منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق   كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق I_icon_minitimeالإثنين 16 يوليو - 21:47

المجلد السابع عشر
سورة ق
...
الجزء 17 من الطبعة
سورة ق




الآية : 15 - 19 {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ}
قوله تعالى : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} لما ذكر مآل الكفار ذكر مآل المؤمنين أي هم في بساتين فيها عيون جارية على نهاية ما يتنزه به. {آخِذِينَ} نصب على الحال. {مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} أي ما أعطاهم من الثواب وأنواع الكرامات ؛ قاله الضحاك. وقال ابن عباس وسعيد بن جبير : {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} أي عاملين بالفرائض. {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ} أي قبل دخولهم الجنة في الدنيا ِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ {مُحْسِنِينَ} بالفرائض. وقال ابن عباس : المعنى كانوا قبل أن يفرض عليهم الفرائض محسنين في أعمالهم.
الآية : 17 {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}
فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى : {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} معنى {يَهْجَعُونَ} ينامون ؛ والهجوع النوم ليلا ، والتهجاع النومة الخفيفة ؛ قال أبو قيس بن الأسلت :
قد حصت البيضة رأسي فما ... أطعم نوما غير تهجاع
وقال عمرو بن معد يكرب يتشوق أخته وكان أسرها الصمة أبو دريد بن الصمة :
أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع
يقال : هجع يهجع هجوعا ، وهبغ يهبغ هبوغا بالغين المعجمة إذا نام ؛ قاله الجوهري. واختلف في "ما" فقيل : صلة زائدة - قاله إبراهيم النخعي - والتقدير كانوا قليلا من الليل
(17/35)





يهجعون ؛ أي ينامون قليلا من الليل ويصلون أكثره. قال عطاء : وهذا لما أمروا بقيام الليل. وكان أبو ذر يحتجز ويأخذ العصا فيعتمد عليها حتى نزلت الرخصة {قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} [المزمل : 2] الآية. وقيل : ليس {مَا} صلة بل الوقف عند قوله : {قَلِيلاً} ثم يبتدئ {مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} فـ {مَا} للنفي وهو نفى النوم عنهم البتة. قال الحسن : كانوا لا ينامون من الليل إلا أقله وربما نشطوا فجدوا إلى السحر. روي عن يعقوب الحضرمي أنه قال : اختلفوا في تفسير هذه الآية فقال بعضهم : {كَانُوا قَلِيلاً} معناه كان عددهم يسيرا ثم ابتدأ فقال : {مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} على معنى من الليل يهجعون ؛ قال ابن الأنباري : وهذا فاسد ؛ لأن الآية إنما تدل على قلة نومهم لا على قلة عددهم ، وبعد فلو ابتدأنا {مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} على معنى من الليل يهجعون لم يكن في هذا مدح لهم ؛ لأن الناس كلهم يهجعون من الليل إلا أن تكون {مَا} جحدا.
قلت : وعلى ما تأوله بعض الناس - وهو قول الضحاك - من أن عددهم كان يسيرا يكون الكلام متصلا بما قبل من قوله : {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} أي كان المحسنون قليلا ، ثم استأنف فقال : {مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} وعلى التأويل الأول والثاني يكون {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ} خطابا مستأنفا بعد تمام ما تقدمه ويكون الوقف على {مَا يَهْجَعُونَ} ، وكذلك إن جعلت {قَلِيلاً} خبر كان وترفع {مَا} بقليل ؛ كأنه قال : كانوا قليلا من الليل هجوعهم. فـ {مَا} يجوز أن تكون نافية ، ويجوز أن تكون مع الفعل مصدرا ، ويجوز أن تكون رفعا على البدل من اسم كان ، التقدير كان هجوعهم قليلا من الليل ، وانتصاب قوله : {قَلِيلاً} إن قدرت {مَا} زائدة مؤكدة بـ {يَهْجَعُونَ} على تقدير كانوا وقتا قليلا أو هجوعا قليلا يهجعون ، وإن لم تقدر {مَا} زائدة كان قوله : {قليلا} خبر كان ولم يجز نصبه بـ {يَهْجَعُونَ} لأنه إذا قدر نصبه بـ {يَهْجَعُونَ} مع تقدير {مَا} مصدرا قدمت الصلة على الموصول. وقال أنس وقتادة في تأويل الآية : أي كانوا يصلون بين العشاءين : المغرب والعشاء. أبو العالية : كانوا لا ينامون بين العشاءين. وقاله ابن وهب. وقال مجاهد :
(17/36)





نزلت في الأنصار كانوا يصلون العشاءين في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم يمضون إلى قباء. وقال محمد بن علي بن الحسين : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة. قال الحسن : كأنه عد هجوعهم قليلا في جنب يقظتهم للصلاة. وقال ابن عباس ومطرف : قل ليلة لا تأتي عليهم إلا يصلون لله فيها إما من أولها وإما من وسطها.
الثانية : روي عن بعض المتهجدين أنه أتاه أت في منامه فأنشده :
وكيف تنام الليل عين قريرة ... ولم تدر في أي المجالس تنزل
وروي عن رجل من الأزد أنه قال : كنت لا أنام الليل فنمت في آخر الليل ، فإذا أنا بشابين أحسن ما رأيت ومعهما حلل ، فوقفا على كل مصل وكسواه حلة ، ثم انتهيا إلى النيام فلم يكسواهم ، فقلت لهما : أكسواني من حللكما هذا ؛ فقالا لي : إنها ليست حلة لباس إنما هي رضوان الله يحل على كل مصل. ويروى عن أبي خلاد أنه قال : حدثني صاحب لي قال : فبينا أنا نائم ذات ليلة إذ مثلت لي القيامة ، فنظرت إلى أقوام من إخواني قد أضاءت وجوههم ، وأشرقت ألوانهم ، وعليهم الحلل من دون الخلائق ، فقلت : ما بال هؤلاء مكتسون والناس عراة ، ووجوههم مشرقة ووجوه الناس مغبرة ! فقال لي قائل : الذين رأيتهم مكتسون فهم المصلون بين الأذان والإقامة ، والذين وجوههم مشرقة فأصحاب السهر والتهجد ، قال : ورأيت أقواما على نجائب ، فقلت : ما بال هؤلاء ركبانا والناس مشاة حفاة ؟ فقال لي : هؤلاء الذين قاموا على أقدامهم تقربا بالله تعالى فأعطاهم الله بذلك خير الثواب ؛ قال : فصحت في منامي : واها للعابدين ، ما أشرف مقامهم! ثم استيقظت من منامي وأنا خائف.
الثالثة : قوله تعالى : {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} مدح ثان ؛ أي يستغفرون من ، ذنوبهم ، قاله الحسن. والسحر وقت يرجى فيه إجابة الدعاء. وقد مضى في "آل عمران" القول فيه. وقال ابن عمر ومجاهد : أي يصلون وقت السحر فسموا الصلاة استغفارا. وقال الحسن في قوله تعالى : {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} مدوا الصلاة من أول الليل
(17/37)





إلى السحر ثم استغفروا في السحر. ابن وهب : هي في الأنصار ؛ يعني أنهم كانوا يغدون من قباء فيصلون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قالوا : كانوا ينضحون لناس من الأنصار بالدلاء على الثمار ثم يهجعون قليلا ، ثم يصلون آخر الليل. الضحاك : صلاة الفجر. قال الأحنف بن قيس : عرضت عملي على أعمال أهل الجنة فإذا قوم قد باينونا بونا بعيدا لا نبلغ أعمالهم {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} وعرضت عملي على أعمال أهل النار فإذا قوم لا خير فيهم ، يكذبون بكتاب الله وبرسوله وبالبعث بعد الموت ، فوجدنا خيرنا منزلة قوما خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا.
الرابعة - قوله تعالى : {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} مدح ثالث. قال محمد بن سيربن وقتادة : الحق هنا الزكاة المفروضة. وقيل : إنه حق سوى الزكاة يصل به رحما ، أو يقري به ضيفا ، أو يحمل به كلا ، أو يغني محروما. وقاله ابن عباس ؛ لأن السورة مكية وفرضت الزكاة بالمدينة. ابن العربي : والأقوى في هذه الآية أنها الزكاة ؛ لقوله تعالى في سورة "المعارج" : {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج : 25] والحق المعلوم هو الزكاة التي بين الشرع قدرها وجنسها ووقتها ، فأما غيرها لمن يقول به فليس بمعلوم ؛ لأنه غير مقدر ولا مجنس ولا موقت.
الخامسة - {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} السائل الذي يسأل الناس لفاقته ؛ قاله ابن عباس وسعيد بن المسيب وغيرهما .{وَالْمَحْرُومِ} الذي حرم المال. واختلف في تعيينه ؛ فقال ابن عباس وسعيد بن المسيب وغيرهما : المحروم المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم. وقالت عائشة رضي الله عنها : المحروم المحارف الذي لا يتيسر له مكسبه ؛ يقال : رجل محارف بفتح الراء أي محدود محروم ، وهو خلاف قولك مبارك. وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه كأنه ميل برزقه عنه. وقال قتادة والزهري : المحروم المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا ولا يعلم بحاجته. وقال الحسن ومحمد ابن الحنفية : المحروم الذي يجيء بعد الغنيمة وليس له فيها سهم. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأصابوا وغنموا فجاء قوم بعد ما فرغوا فنزلت هذه الآية {وَفِي أَمْوَالِهِمْ}. وقال
(17/38)





عكرمة : المحروم الذي لا يبقى له مال. وقال زيد بن أسلم : هو الذي أصيب ثمره أو زرعه أونسل ماشيته. وقال القرظي : المحروم الذي أصابته الجائحة ثم قرأ {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بََلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}. نظيره في قصة أصحاب الجنة حيث قالوا : {بََلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}. [الواقعة : 66] وقال أبو قلابة : كان رجل من أهل اليمامة له مال فجاء سيل فذهب بماله ، فقال رجل من أصحابه : هذا المحروم فاقسموا له. وقيل : إنه الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه. وهو يروى عن ابن عباس أيضا. وقال عبدالرحمن بن حميد : المحروم المملوك. وقيل : إنه الكلب ؛ روي أن عمر بن عبدالعزيز كان في طريق مكة ، فجاء كلب فانتزع عمر رحمه الله كتف شاة فرمى بها إليه وقال : يقولون إنه المحروم. وقيل : إنه من وجبت نفقته بالفقر من ذوي الأنساب ؛ لأنه قد حرم كسب نفسه حتى وجبت نفقته في مال غيره. وروى ابن وهب عن مالك : أنه الذي يحرم الرزق ، وهذا قول حسن ؛ لأنه يعم جميع الأقوال. وقال الشعبي : لي اليوم سبعون سنة منذ احتلمت أسأل عن المحروم فما أنا اليوم بأعلم مني فيه يومئذ. رواه شعبة عن عاصم الأحول عن الشعبي. وأصله في اللغة الممنوع ؛ من الحرمان وهو المنع. علقمة :
ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه ... أنى توجه والمحروم محروم
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم فيقول الله تعالى وعزتي وجلالي لأقربنكم ولأبعدنهم" ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} ذكره الثعلبي.
الآية : 20 - 23 {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}
قوله تعالى : {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} لما ذكر أمر الفريقين بين أن في الأرض علامات تدل على قدرته على البعث والنشور ؛ فمنها عود النبات بعد أن صار هشيما ، ومنها أنه
(17/39)





قدر الأقوات فيها قواما للحيوانات ، ومنها سيرهم في البلدان التي يشاهدون فيها أثار الهلاك النازل بالأمم المكذبة. والموقنون هم العارفون المحققون وحدانية ربهم ، وصدق نبوة نبيهم ؛ خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بتلك الآيات وتدبرها. {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} قيل : التقدير وفي الأرض وفي أنفسكم آيات للموقنين. وقال قتادة : المعنى من سار في الأرض رأى آيات وعبرا ، ومن تفكر في نفسه علم أنه خلق ليعبد الله. ابن الزبير ومجاهد : المراد سبيل الخلاء والبول. وقال السائب بن شريك : يأكل ويشرب من مكان واحد ويخرج من مكانين ؛ ولو شرب لبنا محضا لخرج منه الماء ومنه الغائط ؛ فتلك الآية في النفس. وقال ابن زيد : المعنى أنه خلقكم من تراب ، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة {ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم : 20]. السدي : {وَفِي أَنْفُسِكُمْ} أي في حياتكم وموتكم ، وفيما يدخل ويخرج من طعامكم. الحسن : وفي الهرم بعد الشباب ، والضعف بعد القوة ، والشيب بعد السواد. وقيل : المعنى وفي خلق أنفسكم من نطفة وعلقة ومضغة ولحم وعظم إلى نفخ الروح ، وفي اختلاف الألسنة والألوان والصور ، إلى غير ذلك من الآيات الباطنة والظاهرة ، وحسبك بالقلوب وما ركز فيها من العقول ، وما خصت به من أنواع المعاني والفنون ، وبالألسن والنطق ومخارج الحروف والأبصار والأطراف وسائر الجوارح ، وتأتيها لما خلقت له ، وما سوى في الأعضاء من المفاصل للانعطاف والتثني ، وأنه إذا جسا شيء منها جاء العجز ، وإذا استرخى أناخ الذل {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون : 14]. {أَفَلا تُبْصِرُونَ} يعني بصر القلب ليعرفوا كمال قدرته. وقيل : إنه نجح العاجز ، وحرمان الحازم.
قلت : كل ما ذكر مراد في الاعتبار. وقد قدمنا في آية التوحيد من سورة "البقرة" أن ما في بدن الإنسان الذي هو العالم الصغير شيء إلا وله نظير في العالم الكبير ، وذكرنا هناك من الاعتبار ما يكفي ويغني لمن تدبر.
(17/40)





قوله تعالى : {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} قال سعيد بن جبير والضحاك : الرزق هنا ما ينزل من السماء من مطر وثلج ينبت به الزرع ويحيا به الخلق. قال سعيد بن جبير : كل عين قائمة إنها من الثلج. وعن الحسن أنه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه : فيه والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بخطاياكم. وقال أهل المعاني : {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} معناه وفي المطر رزقكم ؛ سمي المطر سماء لأنه من السماء ينزل. قال الشاعر :
إذا سقط السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
وقال ابن كيسان : يعني وعلى رب السماء رزقكم ؛ نظيره : {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود : 6]. وقال سفيان الثوري : {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} أي عند الله في السماء رزقكم. وقيل : المعنى وفي السماء تقدير رزقكم ، وما فيه لكم مكتوب في أم الكتاب. وعن سفيان قال : قرأ واصل الأحدب {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} فقال : ألا أرى رزقي في السماء وأنا أطلبه في الأرض! فدخل خربة فمكث ثلاثا لا يصيب شيئا فإذا هو في الثالثة بدوخلة رطب ، وكان له أخ أحسن نية منه فدخل معه فصارتا دوخلتين ، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق الله بالموت بينهما. وقرأ ابن محيصن ومجاهد {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} بالألف وكذلك في أخرها {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ}{وَمَا تُوعَدُونَ} قال مجاهد : يعني من خير وشر. وقال غيره : من خير خاصة. وقيل : الشر خاصة. وقيل : الجنة ؛ عن سفيان بن عيينة. الضحاك : {وَمَا تُوعَدُونَ} من الجنة والنار. وقال ابن سيرين : {وَمَا تُوعَدُونَ} من أمر الساعة. وقاله الربيع.
قوله تعالى : {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} أكد ما أخبرهم به من البعث وما خلق في السماء من الرزق ، وأقسم عليه بأنه لحق ثم أكده بقوله : {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} وخص النطق من بين سائر الحواس ؛ لأن ما سواه من الحواس يدخله التشبيه ، كالذي
(17/41)





يرى في المرآة ، واستحالة الذوق عند غلبة الصفراء ونحوها ، والدوى والطنين في الأذن ، والنطق سالم من ذلك ، ولا يعترض بالصدى لأنه لا يكون إلا بعد حصول الكلام من الناطق غير مشوب بما يشكل به. وقال بعض الحكماء : كما أن كل إنسان ينطق بنفسه ولا يمكنه أن ينطق بلسان غيره ، فكذلك كل إنسان يأكل رزقه ولا يمكنه أن يأكل رزق غيره. وقال الحسن : بلغني أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : "قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه ثم لم يصدقوه قال الله تعالى : {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ}". وقال الأصمعي : أقبلت ذات مرة من مسجد البصرة إذ طلع أعرابي جلف جاف على قعود له متقلدا سيفه وبيده قوسه ، فدنا وسلم وقال : ممن الرجل ؟ قلت من بني أصمع ، قال : أنت الأصمعي ؟ قلت : نعم. قال : ومن أين أقبلت ؟ قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن ؛ قال : وللرحمن كلام يتلوه الآدميون ؟ قلت : نعم ؛ قال : فاتل علي منه شيئا ؛ فقرأت {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً} إلى قوله : {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} فقال : يا أصمعي حسبك! ! ثم قام إلى ناقته فنحرها وقطعها بجلدها ، وقال : أعني على توزيعها ؛ ففرقناها على من أقبل وأدبر ، ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما ووضعهما تحت الرحل وولى نحو البادية وهو يقول : {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} فمقت نفسي ولمتها ، ثم حججت مع الرشيد ، فبينما أنا أطوف إذا أنا بصوت رقيق ، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي وهو ناحل مصفر ، فسلم علي وأخذ بيدي وقال : اتل علي كلام الرحمن ، وأجلسني من وراء المقام فقرأت {وَالذَّارِيَاتِ} حتى وصلت إلى قوله تعالى : {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} فقال الأعرابي : لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن حقا ، وقال : وهل غير هذا ؟ قلت : نعم ؛ يقول الله تبارك وتعالى : {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} قال فصاح الأعرابي وقال : يا سبحان الله! من الذي أغضب الجليل حتى حلف! ألم يصدقوه في قوله حتى ألجأوه إلى اليمين ؟ فقالها ثلاثا وخرجت بها نفسه. وقال يزيد بن مرثد : إن رجلا جاع بمكان ليس فيه شيء فقال : اللهم رزقك الذي وعدتني فأتني به ؛ فشبع وروي من غير طعام ولا شراب. وعن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لو أن أحدكم
(17/42)





فر من رزقه لتبعه كما يتبعه الموت" أسنده الثعلبي. وفي سنن ابن ماجة عن حبة وسواء ابني خالد قالا : دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعالج شيئا فأعناه عليه ، فقال : "لا تيأسا من الرزق ما تهززت رؤوسكما فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشر ثم يرزقه الله" . وروي أن قوما من الأعراب زرعوا زرعا فأصابته جائحة فحزنوا لأجله ، فخرجت عليهم أعرابية فقالت : ما لي أراكم قد نكستم رؤوسكم ، وضاقت صدوركم ، هو ربنا والعالم بنا ، رزقنا عليه يأتينا به حيث شاء! ثم أنشأت تقول :
لو كان في صخرة في البحر راسية ... صما ململمة ملسا نواحيها
رزق لنفس براها الله لانفلقت ... حتى تؤدي إليها كل ما فيها
أو كان بين طباق السبع مسلكها ... لسهل الله في المرقى مراقيها
حتى تنال الذي في اللوح خط لها ... إن لم تنله وإلا سوف يأتيها
قلت : وفي هذا المعنى قصة الأشعريين حين أرسلوا رسولهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمع قوله تعالى : {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود : 6] فرجع ولم يكلم النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ليس الأشعريون بأهون على الله من الدواب ؛ وقد ذكرناه في سورة "هود". وقال لقمان : {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ} [لقمان : 16] الآية. وقد مضى في "لقمان" وقد استوفينا هذا الباب في كتاب "قمع الحرص بالزهد والقناعة" والحمد لله. وهذا هو التوكل الحقيقي الذي لا يشوبه شيء ، وهو فراغ القلب مع الرب ؛ رزقنا الله إياه ولا أحالنا على أحد سواه بمنه وكرمه.
قوله تعالى : {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} قراءة العامة {مِثْلَ} بالنصب أي كمثل {مَا أَنَّكُمْ} فهو منصوب على تقدير حذف الكاف أي كمثل نطقكم و{مَا} زائدة ؛ قاله بعض الكوفيين. وقال الزجاج والفراء : يجوز أن ينتصب على التوكيد ؛ أي لحق حقا مثل
(17/43)





نطقك ؛ فكأنه نعت لمصدر محذوف وقول سيبوبه : انه مبني بني حين أضيف إلى غير متمكن و {مَا} زائدة للتوكيد. المازني : {مِثْلَ} مع {مَا} بمنزلة شيء واحد فبني على الفتح لذلك. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ قال : ولأن من العرب من يجعل مثلا منصوبا أبدا ؛ فتقول : قال لي رجل مثلك ، ومررت برجل مثلك بنصب مثل على معنى كمثل. وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي والأعمش {مِثْلَ} بالرفع على أنه صفة لحق ؛ لأنه نكرة وإن أضيف إلى معرفة ، إذ لا يختصى بالإضافة لكثرة الأشياء التي يقع بعدها التماثل بين المتماثلين. و{مِثْلَ} مضاف إلى {أَنَّكُمْ} و {مَا} زائدة ولا تكون مع ما بعدها بمنزلة. المصدر إذ لا فعل معه تكون معه مصدرا. ومجوز أن تكون بدلا من {لَحَقٌّ}
الآية : 24 - 28 {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ}
قوله تعالى : {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ليبين بها أنه أهلك المكذب بآياته كما فعل بقوم لوط. {هَلْ أَتَاكَ} أي ألم يأتك. وقيل : {هَلْ} بمعنى قد ؛ كقوله تعالى : {هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان : 1]. وقد مضى الكلام في ضيف إبراهيم في "هود" "والحجر ".{الْمُكْرَمِينَ} أي عند الله ؛ دليله قوله تعالى : {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء : 26] قال ابن عباس : يريد جبريل وميكائيل وإسرافيل - زاد عثمان بن حصين - ورفائيل عليهم الصلاة والسلام. وقال محمد بن كعب : كان جبريل ومعه تسعة. وقال عطاء وجماعة : كانوا ثلاثة جبريل وميكائيل ومعهما ملك آخر.
(17/44)





قال ابن عباس : سماهم مكرمين لأنهم غير مذعورين. وقال مجاهد : سماهم مكرمين لخدمة إبراهيم إياهم بنفسه. قال عبدالوهاب : قال لي علي بن عياض : عندي هريسة ما رأيك فيها ؟ قلت : ما أحسن رأيي فيها ؛ قال : امض بنا ؛ فدخلت الدار فنادى الغلام فإذا هو غائب ، فما راعني إلا به ومعه القمقمة والطست وعلى عاتقه المنديل ، فقلت : إنا لله وإن إليه راجعون ، لو علمت يا أبا الحسن أن الأمر هكذا ؛ قال : هون عليك فإنك عندنا مكرم ، والمكرم إنما يخدم بالنفس ؛ انظر إلى قوله تعالى : {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ}.
قوله تعالى : {إِِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً} تقدم في "الحجر". {قَالَ سَلامٌ} أي عليكم سلام. ويجوز بمعنى أمري سلام أو ردي لكم سلام. وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما {سِلْمٌ} بكسر السين. {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}. أي أنتم قوم منكرون ؛ أي غرباء لا نعرفكم. وقيل : لأنه رآهم على غير صورة البشر ، وعلى غير صورة الملائكة الذين كان يعرفهم فنكرهم ، فقال : {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}. وقيل : أنكرهم لأنهم دخلوا عليه من غير استئذان. وقال أبو العالية : أنكر سلامهم في ذلك الزمان وفي تلك الأرض. وقيل : خافهم ؛ يقال أنكرته إذا خفته ، قال الشاعر :
فأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا
قوله تعالى : {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ} قال الزجاج : أي عدل إلى أهله. وقد مضى في "والصافات". ويقال : أراغ وارتاغ بمعنى طلب ، وماذا تريغ أي تريد وتطلب ، وأراغ إلى كذا أي مال إليه سرا وحاد ، فعلى هذا يكون راغ وأراغ لغتين بمعنى. {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} أي جاء ضيفه بعجل قد شواه لهم كما في "هود" : {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود : 69]. ويقال : إن إبراهيم انطلق إلى منزله كالمستخفي من ضيفه ، لئلا يظهروا على ما يريد أن يتخذ لهم من الطعام.
(17/45)





قوله تعالى : { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} يعني العجل. {قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} قال قتادة : كان عامة مال إبراهيم البقر ، واختاره لهم سمينا زيادة في إكرامهم. وقيل : العجل في بعض اللغات الشاة. ذكره القشيري. وفي الصحاح : العجل ولد البقرة والعجول مثله والجمع العجاجيل والأنثى عجلة ، عن أبي الجراح ، وبقرة معجل ذات عجل ، وعجل قبيلة من ربيعة.
قوله تعالى : {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} أي أحس منهم في نفسه خوفا. وقيل : أضمر لما لم يتحرموا بطعامه. ومن أخلاق الناس : أن من تحرم بطعام إنسان أمنه. وقال عمرو بن دينار : قالت الملائكة لا نأكل إلا بالثمن. قال : كلوا وأدوا ثمنه. قالوا : وما ثمنه ؟ قال : تسمون الله إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم. فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : لهذا اتخذك الله خليلا. وقد تقدم هذا في "هود" ولما رأوا ما بإبراهيم من الخوف {قَالُوا لا تَخَفْ} وأعلموه أنهم ملائكة الله ورسله. {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} أي بولد يولد له من سارة زوجته. وقيل : لما أخبروه أنهم ملائكة لم يصدقهم ، فدعوا الله فأحيا العجل الذي قربه إليهم. وروى عون بن أبي شداد : أن جبريل مسح العجل بجناحه ، فقام يدرج حتى لحق بأمه وأم العجل في الدار. ومعنى {عَلِيمٍ} أي يكون بعد بلوغه من أولي العلم بالله وبدينه. والجمهور على أن المبشر به هو إسحاق. وقال مجاهد وحده : هو إسماعيل وليس بشيء فإن الله تعالى يقول : {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} [الصافات : 112]. وهذا نص.
الآية : 29 - 30 {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}
قوله تعالى : {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} أي في صيحة وضجة ؛ عن ابن عباس وغيره. ومنه أخذ صرير الباب وهو صوته. وقال عكرمة وقتادة : إنها الرنة والتأوه ولم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان. قال الفراء : وإنما هو كقولك أقبل يشتمني أي أخذ في شتمي. وقيل : أقبلت في صرة أي في جماعة من النساء تسمع كلام الملائكة. قال
(17/46)





الجوهري : الصرة الضجة والصيحة ، والصرة الجماعة ، والصرة الشدة من كرب وغيره ، قال امرؤ القيس :
فألحقه بالهاديات ودونه ... جواحرها في صرة لم تزيل
يحتمل هذا البيت الوجوه الثلاثة. وصرة القيظ شدة حره. فلما سمعت سارة البشارة صكت وجهها ؛ أي ضربت يدها على وجهها على عادة النسوان عند التعجب ؛ قاله سفيان الثوري وغيره. وقال ابن عباس : صكت وجهها لطمته. وأصل الصك الضرب ؛ صكه أي ضربه ؛ قال الراجز :
يا كروانا صك فاكبأنَّا
قال الأموي : كَبَن الظبي إذا لطأ بالأرض واكبأن انقبض. {وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} أي أتلد عجوز عقيم. الزجاج : أي قالت أنا عجوز عقيم فكيف ألد كما قالت : {يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} [هود : 72] {قَالُوا كَذَلِكِ} أي كما قلنا لك وأخبرناك {قَالَ رَبُّكِ} فلا تشكي فيه ، وكان بين البشارة والولادة سنة وقد مضى هذا .{إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} حكيم فيما يفعله عليم بمصالح خلقه.
(17/47)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة عبس
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة نوح
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: