]. قال قتادة : معناه إذا هم أعلنوا النفاق. قال مالك رحمه الله : النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزندقة فينا اليوم ، فيقتل الزنديق إذا شهد عليه بها دون استتابة ، وهو أحد قولي الشافعي. قال مالك : وإنما كف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنافقين ليبين لأمته أن الحاكم لا يحكم بعلمه ، إذ لم يشهد على المنافقين. قال القاضي إسماعيل : لم يشهد على عبد الله بن أبي إلا زيد بن أرقم وحده ، ولا على الجُلاس بن سويد إلا عمير بن سعد ربيبه ، ولو شهد على أحد منهم رجلان بكفره ونفاقه لقتل. وقال الشافعي رحمه الله محتجا للقول الآخر : السنة فيمن شهد عليه بالزندقة فجحد
(1/199)





وأعلن بالإيمان وتبرأ من كل دين سوى الإسلام أن ذلك يمنع من إراقة دمه. وبه قال أصحاب الرأي وأحمد والطبري وغيرهم. قال الشافعي وأصحابه. وإنما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم ، لأن ما يظهرونه يجُبُّ ما قبله. وقال الطبري : جعل الله تعالى الأحكام بين عباده على الظاهر ، وتولى الحكم في سرائرهم دون أحد من خلقه ، فليس لأحد أن يحكم بخلاف ما ظهر ، لأنه حكم بالظنون ، ولو كان ذلك لأحد كان أولى الناس به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد حكم للمنافقين بحكم المسلمين بما أظهروا ، ووكل سرائرهم إلى الله. وقد كذب الله ظاهرهم في قوله : {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون : 1] قال ابن عطية : ينفصل المالكيون عما لزموه من هذه الآية بأنها لم تعين أشخاصهم فيها وإنما جاء فيها توبيخ لكل مغموص عليه بالنفاق ، وبقي لكل واحد منهم أن يقول : لم أرد بها وما أنا إلا مؤمن ، ولو عين أحد لما جب كذبه شيئا.
قلت : هذا الانفصال فيه نظر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم أو كثيرا منهم بأسمائهم وأعيانهم بإعلام الله تعالى إياه ، وكان حذيفة يعلم ذلك بإخبار النبي عليه السلام إياه حتى كان عمر رضي الله عنه يقول له : يا حذيفة هل أنا منهم ؟ فيقول له : لا.
القول الرابع : وهو أن الله تعالى كان قد حفظ أصحاب نبيه عليه السلام بكونه ثبتهم أن يفسدهم المنافقون أو يفسدوا دينهم فلم يكن في تبقيتهم ضرر ، وليس كذلك اليوم ، لأنا لا نأمن من الزنادقة أن يفسدوا عامتنا وجهالنا.
الآية 11 {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}
قوله : "إذا" في موضع نصب على الظرف والعامل فيها "قالوا" ، وهي تؤذن بوقوع الفعل المنتظر. قال الجوهري : "إذا" اسم يدل على زمان مستقبل ، ولم تستعمل إلا مضافة إلى
(1/200)





جملة ، تقول : أجيئك إذا أحمر البسر ، وإذا قدم فلان. والذي يدل على أنها اسم وقوعها موقع قولك : آتيك يوم يقدم فلان ، فهي ظرف وفيها معنى المجازاة. وجزاء الشرط ثلاثة : الفعل والفاء وإذا ، فالفعل قولك : إن تأتني آتك. والفاء : إن تأتني فأنا أحسن إليك. وإذا كقوله تعالى : {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم : 36]. ومما جاء من المجازاة بإذا في الشعر قول قيس بن الخطيم :
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنضارب
فعطف "فنضارب" بالجزم على "كان" لأنه مجزوم ، ولو لم يكن مجزوما لقال : فنضارب ، بالنصب. وقد تزاد على "إذا" "ما" تأكيدا ، فيجزم بها أيضا ، ومنه قول الفرزدق :
فقام أبو ليلى إليه ابن ظالم ... وكان إذا ما يسلل السيف يضرب
قال سيبويه : والجيد ما قال كعب بن زهير :
وإذا ما تشاء تبعث منها ... مغرب الشمس ناشطا مذعورا
يعني أن الجيد ألا يجزم بإذا ، كما لم يجزم في هذا البيت. وحكي عن المبرد أنها في قولك في المفاجأة : خرجت فإذا زيد ، ظرف مكان ، لأنها تضمنت جُثة. وهذا مردود ، لأن المعنى خرجت فإذا حضور زيد ، فإنما تضمنت المصدر كما يقتضيه سائر ظروف الزمان ، ومنه قولهم : "اليوم خمر وغدا أمر" فمعناه وجود خمر ووقوع أمر.
قوله : {قِيلَ} من القول وأصله قَوِل ، نقلت كسرة الواو إلى القاف فانقلبت الواو ياء. ويجوز : "قيلْ لّهم" بإدغام اللام في اللام وجاز الجمع بين ساكنين ، لأن الياء حرف مد ولين. قال الأخفش : ويجوز "قيل" بضم القاف والياء. وقال الكسائي : ويجوز إشمام القاف الضم ليدل على أنه لما لم يسم فاعله ، وهي لغة قيس وكذلك جيء وغيض وحيل وسيق وسيء
(1/201)





وسيئت. وكذلك روى هشام عن ابن عباس ، وروي عن يعقوب. وأشم منها نافع سيء وسيئت خاصة. وزاد ابن ذكوان : حيل وسيق ، وكسر الباقون في الجميع. فأما هذيل وبنود دبير من أسد وبني فقعس فيقولون : "قول" بواو ساكنة.
قوله : {لا تُفْسِدُوا} "لا" نهي. والفساد ضد الصلاح ، وحقيقته العدول عن الاستقامة إلى ضدها. فسد الشيء فسادا وفسودا وهو فاسد وفسيد. والمعنى في الآية : لا تفسدوا في الأرض بالكفر وموالاة أهله ، وتفريق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقران. وقيل : كانت الأرض قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم فيها الفساد ، ويفعل فيها بالمعاصي ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ارتفع الفساد وصلحت الأرض. فإذا عملوا بالمعاصي فقد أفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ، كما قال في آية أخرى : {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} [الأعراف : 56].
قوله : {فِي الأَرْضِ} الأرض مؤنثة ، وهي اسم جنس ، وكان حق الواحدة منها أن يقال أرضة ، ولكنهم لم يقولوا. والجمع أرضات ، لأنهم قد يجمعون المؤنث الذي ليست فيه هاء التأنيث بالتاء كقولهم : عرسات. ثم قالوا أرضون فجمعوا بالواو والنون ، والمؤنث لا يجمع بالواو والنون إلا أن يكون منقوصا كثبة وظبة ، ولهم جعلوا الواو والنون عوضا من حذفهم الألف والتاء وتركوا فتحة الراء على حالها ، وربما سكنت. وقد تجمع على أروض. وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون : أرض وآراض ، كما قالوا : أهل وآهال. والأراضي أيضا على غير قياس ، كأنهم جمعوا آرُضا. وكل ما سفل فهو أرض. وأرض أريضة ، أي زكية بينة الأراضة. وقد أرِضت بالضم ، أي زكت. قال أبو عمرو : نزلنا أرضا أريضة ، أي معجبة للعين ، ويقال : لا أرض لك ، كما يقال : لا أم لك. والأرض : أسفل قوائم الدابة ، قال حميد يصف فرسا :
ولم يقلب أرضها البَيطار ...
ولا لحبليه بها حبار
(1/202)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: