منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأحد 27 فبراير - 22:14






وكيف ذلك ؟ قال لا أفعل شيئا حتى أشاورهم. وقال ابن خويز منداد : واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون ، وفيما أشكل عليهم من أمور الدين ، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب ، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح ، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها. وكان يقال : ما ندم من استشار. وكان يقال : من أعجب برأيه ضل.
الثالثة : -قوله تعالى : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} يدل على جواز الاجتهاد في الأمور والأخذ بالظنون مع إمكان الوحي ؛ فإن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك. واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر الله نبيه عليه السلام أن يشاور فيه أصحابه ؛ فقالت طائفة : ذلك في مكائد الحروب ، وعند لقاء العدو ، وتطييبا لنفوسهم ، ورفعا لأقدارهم ، وتألفا على دينهم ، وإن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيهم بوحيه. روي هذا عن قتادة والربيع وابن إسحاق والشافعي. قال الشافعي : هو كقوله "والبكر تستأمر" تطيبا لقلبها ؛ لا أنه واجب. وقال مقاتل وقتادة والربيع : كانت سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم : فأمر الله تعالى ؛ نبيه عليه السلام أن يشاورهم في الأمر : فإن ذلك أعطف لهم عليه وأذهب لأضغانهم ، وأطيب لنفوسهم. فإذا شاورهم عرفوا إكرامه لهم. وقال آخرون : ذلك فيما لم يأته فيه وحي. روي ذلك عن الحسن البصري والضحاك قالا : ما أمر الله تعالى نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم ، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل ، ولتقتدي به أمته من بعده. وفي قراءة ابن عباس : "وشاورهم في بعض الأمر" ولقد أحسن القائل :
شاور صديقك في الخفي المشكل ... واقبل نصيحة ناصح متفضل
فالله قد أوصى بذاك نبيه ... في قوله : "شاورهم"و "توكل"
الرابعة : -جاء في مصنف أبي داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المستشار مؤتمن" . قال العلماء : وصفة المستشار إن كان في الأحكام
(4/250)





أن يكون عالما دينا ، وقلما يكون ذلك إلا في عاقل. قال الحسن : ما كمل دين امرئ ما لم يكمل عقله. فإذا استشير من هذه صفته واجتهد في الصلاح وبذل جهده فوقعت الإشارة خطأ فلا غرامة عليه ؛ قاله الخطابي وغيره.
الخامسة : -وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلا مجربا وادا في المستشير. قال :
شاور صديقك في الخفي المشكل
وقد تقدم. وقال آخر :
وإن باب أمر عليك التوى ... فشاور لبيبا ولا تعصه
في أبيات. والشورى بركة. وقال عليه السلام : "ما ندم من استشار ولا خاب من استخار" . وروى سهل بن سعد الساعدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما شقي قط عبد بمشورة وما سعد باستغناء رأي" . وقال بعضهم : شاور من جرب الأمور ؛ فإنه يعطيك من رأيه ما وقع عليه غاليا وأنت تأخذه مجانا. وقد جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة - وهي أعظم النوازل - شورى. قال البخاري : وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها. وقال سفيان الثوري : ليكن أهل مشورتك أهل التقوى والأمانة ، ومن يخشى الله تعالى. وقال الحسن : والله ما تشاور قوم بينهم إلا هداهم لأفضل ما يحضر بهم. وروي عن علّي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمد فأدخلوه في مشورتهم إلا خير لهم" .
(4/251)





السادسة : -والشورى مبنية على اختلاف الآراء ، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف ، وينظر أقربها قولا إلى الكتاب والسنة إن أمكنه ، فإذا أرشده الله تعالى إلى ما شاء منه عزم عليه وأنفذه متوكلا عليه ، إذ هذه غاية الاجتهاد المطلوب ؛ وبهذا أمر الله تعالى نبيه في هذه الآية.
السابعة : -قوله تعالى : {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} قال قتادة : أمر الله تعالى نبيه عليه السلام إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويتوكل على الله ، لا على مشاورتهم. والعزم هو الأمر المروى المنقح ، وليس ركوب الرأي دون روية عزما ، إلا على مقطع المشيحين من فتاك العرب ؛ كما قال :
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ... ونكب عن ذكر العواقب جانبا
ولم يستشر في رأيه غير نفسه ... ولم يرض إلا قائم السيف صاحبا
وقال النقاش : العزم والحزم واحد ، والحاء مبدلة من العين. قال ابن عطية : وهذا خطأ ؛ فالحزم جودة النظر في الأمر وتنقيحه والحذر من الخطأ فيه. والعزم قصد الإمضاء ؛ والله تعالى يقول : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ} . فالمشاورة وما كان في معناها هو الحزم. والعرب تقول : قد أحزم لو أعزم. وقرأ جعفر الصادق وجابر بن زيد : {فَإِذَا عَزَمْتَ} بضم التاء. نسب العزم إلى نفسه سبحانه إذ هو بهدايته وتوفيقه ؛ كما قال : {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال : 17]. ومعنى الكلام أي عزمت لك ووفقتك وأرشدتك {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} . والباقون بفتح التاء. قال المهلب : وامتثل هذا النبي صلى الله عليه وسلم من أمر ربه فقال : "لا ينبغي لنبي يلبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله" . أي ليس ينبغي له إذا عزم أن ينصرف ؛ لأنه نقض للتوكل الذي شرطه الله عز وجل مع العزيمة. فلبسه لأمته صلى الله عليه وسلم حين أشار عليه بالخروج يوم أحد من أكرمه الله بالشهادة فيه ، وهم صلحاء المؤمنين ممن كان فاتته بدر : يا رسول الله اخرج بنا إلى عدونا ؛ دال على العزيمة. وكان صلى الله عليه وسلم
(4/252)





أشار بالقعود ، وكذلك عبدالله بن أبي أشار بذلك وقال : أقم يا رسول الله ولا تخرج إليهم بالناس ، فإن هم أقاموا أقاموا بشر مجلس ، وإن جاؤونا إلى المدينة قاتلناهم في الأفنية وأفواه السكك ، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من الآطام ، فوالله ما حاربنا قط عدو في هذه المدينة إلا غلبناه ، ولا خرجنا منها إلى عدو إلا غلبنا. وأبى هذا الرأي من ذكرنا ، وشجعوا الناس ودعوا إلى الحرب. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ، ودخل إثر صلاته بيته ولبس سلاحه ، فندم أولئك القوم وقالوا : أكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلما خرج عليهم في سلاحه قالوا : يا رسول الله ، أقم إن شئت فإنا لا نريد أن نكرهك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا ينبغي لنبي إذا لبس سلاحه أن يضعها حتى يقاتل" .
الثامنة : -قوله تعالى : { فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} التوكل : الاعتماد على الله مع إظهار العجز ، والاسم التكلان. يقال منه : اتكلت عليه في أمري ، وأصله : "أو تكلت" قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، ثم أبدلت منها التاء وأدغمت في تاء الافتعال. ويقال : وكلته بأمري توكيلا ، والاسم الوكالة بكسر الواو وفتحها.
واختلف العلماء في التوكل ؛ فقالت طائفة من المتصوفة : لا يستحقه إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله من سبع أو غيره ، وحتى يترك السعي في طلب الرزق لضمان الله تعالى. وقال عامة الفقهاء : ما تقدم ذكره عند قوله تعالى : {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران : 160]. وهو الصحيح كما بيناه. وقد خاف موسى وهارون بإخبار الله تعالى عنهما في قوله {لا تَخَافَا} . وقال : {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لا تَخَفْ} [طه : 67 - 68]. وأخبر عن إبراهيم بقوله : {فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ} [هود : 70]. فإذا كان الخليل وموسى والكليم قد خافا - وحسبك بهما - فغيرهما أولى. وسيأتي بيان هذا المعنى.
الآية : 160 {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}
(4/253)





قوله تعالى : {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} أي عليه توكلوا فإنه إن يعنكم ويمنعكم من عدوكم لن تغلبوا. {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ} يترككم من معونته. {فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} أي لا ينصركم أحد من بعده ، أي من بعد خذلانه إياكم ؛ لأنه قال : {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ} والخذلان ترك العون. والمخذول : المتروك لا يعبأ به. وخذلت الوحشية أقامت على ولدها في المرعى وتركت صواحباتها ؛ فهي خذول. قال طرفة :
خذول تراعي ربوبا بخميلة ... تناول أطراف البرير وترتدي
وقال أيضا :
نظرت إليك بعين جارية ... خذلت صواحبها على طفل
وقيل : هذا من المقلوب ؛ لأنها هي المخذولة إذا تركت. وتخاذلت رجلاه إذا ضعفتا. قال : وخذول الرجل من غير كسح ورجل خذلة للذي لا يزال يخذل. والله أعلم.
الآية : 161 {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}
فيه إحدى عشرة مسألة : -
الأولى : -لما أخل الرماة يوم أحد بمراكزهم - على ما تقّدم - خوفا من أن يستولي المسلمون على الغنيمة فلا يصرف إليهم شيء ، بين الله سبحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجور في القسمة ؛ فما كان من حقكم أن تتهموه. وقال الضحاك : بل السبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث طلائع في بعض غزواته ثم غنم قبل مجيئهم ؛ فقسم للناس ولم يقسم للطلائع ؛ فأنزل الله عليه عتابا : {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ} أي يقسم لبعض ويترك بعضا. وروي نحو هذا القول عن ابن عباس. وقال ابن عباس أيضا وعكرمة وابن جبير وغيرهم :
(4/254)





نزلت بسبب قطيفة حمراء فقدت في المغانم يوم بدر ؛ فقال بعض من كان مع النبّي صلى الله عليه وسلم : لعل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخذها ، فنزلت الآية أخرجه أبو داود والترمذي وقال : هذا حديث حسن غريب. قال ابن عطية : قيل كانت هذه المقالة من مؤمنين لم يظنوا أن في ذلك حرجا. وقيل : كانت من المنافقين. وقد روي أن المفقود كان سيفا. وهذه الأقوال تخرج على قراءة "يغل" بفتح الياء وضم الغين. وروى أبو صخر عن محمد بن كعب {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} قال : تقول وما كان لنبي أن يكتم شيئا من كتاب الله. وقيل : اللام فيه منقولة ، أي وما كان نبي ليغل ؛ كقوله : {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ} [مريم : 35]. أي ما كان الله ليتخذ ولدا. وقرئ "يغل" بضم الياء وفتح الغين. وقال ابن السكيت : لم نسمع في المغنم إلا غل غلولا ، وقرئ وما كان لنبي أن يغل ويغل. قال : فمعنى "يغل" يخون ، ومعنى "يغل" يخون ، ويحتمل معنيين : أحدهما يخان أي يؤخذ من غنيمته ، والآخر يخون أن ينسب إلى الغلول : ثم قيل : إن كل من غل شيئا في خفاء فقد غل يغل غلولا : قال ابن عرفة : سميت غلولا لأن الأيدي مغلولة منها ، أي ممنوعة. وقال أبو عبيد : الغلول من المغنم خاصة ، ولا نراه من الخيانة ولا من الحقد. ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة : أغل يغل ، ومن الحقد : غل يغل بالكسر ، ومن الغلول : غل يغل بالضم. وغل البعير أيضا يغل غلة إذا لم يقض ريه وأغل الرجل خان ، قال النمر :
جزى الله عنا حمزة ابنة نوفل ... جزاء مغل بالأمانة كاذب
وفي الحديث : "لا إغلال ولا إسلال" أي لا خيانة ولا سرقة ، ويقال : لا رشوة. وقال شريح : ليس على المستعير غير المغل ضمان. وقال صلى الله عليه وسلم : "ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن" من رواه بالفتح فهو من الضغن. وغل دخل يتعدى ولا يتعدى ؛ يقال :
(4/255)





غل فلان المفاوز ، أي دخلها وتوسطها. وغل من المغنم غلولا ، أي خان. وغل الماء بين الأشجار إذا جرى فيها ؛ يغل بالضم في جميع ذلك. وقيل : الغلول في اللغة أن يأخذ من المغنم شيئا يستره عن أصحابه ؛ ومنه تغلغل الماء في الشجر إذا تخللها. والغلل : الماء الجاري في أصول الشجر ، لأنه مستتر بالأشجار ، كما قال :
لعب السيول به فأصبح ماؤه ... غللا يقطع في أصول الخروع
ومنه الغلالة للثوب الذي يلبس تحت الثياب. والغال : أرض مطمئنة ذات شجر. ومنابت السلم والطلح يقال لها : غال. والغال أيضا نبت ، والجمع غلان بالضم. وقال بعض الناس : إن معنى "يغل" يوجد غالا ؛ كما تقول : أحمدت الرجل وجدته محمودا. فهذه القراءة على هذا التأويل ترجع إلى معنى "يغل" بفتح الياء وضم الغين. ومعنى "يغل" عند جمهور أهل العلم أي ليس لأحد أن يغله ، أي يخونه في الغنيمة. فالآية في معنى نهي الناس عن الغلول في الغنائم ، والتوعد عليه. وكما لا يجوز أن يخان النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يخان غيره ، ولكن خصه بالذكر لأن الخيانة معه أشد وقعا وأعظم وزرا ؛ لأن المعاصي تعظم بحضرته لتعين توقيره. والولاة إنما هم على أمر النبي صلى الله عليه وسلم فلهم حظهم من التوقير. وقيل : معنى "يغل" أي ما غل نبي قط ، وليس الغرض النهي.
الثانية : -قوله تعالى : {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي يأتي به حاملا له على ظهره ورقبته ، معذبا بحمله وثقله ، ومرعوبا بصوته ، وموبخا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد ؛ على ما يأتي. وهذه الفضيحة التي يوقعها الله تعالى بالغال نظير الفضيحة التي توقع بالغادر ، في أن ينصب له لواء عند أسته بقدر غدرته. وجعل الله تعالى هذه المعاقبات حسبما يعهده البشر ويفهمونه ؛ ألا ترى إلى قول الشاعر :
أسمي ويحك هل سمعت بغدرة ...
رفع اللواء لنا بها في المجمع
(4/256)





وكانت العرب ترفع للغادر لواء ، وكذلك يطاف بالجاني مع جنايته. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال : "لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة علي رقبته بعيرا له رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك" وروى أبو داود عن سمرة بن جندب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في الناس فيجيؤون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه ، فجاء رجل يوما بعد النداء بزمام من الشعر فقال : يا رسول الله هذا كان فيما أصبناه من الغنيمة. فقال : "أسمعت بلالا ينادي ثلاثا" ؟ قال : نعم. قال : "فما منعك أن تجيء به" ؟ فاعتذر إليه. فقال : "كلا أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك" . قال بعض العلماء : أراد يوافي بوزر ذلك يوم القيامة ، كما قال في آية أخرى : {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [الأنعام : 31]. وقيل : الخبر محمول على شهرة الأمر ؛ أي يأتي يوم القيامة قد شهر الله أمره كما يشهر لو حمل بعيرا له رغاء أو فرسا له حمحمة.
قلت : وهذا عدول عن الحقيقة إلى المجاز والتشبيه ، وإذا دار الكلام بين الحقيقة والمجاز فالحقيقة الأصل كما في كتب الأصول. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالحقيقة ،
(4/257)





ولا عطر بعد عروس. ويقال : إن من غل شيئا في الدنيا يمثل له يوم القيامة في النار ، ثم يقال له : انزل إليه فخذه ، فيهبط إليه ، فإذا انتهى إليه حمله ، حتى إذا انتهى إلى الباب سقط عنه إلى أسفل جهنم ، فيرجع إليه فيأخذه ؛ لا يزال هكذا إلى ما شاء الله. ويقال {يَأْتِ بِمَا غَلَّ} يعني تشهد عليه يوم القيامة تلك الخيانة والغلول.
الثالثة : -قال العلماء : والغلول كبيرة من الكبائر ؛ بدليل هذه الآية وما ذكرناه من حديث أبي هريرة : أنه يحمله على عنقه. وقد قال صلى الله عليه وسلم في مدعم : " والذي نفسي بيده أن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا" قال : فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "شراك أو شراكان من نار" . أخرجه الموطأ. فقوله عليه السلام : "والذي نفسي بيده" وامتناعه من الصلاة على من غل دليل على تعظيم الغلول وتعظيم الذنب فيه وأنه من الكبائر ، وهو من حقوق الآدميين ولا بد فيه من القصاص بالحسنات والسيئات ، ثم صاحبه في المشيئة. وقوله : "شراك أو شراكان من نار" مثل قوله : "أدوا الخياط والمخيط" . وهذا يدل على أن القليل والكثير لا يحل أخذه في الغزو قبل المقاسم ، إلا ما أجمعوا عليه من أكل المطاعم في أرض الغزو ومن الاحتطاب والاصطياد. وقد روي عن الزهري أنه قال : لا يؤخذ الطعام في أرض العدو إلا بإذن الإمام. وهذا لا أصل له ؛ لأن الآثار تخالفه ، على ما يأتي. قال الحسن : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحوا المدينة أو الحصن أكلوا من السويق والدقيق والسمن والعسل. وقال إبراهيم : كانوا يأكلون من أرض العدو الطعام في أرض الحرب ويعلفون قبل أن يخمسوا. وقال عطاء : في الغزاة يكونون في السرية فيصيبون أنحاء السمن والعسل والطعام فيأكلون ، وما بقي ردوه إلى إمامهم ؛ وعلى هذا جماعة العلماء.
(4/258)





الرابعة : -وفي هذا الحديث دليل على أن الغال لا يحرق متاعه ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرق متاع الرجل الذي أخذ الشملة ، ولا أحرق متاع صاحب الخرزات الذي ترك الصلاة عليه ، ولو كان حرق متاعه واجبا لفعله صلى الله عليه وسلم ، ولو فعله لنقل ذلك في الحديث. وأما ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه" . فرواه أبو داود والترمذي من حديث صالح بن محمد بن زائدة ، وهو ضعيف لا يحتج به. قال الترمذي : سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال : إنما روى هذا صالح بن محمد وهو أبو واقد الليثي وهو منكر الحديث. وروى أبو داود أيضا عنه قال : غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبدالله بن عمر وعمر بن عبدالعزيز ، فغل رجل متاعا فأمر الوليد بمتاعه فأحرق ، وطيف به ولم يعطه سهمه. قال أبو داود : وهذا أصح الحديثين. وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه. قال أبو داود : وزاد فيه علّي بن بحر عن الوليد - ولم أسمعه منه - : ومنعوه سهمه. قال أبو عمر : قال بعض رواة هذا الحديث : واضربوا عنقه وأحرقوا متاعه. وهذا الحديث يدور على صالح بن محمد وليس ممن يحتج به. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" وهو ينفي القتل في الغلول. وروى ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس على الخائن ولا على المنتهب ولا على المختلس قطع" . وهذا يعارض حديث صالح بن محمد وهو أقوى من جهة الإسناد. والغال خائن في اللغة والشريعة وإذا انتفى عنه القطع فأحرى القتل. وقال الطحاوي : لو صح حديث صالح المذكور احتمل أن يكون حين كانت العقوبات في الأموال ؛ كما قال في مانع
(4/259)





الزكاة : "إنا آخذوها وشطر ماله ، عزمة من عزمات الله تعالى" . وكما قال أبو هريرة في ضالة الإبل المكتومة : فيها غرامتها ومثله معها. وكما روى عبدالله بن عمرو بن العاص في الثمر المعلق غرامة مثليه وجلدات نكال وهذا كله منسوخ ، والله أعلم.
الخامسة : -فإذا غل الرجل في المغنم ووجد أخذ منه ، وأدب وعوقب بالتعزير. وعند مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والليث : لا يحرق متاعه. وقال الشافعي والليث وداود : إن كان عالما بالنهي عوقب. وقال الأوزاعي : يحرق متاع الغال كله إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه ، ولا تنزع منه دابته ، ولا يحرق الشيء الذي غل. وهذا قول أحمد وإسحاق ، وقاله الحسن ، إلا أن يكون حيوانا أو مصحفا. وقال ابن خويز منداد : وروي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ضربا الغال وأحرقا متاعه. قال ابن عبدالبر : وممن قال يحرق رحل الغال ومتاعه مكحول وسعيد بن عبدالعزيز. وحجة من ذهب إلى هذا حديث صالح المذكور. وهو عندنا حديث لا يجب به انتهاك حرمة ، ولا إنفاذ حكم ؛ لما يعارضه من الآثار التي هي أقوى منه. وما ذهب إليه مالك ومن تابعه من هذه المسألة أصح من جهة النظر وصحيح الأثر. والله أعلم.
السادسة : -لم يختلف مذهب مالك في العقوبة على البدن ، فأما في المال فقال في الذمي يبيع الخمر من المسلم : تراق الخمر على المسلم ، وينزع الثمن من الذمي عقوبة له ؛ لئلا يبيع الخمر من المسلمين. فعلى هذا يجوز أن يقال : تجوز العقوبة في المال. وقد أراق عمر رضي الله عنه لبنا شيب بماء.
السابعة : -أجمع العلماء على أن للغال أن يرد جميع ما غل إلى صاحب المقاسم قبل أن يفترق الناس إن وجد السبيل إلى ذلك ، وإنه إذا فعل ذلك فهي توبة له ، وخروج عن ذنبه.
(4/260)





واختلفوا فيما يفعل به إذا افترق أهل العسكر ولم يصل إليه ؛ فقال جماعة من أهل العلم : يدفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي. هذا مذهب الزهري ومالك والأوزاعي والليث والثوري ؛ وروي عن عبادة بن الصامت ومعاوية والحسن البصري. وهو يشبه مذهب ابن مسعود وابن عباس ؛ لأنهما كانا يريان أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه ؛ وهو مذهب أحمد بن حنبل. وقال الشافعّي : ليس له الصدقة بمال غيره. قال أبو عمر : فهذا عندي فيما يمكن وجود صاحبه والوصول إليه أو إلى ورثته ، وأما إن لم يكن شيء من ذلك فإن الشافعي لا يكره الصدقة حينئذ إن شاء الله. وقد أجمعوا في اللقطة على جواز الصدقة بها بعد التعريف لها وانقطاع صاحبها ، وجعلوه إذا جاء - مخيرا بين الأجر والضمان ، وكذلك المغصوب. وبالله التوفيق. وفي تغريم الغلول دليل على اشتراك الغانمين في الغنيمة ، فلا يحل لأحد أن يستأثر بشيء منها دون الآخر ؛ فمن غصب شيئا منها أدب اتفاقا ، على ما تقّدم.
الثامنة : -وإن وطئ جارية أو سرق نصابا فاختلف العلماء في إقامة الحد عليه ؛ فرأى جماعة أنه لا قطع عليه.
التاسعة : -ومن الغلول هدايا العمال ، وحكمه في الفضيحة في الآخرة حكم الغال. روى أبو داود في سننه ومسلم في صحيحه عن أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية قال ابن السرح ابن الأتبية على الصدقة ، فجاء فقال : هذا لكم وهذا أهدي لي. فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال : "ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا ، لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء وإن كانت بقرة فلها خوار أو شاة تيعر" - ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال : - "اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت" . وروى أبو داود عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم
(4/261)





قال : "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" . وروى أيضا عن أبي مسعود الأنصاري قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيا ثم قال : "انطلق أبا مسعود ولا ألفينك يوم القيامة تأتي على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته" . قال : إذا لا أنطلق. قال : "إذا لا أكرهك" . وقد قيد هذه الأحاديث ما رواه أبو داود أيضا عن المستورد بن شداد قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا" . قال فقال أبو بكر : أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من اتخذ غير ذلك فهو غال سارق" . والله أعلم.
العاشرة : -ومن الغلول حبس الكتب عن أصحابها ، ويدخل غيرها في معناها. قال الزهري : إياك وغلول الكتب. فقيل له : وما غلول الكتب ؟ قال : حبسها عن أصحابها. وقد قيل في تأويل قوله تعالى : {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} أن يكتم شيئا من الوحي رغبة أو رهبة أو مداهنة. وذلك أنهم كانوا يكرهون ما في القرآن من عيب دينهم وسب آلهتهم ، فسألوه أن يطوي ذلك ؛ فأنزل الله هذه الآية ؛ قاله محمد بن بشار. وما بدأنا به قول الجمهور.
الحادية عشرة : -قوله تعالى : {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} تقدم القول فيه.
الآية 162 : {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}
163 : {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}
قوله تعالى : {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ} يريد بترك الغلول والصبر على الجهاد. {كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ} يريد بكفر أو غلول أو تول عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحرب. {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} أي مثواه النار ، أي إن لم يتب أو يعفو الله عنه. {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي المرجع.وقرئ
(4/262)





رضوان بكسر الراء وضمها كالعدوان والعدوان. ثم قال تعالى : {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ} أي ليس من اتبع رضوان الله كمن باء بسخط منه. قيل : {هُمْ دَرَجَاتٌ} متفاوتة ، أي هم مختلفو المنازل عند الله ؛ فلمن اتبع رضوانه الكرامة والثواب العظيم ، ولمن باء بسخط منه المهانة والعذاب الأليم. ومعنى {هُمْ دَرَجَاتٌ} - أي ذوو درجات. أو على درجات ، أو في درجات ، أو لهم درجات. وأهل النار أيضا ذوو درجات ؛ كما قال : "وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح". فالمؤمن والكافر لا يستويان في الدرجة ؛ ثم المؤمنون يختلفون أيضا ، فبعضهم أرفع درجة من بعض ، وكذلك الكفار. والدرجة الرتبة ، ومن الدرج ؛ لأنه يطوى رتبة بعد رتبة. والأشهر في منازل جهنم دركات ؛ كما قال : {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء : 145] فلمن لم يغل درجات في الجنة ، ولمن غل دركات في النار. قال أبو عبيدة : جهنم أدراك ، أي منازل ؛ يقال لكل منزل منها : درك ودرك. والدرك إلى أسفل ، والدرج إلى أعلى.
الآية : 164 {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}
بين الله تعالى عظيم منته عليهم ببعثه محمدا صلى الله عليه وسلم. والمعنى في المنة فيه أقوال : منها أن يكون معنى "بشر مثلهم" أي بشر مثلهم. فلما أظهر البراهين وهو بشر مثلهم علم أن ذلك من عند الله. وقيل : {مِنْ أَنْفُسِهِمْ} منهم. فشرفوا به صلى الله عليه وسلم ، فكانت تلك المنة. وقيل : "من أنفسهم" ليعرفوا حاله ولا تخفى عليهم طريقته. وإذا كان محله فيهم هذا كانوا أحق بأن يقاتلوا عنه ولا ينهزموا دونه. وقرئ في الشواذ "من أنفسهم" "بفتح الفاء" يعني من أشرفهم ؛ لأنه من بني هاشم ، وبنو هاشم أفضل من قريش ، وقريش أفضل من العرب ، والعرب أفضل من غيرهم. ثم قيل : لفظ المؤمنين عام ومعناه خاص
(4/263)





في العرب ؛ لأنه ليس حّي من أحياء العرب إلا وقد ولده صلى الله عليه وسلم ، ولهم فيه نسب ؛ إلا بني تغلب فإنهم كانوا نصارى فطهره الله من دنس النصرانية. وبيان هذا التأويل قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ} [الجمعة : 2]. وذكر أبو محمد عبدالغني قال : حدثنا أبو أحمد البصري حدثنا أحمد بن علّي بن سعيد القاضي أبو بكر المروزي حدثنا يحيى بن معين حدثنا هشام بن يوسف عن عبدالله بن سليمان النوفلي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها : {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} قالت : هذه للعرب خاصة. وقال آخرون : أراد به المؤمنين كلهم. ومعنى {مِنْ أَنْفُسِكُمْ} أنه واحد منهم وبشر ومثلهم ، وإنما أمتاز عنهم بالوحي ؛ وهو معنى قوله {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة : 128] وخص المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون به ، فالمنة عليهم أعظم. وقوله تعالى : {يَتْلُو عَلَيْهِمْ} "يتلو" في موضع نصب نعت لرسول ، ومعناه يقرأ. والتلاوة القراءة. { وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} تقدم في "البقرة". ومعنى : {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ} أي ولقد كانوا من قبل ، أي من قبل محمد ، وقيل : "إن" بمعنى ما ، واللام في الخبر بمعنى إلا. أي وما كانوا من قبل إلا في ضلال مبين. ومثله {وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة : 198] أي وما كنتم من قبله إلا من الضالين. وهذا مذهب الكوفيين. وقد تقّدم في "البقرة" معنى هذه الآية.
الآية : 165 {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
قوله تعالى : {أَوَلَمَّا} الألف للاستفهام ، والواو للعطف. {مُصِيبَةٌ} أي غلبة. {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} يوم بدر بأن قتلتم منهم سبعين وأسرتم سبعين. والأسير في حكم المقتول ؛ لأن الآسر يقتل أسيره إن أراد. أي فهزمتموهم يوم بدر ويوم أحد أيضا في الابتداء ، وقتلتم فيه قريبا من
(4/264)





عشرين ، قتلتم منهم في يومين ، ونالوا منكم في يوم أحد. {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} أي من أين أصابنا هذا الانهزام والقتل ، ونحن نقاتل في سبيل الله ، ونحن مسلمون ، وفينا النبّي والوحي ، وهم مشركون. {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} يعني مخالفة الرماة. وما من قوم أطاعوا نبيهم في حرب إلا نصروا ؛ لأنهم إذا أطاعوا فهم حزب الله ، وحزب الله هم الغالبون. وقال قتادة والربيع بن أنس : يعني سؤالهم النبّي صلى الله عليه وسلم أن يخرج بعد ما أراد الإقامة بالمدينة. وتأوّلها في الرؤيا التي رآها درعا حصينة. علّي بن أبي طالب رضي الله عنه : هو اختيارهم الفداء يوم بدر على القتل. وقد قيل لهم : إن فاديتم الأسارى قتل منكم على عّدتهم. وروى البيهقي عن علّي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال النبّي صلى الله عليه وسلم في الأسارى يوم بدر : "إن شئتم قتلتموهم وإن شئتم فاديتموهم واستمتعتم بالفداء واستشهد منكم بعّدتهم" . فكان آخر السبعين ثابت بن قيس قتل يوم اليمامة. فمعنى {مِنْ عِنْدِ أنْفُسِكُمْ} على القولين الأولين بذنوبكم. وعلى القول الأخير باختياركم.
الآية 166 {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}
167 { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}
قوله تعالى : {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}
يعني يوم أحد من القتل والجرح والهزيمة. {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} أي بعلمه. وقيل : بقضائه وقدره. قال القفال : أي فبتخليته بينكم وبينهم ، لا أنه أراد ذلك. وهذا تأويل المعتزلة. ودخلت الفاء في "فبإذن الله" لأن "ما" بمعنى الذي. أي والذي أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله ؛ فأشبه الكلام معنى الشرط ، كما قال سيبويه : الذي قام فله درهم. {وَلِيَعْلَمَ
(4/265)





الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} أي ليميز. وقيل ليرى. وقيل : ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم في القتال ، وليظهر كفر المنافقين بإظهارهم الشماتة فيعلمون ذلك.
والإشارة بقوله : {نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ} هي إلى عبدالله بن أبّي وأصحابه الذين انصرفوا معه عن نصرة النبّي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا ثلاثمائة. فمشى في أثرهم عبدالله بن عمرو بن حرام الأنصاري ، أبو جابر بن عبدالله ، فقال لهم : اتقوا الله ولا تتركوا نبيكم ، وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ، ونحو هذا من القول. فقال له ابن أبّي : ما أرى أن يكون قتال ، ولو علمنا أن يكون قتال لكنا معكم. فلما يئس منهم عبدالله قال : اذهبوا أعداء الله فسيغني الله رسوله عنكم. ومضى مع النبي صلى الله عليه وسلم واستشهد رحمه الله تعالى.
واختلف الناس في معنى قوله : {أَوِ ادْفَعُوا} فقال السدي وابن جريج وغيرهما : كثروا سوادنا وإن لم تقاتلوا معنا ؛ فيكون ذلك دفعا وقمعا للعدو ؛ فإن السواد إذا كثر حصل دفع العّدو. وقال أنس بن مالك : رأيت يوم القادسية عبدالله بن أم مكتوم الأعمى وعليه درع يجر أطرافها ، وبيده راية سوداء ؛ فقيل له : أليس قد أنزل الله عذرك ؟ قال : بلى! ولكني أكثر سواد المسلمين بنفسي. وروي عنه أنه قال : فكيف بسوادي في سبيل الله! وقال أبو عون الأنصاري : معنى {أَوِ ادْفَعُوا} رابطوا. وهذا قريب من الأّول. ولا محالة أن المرابط مدافع ؛ لأنه لولا مكان المرابطين في الثغور لجاءها العدو. وذهب قوم من المفسرين إلى أن قول عبدالله بن عمرو {أَوِ ادْفَعُوا} إنما هو استدعاء إلى القتال حمية ؛ لأنه استدعاهم إلى القتال في سبيل الله ، وهي أن تكون كلمة الله هي العليا ، فلما رأى أنهم ليسوا على ذلك عرض عليهم الوجه الذي يحشمهم ويبعث الأنفة. أي أو قاتلوا دفاعا عن الحوزة. ألا ترى أن قزمان قال : والله ما قاتلت إلا عن أحساب قومي. وألا ترى أن بعض الأنصار
(4/266)





قال يوم أحد لما رأى قريشا قد أرسلت الظهر في زروع قناة ، أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب ؟ والمعنى إن لم تقاتلوا في سبيل الله فقاتلوا دفعا عن أنفسكم وحريمكم.
قوله تعالى : {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ} أي بينوا حالهم ، وهتكوا أستارهم ، وكشفوا عن نفاقهم لمن كان يظن أنهم مسلمون ؛ فصاروا أقرب إلى الكفر في ظاهر الحال ، وإن كانوا كافرين على التحقيق. وقوله تعالى : {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} أي أظهروا الإيمان ، وأضمروا الكفر. وذكر الأفواه تأكيد ؛ مثل قوله : {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام : 38].
الآية : 168 {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}
قوله تعالى : {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ} معناه لأجل إخوانهم ، وهم الشهداء المقتولون من الخزرج ؛ وهم إخوة نسب ومجاورة ، لا إخوة الدين. أي قالوا لهؤلاء الشهداء : لو قعدوا ، أي بالمدينة ما قتلوا. وقيل : قال عبدالله بن أبّي وأصحابه لإخوانهم ، أي لأشكالهم من المنافقين : لو أطاعونا ، هؤلاء الذين قتلوا ، لما قتلوا. وقوله : {لَوْ أَطَاعُونَا} يريد في ألا يخرجوا إلى قريش. وقوله : أي قالوا هذا القول وقعدوا بأنفسهم عن الجهاد ؛ فرد الله عليهم بقوله : {قُلْ فَادْرَأُوا} أي قل لهم يا محمد : إن صدقتم فادفعوا الموت عن أنفسكم. والدرء الدفع. بين بهذا أن الحذر لا ينفع من القدر ، وأن المقتول يقتل بأجله ، وما علم الله وأخبر به كائن لا محالة. وقيل : مات يوم قيل هذا ، سبعون منافقا. وقال أبو الليث السمرقندي : سمعت بعض المفسرين بسمرقند يقول : لما نزلت الآية {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} مات يومئذ سبعون نفسا من المنافقين.
(4/267)





الآية 169 {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}
170 {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}
فيه ثمان مسائل : -
الأولى : -لما بين الله تعالى أن ما جرى يوم أحد كان امتحانا يميز المنافق من الصادق ، بين أن من لم ينهزم فقتل له الكرامة والحياة عنده. والآية في شهداء أحد. وقيل : نزلت في شهداء بئر معونة. وقيل : بل هي عامة في جميع الشهداء. وفي مصنف أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب فقال الله سبحانه أنا أبلغهم عنكم" - قال - فأنزل الله {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} " إلى آخر الآيات. وروى بقّي بن مخلد عن جابر قال : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "يا جابر ما لي أراك منكسا مهتما" ؟ قلت : يا رسول الله ، استشهد أبي وترك عيالا وعليه دين ؛ فقال : "ألا أبشرك بما لقي الله عز وجل به أباك" ؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : "إن الله أحيا أباك وكلمه كفاحا وما كلم أحد قط إلا من وراء حجاب فقال له يا عبدي تمن أعطك قال يا رب فردني إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب تبارك وتعالى أنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال يا رب فأبلغ من ورائي" فأنزل الله عز وجل {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية. أخرجه ابن ماجه في سننه ، والترمذي في جامعه وقال : هذا حديث حسن غريب. وروى وكيع عن سالم بن الأفطس عن سعيد بن جبير {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
(4/268)





اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ} قال : لما أصيب حمزة بن عبدالمطلب ومصعب بن عمير ورأوا ما رزقوا من الخير قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة ؛ فقال الله تعالى أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى : {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} - إلى قوله : {لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} . وقال أبو الضحى : نزلت هذه الآية في أهل أحد خاصة. والحديث الأول يقتضي صحة هذا القول. وقال بعضهم : نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلا ؛ ثمانية من الأنصار ، وستة من المهاجرين. وقيل : نزلت في شهداء بئر معونة ، وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق وغيره. وقال آخرون : إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة وسرور تحسروا وقالوا : نحن في النعمة والسرور ، وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور. فأنزل الله تعالى هذه الآية تنفيسا عنهم وإخبارا عن حال قتلاهم.
قلت : وبالجملة وإن كان يحتمل أن يكون النزول بسبب المجموع فقد أخبر الله تعالى فيها عن الشهداء أنهم أحياء في الجنة يرزقون ، ولا محالة أنهم ماتوا وأن أجسادهم في التراب ، وأرواحهم حية كأرواح سائر المؤمنين ، وفضلوا بالرزق في الجنة من وقت القتل حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم.
وقد اختلف العلماء في هذا المعنى. فالذي عليه المعظم هو ما ذكرناه ، وأن حياة الشهداء محققة. ثم منهم من يقول : ترد إليهم الأرواح في قبورهم فينعمون ، كما يحيا الكفار في قبورهم فيعذبون. وقال مجاهد : يرزقون من ثمر الجنة ، أي يجدون ريحها وليسوا فيها. وصار قوم إلى أن هذا مجاز ، والمعنى أنهم في حكم الله مستحقون للتنعم في الجنة. وهو كما يقال : ما مات فلان ، أي ذكره حّي ؛ كما قيل :
موت التقي حياة لا فناء لها ...
قد مات قوم في الناس أحياء
(4/269)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: