منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
كتاب الجامع لأحكام القرآن 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الواحة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا كتاب الجامع لأحكام القرآن 829894
ادارة الواحة كتاب الجامع لأحكام القرآن 103798

منتديات ابناء الدويم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ابناء الدويم

واحة ابناء الدويم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب الجامع لأحكام القرآن

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 11 مايو - 1:06




الثانية- والحاصل من هذه الروايات أن اليهود حكمت النبي صلى الله عليه وسلم ، فحكم عليهم بمقتضى ما في التوراة. واستند في ذلك إلى قول ابني صوريا ، وأنه سمع شهادة اليهود وعمل بها ، وأن الإسلام ليس شرطا في الإحصان. فهذه مسائل أربع. فإذا ترافع أهل الذمة إلى الإمام ؛ فإن كان ما رفعوه ظلما كالقتل والعدوان والغصب حكم بينهم ، ومنعهم منه بلا خلاف. وأما إذا لم يكن كذلك فالإمام مخير في الحكم بينهم وتركه عند مالك والشافعي ، غير أن مالكا رأى الإعراض عنهم أولى ، فإن حكم حكم بينهم الإسلام. وقال الشافعي : لا يحكم بينهم في الحدود. وقال أبو حنيفة : يحكم بينهم على كل حال ، وهو قول الزهري وعمر بن عبدالعزيز والحكم ، وروي عن ابن عباس وهو أحد قولي الشافعي ؛ لقوله تعالى : {َأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} على ما يأتي بيانه بعد ، احتج مالك بقوله تعالى : {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} وهي نص في التخيير. قال ابن القاسم : إذا جاء الأساقفة والزانيان فالحاكم مخير ؛ لأن إنفاذ الحكم حق للأساقفة والمخالف يقول : لا يلتفت إلى الأساقفة. قال ابن العربي : وهو الأصح ؛ لأن مسلمين لو حكما بينهما رجلا لنفذ ، ولم يعتبر رضا الحاكم. فالكتابيون بذلك أولى. وقال عيسى عن ابن القاسم : لم يكونوا أهل ذمة إنما كانوا أهل حرب. قال ابن العربي : وهذا الذي قال عيسى عنه إنما نزع به لما رواه الطبري وغيره : أن الزانيين كانا من أهل خيبر أو فدك ، وكانوا حربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. واسم المرأة الزانية بسرة ، وكانوا بعثوا إلى يهود المدينة يقولون لهم اسألوا محمدا عن هذا ، فإن أفتاكم بغير الرجم فخذوه منه واقبلوه ، وإن أفتاكم به فاحذروه ؛ الحديث. قال ابن العربي : وهذا لو كان صحيحا لكان مجيئهم بالزانيين وسؤالهم عهدا وأمانا ؛ وإن لم يكن عهد وذمة ودار لكان له حكم الكف عنهم والعدل فيهم ؛ فلا حجة لرواية عيسى في هذا ؛ وعنهم أخبر الله تعالى بقوله : {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} ولما حكموا النبي صلى الله عليه وسلم نفذ الحكم عليهم ولم يكن لهم الرجوع ؛ فكل من حكم رجلا في الدين وهي :
الثالثة- فأصله هذه الآية. قال مالك : إذا حكم رجلا فحكمه ماض وإن رفع إلى قاض أمضاه ، إلا أن يكونوا جورا بينا. وقال سحنون : يمضيه إن رآه صوابا. قال
(6/179)



ابن العربي : وذلك في الأموال والحقوق التي تختص بالطالب ، فأما الحدود فلا يحكم فيها إلا السلطان ؛ والضابط أن كل حق اختص به الخصمان جاز التحكيم فيه ونفذ تحكيم المحكم فيه ، وتحقيقه أن التحكيم بين الناس إنما هو حقهم لا حق الحاكم بيد أن الاسترسال على التحكيم خرم لقاعدة الولاية ، ومؤد إلى تهارج الناس كتهارج الحمر ، فلا بد من فاصل ؛ فأمر الشرع بنصب الوالي ليحسم قاعدة الهرج ؛ وأذن في التحكيم تخفيفا عنه وعنهم في مشقة الترافع لتتم المصلحتان وتحصل الفائدة. وقال الشافعي وغيره : التحكيم جائز وإنما هو فتوى. وقال بعض العلماء : إنما كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود بالرجم إقامة لحكم كتابهم ، لما حرفوه وأخفوه وتركوا العمل به ؛ ألا ترى أنه قال : "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه" وأن ذلك كان حين قدم المدينة ، ولذلك استثبت ابني صوريا عن حكم التوراة واستحلفهما على ذلك. وأقوال الكفار في الحدود وفي شهادتهم عليها غير مقبولة بالإجماع ، لكن فعل ذلك على طريق إلزامهم ما التزموه وعملوا به. وقد يحتمل أن بكون حصول طريق العلم بذلك الوحي ، أو ما ألقى الله في روعه من تصديق ابني صوريا فيما قالاه من ذلك لا فولهما مجردا ؛ فبين له النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبر بمشروعية الرجم ، ومبدؤه ذلك الوقت ، فيكون أفاد بما فعله إقامة حكم التوراة ، وبين أن ذلك حكم شريعته ، وأن التوراة حكم الله سبحانه ؛ لقوله تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} وهو من الأنبياء. وقد قال عنه أبو هريرة : "فإني أحكم بما في التوراة" والله أعلم.
الرابعة- والجمهور على رد شهادة الذمي ؛ لأنه ليس من أهلها فلا تقبل على مسلم ولا على كافر ، وقد قبل شهادتهم جماعة من التابعين وغيرهم إذ لم يوجد مسلم على ما يأتي بيانه آخر السورة فإن قيل : فقد حكم بشهادتهم ورجم الزانيين : فالجواب ؛ أنه إنما نفذ عليهم ما علم أنه حكم التوراة وألزمهم العمل به ، على نحو ما عملت به بنو إسرائيل إلزاما للحجة عليهم ، وإظهارا لتحريفهم وتغييرهم ، فكان منفذا لا حاكما. وهذا على التأويل الأول ، وعلى
(6/180)



ما ذكر من الاحتمال فيكون ذلك خاصا بل الواقعة ، إذ لم يسمع في الصدر الأول من قبل شهادتهم في مثل ذلك. والله أعلم.
الخامسة- قوله تعالى : {لا يَحْزُنْكَ} قرأ نافع بضم الياء وكسر الزاي ، والباقون بفتح الياء وضم الزاي. والحزن والحزن خلاف السرور ، وحزن الرجل بالكسر فهو حزن وحزين ، وأحزنه غيره وحزنه أيضا مثل أسلكه وسلكه ، ومحزون بني عليه. قال اليزيدي : حزنه لغة قريش ، وأحزنه لغة تميم ، وقد قرئ بهما. واحتزن وأحزن بمعنى. والمعنى في الآية تأنيس للنبي صلى الله عليه وسلم : أي لا يحزنك مسارعتهم إلى الكفر ، فإن الله قد وعدك النصر عليهم.
السادسة- قوله تعالى : {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ} وهم المنافقون {وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} أي لم يضمروا في قلوبهم الإيمان كما نطقت به ألسنتهم {الَّذِينَ هَادُوا} يعني يهود المدينة ويكون هذا تمام الكلام ، ثم ابتدأ فقال {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} أي هم سماعون ، ومثله {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} .وقيل الابتداء من قوله : {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا} ومن الذين هادوا قوم سماعون للكذب ، أي قابلون لكذب رؤسائه من تحريف التوراة. وقيل : أي يسمعون كلامك يا محمد ليكذبوا عليك ، فكان فيهم من يحضر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكذب عليه عند عامتهم ، ويقبح صورته في أعينهم ؛ وهو معنى قوله : {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} وكان في المنافقين من يفعل هذا. قال الفراء ويجوز سماعين وطوافين ، كما قال : {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا} وكما قال : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} . ثم قال : {فَاكِهِينَ} {آخِذِينَ} . وقال سفيان بن عيينة : إن الله سبحانه ذكر الجاسوس في القرآن بقوله : {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} ولم يعرض النبي صلى الله عليه وسلم لهم مع علمه بهم ؛ لأنه لم يكن حينئذ تقرر الأحكام ولا تمكن الإسلام. وسيأتي حكم الجاسوس في {الممتحنة} إن شاء الله تعالى.
السابعة- قوله تعالى : {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} أي يتأولونه على غير تأويله بعد أن فهموه عنك وعرفوا مواضعه التي أرادها الله عز وجل ؛ وبين أحكامه ؛ فقالوا :
(6/181)



شرعه ترك الرجم ؛ وجعلهم بدل رجم المحصن جلد أربعين تغييرا لحكم الله عز وجل. و {يُحَرِّفُونَ} في موضع الصفة لقوله {سَمَّاعُونَ} وليس بحال من الضمير الذي في {يَأْتُوكَ} لأنهم إذا لم يأتوا لم يسمعوا ، والتحريف إنما هو ممن يشهد ويسمع فيحرف. والمحرفون من اليهود بعضهم لا كلهم ، ولذلك كان حمل المعنى على { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} فريق سماعون أشبه {يَقُولُونَ} في موضع الحال من المضمر في {يُحَرِّفُونَ} {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} أي إن أتاكم محمد صلى الله عليه وسلم بالجلى فأقبلوا وإلا فلا.
الثامنة- قوله تعالى : {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ} أي ضلالته في الدنيا وعقوبته في الآخرة {فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} أي فلن تنفعه {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} بيان منه عز وجل أنه قضى عليهم بالكفر. ودلت الآية على أن الضلال بمشيئة الله تعالى ردا على من قال خلاف ذلك على ما تقدم ؛ أي لم يرد الله أن يطهر قلوبهم من الطبع عليها والختم كما طهر قلوب المؤمنين ثوابا لهم {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} قيل : هو فضيحتهم حين أنكروا الرجم ، ثم أحضرت التوراة فوجد فيها الرجم وقيل : خزيهم في الدنيا أخذ الجزية والذل. والله أعلم.
42- {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}
فيه مسألتان :
الأولى- قوله تعالى : {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} كرره تأكيدا وتفخيما ، وقد تقدم.
الثانية- وقوله تعالى : {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} على التكثير. والسحت في اللغة أصله الهلاك والشدة ؛ قال الله تعالى : {فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} . وقال الفرزدق :
(6/182)



وعض زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتا أو مجلف
كذا الرواية. أو مجلف بالرفع عطفا على المعنى ؛ لأن معنى لم يدع لم يبق. ويقال للحالق : اسحت أي استأصل. وسمي المال الحرام سحتا لأنه يسحت الطاعات أي يذهبها ويستأصلها. وقال الفراء : أصله كلب الجوع ، يقال رجل مسحوت المعدة أي أكول ؛ فكأن بالمسترشي وآكل الحرام من الشره إلى ما يعطى مثل الذي بالمسحوت المعدة من النهم. وقيل : سمي الحرام سحتا لأنه يسحت مروءة الإنسان.
قلت : والقول الأول أولى ؛ لأن بذهاب الدين تذهب المروءة ، ولا مروءة لمن لا دين له. قال ابن مسعود وغيره : السحت الرشا. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : رشوة الحاكم من السحت. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "كل لحم نبت بالسحت فالنار أولى به " قالوا : يا رسول الله ؛ وما السحت ؟ قال : "الرشوة في الحكم" . وعن ابن مسعود أيضا أنه قال : السحت أن يقضي الرجل لأخيه حاجة فيهدي إليه هدية فيقبلها. وقال ابن خويز منداد : من السحت أن يأكل الرجل بجاهه ، وذلك أن يكون له جاه عند السلطان فيسأله إنسان حاجة فلا يقضيها إلا برشوة يأخذها. ولا خلاف بين السلف أن أخذ الرشوة على إبطال حق أو ما لا يجوز سحت حرام. وقال أبو حنيفة : إذا ارتشى الحاكم انعزل في الوقت وإن لم يعزل ، وبطل كل حكم حكم به بعد ذلك.
قلت : وهذا لا يجوز أن يختلف فيه إن شاء الله ؛ لأن أخذ الرشوة منه فسق ، والفاسق لا يجوز حكمه. والله أعلم. وقال عليه الصلاة والسلام : "لعن اله الراشي والمرتشي" . وعن علي رضي الله عنه أنه قال : السحت الرشوة وحلوان الكاهن والاستجعال في القضية. وروي عن وهب بن منبه أنه قيل له : الرشوة حرام في كل شيء ؟ فقال : لا ؛ إنما يكره من الرشوة أن ترشي لتعطي ما ليس لك ، أو تدفع حقا فد لزمك ؛ فأما أن ترشي لتدفع عن دينك ودمك ومالك
(6/183)



فليس بحرام. قال أبو الليث السمرقندي الفقيه : وبهذا نأخذ ؛ لا بأس بأن يدفع الرجل عن نفسه وماله بالرشوة. وهذا كما روي عن عبدالله بن مسعود أنه كان بالحبشة فرشا دينارين وقال : إنما الإثم على القابض دون الدافع ؛ قال المهدوي : ومن جعل كسب الحجام ومن ذكر معه سحتا فمعناه أنه يسحت مروءة آخذه.
قلت : الصحيح في كسب الحجام أنه طيب ، ومن أخذ طيبا لا تسقط مروءته ولا تنحط مرتبته. وقد روى مالك عن حميد الطويل عن أنس أنه قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حجمه أبو طيبة فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه ؛ قال ابن عبدالبر : هذا يدل على أن كسب الحجام طيب ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجعل ثمنا ولا جعلا ولا عوضا لشيء من الباطل. وحديث أنس هذا ناسخ لما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم من ثمن الدم ، وناسخ لما كرهه من إجارة الحجام. وروى البخاري وأبو داود عن ابن عباس قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ، ولو كان سحتا لم يعطه. والسُحْت والسُحُت لغتان قرئ بهما ؛ قرأ أبو عمرو وابن كثير والكسائي بضمتين ، والباقون بضم السين وحدها. وروى العباس بن الفضل عن خارجة بن مصعب عن نافع "أكالون للسحت" بفتح السين وإسكان الحاء وهذا مصدر من سحته ؛ يقال : أسحت وسحت بمعنى واحد. وقال الزجاج : سحته ذهب به قليلا قليلا.
قوله تعالى : {إِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} هذا تخيير من الله تعالى ؛ ذكره القشيري ؛ وتقدم معناه أنهم كانوا أهل موادعة لا أهل ذمة ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وادع اليهود. ولا يجب علينا الحكم بين الكفار إذا لم يكونوا أهل ذمة ، بل يجوز الحكم إن أردنا. فأما أهل الذمة فهل يجب علينا الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا ؟ قولان للشافعي ؛ وإن ارتبطت الخصومة بمسلم يجب الحكم. قال المهدوي : أجمع العلماء على أن على الحاكم أن يحكم بين المسلم والذمي. واختلفوا في الذميين ؛ فذهب بعضهم إلى أن الآية محكمة وأن الحاكم مخير ؛ روي ، ذلك عن النخعي والشعبي وغيرهما ، وهو مذهب مالك
(6/184)



والشافعي وغيرهما ، سوى ما روي عن مالك في ترك إقامة الحد على أهل الكتاب في الزنى ؛ فإنه إن زنى المسلم بالكتابية حد ولا حد عليها ، فإن كان الزانيان ذميين فلا حد عليهما ؛ وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن وغيرهما. وقد روي عن أبي حنيفة أيضا أنه قال : يجلدان ولا يرجمان. وقال الشافعي وأبو يوسف وأبو ثور وغيرهم : عليهما الحد إن أتيا راضيين بحكمنا. قال ابن خويز منداد : ولا يرسل الإمام إليهم إذا استعدى بعضهم على بعض ، ولا يحضر الخصم مجلسه إلا أن يكون فيما يتعلق بالمظالم التي ينتشر منها الفساد كالقتل ونهب المنازل وأشباه ذلك ، فأما الديون والطلاق وسائر المعاملات فلا يحكم بينهم إلا بعد التراضي ، والاختيار له ألا يحكم ويردهم إلى حكامهم. فإن حكم بينهم حكم بحكم الإسلام. وأما إجبارهم على حكم المسلم فيما ينتشر منه الفساد فليس على الفساد عاهدناهم ، وواجب قطع الفساد عنهم ، منهم ومن غيرهم ؛ لأن في ذلك حفظ أموالهم ودمائهم ؛ ولعل في دينهم استباحة ذلك فينتشر منه الفساد بيننا ؛ ولذلك منعناهم أن يبيعوا الخمر جهارا وأن يظهروا الزنى وغير ذلك من القاذورات ؛ لئلا يفسد بهم سفهاء المسلمين. وأما الحكم فيما يختص به دينهم من الطلاق والزنى وغيره فليس يلزمهم أن يتدينوا بديننا ، وفي الحكم بينهم بذلك إضرار بحكامهم وتغيير ملتهم ، وليس كذلك الديون والمعاملات ؛ لأن فيها وجها من المظالم وقطع الفساد. والله أعلم. وفي الآية قول ثان : وهو ما روي عن عمر بن عبدالعزيز والنخعي أيضا أن التخيير المذكور في الآية منسوخ بقوله تعالى : {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} وأن على الحاكم أن يحكم بينهم ؛ وهو مذهب عطاء الخراساني وأبي حنيفة وأصحابه وغيرهم. وروي عن عكرمة أنه قال : {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} نسختها آية أخرى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} . وقال مجاهد : لم ينسخ من {المائدة} إلا آيتان ؛ قوله : {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} نسختها {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ؛ وقوله : {لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} نسختها {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وقال الزهري : مضت السنة أن يرد أهل الكتاب في حقوقهم ومواريثهم إلى أهل دينهم ، إلا أن يأتوا راغبين في حكم الله فيحكم بينهم بكتاب الله. قال
(6/185)



السمرقندي : وهذا القول يوافق قول أبي حنيفة أنه لا يحكم بينهم ما لم يتراضوا بحكمنا. وقال النحاس في "الناسخ والمنسوخ" له قوله تعالى : {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} منسوخ ؛ لأنه إنما نزل أول ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود فيها يومئذ كثير ، وكان الأدعى لهم والأصلح أن يردوا إلى أحكامهم ، فلما قوي الإسلام أنزل الله عز وجل {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} . وقاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والزهري وعمر بن عبدالعزيز والسدي ؛ وهو الصحيح من قول الشافعي ؛ قال في كتاب الجزية : ولا خيار له إذا تحاكموا إليه ؛ لقوله عز وجل : {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} . قال النحاس : وهذا من أصح الاحتجاجات ؛ لأنه إذا كان معنى قوله : {وَهُمْ صَاغِرُونَ} أن تجرى عليهم أحكام المسلمين وجب ألا يردوا إلى أحكامهم ؛ فإذا وجب هذا فالآية منسوخة. وهو أيضا قول الكوفيين أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف ومحمد ، لا اختلاف بينهم إذا تحاكم أهل الكتاب إلى الإمام أنه ليس له أن يعرض عنهم ، غير أن أبا حنيفة قال : إذا جاءت المرأة والزوج فعليه أن يحكم بينهم بالعدل ، وإن جاءت المرأة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم.
وقال الباقون : يحكم ؛ فثبت أن قول أكثر العلماء أن الآية منسوخة مع ما ثبت فيها من توقيف ابن عباس ؛ ولو لم يأت الحديث عن ابن عباس لكان النظر يوجب أنها منسوخة ؛ لأنهم قد أجمعوا أن أهل الكتاب إذا تحاكموا إلى الإمام فله أن ينظر بينهم ، وأنه إذا نظر بينهم مصيب عند الجماعة ، وألا يعرض عنهم فيكون عند بعض العلماء تاركا فرضا ، فاعلا ما لا يحل ولا يسعه. قال النحاس : ولمن قال بأنها منسوخة من الكوفيين قول آخر ؛ منهم من يقول : على الإمام إذا لم من أهل الكتاب حدا من حدود الله عز وجل أن يقيمه وإن لم يتحاكموا إليه ويحتج بأن قول الله عز وجل : {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} يحتمل أمرين : أحدهما : وأن احكم بينهم إذا تحاكموا إليك. والآخر : وأن احكم بينهم وإن لم يتحاكموا إليك - إذا علمت ذلك منهم - قالوا : فوجدنا في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يوجب إقامة الحق عليهم وإن لم يتحاكموا إلينا ؛ فأما ما في كتاب الله فقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا
(6/186)



الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} وأما ما في السنة فحديث البراء بن عازب قال : مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي قد جلد وحمم فقال : "أهكذا حد الزاني عندكم" فقالوا : نعم. فدعا رجلا من علمائهم فقال : "سألتك بالله أهكذا حد الزاني فيكم" فقال : لا. الحديث ، وقد تقدم. قال النحاس : فاحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بينهم ولم يتحاكموا إليه في هذا الحديث. فإن قال قائل : ففي حديث مالك عن نافع عن ابن عمر أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قيل له : ليس في حديث مالك أيضا أن اللذين زنيا رضيا بالحكم وقد رجمهما النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو عمر بن عبدالبر : لو تدبر من احتج بحديث البراء لم يحتج ؛ لأن في درج الحديث تفسير قوله عز وجل : {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} يقول : إن أفتاكم بالجلد والتحميم فخذوه ، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا ، دليل على أنهم حكموه. وذلك بين في حديث ابن عمر وغيره. فإن قال قائل : ليس في حديث ابن عمر أن الزانيين حكما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رضيا بحكمه. قيل له : حد الزاني حق من حقوق الله تعالى على الحاكم إقامته. ومعلوم أن اليهود كان لهم حاكم يحكم بينهم ، ويقيم حدودهم عليهم ، وهو الذي حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
قوله تعالى : {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} روى النسائي عن ابن عباس قال كان قريظة والنضير ، وكان النضير أشرف من قريظة ، وكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به ، وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة ودى مائة وسق من تمر ؛ فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجل من النضير رجلا من قريظة فقالوا : ادفعوه إلينا لنقتله ؛ فقالوا : بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت : {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} النفس بالنفس ، ونزلت : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}
43- {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}
(6/187)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سميه قطبي سالم محمد
دويمابي برتبة نقيب
دويمابي برتبة نقيب
سميه قطبي سالم محمد


عدد الرسائل : 508

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 11 مايو - 4:42

التحية والتجلة فى ماتتحفنا به من مواضيع قيمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فوزي عبد القادر موسى عبد
دويمابي برتبة لواء
فوزي عبد القادر موسى عبد


عدد الرسائل : 2478

كتاب الجامع لأحكام القرآن Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الجامع لأحكام القرآن   كتاب الجامع لأحكام القرآن I_icon_minitimeالأربعاء 11 مايو - 14:51

جزاك الله خير الجزاء.. وشكراً على المرور.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الجامع لأحكام القرآن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن
» كتاب الجامع لأحكام القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ابناء الدويم :: المنتدى الإسلامي-
انتقل الى: