منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن   كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن I_icon_minitimeالخميس 19 يوليو - 17:48

المجلد السابع عشر
سورة الرحمن [عزّ وجلّ]




الآية : [52] {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ}
الآية : [53] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [54] {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}
الآية : [55] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} أي صنفان وكلاهما حلو يستلذ به. قال ابن عباس : ما في الدنيا شجرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل إلا أنه حلو. وقيل : ضربان رطب ويابس لا يقصر هذا عن ذلك في الفضل والطيب. وقيل : أراد تفضيل هاتين الجنتين على الجنتين اللتين دونهما ، فإنه ذكرها هنا عينين جاريتين ، وذكر ثم عينين تنضحان بالماء والنضح دون الجري ، فكأنه قال : في تينك الجنتين من كل فاكهة نوع ، وفي هذه الجنة من كل فاكهة نوعان. {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ} هو نصب على الحال. والفرش جمع فراش. وقرأ أبو حيوة {فُرُشٍ} بإسكان الراء {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} جمع بطانة وهي التي تحت الظهارة والإستبرق ما غلظ من الديباج وخشن ، أي إذا كانت البطانة التي تلي الأرض هكذا فما ظنك بالظهارة ، قاله ابن مسعود وأبو هريرة. وقيل لسعيد بن جبير : البطائن من إستبرق فما الظواهر ؟ قال : هذا مما قال الله : {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} وقال ابن عباس : إنما وصف لكم بطائنها لتهتدي إليه قلوبكم ، فأما الظواهر فلا يعلمها إلا الله. وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ظواهرها نور يتلألأ". وعن الحسن : بطائنها من إستبرق ، وظواهرها من نور جامد. وعن الحسن أيضا : البطائن هي الظواهر ،
(17/179)





وهو قول الفراء ، وروي عن قتادة. والعرب تقول للظهر بطنا ، فيقولون : هذا ظهر السماء ، وهذا بطن السماء ، لظاهرها الذي نراه. وأنكر ابن قتيبة وغيره هذا ، وقالوا : لا يكون هذا إلا في الوجهين المتساويين إذا ولي كل واحد منهما قوما ، كالحائط بينك وبين قوم ، وعلى ذلك أمر السماء. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} الجنى ما يجتنى من الشجر ، يقال : أتانا بجناة طيبة لكل ما يجتنى. وثمر جني على فعيل حين جني ، وقال :
هذا جناي وخياره فيه ... إذ كل جان يده إلى فيه
وقرئ {وَجِنَى} بكسر الجيم. {دانٍ}قريب. قال ابن عباس : تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما وإن شاء قاعدا وإن شاء مضطجعا ، لا يرد يده بعد ولا شوك.
الآية : [56] {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}
الآية : [57] { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
فيه ثلاث مسائل :
الأولى- قوله تعالى : {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قيل : في الجنتين المذكورتين. قال الزجاج : وإنما قال : {فِيهِنَّ} ولم يقل فيهما ، لأنه عنى الجنتين وما أعد لصاحبهما من النعيم. وقيل : {فِيهِنَّ} يعود على الفرش التي بطائنها من إستبرق ، أي في هذه الفرش {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} أي نساء قاصرات الطرف ، قصرن أعينهن على أزواجهن فلا يرين غيرهم. وقد مضى في {والصافات} ووحد الطرف مع الإضافة إلى الجمع لأنه في معنى المصدر ، من طرفت عينه تطرف طرفا ، ثم سميت العين بذلك فأدى عن الواحد والجمع ، كقولهم : قوم عدل وصوم.
(17/180)





الثانية- قوله تعالى : {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} أي لم يصبهن بالجماع قبل أزواجهن هؤلاء أحد الفراء : والطمث الافتضاض وهو النكاح بالتدمية ، طمثها يطمثها ويطمثها طمثا إذا افتضها. ومنه قيل : امرأة طامث أي حائض. وغير الفراء يخالفه في هذا ويقول : طمثها بمعنى وطئها على أي الوجوه كان. إلا أن قول الفراء أعرف وأشهر. وقرأ الكسائي {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} بضم الميم ، يقال : طمثت المرأة تطمث بالضم حاضت. وطمثت بالكسر لغة فهي طامث ، وقال الفرزدق :
وقعن إلي لم يطمثن قبلي ... وهن اصح من بيض النعام
وقيل : {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} لم يمسهن ، قال أبو عمرو : والطمث المس وذلك في كل شيء يمس ويقال للمرتع : ما طمث ذلك المرتع قبلنا أحد ، وما طمث هذه الناقة حبل ، أي ما مسها عقال. وقال المبرد : أي لم يذللهن إنس قبلهم ولا جان ، والطمث التذليل. وقرأ الحسن {جَأن} بالهمزة.
الثالثة- في هذه الآية دليل على أن الجن تغشى كالإنس ، وتدخل الجنة ويكون لهم فيها جنيات. قال ضمرة : للمؤمنين منهم أزواج من الحور العين ، فالإنسيات للإنس ، والجنيات للجن. وقيل : أي لم يطمث ما وهب الله للمؤمنين من الجن في الجنة من الحور العين من الجنايات جن ، ولم يطمث ما وهب الله للمؤمنين من الإنس في الجنة من الإنس في الجنة من الحور العين من الإنسيات إنس ، وذلك لأن الجن لا تطأ بنات آدم في الدنيا. ذكره القشيري.
قلت : قد مضى في {النمل} القول في هذا وفي {سبحان} أيضا ، وأنه جائز أن تطأ بنات آدم. وقد قال مجاهد : إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه فذلك قوله تعالى : { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} وذلك بأن الله تبارك وتعالى وصف الحور العين بأنه لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان. يعلمك أن نساء الآدميات قد يطمثهن الجان ، وأن الحور العين قد برئن من هذا العيب ونزهن ، والطمث الجماع. ذكره بكماله الترمذي الحكيم ، وذكره المهدوي أيضا والثعلبي وغيرهما والله أعلم.
(17/181)





الآية : [58] {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}
الآية : [59] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [60] {هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ}
الآية : [61] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} روى الترمذي عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقيها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها" وذلك بأن الله تعالى يقول : {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لأريته من ورائه ويروى موقوفا. وقال عمرو بن ميمون : إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من وراء ذلك ، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء. وقال الحسن : هن في صفاء الياقوت ، وبياض المرجان.
قوله تعالى : {هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ} {هَلْ} في الكلام على أربعة أوجه : تكون بمعنى قد كقوله تعالى : {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} ، وبمعنى الاستفهام كقوله تعالى : {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً} ، وبمعنى الأمر كقوله تعالى : {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، وبمعنى ما في الجحد كقوله تعالى : {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ} ، و{هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ}. قال عكرمة : أي هل جزاء من قال لا إله إلا الله إلا الجنة. ابن عباس : ما جزاء من قال لا إله إلا اله وعمل بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إلا الجنة. وقيل : هل جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة ، قال ابن زيد. وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ} ثم قال : "هل تدرون ماذا قال ربكم" قالوا الله ورسول أعلم ، قال : "يقول ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة". وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ
(17/182)





هذه الآية فقال : "يقول الله هل جزاء من أنعمت عليه بمعرفتي وتوحيدي إلا أن أسكنه جنتي وحظيرة قدسي برحمتي" وقال الصادق : هل جزاء من أحسنت عليه في الأزل إلا حفظ الإحسان عليه في الأبد. وقال محمد ابن الحنيفة والحسن : هي مسجلة للبر والفاجر ، أي مرسلة على الفاجر في الدنيا والبر في الآخرة.
الآية : [62] {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}
الآية : [63] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [64] {مُدْهَامَّتَانِ}
الآية : [65] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} أي وله من دون الجنتين الأوليين جنتان أخريان. قال ابن عباس : ومن دونهما في الدرج. ابن زيد : ومن دونهما في الفضل. ابن عباس : والجنات لمن خاف مقام ربه ، فيكون في الأوليين النخل والشجر ، وفي الأخريين الزرع والنبات وما انبسط. الماوردي : ويحتمل أن يكون {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} لأتباعه لقصور منزلتهم عن منزلته ، إحداهما للحور العين ، والأخرى للولدان المخلدين ، ليتميز بهما الذكور عن الإناث. وقال ابن جريج : هي أربع : جنتان منها للسابقين المقربين {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} و {عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} ، وجنتان لأصحاب اليمين {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} و {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} وقال ابن زيد : إن الأولين من ذهب للمقربين ، والأخريين من ورق لأصحاب اليمين.
قلت : إلى هذا ذهب الحليمي أبو عبدالله الحسن بن الحسين في كتاب "منهاج الدين له" ، واحتج بما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} إلى قوله : {مُدْهَامَّتَانِ} قال : تلك للمقربين ، وهاتان لأصحاب اليمين. وعن أبي موسى الأشعري نحوه. ولما وصف الله الجنتين أشار إلى الفرق بينهما فقال في الأوليين : {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} وفي الأخريين : {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} أي فوارتان ولكنهما ليستا كالجاريين لأن النضخ دون الجري. وقال في الأوليين : {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} فعم ولم يخص. وفي الأخريين : {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} ولم يقل كل فاكهة ،
(17/183)





وقال في الأوليين : {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} وهو الديباج ، وفي الأخريين {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} والعبقري الوشي ، ولا شك أن الديباج أعلى من الوشي ، والرفرف كسر الخباء ، ولا شك أن الفرش المعدة للاتكاء عليها أفضل من فضل الخباء. وقال في الأوليين في صفة الحور : {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} ، وفي الأخريين {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} وليس كل حسن كحسن الياقوت والمرجان. وقال في الأوليين : {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} وفي الأخريين {مُدْهَامَّتَانِ} أي خضراوان كأنهما من شدة خضرتهما سوداوان ، ووصف الأوليين بكثرة الأغصان ، والأخريين بالخضرة وحدها ، وفي هذا كله تحقيق للمعنى الذي قصدنا بقوله {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} ولعل ما لم يذكر من تفاوت ما بينهما أكثر مما ذكر. فإن قيل : كيف لم يذكر أهل هاتين الجنتين كما ذكر أهل الجنتين الأوليين ؟ قل : الجنان الأربع لمن خاف مقام ربه إلا أن الخائفين لهم مراتب ، فالجنتان الأوليان لأعلى العباد رتبة في الخوف من الله تعالى ، والجنتان الأخريان لمن قصرت حال في الخوف من الله تعالى. ومذهب الضحاك أن الجنتين الأوليين من ذهب وفضة ، والأخريين من ياقوت وزمرد وهما أفضل من الأوليين ، وقوله : {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} أي من أمامهما ومن قبلهما. وإلى هذا القول ذهب أبو عبدالله الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" فقال : ومعنى {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} أي دون هذا إلى العرش ، أي أقرب وأدنى إلى العرش ، وأخذ يفضلهما على الأوليين بما سنذكره عنه. وقال مقاتل : الجنتان الأوليان جنة عدن وجنة النعيم ، والأخريان جنة الفردوس وجنة المأوى.
قوله تعالى : {مُدْهَامَّتَانِ} أي خضراوان من الري ، قال ابن عباس وغيره. وقال مجاهد : مسودتان. والدهمة في اللغة السواد ، يقال : فرس أدهم وبعير أدهم وناقة دهماء أي أشتدت زرقته حتى البياض الذي فيه ، فإن زاد على ذلك حتى اشتد السواد فهو جون. وادهم الفرس ادهماما أي صار أدهم. وادهام الشيء ادهيماما أي اسواد ، قال الله
(17/184)





تعالى : {مُدْهَامَّتَانِ} أي سوداوان من شدة الخضرة من الري ، والعرب تقول لكل أخضر أسود. وقال لبيد يرثي قتلى هوازن :
وجاؤوا به في هودج ووراءه ... كتائب خضر في نسيج السنور
السنور لبوس من قد كالدرع. وسميت قرى العراق سوادا لكثرة خضرتها. ويقال لليل المظلم : أخضر ويقال : أباد الله خضراءهم أي سوادهم.
الآية : [66] {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ}
الآية : [67] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [68] {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}
الآية : [69] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} أي فوارتان بالماء ، عن ابن عباس. والنضخ بالخاء أكثر من النضح بالحاء. وعنه أن المعنى نضاختان بالخير والبركة ، وقاله الحسن ومجاهد. ابن مسعود وابن عباس أيضا وأنس : تنضخ على أولياء الله بالمسك والعنبر والكافور في دور أهل الجنة كما ينضخ رش المطر. وقال سعيد بن جبير : بأنواع الفواكه والماء. الترمذي : قالوا بأنواع الفواكه والنعم والجواري المزينات والدواب المسرجات والثياب الملونات. قال الترمذي : وهذا يدل على أن النضخ أكثر من الجري. وقيل : تنبعان ثم تجريان.
قوله تعالى : {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} فيه مسألتان
الأولى- قال بعض العلماء : ليس الرمان والنخل من الفاكهة ، لأن الشيء لا يعطف على نفسه إنما يعطف على غيره وهذا ظاهر الكلام. وقال الجمهور : هما من الفاكهة وإنما أعاد ذكر النخل والرمان لفضلهما وحسن موقعهما على الفاكهة ، كقوله تعالى :
(17/185)





{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} وقول : {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} وقد تقدم. وقيل : إنما كررها لأن النخل والرمان كانا عندهم في ذلك الوقت بمنزلة البر عندنا ، لأن النخل عامة قوتهم ، والرمان كالثمرات ، فكان يكثر غرسهما عندهم لحاجتهم إليهما ، وكانت الفواكه عندهم من ألوان الثمار التي يعجبون بها ، فإنما ذكر الفاكهة ثم ذكر النخل والرمان لعمومهما وكثرتهما عندهم من المدينة إلى مكة إلى ما والاها من أرض اليمن ، فأخرجهما في الذكر من الفواكه وأفرد الفواكه على حدتها. وقيل : أفردا بالذكر لأن النخل ثمره فاكهة وطعام ، والرمان فاكهة ودواء ، فلم يخلصا للتفكه ، ومنه قال أبو حنيفة رحمه الله ، وهي المسألة :
الثانية- إذا حلف أن لا يأكل فاكهة فأكل رمانا أو رطبا لم يحنث. وخالفه صاحباه والناس. قال ابن عباس : الرمانة في الجنة مثل البعير المقتب. وذكر ابن المبارك قال : أخبرنا سفيان عن حماد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر ، وكرانيفها ذهب أحمر ، وسعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مقطعاتهم وحللهم ، وثمرها أمثال القلال والدلاء ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ليس فيه عجم. قال : وحدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة ، قال : نخل الجنة نضيد من أصلها إلى فرعها ، وثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى ، وإن ماءها ليجري في غير أخدود ، والعنقود اثنا عشر ذراعا.
الآية : [70] {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ}
الآية : [71] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} فيه مسألتان :
الأولى- قوله تعالى : {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} يعني النساء الواحدة خيرة على معنى ذوات خير. وقيل : {خيرات} بمعنى خيرات فخفف ، كهين ولين. ابن المبارك : حدثنا
(17/186)





الأوزاعي عن حسان بن عطية عن سعيد بن عامر قال : لو أن خيرة من {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} اطلعت من السماء لأضاءت لها ، ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ، ولنصيف تكساه خيرة خير من الدنيا وما فيها. {حِسان} أي حسان الخلق ، وإذا قال الله تعالى : {حِسَانٌ} فمن ذا الذي يقدر أن يصف حسنهن! وقال الزهري وقتادة : {خَيْرَاتُ} الأخلاق {حِسَان} الوجوه. وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم سلمة. وقال أبو صالح : لأنهن عذارى أبكار.
وقرأ قتادة وابن السميقع وأبو رجاء العطاردي وبكر بن حبيب السهمي {خَيْرَاتٌ} بالتشديد على الأصل. وقد قيل : أن خيرات جمع خي والمعنى ذوات خير. وقيل : مختارات. قال الترمذي : فالخيرات ما أختارهن الله فأبدع خلقهن باختياره ، فاختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين. ثم قال : {حِسَانٌ} فوصفهن بالحسن فإذا وصف خالق الحسن شيئا بالحسن فانظر ما هناك. وفي الأوليين ذكر بأنهن {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ } و {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} فانظر كم بين الخيرة وهي مختارة الله ، وبين قاصرات الطرف. وفي الحديث : "إن الحور العين يأخذ بعضهن بأيدي بعض ويتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بأحسن منها ولا بمثلها نحن الراضيات فلا نسخط أبدا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ونحن الخالدات فلا نموت أبدا ونحن النعمات فلا نبؤس أبدا ونحن خيرات حسان حبيبات لأزواج كرام". خرجه الترمذي بمعناه من حديث. علي رضي الله عنه. وقالت عائشة رضي الله عنها : إن الحور العين إذا قلن هذه المقالة أجابهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا : نحن المصليات وما صليتن ، ونحن الصائمات وما صمتن ، ونحن المتوضئات وما توضأتن ، ونحن المتصدقات وما تصدقتن. فقالت عائشة رضي الله ، عنها : فغلبنهن والله.
الثانية- واختلف أيهما أكثر حسنا وأبهر جمالا الحور أو الآدميات ؟ فقيل : الحور لما ذكر من وصفهن في القرآن والسنة ، ولقوله عليه الصلاة والسلام في دعائه على الميت
(17/187)





في الجنازة : "وأبدله زوجا خيرا من زوجه". وقيل : الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف ، وروي مرفوعا. وذكر ابن المبارك : وأخبرنا رشدين عن ابن أنعم عن حيان بن أبي جبلة ، قال : إن نساء الدنيا من دخل منهن الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا. وقد قيل : إن الحور العين المذكورات في القرآن هن المؤمنات من أزواج النبيين والمؤمنين يخلقن في الآخرة على أحسن صورة ، قاله الحسن البصري. والمشهور أن الحور العين لسن ، من نساء أهل الدنيا وإنما هن مخلوقات في الجنة ، لأن الله تعالى قال : {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن أقل ساكني الجنة النساء" فلا يصيب كل واحد منهم امرأة ، ووعد الحور العين لجماعتهم ، فثبت أنهن من غير نساء الدنيا.
الآية : [72] {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}
الآية : [73] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [74] {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ}
الآية : [75] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
قوله تعالى : {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} {حُورٌ} جمع حوراء ، وهي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها وقد تقدم. {مَقْصُورَاتٌ} محبوسات مستورات {فِي الْخِيَامِ} في الحجال لسن بالطوافات في الطرق ، قال ابن عباس. وقال عمر رضي الله عنه : الخيمة درة مجوفة. وقاله ابن عباس. وقال : هي فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب. وقال الترمذي الحكيم أبو عبدالله في قوله تعالى {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} : بلغنا في الرواية أن سحابة أمطرت من العرش فخلقت الحور من قطرات الرحمة ، ثم ضرب على كل واحدة منهن خيمة على شاطئ الأنهار سعتها أربعون ميلا وليس لها باب ، حتى إذا دخل ولي الله الجنة
(17/188)





انصدعت الخيمة عن باب ليعلم ولي الله أن أبصار المخلوقين من الملائكة والخدم لم تأخذها ، فهي مقصورة قد قصر بها عن أبصار المخلوقين. والله أعلم. وقال في الأوليين : {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قصرن طرفهن على الأزواج ولم يذكر أنهن مقصورات ، فدل على أن المقصورات أعلى وأفضل. وقال مجاهد : {مَقْصُورَاتٌ} قد قصرن على أزواجهن فلا يردن بدلا منهم. وفي الصحاح : وقصرت الشيء أقصره قصرا حبسته ، ومنه مقصورة الجامع ، وقصرت الشيء على كذا إذا لم تجاوز إلى غيره ، وامرأة قصيرة وقصورة أي مقصورة في البيت لا تترك أن تخرج ، قال كثير :
وأنت التي حببت كل قصيرة ... إلي وما تدري بذاك القصائر
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد ... قصار الخطا شر النساء البحاتر
وأنشده الفراء قصورة ، ذكره ابن السكيت. وروى أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "مررت ليلة أسري بي في الجنة بنهر حافتاه قباب المرجان فنوديت منه السلام عليك يا رسول الله فقلت : يا جبريل من هؤلاء قال : هؤلاء جوار من الحور العين استأذن ربهن في أن يسلمن عليك فأذن لهن فقلن : نحن الخالدات فلا نموت أبدا ونحن الناعمات فلا نبؤس أبدا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا أزواج رجال كرام" ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} أي محبوسات حبس صيانة وتكرمة. وروي عن أسماء بنت يزيد الأشهلية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله! إنا معشر النساء محصورات مقصورات ، قواعد بيوتكم وحوامل أولادكم ، فهل نشارككم في الأجر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "نعم إذا أحسنتن تبعل أزواجكن وطلبتن مرضاتهم".
قوله تعالى : {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} أي لم يمسسهن على ما تقدم قبل. وقراءة العامة {يَطْمِثْهُنَّ} بكسر الميم. وقرأ أبو حيوة الشامي وطلحة بن مصرف والأعرج والشيرازي عن الكسائي
(17/189)





بضم الميم في الحرفين. وكان الكسائي يكسر إحداهما ويضم الأخرى ويخير في ذلك ، فإذا رفع الأولى كسر الثانية إذا كسر الأولى رفع الثانية. وهي قراءة أبي إسحاق السبيعي. قال أبو إسحاق : كنت أصلي خلف أصحاب علي فيرفعون الميم ، وكنت أصلي خلف أصحاب عبدالله فيكسرونها ، فاستعمل الكسائي الأثرين. وهما لغتان طمث وطمث مثل يعرشون ويعكفون ، فمن ضم فللجمع بين اللغتين ، ومن كسر فلأنها اللغة السائرة. وإنما أعاد قوله : {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} ، ليبين أن صفة الحور المقصورات في الخيام كصفة الحور القاصرات الطرف. يقول : إذا قصرن كانت لهن الخيام في تلك الحال.
الآية : [76] {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ}
الآية : [77] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
الآية : [78] {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ}
قوله تعالى : {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} الرفرف المحابس. وقال ابن عباس : الرفرف فضول الفرش والبسط. وعنه أيضا : الرفرف المحابس يتكئون على فضولها ، وقاله قتادة. وقال الحسن والقرظي : هي البسط. وقال ابن عيينة : هي الزرابي. وقال ابن كيسان : هي المرفق ، وقال الحسن أيضا. وقال أبو عبيدة : هي حاشية الثوب. وقال ابن كيسان : هي المرافق ، تبسط. وقيل : الفرش المرتفعة. وقيل : كل ثوب عريض عند العرب فهو مرفرف. قال ابن مقبل :
وإنا لنزالون تغشى نعالنا ... سواقط من أصناف ريط ورفرف
وهذه أقوال متقاربة. وفي الصحاح : والرفرف ثياب خضر تتخذ منها المحابس ، الواحدة رفرفة. وقال سعيد بن جبير وابن عباس أيضا : الرفرف رياض الجنة ، واشتقاق الرفرف
(17/190)





من رف يرف إذا ارتفع ، ومنه رفرفة الطائر لتحريكه جناحيه في الهواء. وربما سموا الظليم رفرافا بذلك ، لأنه يرفرف بجناحيه ثم يعدو. ورفرف الطائر أيضا إذا حرك جناحيه حول الشيء يريد أن يقع عليه. والرفرف أيضا كسر الخباء وجوانب الدرع وما تدلى منها ، الواحد رفرفة. وفي الخبر في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : فرفع الرفرف فرأينا وجهه كأنه ورقة تخشخش أي رفع طرف الفسطاط. وقيل : اصل الرفرف من رف النبت يرف إذا صار غضبا نضيرا ، حكاه الثعلبي. وقال القتبي : يقال للشيء إذا كثر ماؤه من النعمة والغضاضة حتى كاد يهتز : رف يرف رفيفا ، حكاه الهروي. وقد قيل : إن الرفرف شيء إذا استوى عليه صاحبه رفرف به وأهوى به كالمرجاح يمينا وشمالا ورفعا وخفضا يتلذذ به مع أنسيته ، قاله الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" وقد ذكرناه في "التذكرة". قال الترمذي : فالرفرف اعظم خطرا من الفرش فذكره في الأوليين {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} وقال هنا : {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} فالرفرف هو شيء إذا استوى عليه الولي رفرف به ، أي طار به هكذا وهكذا حيث ما يريد كالمرجاح ، وأصله من رفرف بين يدي الله عز وجل ، روي لنا في حديث المعراج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ سدرة المنتهى جاءه الرفرف فتناوله منم جبريل وطار به إلى مسند العرش ، فذكر أنه قال : "طار بي يخفضني ويرفعني حتى وقف بي بين يدي ربي" ثم لما حان الانصراف تناول فطار به خفضا ورفعا يهوي به حتى أداه إلى جبريل صلوات الله وسلامه عليه وجبريل يبكي ويرفع صوته بالتحميد ، فالرفرف خادم من الخدم بين يدي الله تعالى له خواص الأمور في محل الدنو والقرب ، كما أن البراق دابة يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضه ، فهذا الرفرف الذي سخره الله لأهل الجنتين الدانيتين هو متكاهما وفرشهما ، يرفرف بالولي على حافات تلك الأنهار وشطوطها حيث شاء إلى خيام أزواجه الخيرات الحسان. ثم قال : {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} فالعبقري ثياب منقوشة تبسط ، فإذا قال خالق النقوش إنها حسان فما ظنك بتلك العباقر!. وقرأ عثمان رضي الله عنه والجحدري والحسن وغيرهم {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفَارَفَ} بالجمع غير مصروف كذلك
(17/191)





{وَعَبَاقَرِيٍّ حِسَانِ} جمع رفرف وعبقري. و {رَفْرَفٍ} اسم للجمع و {وَعَبْقَرِيٍّ } واحد يدل على الجمع المنسوب إلى عبقر. وقد قيل : إن واحد رفرف وعبقري رفرفة وعبقرية ، والرفارف والعباقر جمع الجمع. والعبقري الطنافس الثخان منها ، قال الفراء. وقيل : الزراعي ، عن ابن عباس وغيره. الحسن : هي البسط. مجاهد : الديباج. القتبي : كل ثوب وشيء عند العرب عبقري. قال أبو عبيد : هو منسوب إلى أرض يعمل فيها الوشي فينسب إليها كل وشي حبك. قال ذو الرمة :
حتى كأن رياض القف ألبسها ... من وشي عبقر تجليل وتنجيد
ويقال : عبقر قرية بناحية اليمن تنسج فيها بسط منقوشة. وقال ابن الأنباري : إن الأصل فيه أن عبقر قرية يسكنها الجن ينسب إليها كل فائق جليل. وقال الخليل : كل جليل نافس فاضل وفاخر من الرجال والنساء وغيرهم عند العرب عبقري. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر رضي الله عنه : فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه" وقال أبو عمر بن العلاء وقد سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم "فلم أر عبقريا يفري فريه" فقال : رئيس قوم وجليلهم. وقال زهير :
بخيل عليها جنة عبقرية ... جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا
وقال الجوهري : العبقري موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن. قال لبيد :
كهول وشبان كجنة عبقر
ثم نسبوا إليه كل شيء يعجبون من حذقه وجودة صنعته وقوته فقالوا : عبقري وهو واحد وجمع. وفي الحديث : "إنه كان يسجد على عبقري" وهو هذه البسط التي فيها الأصباغ والنقوش حتى قالوا : ظلم عبقري وهذا عبقري قوم للرجل القوي. وفي الحديث : "فلم أر عبقريا يفري فريه" ثم خاطبهم الله بما تعارفوه فقال : {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَان} وقرأه بعضهم
(17/192)





{وَعَبَاقَرِيٍّ} وهو خطأ لأن المنسوب لا يجمع على نسبته ، وقال قطرب : ليس بمنسوب وهو مثل كرسي وكراسي وبختي وبخاتي. وروى أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} ذكره الثعلبي. وضم الضاد من {خُضْرٍ} قليل.
قوله تعالى : {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} {تَبَارَكَ} تفاعل من البركة وقد تقدم. {ذِي الْجَلالِ} أي العظمة. وقد تقدم {وَالْأِكْرَامِ} وقرأ عامر {ذُو الْجَلالِ} بالواو وجعله وصفا للاسم ، وذلك تقوية لكون الاسم هو المسمى. الباقون {ذِي الْجَلالِ} جعلوا {ذِي} صفة لـ {رَبِّكَ}. وكأنه يربد الاسم الذي افتتح به السورة ، فقال : {الرَّحْمَنُ} فافتتح بهذا الاسم ، فوصف خلق الإنسان والجن ، وخلق السماوات والأرض وصنعه ، وأنه {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} ووصف تدبيره فيهم ، ثم وصف يوم القيامة وأهوالها ، وصفة النار ثم ختمها بصفة الجنان. ثم قال في آخر السورة : {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} أي هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة ، كأنه يعلمهم أن هذا كله خرج لكم من رحمتي ، فمن رحمتي خلقتكم وخلقت لكم السماء والأرض والخلق والخليقة والجنة والنار ، فهذا كله لكم من اسم الرحمن فمدح اسمه ثم قال : {ذِي الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} جليل في ذاته ، كريم في أفعال. ولم يختلف القراء في إجراء النعت على الوجه بالرفع في أول السورة ، وهو يدل على أن المراد به وجه الله الذي يلقى المؤمنون عندما ينظرون إليه ، فيستبشرون بحسن الجزاء ، وجميل اللقاء ، وحسن العطاء. والله أعلم.
(17/193)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة الرحمن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ص
» كتاب الجامع لأحكام القرآن - تفسير سورة ق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: