منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص   كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص I_icon_minitimeالأربعاء 13 يونيو - 20:23



المجلد الخامس عشر

تفسير سورة ص
...
________________________________________
قوله تعالى : { ثُمَّ أَنَابَ } أي رجع إلى الله وتاب. وقد تقدم.
قوله تعالى : { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي } أي اغفر لي ذنبي { وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } يقال : كيف أقدم سليمان على طلب الدنيا ، مع ذمها من الله تعالى ، وبغضه لها ، وحقارتها لديه ؟ . فالجواب أن ذلك محمول عند العلماء على أداء حقوق الله تعالى وسياسة ملكه ، وترتيب منازل خلقه ، وإقامة حدوده ، والمحافظة على رسومه ، وتعظيم شعائره ، وظهور عبادته ، ولزوم طاعته ، ونظم قانون الحكم النافذ عليهم منه ، وتحقيق الوعود في أنه يعلم ما لا يعلم أحد من خلقه حسب ما صرح بذلك لملائكته فقال : { إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ } وحوشي سليمان عليه السلام أن يكون سؤاله طلبا لنفس الدنيا ؛ لأنه هو والأنبياء أزهد خلق الله فيها ، وإنما سأل مملكتها لله ، كما سأل نوح دمارها وهلاكها لله ؛ فكانا محمودين مجابين إلى ذلك ، فأجيب نوح فأهلك من عليها ، وأعطى سليمان المملكة. وقد قيل : أن ذلك كان بأمر من الله جل وعز على الصفة التي علم الله أنه لا يضبطه إلا هو وحده دون سائر عباده ، أو أراد أن يقول ملكا عظيما فقال : { لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } وهذا فيه نظر. والأول أصح. ثم قال له : { هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } قال الحسن : ما من أحد إلا ولله عليه تبعة في نعمه غير سليمان بن داود عليه السلام فإنه قال : { هَذَا عَطَاؤُنَا } الآية.
قلت : وهذا يرد ما روي في الخبر : إن آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان بن داود عليه السلام لمكان ملكه في الدنيا. وفي بعض الأخبار : يدخل الجنة بعد الأنبياء بأربعين خريفا ؛ ذكره صاحب القوت وهو حديث لا أصل له ؛ لأنه سبحانه إذا كان عطاؤه لا تبعة فيه لأنه من طريق المنة ، فكيف يكون آخر الأنبياء دخولا الجنة ، وهو سبحانه يقول : { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ }. وفي الصحيح : "لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته..." الحديث. وقد تقدم فجعل له من قبل السؤال حاجة مقضية ، فلذلك لم تكن عليه تبعة. ومعنى قوله : { لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } أي أن يسأله. فكأنه سأل منع السؤال بعده ، حتى لا يتعلق به أمل أحد ، ولم يسأل منع الإجابة. وقيل : إن سؤاله ملكا لا ينبغي
(15/204)
________________________________________
لأحد من بعده ؛ ليكون محله وكرامته من الله ظاهرا في خلق السموات والأرض ؛ فإن الأنبياء عليهم السلام لهم تنافس في المحل عنده ، فكل يحب أن تكون له خصوصية يستدل بها على محله عنده ، ولهذا لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم العفريت الذي أراد أن يقطع عليه صلاته وأمكنه الله منه ، أراد ربطه ثم تذكر قوله أخيه سليمان : { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } فرده خاسئا. فلو أعطي أحد بعده مثله ذهبت الخصوصية ، فكأنه كره صلى الله عليه وسلم أن يزاحمه في تلك الخصوصية ، بعد أن علم أنه شيء هو الذي خص به من سخرة الشياطين ، وأنه أجيب إلى ألا يكون لأحد بعده. والله أعلم.
قوله تعالى : { فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً } أي لينة مع قوتها وشدتها حتى لا تضر بأحد ، وتحمله بعسكره وجنوده وموكبه. وكان موكبه فيما روي فرسخا في فرسخ ، مائة درجة بعضها فوق بعض ، كل درجة صنف من الناس ، وهو في أعلى درجة مع جواريه وحشمه وخدمه ؛ صلوات الله وسلامه عليه. وذكر أبو نعيم الحافظ قال : حدثنا أحمد بن جعفر ، قال حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ، قال حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن إدريس بن وهب بن منبه ، قال حدثني أبي قال : كان لسليمان بن داود عليه السلام ألف بيت أعلاه قوارير وأسفله حديد ، فركب الريح يوما فمر بحراث فنظر إليه الحراث فقال : لقد أوتي آل داود ملكا عظيما فحملت الريح كلامه فألقته في أذن سليمان ، قال فنزل حتى أتى الحراث فقال : إني سمعت قولك ، وإنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه ؛ لتسبيحة واحدة يقبلها الله منك لخير مما أوتي آل داود. فقال الحراث : أذهب الله همك كما أذهبت همي.
قوله تعالى : { حَيْثُ أَصَابَ } أي أراد ؛ قاله مجاهد. والعرب تقول : أصاب الصواب وأخطأ الجواب. أي أراد الصواب وأخطأ الجواب ؛ قال ابن الأعرابي. وقال الشاعر :
أصاب الكلام فلم يستطع ... فأخطأ الجواب لدى المفصل
(15/205)
________________________________________
وقيل : أصاب أراد بلغة حمير. وقال قتادة : هو بلسان هجر. وقيل : { حَيْثُ أَصَابَ } حينما قصد ، وهو مأخوذ من إصابة السهم الغرض المقصود. { وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ } أي وسخرنا له الشياطين وما سخرت لأحد قبله. { كُلَّ بَنَّاءٍ } بدل من الشياطين أي كل بناء منهم ، فهم يبنون له ما يشاء. قال :
إلا سليمان إذ قال الإله له ... قم في البرية فاحددها عن الفند
وخيس الجن إني قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصفاح والعمد
{ وَغَوَّاصٍ } يعني في البحر يستخرجون له الدر. فسليمان أول من استخرج له اللؤلؤ من البحر. { وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ } أي وسخرنا له مردة الشياطين حتى قرنهم في سلاسل الحديد وقيود الحديد ؛ قال قتادة. السدي : الأغلال. ابن عباس : في وثاق. ومنه قول الشاعر :
فآبوا بالنهاب وبالسبايا ... وأبنا بالملوك مصفدينا
قال يحيى بن سلام : ولم يكن يفعل ذلك إلا بكفارهم ، فإذا آمنوا أطلقهم ولم يسخرهم.
قوله تعالى : { هَذَا عَطَاؤُنَا } الإشارة بهذا إلى الملك ، أي هذا الملك عطاؤنا فأعط من شئت أو امنع من شئت لا حساب عليك ؛ عن الحسن والضحاك وغيرهما. قال الحسن : ما أنعم الله على أحد نعمة إلا عليه فيها تبعة إلا سليمان عليه السلام ؛ فإن الله تعالى يقول : { هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }. وقال قتادة : الإشارة في قوله تعالى : { هَذَا عَطَاؤُنَا } إلى ما أعطيه من القوة على الجماع ، وكانت له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة سرية ، وكان في ظهره ماء مائة رجل ، رواه عكرمة عن ابن عباس. ومعناه في البخاري. "فامنن أو أمسك بغير حساب" وعلى هذا { فَامْنُنْ } من المني ؛ يقال : أمنى يمني ومنى يمني لغتان ، فإذا أمرت من أمنى قلت أمن ؛ ويقال : من منى يمني في الأمر آمن ، فإذا جئت بنون الفعل نون الخفيفة قلت امنن. ومن
(15/206)
________________________________________
ذهب به إلى المنة قال : من عليه ؛ فإذا أخرجه مخرج الأمر أبرز النونين ؛ لأنه كان مضاعفا فقال امنن. فيروى في الخبر أنه سخر له الشياطين ، فمن شاء من عليه بالعتق والتخلية ، ومن شاء أمسكه ؛ قال قتادة والسدي. وعلى ما روى عكرمة عن ابن عباس : أي جامع من شئت من نسائك ، واترك جماع من شئت منهن لا حساب عليك. { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ } أي إن أنعمنا عليه في الدنيا فله عندنا في الآخرة قربة وحسن مرجع.
الآية : [41] { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }
الآية : [42] { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ }
الآية : [43] { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ }
قوله تعالى : { وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ } أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم في الصبر على المكاره .{أيوب} بدل. { إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } وقرأ عيسى بن عمر {إني} بكسر الهمزة أي قال. قال الفراء : وأجمعت القراء على أن قرؤوا { بِنُصْبٍ } بضم النون والتخفيف. النحاس : وهذا غلط وبعده مناقضة وغلط أيضا ؛ لأنه قال : أجمعت القراء على هذا ، وحكى بعده أنهم ذكروا عن يزيد بن القعقاع أنه قرأ : { بِنُصْبٍ } بفتح النون والصاد فغلط على أبي جعفر ، وإنما قرأ أبو جعفر : { بِنُصْبٍ } بضم النون والصاد ؛ كذا حكاه أبو عبيد وغيره وهو مروي عن الحسن. فأما { بِنُصْبٍ } فقراءة عاصم الجحدري ويعقوب الحضرمي. وقد رويت هذه القراءة عن الحسن وقد حكي { بِنُصْبٍ } بفتح النون وسكون الصاد عن أبي جعفر. وهذا كله عند أكثر النحويين بمعنى النصب فنصب ونصب كحزن وحزن. وقد يجوز أن يكون نصب جمع نصب كوُثن ووَثن. ويجوز أن يكون نصب بمعنى نصب حذفت منه الضمة ، فأما { وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ } فقيل : إنه جمع نصاب. وقال أبو عبيدة وغيره : النصب الشر والبلاء. والنصب التعب والإعياء. وقد قيل في معنى : { أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } أي ما يلحقه من وسوسته لا غير. والله أعلم.
(15/207)
________________________________________
ذكره النحاس. وقيل : إن النصب ما أصابه في بدنه ، والعذاب ما أصابه في ماله ؛ وفيه بعد. وقال المفسرون : إن أيوب كان روميا من البثنية وكنيته أبو عبدالله في قول الواقدي ؛ اصطفاه الله بالنبوة ، وأتاه جملة عظيمة من الثروة في أنواع الأموال والأولاد. وكان شاكرا لأنعم الله ؛ مواسيا لعباد الله ، برا رحيما. ولم يؤمن به إلا ثلاثة نفر. وكان لإبليس موقف من السماء السابعة في يوم من الأيام ، فوقف به إبليس على عادته ؛ فقال الله له أوقيل له عنه : أقدرت من عبدي أيوب على شيء ؟ فقال : يا رب وكيف أقدر منه على شيء ، وقد ابتليته بالمال والعافية ، فلو ابتليته بالبلاء والفقر ونزعت منه ما أعطيته لحال عن حاله ، ولخرج عن طاعتك ، قال الله : قد سلطتك على أهله وماله. فانحط عدو الله فجمع عفاريت الجن فأعلمهم ، وقال قائل منهم : أكون إعصارا فيه نار أهلك ماله فكان ؛ فجاء أيوب في صورة قيم ماله فأعلمه بما جرى ؛ فقال : الحمد لله هو أعطاه وهو منعه. ثم جاء قصره بأهله وولده ، فاحتمل القصر من نواحيه حتى ألقاه على أهله وولده ، ثم جاء إليه وأعلمه فألقى التراب على رأسه ، وصعد إبليس إلى السماء فسبقته توبة أيوب. قال : يا رب سلطني على بدنه. قال : قد سلطتك على بدنه إلا على لسانه وقلبه وبصره ، فنفخ في جسده نفخة اشتعل منها فصار في جسده ثآليل فحكها بأظفاره حتى دميت ، ثم بالفخار حتى تساقط لحمه. وقال عند ذلك : { مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ }. ولم يخلص إلى شيء من حشوة البطن ؛ لأنه لا بقاء للنفس إلا بها فهو يأكل ويشرب ، فمكث كذلك ثلاث سنين. فلما غلبه أيوب اعترض لامرأته في هيئة أعظم من هيئة بني آدم في القدر والجمال ، وقال لها : أنا إله الأرض ، وأنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت ، ولو سجدت لي سجدة واحدة لرددت عليه أهله وماله وهم عندي. وعرض لها في بطن الوادي ذلك كله في صورته ؛ أي أظهره لها ، فأخبرت أيوب فأقسم أن يضربها إن عافاه الله.وذكروا كلاما طويلا في سبب بلائه ومراجعته لربه وتبرمه من البلاء الذي
(15/208)
________________________________________
نزل به ، وأن النفر الثلاثة الذين آمنوا به نهوه عن ذلك واعترضوا عليه ، وقيل : استعان به مظلوم فلم ينصره فابتلي بسبب ذلك. وقيل : استضاف يوما الناس فمنع فقيرا الدخول فابتلي بذلك. وقيل : كان أيوب يغزو ملكا وكان له غنم في ولايته ، فداهنه لأجلها بترك غزوه فابتلي. وقيل ، : كان الناس يتعدون امرأته ويقولون نخشى العدوى وكانوا يستقذرونها ؛ فلهذا قال. { مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ }. وامرأته ليا بنت يعقوب. وكان أيوب في زمن يعقوب وكانت أمه ابنة لوط. وقيل : كانت زوجة أيوب رحمة بنت إفرائيم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام. ذكر القولين الطبري رحمه الله. قال ابن العربي : ما ذكره المفسرون من أن إبليس كان له مكان في السماء السابعة يوما من العام فقول باطل ؛ لأنه أهبط منها بلعنة وسخط إلى الأرض ، فكيف يرقى إلى محل الرضا ، ويجول في مقامات الأنبياء ، ويخترق السموات العلى ، ويعلو إلى السماء السابعة إلى منازل الأنبياء ، فيقف موقف الخليل ؟ ! إن هذا لخطب من الجهالة عظيم. وأما قولهم : إن الله تعالى قال له هل قدرت من عبدي أيوب على شيء فباطل قطعا ؛ لأن الله عز وجل لا يكلم الكفار الذين هم من جند إبليس الملعون ؛ فكيف يكلم من تولى إضلالهم ؟ ! وأما قولهم : إن الله قال قد سلطتك على ماله وولده فذلك ممكن في القدرة ، ولكنه بعيد في هذه القصة. وكذلك قولهم : إنه نفخ في جسده حين سلطه عليه فهو أبعد ، والباري سبحانه قادر على أن يخلق ذلك كله من غير أن يكون للشيطان فيه كسب حتى تقر له - لعنة الله عليه - عين بالتمكن من الأنبياء في أموالهم وأهليهم وأنفسهم. وأما قولهم : إنه قال لزوجته أنا إله الأرض ، ولو تركت ذكر الله وسجدت أنت لي لعافيته ، فاعلموا وإنكم لتعلمون أنه لو عرض لأحدكم وبه ألم وقال هذا الكلام ما جاز عنده أن يكون إلها في الأرض ، وأنه يسجد له ، وأنه يعافي من البلاء ، فكيف أن تستريب زوجة نبي ؟ ! ولو كانت زوجة سوادي أو فدم بربري ما ساغ ذلك عندها. وأما تصويره الأموال والأهل في واد للمرأة فذلك ما لا يقدر عليه إبليس بحال ، ولا هو في طريق السحر فيقال إنه من جنسه.
(15/209)
________________________________________
ولو تصور لعلمت المرأة أنه سحر كما نعلمه نحن وهي فوقنا في المعرفة بذلك ؛ فإنه لم يخل زمان قط من السحر وحديثه وجريه بين الناس وتصويره.قال القاضي : والذي جرأهم على ذلك وتذرعوا به إلى ذكر هذا قوله تعالى : { أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } فلما رأوه قد شكا مس الشيطان أضافوا إليه من رأيهم ما سبق من التفسير في هذه الأقوال. وليس الأمر كما زعموا والأفعال كلها خيرها وشرها. في إيمانها وكفرها ، طاعتها وعصيانها ، خالقها هو الله لا شريك له في خلقه ، ولا في خلق شيء غيرها ، ولكن الشر لا ينسب إليه ذكرا ، وإن كان موجودا منه خلقا ؛ أدبا أدبنا به ، وتحميدا علمناه. وكان من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم لربه به قول من جملته : "والخير في يديك والشر ليس إليك" على هذا المعنى. ومنه قول إبراهيم : { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } وقال الفتى للكليم : { وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ } وأما قولهم : انه استعان به مظلوم فلم ينصره ، فمن لنا بصحة هذا القول. ولا يخلو أن يكون قادرا على نصره ، فلا يحل لأحد تركه فيلام على أنه عصى وهو منزه عن ذلك ، أو كان عاجزا فلا شيء عليه في ذلك ، وكذلك قولهم : إنه منع فقيرا من الدخول ؛ إن كان علم به فهو باطل عليه وإن لم يعلم به فلا شيء عليه فيه. وأما قولهم : إنه داهن على غنمه الملك الكافر فلا تقل داهن ولكن قل دارى. ودفع الكافر والظالم عن النفس أو المال بالمال جائز ؛ نعم وبحسن الكلام. قال ابن العربي القاضي أبو بكر رضى الله عنه : ولم يصح عن أيوب في أمره إلا ما أخبرنا الله عنه في كتابه في آيتين ؛ الأولى قوله تعالى : { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ } والثانية في : {ص} { أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } . وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصح عنه أنه ذكره بحرف واحد إلا قوله : "بينا أيوب يغتسل إذ خر عليه رِجل من جراد من ذهب..." الحديث. وإذ لم يصح عنه فيه قرآن ولا سنة إلا ما ذكرناه ، فمن الذي يوصل السامع إلى أيوب خبره ، أم على أي لسان سمعه ؟ والإسرائيليات مرفوضة عند العلماء على البتات ؛ فأعرض عن سطورها بصرك ، وأصمم عن سماعها أذنيك ، فإنها لا تعطي فكرك إلا خيالا ، ولا تزيد فؤادك إلا خبالا
(15/210)
________________________________________
وفي الصحيح واللفظ للبخاري أن ابن عباس قال : يا معشر المسلمين تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيكم أحدث الأخبار بالله ، تقرؤونه محضا لم يشب ، وقد حدثكم أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتب الله وغيروا وكتبوا بأيديهم الكتب ؛ فقالوا : { هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } ولا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ، فلا والله ما رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم ، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الموطأ على عمر قراءته التوراة.
قوله تعالى : { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ } الركض الدفع بالرجل. يقال : ركض الدابة وركض ثوبه برجله. وقال المبرد : الركض التحريك ؛ ولهذا قال الأصمعي : يقال ركضت الدابة ولا يقال ركضت هي ؛ لأن الركض إنما هو تحريك راكبها رجليه ولا فعل لها في ذلك. وحكى سيبويه : ركضت الدابة فركضت مثل جبرت العظم فجبر وحزنته فحزن ؛ وفي الكلام إضمار أي قلنا له : { ارْكُضْ } قال الكسائي. وهذا لما عافاه الله. { هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } أي فركض فنبعت عين ماء فاغتسل به ، فذهب الداء من ظاهره ، ثم شرب منه فذهب الداء من باطنه. وقال قتادة : هما عينان بأرض الشام في أرض يقال لها الجابية ، فاغتسل من إحداهما فأذهب الله تعالى ظاهر دائه ، وشرب من الأخرى فأذهب الله تعالى باطن دائه. ونحوه عن الحسن ومقاتل ؛ قال مقاتل : نبعت عين حارة واغتسل فيها فخرج صحيحا ، ثم نبعت عين أخرى فشرب منها ماء عذبا. وقيل : أمر بالركض بالرجل ليتناثر عنه كل داء في جسده. والمغتسل الماء الذي يغتسل به ؛ قال القتبي. وقيل : إنه الموضع الذي يغتسل فيه ؛ قال مقاتل. الجوهري : واغتسلت بالماء ، والغسول الماء الذي يغتسل به ، وكذلك المغتسل ، قال الله تعالى : { هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } والمغتسل أيضا الذي يغتسل فيه ، والمغسل والمغسل بكسر السين وفتحها مغسل الموتى والجمع المغاسل. واختلف كم بقي أيوب في البلاء ؛ فقال ابن عباس : سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات. وقال وهب بن منبه : أصاب أيوب البلاء سبع سنين ، وترك يوسف ، في السجن سبع سنين ،
(15/211)
________________________________________
وعذب بختنصر وحول في السباع سبع سنين. ذكره أبو نعيم. وقيل : عشر سنين. وقيل : ثمان عشرة سنة. رواه أنس مرفوعا فيما ذكر الماوردي :
قلت : وذكره ابن المبارك ؛ أخبرنا يونس بن يزيد ، عن عقيل عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوما أيوب ، وما أصابه من البلاء ، وذكر أن البلاء الذي أصابه كان به ثمان عشرة سنة. وذكر الحديث القشيري. وقيل : أربعين سنة.
قوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ } تقدم. { رَحْمَةً مِنَّا } أي نعمة منا. { وَذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ } أي عبرة لذوي العقول.
الآية : [44] { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
فيه سبع مسائل :
الأولى- كان أيوب حلف في مرضه أن يضرب امرأته مائة جلدة ؛ وفي سبب ذلك
أربعة أقوال : أحدها : ما حكاه ابن عباس أن إبليس لقيها في صورة طبيب فدعته لمداواة أيوب ، فقال أداويه عل أنه إذا برئ قال أنت شفيتني ، لا أريد جزاء سواه. قالت : نعم فأشارت على أيوب بذلك فحلف ليضربنها. وقال : ويحك ذلك الشيطان. الثاني : ما حكاه سعيد بن المسيب ، أنها جاءته بزيادة على ما كانت تأتيه من الخبز ، فخاف خيانتها فحلف ليضربنها. الثالث : ما حكاه يحيى بن سلام وغيره : أن الشيطان أغواها أن تحمل أيوب على أن يذبح سخلة تقربا إليه وأنه يبرأ ، فذكرت ذلك له فحلف ليضربنها إن عوفي مائة. الرابع : قيل : باعت ذوائبها برغيفين إذ لم تجد شيئا تحمله إلى أيوب ، وكان أيوب يتعلق بها إذا أراد القيام ، فلهذا حلف ليضربنها ، فلما شفاه الله أمره أن يأخذ ضغثا فيضرب به ،
(15/212)
________________________________________
فأخذ شماريخ قدر مائة فضربها ضربة واحدة. وقيل : الضغث قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس. وقال ابن عباس : إنه إثكال النخل الجامع بشماريخه.
الثانية- تضمنت هذه الآية جواز ضرب الرجل امرأته تأديبا. وذلك أن امرأة أيوب أخطأت فحلف ليضربنها مائة ، فأمره الله تعالى أن يضربها بعثكول من عثاكيل النخل ، وهذا لا يجوز في الحدود. إنما أمره الله بذلك لئلا يضرب امرأته فوق حد الأدب. وذلك أنه ليس للزوج أن يضرب امرأته فوق حد الأدب ؛ ولهذا قال عليه السلام : "واضربوهن ضربا غير مبرح" على ما تقدم في {النساء} بيانه.
الثالثة- واختلف العلماء في هذا الحكم هل هو عام أوخاص بأيوب وحده ، فروى عن مجاهد أنه عام للناس. ذكره ابن العربي. وحكي عن القشيري أن ذلك خاص بأيوب. وحكى المهدوي عن عطاء بن أبي رباح أنه ذهب إلى أن ذلك حكم باق ، وأنه إذا ضرب بمائة قضيب ونحوه ضربة واحدة بر. وروي نحوه الشافعي. وروى نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم في المقعد الذي حملت منه الوليدة ، وأمر أن يضرب بعثكول فيه مائة شمراخ ضربة واحدة. وقال القشيري : وقيل لعطاء هل يعمل بهذا اليوم ؟ فقال : ما أنزل القرآن إلا ليعمل به ويتبع. ابن العربي : وروي عن عطاء أنها لأيوب خاصة. وكذلك روى أبو زيد عن ابن القاسم عن مالك : من حلف ليضربن عبده مائة فجمعها فضربه بها ضربة واحدة لم يبر. قال بعض علمائنا : يريد مالك قوله تعالى : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } أي إن ذلك منسوخ بشريعتنا. قال ابن المنذر : وقد روينا عن علي أنه جلد الوليد بن عقبة بسوط له طرفان أربعين جلدة. وأنكر مالك هذا وتلا قول الله عز وجل : { فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } وهذا مذهب أصحاب الرأي. وقد احتج الشافعي لقوله بحديث ، وقد تكلم في إسناده ؛ والله أعلم.
قلت : الحديث الذي احتج به الشافعي خرجه أبو داود في سننه قال : حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ، قال حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس عن ابن شهاب ، قال : أخبرني
(15/213)
________________________________________
أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار ، أنه اشتكى رجل منهم حتى أضنى ، فعاد جلدة على عظم ، فدخلت عليه جارية لبعضهم فهش لها فوقع عليها ، فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه أخبرهم بذلك وقال : استفتوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإني قد وقعت على جارية دخلت علي. فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : ما رأينا بأحد من الناس من الضر مثل الذي هو به ؛ لو حملناه إليك لتفسخت عظامه ، ما هو إلا جلد على عظم ؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة. قال الشافعي : إذا حلف ليضربن فلانا مائة جلدة ، أو ضربا ولم يقل ضربا شديدا ولم ينو ذلك بقلبه يكفيه مثل هذا الضرب المذكور في الآية ولا يحنث. قال ابن المنذر : وإذا حلف الرجل ليضربن عبده مائة فضربه ضربا خفيفا فهو بار عند الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي. وقال مالك : ليس الضرب إلا الضرب الذي يؤلم.
الرابعة- قوله تعالى : { وَلا تَحْنَثْ } دليل على أن الاستثناء في اليمين لا يرفع حكما إذا كان متراخيا. وقد مضى القول فيه في {المائدة} يقال : حنث في يمينه يحنث إذا لم يبر بها. وعند الكوفيين الواو مقحمة أي فاضرب لا تحنث.
الخامسة- قال ابن العربي : قوله تعالى : { فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ } يدل على أحد وجهين : إما أن يكون أنه لم يكن في شرعهم كفارة ، وإنما كان البر والحنث. والثاني أن يكون صدر منه نذر لا يمين وإذا كان النذر معينا فلا كفارة فيه عند مالك وأبي حنيفة. وقال الشافعي : في كل نذر كفارة.
قلت : قول إنه لم يكن في شرعهم كفارة ليس بصحيح ؛ فإن أيوب عليه السلام لما بقي في البلاء ثمان عشرة سنة ، كما في حديث ابن شهاب ، قال له صاحباه : لقد أذنبت ذنبا ما أظن أحدا بلغه. فقال أيوب صلى الله عليه وسلم : ما أدري ما تقولان ، غير أن ربي
(15/214)
________________________________________
عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتزاعمان فكل يحلف بالله ، أو على النفر يتزاعمون فأنقلب إلى أهلى ، فأكفر عن أيمانهم إرادة ألا يأثم أحد يذكره ولا يذكره إلا بحق فنادى ربه { أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } وذكر الحديث. فقد أفادك هذا الحديث أن الكفارة كانت من شرع أيوب ، وأن من كفر عن غيره بغير إذنه فقد قام بالواجب عنه وسقطت عنه الكفارة.
السادسة- استدل بعض جهال المتزهدة ؛ وطغام المتصوفة بقوله تعالى لأيوب : { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ } على جواز الرقص قال أبو الفرج الجوزي : وهذا احتجاج بارد ؛ لأنه لوكان أمر بضرب الرجل فرحا كان لهم فيه شبهة ، وإنما أمر بضرب الرجل لينبع الماء. قال ابن عقيل : أين الدلالة في مبتلى أمر عند كشف البلاء بأن يضرب برجله الأرض لينبع الماء إعجازا من الرقص ولئن جاز قوله سبحانه لموسى : { اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ } دلالة على ضرب المحاد بالقضبان نعوذ بالله من التلاعب بالشرع. وقد احتج بعض قاصريهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : "أنت مني وأنا منك" فحجل ، وقال لجعفر : "أشبهت خلقي وخلقي" فحجل. وقال لزيد : "أنت أخونا ومولانا" فحجل. ومنهم من احتج بأن الحبشة زفنت والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم. والجواب : أما الحجل فهو نوع من المشي يفعل عند الفرج فأين هو والرقص ، وكذلك زفن الحبشة نوع من المشي يفعل عند اللقاء للحرب.
السابعة- قوله تعالى : { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً } أي على البلاء. { نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } أي تواب رجاع مطيع. وسئل سفيان عن عبدين ابتلى أحدهما فصبر ، وأنعم على الآخر فشكر ؛ فقال : كلاهما سواء ؛ لأن الله تعالى أثنى على عبدين ؛ أحدهما صابر والآخر شاكر ثناء واحدا ؛ فقال في وصف أيوب : { نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } وقال في وصف سليمان : { نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
(15/215)
________________________________________
قلت : وقد رد هذا الكلام صاحب : "القوت" واستدل بقصة أيوب في تفضيل الفقير على الغني وذكر كلاما كثيرا شيد به كلامه ، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع من كتاب "منهج العباد ومحجة السالكين والزهاد" وخفي عليه أن أيوب عليه السلام كان أحد الأغنياء من الأنبياء قبل البلاء وبعده ، وإنما ابتلي بذهاب ماله وولده وعظيم الداء في جسده. وكذلك الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه صبروا على ما به امتحنوا وفتنوا. فأيوب عليه السلام دخل في البلاء على صفة ، فخرج منه كما دخل فيه ، وما تغير منه حال ولا مقال ، فقد اجتمع مع أيوب في المعنى المقصود ، وهو عدم التغير الذي يفضل فيه بعض الناس بعضا. وبهذا الاعتبار يكون الغني الشاكر والفقير الصابر سواء. وهو كما قال سفيان. والله أعلم. وفي حديث ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن أيوب خرج لما كان يخرج إليه من حاجته فأوحى الله إليه : { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } فاغتسل فأعاد الله لحمه وشعره وبشره على أحسن ما كان ثم شرب فأذهب الله كل ما كان في جوفه من ألم أو ضعف وأنزل الله عليه ثوبين من السماء أبيضين فائتزر بأحدهما وارتدى بالآخر ثم أقبل يمشي إلى منزله وراث على امرأته فأقبلت حتى لقيته وهي لا تعرفه فسلمت عليه وقالت أي يرحمك الله هل رأيت هذا الرجل المبتلى ؟ قال من هو ؟ قالت نبي الله أيوب ، أما والله ما رأيت أحدا قط أشبه به منك إذ كان صحيحا. قال فإني أيوب وأخذ ضغثا فضربها به" فزعم ابن شهاب أن ذلك الضغث كان ثماما. ورد الله إليه أهله ومثلهم معهم ، فأقبلت سحابة حتى سجلت في أندر قمحه ذهبا حتى امتلأ ، وأقبلت سحابة أخرى إلى أندر شعيره وقطانيه فسجلت فيه ورقا حتى امتلأ.
(15/21
6)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: